الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْقَارِعَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { الْقَارِعَة } : السَّاعَة الَّتِي يَقْرَع قُلُوب النَّاس هَوْلهَا , وَعَظِيم مَا يَنْزِل بِهِمْ مِنْ الْبَلَاء عِنْدهَا , وَذَلِكَ صَبِيحَة لَا لَيْل بَعْدهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 29296- حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { الْقَارِعَة } مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة , عَظَّمَهُ اللَّه وَحَذَّرَهُ عِبَاده . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة } قَالَ : هِيَ السَّاعَة . 29297 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة } قَالَ : هِيَ السَّاعَة . 29298 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : سَمِعْت أَنَّ الْقَارِعَة وَالْوَاقِعَة وَالْحَاقَّة : الْقِيَامَة .
وَقَوْله : { مَا الْقَارِعَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُعَظِّمًا شَأْن الْقِيَامَة وَالسَّاعَة الَّتِي يَقْرَع الْعِبَاد هَوْلهَا : أَيّ شَيْء الْقَارِعَة ؟ ! يَعْنِي بِذَلِكَ : أَيّ شَيْء السَّاعَة الَّتِي يَقْرَع الْخَلْقَ هَوْلُهَا : أَيْ مَا أَعْظَمهَا وَأَفْظَعهَا وَأَهْوَلهَا .
وَقَوْله : { و مَا أَدْرَاك مَا الْقَارِعَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد أَيّ شَيْء الْقَارِعَة .
وَقَوْله : { يَوْم يَكُون النَّاس كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْقَارِعَة يَوْم يَكُون النَّاس كَالْفَرَاشِ , وَهُوَ الَّذِي يَتَسَاقَط فِي النَّار وَالسِّرَاج , لَيْسَ بِبَعُوضٍ وَلَا ذُبَاب , وَيَعْنِي بِالْمَبْثُوثِ : الْمُفَرَّق . وَكَاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29299- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَوْم يَكُون النَّاس كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث } هَذَا الْفَرَاش الَّذِي رَأَيْتُمْ يَتَهَافَت فِي النَّار . 29300 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَوْم يَكُون النَّاس كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث } قَالَ : هَذَا شَبَه شَبَّهَهُ اللَّه . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : كَغَوْغَاء الْجَرَاد , يَرْكَب بَعْضه بَعْضًا , كَذَلِكَ النَّاس يَوْمئِذٍ , يَجُول بَعْضهمْ فِي بَعْض .
وَقَوْله : { وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم تَكُون الْجِبَال كَالصُّوفِ الْمَنْفُوش ; وَالْعِهْن : هُوَ الْأَلْوَان مِنْ الصُّوف . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29301 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوش } قَالَ : الصُّوف الْمَنْفُوش . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هُوَ الصُّوف . وَذُكِرَ أَنَّ الْجِبَال تَسِير عَلَى الْأَرْض وَهِيَ فِي صُورَة الْجِبَال كَالْهَبَاءِ .
وَقَوْله : { فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه } يَقُول : فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِين حَسَنَاته , يَعْنِي بِالْمَوَازِينِ : الْوَزْن , وَالْعَرَب تَقُول : لَك عِنْدِي دِرْهَم بِمِيزَانِ دِرْهَمك , وَوَزْن دِرْهَمك , وَيَقُولُونَ : دَارِي بِمِيزَانِ دَارك وَوَزْن دَارك , يُرَاد : حِذَاء دَارك . قَالَ الشَّاعِر : قَدْ كُنْت قَبْل لِقَائِكُمْ ذَا مِرَّة عِنْدِي لِكُلِّ مُخَاصِم مِيزَانه يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " لِكُلِّ مُخَاصِم مِيزَانه " كَلَامه , وَمَا يَنْقُض عَلَيْهِ حُجَّته . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : لَيْسَ مِيزَان , إِنَّمَا هُوَ مَثَل ضُرِبَ . 29302 -حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد .
يَقُول فِي عِيشَة قَدْ رَضِيَهَا فِي الْجَنَّة , كَمَا : 29303 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة } يَعْنِي : فِي الْجَنَّة .
وَقَوْله : { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُمّه هَاوِيَة } يَقُول : وَأَمَّا مَنْ خَفَّ وَزْن حَسَنَاته , فَمَأْوَاهُ وَمَسْكَنه الْهَاوِيَة , الَّتِي يَهْوِي فِيهَا عَلَى رَأْسه فِي جَهَنَّم. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29304 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُمّه هَاوِيَة } وَهِيَ النَّار , هِيَ مَأْوَاهُمْ . 29305 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : مَصِيره إِلَى النَّار , هِيَ الْهَاوِيَة . قَالَ قَتَادَة : هِيَ كَلِمَة عَرَبِيَّة , كَانَ الرَّجُل إِذَا وَقَعَ فِي أَمْر شَدِيد , قَالَ : هَوَتْ أُمّه. 29306 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْأَشْعَث بْن عَبْد اللَّه الْأَعْمَى , قَالَ : إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِن ذُهِبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ , فَيَقُولُونَ : رَوِّحُوا أَخَاكُمْ , فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمّ الدُّنْيَا ; قَالَ : وَيَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلَان ؟ فَيَقُول : مَاتَ , أَوَمَا جَاءَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : ذَهَبُوا بِهِ إِلَى أُمّه الْهَاوِيَة . 29307 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن سَيْف الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن مُسْهِر , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : يَهْوُونَ فِي النَّار عَلَى رُءُوسهمْ . 29308 - حَدَّثَنَا اِبْن سَيْف , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَوَّار , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : يَهْوِي فِي النَّار عَلَى رَأْسه . 29309 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : الْهَاوِيَة : النَّار هِيَ أُمّه وَمَأْوَاهُ الَّتِي يَرْجِع إِلَيْهَا , وَيَأْوِي إِلَيْهَا , وَقَرَأَ : { وَمَأْوَاهُمْ النَّار } . 29310 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَأُمّه هَاوِيَة } وَهُوَ مِثْلهَا , وَإِنَّمَا جَعَلَ النَّار أُمّه , لِأَنَّهَا صَارَتْ مَأْوَاهُ , كَمَا تُؤْوِي الْمَرْأَة اِبْنهَا , فَجَعَلَهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى غَيْرهَا , بِمَنْزِلَةِ أُمّ لَهُ .
وَقَوْله : { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُمّه هَاوِيَة } يَقُول : وَأَمَّا مَنْ خَفَّ وَزْن حَسَنَاته , فَمَأْوَاهُ وَمَسْكَنه الْهَاوِيَة , الَّتِي يَهْوِي فِيهَا عَلَى رَأْسه فِي جَهَنَّم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29304 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُمّه هَاوِيَة } وَهِيَ النَّار , هِيَ مَأْوَاهُمْ . 29305 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : مَصِيره إِلَى النَّار , هِيَ الْهَاوِيَة . قَالَ قَتَادَة : هِيَ كَلِمَة عَرَبِيَّة , كَانَ الرَّجُل إِذَا وَقَعَ فِي أَمْر شَدِيد , قَالَ : هَوَتْ أُمّه . 29306 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْأَشْعَث بْن عَبْد اللَّه الْأَعْمَى , قَالَ : إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِن ذُهِبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ , فَيَقُولُونَ : رَوِّحُوا أَخَاكُمْ , فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمّ الدُّنْيَا ; قَالَ : وَيَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلَان ؟ فَيَقُول : مَاتَ , أَوَمَا جَاءَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : ذَهَبُوا بِهِ إِلَى أُمّه الْهَاوِيَة . 29307 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن سَيْف الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن مُسْهِر , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : يَهْوُونَ فِي النَّار عَلَى رُءُوسهمْ . 29308 - حَدَّثَنَا اِبْن سَيْف , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَوَّار , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : يَهْوِي فِي النَّار عَلَى رَأْسه . 29309 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأُمّه هَاوِيَة } قَالَ : الْهَاوِيَة : النَّار هِيَ أُمّه وَمَأْوَاهُ الَّتِي يَرْجِع إِلَيْهَا , وَيَأْوِي إِلَيْهَا , وَقَرَأَ : { وَمَأْوَاهُمْ النَّار } . 29310 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَأُمّه هَاوِيَة } وَهُوَ مِثْلهَا , وَإِنَّمَا جَعَلَ النَّار أُمّه , لِأَنَّهَا صَارَتْ مَأْوَاهُ , كَمَا تُؤْوِي الْمَرْأَة اِبْنهَا , فَجَعَلَهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى غَيْرهَا , بِمَنْزِلَةِ أُمّ لَهُ .
قَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا هِيَهْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد مَا الْهَاوِيَة , ثُمَّ بَيَّنَ مَا هِيَ , فَقَالَ :
{ نَار حَامِيَة } يَعْنِي بِالْحَامِيَةِ : الَّتِي قَدْ حَمِيَتْ مِنْ الْوُقُود عَلَيْهَا. آخِر تَفْسِير سُورَة الْقَارِعَة