الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : خَسِرَتْ يَدَا أَبِي لَهَب , وَخَسِرَ هُوَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } تَبَّ عَمَله . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : قَوْله : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } : دُعَاء عَلَيْهِ مِنْ اللَّه . وَأَمَّا قَوْله : { وَتَبَّ } فَإِنَّهُ خَبَر . وَيُذْكَر أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَقَدْ تَبَّ " . وَفِي دُخُول " قَدْ " فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ خَبَر , وَيُمَثِّل ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَائِل , لِآخَر : أَهْلَكَك اللَّه , وَقَدْ أَهْلَكَك , وَجَعَلَك صَالِحًا وَقَدْ جَعَلَك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29586 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } : أَيْ خَسِرَتْ وَتَبَّ . 29587 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ } قَالَ : التَّبّ : الْخُسْرَان , قَالَ : قَالَ أَبُو لَهَب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَاذَا أُعْطَى يَا مُحَمَّد إِنْ آمَنْت بِك ؟ قَالَ ؟ " كَمَا يُعْطَى الْمُسْلِمُونَ " , فَقَالَ : مَا لِي عَلَيْهِمْ فَضْل ؟ قَالَ : " وَأَيّ شَيْء تَبْتَغِي ؟ " قَالَ : تَبًّا لِهَذَا مِنْ دِين تَبًّا , أَنْ أَكُون أَنَا وَهَؤُلَاءِ سَوَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } يَقُول : بِمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } قَالَ : خَسِرَتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَخَسِرَ . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ السُّورَة نَزَلَتْ فِي أَبِي لَهَب , لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خُصَّ بِالدَّعْوَةِ عَشِيرَته , إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } وَجَمَعَهُمْ لِلدُّعَاءِ , قَالَ لَهُ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم , أَلِهَذَا دَعَوْتنَا ؟ ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 29588 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : صَعِدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات يَوْم الصَّفَا , فَقَالَ : " يَا صَبَاحَاه ! " فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش , فَقَالُوا : مَا لَك ؟ قَالَ : " أَرَأَيْتُكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوّ مُصَبِّحكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ , أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي ؟ " قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد " , فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك , أَلِهَذَا دَعَوْتنَا وَجَمَعْتنَا ؟ ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } إِلَى آخِرهَا . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا ثُمَّ نَادَى : " يَا صَبَاحَاه " فَاجْتَمَعَ النَّاس إِلَيْهِ , فَبَيْن رَجُل يَجِيء , وَبَيْن آخَر يَبْعَث رَسُوله , فَقَالَ : " يَا بَنِي هَاشِم , يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , يَا بَنِي فِهْر , يَا بَنِي . .. يَا بَنِي أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَل " يُرِيد تُغِير عَلَيْكُمْ " صَدَّقْتُمُونِي ؟ " قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد " , فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم , أَلِهَذَا دَعَوْتنَا ؟ فَنَزَلَتْ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ } " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك الْأَقْرَبِينَ } وَرَهْطك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ , خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا , فَهَتَفَ : " يَا صَبَاحَاه " , فَقَالُوا : مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِف ؟ فَقَالُوا : مُحَمَّد , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ : " يَا بَنِي فُلَان , يَا بَنِي فُلَان , يَا بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب , يَا بَنِي عَبْد مَنَاف " , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ : " أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُج بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَل أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ " قَالُوا : مَا جَرَّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا , قَالَ " فَإِنِّي نَذِير لَكُمْ بَيْن يَدَيْ عَذَاب شَدِيد " , فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك مَا جَمَعْتنَا إِلَّا لِهَذَا ؟ ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَقَدْ تَبَّ " كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَش إِلَى آخِر السُّورَة . 29589 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , فِي قَوْله : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } قَالَ : حِين أَرْسَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَإِلَى غَيْره , وَكَانَ أَبُو لَهَب عَمّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ اِسْمه عَبْد الْعُزَّى , فَذَكَّرَهُمْ , فَقَالَ أَبُو لَهَب : تَبًّا لَك , فِي هَذَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } .
وَقَوْله : { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَاله وَمَا كَسَبَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَيّ شَيْء أَغْنَى عَنْهُ مَاله , وَدَفَعَ مِنْ سَخَط اللَّه عَلَيْهِ { و مَا كَسَبَ } وَهُمْ وَلَدهُ. وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ. 29590 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن دَاوُد بْن مُحَمَّد الْمُنْكَدِر , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن خَيْثَم , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : جَاءَ بَنُو أَبِي لَهَب إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَامُوا يَخْتَصِمُونَ فِي الْبَيْت , فَقَامَ اِبْن عَبَّاس , فَحَجَزَ بَيْنهمْ , وَقَدْ كُفَّ بَصَره , فَدَفَعَهُ بَعْضهمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَى الْفِرَاش , فَغَضِبَ وَقَالَ : أَخْرِجُوا عَنِّي الْكَسْب الْخَبِيث . 29591 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن سُفْيَان , عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي مَخْزُوم , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ رَأَى يَوْمًا وَلَد أَبِي لَهَب يَقْتَتِلُونَ , فَجَعَلَ يَحْجِز بَيْنهمْ وَيَقُول : هَؤُلَاءِ مِمَّا كَسَبَ . 29592 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَاله وَمَا كَسَبَ } قَالَ : مَا كَسَبَ وَلَده . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَمَا كَسَبَ } قَالَ : وَلَده هُمْ مِنْ كَسْبه . * -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { وَمَا كَسَبَ } قَالَ : وَلَده .
وَقَوْله : { سَيَصْلَى نَارًا ذَات لَهَب } يَقُول : سَيَصْلَى أَبُو لَهَب نَارًا ذَات لَهَب .
وَقَوْله : { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } يَقُول : سَيَصْلَى أَبُو لَهَب وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب , نَارًا ذَات لَهَب . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة { حَمَّالَة الْحَطَب } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة : " حَمَّالَة الْحَطَب " بِالرَّفْعِ , غَيْر عَبْد اللَّه اِبْن أَبِي إِسْحَاق , فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ نَصْبًا فِيمَا ذُكِرَ لَنَا عَنْهُ . وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَاصِم , فَحُكِيَ عَنْهُ الرَّفْع فِيهَا وَالنَّصْب , وَكَأَنَّ مَنْ رَفَعَ ذَلِكَ جَعَلَهُ مِنْ نَعْت الْمَرْأَة , وَجَعَلَ الرَّفْع لِلْمَرْأَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخَبَر , وَهُوَ " سَيَصْلَى " , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون رَافِعهَا الصِّفَة , وَذَلِكَ قَوْله : { فِي جِيدهَا } وَتَكُون " حَمَّالَة " نَعْتًا لِلْمَرْأَةِ . وَأَمَّا النَّصْب فِيهِ فَعَلَى الذَّمّ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبهَا عَلَى الْقَطْع مِنْ الْمَرْأَة , لِأَنَّ الْمَرْأَة مَعْرِفَة , وَحَمَّالَة الْحَطَب نَكِرَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : الرَّفْع , لِأَنَّهُ أَفْصَح الْكَلَامَيْنِ فِيهِ , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِي مَعْنَى قَوْله : { حَمَّالَة الْحَطَب } فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ تَجِيء بِالشَّوْكِ فَتَطْرَحهُ فِي طَرِيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِيَدْخُل فِي قَدَمه إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29593 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كَانَتْ تَحْمِل الشَّوْك , فَتَطْرَحهُ عَلَى طَرِيق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِيَعْقِرهُ وَأَصْحَابه , وَيُقَال : { حَمَّالَة الْحَطَب } : نَقَّالَة لِلْحَدِيثِ. 29594 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ رَجُل مِنْ هَمْدَان يُقَال لَهُ يَزِيد بْن زَيْد , أَنَّ اِمْرَأَة أَبِي لَهَب كَانَتْ تُلْقِي فِي طَرِيق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّوْك , فَنَزَلَتْ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب - وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } . 29595 - حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَة الضُّبَعِيّ , مُحَمَّد بْن فِرَاس , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , عَنْ قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ عَطِيَّة الْجَدَلِيّ . فِي قَوْله : { حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كُنْت تَضَع الْعِضَاه عَلَى طَرِيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَأَنَّمَا يَطَأ بِهِ كَثِيبًا . 29596 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } كَانَتْ تَحْمِل الشَّوْك , فَتُلْقِيه عَلَى طَرِيق نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَعْقِرهُ . 29597 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كَانَتْ تَأْتِي بِأَغْصَانِ الشَّوْك , فَتَطْرَحهَا بِاللَّيْلِ فِي طَرِيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : قِيلَ لَهَا ذَلِكَ : حَمَّالَة الْحَطَب , لِأَنَّهَا كَانَتْ تَحْطِب الْكَلَام , وَتَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ , وَتُعَيِّر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَقْرِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29598- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِر : زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّ عِكْرِمَة قَالَ { حَمَّالَة الْحَطَب } : كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . 29599 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . * -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : النَّمِيمَة . 29600- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } : أَيْ كَانَتْ تَنْقُل الْأَحَادِيث مِنْ بَعْض النَّاس إِلَى بَعْض . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كَانَتْ تَحْطِب الْكَلَام , وَتَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . وَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ تُعَيِّر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَقْرِ , وَكَانَتْ تَحْطِب فَعُيِّرَتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَحْطِب . 29601 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { وَامْرَأَته حَمَّالَة الْحَطَب } قَالَ : كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي , قَوْل مَنْ قَالَ : كَانَتْ تَحْمِل الشَّوْك , فَتَطْرَحهُ فِي طَرِيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعْنَى ذَلِكَ . 29602 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ عِيسَى بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن زَيْد , وَكَانَ أَلْزَم شَيْء لِمَسْرُوقٍ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب } بَلَغَ اِمْرَأَة أَبِي لَهَب أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْجُوك , قَالَتْ : عَلَامَ يَهْجُونِي ؟ هَلْ رَأَيْتُمُونِي كَمَا قَالَ مُحَمَّد أَحْمِل حَطَبًا " فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد " ؟ فَمَكَثَتْ , ثُمَّ أَتَتْهُ , فَقَالَتْ : إِنَّ رَبّك قَلَاك وَوَدَّعَكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَك رَبّك وَمَا قَلَى } .
وَقَوْله { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } يَقُول فِي عُنُقهَا ; وَالْعَرَب تُسَمِّي الْعُنُق جِيدًا ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرُّمَّة : فَعَيْنَاك عَيْنَاهَا وَلَوْنك لَوْنهَا وَجِيدك إِلَّا أَنَّهَا غَيْر عَاطِل وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29603 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { فِي جِيدهَا حَبْل } قَالَ : فِي رَقَبَتهَا. وَقَوْله : { حَبْل مِنْ مَسَد } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ حِبَال تَكُون بِمَكَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29604 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : حَبْل مِنْ شَجَر , وَهُوَ الْحَبْل الَّذِي كَانَتْ تَحْتَطِب بِهِ . 29605 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : هِيَ حِبَال تَكُون بِمَكَّة ; وَيُقَال : الْمَسَد : الْعَصَا الَّتِي تَكُون فِي الْبَكَرَة , وَيُقَال الْمَسَد : قِلَادَة مِنْ وَدَع . 29606 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : فِي قَوْله : { حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : حِبَال مِنْ شَجَر تَنْبُت فِي الْيَمَن لَهَا مَسَد , وَكَانَتْ تُفْتَل ; وَقَالَ { حَبْل مِنْ مَسَد } : حَبْل مِنْ نَار فِي رَقَبَتهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَسَد : اللِّيف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29607 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ يَزِيد , عَنْ عُرْوَة { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : سَلْسَلَة مِنْ حَدِيد , ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا . * -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ يَزِيد , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : سِلْسِلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ يَزِيد , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : سَلْسَلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا . 29608 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد { مِنْ مَسَد } قَالَ : مِنْ حَدِيد . 29609 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : حَبْل فِي عُنُقهَا فِي النَّار مِثْل طَوْق , طُوله سَبْعُونَ ذِرَاعًا . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَسَد : الْحَدِيد الَّذِي يَكُون فِي الْبَكَرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29610- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : الْحَدِيدَة تَكُون فِي الْبَكَرَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : عُود الْبَكَرَة مِنْ حَدِيد . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : الْحَدِيدَة لِلْبَكَرَةِ . 29611 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثَنَا الْمَعْمَر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِر : زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّ عِكْرِمَة قَالَ : { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } إِنَّهُ الْحَدِيدَة الَّتِي فِي وَسَط الْبَكَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ قِلَادَة مِنْ وَدَع فِي عُنُقهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29612 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فِي جِيدهَا حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : قِلَادَة مِنْ وَدَع . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { حَبْل مِنْ مَسَد } قَالَ : قِلَادَة مِنْ وَدَع . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ حَبْل جُمِعَ مِنْ أَنْوَاع مُخْتَلِفَة , وَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله عَلَى النَّحْو الَّذِي ذَكَرْنَا , وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْل الرَّاجِز : وَمَسَد أُمِرَّ مِنْ أَيَانِق صُهْب عِتَاق ذَات مُخّ زَاهِق فَجَعَلَ إِمْرَاره مِنْ شَتَّى , وَكَذَلِكَ الْمَسَد الَّذِي فِي جِيد اِمْرَأَة أَبِي لَهَب , أُمِرَّ مِنْ أَشْيَاء شَتَّى , مِنْ لِيف وَحَدِيد وَلِحَاء , وَجُعِلَ فِي عُنُقهَا طَوْقًا كَالْقِلَادَةِ مِنْ وَدَع ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : تُمْسِي فَيَصْرِف بَابهَا مِنْ دُوننَا غَلْقًا صَرِيف مَحَالَة الْأَمْسَاد يَعْنِي بِالْأَمْسَادِ : جَمْع مَسَد , وَهِيَ الْجِبَال . آخِر تَفْسِير سُورَة تَبَّتْ