الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } قَالَ أَبُو جَعْفَر رَحِمَهُ اللَّه : قَوْله : { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } أَقْسَمَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالسَّمَاءِ ذَات الْبُرُوج . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْبُرُوج فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ : وَالسَّمَاء ذَات الْقُصُور . قَالُوا : وَالْبُرُوج : الْقُصُور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28515 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنَى أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } قَالَ اِبْن عَبَّاس : قُصُور فِي السَّمَاء , قَالَ غَيْره : بَلْ هِيَ الْكَوَاكِب . 28516 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الْبُرُوج } يَزْعُمُونَ أَنَّهَا قُصُور فِي السَّمَاء , وَيُقَال : هِيَ الْكَوَاكِب . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : وَالسَّمَاء ذَات النُّجُوم , وَقَالُوا : نُجُومهَا : بُرُوجهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28517 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه { ذَات الْبُرُوج } قَالَ : الْبُرُوج : النُّجُوم . 28518 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } قَالَ : النُّجُوم . 28519 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } وَبُرُوجهَا : نُجُومهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَالسَّمَاء ذَات الرَّمَل وَالْمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28520 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن قَزَعَة , قَالَ : ثَنَا حُصَيْن بْن نُمَيْر , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , فِي قَوْله : { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } قَالَ : ذَات الرَّمْل وَالْمَاء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنْ يُقَال : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالسَّمَاء ذَات مَنَازِل الشَّمْس وَالْقَمَر , وَذَلِكَ أَنَّ الْبُرُوج : جَمْع بُرْج , وَهِيَ مَنَازِل تُتَّخَذ عَالِيَة عَنْ الْأَرْض مُرْتَفِعَة , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } وَهِيَ مَنَازِل مُرْتَفِعَة عَالِيَة فِي السَّمَاء , وَهِيَ اِثْنَا عَشَر بُرْجًا , فَمَسِير الْقَمَر فِي كُلّ بُرْج مِنْهَا يَوْمَانِ وَثُلُث , فَذَلِكَ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا , ثُمَّ يَسْتَسِرّ لَيْلَتَيْنِ , وَمَسِير الشَّمْس فِي كُلّ بُرْج مِنْهَا شَهْر .
وَقَوْله : { وَالْيَوْم الْمَوْعُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأُقْسِم بِالْيَوْمِ الَّذِي وَعَدْته عِبَادِي , لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْنهمْ , وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَجَاءَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28521 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر وَإِسْحَاق الرَّازِيّ , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْيَوْم الْمَوْعُود : يَوْم الْقِيَامَة " . * - قَالَ ثَنَا وَكِيع , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . * - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا يُونُس , قَالَ أَنْبَأَنِي عَمَّار , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : " الْيَوْم الْمَوْعُود : يَوْم الْقِيَامَة " . قَالَ يُونُس , وَكَذَلِكَ الْحَسَن . 28522 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالْيَوْم الْمَوْعُود } يَعْنِي : يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَالْيَوْم الْمَوْعُود } قَالَ : الْقِيَامَة . 28523 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد { الْيَوْم الْمَوْعُود } يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد , عَنْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار , مَوْلَى بَنِي هَاشِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة { وَالْيَوْم الْمَوْعُود } يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْيَوْم الْمَوْعُود : يَوْم الْقِيَامَة " . 28524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْف , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي ضَمْضَم بْن زُرْعَة , عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْد , عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْيَوْم الْمَوْعُود : يَوْم الْقِيَامَة " .
وَقَوْله : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأَقْسَمَ بِشَاهِدٍ , قَالُوا : وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة , وَمَشْهُود , قَالُوا : وَهُوَ يَوْم عَرَفَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28525 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , قَالَ : أَنْبَأَنِي عَمَّار , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : الشَّاهِد : يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة ; قَالَ يُونُس , وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَن . 28526 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت حَارِثَة بْن مُضَرِّب , يُحَدِّث عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : يَوْم الْجُمُعَة , وَيَوْم عَرَفَة . 28527 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة ; وَيُقَال : الشَّاهِد : الْإِنْسَان , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . 28528 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَشَاهِد وَمَشْهُود } : يَوْمَانِ عَظِيمَانِ مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا , كُنَّا نُحَدَّث أَنَّ الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمَشْهُود يَوْم عَرَفَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد : يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة , وَالْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة . 28529 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَشَاهِد } يَوْم الْجُمُعَة , { وَمَشْهُود } : يَوْم عَرَفَة . 28530 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ ثَنَا وَكِيع , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَشَاهِد : يَوْم الْجُمُعَة , وَمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر وَإِسْحَاق الرَّازِيّ , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة , وَالشَّاهِد : يَوْم الْجُمُعَة " . 28531 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ اِبْن حَرْمَلَة , عَنْ سَعِيد : أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ سَيِّد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة , وَهُوَ الشَّاهِد , وَالْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة " . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْد , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَافِع عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمَشْهُود : يَوْم عَرَفَة , وَالشَّاهِد : يَوْم الْجُمُعَة , فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا مُؤْمِن يَدْعُو اللَّه بِخَيْرٍ إِلَّا اِسْتَجَابَ لَهُ , وَلَا يَسْتَعِيذهُ مِنْ شَرّ إِلَّا أَعَاذَهُ " . 28532 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَوْف , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي ضَمْضَم بْن زُرْعَة , عَنْ شُرَيْ ح بْن عُبَيْد , عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة , وَإِنَّ الْمَشْهُود يَوْم عَرَفَة , فَيَوْم الْجُمُعَة خِيرَة اللَّه لَنَا " . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الرَّبِيع الرَّازِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : سَيِّد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة , وَهُوَ شَاهِد . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28533 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف الْمَكِّيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة , ثُمَّ قَرَأَ { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } . 28534 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ شِبَاك , قَالَ : سَأَلَ رَجُل الْحَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : سَأَلْت أَحَدًا قَبْلِي ؟ قَالَ : نَعَمْ سَأَلْت اِبْن عُمَر وَابْن الزُّبَيْر , فَقَالَا : يَوْم الذَّبْح وَيَوْم الْجُمُعَة ; قَالَ : لَا , وَلَكِنَّ الشَّاهِد : مُحَمَّد , ثُمَّ قَرَأَ : { فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ , وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة , ثُمَّ قَرَأَ : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي الضُّحَى . عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ , قَالَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . 28535 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { وَمَشْهُود } : يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد : الْإِنْسَان , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28536 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد : اِبْن آدَم , وَالْمَشْهُود يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الْإِنْسَان , وَقَوْله { وَمَشْهُود } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة . 28537 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , قَالَ : الشَّاهِد : الْإِنْسَان , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . 28538 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : شَاهِد : اِبْن آدَم , وَمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . 28539 - عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَشَاهِد } يَعْنِي الْإِنْسَان { وَمَشْهُود } يَوْم الْقِيَامَة , قَالَ اللَّه : { وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28540 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة , فَذَلِكَ قَوْله : { فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد اللَّه , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28541 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَشَاهِد } يَقُول اللَّه { وَمَشْهُود } يَقُول : يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد : يَوْم الْأَضْحَى , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28542 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ شِبَاك , قَالَ : سَأَلَ رَجُل الْحَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ { شَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : سَأَلْت أَحَدًا قَبْلِي ؟ قَالَ : نَعَمْ , سَأَلْت اِبْن عُمَر وَابْن الزُّبَيْر , فَقَالَا : يَوْم الذَّبْح , وَيَوْم الْجُمُعَة . وَقَالَ آخَرُونَ : الشَّاهِد : يَوْم الْأَضْحَى , وَالْمَشْهُود , يَوْم عَرَفَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28543 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } قَالَ : الشَّاهِد : يَوْم عَرَفَة , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة , وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 28544 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنِي عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد بْن أَيْمَن , عَنْ عُبَادَة بْن نُسَيّ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة , فَإِنَّهُ يَوْم مَشْهُود تَشْهَدهُ الْمَلَائِكَة " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَقْسَمَ بِشَاهِدٍ شَهِدَ , وَمَشْهُود شَهِدَ , وَلَمْ يُخْبِرنَا مَعَ إِقْسَامه بِذَلِكَ أَيّ شَاهِد وَأَيّ مَشْهُود أَرَادَ , وَكُلّ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُلَمَاء قَالُوا : هُوَ الْمَعْنِيّ مِمَّا يَسْتَحِقّ أَنْ يُقَال لَهُ { شَاهِد وَمَشْهُود }
وَقَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } يَقُول : لُعِنَ أَصْحَاب الْأُخْدُود . وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : مَعْنَى قَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ النَّار أَنَّهَا قَتَلَتْهُمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي أَصْحَاب الْأُخْدُود مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : قَوْم كَانُوا أَهْل كِتَاب مِنْ بَقَايَا الْمَجُوس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28545 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر عَنْ اِبْن أَبْزَى , قَالَ : لَمَّا رَجَعَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ بَعْض غَزَوَاتهمْ , بَلَغَهُمْ نَعْي عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَيّ الْأَحْكَام تَجْرِي فِي الْمَجُوس , وَإِنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَاب , وَلَيْسُوا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَب , فَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : قَدْ كَانُوا أَهْل كِتَاب , وَقَدْ كَانَتْ الْخَمْر أُحِلَّتْ لَهُمْ , فَشَرِبَهَا مَلِك مِنْ مُلُوكهمْ , حَتَّى ثَمِلَ مِنْهَا , فَتَنَاوَلَ أُخْته فَوَقَعَ عَلَيْهَا , فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ السُّكْر قَالَ لَهَا : وَيْحك ! فَمَا الْمَخْرَج مِمَّا اُبْتُلِيت بِهِ ؟ فَقَالَتْ : اُخْطُبْ النَّاس , فَقُلْ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّه قَدْ أَحَلَّ نِكَاح الْأَخَوَات , فَقَامَ خَطِيبًا , فَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّه قَدْ أَحَلَّ نِكَاح الْأَخَوَات , فَقَالَ النَّاس : إِنَّا نَبْرَأ إِلَى اللَّه مِنْ هَذَا الْقَوْل , مَا أَتَانَا بِهِ نَبِيّ , وَلَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَاب اللَّه , فَرَجَعَ إِلَيْهَا نَادِمًا , فَقَالَ لَهَا : وَيْحك ! إِنَّ النَّاس قَدْ أَبَوْا عَلَيَّ أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ , فَقَالَتْ : اُبْسُطْ عَلَيْهِمْ السِّيَاط , فَفَعَلَ , فَبَسَطَ عَلَيْهِمْ السِّيَاط , فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا , فَرَجَعَ إِلَيْهَا نَادِمًا , فَقَالَ : إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا , فَقَالَتْ : اُخْطُبْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَجَرِّدْ فِيهِمْ السَّيْف , فَفَعَلَ , فَأَبَى عَلَيْهِ النَّاس , فَقَالَ لَهَا : قَدْ أَبَى عَلَيَّ النَّاس , فَقَالَتْ : خُدّ لَهُمْ الْأُخْدُود , ثُمَّ اِعْرِضْ عَلَيْهَا أَهْل مَمْلَكَتك , فَمَنْ أَقَرَّ , وَإِلَّا فَاقْذِفْهُ فِي النَّار , فَفَعَلَ , ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهَا أَهْل مَمْلَكَته , فَمَنْ لَمْ يُقِرّ مِنْهُمْ قَذَفَهُ فِي النَّار , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوُقُود } إِلَى { أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } حَرَّقُوهُمْ { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } فَلَمْ يَزَالُوا مُنْذُ ذَلِكَ يَسْتَحِلُّونَ نِكَاح الْأَخَوَات وَالْبَنَات وَالْأُمَّهَات . 28546 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } قَالَ : حُدِّثْنَا أَنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ يَقُول : هُمْ نَاس بِمَذَارِع الْيَمَن , اِقْتَتَلَ مُؤْمِنُوهَا وَكُفَّارهَا , فَظَهَرَ مُؤْمِنُوهَا عَلَى كُفَّارهَا , ثُمَّ اِقْتَتَلُوا الثَّانِيَة , فَظَهَرَ مُؤْمِنُوهَا عَلَى كُفَّارهَا , ثُمَّ أَخَذَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض عَهْدًا وَمَوَاثِيق أَنْ لَا يَغْدِر بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَغَدَرَ بِهِمْ الْكُفَّار فَأَخَذُوهُمْ أَخْذًا ; ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لَهُمْ : هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْر , تُوقِدُونَ نَارًا ثُمَّ تَعْرِضُونَنَا عَلَيْهَا , فَمَنْ تَابَعَكُمْ عَلَى دِينكُمْ فَذَلِكَ الَّذِي تَشْتَهُونَ , وَمَنْ لَا , اِقْتَحَمَ النَّار فَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ ; قَالَ : فَأَجَّجُوا نَارًا وَعُرِضُوا عَلَيْهَا , فَجَعَلُوا يَقْتَحِمُونَهَا صَنَادِيدهمْ , ثُمَّ بَقِيَتْ مِنْهُمْ عَجُوز كَأَنَّهَا نَكَصَتْ , فَقَالَ لَهَا طِفْل فِي حِجْرهَا : يَا أُمَّاهُ , اِمْضِي وَلَا تُنَافِقِي , قَصَّ اللَّه عَلَيْكُمْ نَبَأَهُمْ وَحَدِيثهمْ . 28547 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } قَالَ : يَعْنِي الْقَاتِلِينَ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ يَوْم قَتَلُوا . 28548 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوُقُود } قَالَ : هُمْ نَاس مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , خَدُّوا أُخْدُودًا فِي الْأَرْض , ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهَا نَارًا , ثُمَّ أَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ الْأُخْدُود رِجَالًا وَنِسَاء , فَعُرِضُوا عَلَيْهَا , وَزَعَمُوا أَنَّهُ دَانْيَال وَأَصْحَابه . 28549 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } قَالَ : كَانَ شُقُوق فِي الْأَرْض بِنَجْرَان , كَانُوا يُعَذِّبُونَ فِيهَا النَّاس . 28550 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } يَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْحَاب الْأُخْدُود مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , أَخَذُوا رِجَالًا وَنِسَاء , فَخَدُّوا لَهُمْ أُخْدُودًا , ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهَا النِّيرَان , فَأَقَامُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهَا , فَقَالُوا : تَكْفُرُونَ أَوْ نَقْذِفكُمْ فِي النَّار . 28551 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثَنِي حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا ثَابِت الْبُنَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ صُهَيْب , قَالَ . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مَلِك , وَكَانَ لَهُ سَاحِر , فَأَتَى السَّاحِر الْمَلِك , فَقَالَ : قَدْ كَبِرَتْ سِنِي , وَدَنَا أَجَلِي , فَادْفَعْ لِي غُلَامًا أُعَلِّمهُ السِّحْر ; قَالَ : فَدَفَعَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمهُ السِّحْر , قَالَ : فَكَانَ الْغُلَام يَخْتَلِف إِلَى السَّاحِر , وَكَانَ بَيْن السَّاحِر وَبَيْن الْمَلِك رَاهِب ; قَالَ فَكَانَ الْغُلَام إِذَا مَرَّ بِالرَّاهِبِ قَعَدَ إِلَيْهِ , فَسَمِعَ مِنْ كَلَامه , فَأُعْجِبَ بِكَلَامِهِ , فَكَانَ الْغُلَام إِذَا أَتَى السَّاحِر ضَرَبَهُ وَقَالَ : مَا حَبَسَك ؟ وَإِذَا أَتَى أَهْله قَعَدَ عِنْد الرَّاهِب يَسْمَع كَلَامه , فَإِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْله ضَرَبُوهُ وَقَالُوا : مَا حَبَسَك ؟ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِب , فَقَالَ لَهُ الرَّاهِب : إِذَا قَالَ لَك السَّاحِر : مَا حَبَسَك ؟ قُلْ حَبَسَنِي أَهْلِي , وَإِذَا قَالَ أَهْلك : مَا حَبَسَك ؟ فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِر . فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ فِي طَرِيق وَإِذَا دَابَّة عَظِيمَة فِي الطَّرِيق قَدْ حَبَسَتْ النَّاس لَا تَدَعهُمْ يَجُوزُونَ ; فَقَالَ الْغُلَام : الْآن أَعْلَم أَمْر السَّاحِر أَرْضَى عِنْد اللَّه أَمْ أَمْر الرَّاهِب ؟ قَالَ : فَأَخَذَ حَجَرًا , قَالَ : فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْر الرَّاهِب أَحَبّ إِلَيْك مِنْ أَمْر السَّاحِر فَإِنِّي أَرْمِي بِحَجَرِي هَذَا فَيَقْتُلهُ وَيَمُرّ النَّاس . قَالَ : فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا , وَجَازَ النَّاس ; فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّاهِب ; قَالَ : وَأَتَاهُ الْغُلَام فَقَالَ الرَّاهِب لِلْغُلَامِ : إِنَّك خَيْر مِنِّي , وَإِنْ اُبْتُلِيت فَلَا تَدُلَّن عَلَيَّ ; قَالَ : وَكَانَ الْغُلَام , يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص , وَسَائِر الْأَدْوَاء ; وَكَانَ لِلْمَلِكِ جَلِيس , قَالَ : فَعَمِيَ ; قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ هَا هُنَا غُلَامًا يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص , وَسَائِر الْأَدْوَاء فَلَوْ أَتَيْته ؟ قَالَ : فَاِتَّخِذْ لَهُ هَدَايَا ; قَالَ : ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : يَا غُلَام إِنْ أَبْرَأْتنِي فَهَذِهِ الْهَدَايَا كُلّهَا لَك , فَقَالَ : مَا أَنَا بِطَبِيبٍ يَشْفِيك , وَلَكِنَّ اللَّه يَشْفِي , فَإِذَا آمَنْت دَعَوْت اللَّه أَنْ يَشْفِيك ; قَالَ : فَآمَنَ الْأَعْمَى , فَدَعَا اللَّه فَشَفَاهُ , فَقَعَدَ الْأَعْمَى إِلَى الْمَلِك كَمَا كَانَ يَقْعُد , فَقَالَ لَهُ الْمَلِك : أَلَيْسَ كُنْت أَعْمَى ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : فَمَنْ شَفَاك ؟ قَالَ : رَبِّي ; قَالَ : وَلَك رَبّ غَيْرِي ؟ قَالَ : نَعَمْ , رَبِّي وَرَبّك اللَّه ; قَالَ : فَأَخَذَهُ بِالْعَذَابِ فَقَالَ : لَتَدُلَّنَّنِي عَلَى مَنْ عَلَّمَك هَذَا , قَالَ : فَدَلَّ عَلَى الْغُلَام , فَدَعَا الْغُلَام فَقَالَ : اِرْجِعْ عَنْ دِينك , قَالَ : فَأَبَى الْغُلَام ; قَالَ : فَأَخَذَهُ بِالْعَذَابِ ; قَالَ : فَدَلَّ عَلَى الرَّاهِب , فَأَخَذَ الرَّاهِب , فَقَالَ : اِرْجِعْ عَنْ دِينك فَأَبَى ; قَالَ : فَوَضَعَ الْمِنْشَار عَلَى هَامَته فَشَقَّهُ حَتَّى بَلَغَ الْأَرْض , قَالَ : وَأَخَذَ الْأَعْمَى فَقَالَ : لَتَرْجِعَن أَوْ لَأَقْتُلَنك ; قَالَ : فَأَبَى الْأَعْمَى , فَوَضَعَ الْمِنْشَار عَلَى هَامَته , فَشَقَّهُ حَتَّى بَلَغَ الْأَرْض , ثُمَّ قَالَ لِلْغُلَامِ : لَتَرْجِعَن أَوْ لَأَقْتُلَنك ; قَالَ : فَأَبَى ; قَالَ : فَقَالَ : اِذْهَبُوا بِهِ حَتَّى تَبْلُغُوا بِهِ ذُرْوَة الْخَيْل , فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينه , وَإِلَّا فَدَهْدِهُوهُ , فَلَمَّا بَلَغُوا بِهِ ذُرْوَة الْجَبَل فَوَقَعُوا فَمَاتُوا كُلّهمْ . وَجَاءَ الْغُلَام يَتَلَمَّس حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِك , فَقَالَ : أَيْنَ أَصْحَابك ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمْ اللَّه قَالَ : فَاذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُور , فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْر , فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينه وَإِلَّا فَغَرِّقُوهُ قَالَ : فَذَهَبُوا بِهِ , فَلَمَّا تَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْر قَالَ الْغُلَام : اللَّهُمَّ اِكْفِنِيهِمْ , فَانْكَفَأَتْ بِهِمْ السَّفِينَة . وَجَاءَ الْغُلَام يَتَلَمَّس حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِك فَقَالَ الْمَلِك : أَيْنَ أَصْحَابك ؟ فَقَالَ : دَعَوْت اللَّه فَكَفَانِيهِمْ , قَالَ لَأَقْتُلَنك , قَالَ : مَا أَنْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَصْنَع مَا آمُرك , قَالَ : فَقَالَ الْغُلَام لِلْمَلِكِ : اِجْمَعْ النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد , ثُمَّ اُصْلُبْنِي , ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي فَارْمِنِي وَقُلْ : بِاسْمِ رَبّ الْغُلَام , فَإِنَّك سَتَقْتُلُنِي ; قَالَ : فَجَمَعَ النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد ; قَالَ : وَصَلَبَهُ وَأَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَته , فَوَضَعَهُ فِي كَبِد الْقَوْس , ثُمَّ رَمَى , فَقَالَ : بِاسْمِ رَبّ الْغُلَام , فَوَقَعَ السَّهْم فِي صُدْغ الْغُلَام , فَوَضَعَ يَده هَكَذَا عَلَى صُدْغه , وَمَاتَ الْغُلَام , فَقَالَ النَّاس : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَام , فَقَالُوا لِلْمَلِكِ : مَا صَنَعْت , الَّذِي كُنْت تَحْذَر قَدْ وَقَعَ , قَدْ آمَنَ النَّاس , فَأَمَرَ بِأَفْوَاهِ السِّكَك فَأُخِذَتْ , وَخَدَّ الْأُخْدُود وَضَرَّمَ فِيهِ النِّيرَان , وَأَخَذَهُمْ وَقَالَ : إِنْ رَجَعُوا وَإِلَّا فَأَلْقُوهُمْ فِي النَّار ; قَالَ : فَكَانُوا يُلْقُونَهُمْ فِي النَّار ; قَالَ : فَجَاءَتْ اِمْرَأَة مَعَهَا صَبِيّ لَهَا , قَالَ : فَلَمَّا ذَهَبَتْ تَقْتَحِم وَجَدَتْ حَرّ النَّار , فَنَكَصَتْ , قَالَ : فَقَالَ لَهَا صَبِيّهَا يَا أُمَّاهُ , اِمْضِي فَإِنَّك عَلَى الْحَقّ , فَاقْتَحَمَتْ فِي النَّار " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِينَ أَحْرَقَتْهُمْ النَّار هُمْ الْكُفَّار الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28552 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : كَانَ أَصْحَاب الْأُخْدُود قَوْمًا مُؤْمِنِينَ , اِعْتَزَلُوا النَّاس فِي الْفَتْر , وَإِنَّ جَبَّارًا , مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ , فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الدُّخُول فِي دِينه , فَأَبَوْا , فَخَدَّ أُخْدُودًا , وَأَوْقَدَ فِيهِ نَارًا , ثُمَّ خَيَّرَهُمْ بَيْن الدُّخُول فِي دِينه , وَبَيْن إِلْقَائِهِمْ فِي النَّار , فَاخْتَارُوا إِلْقَاءَهُمْ فِي النَّار , عَلَى الرُّجُوع عَنْ دِينهمْ , فَأُلْقُوا فِي النَّار , فَنَجَّى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُلْقُوا فِي النَّار مِنْ الْحَرِيق , بِأَنْ قَبَضَ أَرْوَاحهمْ , قَبْل أَنْ تَمَسّهُمْ النَّار , وَخَرَجَتْ النَّار إِلَى مَنْ عَلَى شَفِير الْأُخْدُود مِنْ الْكُفَّار فَأَحْرَقَتْهُمْ , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم } فِي الْآخِرَة { وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } فِي الدُّنْيَا . وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِع جَوَاب الْقَسَم بِقَوْلِهِ : { وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج } فَقَالَ بَعْضهمْ : جَوَابه : { إِنَّ بَطْش رَبّك لَشَدِيد } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28553 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : وَقَعَ الْقَسَم هَا هُنَا { إِنَّ بَطْش رَبّك لَشَدِيد } . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَوْضِع قَسَمهَا وَاَللَّه أَعْلَم , عَلَى قَتْل أَصْحَاب الْأُخْدُود , أَضْمَرَ اللَّام كَمَا قَالَ : { وَالشَّمْس وَضُحَاهَا } { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } يُرِيد : إِنْ شَاءَ اللَّه : لَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , فَأَلْقَى اللَّام , وَإِنْ شِئْت قُلْت عَلَى التَّقْدِيم , كَأَنَّهُ قَالَ : قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود , وَالسَّمَاء ذَات الْبُرُوج . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : يُقَال فِي التَّفْسِير : إِنَّ جَوَاب الْقَسَم فِي قَوْله : { قُتِلَ } كَمَا كَانَ قَسَم { وَالشَّمْس وَضُحَاهَا } فِي قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ } هَذَا فِي التَّفْسِير قَالُوا : وَلَمْ نَجِد الْعَرَب تَدَع الْقَسَم بِغَيْرِ لَام يُسْتَقْبَل بِهَا أَوْ " لَا " أَوْ " إِنْ " أَوْ " مَا " , فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَكَأَنَّهُ مِمَّا تُرِكَ فِيهِ الْجَوَاب , ثُمَّ اُسْتُؤْنِفَ مَوْضِع الْجَوَاب بِالْخَبَرِ , كَمَا قِيلَ : يَا أَيّهَا الْإِنْسَان , فِي كَثِير مِنْ الْكَلَام . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : جَوَاب الْقَسَم فِي ذَلِكَ مَتْرُوك , وَالْخَبَر مُسْتَأْنَف لِأَنَّ عَلَامَة جَوَاب الْقَسَم لَا تَحْذِفهَا الْعَرَب مِنْ الْكَلَام إِذَا أَجَابَتْهُ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ : { قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود } : لُعِنَ أَصْحَاب الْأُخْدُود الَّذِينَ أَلْقَوْا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات فِي الْأُخْدُود . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ لِلَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ الرَّبِيع مِنْ الْعِلَّة , وَهُوَ أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق مَعَ عَذَاب جَهَنَّم , وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا أَحْرَقُوا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ { وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } مَعْنًى مَفْهُوم , مَعَ إِخْبَاره أَنَّ لَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم , لِأَنَّ عَذَاب جَهَنَّم هُوَ عَذَاب الْحَرِيق مَعَ سَائِر أَنْوَاع عَذَابهَا فِي الْآخِرَة ; وَالْأُخْدُود : الْحُفْرَة تُحْفَر فِي الْأَرْض .
وَقَوْله : { النَّار ذَات الْوَقُود } فَقَوْله النَّار : رَدّ عَلَى الْأُخْدُود , وَلِذَلِكَ خُفِّضَتْ , وَإِنَّمَا جَازَ رَدّهَا عَلَيْهِ وَهِيَ غَيْره , لِأَنَّهَا كَانَتْ فِيهِ , فَكَأَنَّهَا إِذْ كَانَتْ فِيهِ هُوَ , فَجَرَى الْكَلَام عَلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ بِمَعْنَاهُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ : قُتِلَ أَصْحَاب النَّار ذَات الْوَقُود . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { ذَات الْوَقُود } ذَات الْحَطَب الْجَزِل , وَذَلِكَ إِذَا فَتَحْت الْوَاو , فَأَمَّا الْوَقُود بِضَمِّ الْوَاو , فَهُوَ الِاتِّقَاد .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : النَّار ذَات الْوَقُود , إِذْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْأُخْدُود عَلَيْهَا , يَعْنِي عَلَى النَّار , فَقَالَ عَلَيْهَا , وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ قُعُود عَلَى حَافَّة الْأُخْدُود , فَقِيلَ : عَلَى النَّار , وَالْمَعْنَى : لِشَفِيرِ الْأُخْدُود , لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ مَعْنَاهُ : وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 28554 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { النَّار ذَات الْوَقُود إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود } يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَتَادَة عَلَى مَذْهَب مَنْ قَالَ : قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود مِنْ أَهْل الْأَيْمَان . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الصَّوَاب مِنْ تَأْوِيل ذَلِكَ غَيْر هَذَا الْقَوْل الَّذِي وَجَّهَ تَأْوِيله قَتَادَة قَبْل .
وَقَوْله : { وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود } يَعْنِي : حُضُور . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28555 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود } يَعْنِي بِذَلِكَ الْكُفَّار .
وَقَوْله : { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا وَجَدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِالنَّارِ فِي شَيْء , وَلَا فَعَلُوا بِهِمْ مَا فَعَلُوا بِسَبَبٍ إِلَّا مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاَللَّهِ , وَقَالَ : إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ , لِأَنَّ الْمَعْنَى إِلَّا إِيمَانهمْ بِاَللَّهِ , فَلِذَلِكَ حَسُنَ فِي مَوْضِعه يُؤْمِنُوا , إِذْ كَانَ الْإِيمَان لَهُمْ صِفَة .
يَقُول : الشَّدِيد فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ
يَقُول : الْمَحْمُود بِإِحْسَانِهِ إِلَى خَلْقه .
يَقُول : الشَّدِيد فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ
يَقُول : الْمَحْمُود بِإِحْسَانِهِ إِلَى خَلْقه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي لَهُ سُلْطَان السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْضِينَ وَمَا فِيهِنَّ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه عَلَى فِعْل هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْأُخْدُود بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ فَتَنُوهُمْ شَاهِد , وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالهمْ وَأَفْعَال جَمِيع خَلْقه , وَهُوَ مُجَازِيهمْ جَزَاءَهُمْ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه عَلَى فِعْل هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَصْحَاب الْأُخْدُود بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ فَتَنُوهُمْ شَاهِد , وَعَلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالهمْ وَأَفْعَال جَمِيع خَلْقه , وَهُوَ مُجَازِيهمْ جَزَاءَهُمْ .
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ↓
وَقَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } يَقُول : إِنَّ الَّذِينَ اِبْتَلُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِاَللَّهِ بِتَعْذِيبِهِمْ , وَإِحْرَاقهمْ بِالنَّارِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28556 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنَى أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } : حَرَّقُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات . 28557 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا } قَالَ : عَذَّبُوا . 28558 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } قَالَ : حَرَّقُوهُمْ بِالنَّارِ . 28559 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } يَقُول : حَرَّقُوهُمْ . 28560 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ اِبْن أَبْزَى { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات } حَرَّقُوهُمْ .
وَقَوْله : { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا } يَقُول : ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ كُفْرهمْ وَفِعْلهمْ , الَّذِي فَعَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات مِنْ أَجْل إِيمَانهمْ بِاَللَّهِ
فِي الْآخِرَة
فِي الدُّنْيَا , كَمَا : 28561 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع { فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم } فِي الْآخِرَة , { وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } فِي الدُّنْيَا .
وَقَوْله : { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا } يَقُول : ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ كُفْرهمْ وَفِعْلهمْ , الَّذِي فَعَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات مِنْ أَجْل إِيمَانهمْ بِاَللَّهِ
فِي الْآخِرَة
فِي الدُّنْيَا , كَمَا : 28561 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع { فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم } فِي الْآخِرَة , { وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } فِي الدُّنْيَا .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِتَوْحِيدِ اللَّه , وَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ حَرَّقَهُمْ أَصْحَاب الْأُخْدُود وَغَيْرهمْ مِنْ سَائِر أَهْل التَّوْحِيد .
يَقُول : وَعَمِلُوا بِطَاعَةِ اللَّه , وَاتْمَرُوا لِأَمْرِهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ
يَقُول : لَهُمْ فِي الْآخِرَة عِنْد اللَّه بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار وَالْخَمْر وَاللَّبَن وَالْعَسَل
يَقُول : هَذَا الَّذِي هُوَ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَة , هُوَ الظَّفْر الْكَبِير بِمَا طَلَبُوا وَالْتَمَسُوا بِإِيمَانِهِمْ بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , وَعَمَلهمْ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ فِيهَا وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ .
يَقُول : وَعَمِلُوا بِطَاعَةِ اللَّه , وَاتْمَرُوا لِأَمْرِهِ , وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ
يَقُول : لَهُمْ فِي الْآخِرَة عِنْد اللَّه بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار وَالْخَمْر وَاللَّبَن وَالْعَسَل
يَقُول : هَذَا الَّذِي هُوَ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَة , هُوَ الظَّفْر الْكَبِير بِمَا طَلَبُوا وَالْتَمَسُوا بِإِيمَانِهِمْ بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , وَعَمَلهمْ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ فِيهَا وَرَضِيَهُ مِنْهُمْ .
وَقَوْله : { إِنَّ بَطْش رَبّك لَشَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ بَطْش رَبّك يَا مُحَمَّد لِمَنْ بَطَشَ بِهِ مِنْ خَلْقه , وَهُوَ اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ لَشَدِيد , وَهُوَ تَحْذِير مِنْ اللَّه لِقَوْمِ رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنْ يَحِلّ بِهِمْ مِنْ عَذَابه وَنِقْمَته , نَظِير الَّذِي حَلَّ بِأَصْحَابِ الْأُخْدُود عَلَى كُفْرهمْ بِهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله , وَفِتْنَتهمْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات مِنْهُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئ وَيُعِيد } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئ وَيُعِيد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ اللَّه أَبْدَى خَلْقه , فَهُوَ يَبْتَدِئ , بِمَعْنَى : يُحَدِّث خَلْقه اِبْتِدَاء , ثُمَّ يُمِيتهُمْ , ثُمَّ يُعِيدهُمْ أَحْيَاء بَعْد مَمَاتهمْ , كَهَيْئَتِهِمْ قَبْل مَمَاتهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28562 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يُبْدِئ وَيُعِيد } يَعْنِي : الْخَلْق . 28563 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يُبْدِئ وَيُعِيد } قَالَ : يُبْدِئ الْخَلْق حِين خَلَقَهُ , وَيُعِيدهُ يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئ الْعَذَاب وَيُعِيدهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28564 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئ وَيُعِيد } قَالَ : يُبْدِئ الْعَذَاب وَيُعِيدهُ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , وَأَشْبَهَهُمَا بِظَاهِرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّنْزِيل , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ أَنَّهُ يُبْدِئ الْعَذَاب لِأَهْلِ الْكُفْر بِهِ وَيُعِيد , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق } فِي الدُّنْيَا , فَأَبْدَأَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , وَهُوَ يُعِيدهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَة . وَإِنَّمَا قُلْت : هَذَا أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه اِتَّبَعَ ذَلِكَ قَوْله { إِنَّ بَطْش رَبّك لَشَدِيد } فَكَانَ لِلْبَيَانِ عَنْ مَعْنَى شِدَّة بَطْشه الَّذِي قَدْ ذَكَرَهُ قَبْله , أَشْبَه بِهِ بِالْبَيَانِ عَمَّا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر ; وَمِمَّا يُؤَيِّد مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ وُضُوحًا وَصِحَّة , قَوْله : { وَهُوَ الْغَفُور الْوَدُود } فَبَيَّنَ ذَلِكَ عَنْ أَنَّ الَّذِي قَبْله مِنْ ذِكْر خَبَره عَنْ عَذَابه وَشِدَّة عِقَابه .
وَقَوْله : { وَهُوَ الْغَفُور الْوَدُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . وَهُوَ ذُو الْمَغْفِرَة لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبه , وَذُو الْمَحَبَّة لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28565 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { الْغَفُور الْوَدُود } يَقُول : الْحَبِيب . 28566 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { الْغَفُور الْوَدُود } قَالَ الرَّحِيم .
وَقَوْله : { ذُو الْعَرْش الْمَجِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ذُو الْعَرْش الْكَرِيم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28567 - عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { ذُو الْعَرْش الْمَجِيد } يَقُول : الْكَرِيم . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { الْمَجِيد } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ رَفْعًا , رَدًّا عَلَى قَوْله : { ذُو الْعَرْش } عَلَى أَنَّهُ مِنْ صِفَة اللَّه تَعَالَى ذِكْره . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة خَفْضًا , عَلَى أَنَّهُ مِنْ صِفَة الْعَرْش . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { فَعَّال لِمَا يُرِيد } يَقُول : هُوَ غَفَّار لِذُنُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَاده إِذَا تَابَ وَأَنَابَ مِنْهَا , مُعَاقِب مَنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا وَأَقَامَ , لَا يَمْنَعهُ مَانِع مِنْ فِعْل أَرَادَ أَنْ يَفْعَلهُ , وَلَا يَحُول بَيْنه وَبَيْن ذَلِكَ حَائِل , لِأَنَّ لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض , وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم .
وَقَوْله : { هَلْ أَتَاك حَدِيث الْجُنُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ جَاءَك يَا مُحَمَّد حَدِيث الْجُنُود , الَّذِينَ تَجَنَّدُوا عَلَى اللَّه وَرَسُوله بِأَذَاهُمْ وَمَكْرُوههمْ ; يَقُول : قَدْ أَتَاك ذَلِكَ وَعَلِمْته , فَاصْبِرْ لِأَذَى قَوْمك إِيَّاكَ , لِمَا نَالُوك بِهِ مِنْ مَكْرُوه , كَمَا صَبَرَ الَّذِينَ تَجَنَّدَ هَؤُلَاءِ الْجُنُود عَلَيْهِمْ مِنْ رُسُلِي , وَلَا يُثْنِيك عَنْ تَبْلِيغهمْ رِسَالَتِي , كَمَا لَمْ يُثْنَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى هَؤُلَاءِ , فَإِنَّ عَاقِبَة مَنْ لَمْ يُصَدِّقك وَيُؤْمِن بِك مِنْهُمْ إِلَى عَطَب وَهَلَاك , كَاَلَّذِي كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجُنُود ,
ثُمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ الْجُنُود مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ : { فِرْعَوْن وَثَمُود } يَقُول : فِرْعَوْن , فَاجْتُزِئَ بِذِكْرِهِ , إِذْ كَانَ رَئِيس جُنْده , مِنْ ذَكَر جُنْده وَتُبَّاعه . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : هَلْ أَتَاك حَدِيث الْجُنُود فِرْعَوْن وَقَوْمه وَثَمُود ; وَخُفِضَ فِرْعَوْن رَدًّا عَلَى الْجُنُود , عَلَى التَّرْجَمَة عَنْهُمْ , وَإِنَّمَا فُتِحَ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي وَثَمُود .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ الَّذِي كَفَرُوا فِي تَكْذِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا بِهَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِوَعِيدِ اللَّه , أَنَّهُمْ لَمْ يَأْتِهِمْ أَنْبَاء مَنْ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُل اللَّه , كَفِرْعَوْن وَقَوْمه , وَثَمُود وَأَشْكَالهمْ , وَمَا أَحَلَّ اللَّه بِهِمْ مِنْ النِّقَم , بِتَكْذِيبِهِمْ الرُّسُل , وَلَكِنَّهُمْ فِي تَكْذِيب بِوَحْيِ اللَّه وَتَنْزِيله , إِيثَارًا مِنْهُمْ لِأَهْوَائِهِمْ , وَاتِّبَاعًا مِنْهُمْ لِسُنَنِ آبَائِهِمْ
{ وَاَللَّه مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيط } بِأَعْمَالِهِمْ , مُحْصٍ لَهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيهمْ عَلَى جَمِيعهَا .
وَقَوْله : { بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد } يَقُول , تَكْذِيبًا مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْقَائِلِينَ لِلْقُرْآنِ هُوَ شِعْر وَسَجْع : مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , بَلْ هُوَ قُرْآن كَرِيم . 28568 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد } يَقُول : قُرْآن كَرِيم . 28569 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث بْن إِسْحَاق , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد } قَالَ : كَرِيم .
وَقَوْله : { فِي لَوْح مَحْفُوظ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُوَ قُرْآن كَرِيم , مُثْبَت فِي لَوْح مَحْفُوظ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مَحْفُوظ } فَقَرَأَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ مِنْ أَهْل الْحِجَاز , أَبُو جَعْفَر الْقَارِئ , وَابْن كَثِير . وَمَنْ قَرَأَهُ مِنْ قُرَّاء الْكُوفَة عَاصِم وَالْأَعْمَش وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ , وَمِنْ الْبَصْرِيِّينَ أَبُو عَمْرو { مَحْفُوظ } خَفْضًا عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّوْح هُوَ الْمَنْعُوت بِالْحِفْظِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ التَّأْوِيل فِي لَوْح مَحْفُوظ مِنْ الزِّيَادَة فِيهِ , وَالنُّقْصَان مِنْهُ , عَمَّا أَثْبَتَهُ اللَّه فِيهِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكِّيِّينَ اِبْن مُحَيْصِن , وَمِنْ الْمَدَنِيِّينَ نَافِع " مَحْفُوظ " رَفْعًا , رَدًّا عَلَى الْقُرْآن , عَلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْته وَصِفَته . وَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتهمَا : بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد , مَحْفُوظ مِنْ التَّغْيِير وَالتَّبْدِيل فِي لَوْح . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , صَحِيحَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَتَأْوِيل الْقِرَاءَة الَّتِي يَقْرَأهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا . وَقَدْ : 28570 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { فِي لَوْح } قَالَ : فِي أُمّ الْكِتَاب . 28571 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فِي لَوْح مَحْفُوظ } عِنْد اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا قِيلَ مَحْفُوظ , لِأَنَّهُ مِنْ جَبْهَة إِسْرَافِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28572 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : سَمِعْت قُرَّة بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا حَرْب بْن سُرَيْج , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , فِي قَوْله : { بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد فِي لَوْح مَحْفُوظ } قَالَ : إِنَّ اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي ذَكَرَ اللَّه , { بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد فِي لَوْح مَحْفُوظ } فِي جَبْهَة إِسْرَافِيل . آخِر تَفْسِير سُورَة الْبُرُوج