أَيْ تَشَقَّقَتْ بِأَمْرِ اللَّه ; لِنُزُولِ الْمَلَائِكَة ; كَقَوْلِهِ : " وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا " [ الْفُرْقَان : 25 ] . وَقِيلَ : تَفَطَّرَتْ لِهَيْبَةِ اللَّه تَعَالَى . وَالْفَطْر : الشَّقُّ ; يُقَال : فَطَرْته فَانْفَطَرَ ; وَمِنْهُ فَطَرَ نَابَ الْبَعِير : طَلَعَ , فَهُوَ بَعِير فَاطِر , وَتَفَطَّرَ الشَّيْء : شُقِّقَ , وَسَيْف فُطَار أَيْ فِيهِ شُقُوق ; قَالَ عَنْتَرَة : وَسَيْفِي كَالْعَقِيقَةِ وَهُوَ كِمعِي سِلَاحِي لَا أَفَلَّ وَلَا فُطَارَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع .
أَيْ تَسَاقَطَتْ ; نَثَرْت الشَّيْء أَنْثُرهُ نَثْرًا , فَانْتَثَرَ , وَالِاسْم النِّثَار . وَالنُّثَار بِالضَّمِّ : مَا تَنَاثَرَ مِنْ الشَّيْء , وَدُرّ مُنَثَّر , شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ .
أَيْ فُجِّرَ بَعْضهَا فِي بَعْض , فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا , عَلَى مَا تَقَدَّمَ . قَالَ الْحَسَن : فُجِّرَتْ : ذَهَبَ مَاؤُهَا وَيَبِسَتْ ; وَذَلِكَ أَنَّهَا أَوَّلًا رَاكِدَة مُجْتَمِعَة ; فَإِذَا فُجِّرَتْ تَفَرَّقَتْ , فَذَهَبَ مَاؤُهَا . وَهَذِهِ الْأَشْيَاء بَيْن يَدَيْ السَّاعَة , عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " [ التَّكْوِير : 1 ] .
أَيْ قُلِّبَتْ وَأُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنْ أَهْلهَا أَحْيَاء ; يُقَال : بَعْثَرْت الْمَتَاع : قَلَّبْته ظَهْرًا لِبَطْنٍ , وَبَعْثَرْت الْحَوْض وَبَحْثَرْته : إِذَا هَدَمْته وَجَعَلْت أَسْفَله أَعْلَاهُ . وَقَالَ قَوْم مِنْهُمْ الْفَرَّاء : " بُعْثِرَتْ " : أَخْرَجَتْ مَا فِي بَطْنهَا مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة . وَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاط السَّاعَة : أَنْ تُخْرِجَ الْأَرْض ذَهَبَهَا وَفِضَّتَهَا . " عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ " مِثْل : " يُنَبَّأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ " [ الْقِيَامَة : 13 ] . وَتَقَدَّمَ . وَهَذَا جَوَاب " إِذَا السَّمَاء انْفَطَرَتْ " لِأَنَّهُ قَسَم فِي قَوْل الْحَسَن وَقَعَ عَلَى قَوْله تَعَالَى : " عَلِمَتْ نَفْس "
إِذَا بَدَتْ هَذِهِ الْأُمُور مِنْ أَشْرَاط السَّاعَة خُتِمَتْ الْأَعْمَال فَعَلِمَتْ كُلّ نَفْس مَا كَسَبَتْ ; فَإِنَّهَا لَا يَنْفَعهَا عَمَل بَعْد ذَلِكَ . وَقِيلَ : أَيْ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاء قَامَتْ الْقِيَامَة , فَحُوسِبَتْ كُلّ نَفْس بِمَا عَمِلَتْ , وَأُوتِيَتْ كِتَابهَا بِيَمِينِهَا أَوْ بِشِمَالِهَا , فَتَذَكَّرَتْ عِنْد قِرَاءَته جَمِيع أَعْمَالهَا . وَقِيلَ : هُوَ خَبَر , وَلَيْسَ بِقَسَمٍ , وَهُوَ الصَّحِيح إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
خَاطَبَ بِهَذَا مُنْكَرِي الْبَعْث . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْإِنْسَان هُنَا : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة . وَقَالَ عِكْرِمَة : أُبَيّ بْن خَلَف . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي الْأَشَدّ بْن كَلَدَة الْجُمَحِيّ . عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا
أَيْ مَا الَّذِي غَرَّك حَتَّى كَفَرْت ؟ " بِرَبِّك الْكَرِيم " أَيْ الْمُتَجَاوِز عَنْك . قَالَ قَتَادَة : غَرَّهُ شَيْطَانه الْمُسَلَّط عَلَيْهِ . الْحَسَن : غَرَّهُ شَيْطَانه الْخَبِيث . وَقِيلَ : حُمْقه وَجَهْله . رَوَاهُ الْحَسَن عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَرَوَى غَالِب الْحَنَفِيّ قَالَ : لَمَّا قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " [ الِانْفِطَار : 6 ] قَالَ : " غَرَّهُ الْجَهْل " وَقَالَ صَالِح بْن مِسْمَار : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ " يَا أَيُّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " ؟ فَقَالَ : " غَرَّهُ جَهْله " . وَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " [ الْأَحْزَاب : 72 ] . وَقِيلَ : غَرَّهُ عَفْو اللَّه , إِذْ لَمْ يُعَاقِبْهُ فِي أَوَّل مَرَّة . قَالَ إِبْرَاهِيم بْن الْأَشْعَث : قِيلَ : لِلْفُضَيْل بْن عِيَاض : لَوْ أَقَامَك اللَّه تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ لَك : " مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " ؟ [ الِانْفِطَار : 6 ] مَاذَا كُنْت تَقُول ؟ قَالَ : كُنْت أَقُول غَرَّنِي سُتُورك الْمُرْخَاة ; لِأَنَّ الْكَرِيم هُوَ السَّتَّار . نَظَمَهُ اِبْن السَّمَّاك فَقَالَ : يَا كَاتِم الذَّنْب أَمَا تَسْتَحِي وَاَللَّه فِي الْخَلْوَة ثَانِيكَا غَرَّك مِنْ رَبّك إِمْهَاله وَسَتْره طُول مَسَاوِيكَا وَقَالَ ذُو النُّون الْمِصْرِيّ : كَمْ مِنْ مَغْرُور تَحْت السَّتْر وَهُوَ لَا يَشْعُر وَأَنْشَدَ أَبُو بَكْر بْن طَاهِر الْأَبْهَرِيّ : يَا مَنْ غَلَا فِي الْعُجْب وَالتِّيهِ وَغَرَّهُ طُول تَمَادِيهِ أَمْلَى لَك اللَّه فَبَارَزْته وَلَمْ تَخَفْ غِبَّ مَعَاصِيه وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ صَاحَ بِغُلَامٍ لَهُ مَرَّات فَلَمْ يُلَبِّهِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالْبَابِ , فَقَالَ : مَا لَك لَمْ تُجِبْنِي ؟ فَقَالَ . لِثِقَتِي بِحِلْمِك , وَأَمْنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ . فَاسْتَحْسَنَ جَوَابه فَأَعْتَقَهُ . وَنَاس يَقُولُونَ : مَا غَرَّك : مَا خَدَعَك وَسَوَّلَ لَك , حَتَّى أَضَعْت مَا وَجَبَ عَلَيْك ؟ وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلَّا وَسَيَخْلُو اللَّه بِهِ يَوْم الْقِيَامَة , فَيَقُول لَهُ : يَا اِبْن آدَم مَاذَا غَرَّك بِي ؟ يَا اِبْن آدَم مَاذَا عَمِلْت فِيمَا عَلِمْت ؟ يَا اِبْن آدَم مَاذَا أَجَبْت الْمُرْسَلِينَ ؟
أَيْ مَا الَّذِي غَرَّك حَتَّى كَفَرْت ؟ " بِرَبِّك الْكَرِيم " أَيْ الْمُتَجَاوِز عَنْك . قَالَ قَتَادَة : غَرَّهُ شَيْطَانه الْمُسَلَّط عَلَيْهِ . الْحَسَن : غَرَّهُ شَيْطَانه الْخَبِيث . وَقِيلَ : حُمْقه وَجَهْله . رَوَاهُ الْحَسَن عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . وَرَوَى غَالِب الْحَنَفِيّ قَالَ : لَمَّا قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " [ الِانْفِطَار : 6 ] قَالَ : " غَرَّهُ الْجَهْل " وَقَالَ صَالِح بْن مِسْمَار : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ " يَا أَيُّهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " ؟ فَقَالَ : " غَرَّهُ جَهْله " . وَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " [ الْأَحْزَاب : 72 ] . وَقِيلَ : غَرَّهُ عَفْو اللَّه , إِذْ لَمْ يُعَاقِبْهُ فِي أَوَّل مَرَّة . قَالَ إِبْرَاهِيم بْن الْأَشْعَث : قِيلَ : لِلْفُضَيْل بْن عِيَاض : لَوْ أَقَامَك اللَّه تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة بَيْن يَدَيْهِ , فَقَالَ لَك : " مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " ؟ [ الِانْفِطَار : 6 ] مَاذَا كُنْت تَقُول ؟ قَالَ : كُنْت أَقُول غَرَّنِي سُتُورك الْمُرْخَاة ; لِأَنَّ الْكَرِيم هُوَ السَّتَّار . نَظَمَهُ اِبْن السَّمَّاك فَقَالَ : يَا كَاتِم الذَّنْب أَمَا تَسْتَحِي وَاَللَّه فِي الْخَلْوَة ثَانِيكَا غَرَّك مِنْ رَبّك إِمْهَاله وَسَتْره طُول مَسَاوِيكَا وَقَالَ ذُو النُّون الْمِصْرِيّ : كَمْ مِنْ مَغْرُور تَحْت السَّتْر وَهُوَ لَا يَشْعُر وَأَنْشَدَ أَبُو بَكْر بْن طَاهِر الْأَبْهَرِيّ : يَا مَنْ غَلَا فِي الْعُجْب وَالتِّيهِ وَغَرَّهُ طُول تَمَادِيهِ أَمْلَى لَك اللَّه فَبَارَزْته وَلَمْ تَخَفْ غِبَّ مَعَاصِيه وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ صَاحَ بِغُلَامٍ لَهُ مَرَّات فَلَمْ يُلَبِّهِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالْبَابِ , فَقَالَ : مَا لَك لَمْ تُجِبْنِي ؟ فَقَالَ . لِثِقَتِي بِحِلْمِك , وَأَمْنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ . فَاسْتَحْسَنَ جَوَابه فَأَعْتَقَهُ . وَنَاس يَقُولُونَ : مَا غَرَّك : مَا خَدَعَك وَسَوَّلَ لَك , حَتَّى أَضَعْت مَا وَجَبَ عَلَيْك ؟ وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلَّا وَسَيَخْلُو اللَّه بِهِ يَوْم الْقِيَامَة , فَيَقُول لَهُ : يَا اِبْن آدَم مَاذَا غَرَّك بِي ؟ يَا اِبْن آدَم مَاذَا عَمِلْت فِيمَا عَلِمْت ؟ يَا اِبْن آدَم مَاذَا أَجَبْت الْمُرْسَلِينَ ؟
أَيْ قَدَّرَ خَلْقك مِنْ نُطْفَة
فِي بَطْن أُمِّكَ , وَجَعَلَ لَكَ يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ وَعَيْنَيْنِ وَسَائِر أَعْضَائِك
أَيْ جَعَلَك مُعْتَدِلًا سَوِيّ الْخَلْق ; كَمَا يُقَال : هَذَا شَيْء مُعَدَّل . وَهَذِهِ قِرَاءَة الْعَامَّة وَهِيَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم ; قَالَ الْفَرَّاء : وَأَبُو عُبَيْد : يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى : " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان فِي أَحْسَن تَقْوِيم " [ التِّين : 4 ] . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ : عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ : " فَعَدَلَكَ " مُخَفَّفًا أَيْ : أَمَالَك وَصَرَفَك إِلَى أَيّ صُورَة شَاءَ , إِمَّا حَسَنًا وَإِمَّا قَبِيحًا , وَإِمَّا طَوِيلًا وَإِمَّا قَصِيرًا . وَقَالَ [ مُوسَى بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَبَاح اللَّخْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه ] قَالَ : قَالَ لِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ النُّطْفَة إِذَا اِسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَحْضَرَهَا اللَّه كُلّ نَسَب بَيْنهَا وَبَيْن آدَم " . أَمَا قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة
فِي بَطْن أُمِّكَ , وَجَعَلَ لَكَ يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ وَعَيْنَيْنِ وَسَائِر أَعْضَائِك
أَيْ جَعَلَك مُعْتَدِلًا سَوِيّ الْخَلْق ; كَمَا يُقَال : هَذَا شَيْء مُعَدَّل . وَهَذِهِ قِرَاءَة الْعَامَّة وَهِيَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم ; قَالَ الْفَرَّاء : وَأَبُو عُبَيْد : يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى : " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان فِي أَحْسَن تَقْوِيم " [ التِّين : 4 ] . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ : عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ : " فَعَدَلَكَ " مُخَفَّفًا أَيْ : أَمَالَك وَصَرَفَك إِلَى أَيّ صُورَة شَاءَ , إِمَّا حَسَنًا وَإِمَّا قَبِيحًا , وَإِمَّا طَوِيلًا وَإِمَّا قَصِيرًا . وَقَالَ [ مُوسَى بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَبَاح اللَّخْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه ] قَالَ : قَالَ لِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ النُّطْفَة إِذَا اِسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَحْضَرَهَا اللَّه كُلّ نَسَب بَيْنهَا وَبَيْن آدَم " . أَمَا قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة
فِيمَا بَيْنك وَبَيْن آدَم , وَقَالَ عِكْرِمَة وَأَبُو صَالِح : " فِي أَيّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَك " إِنْ شَاءَ فِي صُورَة إِنْسَان , وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَة حِمَار , وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَة قِرْد , وَإِنْ شَاءَ فِي صُورَة خِنْزِير . وَقَالَ مَكْحُول : إِنْ شَاءَ ذَكَرًا , وَإِنْ شَاءَ أُنْثَى . قَالَ مُجَاهِد : " فِي أَيّ صُورَة " أَيْ فِي أَيّ شَبَه مِنْ أَب أَوْ أُمّ أَوْ عَمّ أَوْ خَال أَوْ غَيْرهمْ . وَ " فِي " مُتَعَلِّقَة بِـ " رَكَّبَك " , وَلَا تَتَعَلَّق بِـ " عَدَلَكَ " , عَلَى قِرَاءَة مَنْ خَفَّفَ ; لِأَنَّك تَقُول عَدَلْت إِلَى كَذَا , وَلَا تَقُول عَدَلْت فِي كَذَا ; وَلِذَلِكَ مَنَعَ الْفَرَّاء التَّخْفِيف ; لِأَنَّهُ قَدَّرَ " فِي " مُتَعَلِّقَة بِـ " عَدَّلَكَ " , وَ " مَا " يَجُوز أَنْ تَكُون صِلَة مُؤَكِّدَة ; أَيْ فِي أَيّ صُورَة شَاءَ رَكَّبَكَ . وَيَجُوز أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّة أَيْ إِنْ شَاءَ رَكَّبَك فِي غَيْر صُورَة الْإِنْسَان مِنْ صُورَة قِرْد أَوْ حِمَار أَوْ خِنْزِير , فَـ " مَا " بِمَعْنَى الشَّرْط وَالْجَزَاء ; أَيْ فِي صُورَة مَا شَاءَ يُرَكِّبك رَكَّبَك .
يَجُوز أَنْ تَكُون " كَلَّا " بِمَعْنَى حَقًّا وَ " أَلَا " فَيُبْتَدَأ بِهَا . وَيَجُوز أَنْ تَكُون بِمَعْنَى " لَا " , عَلَى أَنْ يَكُون الْمَعْنَى لَيْسَ الْأَمْر كَمَا تَقُولُونَ مِنْ أَنَّكُمْ فِي عِبَادَتِكُمْ غَيْر اللَّه مُحِقُّونَ . يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : " مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم " [ الِانْفِطَار : 6 ] وَكَذَلِكَ يَقُول الْفَرَّاء : يَصِير الْمَعْنَى : لَيْسَ كَمَا غَرَرْت بِهِ . وَقِيلَ : أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَمَا يَقُولُونَ , مِنْ أَنَّهُ لَا بَعْث . وَقِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الرَّدْع وَالزَّجْر . أَيْ لَا تَغْتَرُّوا بِحِلْمِ اللَّه وَكَرَمِهِ , فَتَتْرُكُوا التَّفَكُّر فِي آيَاتِهِ . اِبْن الْأَنْبَارِيّ : الْوَقْف الْجَيِّد عَلَى " الدِّين " , وَعَلَى " رَكَّبَك " , وَالْوَقْف عَلَى " كَلَّا " قَبِيح . " بَلْ تُكَذِّبُونَ " يَا أَهْل مَكَّة " بِالدِّينِ " أَيْ بِالْحِسَابِ , وَ " بَلْ " لِنَفْيِ شَيْء تَقَدَّمَ وَتَحْقِيق غَيْره . وَإِنْكَارهمْ لِلْبَعْثِ كَانَ مَعْلُومًا , وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر فِي هَذِهِ السُّورَة .
أَيْ رُقَبَاء مِنْ الْمَلَائِكَة
أَيْ عَلَيَّ ; كَقَوْلِهِ : " كَرَامٍ بَرَرَة " [ عَبَسَ : 16 ] . وَهُنَا ثَلَاث مَسَائِل : الْأُولَى : رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَكْرِمُوا الْكِرَام الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لَا يُفَارِقُونَكُمْ إِلَّا عِنْد إِحْدَى حَالَتَيْنِ : الْخَرَاءَة أَوْ الْجِمَاع , فَإِذَا اِغْتَسَلَ أَحَدكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِجِرْمٍ [ حَائِط ] أَوْ بِغَيْرِهِ , أَوْ لِيَسْتُرهُ أَخُوهُ ) . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : ( لَا يَزَال الْمَلَك مُولِيًا عَنْ الْعَبْد مَا دَامَ بَادِي الْعَوْرَة ) وَرُوِيَ ( إِنَّ الْعَبْد إِذَا دَخَلَ الْحَمَّام بِغَيْرِ مِئْزَر لَعَنَهُ مَلَكَاهُ ) . الثَّانِيَة : وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي الْكُفَّار هَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَة أَمْ لَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : لَا ; لِأَنَّ أَمْرَهُمْ ظَاهِر , وَعَمَلُهُمْ وَاحِد ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : " يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ " [ الرَّحْمَن : 41 ] . وَقِيلَ : بَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَة ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ . وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ " [ الِانْفِطَار : 9 - 12 ] . وَقَالَ : " وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ " [ الْحَاقَّة : 25 ] وَقَالَ : " وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه وَرَاء ظَهْرِهِ " [ الِانْشِقَاق : 10 ] , فَأَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّار يَكُون لَهُمْ كِتَاب , وَيَكُون عَلَيْهِمْ حَفَظَة . فَإِنْ قِيلَ : الَّذِي عَلَى يَمِينه أَيّ شَيْء يَكْتُب وَلَا حَسَنَة لَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : الَّذِي يَكْتُب عَنْ شِمَاله يَكُون بِإِذْنِ صَاحِبه , وَيَكُون شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكْتُب . وَاَللَّه أَعْلَم . الثَّالِثَة : سُئِلَ سُفْيَان : كَيْف تَعْلَم الْمَلَائِكَة أَنَّ الْعَبْد قَدْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَة ؟ قَالَ : إِذَا هَمَّ الْعَبْد بِحَسَنَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ رِيح الْمِسْك , وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ رِيح النَّتِن . وَقَدْ مَضَى فِي " ق " قَوْلُهُ : " مَا يَلْفِظ مِنْ قَوْل إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيد " [ ق : 18 ] زِيَادَة بَيَان لِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَة . وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاء الْكَلَام عَنْ الْغَائِط وَالْجِمَاع , لِمُفَارَقَةِ الْمَلَك الْعَبْد عِنْد ذَلِكَ . وَقَدْ مَضَى فِي آخِر " آلَ عِمْرَان " الْقَوْل فِي هَذَا .
وَعَنْ الْحَسَن : يَعْلَمُونَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ . وَقِيلَ : يَعْلَمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْكُمْ دُون مَا حَدَّثْتُمْ بِهِ أَنْفُسكُمْ . وَاَللَّه أَعْلَم .
أَيْ فِي نَعِيم الْجَنَّة وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى : " فَرِيق فِي الْجَنَّة وَفَرِيق فِي السَّعِير " [ الشُّورَى : 7 ]
تَقْسِيم مِثْل قَوْله : " فَرِيق فِي الْجَنَّة وَفَرِيق فِي السَّعِير " [ الشُّورَى : 7 ] وَقَالَ : " يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ " [ الرُّوم : 43 ] الْآيَتَيْنِ .
أَيْ يُصِيبهُمْ لَهَبُهَا وَحَرُّهَا
أَيْ يَوْم الْجَزَاء وَالْحِسَاب ,
أَيْ يَوْم الْجَزَاء وَالْحِسَاب ,
عَنْ الْجَحِيم ,
كَرَّرَ ذِكْره تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ
نَحْو قَوْلِهِ تَعَالَى : " الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : 1 - 3 ] وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ : كُلّ شَيْء مِنْ الْقُرْآن مِنْ قَوْله : " وَمَا أَدْرَاك " فَقَدْ أَدْرَاهُ . وَكُلّ شَيْء مِنْ قَوْله " وَمَا يُدْرِيك " فَقَدْ طُوِيَ عَنْهُ .
قَرَأَ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو " يَوْم " بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَل مِنْ " يَوْم الدِّين " أَوْ رَدًّا عَلَى الْيَوْم الْأَوَّل , فَيَكُون صِفَة وَنَعْتًا لِـ " يَوْم الدِّين " . وَيَجُوز أَنْ يُرْفَع بِإِضْمَارِ هُوَ . الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ فِي مَوْضِع رَفْع إِلَّا أَنَّهُ , نُصِبَ , لِأَنَّهُ مُضَاف غَيْر مُتِمّكُنَّ ; كَمَا تَقُول : أَعْجَبَنِي يَوْمَ يَقُوم زَيْد . وَأَنْشَدَ الْمُبَرِّد : مِنْ أَيِّ يَوْمَيَّ مِنْ الْمَوْت أَفِرّ أَيَوْمَ لَمْ يُقْدَرْ أَمْ يَوْمَ قُدِرْ فَالْيَوْمَانِ الثَّانِيَانِ مَخْفُوضَانِ بِالْإِضَافَةِ , عَنْ التَّرْجَمَة عَنْ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ , إِلَّا أَنَّهُمَا نُصِبَا فِي اللَّفْظ ; لِأَنَّهُمَا أُضِيفَا إِلَى غَيْر مَحْض . وَهَذَا اِخْتِيَار الْفَرَّاء وَالزَّجَّاج . وَقَالَ قَوْم : الْيَوْم الثَّانِي مَنْصُوب عَلَى الْمَحَلّ , كَأَنَّهُ قَالَ فِي يَوْم لَا تَمْلِك نَفْس لِنَفْسٍ شَيْئًا . وَقِيلَ : بِمَعْنَى : إِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاء تَكُون يَوْم , أَوْ عَلَى مَعْنَى يُدَانُونَ يَوْم ; لِأَنَّ الدِّين يَدُلّ عَلَيْهِ , أَوْ بِإِضْمَارِ اُذْكُرْ .
لَا يُنَازِعهُ فِيهِ أَحَد , كَمَا قَالَ : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار . الْيَوْم تُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْم " [ غَافِر : 16 - 17 ] . تَمَّتْ السُّورَة وَالْحَمْد لِلَّهِ .
لَا يُنَازِعهُ فِيهِ أَحَد , كَمَا قَالَ : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار . الْيَوْم تُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْم " [ غَافِر : 16 - 17 ] . تَمَّتْ السُّورَة وَالْحَمْد لِلَّهِ .