"طس" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ "تِلْكَ" هَذِهِ الْآيَات "آيَات الْقُرْآن" آيَات مِنْهُ "وَكِتَاب مُبِين" مُظْهِر لِلْحَقِّ مِنْ الْبَاطِل عَطْف بِزِيَادَةِ صِفَة
هُوَ "هُدًى" هَادٍ مِنْ الضَّلَالَة "وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ" الْمُصَدِّقِينَ بِهِ بِالْجَنَّةِ
"الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة" يَأْتُونَ بِهَا عَلَى وَجْههَا "وَيُؤْتُونَ" يُعْطُونَ "الزَّكَاة وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" يَعْلَمُونَهَا بِالِاسْتِدْلَالِ وَأُعِيدهُمْ لَمَّا فَصَلَ بَيْنه وَبَيْن الْخَبَر
"إنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ" الْقَبِيحَة بِتَرْكِيبِ الشَّهْوَة حَتَّى رَأَوْهَا حَسَنَة "فَهُمْ يَعْمَهُونَ" يَتَحَيَّرُونَ فِيهَا لِقُبْحِهَا عِنْدنَا
"أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوء الْعَذَاب" أَشَدّه فِي الدُّنْيَا الْقَتْل وَالْأَسْر "وَهُمْ فِي الْآخِرَة هُمْ الْأَخْسَرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ
"وَإِنَّك" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَتُلَقَّى الْقُرْآن" يُلْقَى عَلَيْك بِشِدَّةٍ "مِنْ لَدُنْ" مِنْ عِنْد "حَكِيم عَلِيم" فِي ذَلِكَ
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ↓
اُذْكُر "إذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ" زَوْجَته عِنْد مَسِيره مِنْ مَدْيَن إلَى مِصْر "إنِّي آنَسْت" أَبْصَرْت مِنْ بَعِيد "نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ" عَنْ حَال الطَّرِيق وَكَانَ قَدْ ضَلَّهَا "أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَس" بِالْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ وَتَرَكَهَا أَيْ شُعْلَة نَار فِي رَأْس فَتِيلَة أَوْ عُود "لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ" وَالطَّاء بَدَل مِنْ تَاء الِافْتِعَال مِنْ صَلِيَ بِالنَّارِ بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْحهَا : تَسْتَدْفِئُونَ مِنْ الْبَرْد
فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ↓
"فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ" أَيْ بِأَنْ "بُورِكَ" أَيْ بَارَكَ اللَّه "مَنْ فِي النَّار" أَيْ مُوسَى "وَمَنْ حَوْلهَا" أَيْ الْمَلَائِكَة أَوْ الْعَكْس وَبَارَكَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ وَيَقْدِر بَعْد فِي مَكَان "وَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ" مِنْ جُمْلَة مَا نُودِيَ وَمَعْنَاهُ تَنْزِيه اللَّه مِنْ السُّوء
"يَا مُوسَى إنَّهُ" أَيْ الشَّأْن
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ↓
"وَأَلْقِ عَصَاك" فَأَلْقَاهَا "فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ" تَتَحَرَّك "كَأَنَّهَا جَانّ" حَيَّة خَفِيفَة "وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّب" يَرْجِع "يَا مُوسَى لَا تَخَفْ" مِنْهَا "إنِّي لَا يَخَاف لَدَيَّ" عِنْدِي "الْمُرْسَلُونَ" مِنْ حَيَّة وَغَيْرهَا
"إلَّا" لَكِنْ "مَنْ ظَلَمَ" نَفْسه "ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا" أَتَاهُ "بَعْد سُوء" أَيْ تَابَ "فَإِنِّي غَفُور رَحِيم" أَقْبَل التَّوْبَة وَأَغْفِر لَهُ
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ↓
"وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك" طَوِّقْ قَمِيصك "تَخْرُج" خِلَاف لَوْنهَا مِنْ الْأَدَمَة "بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء" بَرَص لَهَا شُعَاع يُغْشِي الْبَصَر آيَة "فِي تِسْع آيَات" مُرْسَلًا بِهَا
"فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَتنَا مُبْصِرَة" مُضِيئَة وَاضِحَة "قَالُوا هَذَا سِحْر مُبِين" بَيِّن ظَاهِر
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ↓
"وَجَحَدُوا بِهَا" لَمْ يُقِرُّوا "وَ" قَد "اسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ" أَيْ تَيَقَّنُوا أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه "ظُلْمًا وَعُلُوًّا" تَكَبُّرًا عَنْ الْإِيمَان بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى رَاجِع إلَى الْجَحْد "فَانْظُرْ" يَا مُحَمَّد "كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُفْسِدِينَ" الَّتِي عَلِمْتهَا مِنْ إهْلَاكهمْ
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ↓
"وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُود وَسُلَيْمَان" ابْنه "عِلْمًا" بِالْقَضَاءِ بَيْن النَّاس وَمَنْطِق الطَّيْر وَغَيْر ذَلِكَ "وَقَالَا" شُكْرًا لِلَّهِ "الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا" بِالنُّبُوَّةِ وَتَسْخِير الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ↓
"وَوَرِثَ سُلَيْمَان دَاوُود" النُّبُوَّة وَالْعِلْم دُون بَاقِي أَوْلَاده "وَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر" أَيْ : فَهْم أَصْوَاته "وَأُوتِينَا مِنْ كُلّ شَيْء" تُؤْتَاهُ الْأَنْبِيَاء وَالْمُلُوك "إنَّ هَذَا" الْمُؤْتَى "لَهُوَ الْفَضْل الْمُبِين" الْبَيِّن الظَّاهِر
"وَحُشِرَ" جُمِعَ "لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر" فِي مَسِير لَهُ "فَهُمْ يُوزَعُونَ" يَجْمَعُونَ ثُمَّ يُسَاقُونَ
حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ↓
"حَتَّى إذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْل" هُوَ بِالطَّائِفِ أَوْ بِالشَّامِ نَمْلَة صِغَار أَوْ كِبَار "قَالَتْ نَمْلَة" مَلِكَة النَّمْل وَقَدْ رَأَتْ جُنْد سُلَيْمَان "يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ" يَكْسِرَنكُمْ "سُلَيْمَان وَجُنُوده وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" نَزَّلَ النَّمْل مَنْزِلَة الْعُقَلَاء فِي الْخِطَاب بِخِطَابِهِمْ
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ↓
"فَتَبَسَّمَ" سُلَيْمَان ابْتِدَاء "ضَاحِكًا" انْتِهَاء "مِنْ قَوْلهَا" وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَلَاثَة أَمْيَال حَمَلَتْهُ إلَيْهِ الرِّيح فَحَبَسَ جُنْده حِين أَشْرَفَ عَلَى وَادِيهمْ حَتَّى دَخَلُوا بُيُوتهمْ وَكَانَ جُنْده رُكْبَانًا وَمُشَاة فِي هَذَا السَّيْر "وَقَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي" أَلْهِمْنِي "أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت" بِهَا "عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيّ وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ" الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء
"وَتَفَقَّدَ الطَّيْر" لِيَرَى الْهُدْهُد الَّذِي يَرَى الْمَاء تَحْت الْأَرْض وَيَدُلّ عَلَيْهِ بِنَقْرِهِ فِيهَا فَتَسْتَخْرِجهُ الشَّيَاطِين لِاحْتِيَاجِ سُلَيْمَان إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَرَهُ "فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد" أَيْ أَعْرِضْ لِي مَا مَنَعَنِي مِنْ رُؤْيَته ؟ "أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ" فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْبَتِهِ فَلَمَّا تَحَقَّقَهَا
قَالَ "لَأُعَذِّبَنهُ عَذَابًا" تَعْذِيبًا "شَدِيدًا" بِنَتْفِ رِيشه وَذَنَبه وَرَمْيه فِي الشَّمْس فَلَا يَمْتَنِع مِنْ الْهَوَامّ "أَوْ لَأَذْبَحَنهُ" بِقَطْعِ حُلْقُومه "أَوْ لَيَأْتِيَنِّي" بِنُونٍ مُشَدَّدَة مَكْسُورَة أَوْ مَفْتُوحَة يَلِيهَا نُون مَكْسُورَة "بِسُلْطَانٍ مُبِين" بِبُرْهَانٍ بَيِّن ظَاهِر عَلَى عُذْره
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ↓
"فَمَكَثَ" بِضَمِّ الْكَاف وَفَتْحهَا "غَيْر بَعِيد" يَسِيرًا مِنْ الزَّمَن وَحَضَرَ لِسُلَيْمَان مُتَوَاضِعًا بِرَفْعِ رَأْسه وَإِرْخَاء ذَنَبه وَجَنَاحَيْهِ فَعَفَا عَنْهُ وَسَأَلَهُ عَمَّا لَقِيَ فِي غَيْبَته "فَقَالَ أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ" أَيْ : اطَّلَعْت عَلَى مَا لَمْ تَطْلُع عَلَيْهِ "وَجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ" بِالصَّرْفِ وَتَرْكه قَبِيلَة بِالْيَمَنِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدّ لَهُمْ بِاعْتِبَارِهِ صُرِفَ "بِنَبَإٍ" خَبَر
"إنِّي وَجَدْت امْرَأَة تَمْلِكهُمْ" أَيْ : هِيَ مَلِكَة لَهُمْ اسْمهَا بِلْقِيس "وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء" يَحْتَاج إلَيْهِ الْمُلُوك مِنْ الْآلَة وَالْعُدَّة "وَلَهَا عَرْش" سَرِير "عَظِيم" طُوله ثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضه أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَارْتِفَاعه ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا مَضْرُوب مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة مُكَلَّل بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد وَقَوَائِمه مِنْ الْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد عَلَيْهِ سَبْعَة أَبْوَاب عَلَى كُلّ بَيْت بَاب مُغْلَق .
وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ↓
"وَجَدْتهَا وَقَوْمهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيل" طَرِيق الْحَقّ
أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ↑
"أَلَا يَسْجُدُوا لِلَّهِ" أَيْ : أَنْ يُسْجِدُوا لَهُ فَزِيدَتْ لَا وَأُدْغِمَ فِيهَا نُون أَنْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : "لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب" وَالْجُمْلَة فِي مَحَلّ مَفْعُول يَهْتَدُونَ بِإِسْقَاطِ إلَى "الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء" مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَخْبُوء مِنْ الْمَطَر وَالنَّبَات "فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيَعْلَم مَا تُخْفُونَ" فِي قُلُوبهمْ "وَمَا تُعْلِنُونَ" بِأَلْسِنَتِهِمْ
"اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم" اسْتِئْنَاف جُمْلَة ثَنَاء مُشْتَمِل عَلَى عَرْش الرَّحْمَن فِي مُقَابَلَة عَرْش بِلْقِيس وَبَيْنهمَا بَوْن عَظِيم
"قَالَ" سُلَيْمَان لِلْهُدْهُدِ "سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت" فِيمَا أَخْبَرْتنَا بِهِ "أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ" أَيْ مِنْ هَذَا النَّوْع فَهُوَ أَبْلَغ مِنْ أَمْ كَذَبْت فِيهِ ثُمَّ دَلَّهُمْ عَلَى الْمَاء فَاسْتَخْرَجَ وَارْتَوُوا وَتَوَضَّئُوا وَصَلَّوْا ثُمَّ كَتَبَ سُلَيْمَان كِتَابًا صُورَته ( مِنْ عَبْد اللَّه سُلَيْمَان بْن دَاوُد إلَى بِلْقِيس مَلِكَة سَبَأ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم السَّلَام عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْد فَلَا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ثُمَّ طَبَعَهُ بِالْمِسْكِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْهُدْهُدِ
"اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إلَيْهِمْ" أَيْ بِلْقِيس وَقَوْمهَا "ثُمَّ تَوَلَّ" انْصَرِفْ "عَنْهُمْ" وَقَفَ قَرِيبًا مِنْهُمْ "فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ" يَرُدُّونَ مِنْ الْجَوَاب فَأَخَذَهُ وَأَتَاهَا وَحَوْلهَا جُنْدهَا وَأَلْقَاهَا فِي حِجْرهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ ارْتَعَدَتْ وَخَضَعَتْ خَوْفًا ثُمَّ وَقَفَتْ عَلَى مَا فِيهِ
ثُمَّ "قَالَتْ" لِأَشْرَافِ قَوْمهَا "يَا أَيّهَا الْمَلَأ إنِّي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا مَكْسُورَة "كَرِيم" مَخْتُوم
"إنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ" أَيْ مَضْمُونه