"الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ
"أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا" أَيْ : بِقَوْلِهِمْ "آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ" يُخْتَبَرُونَ بِمَا يَتَبَيَّن بِهِ حَقِيقَة إيمَانهمْ نَزَلَ فِي جَمَاعَة آمَنُوا فَآذَاهُمْ الْمُشْرِكُونَ
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ↓
"وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ فَلَيَعْلَمَن اللَّه الَّذِينَ صَدَقُوا" فِي إيمَانهمْ عِلْم مُشَاهَدَة "وَلَيَعْلَمَن الْكَاذِبِينَ" فِيهِ
"أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات" الشِّرْك وَالْمَعَاصِي "أَنْ يَسْبِقُونَا" يَفُوتُونَا فَلَا نَنْتَقِم مِنْهُمْ "سَاءَ" بِئْسَ "مَا" الَّذِي "يَحْكُمُونَ" يَحْكُمُونَهُ حُكْمهمْ هَذَا
"مَنْ كَانَ يَرْجُو" يَخَاف "لِقَاء اللَّه فَإِنَّ أَجَل اللَّه" بِهِ "لَآتٍ" فَلْيَسْتَعِدَّ لَهُ "وَهُوَ السَّمِيع" لِأَقْوَالِ الْعِبَاد "الْعَلِيم" بِأَفْعَالِهِمْ
"وَمَنْ جَاهَدَ" جِهَاد حَرْب أَوْ نَفْس "فَإِنَّمَا يُجَاهِد لِنَفْسِهِ" فَإِنَّ مَنْفَعَة جِهَاده لَهُ لَا لِلَّهِ "إنَّ اللَّه لَغَنِيّ عَنْ الْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَعَنْ عِبَادَتهمْ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ↓
"وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ" بِعَمَلِ الصَّالِحَات "وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَحْسَن" بِمَعْنَى : حَسَن وَنَصَبَهُ بِنَزْعِ الْخَافِض الْبَاء "الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ" وَهُوَ الصَّالِحَات
وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ↓
"وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حَسَنًا" أَيْ إيصَاء ذَا حُسْن بِأَنْ يَبَرّهُمَا "وَإِنْ جَاهَدَاك لِتُشْرِك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ" بِإِشْرَاكِهِ "عِلْم" مُوَافَقَة لِلْوَاقِعِ فَلَا مَفْهُوم لَهُ "فَلَا تُطِعْهُمَا" فِي الْإِشْرَاك "إلَيَّ مَرْجِعكُمْ فَأُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" فَأُجَازِيكُمْ بِهِ
"وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ" الْأَنْبِيَاء وَالْأَوْلِيَاء بِأَنْ نَحْشُرهُمْ مَعَهُمْ
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ↓
"وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّه جَعَلَ فِتْنَة النَّاس" أَيْ أَذَاهُمْ لَهُ "كَعَذَابِ اللَّه" فِي الْخَوْف مِنْهُ فَيُطِيعهُمْ فَيُنَافِق "وَلَئِنْ" لَام قَسَم "جَاءَ نَصْر" لِلْمُؤْمِنِينَ "مِنْ رَبّك" فَغَنِمُوا "لَيَقُولَن" حُذِفَتْ مِنْهُ نُون الرَّفْع لِتَوَالِي النُّونَات وَالْوَاو ضَمِير الْجَمْع لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ "إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ" فِي الْإِيمَان فَأَشْرِكُونَا فِي الْغَنِيمَة "أَوَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم" أَيْ بِعَالِمٍ "بِمَا فِي صُدُور الْعَالَمِينَ" بِقُلُوبِهِمْ مِنْ الْإِيمَان وَالنِّفَاق ؟ بَلَى
"وَلَيَعْلَمَن اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا" بِقُلُوبِهِمْ "وَلَيَعْلَمَن الْمُنَافِقِينَ" فَيُجَازِي الْفَرِيقَيْنِ وَاللَّام فِي الْفِعْلَيْنِ لَام قَسَم
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ↓
"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلنَا" دِيننَا "وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ" فِي اتِّبَاعنَا إنْ كَانَتْ وَالْأَمْر بِمَعْنَى الْخَبَر "وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْء إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" فِي ذَلِكَ
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ↓
"وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهمْ" أَوْزَارهمْ "وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالهمْ" بِقَوْلِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ "اتَّبِعُوا سَبِيلنَا" وَإِضْلَالهمْ مُقَلِّدِيهِمْ "وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْم الْقِيَامَة عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ" يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّه سُؤَال تَوْبِيخ وَاللَّام فِي الْفِعْلَيْنِ لَام قَسَم وَحُذِفَ فَاعِلهمَا الْوَاو وَنُون الرَّفْع
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ↓
"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلَى قَوْمه" وَعُمُره أَرْبَعُونَ سَنَة أَوْ أَكْثَر "فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْف سَنَة إلَّا خَمْسِينَ عَامًا" يَدْعُوهُمْ إلَى تَوْحِيد اللَّه فَكَذَّبُوهُ "فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَان" أَيْ الْمَاء الْكَثِير طَافَ بِهِمْ وَعَلَاهُمْ فَغَرِقُوا "وَهُمْ ظَالِمُونَ" مُشْرِكُونَ
"فَأَنْجَيْنَاهُ" أَيْ نُوحًا "وَأَصْحَاب السَّفِينَة" الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِيهَا "وَجَعَلْنَاهَا آيَة" عِبْرَة "لِلْعَالَمِينَ" لِمَنْ بَعْدهمْ مِنْ النَّاس إنْ عَصَوْا رُسُلهمْ وَعَاشَ نُوح بَعْد الطُّوفَان سِتِّينَ سَنَة أَوْ أَكْثَر حَتَّى كَثُرَ النَّاس
وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ↓
"وَ" اُذْكُرْ "إِبْرَاهِيم إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اُعْبُدُوا اللَّه وَاتَّقُوهُ" خَافُوا عِقَابه "ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ" مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام "إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" الْخَيْر مِنْ غَيْره
إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ↓
"إنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إفْكًا" تَقُولُونَ كَذِبًا إنَّ الْأَوْثَان شُرَكَاء اللَّه "إنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا" لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَرْزُقُوكُمْ "فَابْتَغَوْا عِنْد اللَّه الرِّزْق" اُطْلُبُوهُ مِنْهُ
وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ↓
"وَإِنْ تُكَذِّبُوا" أَيْ تُكَذِّبُونِي يَا أَهْل مَكَّة "فَقَدْ كَذَّبَ أُمَم مِنْ قَبْلكُمْ" مِنْ قَبْلِي "وَمَا عَلَى الرَّسُول إلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين" إلَّا الْبَلَاغ الْبَيِّن فِي هَاتَيْنِ الْقِصَّتَيْنِ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ
أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ↓
"أَوَلَمْ يَرَوْا" بِالْيَاءِ وَالتَّاء يَنْظُرُوا "كَيْفَ يُبْدِئ اللَّه الْخَلْق" هُوَ بِضَمِّ أَوَّله وَقُرِئَ بِفَتْحِهِ مِنْ بَدَأَ وَأَبْدَأ بِمَعْنَى أَيْ يَخْلُقهُمْ ابْتِدَاء "ثُمَّ" هُوَ "يُعِيدهُ" أَيْ الْخَلْق كَمَا بَدَأَهُمْ "إنَّ ذَلِكَ" الْمَذْكُور مِنْ الْخَلْق الْأَوَّل وَالثَّانِي "عَلَى اللَّه يَسِير" فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ الثَّانِي
قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ↓
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق" لِمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ وَأَمَاتَهُمْ "ثُمَّ اللَّه يُنْشِئ النَّشْأَة الْآخِرَة" مَدًّا وَقَصْرًا مَعَ سُكُون الشِّين "إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ الْبَدْء وَالْإِعَادَة
"يُعَذِّب مَنْ يَشَاء" تَعْذِيبه "وَيَرْحَم مَنْ يَشَاء" رَحْمَته "وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ" تُرَدُّونَ
وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ↓
"وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ" رَبّكُمْ عَنْ إدْرَاككُمْ "فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء" لَوْ كُنْتُمْ فِيهَا : أَيْ لَا تَفُوتُونَهُ "وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "مِنْ وَلِيّ" يَمْنَعكُمْ مِنْهُ "وَلَا نَصِير" يَنْصُركُمْ مِنْ عَذَابه
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ↓
"وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّه وَلِقَائِهِ" أَيْ الْقُرْآن وَالْبَعْث "أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي" أَيْ جَنَّتِي "وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
"فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إلَّا أَنْ قَالُوا اُقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّه مِنْ النَّار" الَّتِي قَذَفُوهُ فِيهَا بِأَنْ جَعَلَهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا "إنَّ فِي ذَلِكَ" أَيْ إنْجَائِهِ مِنْهَا "لَآيَات" هِيَ عَدَم تَأْثِيرهَا فِيهِ مَعَ عِظَمهَا وَإِخْمَادهَا وَإِنْشَاء رَوْض مَكَانهَا فِي زَمَن يَسِير "لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" يُصَدِّقُونَ بِتَوْحِيدِ اللَّه وَقُدْرَته لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِهَا
وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ↓
"وَقَالَ" إبْرَاهِيم "إنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْثَانًا" تَعْبُدُونَهَا وَمَا مَصْدَرِيَّة "مَوَدَّة بَيْنكُمْ" خَبَر إنَّ وَعَلَى قِرَاءَة النَّصْب مَفْعُول لَهُ وَمَا كَافَّة الْمَعْنَى : تَوَادَدْتُمْ عَلَى عِبَادَتهَا "فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْم الْقِيَامَة يَكْفُر بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ" يَتَبَرَّأ الْقَادَة مِنْ الْأَتْبَاع "وَيَلْعَن بَعْضكُمْ بَعْضًا" يَلْعَن الْأَتْبَاع الْقَادَة "وَمَأْوَاكُمْ" مَصِيركُمْ جَمِيعًا "النَّار وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" مَانِعِينَ مِنْهَا
"فَآمَنَ لَهُ" صَدَّقَ بِإِبْرَاهِيم "لُوط" وَهُوَ ابْن أَخِيهِ هَارَان "وَقَالَ" إبْرَاهِيم "إنِّي مُهَاجِر" مِنْ قَوْمِي "إلَى رَبِّي" إلَى حَيْثُ أَمَرَنِي رَبِّي وَهَجَرَ قَوْمه وَهَاجَرَ مِنْ سَوَاد الْعِرَاق إلَى الشَّام "إنَّهُ هُوَ الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْحَكِيم" فِي صُنْعه
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ↓
"وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاق" بَعْد إسْمَاعِيل "وَيَعْقُوب" بَعْد إسْحَاق "وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة" فَكُلّ الْأَنْبِيَاء بَعْد إبْرَاهِيم مِنْ ذُرِّيَّته "وَالْكِتَاب" بِمَعْنَى الْكُتُب : أَيْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفُرْقَان "وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا" وَهُوَ الثَّنَاء الْحَسَن فِي كُلّ أَهْل الْأَدْيَان إنَّ اسْتِعْمَال عِبَارَة الشَّرَائِع بَدَل الْأَدْيَان أَدَقّ وَأَوْفَق لِأَنَّهُ لَا دِين صَحِيح إلَّا الْإِسْلَام وَدِين كُلّ نَبِيّ مِنْ الْأَنْبِيَاء هُوَ الْإِسْلَام إنَّمَا الشَّرَائِع أَيْ الْأَحْكَام هِيَ الَّتِي تَخْتَلِف "وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَة لَمِنْ الصَّالِحِينَ" الَّذِينَ لَهُمْ الدَّرَجَات الْعُلَى
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ↓
"وَ" اُذْكُرْ "لُوطًا إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَإِنَّكُمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ "لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة" أَيْ : أَدْبَار الرِّجَال "مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ" الْإِنْس وَالْجِنّ
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ↓
"أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل" طَرِيق الْمَارَّة بِفِعْلِكُمْ الْفَاحِشَة بِمَنْ يَمُرّ بِكُمْ فَتَرَكَ النَّاس الْمَمَرّ بِكُمْ "وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ" أَيْ مُتَحَدَّثكُمْ "الْمُنْكَر" فِعْل الْفَاحِشَة بَعْضكُمْ بِبَعْضٍ "فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّه إنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ" فِي اسْتِقْبَاح ذَلِكَ وَأَنَّ الْعَذَاب نَازِل بِفَاعِلِيهِ
"قَالَ رَبّ اُنْصُرْنِي" بِتَحْقِيقِ قَوْلِي فِي إنْزَال الْعَذَاب "عَلَى الْقَوْم الْمُفْسِدِينَ" الْعَاصِينَ بِإِتْيَانِ الرِّجَال فَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاءَهُ