الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ↓
"الْحَمْد لِلَّهِ" حَمِدَ تَعَالَى نَفْسه بِذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ فِي أَوَّل سُورَة سَبَأ "فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض" خَالِقهمَا عَلَى غَيْر مِثَال سَبَقَ "جَاعِل الْمَلَائِكَة رُسُلًا" إلَى الْأَنْبِيَاء "أُولِي أَجْنِحَة مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع يَزِيد فِي الْخَلْق" فِي الْمَلَائِكَة وَغَيْرهَا
مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ↓
"مَا يَفْتَح اللَّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَة" كَرِزْقٍ وَمَطَر "فَلَا مُمْسِك لَهَا وَمَا يُمْسِك" مِنْ ذَلِكَ "فَلَا مُرْسِل لَهُ مِنْ بَعْده" أَيْ بَعْد إمْسَاكه "وَهُوَ الْعَزِيز" الْغَالِب عَلَى أَمْره "الْحَكِيم" فِي فِعْله
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ↓
"يَا أَيّهَا النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ" بِإِسْكَانِكُمْ الْحَرَم وَمَنْع الْغَارَات عَنْكُمْ "هَلْ مِنْ خَالِق" مِنْ زَائِدَة وَخَالِق مُبْتَدَأ "غَيْر اللَّه" بِالرَّفْعِ وَالْجَرّ نَعْت لِخَالِقٍ لَفْظًا وَمَحَلًّا وَخَبَر الْمُبْتَدَأ "يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء" الْمَطَر "وَالْأَرْض" النَّبَات وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ أَيْ لَا خَالِق رَازِق غَيْره "لَا إلَه إلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" مِنْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ عَنْ تَوْحِيده مَعَ إقْرَاركُمْ بِأَنَّهُ الْخَالِق الرَّازِق
"وَإِنْ يُكَذِّبُوك" يَا مُحَمَّد فِي مَجِيئِك بِالتَّوْحِيدِ وَالْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْعِقَاب "فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُل مِنْ قَبْلك" فِي ذَلِكَ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرُوا "وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِي الْمُكَذِّبِينَ وَيَنْصُر الْمُرْسَلِينَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ↓
"يَأَيُّهَا النَّاس إنَّ وَعْد اللَّه" بِالْبَعْثِ وَغَيْره "حَقّ فَلَا تَغُرَّنكُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا" عَنْ الْإِيمَان بِذَلِكَ "وَلَا يَغُرَّنكُمْ بِاَللَّهِ" فِي حِلْمه وَإِمْهَاله "الْغَرُور" الشَّيْطَان
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ↓
"إنَّ الشَّيْطَان لَكُمْ عَدُوّ فَاِتَّخِذُوهُ عَدُوًّا" بِطَاعَةِ اللَّه وَلَا تُطِيعُوهُ "إنَّمَا يَدْعُوا حِزْبه" أَتْبَاعه فِي الْكُفْر "لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير" النَّار الشَّدِيدَة
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ↓
"الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَاب شَدِيد وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير" هَذَا بَيَان مَا لِمُوَافِقِي الشَّيْطَان وَمَا لِمُخَالِفِيهِ
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ↓
وَنَزَلَ فِي أَبِي جَهْل وَغَيْره "أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوء عَمَله" بِالتَّمْوِيهِ "فَرَآهُ حَسَنًا" مِنْ مُبْتَدَأ خَبَره : كَمَنْ هَدَاهُ اللَّه ؟ لَا دَلَّ عَلَيْهِ "فَإِنَّ اللَّه يُضِلّ مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ" عَلَى الْمُزَيَّن لَهُمْ "حَسَرَات" بِاغْتِمَامِك أَنْ لَا يُؤْمِنُوا "إنَّ اللَّه عَلِيم بِمَا يَصْنَعُونَ" فَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ↓
"وَاَللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح" وَفِي قِرَاءَة : الرِّيح "فَتُثِير سَحَابًا" الْمُضَارِع لِحِكَايَةِ الْحَال الْمَاضِيَة أَيْ تُزْعِجهُ "فَسُقْنَاهُ" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة "إلَى بَلَد مَيِّت" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف لَا نَبَات بِهَا "فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْض" مِنْ الْبَلَد "بَعْد مَوْتهَا" يُبْسهَا أَيْ أَنْبَتْنَا بِهِ الزَّرْع وَالْكَلَأ "كَذَلِكَ النُّشُور" أَيْ الْبَعْث وَالْإِحْيَاء
مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ↓
"مَنْ كَانَ يُرِيد الْعِزَّة فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا" أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَا تَنَال مِنْهُ إلَّا بِطَاعَتِهِ فَلْيُطِعْهُ "إلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب" يَعْلَمهُ وَهُوَ لَا إلَه إلَّا اللَّه وَنَحْوهَا "وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ" يَقْبَلهُ "وَاَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ" الْمَكَرَات "السَّيِّئَات" بِالنَّبِيِّ فِي دَار النَّدْوَة مِنْ تَقْيِيده أَوْ قَتْله أَوْ إخْرَاجه كَمَا ذَكَرَ فِي الْأَنْفَال "لَهُمْ عَذَاب شَدِيد وَمَكْر أُولَئِكَ هُوَ يَبُور" يُهْلِك
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ↓
"وَاَللَّه خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَاب" بِخَلْقِ أَبِيكُمْ آدَم مِنْهُ "ثُمَّ مِنْ نُطْفَة" أَيْ مِنِّي بِخَلْقِ ذُرِّيَّته مِنْهَا "ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا" ذُكُورًا وَإِنَاثًا "وَمَا تَحْمِل مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَع إلَّا بِعِلْمِهِ" حَال أَيْ مَعْلُومَة لَهُ "وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر" أَيْ مَا يُزَاد فِي عُمُر طَوِيل الْعُمُر "وَلَا يُنْقَص مِنْ عُمُره" أَيْ ذَلِكَ الْمُعَمَّر أَوْ مُعَمَّر آخَر "إلَّا فِي كِتَاب" هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ "إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير" هَيِّن
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ↓
"وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذَاب فُرَات" شَدِيد الْعُذُوبَة "سَائِغ شَرَابه" شُرْبه "وَهَذَا مِلْح أُجَاج" شَدِيد الْمِلْوَحَة "وَمِنْ كُلّ" مِنْهُمَا "تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا" هُوَ السَّمَك "وَتَسْتَخْرِجُونَ" مِنْ الْمِلْح وَقِيلَ مِنْهُمَا "حِلْيَة تَلْبَسُونَهَا" هِيَ اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان "وَتَرَى" تُبْصِر "الْفُلْك" السُّفُن "فِيهِ" فِي كُلّ مِنْهُمَا "مَوَاخِر" تَمْخُر الْمَاء أَيْ تَشُقّهُ بِجَرْيِهَا فِيهِ مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة بِرِيحٍ وَاحِدَة "لِتَبْتَغُوا" تَطْلُبُوا "مِنْ فَضْله" تَعَالَى بِالتِّجَارَةِ "وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" اللَّه عَلَى ذَلِكَ
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ↓
"يُولِج" يُدْخِل اللَّه "اللَّيْل فِي النَّهَار" فَيَزِيد "وَيُولِج النَّهَار" يُدْخِلهُ "فِي اللَّيْل" فَيَزِيد "وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ" مِنْهُمَا "يَجْرِي" فِي فُلْكه "لِأَجَلٍ مُسَمًّى" يَوْم الْقِيَامَة "ذَلِكُمْ اللَّه رَبّكُمْ لَهُ الْمُلْك وَاَلَّذِينَ تَدْعُونَ" تَعْبُدُونَ "مِنْ دُونه" أَيْ غَيْره وَهُمْ الْأَصْنَام "مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير" لِفَاقَةِ النَّوَاة
إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ↓
"إنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا" فَرْضًا "مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ" مَا أَجَابُوكُمْ "وَيَوْم الْقِيَامَة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ" بِإِشْرَاكِكُمْ إيَّاهُمْ مَعَ اللَّه أَيْ يَتَبَرَّءُونَ مِنْكُمْ وَمِنْ عِبَادَتكُمْ إيَّاهُمْ "وَلَا يُنَبِّئك" بِأَحْوَالِ الدَّارَيْنِ "مِثْل خَبِير" عَالِم هُوَ اللَّه تَعَالَى
"يَا أَيّهَا النَّاس أَنْتُمْ الْفُقَرَاء إلَى اللَّه" بِكُلِّ حَال "وَاَللَّه هُوَ الْغَنِيّ" عَنْ خَلْقه "الْحَمِيد" الْمَحْمُود فِي صُنْعه بِهِمْ
"إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد" بَدَلكُمْ
"وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّه بِعَزِيزٍ" شَدِيد
وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ↓
"وَلَا تَزِر" نَفْس "وَازِرَة" آثِمَة أَيْ لَا تَحْمِل "وِزْر" نَفْس "أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ" نَفْس "مُثْقَلَة" بِالْوِزْرِ "إلَى حِمْلهَا" مِنْهُ أَحَدًا لِيَحْمِل بَعْضه "لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ" الْمَدْعُوّ "ذَا قُرْبَى" قَرَابَة كَالْأَبِ وَالِابْن وَعَدَم الْحَمْل فِي الشِّقَّيْنِ حُكْم مِنْ اللَّه "إنَّمَا تُنْذِر الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهمْ بِالْغَيْبِ" أَيْ يَخَافُونَهُ وَمَا رَأَوْهُ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْإِنْذَارِ "وَأَقَامُوا الصَّلَاة" أَدَامُوهَا "وَمَنْ تَزَكَّى" تَطَهَّرَ مِنْ الشِّرْك وَغَيْره "فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ" فَصَلَاحه مُخْتَصّ بِهِ "وَإِلَى اللَّه الْمَصِير" الْمَرْجِع فَيَجْزِي بِالْعَمَلِ فِي الْآخِرَة
"وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير" الْكَافِر وَالْمُؤْمِن
"وَلَا الظُّلُمَات" الْكُفْر "وَلَا النُّور" الْإِيمَان
"وَلَا الظِّلّ وَلَا الْحَرُور" الْجَنَّة وَالنَّار
وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ↓
"وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات" الْمُؤْمِنُونَ وَلَا الْكُفَّار وَزِيَادَة لَا فِي الثَّلَاثَة تَأْكِيد "إنَّ اللَّه يَسْمَع مَنْ يَشَاء" هِدَايَته فَيُجِيبهُ بِالْإِيمَانِ "وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور" أَيْ الْكُفَّار شَبَّهَهُمْ بِالْمَوْتَى فَيُجِيبُونَ
"إنْ" مَا "أَنْتَ إلَّا نَذِير" مُنْذِر لَهُمْ
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ↓
"إنَّا أَرْسَلْنَك بِالْحَقِّ" بِالْهُدَى "بَشِيرًا" مَنْ أَجَابَ إلَيْهِ "وَنَذِيرًا" مَنْ لَمْ يَجِب إلَيْهِ "وَإِنْ" مَا "مِنْ أُمَّة إلَّا خَلَا" سَلَفَ "فِيهَا نَذِير" نَبِيّ يُنْذِرهَا
وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ↓
"وَإِنْ يُكَذِّبُوك" أَيْ أَهْل مَكَّة "فَقَدْ كَذِّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ" الْمُعْجِزَات "وَبِالزُّبُرِ" كَصُحُفِ إبْرَاهِيم "وَبِالْكِتَابِ الْمُنِير" هُوَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرُوا
"ثُمَّ أَخَذَتْ الَّذِينَ كَفَرُوا" بِتَكْذِيبِهِمْ "فَكَيْفَ كَانَ نَكِير" إنْكَارِي عَلَيْهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَالْإِهْلَاك أَيْ هُوَ وَاقِع مَوْقِعه
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ↑
"أَلَمْ تَرَ" تَعْلَم "أَنَّ اللَّه أَنَزَلَ مِنْ السَّمَاء فَأَخْرَجْنَا" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة "بِهِ ثَمَرَات مُخْتَلِفًا أَلْوَانهَا" كَأَخْضَر وَأَحْمَر وَأَصْفَرَ وَغَيْرهَا "وَمِنْ الْجِبَال جُدُد" جَمْع جُدَّة طَرِيق فِي الْجَبَل وَغَيْره "بِيض حُمْر" وَصُفْر "مُخْتَلِف أَلْوَانهَا" بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْف "وَغَرَابِيب سُود" عَطْف عَلَى جُدُد أَيْ صُخُور شَدِيدَة السَّوَاد يُقَال كَثِيرًا : أَسْوَد غِرْبِيب وَقَلِيلًا : غِرْبِيب أَسْوَد
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ↓
"وَمِنْ النَّاس وَالدَّوَابّ وَالْأَنْعَام مُخْتَلِف أَلْوَانه كَذَلِكَ" كَاخْتِلَافِ الثِّمَار وَالْجِبَال "إنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء" بِخِلَافِ الْجُهَّال كَكُفَّارِ مَكَّة "إنَّ اللَّه عَزِيز" فِي مُلْكه "غَفُور" لِذُنُوبِ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ↓
"إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ" يَقْرَءُونَ "كِتَاب اللَّه وَأَقَامُوا الصَّلَاة" أَدَامُوهَا "وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة" زَكَاة وَغَيْرهَا "يَرْجُونَ تِجَارَة لَنْ تَبُور" تُهْلِك
"لِيُوفِيَهُمْ أُجُورهمْ" ثَوَاب أَعْمَالهمْ الْمَذْكُورَة "وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله إنَّهُ غَفُور" لِذُنُوبِهِمْ "شَكُور" لِطَاعَتِهِمْ