الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ ↓
"الْحَمْد" وَهُوَ الْوَصْف بِالْجَمِيلِ ثَابِت "لِلَّهِ" وَهَلْ الْمُرَاد الْإِعْلَام بِذَلِك لِلْإِيمَانِ بِهِ أَوْ الثَّنَاء بِهِ أَوْ هُمَا ؟ احْتِمَالَات أَفْيَدهَا الثَّالِث قَالَهُ الشَّيْخ فِي سُورَة الْكَهْف "الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض" خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا أَعْظَم الْمَخْلُوقَات لِلنَّاظِرِينَ "وَجَعَلَ" خَلَقَ "الظُّلُمَات وَالنُّور" أَي: كُلّ ظُلْمَة وَنُور وَجَمَعَهَا دُونه لِكَثْرَةِ أَسْبَابهَا وَهَذَا مِنْ دَلَائِل وَحْدَانِيّته "ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا" مَعَ قِيَام هَذَا الدَّلِيل "بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ" يُسَوُّونَ غَيْره فِي الْعِبَادَة
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ ↓
"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِين" بِخَلْقِ أَبِيكُمْ آدَم مِنْهُ "ثُمَّ قَضَى أَجَلًا" لَكُمْ تَمُوتُونَ عِنْد انْتِهَائِهِ "وَأَجَل مُسَمًّى" مَضْرُوب "عِنْده" لِبَعْثِكُمْ "ثُمَّ أَنْتُمْ" أَيّهَا الْكُفَّار "تَمْتَرُونَ" تَشُكُّونَ فِي الْبَعْث بَعْد عِلْمكُمْ أَنَّهُ ابْتَدَأَ خَلْقكُمْ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِابْتِدَاء فَهُوَ عَلَى الْإِعَادَة أَقْدَر
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ↓
"وَهُوَ اللَّه" مُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ "فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَعْلَم سِرّكُمْ وَجَهْركُمْ" مَا تُسِرُّونَ وَمَا تَجْهَرُونَ بِهِ بَيْنكُمْ "وَيَعْلَم مَا تَكْسِبُونَ" تَعْمَلُونَ مِنْ خَيْر وَشَرّ
"وَمَا تَأْتِيهِمْ" أَيْ أَهْل مَكَّة "مِنْ" صِلَة "آيَة مِنْ آيَات رَبّهمْ" مِنْ الْقُرْآن
فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ↓
"فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ" بِالْقُرْآنِ "لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاء" عَوَاقِب
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ↓
"أَلَمْ يَرَوْا" فِي أَسْفَارهمْ إلَى الشَّام وَغَيْرهَا "كَمْ" خَبَرِيَّة بِمَعْنَى كَثِيرًا "أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلهمْ مِنْ قَرْن" أُمَّة مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة "مَكَّنَّاهُمْ" أَعْطَيْنَاهُمْ مَكَانًا "فِي الْأَرْض" بِالْقُوَّةِ وَالسِّعَة "مَا لَمْ نُمَكِّن" نُعْطِ "لَكُمْ" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة "وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء" الْمَطَر "عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا" مُتَتَابِعًا "وَجَعَلْنَا الْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ" تَحْت مَسَاكِنهمْ "فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ" بِتَكْذِيبِهِمْ الْأَنْبِيَاء
وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ↓
"وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْك كِتَابًا" مَكْتُوبًا "فِي قِرْطَاس" رَقّ كَمَا اقْتَرَحُوهُ "فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ" أَبْلَغ مَنْ عَايَنُوهُ لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلشَّكِّ "لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ" مَا "هَذَا إلَّا سِحْر مُبِين" تَعَنُّتًا وَعِنَادًا
وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ ↓
"وَقَالُوا لَوْلَا" هَلَّا "أُنْزِلَ عَلَيْهِ" عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَلَك" يُصَدِّقهُ "وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا" كَمَا اقْتَرَحُوا فَلَمْ يُؤْمِنُوا "لَقُضِيَ الْأَمْر" بِهَلَاكِهِمْ "ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ" يُمْهَلُونَ لِتَوْبَةٍ أَوْ مَعْذِرَة كَعَادَةِ اللَّه فِيمَنْ قَبْلهمْ مِنْ إهْلَاكهمْ عِنْد وُجُود مُقْتَرَحهمْ إذَا لَمْ يُؤْمِنُوا
"وَلَوْ جَعَلْنَاهُ" أَيْ الْمُنَزَّل إلَيْهِمْ "مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ" أَيْ الْمَلَك "رَجُلًا" أَيْ عَلَى صُورَته لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ رُؤْيَته إذْ لَا قُوَّة لِلْبَشَرِ عَلَى رُؤْيَة الْمَلَك "و" لَوْ أَنْزَلْنَاهُ وَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا "لَلَبَسْنَا" شَبَّهْنَا "عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ" عَلَى أَنْفُسهمْ بِأَنْ يَقُولُوا مَا هَذَا إلَّا بَشَر مِثْلكُمْ
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ↓
"وَلَقَدْ اُسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلك" فِيهِ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَحَاقَ" نَزَلَ "بِاَلَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" وَهُوَ الْعَذَاب فَكَذَا يَحِيق بِمَنْ اسْتَهْزَأَ بِك
"قُلْ" لَهُمْ "سِيرُوا فِي الْأَرْض ثُمَّ اُنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ" الرُّسُل مِنْ هَلَاكهمْ بِالْعَذَابِ لِيَعْتَبِرُوا
قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ↓
"قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض قُلْ لِلَّهِ" إنْ لَمْ يَقُولُوهُ لَا جَوَاب غَيْره "كَتَبَ عَلَى نَفْسه" قَضَى عَلَى نَفْسه "الرَّحْمَة" فَضْلًا مِنْهُ وَفِيهِ تَلَطُّف فِي دُعَائِهِمْ إلَى الْإِيمَان "لَيَجْمَعَنكُمْ إلَى يَوْم الْقِيَامَة" لِيُجَازِيَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ "لَا رَيْب" شَكّ "فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ" بِتَعْرِيضِهَا لِلْعَذَابِ مُبْتَدَأ خَبَره "فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ"
"وَلَهُ" تَعَالَى "مَا سَكَنَ" حَلَّ "فِي اللَّيْل وَالنَّهَار" أَيْ كُلّ شَيْء فَهُوَ رَبّه وَخَالِقه وَمَالِكه "وَهُوَ السَّمِيع" لِمَا يُقَال "الْعَلِيم" بِمَا يَفْعَل
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ↓
"قُلْ" لَهُمْ "أَغَيْر اللَّه أَتَّخِذ وَلِيًّا" أَعْبُدهُ "فَاطِر السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُبْدِعهمَا "وَهُوَ يُطْعِم" يَرْزُق "وَلَا يُطْعَم" يُرْزَق "قُلْ إنِّي أُمِرْت أَنْ أَكُون أَوَّل مَنْ أَسْلَمَ" لِلَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة "و" قِيلَ لِي "لَا تَكُونَن مِنْ الْمُشْرِكِينَ" بِهِ
"قُلْ إنِّي أَخَاف إنْ عَصَيْت رَبِّي" بِعِبَادَةِ غَيْره "عَذَاب يَوْم عَظِيم" هُوَ يَوْم الْقِيَامَة
"مَنْ يُصْرَف" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْعَذَاب وَلِلْفَاعِلِ أَيْ اللَّه وَالْعَائِد مَحْذُوف "عَنْهُ يَوْمئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ" تَعَالَى أَيْ أَرَادَ لَهُ الْخَيْر "وَذَلِكَ الْفَوْز الْمُبِين" النَّجَاة الظَّاهِرَة
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ↓
"وَإِنْ يَمْسَسْك اللَّه بِضُرٍّ" بَلَاء كَمَرَضٍ وَفَقْر "فَلَا كَاشِف" رَافِع "لَهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْك بِخَيْرٍ" كَصِحَّةٍ وَغِنًى "فَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ مَسَكَ بِهِ وَلَا يَقْدِر عَلَى رَدّه عَنْك غَيْره
"وَهُوَ الْقَاهِر" الْقَادِر الَّذِي لَا يُعْجِزهُ شَيْء مُسْتَعْلِيًا "فَوْق عِبَاده وَهُوَ الْحَكِيم" فِي خَلْقه "الْخَبِير" بِبَوَاطِنِهِمْ كَظَوَاهِرِهِمْ
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ↓
نَزَلَ لَمَّا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ائْتِنَا بِمَنْ يَشْهَد لَك بِالنُّبُوَّةِ فَإِنَّ أَهْل الْكِتَاب أَنْكَرُوك : "قُلْ" لَهُمْ "أَيّ شَيْء أَكْبَر شَهَادَة" تَمْيِيز مُحَوَّل عَنْ الْمُبْتَدَأ "قُلْ اللَّه" إنْ لَمْ يَقُولُوهُ لَا جَوَاب غَيْره هُوَ "شَهِيد بَيْنِي وَبَيْنكُمْ" عَلَى صِدْقِي "وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآن لِأُنْذِركُمْ" أُخَوِّفكُمْ يَا أَهْل مَكَّة "بِهِ وَمَنْ بَلَغَ" عُطِفَ عَلَى ضَمِير أُنْذِركُمْ أَيْ بِلُغَةِ الْقُرْآن مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ "أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّه آلِهَة أُخْرَى" اسْتِفْهَام إنْكَارِيّ "قُلْ" لَهُمْ "لَا أَشْهَد" بِذَلِكَ "قُلْ إنَّمَا هُوَ إلَه وَاحِد وَإِنَّنِي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُونَ" مَعَهُ مِنْ الْأَصْنَام
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ↓
"الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب يَعْرِفُونَهُ" أَيْ مُحَمَّدًا بِنَعْتِهِ فِي كِتَابهمْ "كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ" مِنْهُمْ "فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" بِهِ
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ↓
"وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَظْلَم مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا" بِنِسْبَةِ الشَّرِيك إلَيْهِ "أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ" الْقُرْآن "إنَّهُ" أَيْ الشَّأْن "لَا يُفْلِح الظَّالِمُونَ" بِذَلِكَ
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ↓
"وَ" اذْكُرْ " يَوْم نَحْشُرهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُول لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا" تَوْبِيخًا "أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" أَنَّهُمْ شُرَكَاء اللَّه
"ثُمَّ لَمْ تَكُنْ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "فِتْنَتهمْ" بِالنَّصْبِ وَالرَّفْع أَيْ مَعْذِرَتهمْ "إلَّا أَنْ قَالُوا" أَيْ قَوْلهمْ "وَاَللَّه رَبّنَا" بِالْجَرِّ نَعْت وَالنَّصْب نِدَاء
"اُنْظُرْ" يَا مُحَمَّد "كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسهمْ" بِنَفْيِ الشِّرْك عَنْهُمْ "وَضَلَّ" غَابَ "عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" يَفْتَرُونَهُ عَلَى اللَّه مِنْ شُرَكَاء
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ↓
"وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِع إلَيْك" إذَا قَرَأْت "وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبهمْ أَكِنَّة" أَغْطِيَة لـ "أَنْ" لَا "يَفْقُهُوهُ" يَفْهَمُوا الْقُرْآن "وَفِي آذَانهمْ وَقْرًا" صَمَمًا فَلَا يَسْمَعُونَهُ سَمَاع قَبُول "وَإِنْ يَرَوْا كُلّ آيَة لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إذَا جَاءُوك يُجَادِلُونَك يَقُول الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ" مَا "هَذَا" الْقُرْآن "إلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ" أَكَاذِيب كَالْأَضَاحِيكِ وَالْأَعَاجِيب جَمْع أُسْطُورَة بِالضَّمِّ
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ↓
"وَهُمْ يَنْهَوْنَ" النَّاس "عَنْهُ" عَنْ اتِّبَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَيَنْأَوْنَ" يَتَبَاعَدُونَ "عَنْهُ" فَلَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِب كَانَ يَنْهَى عَنْ أَذَاهُ وَلَا يُؤْمِن بِهِ "وَإِنْ" مَا "يُهْلِكُونَ" بِالنَّأْيِ عَنْهُ "إلَّا أَنْفُسهمْ" لِأَنَّ ضَرَره عَلَيْهِمْ "وَمَا يَشْعُرُونَ" بِذَلِكَ
وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ↓
"وَلَوْ تَرَى" يَا مُحَمَّد "إذْ وُقِفُوا" عُرِضُوا "عَلَى النَّار فَقَالُوا يَا" لِلتَّنْبِيهِ "لَيْتَنَا نُرَدّ" إلَى الدُّنْيَا "وَلَا نُكَذِّب بِآيَاتِ رَبّنَا وَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" بِرَفْعِ الْفِعْلَيْنِ اسْتِئْنَافًا وَنَصْبهمَا فِي جَوَاب التَّمَنِّي وَرَفْع الْأَوَّل وَنَصْب الثَّانِي وَجَوَاب لَوْ رَأَيْت أَمْرًا عَظِيمًا
بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ↓
"بَلْ" لِلْإِضْرَابِ عَنْ إرَادَة الْإِيمَان الْمَفْهُوم مِنْ التَّمَنِّي "بَدَا" ظَهَرَ "لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْل" يَكْتُمُونَ بِقَوْلِهِمْ "وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ" بِشَهَادَةِ جَوَارِحهمْ فَتَمَنَّوْا ذَلِكَ "وَلَوْ رُدُّوا" إلَى الدُّنْيَا فَرْضًا "لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ" مِنْ الشِّرْك "وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" فِي وَعْدهمْ بِالْإِيمَانِ
"وَقَالُوا" أَيْ مُنْكِرُو الْبَعْث "إنْ" مَا "هِيَ" أَيْ الْحَيَاة
وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ↓
"وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا" عُرِضُوا "عَلَى رَبّهمْ" لَرَأَيْت أَمْرًا عَظِيمًا "قَالَ" لَهُمْ عَلَى لِسَان الْمَلَائِكَة تَوْبِيخًا "أَلَيْسَ هَذَا" الْبَعْث وَالْحِسَاب "بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبّنَا" إنَّهُ لَحَقّ "قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ" بِهِ فِي الدُّنْيَا