"المص" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ
كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ↓
هَذَا "كِتَاب أُنْزِلَ إلَيْك" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرك حَرَج" ضِيق "مِنْهُ" أَنْ تُبَلِّغهُ مَخَافَة أَنْ تُكَذَّب "لِتُنْذِر" مُتَعَلِّق بِأُنْزِلَ أَيْ لِلْإِنْذَارِ "بِهِ وَذِكْرَى" تَذْكِرَة "لِلْمُؤْمِنِينَ" بِهِ
اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ↓
قُلْ لَهُمْ "اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ" أَيْ الْقُرْآن "وَلَا تَتَّبِعُوا" تَتَّخِذُوا "مِنْ دُونه" أَيْ اللَّه أَيْ غَيْره "أَوْلِيَاء" تُطِيعُونَهُمْ فِي مَعْصِيَته تَعَالَى "قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء تَتَّعِظُونَ وَفِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الذَّال وَفِي قِرَاءَة بِسُكُونِهَا وَمَا زَائِدَة لِتَأْكِيدِ الْقِلَّة
"وَكَمْ" خَبَرِيَّة مَفْعُول "مِنْ قَرْيَة" أُرِيدَ أَهْلهَا "أَهْلَكْنَاهَا" أَرَدْنَا إهْلَاكهَا "فَجَاءَهَا بَأْسنَا" عَذَابنَا "بَيَاتًا" لَيْلًا "أَوْ هُمْ قَائِلُونَ" نَائِمُونَ بِالظَّهِيرَةِ وَالْقَيْلُولَة اسْتِرَاحَة نِصْف النَّهَار وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْم أَيْ مَرَّة جَاءَهَا لَيْلًا وَمَرَّة جَاءَهَا نَهَارًا
"فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ" قَوْلهمْ
"فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ" أَيْ الْأُمَم عَنْ إجَابَتهمْ الرُّسُل وَعَمَلهمْ فِيمَا بَلَغَهُمْ "وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ" عَنْ الْإِبْلَاغ
"فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ" لَنُخْبِرَنَّهُمْ عَنْ عِلْم بِمَا فَعَلُوهُ "وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ" عَنْ إبْلَاغ الرُّسُل وَالْأُمَم الْخَالِيَة فِيمَا عَمِلُوا
"وَالْوَزْن" لِلْأَعْمَالِ أَوْ لِصَحَائِفِهَا بِمِيزَانٍ لَهُ لِسَان وَكَفَّتَانِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيث كَائِن "يَوْمئِذٍ" أَيْ يَوْم السُّؤَال الْمَذْكُور وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة "الْحَقّ" الْعَدْل صِفَة الْوَزْن "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه" بِالْحَسَنَاتِ "فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ↓
"وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه" بِالسَّيِّئَاتِ "فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ" بِتَصْيِيرِهَا إلَى النَّار "بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ" يَجْحَدُونَ
"وَلَقَدْ مَكَّنَاكُمْ" يَا بَنِي آدَم "فِي الْأَرْض وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِش" بِالْيَاءِ أَسْبَابًا تَعِيشُونَ بِهَا جَمْع مَعِيشَة "قَلِيلًا مَا" لِتَأْكِيدِ الْقِلَّة "تَشْكُرُونَ" عَلَى ذَلِك
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ↓
"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ" أَيْ أَبَاكُمْ آدَم "ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ" أَيْ صَوَّرْنَاهُ وَأَنْتُمْ فِي ظَهْره "ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم" سُجُود تَحِيَّة بِالِانْحِنَاءِ "فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس" أَبَا الْجِنّ كَانَ بَيْن الْمَلَائِكَة
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ↓
"قَالَ" تَعَالَى "مَا مَنَعَك أَلَّا" أَنْ لَا : لَا زَائِدَة "تَسْجُد إذْ" حِين
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ↓
"قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا" أَيْ مِنْ الْجَنَّة وَقِيلَ مِنْ السَّمَاوَات "فَمَا يَكُون" يَنْبَغِي "لَك أَنْ تَتَكَبَّر فِيهَا فَاخْرُجْ" مِنْهَا "إنَّك مِنْ الصَّاغِرِينَ" الذَّلِيلِينَ
"قَالَ أَنْظِرْنِي" أَخِّرْنِي "إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ" أَيْ النَّاس
"قَالَ إنَّك مِنْ الْمُنْظَرِينَ" وَفِي آيَة أُخْرَى "إلَى يَوْم الْوَقْت الْمَعْلُوم" أَيْ يَوْم النَّفْخَة الْأُولَى
"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتنِي" أَيْ بِإِغْوَائِك لِي وَالْبَاء لِلْقَسَمِ وَجَوَابه "لَأَقْعُدَنّ لَهُمْ" أَيْ لِبَنِي آدَم "صِرَاطك الْمُسْتَقِيم" أَيْ عَلَى الطَّرِيق الْمُوصِل إلَيْك
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ↓
"ثُمَّ لَآتِيَنهمْ مِنْ بَيْن أَيْدِيهمْ وَمِنْ خَلْفهمْ وَعَنْ أَيْمَانهمْ وَعَنْ شَمَائِلهمْ" أَيْ مِنْ كُلّ جِهَة فَأَمْنَعهُمْ عَنْ سُلُوكه قَالَ ابْن عَبَّاس وَلَا يَسْتَطِيع أَنْ يَأْتِي مِنْ فَوْقهمْ لِئَلَّا يَحُول بَيْن الْعَبْد وَبَيْن رَحْمَة اللَّه تَعَالَى "وَلَا تَجِد أَكْثَرهمْ شَاكِرِينَ" مُؤْمِنِينَ
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ↓
"قَالَ اُخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا" بِالْهَمْزَةِ مُعَيَّبًا أَوْ مَمْقُوتًا "مَدْحُورًا" مُبْعَدًا عَنْ الرَّحْمَة "لَمَنْ تَبِعَك مِنْهُمْ" مِنْ النَّاس وَاللَّام لِلِابْتِدَاءِ أَوْ مُوَطِّئَة لِلْقَسَمِ وَهُوَ "لَأَمْلَأَن جَهَنَّم مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ" أَيْ مِنْك بِذُرِّيَّتِك وَمِنْ النَّاس وَفِيهِ تَغْلِيب الْحَاضِر عَلَى الْغَائِب وَفِي الْجُمْلَة مَعْنَى جَزَاء مِنْ الشَّرْطِيَّة أَيْ مَنْ تَبِعَك أُعَذِّبهُ
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ↓
"و" قَالَ "يَا آدَم اُسْكُنْ أَنْتَ" تَأْكِيد لِلضَّمِيرِ فِي اُسْكُنْ لِيَعْطِف عَلَيْهِ "وَزَوْجك" حَوَّاء بِالْمَدِّ "الْجَنَّة فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة" بِالْأَكْلِ مِنْهَا وَهِيَ الْحِنْطَة
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ↓
"فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَان" إبْلِيس "لِيُبْدِيَ" يُظْهِر "لَهُمَا مَا وُرِيَ" فَوُعِلَ مِنْ الْمُوَارَاة "عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتهمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَة إلَّا" كَرَاهَة "أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ" وَقُرِئَ بِكَسْرِ اللَّام "أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ" أَيْ وَذَلِكَ لَازِم عَنْ الْأَكْل مِنْهَا كَمَا فِي آيَة أُخْرَى "هَلْ أَدُلّك عَلَى شَجَرَة الْخُلْد وَمُلْك لَا يَبْلَى"
"وَقَاسَمَهُمَا" أَيْ أَقْسَمَ لَهُمَا بِاَللَّهِ "إنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ" فِي ذَلِكَ
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ↑
"فَدَلَّاهُمَا" حَطَّهُمَا عَنْ مَنْزِلَتهمَا "بِغُرُور" مِنْهُ "فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَة" أَيْ أَكَلَا مِنْهَا "بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتهمَا" أَيْ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قُبُله وَقُبُل الْآخَر وَدُبُره وَسُمِّيَ كُلّ مِنْهَا سَوْأَة لِأَنَّ انْكِشَافه يَسُوء صَاحِبه "وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ" أَخَذَا يُلْزِقَانِ "عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَق الْجَنَّة" لِيَسْتَتِرَا بِهِ "وَنَادَاهُمَا رَبّهمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَة وَأَقُلْ لَكُمَا إنَّ الشَّيْطَان لَكُمَا عَدُوّ مُبِين" بَيِّن الْعَدَاوَة وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ
قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ↓
"قَالَا رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا" بِمَعْصِيَتِنَا
قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ↓
"قَالَ اهْبِطُوا" أَيْ آدَم وَحَوَّاء بِمَا اشْتَمَلْتُمَا عَلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتكُمَا "بَعْضكُمْ" بَعْض الذُّرِّيَّة "لِبَعْضٍ عَدُوّ" مِنْ ظُلْم بَعْضهمْ بَعْضًا "وَلَكُمْ فِي الْأَرْض مُسْتَقَرّ" أَيْ مَكَان اسْتِقْرَار "وَمَتَاع" تَمَتُّع "إلَى حِين" تَنْقَضِي فِيهِ آجَالكُمْ
"قَالَ فِيهَا" أَيْ الْأَرْض . "تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ" بِالْبَعْثِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُول
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ↓
"يَا بَنِي آدَم قَدْ أَنَزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا" أَيْ خَلَقْنَاهُ لَكُمْ "يُوَارِي" يَسْتُر "سَوْآتكُمْ وَرِيشًا" وَهُوَ مَا يُتَجَمَّل بِهِ مِنْ الثِّيَاب "وَلِبَاس التَّقْوَى" الْعَمَل الصَّالِح وَالسَّمْت الْحَسَن بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى لِبَاسًا وَالرَّفْع مُبْتَدَأ خَبَره جُمْلَة "ذَلِكَ خَيْر ذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه" دَلَائِل قُدْرَته "لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ" فَيُؤْمِنُونَ فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْخِطَاب
يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ↓
"يَا بَنِي آدَم لَا يَفْتِنَنكُمْ" يُضِلَّنكُمْ "الشَّيْطَان" أَيْ لَا تَتَّبِعُوهُ فَتُفْتَنُوا "كَمَا أَخَرَجَ أَبَوَيْكُمْ" بِفِتْنَتِهِ "مِنْ الْجَنَّة يَنْزِع" حَال "عَنْهُمَا لِبَاسهمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتهمَا إنَّهُ" أَيْ الشَّيْطَان "يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيله" جُنُوده "مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ" لِلطَّاقَةِ أَجْسَادهمْ أَوْ عَدَم أَلْوَانهمْ "إنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِين أَوْلِيَاء" أَعْوَانًا وَقُرَنَاء
وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ↓
"وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة" كَالشِّرْكِ وَطَوَافهمْ بِالْبَيْتِ عُرَاة قَائِلِينَ : لَا نَطُوف فِي ثِيَاب عَصَيْنَا اللَّه فِيهَا فَنُهُوا عَنْهَا "قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا" فَاقْتَدَيْنَا بِهِمْ "وَاَللَّه أَمَرَنَا بِهَا" أَيْضًا "قُلْ" لَهُمْ "إنَّ اللَّه لَا يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ قَالَهُ اسْتِفْهَام إنْكَار
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ↓
"قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ" بِالْعَدْلِ "وَأَقِيمُوا" مَعْطُوف عَلَى مَعْنَى بِالْقِسْطِ أَيْ قَالَ أَقْسِطُوا وَأَقِيمُوا أَوْ قَبْله فَاقْبَلُوا مُقَدَّرًا "وُجُوهكُمْ" لِلَّهِ "عِنْد كُلّ مَسْجِد" أَيْ أَخْلِصُوا لَهُ سُجُودكُمْ "وَادْعُوهُ" اُعْبُدُوهُ "مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين" مِنْ الشِّرْك "كَمَا بَدَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا "تَعُودُونَ" أَيْ يُعِيدكُمْ أَحْيَاء يَوْم الْقِيَامَة
فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ↓
"فَرِيقًا" مِنْكُمْ "هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلَالَة إنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره