وَقَوْله { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } يَقُول : أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ . فَفِي " أَنَّ " وَجْهَانِ مِنْ الْعَرَبِيَّة : إِنْ جُعِلَتْ بَدَلًا مِنْ الْكِتَاب كَانَتْ رَفْعًا بِمَا رُفِعَ بِهِ الْكِتَاب بَدَلًا مِنْهُ ; وَإِنْ جُعِلَ مَعْنَى الْكَلَام : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَنْ لَا تَعْلُو عَلَيَّ كَانَتْ نَصْبًا بِتَعَلُّقِ الْكِتَاب بِهَا . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا وَلَا تَتَعَاظَمُوا عَمَّا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ. كَمَا : 20499 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَمَنَّعُوا مِنْ الَّذِي دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ ; إِنْ اِمْتَنَعْتُمْ جَاهَدْتُكُمْ . فَقُلْت لِابْنِ زَيْد : { أَنْ لَا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا عَلَيَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } ذَلِكَ فِي كِتَاب سُلَيْمَان إِلَيْهَا .
وَقَوْله : { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : وَأَقْبِلُوا إِلَيَّ مُذْعِنِينَ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالطَّاعَة .
وَقَوْله : { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : وَأَقْبِلُوا إِلَيَّ مُذْعِنِينَ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالطَّاعَة .
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَلِكَة سَبَإ لِأَشْرَافِ قَوْمهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } تَقُول : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أَمْرِي الَّذِي قَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْر صَاحِب هَذَا الْكِتَاب الَّذِي أُلْقِيَ إِلَيَّ , فَجَعَلَتْ الْمَشُورَة فُتْيَا .
وَقَوْله : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } تَقُول : مَا كُنْت قَاضِيَة أَمْرًا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدُونِ , فَأُشَاوِركُمْ فِيهِ . كَمَا : 20500 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : دَعَتْ قَوْمهَا تُشَاوِرهُمْ { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي , مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } يَقُول فِي الْكَلَام : مَا كُنْت لِأَقْطَع أَمْرًا دُونك وَلَا كُنْت لِأَقْضِيَ أَمْرًا , فَلِذَلِكَ قَالَتْ : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا } بِمَعْنَى : قَاضِيَة .
وَقَوْله : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } تَقُول : مَا كُنْت قَاضِيَة أَمْرًا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدُونِ , فَأُشَاوِركُمْ فِيهِ . كَمَا : 20500 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : دَعَتْ قَوْمهَا تُشَاوِرهُمْ { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي , مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } يَقُول فِي الْكَلَام : مَا كُنْت لِأَقْطَع أَمْرًا دُونك وَلَا كُنْت لِأَقْضِيَ أَمْرًا , فَلِذَلِكَ قَالَتْ : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا } بِمَعْنَى : قَاضِيَة .
قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ↓
وَقَوْله : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الْمَلَأ مِنْ قَوْم مَلِكَة سَبَإ , إِذْ شَاوَرْتهمْ فِي أَمْرهَا وَأَمْر سُلَيْمَان : نَحْنُ ذَوُو الْقُوَّة عَلَى الْقِتَال , وَالْبَأْس الشَّدِيد فِي الْحَرْب , وَالْأَمْر أَيَّتهَا الْمَلِكَة إِلَيْك فِي الْقِتَال وَفِي تَرْكه , فَانْظُرِي مِنْ الرَّأْي مَا تَرَيْنَ , فَمُرِينَا نَأْتَمِر لِأَمْرِك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20501 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } عَرَضُوا لَهَا الْقِتَال , يُقَاتِلُونَ لَهَا , وَالْأَمْر إِلَيْك بَعْد هَذَا , { فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } . 20502 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَ مَعَ مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف . 20503 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ مَعَ بِلْقِيس مِائَة أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف. * - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : كَانَتْ تَحْت يَد مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل ; وَالْقَيْل بِلِسَانِهِمْ : الْمَلِك تَحْت يَد كُلّ مَلِك مِائَة أَلْف مُقَاتِل .
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمهَا , إِذْ عَرَضُوا عَلَيْهَا أَنْفُسهمْ لِقِتَالِ سُلَيْمَان , إِنْ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة } عَنْوَة وَغَلَبَة { أَفْسَدُوهَا } يَقُول : خَرَّبُوهَا { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } وَذَلِكَ بِاسْتِعْبَادِهِمْ الْأَحْرَار , وَاسْتِرْقَاقهمْ إِيَّاهُمْ ; وَتَنَاهَى الْخَبَر مِنْهَا عَنْ الْمُلُوك فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمَا قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ تَفْعَل الْمُلُوك , إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة عَنْوَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20504 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , فِي قَوْله : { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ أَبُو بَكْر : هَذَا عَنْوَة . 20505 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } قَالَ : إِذَا دَخَلُوهَا عَنْوَة خَرَّبُوهَا. 20506 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ اِبْن عَبَّاس : يَقُول اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنِّي مُرْسِلَة إِلَى سُلَيْمَان , لِتَخْتَبِرهُ بِذَلِكَ وَتَعْرِفهُ بِهِ , أَمَلِك هُوَ , أَمْ نَبِيّ ؟ وَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَل الْهَدِيَّة , وَلَمْ يَرْضَهُ مِنَّا , إِلَّا أَنْ نَتَّبِعهُ عَلَى دِينه , وَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا قَبِلَ الْهَدِيَّة وَانْصَرَفَ . ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 20507 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا , وَنَتَّبِع دِينه , وَنَلْحَق بِهِ . 20508 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : بِجَوَارٍ لِبَاسهمْ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان لِبَاسهمْ لِبَاس الْجَوَارِي . 20509 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَوْلهَا : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : مِائَتَيْ غُلَام وَمِائَتَيْ جَارِيَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : قَوْله : { بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : جَوَارٍ أَلْبَسَتْهُنَّ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان أَلْبَسَتْهُمْ لِبَاس الْجَوَارِي . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ [ مُجَاهِد ] : قَالَتْ : فَإِنْ خَلَّصَ الْجَوَارِي مِنْ الْغِلْمَان , وَرَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ . قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : فَخَلَّصَ سُلَيْمَان بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَلَمْ يَقْبَل هَدِيَّتهَا . 20510 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , قَالَ : أَهْدَتْ لَهُ صَفَائِح الذَّهَب فِي أَوْعِيَة الدِّيبَاج ; فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ سُلَيْمَان أَمَرَ الْجِنّ فَمَوَّهُوا لَهُ الْآجُرّ بِالذَّهَبِ , ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الطُّرُق ; فَلَمَّا جَاءُوا فَرَأَوْهُ مُلْقًى مَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , صَغُرَ فِي أَعْيُنهمْ مَا جَاءُوا بِهِ . 20511 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } الْآيَة , وَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا الرَّجُل إِنْ كَانَ إِنَّمَا هِمَّته الدُّنْيَا فَسَنُرْضِيهِ , وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيد الدِّين فَلَنْ يَقْبَل غَيْره { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } . 20512 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : كَانَتْ بِلْقِيس اِمْرَأَة لَبِيبَة أَدِيبَة فِي بَيْت مُلْك , لَمْ تَمْلِك إِلَّا لِبَقَايَا مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلهَا , إِنَّهُ قَدْ سَيِسَتْ وَسَاسَتْ حَتَّى أَحْكَمَهَا ذَلِكَ , وَكَانَ دِينهَا وَدِين قَوْمهَا فِيمَا ذُكِرَ الزِّنْدِيقِيَّة ; فَلَمَّا قَرَأَتْ الْكِتَاب سَمِعَتْ كِتَابًا لَيْسَ مِنْ كُتُب الْمُلُوك الَّتِي كَانَتْ قَبْلهَا , فَبَعَثَتْ إِلَى الْمَقَاوِلَة مِنْ أَهْل الْيَمَن , فَقَالَتْ لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم , إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } إِلَى قَوْله { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } ثُمَّ قَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَاب لَمْ يَأْتِنِي مِثْله مِنْ مَلِك مِنْ الْمُلُوك قَبْله , فَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل نَبِيًّا مُرْسَلًا فَلَا طَاقَة لَنَا بِهِ وَلَا قُوَّة , وَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل مَلِكًا يُكَاثِر , فَلَيْسَ بِأَعَزّ مِنَّا , وَلَا أَعَدّ . فَهَيَّأَتْ هَدَايَا مِمَّا يُهْدَى لِلْمُلُوكِ , مِمَّا يُفْتَنُونَ بِهِ , فَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ مَلِكًا فَسَيَقْبَلُ الْهَدِيَّة وَيَرْغَب فِي الْمَال , وَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَلَيْسَ لَهُ فِي الدُّنْيَا حَاجَة , وَلَيْسَ إِيَّاهَا يُرِيد , إِنَّمَا يُرِيد أَنْ نَدْخُل مَعَهُ فِي دِينه وَنَتَّبِعهُ عَلَى أَمْره , أَوْ كَمَا قَالَتْ . 20513 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } بَعَثَتْ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , لِبَاسهمْ لِبَاس وَاحِد , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَهُوَ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ , وَنَدْخُل فِي دِينه ; فَزَيَّلَ سُلَيْمَان بَيْن الْغِلْمَان وَالْجَوَارِي , وَرَدَّ الْهَدِيَّة , فَقَالَ { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } . 20514 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ فِي الْهَدَايَا الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا وَصَائِف وَوُصَفَاء يَخْتَلِفُونَ فِي ثِيَابهمْ , لِتَمْيِيزِ الْغِلْمَان مِنْ الْجَوَارِي , قَالَ : فَدَعَا بِمَاءٍ , فَجَعَلَ الْجَوَارِي يَتَوَضَّأْنَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى أَسْفَل , وَجَعَلَ الْغِلْمَان يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى فَوْق . قَالَ : وَكَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث. 20515 - حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : أَرْسَلَتْ بِلَبِنَةٍ مِنْ ذَهَب , وَقَالَتْ : إِنْ كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا عَلِمْته , وَإِنْ كَانَ يُرِيد الْآخِرَة عَلِمْته .
وَقَوْله : { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } تَقُول : فَأَنْظُر بِأَيِّ شَيْء مِنْ خَبَره وَفِعْله فِي هَدِيَّتِي الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ تَرْجِع رُسُلِي , أَبِقَبُولٍ وَانْصِرَاف عَنَّا , أَمْ بِرَدِّ الْهَدِيَّة وَالثَّبَات عَلَى مُطَالَبَتنَا بِاتِّبَاعِهِ عَلَى دِينه ؟ وَأُسْقِطَتْ الْأَلِف مِنْ " مَا " فِي قَوْله { بِمَ } وَأَصْله : بِمَا , لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا كَانَتْ " مَا " بِمَعْنَى : أَيّ , ثُمَّ وَصَلُوهَا بِحَرْفٍ خَافِض أَسْقَطُوا أَلِفهَا تَفْرِيقًا بَيْن الِاسْتِفْهَام وَغَيْره , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } 78 1 و { قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } 4 97 , وَرُبَّمَا أَثْبَتُوا فِيهَا الْأَلِف , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : عَلَامَا قَامَ يَشْتُمنِي لَئِيم كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي تُرَاب وَقَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ } وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَحْده عَلَى النَّحْو الَّذِي بَيَّنَّا فِي قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } 10 83
وَقَوْله : { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } تَقُول : فَأَنْظُر بِأَيِّ شَيْء مِنْ خَبَره وَفِعْله فِي هَدِيَّتِي الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ تَرْجِع رُسُلِي , أَبِقَبُولٍ وَانْصِرَاف عَنَّا , أَمْ بِرَدِّ الْهَدِيَّة وَالثَّبَات عَلَى مُطَالَبَتنَا بِاتِّبَاعِهِ عَلَى دِينه ؟ وَأُسْقِطَتْ الْأَلِف مِنْ " مَا " فِي قَوْله { بِمَ } وَأَصْله : بِمَا , لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا كَانَتْ " مَا " بِمَعْنَى : أَيّ , ثُمَّ وَصَلُوهَا بِحَرْفٍ خَافِض أَسْقَطُوا أَلِفهَا تَفْرِيقًا بَيْن الِاسْتِفْهَام وَغَيْره , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } 78 1 و { قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } 4 97 , وَرُبَّمَا أَثْبَتُوا فِيهَا الْأَلِف , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : عَلَامَا قَامَ يَشْتُمنِي لَئِيم كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي تُرَاب وَقَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ } وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَحْده عَلَى النَّحْو الَّذِي بَيَّنَّا فِي قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } 10 83
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ↓
وَقَوْله : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } . إِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } فَجُعِلَ الْخَبَر فِي مَجِيء سُلَيْمَان عَنْ وَاحِد , وَقَدْ قَالَ قَبْل ذَلِكَ { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَإِنْ كَانَ الرَّسُول كَانَ وَاحِدًا , فَكَيْفَ قِيلَ { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَة فَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } ؟ قِيلَ : هَذَا نَظِير مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ إِظْهَار الْعَرَب الْخَبَر فِي أَمْر كَانَ مِنْ وَاحِد عَلَى وَجْه الْخَبَر , عَنْ جَمَاعَة إِذَا لَمْ يَقْصِد قَصْد الْخَبَر عَنْ شَخْص وَاحِد بِعَيْنِهِ , يُشَار إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ , فَسُمِّيَ فِي الْخَبَر . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الرَّسُول الَّذِي وَجَّهَتْهُ مَلِكَة سَبَإ إِلَى سُلَيْمَان كَانَ أَمْرَأً وَاحِدًا , فَلِذَلِكَ قَالَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } يُرَاد بِهِ : فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُول سُلَيْمَان ; وَاسْتَدَلَّ قَائِلُو ذَلِكَ عَلَى صِحَّة مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ سُلَيْمَان لِلرَّسُولِ : { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه , فَلَمَّا جَاءُوا سُلَيْمَان عَلَى الْجَمْع , وَذَلِكَ لِلَّفْظِ قَوْله : { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَصَلَحَ الْجَمْع لِلَّفْظِ وَالتَّوْحِيد لِلْمَعْنَى .
وَقَوْله : { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا جَاءَ الرَّسُول مِنْ قِبَل الْمَرْأَة بِهَدَايَاهَا : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة " أَتُمِدُّونَنِي " بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء. وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ مِثْل ذَلِكَ , غَيْر أَنَّهُ حَذَفَ الْيَاء مِنْ آخِر ذَلِكَ وَكَسَرَ النُّون الْأَخِيرَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء فِي الْوَصْل وَحَذْفهَا فِي الْوَقْف. وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة بِتَشْدِيدِ النُّون وَإِثْبَات الْيَاء . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات وَجَمِيعهَا صَوَاب , لِأَنَّهَا مَعْرُوفَة فِي لُغَات الْعَرَب , مَشْهُورَة فِي مَنْطِقهَا .
وَقَوْله : { فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } يَقُول : فَمَا آتَانِي اللَّه مِنْ الْمَال وَالدُّنْيَا أَكْثَر مِمَّا أَعْطَاكُمْ مِنْهَا وَأَفْضَل .
يَقُول : مَا أَفْرَح بِهَدِيَّتِكُمْ الَّتِي أَهْدَيْتُمْ إِلَيَّ , بَلْ أَنْتُمْ تَفْرَحُونَ بِالْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدَى إِلَيْكُمْ , لِأَنَّكُمْ أَهْل مُفَاخَرَة بِالدُّنْيَا , وَمُكَاثَرَة بِهَا , وَلَيْسَتْ الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا مِنْ حَاجَتِي , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ مَكَّنَنِي مِنْهَا وَمَلَّكَنِي فِيهَا مَا لَمْ يُمَلِّك أَحَدًا .
وَقَوْله : { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا جَاءَ الرَّسُول مِنْ قِبَل الْمَرْأَة بِهَدَايَاهَا : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة " أَتُمِدُّونَنِي " بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء. وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ مِثْل ذَلِكَ , غَيْر أَنَّهُ حَذَفَ الْيَاء مِنْ آخِر ذَلِكَ وَكَسَرَ النُّون الْأَخِيرَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء فِي الْوَصْل وَحَذْفهَا فِي الْوَقْف. وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة بِتَشْدِيدِ النُّون وَإِثْبَات الْيَاء . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات وَجَمِيعهَا صَوَاب , لِأَنَّهَا مَعْرُوفَة فِي لُغَات الْعَرَب , مَشْهُورَة فِي مَنْطِقهَا .
وَقَوْله : { فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } يَقُول : فَمَا آتَانِي اللَّه مِنْ الْمَال وَالدُّنْيَا أَكْثَر مِمَّا أَعْطَاكُمْ مِنْهَا وَأَفْضَل .
يَقُول : مَا أَفْرَح بِهَدِيَّتِكُمْ الَّتِي أَهْدَيْتُمْ إِلَيَّ , بَلْ أَنْتُمْ تَفْرَحُونَ بِالْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدَى إِلَيْكُمْ , لِأَنَّكُمْ أَهْل مُفَاخَرَة بِالدُّنْيَا , وَمُكَاثَرَة بِهَا , وَلَيْسَتْ الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا مِنْ حَاجَتِي , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ مَكَّنَنِي مِنْهَا وَمَلَّكَنِي فِيهَا مَا لَمْ يُمَلِّك أَحَدًا .
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ↓
{ اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَهَذَا قَوْل سُلَيْمَان لِرَسُولِ الْمَرْأَة { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا وَلَا قُدْرَة لَهُمْ عَلَى دَفْعهمْ عَمَّا أَرَادُوا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20516 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا أَتَتْ الْهَدَايَا سُلَيْمَان فِيهَا الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء , وَالْخَيْل الْعِرَاب , وَأَصْنَاف مِنْ أَصْنَاف الدُّنْيَا , قَالَ لِلرُّسُلِ . الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِي بِهَدِيَّتِكُمْ , وَلَيْسَ رَأْيِي فِيهِ كَرَأْيِكُمْ , فَارْجِعُوا إِلَيْهَا بِمَا جِئْتُمْ بِهِ مِنْ عِنْدهَا , { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } . 20517 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } قَالَ : لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا .
وَقَوْله : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } يَقُول : وَلَنُخْرِجَنَّ مَنْ أَرْسَلَكُمْ مِنْ أَرْضهمْ أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ إِنْ لَمْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20518 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } , أَوْ لَتَأْتِيَنِّي مُسْلِمَة هِيَ وَقَوْمهَا.
وَقَوْله : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } يَقُول : وَلَنُخْرِجَنَّ مَنْ أَرْسَلَكُمْ مِنْ أَرْضهمْ أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ إِنْ لَمْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20518 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } , أَوْ لَتَأْتِيَنِّي مُسْلِمَة هِيَ وَقَوْمهَا.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْحِين الَّذِي قَالَ فِيهِ سُلَيْمَان { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : قَالَ ذَلِكَ حِين أَتَاهُ الْهُدْهُد بِنَبَإ صَاحِبَة سَبَأ , وَقَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } وَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهَا عَرْشًا عَظِيمًا , فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } فَكَانَ اِخْتِبَاره صِدْقه مِنْ كَذِبه بِأَنْ قَالَ لِهَؤُلَاءِ : أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِ هَذِهِ الْمَرْأَة قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَقَالُوا إِنَّمَا كَتَبَ سُلَيْمَان الْكِتَاب مَعَ الْهُدْهُد إِلَى الْمَرْأَة بَعْد مَا صَحَّ عِنْده صِدْق الْهُدْهُد بِمَجِيءِ الْعَالِم بِعَرْشِهَا إِلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفَهُ بِهِ الْهُدْهُد , قَالُوا : وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ مُحَالًا أَنْ يَكْتُب مَعَهُ كِتَابًا إِلَى مَنْ لَا يَدْرِي , هَلْ هُوَ فِي الدُّنْيَا أَمْ لَا ؟ قَالُوا : وَأُخْرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَتَبَ مَعَ الْهُدْهُد كِتَابًا إِلَى الْمَرْأَة قَبْل مَجِيء عَرْشهَا إِلَيْهِ , وَقَبْل عِلْمه صِدْق الْهُدْهُد بِذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ لَهُ { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } مَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يُلِمّ بِخَبَرِهِ الثَّانِي مِنْ إِبْلَاغه إِيَّاهَا الْكِتَاب , أَوْ تَرْك إِبْلَاغه إِيَّاهَا ذَلِكَ , إِلَّا نَحْو الَّذِي عَلِمَ بِخَبَرِهِ الْأَوَّل حِين قَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالُوا : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَاب مَعَهُمْ اِمْتِحَان صِدْقه مِنْ كَذِبه , وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَقُول نَبِيّ اللَّه قَوْلًا لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ قَالَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } عَلِمَ أَنَّ الَّذِي اِمْتَحَنَ بِهِ صِدْق الْهُدْهُد مِنْ كَذِبه هُوَ مَصِير عَرْش الْمَرْأَة إِلَيْهِ , عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْهُدْهُد الشَّاهِد عَلَى صِدْقه , ثُمَّ كَانَ الْكِتَاب مَعَهُ بَعْد ذَلِكَ إِلَيْهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20519 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِنَّ سُلَيْمَان أُوتِيَ مُلْكًا , وَكَانَ لَا يَعْلَم أَنَّ أَحَدًا أُوتِيَ مُلْكًا غَيْره ; فَلَمَّا فَقَدَ الْهُدْهُد سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ جِئْت ؟ وَوَعَدَهُ وَعِيدًا شَدِيدًا بِالْقَتْلِ وَالْعَذَاب , قَالَ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالَ لَهُ سُلَيْمَان : مَا هَذَا النَّبَأ ؟ قَالَ الْهُدْهُد : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة } بِسَبَإ { تَمْلِكهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء ولَهَا عَرْش عَظِيم } فَلَمَّا أَخْبَرَ الْهُدْهُد سُلَيْمَان أَنَّهُ وَجَدَ سُلْطَانًا , أَنْكَرَ أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ فِي الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , فَقَالَ لِمَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ؟ قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } وَهُوَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب فِيهِ اِسْم اللَّه الْأَكْبَر , الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } فَدَعَا بِالِاسْمِ وَهُوَ عِنْده قَائِم , فَاحْتَمَلَ الْعَرْش اِحْتِمَالًا حَتَّى وُضِعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان , وَاَللَّه صَنَعَ ذَلِكَ ; فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَانَ بِالْعَرْشِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ , يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر , أَخْبَرَهُ الْهُدْهُد بِذَلِكَ , فَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ , حَتَّى إِذَا جَاءَ الْهُدْهُد الْمَلِكَة أَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَاب { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } إِلَى { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَتْ لِقَوْمِهَا مَا قَالَتْ { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا , حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة , فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا وَنَتَّبِع دِينه وَنَلْحَق بِهِ , فَرَدَّ سُلَيْمَان الْهَدِيَّة وَزَيَّلَ بَيْنهمْ , فَقَالَ : هَؤُلَاءِ غِلْمَان , وَهَؤُلَاءِ جَوَارٍ , وَقَالَ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } إِلَى آخِر الْآيَة . 20520 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } الْآيَة ; قَالَ : وَأَنْكَرَ سُلَيْمَان أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ عَلَى الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , قَالَ لِمَنْ حَوْله مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا اِخْتَبَرَ صِدْق الْهُدْهُد سُلَيْمَان بِالْكِتَابِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ مَنْ عِنْده إِحْضَاره عَرْش الْمَرْأَة بَعْد مَا خَرَجَتْ رُسُلهَا مِنْ عِنْده , وَبَعْد أَنْ أَقْبَلَتْ الْمَرْأَة إِلَيْهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20521 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهَا الرُّسُل بِمَا قَالَ سُلَيْمَان : قَالَتْ : وَاَللَّه عَرَفْت مَا هَذَا بِمَلِكٍ , وَمَا لَنَا بِهِ طَاقَة , وَمَا نَصْنَع بِمُكَاثَرَتِهِ شَيْئًا , وَبَعَثَتْ : إِنِّي قَادِمَة عَلَيْك بِمُلُوكِ قَوْمِي , حَتَّى أَنْظُر مَا أَمْرك , وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ دِينك . ثُمَّ أَمَرَتْ بِسَرِيرِ مُلْكهَا , الَّذِي كَانَتْ تَجْلِس عَلَيْهِ , وَكَانَ مِنْ ذَهَب مُفَصَّص بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَد وَاللُّؤْلُؤ , فَجُعِلَ فِي سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا فِي بَعْض , ثُمَّ أُقْفِلَتْ عَلَيْهِ الْأَبْوَاب . وَكَانَتْ إِنَّمَا يَخْدُمهَا النِّسَاء , مَعَهَا سِتّ مِائَة اِمْرَأَة يَخْدُمْنَهَا ; ثُمَّ قَالَتْ لِمَنْ خَلَفَتْ عَلَى سُلْطَانهَا , اِحْتَفِظْ بِمَا قِبَلك , وَبِسَرِيرِ مُلْكِي , فَلَا يَخْلُص إِلَيْهِ أَحَد مِنْ عِبَاد اللَّه , وَلَا يَرَيَنه أَحَد حَتَّى آتِيَك ; ثُمَّ شَخَصَتْ إِلَى سُلَيْمَان فِي اِثْنَيْ عَشَر أَلْف قِيلَ مَعَهَا مِنْ مُلُوك الْيَمَن , تَحْت يَد كُلّ قَيْل مِنْهُمْ أُلُوف كَثِيرَة , فَجَعَلَ سُلَيْمَان يَبْعَث الْجِنّ , . فَيَأْتُونَهُ بِمَسِيرِهَا وَمُنْتَهَاهَا كُلّ يَوْم وَلَيْلَة , حَتَّى إِذَا دَنَتْ جَمَعَ مَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس مِمَّنْ تَحْت يَده , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . وَتَأْوِيل الْكَلَام : قَالَ سُلَيْمَان لِأَشْرَافِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جُنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } يَعْنِي سَرِيرهَا. كَمَا : 20522 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : سَرِير فِي أَرِيكَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : عَرْشهَا سَرِير فِي أَرِيكَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَرِير مِنْ ذَهَب , قَوَائِمه مِنْ جَوْهَر وَلُؤْلُؤ . 20523 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } بِسَرِيرِهَا. وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي ذَلِكَ مَا : 20524 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان مَسْأَلَة الْمَلَأ مِنْ جُنْده إِحْضَار عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة مِنْ بَيْن أَمْلَاكهَا قَبْل إِسْلَامهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْجَبَهُ حِين وَصَفَ لَهُ الْهُدْهُد صِفَته , وَخَشِيَ أَنْ تُسْلِم فَيُحَرَّم عَلَيْهِ مَالهَا , فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذ سَرِيرهَا ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُحَرَّم عَلَيْهِ أَخْذه بِإِسْلَامِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20525 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : أَخْبَرَ سُلَيْمَان الْهُدْهُد أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِتَأْتِيهِ , وَأَخْبَرَ بِعَرْشِهَا فَأَعْجَبَهُ . كَانَ مِنْ ذَهَب وَقَوَائِمه مِنْ جَوْهَر مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ , فَعَرَفَ أَنَّهُمْ إِنْ جَاءُوهُ مُسْلِمِينَ لَمْ تَحِلّ لَهُمْ أَمْوَالهمْ , فَقَالَ لِلْجِنِّ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ سُلَيْمَان لِيُعَاتِبهَا بِهِ , وَيَخْتَبِر بِهِ عَقْلهَا , هَلْ تُثْبِتهُ إِذَا رَأَتْهُ , أَمْ تُنْكِرهُ ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20526 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : أَعْلَمَ اللَّه سُلَيْمَان أَنَّهَا سَتَأْتِيهِ , فَقَالَ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } حَتَّى يُعَاتِبهَا , وَكَانَتْ الْمُلُوك يَتَعَاتَبُونَ بِالْعِلْمِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْتَسْلِمِينَ طَوْعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20527 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : طَائِعِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ دِين اللَّه. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20528 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِحُرْمَةِ الْإِسْلَام فَيَمْنَعهُمْ وَأَمْوَالهمْ , يَعْنِي الْإِسْلَام يَمْنَعهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان بِسُؤَالِهِ الْمَلَأ مِنْ جُنْده بِإِحْضَارِهِ عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة دُون سَائِر مُلْكهَا عِنْدنَا , لِيَجْعَل ذَلِكَ حُجَّة عَلَيْهَا فِي نُبُوَّته , وَيُعَرِّفهَا بِذَلِكَ قُدْرَة اللَّه وَعَظِيم شَأْنه , أَنَّهَا خَلَفَتْهُ فِي بَيْت فِي جَوْف أَبْيَات , بَعْضهَا فِي جَوْف بَعْض , مُغْلَق مُقْفَل عَلَيْهَا , فَأَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ كُلّه , بِغَيْرِ فَتْح أَغْلَاق وَأَقْفَال , حَتَّى أَوْصَلَهُ إِلَى وَلِيَّة مِنْ خَلْقه , وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ , فَكَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَعْظَم حُجَّة , عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَاهَا إِلَيْهِ سُلَيْمَان , وَعَلَى صِدْق سُلَيْمَان فِيمَا أَعْلَمهَا مِنْ نُبُوَّته . فَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِتَأْوِيلِهِ , فَقَوْل اِبْن عَبَّاس الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ طَائِعِينَ , لِأَنَّ الْمَرْأَة لَمْ تَأْتِ سُلَيْمَان إِذْ أَتَتْهُ مُسْلِمَة , وَإِنَّمَا أَسْلَمَتْ بَعْد مَقْدِمهَا عَلَيْهِ وَبَعْد مُحَاوَرَة جَرَتْ بَيْنهمَا وَمُسَاءَلَة .
قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ↓
وَقَوْله : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ رَئِيس مِنْ الْجِنّ مَارِد قَوِيّ. وَلِلْعَرَبِ فِيهِ لُغَتَانِ : عِفْرِيت , وَعِفْرِيَة ; فَمَنْ قَالَ : عِفْرِيَة , جَمْعه : عَفَارِيَة ; وَمَنْ قَالَ : عِفْرِيت , جَمْعه : عَفَارِيت. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20529 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } قَالَ : مَارِد مِنْ الْجِنّ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } . 20530 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله . 20531 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ بَعْض أَصْحَابه : { قَالَ عِفْرِيت } قَالَ : دَاهِيَة . 20532 -قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي وَهْب بْن سُلَيْمَان , عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ قَالَ : الْعِفْرِيت الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه اِسْمه : كوزن . 20533 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم : { قَالَ عِفْرِيت } اِسْمه : كوزن .
وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَقُول : أَنَا آتِيك بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقْعَدك هَذَا . وَكَانَ فَمَا ذُكِرَ قَاعِدًا لِلْقَضَاءِ بَيْن النَّاس , فَقَالَ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك هَذَا الَّذِي جَلَسْت فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْن النَّاس. وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُد إِلَى اِنْتِصَاف النَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20534 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20535 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله , قَالَ : وَكَانَ يَقْضِي قَالَ : قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك الَّذِي تَقْضِي فِيهِ . 20536 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَعْنِي مَجْلِسه .
وَقَوْله { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْجَوَاهِر , وَلَا أَخُون فِيهِ . وَقَدْ قِيلَ : أَمِين عَلَى فَرْج الْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20537 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } يَقُول : قَوِيّ عَلَى حَمْله , أَمِين عَلَى فَرْج هَذِهِ .
وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَقُول : أَنَا آتِيك بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقْعَدك هَذَا . وَكَانَ فَمَا ذُكِرَ قَاعِدًا لِلْقَضَاءِ بَيْن النَّاس , فَقَالَ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك هَذَا الَّذِي جَلَسْت فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْن النَّاس. وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُد إِلَى اِنْتِصَاف النَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20534 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20535 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله , قَالَ : وَكَانَ يَقْضِي قَالَ : قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك الَّذِي تَقْضِي فِيهِ . 20536 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَعْنِي مَجْلِسه .
وَقَوْله { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْجَوَاهِر , وَلَا أَخُون فِيهِ . وَقَدْ قِيلَ : أَمِين عَلَى فَرْج الْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20537 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } يَقُول : قَوِيّ عَلَى حَمْله , أَمِين عَلَى فَرْج هَذِهِ .
قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ↓
قَوْله : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ كِتَاب اللَّه , وَكَانَ رَجُلًا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ بَنِي آدَم , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِسْمه بليخا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20538 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَثْمَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ بِشْر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : كَانَ اِسْمه بليخا . 20539 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } رَجُل مِنْ الْإِنْس . 20540 -حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة الْفَزَارِيّ , عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب أَنَا آتِيك بِهِ } قَالَ : أَنَا أَنْظُر فِي كِتَاب رَبِّي , ثُمَّ آتِيك بِهِ { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : فَتَكَلَّمَ ذَلِكَ الْعَالِم بِكَلَامٍ دَخَلَ الْعَرْش تَحْت الْأَرْض حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِمْ . 20541 - حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مُحَمَّد , عَنْ عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : دَعَا الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : يَا إِلَهنَا وَإِلَه كُلّ شَيْء إِلَهًا وَاحِدًا , لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ , اِئْتِنِي بِعَرْشِهَا , قَالَ : فَمَثُلَ بَيْن يَدَيْهِ. 20542 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : رَجُل مِنْ بَنِي آدَم أَحْسَبهُ قَالَ : مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , كَانَ يَعْلَم اِسْم اللَّه الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . 20543 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : الِاسْم الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَهُوَ : يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام . 20544 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لِمَنْ حَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ عِفْرِيت { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , يَعْنِي اِسْم اللَّه إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . 20545 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } لَا آتِيك بِغَيْرِهِ , أَقُول غَيْره أَمْثَله لَك. قَالَ : وَخَرَجَ يَوْمئِذٍ رَجُل عَابِد فِي جَزِيرَة مِنْ الْبَحْر , فَلَمَّا سَمِعَ الْعِفْرِيت { قَالَ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاء اللَّه , فَإِذَا هُوَ يُحْمَل بَيْن عَيْنَيْهِ , وَقَرَأَ : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم } . 20546 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , قَالَ : قَالَ رَجُل مِنْ الْإِنْس . قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : عِلْم اِسْم اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , كَانَ آصف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20547 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { قَالَ عِفْرِيت } لِسُلَيْمَان { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } فَزَعَمُوا أَنَّ سُلَيْمَان بْن دَاوُد قَالَ : أَبْتَغِي أَعْجَل مِنْ هَذَا , فَقَالَ آصف بْن برخيا , وَكَانَ صِدِّيقًا يَعْلَم الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي إِذَا دُعِيَ اللَّه بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى : { أَنَا } يَا نَبِيّ اللَّه { آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } .
وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْك مَنْ كَانَ مِنْك عَلَى مَدّ الْبَصَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20548 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك أَقْصَى مَنْ تَرَى , فَذَلِكَ قَوْله { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك }. 20549 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ غَيْر قَتَادَة : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الشَّخْص مِنْ مَدّ الْبَصَر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَبْلُغ طَرْفك مَدَاهُ وَغَايَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20550 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } تَمُدّ عَيْنَيْك فَلَا يَنْتَهِي طَرْفك إِلَى مَدَاهُ حَتَّى أَمْثُلهُ بَيْن يَدَيْك . قَالَ : ذَلِكَ أُرِيد . 20551 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّهُ قَالَ : اِرْفَعْ طَرْفك مِنْ حَيْثُ يَجِيء , فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ طَرْفه حَتَّى وُضِعَ الْعَرْش بَيْن يَدَيْهِ . 20552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مَدّ بَصَره. * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يُرَدّ الطَّرَف خَاسِئًا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يَحْسِر الطَّرْف . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك طَرْفك مِنْ أَقْصَى أَثَره , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله { يَرْتَدّ إِلَيْك } يَرْجِع إِلَيْك الْبَصَر , إِذَا فَتَحْت الْعَيْن غَيْر رَاجِع , بَلْ إِنَّمَا يَمْتَدّ مَاضِيًا إِلَى أَنْ يَتَنَاهَى مَا اِمْتَدَّ نُوره . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَنَا عَنْ قَائِل ذَلِكَ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ } لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُول : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ رَاجِعًا { إِلَيْك طَرْفك } مِنْ عِنْد مُنْتَهَاهُ .
وَقَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده } يَقُول : فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَان عَرْش مَلِكَة سَبَإ مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَمَّا تُرِكَ , وَهُوَ : فَدَعَا اللَّه , فَأَتَى بِهِ ; فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَذُكِرَ أَنَّ الْعَالِم دَعَا اللَّه , فَغَارَ الْعَرْش فِي الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ , ثُمَّ نَبَعَ مِنْ تَحْت الْأَرْض بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20553 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : ذَكَرُوا أَنَّ آصف بْن برخيا تَوَضَّأَ , ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اُمْدُدْ عَيْنك حَتَّى يَنْتَهِيَ طَرْفك , فَمَدَّ سُلَيْمَان عَيْنه يَنْظُر إِلَيْهِ نَحْو الْيَمَن , وَدَعَا آصف فَانْخَرَقَ بِالْعَرْشِ مَكَانه الَّذِي هُوَ فِيهِ , ثُمَّ نَبَعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان { فَلَمَّا رَآهُ } سُلَيْمَان { مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } الْآيَة . 20554 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : نَبَعَ عَرْشهَا مِنْ تَحْت الْأَرْض .
وَقَوْله : { قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } يَقُول : هَذَا الْبَصَر وَالتَّمَكُّن وَالْمُلْك وَالسُّلْطَان الَّذِي أَنَا فِيهِ حَتَّى حُمِلَ إِلَيَّ عَرْش هَذِهِ فِي قَدْر اِرْتِدَاد الطَّرْف مِنْ مَأْرِب إِلَى الشَّام , مِنْ فَضْل رَبِّي الَّذِي أَفَضَلَهُ عَلَيَّ وَعَطَائِهِ الَّذِي جَادَ بِهِ عَلَيَّ , لِيَبْلُوَنِي , يَقُول : لِيَخْتَبِرَنِي وَيَمْتَحِننِي , أَأَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فِعْله عَلَيَّ , أَمْ أَكْفُر نِعْمَته عَلَيَّ بِتَرْكِ الشُّكْر لَهُ ؟ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ : أَأَشْكُرُ عَلَى عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة إِذْ أُتِيت بِهِ , أَمْ أَكْفُر إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20555 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ } عَلَى السَّرِير إِذْ أَتَيْت بِهِ { أَمْ أَكْفُر } إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ .
وَقَوْله : { وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ شَكَرَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا يَشْكُر طَلَب نَفْع نَفْسه , لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْفَع بِذَلِكَ غَيْر نَفْسه , لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِلَّهِ إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه , وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى شُكْره تَعْرِيضًا مِنْهُ لَهُمْ لِلنَّفْعِ , لَا لِاجْتِلَابٍ مِنْهُ بِشُكْرِهِمْ إِيَّاهُ نَفْعًا إِلَى نَفْسه , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْهَا .
يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعَمه وَإِحْسَانه إِلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , لِنَفْسِهِ ظَلَمَ , وَحَظّهَا بَخَسَ , وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره , لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ , لَا يَضُرّهُ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه , كَرِيم , وَمِنْ كَرَمه إِفْضَاله عَلَى مَنْ يَكْفُر نِعَمه , وَيَجْعَلهَا وُصْلَة يَتَوَصَّل بِهَا إِلَى مَعَاصِيه .
وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْك مَنْ كَانَ مِنْك عَلَى مَدّ الْبَصَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20548 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك أَقْصَى مَنْ تَرَى , فَذَلِكَ قَوْله { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك }. 20549 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ غَيْر قَتَادَة : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الشَّخْص مِنْ مَدّ الْبَصَر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَبْلُغ طَرْفك مَدَاهُ وَغَايَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20550 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } تَمُدّ عَيْنَيْك فَلَا يَنْتَهِي طَرْفك إِلَى مَدَاهُ حَتَّى أَمْثُلهُ بَيْن يَدَيْك . قَالَ : ذَلِكَ أُرِيد . 20551 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّهُ قَالَ : اِرْفَعْ طَرْفك مِنْ حَيْثُ يَجِيء , فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ طَرْفه حَتَّى وُضِعَ الْعَرْش بَيْن يَدَيْهِ . 20552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مَدّ بَصَره. * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يُرَدّ الطَّرَف خَاسِئًا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يَحْسِر الطَّرْف . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك طَرْفك مِنْ أَقْصَى أَثَره , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله { يَرْتَدّ إِلَيْك } يَرْجِع إِلَيْك الْبَصَر , إِذَا فَتَحْت الْعَيْن غَيْر رَاجِع , بَلْ إِنَّمَا يَمْتَدّ مَاضِيًا إِلَى أَنْ يَتَنَاهَى مَا اِمْتَدَّ نُوره . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَنَا عَنْ قَائِل ذَلِكَ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ } لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُول : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ رَاجِعًا { إِلَيْك طَرْفك } مِنْ عِنْد مُنْتَهَاهُ .
وَقَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده } يَقُول : فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَان عَرْش مَلِكَة سَبَإ مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَمَّا تُرِكَ , وَهُوَ : فَدَعَا اللَّه , فَأَتَى بِهِ ; فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَذُكِرَ أَنَّ الْعَالِم دَعَا اللَّه , فَغَارَ الْعَرْش فِي الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ , ثُمَّ نَبَعَ مِنْ تَحْت الْأَرْض بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20553 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : ذَكَرُوا أَنَّ آصف بْن برخيا تَوَضَّأَ , ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اُمْدُدْ عَيْنك حَتَّى يَنْتَهِيَ طَرْفك , فَمَدَّ سُلَيْمَان عَيْنه يَنْظُر إِلَيْهِ نَحْو الْيَمَن , وَدَعَا آصف فَانْخَرَقَ بِالْعَرْشِ مَكَانه الَّذِي هُوَ فِيهِ , ثُمَّ نَبَعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان { فَلَمَّا رَآهُ } سُلَيْمَان { مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } الْآيَة . 20554 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : نَبَعَ عَرْشهَا مِنْ تَحْت الْأَرْض .
وَقَوْله : { قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } يَقُول : هَذَا الْبَصَر وَالتَّمَكُّن وَالْمُلْك وَالسُّلْطَان الَّذِي أَنَا فِيهِ حَتَّى حُمِلَ إِلَيَّ عَرْش هَذِهِ فِي قَدْر اِرْتِدَاد الطَّرْف مِنْ مَأْرِب إِلَى الشَّام , مِنْ فَضْل رَبِّي الَّذِي أَفَضَلَهُ عَلَيَّ وَعَطَائِهِ الَّذِي جَادَ بِهِ عَلَيَّ , لِيَبْلُوَنِي , يَقُول : لِيَخْتَبِرَنِي وَيَمْتَحِننِي , أَأَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فِعْله عَلَيَّ , أَمْ أَكْفُر نِعْمَته عَلَيَّ بِتَرْكِ الشُّكْر لَهُ ؟ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ : أَأَشْكُرُ عَلَى عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة إِذْ أُتِيت بِهِ , أَمْ أَكْفُر إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20555 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ } عَلَى السَّرِير إِذْ أَتَيْت بِهِ { أَمْ أَكْفُر } إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ .
وَقَوْله : { وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ شَكَرَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا يَشْكُر طَلَب نَفْع نَفْسه , لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْفَع بِذَلِكَ غَيْر نَفْسه , لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِلَّهِ إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه , وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى شُكْره تَعْرِيضًا مِنْهُ لَهُمْ لِلنَّفْعِ , لَا لِاجْتِلَابٍ مِنْهُ بِشُكْرِهِمْ إِيَّاهُ نَفْعًا إِلَى نَفْسه , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْهَا .
يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعَمه وَإِحْسَانه إِلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , لِنَفْسِهِ ظَلَمَ , وَحَظّهَا بَخَسَ , وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره , لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ , لَا يَضُرّهُ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه , كَرِيم , وَمِنْ كَرَمه إِفْضَاله عَلَى مَنْ يَكْفُر نِعَمه , وَيَجْعَلهَا وُصْلَة يَتَوَصَّل بِهَا إِلَى مَعَاصِيه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا أَتَى عَرْش بِلْقِيس صَاحِبَة سَبَإ , وَقَدِمَتْ هِيَ عَلَيْهِ , لِجُنْدِهِ : غَيِّرُوا لِهَذِهِ الْمَرْأَة سَرِيرهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20556 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوا . 20557 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : فَلَمَّا أَتَتْهُ { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : وَتَنْكِير الْعَرْش , أَنَّهُ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ . 20558 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوهُ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 20559 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا الَّذِي تَجْلِس فِيهِ . 20560 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول , أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } أَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيهِ , وَيُنْقِصُوا مِنْهُ .
وَقَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } يَقُول : نَنْظُر أَتَعْقِلُ فَتُثْبِت عَرْشهَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَهَا { أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } يَقُول : مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَلَا تُثْبِت عَرْشهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا نَكَّرَ لَهَا عَرْشهَا , وَأَمَرَ بِالصَّرْحِ يُعْمَل لَهَا , مِنْ أَجْل أَنَّ الشَّيَاطِين كَانُوا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا عَقْل لَهَا , وَأَنَّ رِجْلهَا كَحَافِرِ حِمَار , فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20561 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ : زِيدَ فِي عَرْشهَا وَنُقِصَ مِنْهُ , لِيَنْظُر إِلَى عَقْلهَا , فَوُجِدَتْ ثَابِتَة الْعَقْل . 20562 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } أَتَعْرِفُهُ. * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } قَالَ : تَعْرِفهُ . 20563 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } أَيْ أَتَعْقِلُ , أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيَنْظُر أَتَعْرِفه , أَمْ لَا تَعْرِفهُ ؟
وَقَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } يَقُول : نَنْظُر أَتَعْقِلُ فَتُثْبِت عَرْشهَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَهَا { أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } يَقُول : مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَلَا تُثْبِت عَرْشهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا نَكَّرَ لَهَا عَرْشهَا , وَأَمَرَ بِالصَّرْحِ يُعْمَل لَهَا , مِنْ أَجْل أَنَّ الشَّيَاطِين كَانُوا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا عَقْل لَهَا , وَأَنَّ رِجْلهَا كَحَافِرِ حِمَار , فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20561 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ : زِيدَ فِي عَرْشهَا وَنُقِصَ مِنْهُ , لِيَنْظُر إِلَى عَقْلهَا , فَوُجِدَتْ ثَابِتَة الْعَقْل . 20562 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } أَتَعْرِفُهُ. * -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } قَالَ : تَعْرِفهُ . 20563 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } أَيْ أَتَعْقِلُ , أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيَنْظُر أَتَعْرِفه , أَمْ لَا تَعْرِفهُ ؟
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمَّا جَاءَتْ صَاحِبَة سَبَإ سُلَيْمَان , أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , فَقَالَ لَهَا : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ } قَالَتْ وَشَبَّهَتْهُ بِهِ : { كَأَنَّهُ هُوَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20564 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَكَلَّمَتْهُ أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , ثُمَّ قَالَ : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . 20565 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } قَالَ : شَبَّهْته , وَكَانَتْ قَدْ تَرَكَتْهُ خَلْفهَا . 20566 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث كُلّه , يَعْنِي حَدِيث سُلَيْمَان , وَهَذِهِ الْمَرْأَة ; { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } شَكَّتْ .
وَقَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل سُلَيْمَان , وَقَالَ سُلَيْمَان : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } أَيْ هَذِهِ الْمَرْأَة , بِاَللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء , { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } لِلَّهِ مِنْ قَبْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20567 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } قَالَ : سُلَيْمَان بِقَوْلِهِ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل سُلَيْمَان , وَقَالَ سُلَيْمَان : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } أَيْ هَذِهِ الْمَرْأَة , بِاَللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء , { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } لِلَّهِ مِنْ قَبْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20567 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } قَالَ : سُلَيْمَان بِقَوْلِهِ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنَعَ هَذِهِ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ { مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } , وَذَلِكَ عِبَادَتهَا الشَّمْس أَنْ تَعْبُد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20568 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه غَيْر الْوَثَن [ صَدَّهَا ] أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه , صَدَّهَا أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ . وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّهَا سُلَيْمَان مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه , بِمَعْنَى : مَنَعَهَا وَحَالَ بَيْنهَا وَبَيْنه , كَانَ وَجْهًا حَسَنًا . وَلَوْ قِيلَ أَيْضًا : وَصَدَّهَا اللَّه ذَلِكَ بِتَوْفِيقِهَا لِلْإِسْلَامِ , كَانَ أَيْضًا وَجْهًا صَحِيحًا . وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْله : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلْنَا , كَانَتْ " مَا " مِنْ قَوْله { مَا كَانَتْ تَعْبُد } فِي مَوْضِع رَفْع بِالصَّدِّ , لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ لَمْ يَصُدّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه جَهْلهَا , وَأَنَّهَا لَا تَعْقِل , إِنَّمَا صَدَّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه عِبَادَتهَا الشَّمْس وَالْقَمَر , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ دِين قَوْمهَا وَآبَائِهَا , فَاتَّبَعَتْ فِيهِ آثَارهمْ . وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرِينَ كَانَتْ " مَا " فِي مَوْضِع نَصَب .
وَقَوْله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْم كَافِرِينَ } يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ كَافِرَة مِنْ قَوْم كَافِرِينَ. وَكُسِرَتْ الْأَلِف مِنْ قَوْله " إِنَّهَا " عَلَى الِابْتِدَاء .
وَقَوْله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْم كَافِرِينَ } يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ كَافِرَة مِنْ قَوْم كَافِرِينَ. وَكُسِرَتْ الْأَلِف مِنْ قَوْله " إِنَّهَا " عَلَى الِابْتِدَاء .
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح } . ذُكِرَ أَنَّ سُلَيْمَان لَمَّا أَقْبَلَتْ صَاحِبَة سَبَإ تُرِيدهُ , أَمَرَ الشَّيَاطِين فَبَنَوْا لَهُ صَرْحًا , وَهُوَ كَهَيْئَةِ السَّطْح مِنْ قَوَارِير , وَأَجْرَى مِنْ تَحْته الْمَاء لِيَخْتَبِر عَقْلهَا بِذَلِكَ وَفَهْمهَا عَلَى نَحْو الَّذِي كَانَتْ تَفْعَل هِيَ مِنْ تَوْجِيههَا إِلَيْهِ الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء لِيُمَيِّز بَيْن الذُّكُور مِنْهُمْ وَالْإِنَاث مُعَاتَبَة بِذَلِكَ كَذَلِكَ . 20569 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : أَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , وَقَدْ عَمِلَتْهُ لَهُ الشَّيَاطِين مِنْ زُجَاج كَأَنَّهُ الْمَاء بَيَاضًا , ثُمَّ أُرْسِلَ الْمَاء تَحْته , ثُمَّ وُضِعَ لَهُ فِيهِ سَرِيره , فَجَلَسَ عَلَيْهِ , وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْر وَالْجِنّ وَالْإِنْس , ثُمَّ قَالَ : { اُدْخُلِي الصَّرْح } لِيُرِيَهَا مُلْكًا هُوَ أَعَزّ مِنْ مُلْكهَا , وَسُلْطَانًا هُوَ أَعْظَم مِنْ سُلْطَانهَا { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } لَا تَشُكّ أَنَّهُ مَاء تَخُوضهُ , قِيلَ لَهَا : اُدْخُلِي إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير ; فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى سُلَيْمَان دَعَاهَا إِلَى عِبَادَة اللَّه وَعَاتَبَهَا فِي عِبَادَتهَا الشَّمْس دُون اللَّه , فَقَالَتْ بِقَوْلِ الزَّنَادِقَة , فَوَقَعَ سُلَيْمَان سَاجِدًا إِعْظَامًا لِمَا قَالَتْ , وَسَجَدَ مَعَهُ النَّاس ; وَسُقِطَ فِي يَدَيْهَا حِين رَأَتْ سُلَيْمَان صَنَعَ مَا صَنَعَ ; فَلَمَّا رَفَعَ سُلَيْمَان رَأْسه قَالَ : وَيْحك مَاذَا قُلْت ؟ قَالَ : وَأُنْسِيَتْ مَا قَالَتْ فَقَالَتْ : { رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } وَأَسْلَمَتْ , فَحَسُنَ إِسْلَامهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا أَمَرَ بِبِنَاءِ الصَّرْح عَلَى مَا وَصَفَهُ اللَّه , لِأَنَّ الْجِنّ خَافَتْ مِنْ سُلَيْمَان أَنْ يَتَزَوَّجهَا , فَأَرَادُوا أَنْ يُزَهِّدُوهُ فِيهَا , فَقَالُوا : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ , فَأَرَادَ سُلَيْمَان أَنْ يَعْلَم حَقِيقَة مَا أَخْبَرَتْهُ الْجِنّ مِنْ ذَلِكَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20570 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَتْ الْجِنّ لِسُلَيْمَان تُزَهِّدهُ فِي بِلْقِيس : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ ; فَأَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , فَعُمِلَ , فَسُجِنَ فِيهِ دَوَابّ الْبَحْر : الْحِيتَان , وَالضَّفَادِع ; فَلَمَّا بَصُرَتْ بِالصَّرْحِ قَالَتْ : مَا وَجَدَ اِبْن دَاوُد عَذَابًا يَقْتُلنِي بِهِ إِلَّا الْغَرَق ! { فَحَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } قَالَ : فَإِذَا [ هِيَ ] أَحْسَن النَّاس سَاقًا وَقَدَمًا . قَالَ : فَضَنَّ سُلَيْمَان بِسَاقِهَا عَنْ الْمُوسَى , قَالَ : فَاُتُّخِذَتْ النُّورَة بِذَلِكَ السَّبَب . وَجَائِز عِنْدِي أَنْ يَكُون سُلَيْمَان أَمَرَ بِاِتِّخَاذِ الصَّرْح لِلْأَمْرَيْنِ الَّذِي قَالَهُ وَهْب , وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , لِيَخْتَبِر عَقْلهَا , وَيَنْظُر إِلَى سَاقهَا وَقَدَمهَا , لِيَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ فِيهَا. وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي مَعْنَى الصَّرْح مَا : 20571 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الصَّرْح } قَالَ : بِرْكَة مِنْ مَاء ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَان قَوَارِير أَلْبَسَهَا . قَالَ : وَكَانَتْ بِلْقِيس هَلْبَاء شَعْرَاء , قَدَمهَا كَحَافِرِ الْحِمَار , وَكَانَتْ أُمّهَا جِنِّيَّة. 20572 - حَدَّثني أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عَمَّار , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّضْر بْن أَنَس , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ أَحَد أَبَوَيْ صَاحِبَة سَبَإِ جِنِّيًّا ". * - قَالَ : ثَنَا صَفْوَان بْن صَالِح , قَالَ : ثني الْوَلِيد , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَذْكُر النَّضْر بْن أَنَس.
وَقَوْله : { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } يَقُول : فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة الصَّرْح حَسِبَتْهُ لِبَيَاضِهِ وَاضْطِرَاب دَوَابّ الْمَاء تَحْته لُجَّة بَحْر كَشَفَتْ مِنْ سَاقَيْهَا لِتَخُوضَهُ إِلَى سُلَيْمَان . وَنَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20573 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : وَكَانَ مِنْ قَوَارِير , وَكَانَ الْمَاء مِنْ خَلْفه فَحَسِبَتْهُ لُجَّة. 20574 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : بَحْرًا . 20575 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن سَوَّار , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } فَإِذَا هُمَا شَعْرَاوَانِ , فَقَالَ : أَلَا شَيْء يُذْهِب هَذَا ؟ قَالُوا : الْمُوسَى , قَالَ : لَا , الْمُوسَى لَهُ أَثَر , فَأَمَرَ بِالنُّورَةِ فَصُنِعَتْ . 20576 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ عِمْرَان بْن سُلَيْمَان , عَنْ عِكْرِمَة وَأَبِي صَالِح قَالَا : لَمَّا تَزَوَّجَ سُلَيْمَان بِلْقِيس قَالَتْ لَهُ : لَمْ تَمَسّنِي حَدِيدَة قَطُّ ! قَالَ سُلَيْمَان لِلشَّيَاطِينِ : اُنْظُرُوا مَا يُذْهِب الشَّعْر ؟ قَالُوا : النُّورَة , فَكَانَ أَوَّل مَنْ صَنَعَ النُّورَة .
وَقَوْله : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ سُلَيْمَان لَهَا : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِبَحْرٍ , إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير , يَقُول : إِنَّمَا هُوَ بِنَاء مَبْنِيّ مُشَيَّد مِنْ قَوَارِير. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20577 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { مُمَرَّد } قَالَ : مُشَيَّد.
وَقَوْله : { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ : رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فِي عِبَادَتِي الشَّمْس , وَسُجُودِي لِمَا دُونك { وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ } تَقُول : وَانْقَدْت مَعَ سُلَيْمَان مُذْعِنَة لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ , مُفْرِدَة لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّة دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20578 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } فَعَرَفَتْ أَنَّهَا قَدْ غُلِبَتْ { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي , وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } .
وَقَوْله : { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } يَقُول : فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة الصَّرْح حَسِبَتْهُ لِبَيَاضِهِ وَاضْطِرَاب دَوَابّ الْمَاء تَحْته لُجَّة بَحْر كَشَفَتْ مِنْ سَاقَيْهَا لِتَخُوضَهُ إِلَى سُلَيْمَان . وَنَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20573 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : وَكَانَ مِنْ قَوَارِير , وَكَانَ الْمَاء مِنْ خَلْفه فَحَسِبَتْهُ لُجَّة. 20574 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : بَحْرًا . 20575 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن سَوَّار , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } فَإِذَا هُمَا شَعْرَاوَانِ , فَقَالَ : أَلَا شَيْء يُذْهِب هَذَا ؟ قَالُوا : الْمُوسَى , قَالَ : لَا , الْمُوسَى لَهُ أَثَر , فَأَمَرَ بِالنُّورَةِ فَصُنِعَتْ . 20576 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ عِمْرَان بْن سُلَيْمَان , عَنْ عِكْرِمَة وَأَبِي صَالِح قَالَا : لَمَّا تَزَوَّجَ سُلَيْمَان بِلْقِيس قَالَتْ لَهُ : لَمْ تَمَسّنِي حَدِيدَة قَطُّ ! قَالَ سُلَيْمَان لِلشَّيَاطِينِ : اُنْظُرُوا مَا يُذْهِب الشَّعْر ؟ قَالُوا : النُّورَة , فَكَانَ أَوَّل مَنْ صَنَعَ النُّورَة .
وَقَوْله : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ سُلَيْمَان لَهَا : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِبَحْرٍ , إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير , يَقُول : إِنَّمَا هُوَ بِنَاء مَبْنِيّ مُشَيَّد مِنْ قَوَارِير. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20577 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { مُمَرَّد } قَالَ : مُشَيَّد.
وَقَوْله : { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ : رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فِي عِبَادَتِي الشَّمْس , وَسُجُودِي لِمَا دُونك { وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ } تَقُول : وَانْقَدْت مَعَ سُلَيْمَان مُذْعِنَة لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ , مُفْرِدَة لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّة دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20578 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي : { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } فَعَرَفَتْ أَنَّهَا قَدْ غُلِبَتْ { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي , وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } .
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , وَلَا تَجْعَلُوا مَعَهُ إِلَهًا غَيْره .
يَقُول : فَلَمَّا أَتَاهُمْ صَالِح دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى اللَّه صَارَ قَوْمه مِنْ ثَمُود فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَرِيقَيْنِ يَخْتَصِمُونَ , فَفَرِيق مُصَدِّق صَالِحًا مُؤْمِن بِهِ , وَفَرِيق مُكَذِّب بِهِ كَافِر بِمَا جَاءَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20579 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن وَكَافِر , قَوْلهمْ صَالِح مُرْسَل , وَقَوْلهمْ صَالِح لَيْسَ بِمُرْسَلٍ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَخْتَصِمُونَ } يَخْتَلِفُونَ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذَا فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن , وَكَافِر .
يَقُول : فَلَمَّا أَتَاهُمْ صَالِح دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى اللَّه صَارَ قَوْمه مِنْ ثَمُود فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَرِيقَيْنِ يَخْتَصِمُونَ , فَفَرِيق مُصَدِّق صَالِحًا مُؤْمِن بِهِ , وَفَرِيق مُكَذِّب بِهِ كَافِر بِمَا جَاءَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20579 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن وَكَافِر , قَوْلهمْ صَالِح مُرْسَل , وَقَوْلهمْ صَالِح لَيْسَ بِمُرْسَلٍ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَخْتَصِمُونَ } يَخْتَلِفُونَ. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذَا فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن , وَكَافِر .
قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ↓
وَقَوْله : { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ صَالِح لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم لِأَيِّ شَيْء تَسْتَعْجِلُونَ بِعَذَابِ اللَّه قَبْل الرَّحْمَة. كَمَا : 20580 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } قَالَ : السَّيِّئَة : الْعَذَاب , قَبْل الْحَسَنَة : قَبْل الرَّحْمَة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ بِالْعَذَابِ قَبْل الْحَسَنَة , قَالَ : الْعَافِيَة .
وَقَوْله : { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّه } يَقُول : هَلَّا تَتُوبُونَ إِلَى اللَّه مِنْ كُفْركُمْ , فَيَغْفِر لَكُمْ رَبّكُمْ عَظِيم جُرْمكُمْ , يَصْفَح لَكُمْ عَنْ عُقُوبَته إِيَّاكُمْ عَلَى مَا قَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ عَظِيم الْخَطِيئَة.
وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول : لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ بِاسْتِغْفَارِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ كُفْركُمْ .
وَقَوْله : { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّه } يَقُول : هَلَّا تَتُوبُونَ إِلَى اللَّه مِنْ كُفْركُمْ , فَيَغْفِر لَكُمْ رَبّكُمْ عَظِيم جُرْمكُمْ , يَصْفَح لَكُمْ عَنْ عُقُوبَته إِيَّاكُمْ عَلَى مَا قَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ عَظِيم الْخَطِيئَة.
وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول : لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ بِاسْتِغْفَارِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ كُفْركُمْ .
قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ ثَمُود لِرَسُولِهَا صَالِح { اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } أَيْ تَشَاء مِنَّا بِك وَبِمَنْ مَعَك مِنْ أَتْبَاعنَا , وَزَجَرْنَا الطَّيْر بِأَنَّا سَيُصِيبُنَا بِك وَبِهِمْ الْمَكَارِه وَالْمَصَائِب .
فَأَجَابَهُمْ صَالِح فَقَالَ لَهُمْ { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } أَيْ مَا زَجَرْتُمْ مِنْ الطَّيْر لِمَا يُصِيبكُمْ مِنْ الْمَكَارِه عِنْد اللَّه عِلْمه , لَا يُدْرَى أَيّ ذَلِكَ كَائِن , أَمَا تَظُنُّونَ مِنْ الْمَصَائِب أَوْ الْمَكَارِه , أَمْ مَا لَا تَرْجُونَهُ مِنْ الْعَافِيَة وَالرَّجَاء وَالْمَحَابّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20581 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالَ طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } يَقُول : مَصَائِبكُمْ. 20582 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } عِلْمكُمْ عِنْد اللَّه .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُفْتَنُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُخْتَبَرُونَ , يَخْتَبِركُمْ رَبّكُمْ إِذْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ , أَتُطِيعُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ , فَيَجْزِيكُمْ الْجَزِيل مِنْ ثَوَابه , أَمْ تَعْصُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ , فَيَحِلّ بِكُمْ عِقَابه .
فَأَجَابَهُمْ صَالِح فَقَالَ لَهُمْ { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } أَيْ مَا زَجَرْتُمْ مِنْ الطَّيْر لِمَا يُصِيبكُمْ مِنْ الْمَكَارِه عِنْد اللَّه عِلْمه , لَا يُدْرَى أَيّ ذَلِكَ كَائِن , أَمَا تَظُنُّونَ مِنْ الْمَصَائِب أَوْ الْمَكَارِه , أَمْ مَا لَا تَرْجُونَهُ مِنْ الْعَافِيَة وَالرَّجَاء وَالْمَحَابّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20581 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالَ طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } يَقُول : مَصَائِبكُمْ. 20582 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } عِلْمكُمْ عِنْد اللَّه .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُفْتَنُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُخْتَبَرُونَ , يَخْتَبِركُمْ رَبّكُمْ إِذْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ , أَتُطِيعُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ , فَيَجْزِيكُمْ الْجَزِيل مِنْ ثَوَابه , أَمْ تَعْصُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ , فَيَحِلّ بِكُمْ عِقَابه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ فِي مَدِينَة صَالِح , وَهِيَ حِجْر ثَمُود , تِسْعَة أَنْفُس يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ , وَكَانَ إِفْسَادهمْ فِي الْأَرْض : كُفْرهمْ بِاَللَّهِ , وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط بِالْخَبَرِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ , وَإِنْ كَانَ أَهْل الْكُفْر كُلّهمْ فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ , لِأَنَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة هُمْ الَّذِينَ سَعَوْا فِيمَا بَلَغْنَا فِي عَقْر النَّاقَة , وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ , وَتَحَالَفُوا عَلَى قَتْل صَالِح مِنْ بَيْن قَوْم ثَمُود . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ وَأَخْبَارهمْ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20583 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تِسْعَة رَهْط } قَالَ : مِنْ قَوْم صَالِح . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20584 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } هُمْ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة , وَقَالُوا حِين عَقَرُوهَا : نُبَيِّت صَالِحًا وَأَهْله فَنَقْتُلهُمْ , ثُمَّ نَقُول لِأَوْلِيَاءِ صَالِح : مَا شَهِدْنَا مِنْ هَذَا شَيْئًا , وَمَا لَنَا بِهِ عِلْم , فَدَمَّرَهُمْ اللَّه أَجْمَعِينَ.
قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ↓
وَقَوْله : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي أَرْض حِجْر ثَمُود , وَلَا يُصْلِحُونَ , تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ : تَحَالَفُوا بِاَللَّهِ أَيّهَا الْقَوْم , لِيَحْلِف بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ : لَنُبَيِّتَنَّ صَالِحًا وَأَهْله , فَلَنَقْتُلَنَّهُ , ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ : مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20585 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } قَالَ : تَحَالَفُوا عَلَى إِهْلَاكه , فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكُوا وَقَوْمهمْ أَجْمَعُونَ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ : وَيَتَوَجَّه قَوْله { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } إِلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا النَّصْب عَلَى وَجْه الْخَبَر , كَأَنَّهُ قِيلَ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَلَا يُصْلِحُونَ تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ " وَلَيْسَ فِيهَا " قَالُوا " , فَذَلِكَ مِنْ قِرَاءَته يَدُلّ عَلَى وَجْه النَّصْب فِي " تَقَاسَمُوا " عَلَى مَا وَصَفْت . وَالْوَجْه الْآخَر : الْجَزْم , كَأَنَّهُمْ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَقْسِمُوا بِاَللَّهِ , فَعَلَى هَذَا الْوَجْه الثَّانِي تَصْلُح قِرَاءَة { لَنُبَيِّتَنَّهُ } بِالْيَاءِ وَالنُّون , لِأَنَّ الْقَائِل لَهُمْ تَقَاسَمُوا , وَإِنْ كَانَ هُوَ الْآمِر فَهُوَ فِيمَنْ أَقْسَمَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : اِنْهَضُوا بِنَا نَمْضِ إِلَى فُلَان , وَانْهَضُوا نَمْضِي إِلَيْهِ . وَعَلَى الْوَجْه الْأَوَّل الَّذِي هُوَ وَجْه النَّصْب الْقِرَاءَة فِيهِ بِالنُّونِ أَفْصَح , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ لَنُبَيِّتَنَّهُ , وَقَدْ تَجُوز الْيَاء عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : قَالُوا لَنُكْرِمَنَّ أَبَاك , وَلَيُكْرِمَن أَبَاك , وَبِالنُّونِ قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْمَدِينَة , وَعَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا الْأَغْلَب عَلَى قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة , فَقِرَاءَته بِالْيَاءِ , وَضَمّ التَّاء جَمِيعًا . وَأَمَّا بَعْض الْمَكِّيِّينَ , فَقَرَأَهُ بِالْيَاءِ . وَأَعْجَب الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ إِلَيَّ النُّون , لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح الْكَلَام عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيَّنْت مِنْ النَّصْب وَالْجَزْم , وَإِنْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ صَحِيحًا غَيْر فَاسِد لِمَا وَصَفْت , وَأَكْرَههَا إِلَيَّ الْقِرَاءَة بِهَا الْيَاء , لِقِلَّةِ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَقَوْله : { لَنُبَيِّتَنَّهُ } قَالَ : لَيُبَيِّتُنَّ صَالِحًا ثُمَّ يَفْتِكُوا بِهِ . 20586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : [ قَالَ ] التِّسْعَة الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة : هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ صَالِحًا , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا , يَعْنِي فِيمَا وَعَدَهُمْ مِنْ الْعَذَاب بَعْد الثَّلَاث , عَجَّلْنَاهُ قَبْله , وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا نَكُون قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ . فَأَتَوْهُ لَيْلًا لِيُبَيِّتُوهُ فِي أَهْله , فَدَمَغَتْهُمْ الْمَلَائِكَة بِالْحِجَارَةِ ; فَلَمَّا أَبْطَئُوا عَلَى أَصْحَابهمْ أَتَوْا مَنْزِل صَالِح , فَوَجَدُوهُمْ مَشْدُوخِينَ قَدْ رُضِخُوا بِالْحِجَارَةِ .
وَقَوْله : { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } نَقُول لِوَلِيِّهِ : وَإِنَّا لَصَادِقُونَ , إِنَّا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله .
وَقَوْله : { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } نَقُول لِوَلِيِّهِ : وَإِنَّا لَصَادِقُونَ , إِنَّا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكْرنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَغَدَرَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض بِصَالِحٍ بِمَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ لَيْلًا لِيَقْتُلُوهُ وَأَهْله , وَصَالِح لَا يَشْعُر بِذَلِكَ { وَمَكَرْنَا مَكْرًا } يَقُول : فَأَخَذْنَاهُمْ بِعُقُوبَتِنَا إِيَّاهُمْ , وَتَعْجِيلنَا الْعَذَاب لَهُمْ { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى : مَكْر اللَّه بِمَنْ مَكَرَ بِهِ , وَمَا وَجْه ذَلِكَ , وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ عَلَى غِرَّة , أَوْ اِسْتِدْرَاجه مِنْهُمْ مَنْ اُسْتُدْرِجَ عَلَى كُفْره بِهِ , وَمَعْصِيَته إِيَّاهُ , ثُمَّ إِحْلَاله الْعُقُوبَة بِهِ عَلَى غِرَّة وَغَفْلَة , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : الْمَكْر غَدْر , وَالْغَدْر كُفْر . 20588 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : اِحْتَالُوا لِأَمْرِهِمْ , وَاحْتَالَ اللَّه لَهُمْ , مَكَرُوا بِصَالِحٍ مَكْرًا , وَمَكَرْنَا بِهِمْ مَكْرًا { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا وَشَعَرْنَا بِمَكْرِهِمْ , قَالُوا : زَعَمَ صَالِح أَنَّهُ يَفْرُغ مِنَّا إِلَى ثَلَاث فَنَحْنُ نَفْرُغ مِنْهُ وَأَهْله قَبْل ذَلِكَ , وَكَانَ لَهُ مَسْجِد فِي الْحِجْر فِي شِعْب يُصَلِّي فِيهِ , فَخَرَجُوا إِلَى كَهْف وَقَالُوا : إِذَا جَاءَ يُصَلِّي قَتَلْنَاهُ , ثُمَّ رَجَعْنَا إِذَا فَرَغْنَا مِنْهُ إِلَى أَهْله , فَفَرَغْنَا مِنْهُمْ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } فَبَعَثَ اللَّه صَخْرَة مِنْ الْهَضْب حِيَالهمْ , فَخَشُوا أَنْ تَشْدَخهُمْ , فَبَادَرُوا الْغَار , فَطَبَّقَتْ الصَّخْرَة عَلَيْهِمْ فَم ذَلِكَ الْغَار , فَلَا يَدْرِي قَوْمهمْ أَيْنَ هُمْ ؟ وَلَا يَدْرُونَ مَا فُعِلَ بِقَوْمِهِمْ ؟ فَعَذَّبَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَؤُلَاءِ هَا هُنَا , وَهَؤُلَاءِ هُنَا , وَأَنْجَى اللَّه صَالِحًا وَمَنْ مَعَهُ . 20589 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ صَخْرَة فَقَتَلَتْهُمْ .
وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك إِلَى عَاقِبَة غَدْر ثَمُود بِنَبِيِّهِمْ صَالِح , كَيْفَ كَانَتْ ؟ وَمَا الَّذِي أَوْرَثَهَا اِعْتِدَاؤُهُمْ وَطُغْيَانهمْ وَتَكْذِيبهمْ ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّتنَا فِيمَنْ كَذَّبَ رُسُلنَا , وَطَغَى عَلَيْنَا مِنْ سَائِر الْخَلْق , فَحَذِّرْ قَوْمك مِنْ قُرَيْش , أَنْ يَنَالهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ , مَا نَالَ ثَمُود بِتَكْذِيبِهِمْ صَالِحًا مِنْ الْمَثُلَات.
وَقَوْله : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمهمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول : إِنَّا دَمَّرْنَا التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض مِنْ قَوْم صَالِح وَقَوْمهمْ مِنْ ثَمُود أَجْمَعِينَ , فَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله " إِنَّا " فَقَرَأَ بِكَسْرِهَا عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف . وَإِذَا فُتِحَتْ كَانَ فِي { أَنَّا } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع عَلَى رَدّهَا عَلَى الْعَاقِبَة عَلَى الْإِتْبَاع لَهَا , وَالْآخَر النَّصْب عَلَى الرَّدّ عَلَى مَوْضِع كَيْفَ , لِأَنَّهَا فِي مَوْضِع نَصْب إِنْ شِئْت , وَإِنْ شِئْت عَلَى تَكْرِير كَانَ عَلَيْهَا عَلَى وَجْه , فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ ؟ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ تَدْمِيرنَا إِيَّاهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمهمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول : إِنَّا دَمَّرْنَا التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض مِنْ قَوْم صَالِح وَقَوْمهمْ مِنْ ثَمُود أَجْمَعِينَ , فَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله " إِنَّا " فَقَرَأَ بِكَسْرِهَا عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف . وَإِذَا فُتِحَتْ كَانَ فِي { أَنَّا } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع عَلَى رَدّهَا عَلَى الْعَاقِبَة عَلَى الْإِتْبَاع لَهَا , وَالْآخَر النَّصْب عَلَى الرَّدّ عَلَى مَوْضِع كَيْفَ , لِأَنَّهَا فِي مَوْضِع نَصْب إِنْ شِئْت , وَإِنْ شِئْت عَلَى تَكْرِير كَانَ عَلَيْهَا عَلَى وَجْه , فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ ؟ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ تَدْمِيرنَا إِيَّاهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ خَاوِيَة خَالِيَة مِنْهُمْ , لَيْسَ فِيهَا مِنْهُمْ أَحَد , قَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه فَأَبَادَهُمْ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ , بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْلنَا بِثَمُود مَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ الْقِصَّة , لَعِظَة لِمَنْ يَعْلَم فِعْلنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَا , مِنْ قَوْمك الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك وَعِبْرَة.
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ , بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْلنَا بِثَمُود مَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ الْقِصَّة , لَعِظَة لِمَنْ يَعْلَم فِعْلنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَا , مِنْ قَوْمك الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك وَعِبْرَة.
يَقُول : وَأَنْجَيْنَا مِنْ نِقْمَتنَا وَعَذَابنَا الَّذِي أَحْلَلْنَاهُ بِثَمُود رَسُولنَا صَالِحًا وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ.
يَقُول : وَكَانُوا يَتَّقُونَ بِإِيمَانِهِمْ , وَبِتَصْدِيقِهِمْ صَالِحًا الَّذِي حَلَّ بِقَوْمِهِمْ مِنْ ثَمُود مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , فَكَذَلِكَ نُنَجِّيك يَا مُحَمَّد وَأَتْبَاعك , عِنْد إِحْلَالنَا عُقُوبَتنَا بِمُشْرِكِي قَوْمك مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ . وَذُكِرَ أَنَّ صَالِحًا لَمَّا أَحَلَّ اللَّه بِقَوْمِهِ مَا أَحَلَّ , خَرَجَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى الشَّام , فَنَزَلَ رَمْلَة فِلَسْطِين .
يَقُول : وَكَانُوا يَتَّقُونَ بِإِيمَانِهِمْ , وَبِتَصْدِيقِهِمْ صَالِحًا الَّذِي حَلَّ بِقَوْمِهِمْ مِنْ ثَمُود مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , فَكَذَلِكَ نُنَجِّيك يَا مُحَمَّد وَأَتْبَاعك , عِنْد إِحْلَالنَا عُقُوبَتنَا بِمُشْرِكِي قَوْمك مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ . وَذُكِرَ أَنَّ صَالِحًا لَمَّا أَحَلَّ اللَّه بِقَوْمِهِ مَا أَحَلَّ , خَرَجَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى الشَّام , فَنَزَلَ رَمْلَة فِلَسْطِين .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَرْسَلْنَا لُوطًا إِلَى قَوْمه , إِذْ قَالَ لَهُمْ : يَا قَوْم { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } أَنَّهَا فَاحِشَة , لِعِلْمِكُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقكُمْ إِلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ أَحَد .
وَقَوْله : { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة } مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْ دُون فُرُوج النِّسَاء الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّه لَكُمْ بِالنِّكَاحِ .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ } يَقُول : مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره , وَعَصَيْتُمْ رَسُوله .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ } يَقُول : مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره , وَعَصَيْتُمْ رَسُوله .
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ لُوط جَوَاب لَهُ , إِذْ نَهَاهُمْ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِنَهْيِهِمْ عَنْهُ مِنْ إِتْيَان الرِّجَال , إِلَّا قِيل بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } عَمَّا نَفْعَلهُ نَحْنُ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان فِي أَدْبَارهمْ. كَمَا : 20590 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن بْن عُمَارَة يَذْكُر عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ إِتْيَان الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ . 20591 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَأَدْبَار النِّسَاء اِسْتِهْزَاء بِهِمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { يَتَطَهَّرُونَ } مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَالنِّسَاء , اِسْتِهْزَاء بِهِمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ . 20592 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ تَلَا : { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : عَابُوهُمْ بِغَيْرِ عَيْب : أَيْ إِنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنْ أَعْمَال السُّوء .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْله إِلَّا اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْجَيْنَا لُوطًا وَأَهْله سِوَى اِمْرَأَته مِنْ عَذَابنَا حِين أَحْلَلْنَاهُ بِهِمْ , ثُمَّ { قَدَّرْنَاهَا } يَقُول : فَإِنَّ اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا : جَعَلْنَاهَا بِتَقْدِيرِنَا { مِنْ الْغَابِرِينَ } مِنْ الْبَاقِينَ .
{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا } وَهُوَ إِمْطَار اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء حِجَارَة مِنْ سِجِّيل .
يَقُول : فَسَاءَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ اللَّه عِقَابه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَخَوْفهمْ بَأْسه بِإِرْسَالِ الرَّسُول إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ.
يَقُول : فَسَاءَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ اللَّه عِقَابه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَخَوْفهمْ بَأْسه بِإِرْسَالِ الرَّسُول إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ.
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قُلْ } يَا مُحَمَّد { الْحَمْد لِلَّهِ } عَلَى نِعَمه عَلَيْنَا , وَتَوْفِيقه إِيَّانَا لِمَا وَفَّقْنَا مِنْ الْهِدَايَة .
{ وَسَلَام } يَقُول : وَأَمَنَة مِنْهُ مِنْ عِقَابه الَّذِي عَاقَبَ بِهِ قَوْم لُوط , وَقَوْم صَالِح , عَلَى الَّذِينَ اِصْطَفَاهُمْ , يَقُول : الَّذِينَ اِجْتَبَاهُمْ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَهُمْ أَصْحَابه وَوُزَرَاءَهُ عَلَى الدِّين الَّذِي بَعَثَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ دُون الْمُشْرِكِينَ بِهِ , الْجَاحِدِينَ نُبُوَّة نَبِيّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَا أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20593 - حَدِيث أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , يَعْنِي اِبْن غَنَّام , عَنْ اِبْن ظُهَيْر , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد اِصْطَفَاهُمْ اللَّه لِنَبِيِّهِ . 20594 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَحَدَّثني عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , قَالَ : هُمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْله : { آللَّه خَيْر أَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره ; قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ مِنْ قَوْمك فَهُمْ يَعْمَهُونَ : اللَّه الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ هَذِهِ النِّعَم الَّتِي قَصَّهَا عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُ بِاَلَّذِي أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِنْ صُنُوف الْعَذَاب الَّتِي ذَكَرَهَا لَكُمْ فِيهَا خَيْر , أَمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَنْفَعكُمْ وَلَا تَضُرّكُمْ , وَلَا تَدْفَع عَنْ أَنْفُسهَا وَلَا عَنْ أَوْلِيَائِهَا سُوءًا , وَلَا تَجْلِب إِلَيْهَا وَلَا إِلَيْهِمْ نَفْعًا ؟ يَقُول : إِنَّ هَذَا الْأَمْر لَا يُشْكِل عَلَى مَنْ لَهُ عَقْل , فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ أَنْ تُشْرِكُوا عِبَادَة مَنْ لَا نَفْع عِنْده لَكُمْ , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْكُمْ فِي عِبَادَة مَنْ بِيَدِهِ النَّفْع وَالضُّرّ , وَلَهُ كُلّ شَيْء . ثُمَّ اِبْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره تَعْدِيد نِعَمه عَلَيْهِمْ , وَأَيَادِيه عِنْدهمْ , وَتَعْرِيفهمْ بِقِلَّةِ شُكْرهمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا أَوْلَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } .
{ وَسَلَام } يَقُول : وَأَمَنَة مِنْهُ مِنْ عِقَابه الَّذِي عَاقَبَ بِهِ قَوْم لُوط , وَقَوْم صَالِح , عَلَى الَّذِينَ اِصْطَفَاهُمْ , يَقُول : الَّذِينَ اِجْتَبَاهُمْ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَهُمْ أَصْحَابه وَوُزَرَاءَهُ عَلَى الدِّين الَّذِي بَعَثَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ دُون الْمُشْرِكِينَ بِهِ , الْجَاحِدِينَ نُبُوَّة نَبِيّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَا أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20593 - حَدِيث أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , يَعْنِي اِبْن غَنَّام , عَنْ اِبْن ظُهَيْر , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد اِصْطَفَاهُمْ اللَّه لِنَبِيِّهِ . 20594 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَحَدَّثني عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , قَالَ : هُمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْله : { آللَّه خَيْر أَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره ; قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ مِنْ قَوْمك فَهُمْ يَعْمَهُونَ : اللَّه الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ هَذِهِ النِّعَم الَّتِي قَصَّهَا عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُ بِاَلَّذِي أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِنْ صُنُوف الْعَذَاب الَّتِي ذَكَرَهَا لَكُمْ فِيهَا خَيْر , أَمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَنْفَعكُمْ وَلَا تَضُرّكُمْ , وَلَا تَدْفَع عَنْ أَنْفُسهَا وَلَا عَنْ أَوْلِيَائِهَا سُوءًا , وَلَا تَجْلِب إِلَيْهَا وَلَا إِلَيْهِمْ نَفْعًا ؟ يَقُول : إِنَّ هَذَا الْأَمْر لَا يُشْكِل عَلَى مَنْ لَهُ عَقْل , فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ أَنْ تُشْرِكُوا عِبَادَة مَنْ لَا نَفْع عِنْده لَكُمْ , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْكُمْ فِي عِبَادَة مَنْ بِيَدِهِ النَّفْع وَالضُّرّ , وَلَهُ كُلّ شَيْء . ثُمَّ اِبْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره تَعْدِيد نِعَمه عَلَيْهِمْ , وَأَيَادِيه عِنْدهمْ , وَتَعْرِيفهمْ بِقِلَّةِ شُكْرهمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا أَوْلَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } .
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : أَعِبَادَة مَا تَعْبُدُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَ خَيْر , أَمْ عِبَادَة مِنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض ؟
يَعْنِي مَطَرًا , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مُرِيدًا بِهِ الْعُيُون الَّتِي فَجَّرَهَا فِي الْأَرْض , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه
يَعْنِي بِالْمَاءِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاء .
وَهِيَ جَمْع حَدِيقَة , وَالْحَدِيقَة : الْبُسْتَان عَلَيْهِ حَائِط مَحُوط , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِط لَمْ يَكُنْ حَدِيقَة .
وَقَوْله : { ذَات بَهْجَة } يَقُول : ذَات مَنْظَر حَسَن . وَقِيلَ ذَات بِالتَّوْحِيدِ . وَقَدْ قِيلَ حَدَائِق , كَمَا قَالَ : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 7 180 , وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20595 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : الْبَهْجَة : الْفُقَّاح مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : مِنْ كُلّ شَيْء تَأْكُلهُ النَّاس وَالْأَنْعَام .
وَقَوْله : { مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْبَتْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء لَكُمْ هَذِهِ الْحَدَائِق إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ , لَوْلَا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ الْمَاء مِنْ السَّمَاء طَاقَة أَنْ تُنْبِتُوا شَجَر هَذِهِ الْحَدَائِق , وَلَمْ تَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى ذَهَاب ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَا يَصْلُح ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَاءِ .
وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمَعْبُود مَعَ اللَّه أَيّهَا الْجَهَلَة خَلَقَ ذَلِكَ , وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء الْمَاء , فَأَنْبَتَ بِهِ لَكُمْ الْحَدَائِق ؟ ! فَقَوْله : أَإِلَه مَرْدُود عَلَى تَأْوِيل : أَمَعَ اللَّه إِلَه .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَوْم ضُلَّال , يَعْدِلُونَ عَنْ الْحَقّ , وَيَجُورُونَ عَلَيْهِ , عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لِذَلِكَ , مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى خَطَإ وَضَلَال وَلَمْ يَعْدِلُوا عَنْ جَهْل مِنْهُمْ , بِأَنَّ مَنْ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْع وَلَا ضُرّ , خَيْر مِمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَفَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال , وَلَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ وَمَعْرِفَة , اِقْتِفَاء مِنْهُمْ سُنَّة مَنْ مَضَى قَبْلهمْ مِنْ آبَائِهِمْ .
يَعْنِي مَطَرًا , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مُرِيدًا بِهِ الْعُيُون الَّتِي فَجَّرَهَا فِي الْأَرْض , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه
يَعْنِي بِالْمَاءِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاء .
وَهِيَ جَمْع حَدِيقَة , وَالْحَدِيقَة : الْبُسْتَان عَلَيْهِ حَائِط مَحُوط , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِط لَمْ يَكُنْ حَدِيقَة .
وَقَوْله : { ذَات بَهْجَة } يَقُول : ذَات مَنْظَر حَسَن . وَقِيلَ ذَات بِالتَّوْحِيدِ . وَقَدْ قِيلَ حَدَائِق , كَمَا قَالَ : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 7 180 , وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20595 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : الْبَهْجَة : الْفُقَّاح مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : مِنْ كُلّ شَيْء تَأْكُلهُ النَّاس وَالْأَنْعَام .
وَقَوْله : { مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْبَتْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء لَكُمْ هَذِهِ الْحَدَائِق إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ , لَوْلَا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ الْمَاء مِنْ السَّمَاء طَاقَة أَنْ تُنْبِتُوا شَجَر هَذِهِ الْحَدَائِق , وَلَمْ تَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى ذَهَاب ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَا يَصْلُح ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَاءِ .
وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمَعْبُود مَعَ اللَّه أَيّهَا الْجَهَلَة خَلَقَ ذَلِكَ , وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء الْمَاء , فَأَنْبَتَ بِهِ لَكُمْ الْحَدَائِق ؟ ! فَقَوْله : أَإِلَه مَرْدُود عَلَى تَأْوِيل : أَمَعَ اللَّه إِلَه .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَوْم ضُلَّال , يَعْدِلُونَ عَنْ الْحَقّ , وَيَجُورُونَ عَلَيْهِ , عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لِذَلِكَ , مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى خَطَإ وَضَلَال وَلَمْ يَعْدِلُوا عَنْ جَهْل مِنْهُمْ , بِأَنَّ مَنْ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْع وَلَا ضُرّ , خَيْر مِمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَفَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال , وَلَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ وَمَعْرِفَة , اِقْتِفَاء مِنْهُمْ سُنَّة مَنْ مَضَى قَبْلهمْ مِنْ آبَائِهِمْ .