الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3
وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَسورة القصص الآية رقم 31
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : نُودِيَ مُوسَى : { أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ . وَأَنْ أَلْقِ عَصَاك } فَأَلْقَاهَا مُوسَى , فَصَارَتْ حَيَّة تَسْعَى.

{ فَلَمَّا رَآهَا } مُوسَى

يَقُول : تَتَحَرَّك وَتَضْطَرِب .

وَالْجَانّ : وَاحِد الْجِنَان , وَهِيَ نَوْع مَعْرُوف مِنْ أَنْوَاع الْحَيَّات , وَهِيَ مِنْهَا عِظَام . وَمَعْنَى الْكَلَام : كَأَنَّهَا جَانّ مِنْ الْحَيَّات .

يَقُول : وَلَّى مُوسَى هَارِبًا مِنْهَا . كَمَا : 20889 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَّى مُدْبِرًا } فَارًّا مِنْهَا .

يَقُول : وَلَمْ يَرْجِع عَلَى عَقِبه. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , وَمَا قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى , فَكَرِهْنَا إِعَادَته , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي ذَلِكَ بَعْض مَا لَمْ نَذْكُرهُ هُنَالِكَ . 20890 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَمْ يُعَقِّب } يَقُول : وَلَمْ يُعَقِّب , أَيْ لَمْ يَلْتَفِت مِنْ الْفَرَق . 20891 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَلَمْ يُعَقِّب } يَقُول : لَمْ يَنْتَظِر .

وَقَوْله : { يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَنُودِيَ مُوسَى : يَا مُوسَى أَقْبِلْ إِلَيَّ وَلَا تَخَفْ مِنْ الَّذِي تَهْرُب مِنْهُ .

{ إِنَّك مِنْ الْآمِنِينَ } مِنْ أَنْ يَضُرّك , إِنَّمَا هُوَ عَصَاك .
اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَسورة القصص الآية رقم 32
وَقَوْله : { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك } يَقُول : أَدْخِلْ يَدك . وَفِيهِ لُغَتَانِ : سَلَكْته , وَأَسْلَكْته { فِي جَيْبك } يَقُول : فِي جَيْب قَمِيصك . كَمَا : 20892 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك } : أَيْ فِي جَيْب قَمِيصك . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله أَمَرَ أَنْ يُدْخِل يَده فِي الْجَيْب دُون الْكُمّ .

وَقَوْله : { تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } يَقُول : تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر بَرَص . كَمَا : 20893 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { اُسْلُكْ يَدك فِي جَيْبك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } قَالَ : فَخَرَجَتْ كَأَنَّهَا الْمِصْبَاح , فَأَيْقَنَ مُوسَى أَنَّهُ لَقِيَ رَبّه .

وَقَوْله : { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } يَقُول : وَاضْمُمْ إِلَيْك يَدك . كَمَا : 20894 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } قَالَ : يَدك . 20895 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك } قَالَ : وَجَنَاحَاهُ : الذِّرَاع . وَالْعَضُد : هُوَ الْجَنَاح . وَالْكَفّ : الْيَد , { اُضْمُمْ يَدك إِلَى جَنَاحك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء } .

وَقَوْله : { مِنْ الرَّهْب } يَقُول : مِنْ الْخَوْف وَالْفَرَق الَّذِي قَدْ نَالَك مِنْ مُعَايَنَتك مَا عَايَنْت مِنْ هَوْل الْحَيَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20896 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { مِنْ الرَّهْب } قَالَ : الْفَرَق . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20897 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاضْمُمْ إِلَيْك جَنَاحك مِنْ الرَّهْب } : أَيْ مِنْ الرُّعْب . 20898 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { مِنْ الرَّهْب } قَالَ : مِمَّا دَخَلَهُ مِنْ الْفَرَق مِنْ الْحَيَّة وَالْخَوْف , وَقَالَ : ذَلِكَ الرَّهْب , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه { يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا } 21 90 قَالَ : خَوْفًا وَطَمَعًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : " مِنْ الرَّهَب " بِفَتْحِ الرَّاء وَالْهَاء. وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " مِنْ الرُّهْب " بِضَمِّ الرَّاء وَتَسْكِين الْهَاء , وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .

وَقَوْله : { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَذَانِ اللَّذَانِ أَرَيْتُكَهُمَا يَا مُوسَى مِنْ تَحَوُّل الْعَصَا حَيَّة , وَيَدك وَهِيَ سَمْرَاء , بَيْضَاء تَلْمَع مِنْ غَيْر بَرَص , بُرْهَانَانِ : يَقُول : آيَتَانِ وَحُجَّتَانِ وَأَصْل الْبُرْهَان : الْبَيَان , يُقَال لِلرَّجُلِ يَقُول الْقَوْل إِذَا سُئِلَ الْحُجَّة عَلَيْهِ : هَاتِ بُرْهَانك عَلَى مَا تَقُول : أَيْ هَاتِ تِبْيَان ذَلِكَ وَمِصْدَاقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20899 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } الْعَصَا وَالْيَد آيَتَانِ . 20900 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } تِبْيَانَانِ مِنْ رَبّك . 20901 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } هَذَانِ بُرْهَانَانِ . 20902 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبّك } فَقَرَأَ : { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } 2 111 عَلَى ذَلِكَ آيَة نَعْرِفهَا , وَقَالَ : بُرْهَانَانِ آيَتَانِ مِنْ اللَّه . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَذَانِكَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار , سِوَى اِبْن كَثِير وَأَبِي عَمْرو : { فَذَانِكَ } بِتَخْفِيفِ النُّون , لِأَنَّهَا نُون الِاثْنَيْنِ , وَقَرَأَهُ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو : " فَذَانّك " بِتَشْدِيدِ النُّون . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَشْدِيدهَا , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : ثَقَّلَ النُّون مَنْ ثَقَّلَهَا لِلتَّوْكِيدِ , كَمَا أَدْخَلُوا اللَّام فِي ذَلِكَ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : شُدِّدَتْ فَرْقًا بَيْنهَا وَبَيْن النُّون الَّتِي تَسْقُط لِلْإِضَافَةِ , لِأَنَّ هَاتَانِ وَهَذَانِ لَا تُضَاف. وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : هُوَ مِنْ لُغَة مَنْ قَالَ : هَذَا آقَالَ ذَلِكَ , فَزَادَ عَلَى الْأَلِف أَلِفًا , كَذَا زَادَ عَلَى النُّون نُونًا لِيَفْصِل بَيْنهمَا وَبَيْن الْأَسْمَاء الْمُتَمَكِّنَة , وَقَالَ فِي ذَانّك إِنَّمَا كَانَتْ ذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ : هَذَانِ يَا هَذَا , فَكَرِهُوا تَثْنِيَة الْإِضَافَة فَأَعْقَبُوهَا بِاللَّامِ , لِأَنَّ الْإِضَافَة تُعْقَب بِاللَّامِ . وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول : التَّشْدِيد فِي النُّون فِي { ذَانّك } مِنْ لُغَة قُرَيْش .

يَقُول : إِلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَاف قَوْمه , حُجَّة عَلَيْهِمْ , وَدَلَالَة عَلَى حَقِيقَة نُبُوَّتك يَا مُوسَى .

يَقُول : إِنَّ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ كَانُوا قَوْمًا كَافِرِينَ .
قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِسورة القصص الآية رقم 33
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنِّي قَتَلْت مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَاف أَنْ يَقْتُلُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ مُوسَى : رَبّ إِنِّي قَتَلْت مِنْ قَوْم فِرْعَوْن نَفْسًا , فَأَخَاف إِنْ أَتَيْتهمْ فَلَمْ أُبِنْ عَنْ نَفْسِي بِحُجَّةٍ أَنْ يَقْتُلُونِ , لِأَنَّ فِي لِسَانِي عُقْدَة , وَلَا أُبَيِّن مَعَهَا مَا أُرِيد مِنْ الْكَلَام.
وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِسورة القصص الآية رقم 34
{ وَأَخِي هَارُون هُوَ أَفْصَح مِنِّي لِسَانًا } , يَقُول : أَحْسَن بَيَانًا عَمَّا يُرِيد أَنْ يُبَيِّنهُ .

{ فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا } يَقُول : عَوْنًا . يُصَدِّقنِي : أَيْ يُبَيِّن لَهُمْ عَنِّي مَا أُخَاطِبهُمْ بِهِ . كَمَا : 20903 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق { وَأَخِي هَارُون هُوَ أَفْصَح مِنِّي لِسَانًا , فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } : أَيْ يُبَيِّن لَهُمْ عَنِّي مَا أُكَلِّمهُمْ بِهِ , فَإِنَّهُ يَفْهَم مَا لَا يَفْهَمُونَ . وَقِيلَ : إِنَّمَا سَأَلَ مُوسَى رَبّه يُؤَيِّدهُ بِأَخِيهِ , لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ إِذَا اِجْتَمَعَا عَلَى الْخَيْر , كَانَتْ النَّفْس إِلَى تَصْدِيقهمَا , أَسْكَن مِنْهَا إِلَى تَصْدِيق خَبَر الْوَاحِد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20904 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَحْرَى أَنْ يُصَدَّقَا مِنْ وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20905 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } قَالَ عَوْنًا. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20906 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } : أَيْ عَوْنًا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَيْمَا يُصَدِّقنِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20907 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْ يُصَدِّقنِي . 20908 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْمَا يُصَدِّقنِي . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { رِدْءًا يُصَدِّقنِي } يَقُول : كَيْمَا يُصَدِّقنِي. وَالرِّدْء فِي كَلَام الْعَرَب : هُوَ الْعَوْن , يُقَال مِنْهُ : قَدْ أَرْدَأْت فُلَانًا عَلَى أَمْره : أَيْ أَكَفَيْته وَأَعَنْته . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يُصَدِّقنِي } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : " رِدْءًا يُصَدِّقنِي " بِجَزْمِ يُصَدِّقنِي . وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة : " يُصَدِّقنِي " بِرَفْعِهِ , فَمَنْ رَفَعَهُ جَعَلَهُ صِلَة لِلرِّدْءِ , بِمَعْنَى : فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا مِنْ صِفَته يُصَدِّقنِي ; وَمَنْ جَزَمَهُ جَعَلَهُ جَوَابًا لِقَوْلِهِ فَأَرْسِلْهُ , فَإِنَّك إِذَا أَرْسَلْته صَدَّقَنِي , عَلَى وَجْه الْخَبَر . وَالرَّفْع فِي ذَلِكَ أَحَبّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ , لِأَنَّهُ مَسْأَلَة مِنْ مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يُرْسِل أَخَاهُ عَوْنًا لَهُ بِهَذِهِ الصِّفَة .

وَقَوْله : { إِنِّي أَخَاف أَنْ يُكَذِّبُونِ } يَقُول : إِنِّي أَخَاف أَنْ لَا يُصَدِّقُونِ عَلَى قَوْلِي لَهُمْ إِنِّي أَرْسَلْت إِلَيْكُمْ.
قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَسورة القصص الآية رقم 35
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدك بِأَخِيك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه لِمُوسَى { سَنَشُدُّ عَضُدك } ; أَيْ نُقَوِّيك وَنُعِينك بِأَخِيك. تَقُول الْعَرَب إِذَا أَعَزَّ رَجُل رَجُلًا , وَأَعَانَهُ وَمَنَعَهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِظُلْمٍ : قَدْ شَدَّ فُلَان عَلَى عَضُد فُلَان , وَهُوَ مِنْ عَاضَدَهُ عَلَى أَمْره : إِذَا أَعَانَهُ , وَمِنْهُ قَوْل اِبْن مُقْبِل : عَاضَدْتهَا بِعَتُودٍ غَيْر مُعْتَلِث كَأَنَّهُ وَقْفُ عَاج بَاتَ مَكْنُونَا يَعْنِي بِذَلِكَ : قَوْسًا عَاضَدَهَا بِسَهْمٍ . وَفِي الْعَضُد لُغَات أَرْبَع : أَجْوَدهَا : الْعَضُد , ثُمَّ الْعَضْد , ثُمَّ الْعُضُد , وَالْعُضْد . يَجْمَع جَمِيع ذَلِكَ عَلَى أَعْضَاد.

وَقَوْله : { وَنَجْعَل لَكُمَا سُلْطَانًا } يَقُول : وَنَجْعَل لَكُمَا حُجَّة . كَمَا : 20909 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { لَكُمَا سُلْطَانًا } حُجَّة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20910 -حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَنَجْعَل لَكُمَا سُلْطَانًا } وَالسُّلْطَان : الْحُجَّة .


وَقَوْله : { فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا يَصِل إِلَيْكُمَا فِرْعَوْن وَقَوْمه بِسُوءٍ .

وَقَوْله : { بِآيَاتِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } فِرْعَوْن وَقَوْمه { بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اِتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } فَالْبَاء فِي قَوْله بِآيَاتِنَا مِنْ صِلَة غَالِبُونَ . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنْتُمَا وَمَنْ اِتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ بِآيَاتِنَا أَيْ بِحُجَّتِنَا وَسُلْطَاننَا الَّذِي نَجْعَلهُ لَكُمَا .
فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَسورة القصص الآية رقم 36
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْر مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ بِأَدِلَّتِنَا وَحُجَجنَا بَيِّنَات أَنَّهَا حُجَج شَاهِدَة بِحَقِيقَةٍ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى مِنْ عِنْد رَبّه , قَالُوا لِمُوسَى : مَا هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ إِلَّا سِحْرًا اِفْتَرَيْته مِنْ قِبَلك وَتَخَرَّصْته كَذِبًا وَبَاطِلًا { وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا } الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَة مَنْ تَدْعُونَا إِلَى عِبَادَته فِي أَسْلَافنَا وَآبَائِنَا الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلنَا .
وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَسورة القصص الآية رقم 37
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَم بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْده وَمَنْ تَكُون لَهُ عَاقِبَة الدَّار إِنَّهُ لَا يُفْلِح الظَّالِمُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ مُوسَى } مُجِيبًا لِفِرْعَوْن : { رَبِّي أَعْلَم } بِالْمُحِقِّ مِنَّا يَا فِرْعَوْن مِنْ الْمُبْطِل , وَمَنْ الَّذِي جَاءَ بِالرَّشَادِ إِلَى سَبِيل الصَّوَاب وَالْبَيَان عَنْ وَاضِح الْحُجَّة مِنْ عِنْده , وَمَنْ الَّذِي لَهُ الْعُقْبَى الْمَحْمُودَة فِي الدَّار الْآخِرَة مِنَّا . وَهَذِهِ مُعَارَضَة مِنْ نَبِيّ اللَّه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِفِرْعَوْن , وَجَمِيل مُخَاطَبَة , إِذْ تُرِكَ أَنْ يَقُول لَهُ : بَلْ الَّذِي غَرَّ قَوْمه وَأَهْلك جُنُوده , وَأَضَلَّ أَتْبَاعه أَنْتَ لَا أَنَا , وَلَكِنَّهُ قَالَ : { رَبِّي أَعْلَم بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْده , وَمَنْ تَكُون لَهُ عَاقِبَة الدَّار } ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَمّ عَدُوّ اللَّه بِأَجْمَل مِنْ الْخِطَاب فَقَالَ : { إِنَّهُ لَا يُفْلِح الظَّالِمُونَ } يَقُول : إِنَّهُ لَا يَنْجَح وَلَا يُدْرِك طُلْبَتهمْ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى , يَعْنِي بِذَلِكَ فِرْعَوْن إِنَّهُ لَا يُفْلِح وَلَا يَنْجَح لِكُفْرِهِ بِهِ.
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَسورة القصص الآية رقم 38
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ فِرْعَوْن لِأَشْرَافِ قَوْمه وِسَادَتهمْ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } فَتَعْبُدُوهُ , وَتُصَدِّقُوا قَوْل مُوسَى فِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ أَنَّ لَكُمْ وَلَهُ رَبًّا غَيْرِي وَمَعْبُودًا سِوَايَ .

يَقُول : فَاعْمَلْ لِي آجُرًّا , وَذُكِرَ أَنَّهُ أَوَّل مَنْ طَبَخَ الْآجُر وَبَنَى بِهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20911 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : عَلَى الْمَدَر يَكُون لَبَنًا مَطْبُوخًا. قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَوَّل مَنْ أَمَرَ بِصَنْعَةِ الْآجُرّ وَبَنَى بِهِ فِرْعَوْن . 20912 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : فَكَانَ أَوَّل مَنْ طَبَخَ الْآجُرّ يَبْنِي بِهِ الصَّرْح . 20913 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين } قَالَ : الْمَطْبُوخ الَّذِي يُوقَد عَلَيْهِ هُوَ مِنْ طِين يَبْنُونَ بِهِ الْبُنْيَان .

وَقَوْله : { فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا } يَقُول : اِبْنِ لِي بِالْآجُرِّ بِنَاء , وَكُلّ بِنَاء مُسَطَّح فَهُوَ صَرْح كَالْقَصْرِ . وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : بِهِنَّ نَعَام بَنَاهَا الرِّجَا ل يَحْسَب أَعْلَامهنَّ الصُّرُوحَا يَعْنِي بِالصُّرُوحِ : جَمْع صَرْح .

وَقَوْله : { لَعَلِّي أَطَّلِع إِلَى إِلَه مُوسَى } يَقُول : أَنْظُر إِلَى مَعْبُود مُوسَى , الَّذِي يَعْبُدهُ , وَيَدْعُو إِلَى عِبَادَته { وَإِنِّي لَأَظُنّهُ } فِيمَا يَقُول مِنْ أَنَّ لَهُ مَعْبُودًا يَعْبُدهُ فِي السَّمَاء , وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُؤَيِّدهُ وَيَنْصُرهُ , وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا , مِنْ الْكَاذِبِينَ ; فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَامَان بَنَى لَهُ الصَّرْح , فَارْتَقَى فَوْقه . فَكَانَ مِنْ قِصَّته وَقِصَّة اِرْتِقَائِهِ مَا : 20914 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَان عَلَى الطِّين , فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا } لَعَلِّي أَذْهَب فِي السَّمَاء , فَأَنْظُر إِلَى إِلَه مُوسَى ; فَلَمَّا بُنِيَ لَهُ الصَّرْح , اِرْتَقَى فَوْقه , فَأَمَرَ بِنُشَّابَةٍ فَرَمَى بِهَا نَحْو السَّمَاء , فَرُدَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ مُتَلَطِّخَة دَمًا , فَقَالَ : قَدْ قَتَلْت إِلَه مُوسَى , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ .
وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَسورة القصص الآية رقم 39
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُوده فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاسْتَكْبَرَ فِرْعَوْن وَجُنُوده فِي أَرْض مِصْر عَنْ تَصْدِيق مُوسَى , وَاتِّبَاعه عَلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه , وَالْإِقْرَار بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ { بِغَيْرِ الْحَقّ } يَعْنِي تَعَدِّيًا وَعُتُوًّا عَلَى رَبّهمْ .

يَقُول : وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ بَعْد مَمَاتهمْ لَا يُبْعَثُونَ , وَلَا ثَوَاب , وَلَا عِقَاب , فَرَكِبُوا أَهْوَاءَهُمْ , وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ , وَأَنَّهُ لَهُمْ مُجَازٍ عَلَى أَعْمَالهمْ الْخَبِيثَة .
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَسورة القصص الآية رقم 40
وَقَوْله : {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُوده } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَمَعْنَا فِرْعَوْن وَجُنُوده مِنْ الْقِبْط.

يَقُول : فَأَلْقَيْنَاهُمْ جَمِيعهمْ فِي الْبَحْر , فَغَرَّقْنَاهُمْ فِيهِ , كَمَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ : نَظَرْت إِلَى عِنْوَانه فَنَبَذْته كَنَبْذِك نَعْلًا أَخَلَقَتْ مِنْ نِعَالِكَا وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ بَحْر مِنْ وَرَاء مِصْر , كَمَا : 20915 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمّ } قَالَ : كَانَ الْيَمّ بَحْرًا يُقَال لَهُ إِسَاف , مِنْ وَرَاء مِصْر , غَرَّقَهُمْ اللَّه فِيهِ .

وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الظَّالِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك : كَيْف كَانَ أَمْر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَكَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَرَدُّوا عَلَى رَسُوله نَصِيحَته , أَلَمْ نُهْلِكهُمْ فَنُوَرِّث دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ أَوْلِيَاءَنَا , وَنُخَوِّلهُمْ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون وَكُنُوز , وَمَقَام كَرِيم , بَعْد أَنْ كَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ , تُقَتَّل أَبْنَاؤُهُمْ , وَتُسْتَحَيَا نِسَاؤُهُمْ , فَإِنَّا كَذَلِكَ بِك وَبِمَنْ آمَنَ بِك وَصَدَّقَك فَاعِلُونَ مُخَوِّلُوك وَإِيَّاهُمْ دِيَار مَنْ كَذَّبَك , وَرَدَّ عَلَيْك مَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ وَأَمْوَالهمْ , وَمُهْلِكُوهُمْ قَتْلًا بِالسَّيْفِ , سُنَّة اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْل .
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَسورة القصص الآية رقم 41
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَدْعُونَ إِلَى النَّار } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه أَئِمَّة يَأْتَمّ بِهِمْ أَهْل الْعُتُوّ عَلَى اللَّه , وَالْكُفْر بِهِ , يَدْعُونَ النَّاس إِلَى أَعْمَال أَهْل النَّار .

يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَوْم الْقِيَامَة لَا يَنْصُرهُمْ إِذَا عَذَّبَهُمْ اللَّه نَاصِر , وَقَدْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَتَنَاصَرُونَ , فَاضْمَحَلَّتْ تِلْكَ النُّصْرَة يَوْمئِذٍ.
وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَسورة القصص الآية رقم 42
وَقَوْله : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَلْزَمْنَا فِرْعَوْن وَقَوْمه فِي هَذِهِ الدُّنْيَا خِزْيًا وَغَضَبًا مِنَّا عَلَيْهِمْ , فَحَتَّمْنَا لَهُمْ فِيهَا بِالْهَلَاكِ وَالْبَوَار وَالثَّنَاء السَّيِّئ , وَنَحْنُ مُتْبِعُوهُمْ لَعْنَة أُخْرَى يَوْم الْقِيَامَة , فَمُخْزُوهُمْ بِهَا الْخِزْي الدَّائِم , وَمُهِينُوهُمْ الْهَوَان اللَّازِم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20916 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة , وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } . 11 99 20917 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } لَعْنَة أُخْرَى , ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ فَقَالَ : { هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ }

وَقَوْله : { هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هُمْ مِنْ الْقَوْم الَّذِينَ قَبَّحَهُمْ اللَّه , فَأَهْلَكَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , فَجَعَلَهُمْ عِبْرَة لِلْمُعْتَبَرِينَ , وَعِظَة لِلْمُتَّعِظِينَ .
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَسورة القصص الآية رقم 43
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاة مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْأُمَم الَّتِي كَانَتْ قَبْله , كَقَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُود وَقَوْم لُوط وَأَصْحَاب مَدْيَن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20918 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد وَعَبْد الْوَهَّاب , قَالَا : ثَنَا عَوْف , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : مَا أَهْلَكَ اللَّه قَوْمًا بِعَذَابٍ مِنْ السَّمَاء وَلَا مِنْ الْأَرْض بَعْد مَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاة عَلَى وَجْه الْأَرْض غَيْر الْقَرْيَة الَّتِي مُسِخُوا قِرَدَة , أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَقُول : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى بَصَائِر لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَة لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .

يَقُول : ضِيَاء لِبَنِي إِسْرَائِيل فِيمَا بِهِمْ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ .

يَقُول : وَبَيَانًا لَهُمْ وَرَحْمَة لِمَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْهُمْ .

يَقُول : لِيَتَذَكَّرُوا نِعَم اللَّه بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَيَشْكُرُوهُ عَلَيْهَا وَلَا يَكْفُرُوا .
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَسورة القصص الآية رقم 44
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا كُنْت } يَا مُحَمَّد { بِجَانِبِ } غَرْبِيّ الْجَبَل. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20919 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت } يَا مُحَمَّد { بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ } يَقُول : بِجَانِبِ غَرْبِيّ الْجَبَل } إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر } . 20920 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : غَرْبِيّ الْجَبَل . 20921 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا الضَّحَّاك بْن مَخْلَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو , قَالَ : إِنَّكُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُجِبْتُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُوا , وَقَرَأَ : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر } .

يَقُول : إِذْ فَرَضْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْر فِيمَا أَلْزَمْنَاهُ وَقَوْمه , وَعَهِدْنَا إِلَيْهِ مِنْ عَهْد .

يَقُول : وَمَا كُنْت لِذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ.
وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَسورة القصص الآية رقم 45
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا } وَلَكِنَّا خَلَقْنَا أُمَمًا فَأَحْدَثْنَاهَا مِنْ بَعْد ذَلِكَ { فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُر } .

وَقَوْله : { وَمَا كُنْت ثَاوِيًا فِي أَهْل مَدْيَن } يَقُول : وَمَا كُنْت مُقِيمًا فِي أَهْل مَدْيَن , يُقَال : ثَوَيْت بِالْمَكَانِ أَثْوِي بِهِ ثَوَاء , قَالَ أَعْشَى ثَعْلَبَة : أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلَهُ لِيُزَوَّدَا فَمَضَى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَة مَوْعِدًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20922 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا كُنْت ثَاوِيًا فِي أَهْل مَدْيَن } قَالَ : الثَّاوِي : الْمُقِيم.

يَقُول : تَقْرَأ عَلَيْهِمْ كِتَابنَا .

يَقُول : لَمْ تَشْهَد شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّد , وَلَكِنَّا كُنَّا نَحْنُ نَفْعَل ذَلِكَ وَنُرْسِل الرُّسُل .
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَسورة القصص الآية رقم 46
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُنْت يَا مُحَمَّد بِجَانِبِ الْجَبَل إِذْ نَادَيْنَا مُوسَى بِأَنْ { سَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة , وَاَلَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُول النَّبِيّ الْأُمِّيّ } 7 156 : 157 الْآيَة , كَمَا : 20923 -حَدَّثَنَا عِيسَى بْن عُثْمَان بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة , فِي قَوْل اللَّه : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نَادَى يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَأَجَبْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . 20924 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا : يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . 20925 - حَدَّثني اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَرْمَلَة بْن قَيْس النَّخَعِيّ , قَالَ : سَمِعْت هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو بْن جَرِير , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا مُعْتَمِر عَنْ سُلَيْمَان , وَسُفْيَان عَنْ سُلَيْمَان , وَحَجَّاج , عَنْ حَمْزَة الزَّيَّات , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَلِيّ بْن مُدْرِك , عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , فِي قَوْله : { وَمَا كُنْت بِجَانِبِ الطُّور إِذْ نَادَيْنَا } قَالَ : نُودُوا يَا أُمَّة مُحَمَّد أَعْطَيْتُكُمْ قَبْل أَنْ تَسْأَلُونِي , وَاسْتَجَبْت لَكُمْ قَبْل أَنْ تَدْعُونِي , قَالَ : وَهُوَ قَوْله حِين قَالَ مُوسَى { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة , وَفِي الْآخِرَة } 7 156 الْآيَة . 20926 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج مِثْل ذَلِكَ .

وَقَوْله : { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ تَشْهَد شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّد فَتَعْلَمهُ , وَلَكِنَّا عَرَّفْنَاكَهُ , وَأَنْزَلْنَا إِلَيْك , فَاقْتَصَصْنَا ذَلِكَ كُلّه عَلَيْك فِي كِتَابنَا , وَابْتَعَثْنَاك بِمَا أَنْزَلْنَا إِلَيْك مِنْ ذَلِكَ رَسُولًا إِلَى مَنْ ابْتَعَثْنَاك إِلَيْهِ مِنْ الْخَلْق رَحْمَة مِنَّا لَك وَلَهُمْ , كَمَا : 20927 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } مَا قَصَصْنَا عَلَيْك { لِتُنْذِر قَوْمًا } الْآيَة . 20928 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } قَالَ : كَانَ رَحْمَة مِنْ رَبّك النُّبُوَّة .

وَقَوْله : { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنْ أَرْسَلْنَاك بِهَذَا الْكِتَاب وَهَذَا الدِّين لِتُنْذِر قَوْمًا لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ قَبْلك نَذِير , وَهُمْ الْعَرَب الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَعَثَهُ اللَّه إِلَيْهِمْ رَحْمَة لِيُنْذِرهُمْ بَأْسه عَلَى عِبَادَتهمْ الْأَصْنَام , وَإِشْرَاكهمْ بِهِ الْأَوْثَان وَالْأَنْدَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20929 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد { وَلَكِنْ رَحْمَة مِنْ رَبّك } قَالَ : الَّذِي أَنْزَلْنَا عَلَيْك مِنْ الْقُرْآن { لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِير مِنْ قَبْلك } .

وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يَقُول : لِيَتَذَكَّرُوا خَطَأ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , فَيُنِيبُوا إِلَى الْإِقْرَار لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ , وَإِفْرَاده بِالْعِبَادَةِ دُون كُلّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْآلِهَة .
وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَسورة القصص الآية رقم 47
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبهُمْ مُصِيبَة بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ فَيَقُولُوا رَبّنَا لَوْلَا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِع آيَاتك وَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا أَنْ يَقُول هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُك يَا مُحَمَّد إِلَيْهِمْ , لَوْ حَلَّ بِهِمْ بَأْسنَا , أَوْ أَتَاهُمْ عَذَابنَا مِنْ قَبْل أَنْ نُرْسِلك إِلَيْهِمْ عَلَى كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , وَاكْتِسَابهمْ الْآثَام , وَاجْتِرَامهمْ الْمَعَاصِي : رَبّنَا هَلَّا أَرْسَلْت إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ قَبْل أَنْ يَحِلّ بِنَا سَخَطك , وَيَنْزِل بِنَا عَذَابك فَنَتَّبِع أَدِلَّتك , وَآيَ كِتَابك الَّذِي تُنْزِلهُ عَلَى رَسُولك وَنَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِأُلُوهِيَّتِك , الْمُصَدِّقِينَ رَسُولك فِيمَا أَمَرْتنَا وَنَهَيْتنَا , لَعَاجَلْنَاهُمْ الْعُقُوبَة عَلَى شِرْكهمْ مِنْ قَبْل مَا أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِمْ , وَلَكِنَّا بَعَثْنَاك إِلَيْهِمْ نَذِيرًا بَأْسنَا عَلَى كُفْرهمْ , لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل. وَالْمُصِيبَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَذَاب وَالنِّقْمَة . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ } بِمَا اِكْتَسَبُوا .
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَسورة القصص الآية رقم 48
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ قَبْلك يَا مُحَمَّد نَذِير فَبَعَثْنَاك إِلَيْهِمْ نَذِيرًا { الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا } , وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ مِنْ اللَّه إِلَيْهِمْ , قَالُوا تَمَرُّدًا عَلَى اللَّه , وَتَمَادِيًا فِي الْغَيّ : هَلَّا أُوتِيَ هَذَا الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْنَا , وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى بْن عِمْرَان مِنْ الْكِتَاب ؟ يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش , الْقَائِلِينَ لَك { لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } : أَوَلَمْ يَكْفُر الَّذِينَ عَلِمُوا هَذِهِ الْحُجَّة مِنْ الْيَهُود بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلك ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20930 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْيَهُود تَأْمُر قُرَيْشًا أَنْ تَسْأَل مُحَمَّدًا مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى , يَقُول اللَّه لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِقُرَيْشٍ يَقُولُوا لَهُمْ : أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل ؟ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } قَالَ : الْيَهُود تَأْمُر قُرَيْشًا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه

وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " وَقَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " بِمَعْنَى : أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل , وَقَالُوا لَهُ وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْل بَعْض الْمُفَسِّرِينَ , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ لِمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ : لِعِيسَى وَمُحَمَّد سَاحِرَانِ تَعَاوَنَا . وَقَرَأَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } بِمَعْنَى : وَقَالُوا لِلتَّوْرَاةِ وَالْفُرْقَان فِي قَوْل بَعْض أَهْل التَّأْوِيل , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ لِلْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَان . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى قَدْر اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته . ذِكْر مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالسَّاحِرَيْنِ اللَّذَيْنِ تَظَاهَرَا مُحَمَّد وَمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا : 20931 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن مَعْدِي كَرِبَ الرُّعَيْنِيّ , قَالَ : ثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن يَسَار , يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : مُوسَى وَمُحَمَّد . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ . ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن يَسَار , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ هَذِهِ الْآيَة { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : مُوسَى وَمُحَمَّد. * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ . ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ مُسْلِم بْن يَسَار , أَنَّ اِبْن عَبَّاس , قَرَأَ { سَاحِرَانِ } قَالَ مُوسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ كَيْسَان أَبِي حَمْزَة , عَنْ مُسْلِم بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . وَمَنْ قَالَ : مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام : 20932 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : الْيَهُود لِمُوسَى وَهَارُون . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَوْل يَهُود لِمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام . 20933 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبِي رَزِين أَنَّ أَحَدهمَا قَرَأَ : " سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " , وَالْآخَر : { سِحْرَانِ } . قَالَ : الَّذِي قَرَأَ { سِحْرَانِ } قَالَ : التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . وَقَالَ : الَّذِي قَرَأَ : " سَاحِرَانِ " قَالَ : مُوسَى وَهَارُون. وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَوْا بِالسَّاحِرَيْنِ عِيسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20934 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن . قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , قَوْله { سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ عِيسَى وَمُحَمَّد , أَوْ قَالَ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِذَلِكَ التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان , وَوَجْه تَأْوِيله إِلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } : 20935 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَقُول : التَّوْرَاة وَالْقُرْآن. 20936 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَعْنِي : التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان . 20937 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَ : كِتَاب مُوسَى , وَكِتَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِهِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل : 20938 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع . قَالَ ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كُنْت إِلَى جَنْب اِبْن عَبَّاس وَهُوَ يَتَعَوَّذ بَيْن الرُّكْن وَالْمَقَام , فَقُلْت كَيْفَ تَقْرَأ سِحْرَانِ , أَوْ سَاحِرَانِ ؟ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيَّ شَيْئًا , فَقَالَ عِكْرِمَة : سَاحِرَانِ , وَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَوْ كَرِهَ ذَلِكَ أَنْكَرَهُ عَلَيَّ . قَالَ حُمَيْد فَلَقِيَتْ عِكْرِمَة بَعْد ذَلِكَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ , وَقُلْت كَيْفَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ؟ قَالَ : كَانَ يَقْرَأ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } أَيْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَوْا بِهِ الْفُرْقَان وَالْإِنْجِيل : 20939 - اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك , أَنَّهُ قَرَأَ { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يَعْنُونَ الْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان . 20940 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } قَالَتْ ذَلِكَ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود لِلْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَان , فَمَنْ قَالَ { سَاحِرَانِ } فَيَقُول : مُحَمَّد , وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } بِمَعْنَى : كِتَاب مُوسَى وَهُوَ التَّوْرَاة , وَكِتَاب عِيسَى وَهُوَ الْإِنْجِيل. وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الْكَلَام مِنْ قَبْله جَرَى بِذِكْرِ الْكِتَاب , وَهُوَ قَوْله : { وَقَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } وَاَلَّذِي يَلِيه مِنْ بَعْده ذِكْر الْكِتَاب , وَهُوَ قَوْله : { فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ } فَاَلَّذِي بَيْنهمَا بِأَنْ يَكُون مَنْ ذَكَرَهُ أَوْلَى وَأَشْبَه بِأَنْ يَكُون مِنْ ذِكْر غَيْره . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى بِالْقِرَاءَةِ , فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : قُلْ يَا مُحَمَّد : أَوَلَمْ يَكْفُر هَؤُلَاءِ الْيَهُود بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل , وَقَالُوا لِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ الْكِتَاب وَمَا أُوتِيته أَنْتَ , سِحْرَانِ تَعَاوَنَا .

وَقَوْله : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتْ الْيَهُود : إِنَّا بِكُلِّ كِتَاب فِي الْأَرْض مِنْ تَوْرَاة وَإِنْجِيل , وَزَبُور وَفُرْقَان كَافِرُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل , وَخَالَفَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ : 20941 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالُوا : نَكْفُر أَيْضًا بِمَا أُوتِيَ مُحَمَّد . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالَ الْيَهُود أَيْضًا : نَكْفُر بِمَا أُوتِيَ مُحَمَّد أَيْضًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَقَالُوا إِنَّا بِكُلِّ الْكِتَابَيْنِ الْفُرْقَان وَالْإِنْجِيل كَافِرُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20942 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } يَقُول : بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآن . * - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } : يَعْنُونَ الْإِنْجِيل وَالْفُرْقَان . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْكِتَاب , يَقُول : بِالْكِتَابَيْنِ : التَّوْرَاة وَالْفُرْقَان . 20943 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى , وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَسورة القصص الآية رقم 49
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهَا أَتَّبِعهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْقَائِلِينَ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل : هُمَا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا : اِئْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا لِطَرِيقِ الْحَقّ , وَلِسَبِيلِ الرَّشَاد { أَتَّبِعهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِي زَعْمكُمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ سِحْرَانِ , وَأَنَّ الْحَقّ فِي غَيْرهمَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20944 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : فَقَالَ اللَّه تَعَالَى { قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا } الْآيَة . 20945 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فَقَالَ اللَّه { ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا } مِنْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ ; الَّذِي بُعِثَ بِهِ مُوسَى , وَاَلَّذِي بُعِثَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَسورة القصص الآية رقم 50
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَك فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ لَمْ يُجِبْك هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل : سِحْرَانِ تَظَاهَرَا , الزَّاعِمُونَ أَنَّ الْحَقّ فِي غَيْرهمَا , مِنْ الْيَهُود يَا مُحَمَّد , إِلَى أَنْ يَأْتُوك بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا , فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ , وَأَنَّ الَّذِي يَنْطِقُونَ بِهِ , وَيَقُولُونَ فِي الْكِتَابَيْنِ , قَوْل كَذِب وَبَاطِل , لَا حَقِيقَة لَهُ , وَلَعَلَّ قَائِلًا أَنْ يَقُول : أَوَلَمْ يَكُنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَم أَنَّ مَا قَالَ الْقَائِلُونَ مِنْ الْيَهُود وَغَيْرهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ الْإِفْك وَالزُّور , الْمُسَمُّوهُمَا سِحْرَيْنِ : بَاطِل مِنْ الْقَوْل , إِلَّا بِأَنْ لَا يُجِيبُوهُ إِلَى إِتْيَانهمْ بِكِتَابٍ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ؟ قِيلَ : هَذَا كَلَام خَرَجَ مَخْرَج الْخِطَاب لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمُرَاد بِهِ الْمَقُول لَهُمْ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل مِنْ كُفَّار قُرَيْش , وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قُرَيْش : أَوَلَمْ يَكْفُر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرُوكُمْ أَنْ تَقُولُوا : هَلَّا أُوتِيَ مُحَمَّد مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى , بِاَلَّذِي أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن , وَيَقُولُوا لِلَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيسَى { سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } فَقُولُوا لَهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى سِحْر , فَأْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه , هُوَ أَهْدَى مِنْ كِتَابَيْهِمَا , فَإِنْ هُمْ لَمْ يُجِيبُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّهُمْ كَذْبَة , وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ فِي تَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه أَهْوَاء أَنْفُسهمْ , وَيَتْرُكُونَ الْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ أَضَلّ عَنْ طَرِيق الرَّشَاد , وَسَبِيل السَّدَاد مِمَّنْ اِتَّبَعَ هَوَى نَفْسه بِغَيْرِ بَيَان مِنْ عِنْد اللَّه , وَعَهْد مِنْ اللَّه , وَيَتْرُك عَهْد اللَّه الَّذِي عَهِدَهُ إِلَى خَلْقه فِي وَحْيه وَتَنْزِيله .

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَا يُوَفِّق لِإِصَابَةِ الْحَقّ وَسَبِيل الرُّشْد الْقَوْم الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْر اللَّه وَتَرَكُوا طَاعَته , وَكَذَّبُوا رَسُوله , وَبَدَّلُوا عَهْده , وَاتَّبَعُوا أَهْوَاء أَنْفُسهمْ إِيثَارًا مِنْهُمْ لِطَاعَةِ الشَّيْطَان عَلَى طَاعَة رَبّهمْ.
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَسورة القصص الآية رقم 51
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ وَصَّلْنَا يَا مُحَمَّد لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش وَلِلْيَهُودِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل الْقَوْل بِأَخْبَارِ الْمَاضِينَ وَالنَّبَإ عَمَّا أَحْلَلْنَا بِهِمْ مِنْ بَأْسنَا , إِذْ كَذَّبُوا رُسُلنَا , وَعَمَّا نَحْنُ فَاعِلُونَ بِمَنْ اِقْتَفَى آثَارهمْ , وَاحْتَذَى فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيب رُسُله مِثَالهمْ , لِيَتَذَكَّرُوا فَيَعْتَبِرُوا وَيَتَّعِظُوا. وَأَصْله مِنْ : وَصَلَ الْحِبَال بَعْضهَا بِبَعْضٍ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : فَقُلْ لِبَنِي مَرْوَان مَا بَال ذِمَّة وَحَبْل ضَعِيف مَا يَزَال يُوَصَّل وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ بِبَيَانِهِمْ عَنْ تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ بَيَّنَّا . وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَصَّلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20946 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : فَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل . 20947 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : وَصَّلَ اللَّه لَهُمْ الْقَوْل فِي هَذَا الْقُرْآن , يُخْبِرهُمْ كَيْفَ صَنَعَ بِمَنْ مَضَى , وَكَيْفَ هُوَ صَانِع { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . 20948 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى أَبُو جَعْفَر , عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة : وَصَّلْنَا : بَيَّنَّا . 20949 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ } الْخَبَر , خَبَر الدُّنْيَا بِخَبَرِ الْآخِرَة , حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَايَنُوا الْآخِرَة , وَشَهِدُوهَا فِي الدُّنْيَا , بِمَا نُرِيهِمْ مِنْ الْآيَات فِي الدُّنْيَا وَأَشْبَاههَا . وَقَرَأَ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِمَنْ خَافَ عَذَاب الْآخِرَة } 11 103 وَقَالَ : إِنَّا سَوْفَ نُنْجِزهُمْ مَا وَعَدْنَاهُمْ فِي الْآخِرَة , كَمَا أَنْجَزْنَا لِلْأَنْبِيَاءِ مَا وَعَدْنَاهُمْ , نَقْضِي بَيْنهمْ وَبَيْن قَوْمهمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِيمَنْ عَنَى بِالْهَاءِ وَالْمِيم مِنْ قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِمَا قُرَيْشًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20950 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : قُرَيْش . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل } قَالَ : لِقُرَيْشٍ . 20951 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } قَالَ : يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِمَا الْيَهُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20952 - حَدَّثني بِشْر بْن آدَم , قَالَ : ثَنَا عَفَّان بْن مُسْلِم , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة , عَنْ رِفَاعَة الْقُرَظِيّ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي عَشَرَة أَنَا أَحَدهمْ { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } . 20953 - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان , قَالَ : ثَنَا حَيَّان , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَمْرو , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة , عَنْ عَطِيَّة الْقُرَظِيّ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْل لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } فِي عَشَرَة أَنَا أَحَدهمْ , فَكَأَنَّ اِبْن عَبَّاس أَرَادَ بِقَوْلِهِ : يَعْنِي مُحَمَّدًا : لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ عَهْد اللَّه فِي مُحَمَّد إِلَيْهِمْ , فَيُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ وَيُصَدِّقُونَهُ .
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَسورة القصص الآية رقم 52
وَقَوْله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره قَوْمًا مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنُوا بِرَسُولِهِ وَصَدَّقُوهُ , فَقَالَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن , هُمْ بِهَذَا الْقُرْآن يُؤْمِنُونَ , فَيُقِرُّونَ أَنَّهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه , وَيُكَذِّب جَهَلَة الْأُمِّيِّينَ , الَّذِينَ لَمْ يَأْتِهِمْ مِنْ اللَّه كِتَاب. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20954 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : يَعْنِي مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب . 20955 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ } إِلَى قَوْله { لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } فِي مُسْلِمَة أَهْل الْكِتَاب . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله } إِلَى قَوْله { الْجَاهِلِينَ } قَالَ : هُمْ مُسْلِمَة أَهْل الْكِتَاب . قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار : أَنَّ يَحْيَى بْن جَعْدَة أَخْبَرَهُ , عَنْ عَلِيّ بْن رِفَاعَة , قَالَ : خَرَجَ عَشْرَة رَهْط مِنْ أَهْل الْكِتَاب , مِنْهُمْ أَبُو رِفَاعَة , يَعْنِي أَبَاهُ , إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا , فَأُوذُوا , فَنَزَلَتْ : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله } قَبْل الْقُرْآن . 20956 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أُنَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب كَانُوا عَلَى شَرِيعَة مِنْ الْحَقّ , يَأْخُذُونَ بِهَا , وَيَنْتَهُونَ إِلَيْهَا , حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا بِهِ , وَصَدَّقُوا بِهِ , فَأَعْطَاهُمْ اللَّه أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ , بِصَبْرِهِمْ عَلَى الْكِتَاب الْأَوَّل , وَاتِّبَاعهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَبْرهمْ عَلَى ذَلِكَ , وَذُكِرَ أَنَّ مِنْهُمْ سَلْمَان , وَعَبْد اللَّه بْن سَلَام . 20957 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْله هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ } إِلَى قَوْله { مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } : نَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل ثُمَّ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَآمَنُوا بِهِ , فَآتَاهُمْ اللَّه أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا : بِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يُبْعَث , وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ حِين بُعِثَ , فَذَلِكَ قَوْله : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } .
وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَسورة القصص الآية رقم 53
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا يُتْلَى هَذَا الْقُرْآن عَلَى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب مِنْ قَبْل نُزُول هَذَا الْقُرْآن { قَالُوا آمَنَّا بِهِ } يَقُول : يَقُولُونَ صَدَّقْنَا بِهِ { إِنَّهُ الْحَقّ رَبّنَا } يَعْنِي مِنْ عِنْد رَبّنَا نَزَلَ , إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل نُزُول هَذَا الْقُرْآن مُسْلِمِينَ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاء قَبْل مَجِيء نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِمْ مِنْ الْكُتُب , وَفِي كُتُبهمْ صِفَة مُحَمَّد وَنَعْته , فَكَانُوا بِهِ وَبِمَبْعَثِهِ وَبِكِتَابِهِ مُصَدِّقِينَ قَبْل نُزُول الْقُرْآن , فَلِذَلِكَ قَالُوا : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } .
أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَسورة القصص الآية رقم 54
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ , يُؤْتَوْنَ ثَوَاب عَمَلهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الصَّبْر الَّذِي وَعَدَ اللَّه مَا وَعَدَ عَلَيْهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَعَدَهُمْ مَا وَعَدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , بِصَبْرِهِمْ عَلَى الْكِتَاب الْأَوَّل , وَاتِّبَاعهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَبْرهمْ عَلَى ذَلِكَ . وَذَلِكَ قَوْل قَتَادَة , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ وَعَدَهُمْ بِصَبْرِهِمْ بِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يُبْعَث , وَبِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ حِين بُعِثَ. وَذَلِكَ قَوْل الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا قَبْل , وَمِمَّنْ وَافَقَ قَتَادَة عَلَى قَوْله عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد . 20958 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب . قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } عَلَى دِين عِيسَى , فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمُوا , فَكَانَ لَهُمْ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ : بِمَا صَبَرُوا أَوَّل مَرَّة , وَدَخَلُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَام . وَقَالَ قَوْم فِي ذَلِكَ بِمَا : 20959 -حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِنَّ قَوْمًا كَانُوا مُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا , فَكَانَ قَوْمهمْ يُؤْذِنهُمْ , فَنَزَلَتْ { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا } وَقَوْله { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة } يَقُول : وَيَدْفَعُونَ بِحَسَنَاتِ أَفْعَالهمْ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا سَيِّئَاتهمْ { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } مِنْ الْأَمْوَال { يُنْفِقُونَ } فِي طَاعَة اللَّه , إِمَّا فِي جِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , وَإِمَّا فِي صَدَقَة عَلَى مُحْتَاج , أَوْ فِي صِلَة رَحِم . 20960 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } قَالَ اللَّه : { أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا } وَأَحْسَنَ اللَّه عَلَيْهِمْ الثَّنَاء كَمَا تَسْمَعُونَ , فَقَالَ : { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة }.
وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَسورة القصص الآية رقم 55
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا سَمِعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب اللَّغْو , وَهُوَ الْبَاطِل مِنْ الْقَوْل , كَمَا : 20961 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ , سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } لَا يُجَارُونَ أَهْل الْجَهْل وَالْبَاطِل فِي بَاطِلهمْ , أَتَاهُمْ مِنْ أَمْر اللَّه مَا وَقَذَهُمْ عَنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِاللَّغْوِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : مَا كَانَ أَهْل الْكِتَاب أَلْحَقُوهُ فِي كِتَاب اللَّه , مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20962 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذِهِ لِأَهْلِ الْكِتَاب , إِذَا سَمِعُوا اللَّغْو الَّذِي كَتَبَ الْقَوْم بِأَيْدِيهِمْ مَعَ كِتَاب اللَّه , وَقَالُوا : هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه , إِذَا سَمِعَهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا , وَمَرُّوا بِهِ يَتْلُونَهُ , أَعْرَضُوا عَنْهُ , وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُؤْمِنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى دِين عِيسَى , أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْله مُسْلِمِينَ } . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 20963 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ , سَلَام عَلَيْكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي قَوْم كَانُوا مُشْرِكِينَ فَأَسْلَمُوا , فَكَانَ قَوْمهمْ يُؤْذُونَهُمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جُوَيْرِيَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ أَهْل الْكِتَاب أَسْلَمُوا , فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَهُمْ , فَكَانُوا يَصْفَحُونَ عَنْهُمْ , يَقُولُونَ : { سَلَام عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } . وَقَوْله : { أَعْرَضُوا عَنْهُ } يَقُول : لَمْ يُصْغُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَمِعُوهُ { وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اللَّغْو الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , إِنَّمَا هُوَ مَا قَالَهُ مُجَاهِد , مِنْ أَنَّهُ سَمَاع الْقَوْم مِمَّنْ يُؤْذِيهِمْ بِالْقَوْلِ مَا يَكْرَهُونَ مِنْهُ فِي أَنْفُسهمْ , وَأَنَّهُمْ أَجَابُوهُمْ بِالْجَمِيلِ مِنْ الْقَوْل { لَنَا أَعْمَالنَا } قَدْ رَضِينَا بِهَا لِأَنْفُسِنَا , { وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ } قَدْ رَضِيتُمْ بِهَا لِأَنْفُسِكُمْ . وَقَوْله : { سَلَام عَلَيْكُمْ } يَقُول : أَمَنَة لَكُمْ مِنَّا أَنْ نُسَابّكُمْ , أَوْ تَسْمَعُوا مِنَّا مَا لَا تُحِبُّونَ { لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } يَقُول : لَا نُرِيد مُحَاوَرَة أَهْل الْجَهْل وَمُسَابَّتهمْ .
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَسورة القصص الآية رقم 56
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّك } يَا مُحَمَّد { لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } هِدَايَته , { وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء } أَنْ يَهْدِيَهُ مِنْ خَلْقه , بِتَوْفِيقِهِ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ . وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَاهُ : إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْته , لِقَرَابَتِهِ مِنْك , وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء , كَانَ مَذْهَبًا . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل اِمْتِنَاع أَبِي طَالِب عَمّه مِنْ إِجَابَته , إِذْ دَعَاهُ إِلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ , إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 20964 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَالْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَا : ثَنَا الْوَلِيد بْن الْقَاسِم , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ عِنْد الْمَوْت : " قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه أَشْهَد لَك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْش لَأَقْرَرْت عَيْنك , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } الْآيَة. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , قَالَ : ثني أَبُو حَازِم الْأَشْجَعِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ : " قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان سَمِعَ أَبَا حَازِم الْأَشْجَعِيّ , يَذْكُر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ وَفَاة أَبِي طَالِب , أَتَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْش , يَقُولُونَ : مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ إِلَّا جَزَع الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ يَزِيد بْن كَيْسَان , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي كُرَيْب الصُّدَائِيّ . 20965 -حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِب الْوَفَاة , جَاءَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَ عِنْده أَبَا جَهْل بْن هِشَام , وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَمّ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه كَلِمَة أَشْهَد لَك بِهَا عِنْد اللَّه " فَقَالَ أَبُو جَهْل وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة : يَا أَبَا طَالِب : أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّة عَبْد الْمُطَّلِب ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضهَا عَلَيْهِ , وَيُعِيد لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَة , حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِب آخِر مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّة عَبْد الْمُطَّلِب , وَأَبِي أَنْ يَقُول : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا وَاَللَّه لَأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لَمْ أُنْهَ عَنْك " , فَأَنْزَلَ اللَّه { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى } 9 113 وَأَنْزَلَ اللَّه فِي أَبِي طَالِب , فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي } الْآيَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ , بِنَحْوِهِ 20966 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ أَبِي سَعِيد بْن رَافِع , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عُمَر : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِب ؟ قَالَ : نَعَمْ . 20967 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : قَوْل مُحَمَّد لِأَبِي طَالِب : " قُلْ كَلِمَة الْإِخْلَاص أُجَادِل عَنْك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ مُحَمَّد بْن عَمْرو فِي حَدِيثه : قَالَ : يَا اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ , أَوْ سُنَّة الْأَشْيَاخ . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه : قَالَ يَا اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : قَالَ مُحَمَّد لِأَبِي طَالِب : " اِشْهَدْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاص أُجَادِل عَنْك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ : أَيْ اِبْن أَخِي مِلَّة الْأَشْيَاخ , فَأَنْزَلَ اللَّه { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي طَالِب . 20968 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت } ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِب قَالَ الْأَصَمّ عِنْد مَوْته يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه لِكَيْمَا تَحِلّ لَهُ بِهَا الشَّفَاعَة , فَأَبَى عَلَيْهِ. 20969 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَامِر : لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِب الْمَوْت , قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه أَشْهَد لَك بِهَا يَوْم الْقِيَامَة " , فَقَالَ لَهُ : يَا اِبْن أَخِي , إِنَّهُ لَوْلَا أَنْ يَكُون عَلَيْك عَار لَمْ أُبَالِ أَنْ أَفْعَل ; فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا . فَلَمَّا مَاتَ اِشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : مَا تَنْفَع قَرَابَة أَبِي طَالِب مِنْك , فَقَالَ : " بَلَى وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ السَّاعَة لَفِي ضَحْضَاح مِنْ النَّار عَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَار تَغْلِي مِنْهُمَا أُمّ رَأْسه , وَمَا مِنْ أَهْل النَّار مِنْ إِنْسَان هُوَ أَهْوَن عَذَابًا مِنْهُ , وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ { إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت , وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء , وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } ".

يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه أَعْلَم مَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عَمَله أَنَّهُ يَهْتَدِي لِلرَّشَادِ , ذَلِكَ الَّذِي يَهْدِيه اللَّه فَيُسَدِّدهُ وَيُوَفِّقهُ. وَقَوْله : { وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } يَقُول : وَهُوَ أَعْلَم بِمَنْ قَضَى لَهُ الْهُدَى . كَاَلَّذِي : 20970 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ } قَالَ بِمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْهُدَى وَالضَّلَالَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَسورة القصص الآية رقم 57
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتْ كُفَّار قُرَيْش : إِنْ نَتَّبِع الْحَقّ الَّذِي جِئْتنَا بِهِ مَعَك , وَنَتَبَرَّأ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة , يَتَخَطَّفنَا النَّاس مِنْ أَرْضنَا بِإِجْمَاعِ جَمِيعهمْ عَلَى خِلَافنَا وَحَرْبنَا , يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ : فَقُلْ { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا } يَقُول : أَوَلَمْ نُوَطِّئ لَهُمْ بَلَدًا حَرَّمْنَا عَلَى النَّاس سَفْك الدِّمَاء فِيهِ , وَمَنَعْنَاهُمْ مِنْ أَنْ يَتَنَاوَلُوا سُكَّانه فِيهِ بِسُوءٍ , وَأَمِنَّا عَلَى أَهْله مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِهَا غَارَة , أَوْ قَتْل , أَوْ سَبَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20971 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ الْحَارِث بْن نَوْفَل , الَّذِي قَالَ : { إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَالُوا : قَدْ عَلِمنَا أَنَّك رَسُول اللَّه , وَلَكِنَّا نَخَاف أَنْ نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا , { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ } الْآيَة . 20972 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } قَالَ : هُمْ أُنَاس مِنْ قُرَيْش قَالُوا لِمُحَمَّدٍ : إِنْ نَتَّبِعك يَتَخَطَّفنَا النَّاس , فَقَالَ اللَّه { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } . 20973 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَيُتَخَطَّف النَّاس مِنْ حَوْلهمْ } : قَالَ : كَانَ يُغِير بَعْضهمْ عَلَى بَعْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20974 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } قَالَ اللَّه { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } يَقُول : أَوَلَمْ يَكُونُوا آمِنِينَ فِي حَرَمهمْ لَا يُغْزَوْنَ فِيهِ وَلَا يَخَافُونَ , يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء. 20975 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ : كَانَ أَهْل الْحَرَم آمِنِينَ يَذْهَبُونَ حَيْثُ شَاءُوا , إِذَا خَرَجَ أَحَدهمْ فَقَالَ : إِنِّي مِنْ أَهْل الْحَرَم لَمْ يَتَعَرَّض لَهُ , وَكَانَ غَيْرهمْ مِنْ النَّاس إِذَا خَرَجَ أَحَدهمْ قُتِلَ . 20976 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } قَالَ : آمَنَّاكُمْ بِهِ , قَالَ هِيَ مَكَّة , وَهُمْ قُرَيْش .

وَقَوْله : { يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } يَقُول يُجْمَع إِلَيْهِ , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : جَبَيْت الْمَاء فِي الْحَوْض : إِذَا جَمَعْته فِيهِ , وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ : يُحْمَل إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ بَلَد . كَمَا : 20977 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ شَرِيك , عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي زُرْعَة , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي { يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء } قَالَ : ثَمَرَات الْأَرْض.

وَقَوْله : { رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا } يَقُول : وَرِزْقًا رَزَقْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا , يَعْنِي : مِنْ عِنْدنَا .

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنَّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْقَائِلِينَ لِرَسُولِ اللَّه : { إِنْ نَتَّبِع الْهُدَى مَعَك نُتَخَطَّف مِنْ أَرْضنَا } لَا يَعْلَمُونَ أَنَّا نَحْنُ الَّذِينَ مَكَّنَّا لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا , وَرَزَقْنَاهُمْ فِيهِ , وَجَعَلْنَا الثَّمَرَات مِنْ كُلّ أَرْض تُجْبَى إِلَيْهِمْ , فَهُمْ بِجَهْلِهِمْ بِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَكْفُرُونَ , لَا يَشُكُّونَ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ .
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَسورة القصص الآية رقم 58
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة أَبْطَرَتْهَا مَعِيشَتهَا , فَبَطِرَتْ , وَأَشِرَتْ , وَطَغَتْ , فَكَفَرَتْ رَبّهَا . وَقِيلَ : بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا , فَجَعَلَ الْفِعْل لِلْقَرْيَةِ , وَهُوَ فِي الْأَصْل لِلْمَعِيشَةِ , كَمَا يُقَال : أَسْفَهَك رَأْيك فَسَفِهْته , وَأَبْطَرَك مَالِك فَبَطِرْته , وَالْمَعِيشَة مَنْصُوبَة عَلَى التَّفْسِير . وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِر ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20978 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتهَا } قَالَ : الْبَطَر : أَشَرّ أَهْل الْغَفْلَة وَأَهْل الْبَاطِل وَالرُّكُوب لِمَعَاصِي اللَّه , وَقَالَ : ذَلِكَ الْبَطَر فِي النِّعْمَة .

يَقُول : فَتِلْكَ دُور الْقَوْم الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَمَنَازِلهمْ , لَمْ تُسْكَن مِنْ بَعْدهمْ إِلَّا قَلِيلًا , يَقُول : خَرِبَتْ مِنْ بَعْدهمْ , فَلَمْ يُعَمَّر مِنْهَا إِلَّا أَقَلّهَا , وَأَكْثَرهَا خَرَاب . وَلَفْظ الْكَلَام وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَلَى أَنَّ مَسَاكِنهمْ قَدْ سَكَنَتْ قَلِيلًا , فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ لَمْ تُسْكَن مِنْ بَعْدهمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهَا , كَمَا يُقَال : قَضَيْت حَقّك إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُ .

وَقَوْله : { وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ لِمَا خَرَّبْنَا مِنْ مَسَاكِنهمْ مِنْهُمْ وَارِث , وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ قَبْل سُكْنَاهُمْ فِيهَا , لَا مَالِك لَهَا إِلَّا اللَّه , الَّذِي لَهُ مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَسورة القصص الآية رقم 59
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ رَبّك مُهْلِك الْقُرَى } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا كَانَ رَبّك } يَا مُحَمَّد { مُهْلِك الْقُرَى } الَّتِي حَوَالَيْ مَكَّة فِي زَمَانك وَعَصْرك .

يَقُول : حَتَّى يَبْعَثَ فِي مَكَّة رَسُولًا , وَهِيَ أُمّ الْقُرَى , يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَات كِتَابنَا , وَالرَّسُول : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20979 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَتَّى يَبْعَث فِي أُمّهَا رَسُولًا } وَأُمّ الْقُرَى مَكَّة , وَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ رَسُولًا : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَقَوْله : { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ } يَقُول : وَلَمْ نَكُنْ لِنُهْلِك قَرْيَة وَهِيَ بِاَللَّهِ مُؤْمِنَة إِنَّمَا نُهْلِكهَا بِظُلْمِهَا أَنْفُسهَا بِكُفْرِهَا بِاَللَّهِ , وَإِنَّمَا أَهْلَكْنَا أَهْل مَكَّة بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ وَظُلْم أَنْفُسهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20980 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ } قَالَ اللَّه : لَمْ يُهْلِك قَرْيَة بِإِيمَانٍ , وَلَكِنَّهُ يُهْلِك الْقُرَى بِظُلْمٍ إِذَا ظَلَمَ أَهْلهَا , وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ لَمْ يَهْلِكُوا مَعَ مَنْ هَلَكَ , وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوا وَظَلَمُوا , فَبِذَلِكَ أُهْلِكُوا .
وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَسورة القصص الآية رقم 60
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَعْطَيْتُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ شَيْء مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد , فَإِنَّمَا هُوَ مَتَاع تَتَمَتَّعُونَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُوَ مِنْ زِينَتهَا الَّتِي يُتَزَيَّن بِهِ فِيهَا , لَا يُغْنِي عَنْكُمْ عِنْد اللَّه شَيْئًا , وَلَا يَنْفَعكُمْ شَيْء مِنْهُ فِي مَعَادكُمْ .


وَمَا عِنْد اللَّه لِأَهْلِ طَاعَته وَوِلَايَته خَيْر مِمَّا أُوتِيتُمُوهُ أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ مَتَاعهَا وَزِينَتهَا وَأَبْقَى , يَقُول : وَأَبْقَى لِأَهْلِهِ , لِأَنَّهُ دَائِم لَا نَفَاد لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20981 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , فِي قَوْله { وَمَا عِنْد اللَّه خَيْر وَأَبْقَى } قَالَ : خَيْر ثَوَابًا , وَأَبْقَى عِنْدنَا .


يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَا عُقُول لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم تَتَدَبَّرُونَ بِهَا فَتَعْرِفُونَ بِهَا الْخَيْر مِنْ الشَّرّ , وَتَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِكُمْ خَيْر الْمَنْزِلَتَيْنِ عَلَى شَرّهمَا , وَتُؤْثِرُونَ الدَّائِم الَّذِي لَا نَفَاد لَهُ مِنْ النَّعِيم , عَلَى الْفَانِي الَّذِي لَا بَقَاء لَهُ .
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3