وَقَوْله : { لَا ظَلِيل } يَقُول : لَا هُوَ يُظِلّهُمْ مِنْ حَرّهَا { وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب } وَلَا يُكِنُّهُمْ مِنْ لَهَبهَا .
وَقَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ جَهَنَّم تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ , فَقَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْأَمْصَار : { كَالْقَصْرِ } بِجَزْمِ الصَّاد . وَاخْتَلَفَ الدِّين قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ وَاحِد الْقُصُور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27865 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } يَقُول : كَالْقَصْرِ الْعَظِيم . 27866 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : ذَكَرَ الْقَصْر . 27867 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَزِيد بْن يُونُس , عَنْ أَبِي صَخْر فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كَانَ الْقُرَظِيّ يَقُول : إِنَّ عَلَى جَهَنَّم سُورًا فَمَا خَرَجَ مِنْ وَرَاء السُّور مِمَّا يَرْجِع فِيهَا فِي عَظْم الْقَصْر , وَلَوْن الْقَار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْغَلِيظ مِنْ الْخَشَب , كَأُصُولِ النَّخْل وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 27868 - حَدَّثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : الْقَصْر : خَشَب كُنَّا نَدَّخِرهُ لِلشِّتَاءِ ثَلَاث أَذْرُع , وَفَوْق ذَلِكَ , وَدُون ذَلِكَ كُنَّا نُسَمِّيه الْقَصْر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : الْقَصْر : خَشَب كَانَ يَقْطَع فِي الْجَاهِلِيَّة ذِرَاعًا وَأَقَلّ أَوْ أَكْثَر , يُعْمَد بِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّة نَقْصُر ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاث أَذْرُع , وَفَوْق ذَلِكَ وَدُون ذَلِكَ نُسَمِّيه الْقَصْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } فَالْقَصْر : الشَّجَر الْمُقَطَّع , وَيُقَال : الْقَصْر : النَّخْل الْمَقْطُوع . 27869 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى : وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { كَالْقَصْرِ } قَالَا : حُزَم الشَّجَر , يَعْنِي الْحُزْمَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : مِثْل قَصْر النَّخْلَة . 27870 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } أُصُول الشَّجَر , وَأُصُول النَّخْل . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قَالَ : كَأَصْلِ الشَّجَر . 27871 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } الْقَصْر : أُصُول الشَّجَر الْعِظَام , كَأَنَّهَا أَجْوَاز الْإِبِل الصُّفْر وَسَط كُلّ شَيْء جَوْزه , وَهِيَ الْأَجْوَاز . 27872 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : قَرَأَهَا الْحَسَن : { كَالْقَصْرِ } وَقَالَ : هُوَ الْجِزَل مِنْ الْخَشَب قَالَ : وَاحِدَته : قَصْرَة وَقَصْر , مِثْله : جَمْرَة وَجَمْر , وَتَمْرَة وَتَمْر . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : " كَالْقَصَرِ " بِتَحْرِيكِ الصَّاد . 27873 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنِي حُسَيْن الْمُعَلِّم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَهَا " كَالْقَصَرِ " بِفَتْحِ الْقَاف وَالصَّاد . 27874 - قَالَ : وَقَالَ هَارُون : أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَرَأَهَا : " كَالْقَصْرِ " وَقَالَ : قَصْر النَّخْل , يَعْنِي الْأَعْنَاق . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهُوَ سُكُون الصَّاد , وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ أَنَّهُ الْقَصْر مِنْ الْقُصُور , وَذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْله : { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } عَلَى صِحَّته , وَالْعَرَب تُشَبِّه الْإِبِل بِالْقُصُورِ الْمَبْنِيَّة , كَمَا قَالَ الْأَخْطَل فِي صِفَة نَاقَة : كَأَنَّهَا بُرْج رُومِيّ يُشَيِّدهُ لُزَّ بِجِصٍّ وَآجُرّ وَأَحْجَارِ وَقِيلَ : { بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } وَلَمْ يَقُلْ كَالْقُصُورِ , وَالشَّرَر : جِمَاع , كَمَا قِيلَ : { سَيُهْزَمُ الْجَمْع وَيُوَلُّونَ الدُّبُر } وَلَمْ يَقُلْ الْأَدْبَار , لِأَنَّ الدُّبُر بِمَعْنَى الْأَدْبَار , وَفَعَلَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْن رُءُوس الْآيَات وَمَقَاطِع الْكَلَام , لِأَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَبِلِسَانِهَا نَزَلَ الْقُرْآن . وَقِيلَ : كَالْقَصْرِ , وَمَعْنَى الْكَلَام : كَعِظَم الْقَصْر , كَمَا قِيلَ : { تَدُور أَعْيُنهُمْ كَاَلَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْت } وَلَمْ يَقُلْ : كَعُيُونِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ , لِأَنَّ الْمُرَاد فِي التَّشْبِيه الْفِعْل لَا الْعَيْن . 27875 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , أَنَّهُ سَأَلَ الْأَسْوَد عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } فَقَالَ : مِثْل الْقَصْر .
وَقَوْله : { جِمَالَات صُفْر } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَأَنَّ الشَّرَر الَّذِي تَرْمِي بِهِ جَهَنَّم كَالْقَصْرِ جِمَالَات سُود : أَيْ أَيْنُق سُود ; وَقَالُوا : الصُّفْر فِي هَذَا الْمَوْضِع , بِمَعْنَى السُّود . قَالُوا : وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا صُفْر وَهِيَ سُود , لِأَنَّ أَلْوَان الْإِبِل سُود تَضْرِب إِلَى الصُّفْرَة , وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا صُفْر , كَمَا سُمِّيَتْ الظِّبَاء أُدُمًا , لِمَا يَعْلُوهَا فِي بَيَاضهَا مِنْ الظُّلْمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27876 - حَدَّثَنِي اِحْمَدْ بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا بَدَل بْن الْمُحَبِّر , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الْحَسَن { كَأَنَّهُ جِمَالَة صُفْر } قَالَ : الْأَيْنُق السُّود . 27877 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } كَالنُّوقِ السُّود الَّذِي رَأَيْتُمْ . 27878 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { جِمَالَات صُفْر } قَالَ : نُوق سُود . 27879 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان ; وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , جَمِيعًا عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : هِيَ الْإِبِل . * - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : كَالنُّوقِ السُّود الَّذِي رَأَيْتُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ : قُلُوس السُّفُن , شُبِّهَ بِهَا الشَّرَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27880 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } فَالْجِمَالَات الصُّفْر : قُلُوس السُّفُن الَّتِي تُجْمَع فَتُوثَق بِهَا السُّفُن . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سَعِيد , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله : { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس سُفُن الْبَحْر يُجْمَل بَعْضهَا عَلَى بَعْض , حَتَّى تَكُون كَأَوْسَاطِ الرِّجَال . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس سُئِلَ عَنْ { جِمَالَات صُفْر } فَقَالَ : حِبَال السُّفُن يُجْمَع بَعْضهَا إِلَى بَعْض حَتَّى تَكُون كَأَوْسَاطِ الرِّجَال . 27881 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِس , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس الْجِسْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حُوَيْرَة بْن مُحَمَّد الْمِنْقَرِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد اللَّه الْقَطَّان , قَالَ : ثَنَا هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : الْحِبَال . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْمَان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : قُلُوس سُفُن الْبَحْر . 27882 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } قَالَ : حِبَال الْجُسُور . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : كَأَنَّهُ قِطَع النُّحَاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27883 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَأَنَّهُ جِمَالَات صُفْر } يَقُول : قِطَع النُّحَاس . وَأَوْلَى الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْجِمَالَاتِ الصُّفْر : الْإِبِل السُّود , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَأَنَّ الْجِمَالَات جَمْع جِمَال , نَظِير رِجَال وَرِجَالَات , وَبُيُوت وَبُيُوتَات . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " جِمَالَات " بِكَسْرِ الْجِيم وَالتَّاء عَلَى أَنَّهَا جَمْع جِمَال وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون أُرِيدَ بِهَا جَمْع جِمَالَة , وَالْجِمَالَة جَمْع جَمَل كَمَا الْحِجَارَة جَمْع حَجَر , وَالذِّكَارَة جَمْع ذَكَر . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : كَأَنَّهُ " جِمَالَة " بِكَسْرِ الْجِيم عَلَى أَنَّهَا جَمْع جَمَل جُمِعَ عَلَى جِمَالَة , كَمَا ذَكَرْت مِنْ جَمْع حَجَر حِجَارَة . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : " جُمَالَات " بِالتَّاءِ وَضَمّ الْجِيم كَأَنَّهُ جَمْع جُمَالَة مِنْ الشَّيْء الْمُجْمَل . 27884 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ . ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ الْحُسَيْن الْمُعَلِّم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ لِقَارِئِ ذَلِكَ اِخْتِيَار أَيّ الْقِرَاءَتَيْنِ شَاءَ مِنْ كَسْر الْجِيم وَقِرَاءَتهَا بِالتَّاءِ وَكَسْر الْجِيم , وَقِرَاءَتهَا بِالْهَاءِ الَّتِي تَصِير فِي الْوَصْل تَاء لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار ; فَأَمَّا ضَمّ الْجِيم فَلَا أَسْتَجِيزه لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى خِلَافه .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْم الْقِيَامَة لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا الْوَعِيد الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّه بِهِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ عِبَاده .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِثَوَابِ اللَّه وَعِقَابه : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } أَهْل التَّكْذِيب بِثَوَابِ اللَّه وَعِقَابه . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْف قِيلَ : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } وَقَدْ عَلِمْت بِخَبَرِ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا } 23 107 وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : { رَبّنَا أَمَتّنَا اِثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتنَا اِثْنَتَيْنِ } 40 11 فِي نَظَائِر ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّه وَرَسُوله عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَهُ ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ فِي بَعْض الْأَحْوَال دُون بَعْض . وَقَوْله : { هَذَا يَوْم لَا يَنْطِقُونَ } يُخْبِر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ فِي بَعْض أَحْوَال ذَلِكَ الْيَوْم , لَا أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ذَلِكَ الْيَوْم كُلّه . فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ مِنْ بُرْهَان يُعْلَم بِهِ حَقِيقَة ذَلِكَ ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَذَلِكَ إِضَافَة يَوْم إِلَى قَوْله : { لَا يَنْطِقُونَ } وَالْعَرَب لَا تُضِيف الْيَوْم إِلَى فَعَلَ يَفْعَل , إِلَّا إِذَا أَرَادَتْ السَّاعَة مِنْ الْيَوْم وَالْوَقْت مِنْهُ , وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ : آتِيك يَوْم يَقْدَم فُلَان , وَأَتَيْتُك يَوْم زَارَك أَخُوك , فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَتَيْتُك سَاعَة زَارَك , أَوْ آتِيك سَاعَة يَقْدَم , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِتْيَانه إِيَّاهُ الْيَوْم كُلّه , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَذَ الْيَوْم كُلّه لَمْ يُضِفْ الْيَوْم إِلَى فَعَلَ وَيَفْعَل , وَلَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ إِذْ كَانَ الْيَوْم بِمَعْنَى إِذْ وَإِذَا اللَّتَيْنِ يَطْلُبَانِ الْأَفْعَال دُون الْأَسْمَاء .
{ وَلَا يُؤْذَن لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } مِمَّا اِجْتَرَمُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ الذُّنُوب . وَقَوْله : { فَيَعْتَذِرُونَ } رَفْعًا عَطْفًا عَلَى قَوْله : { وَلَا يُؤْذَن لَهُمْ } وَإِنَّمَا اُخْتِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّصْب وَقَبْله جَحْد , لِأَنَّهُ رَأْس آيَة قُرِنَ بَيْنه وَبَيْن سَائِر رُءُوس الْآيَات الَّتِي قَبْلهَا , وَلَوْ كَانَ جَاءَ نَصْبًا كَانَ جَائِزًا , كَمَا قَالَ : لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا , وَكُلّ ذَلِكَ جَائِز فِيهِ , أَعْنِي الرَّفْع وَالنَّصْب , كَمَا قِيلَ : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ } 2 245 رَفْعًا وَنَصْبًا .
وَقَوْله { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِخَبَرِ اللَّه عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم , وَمَا هُوَ فَاعِل بِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة .
وَقَوْله : { هَذَا يَوْم الْفَصْل جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ يَوْم يُبْعَثُونَ : هَذَا يَوْم الْفَصْل الَّذِي يَفْصِل اللَّه فِيهِ بِالْحَقِّ بَيْن عِبَاده { جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ } يَقُول : جَمَعْنَاكُمْ فِيهِ لِمَوْعِدِكُمْ الَّذِي كُنَّا نَعِدكُمْ فِي الدُّنْيَا الْجَمْع فِيهِ بَيْنكُمْ وَبَيْن سَائِر مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم الْهَالِكَة , فَقَدْ وَفَّيْنَا لَكُمْ بِذَلِكَ .
يَقُول : وَاَللَّه مُنْجِز لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْعِقَاب عَلَى تَكْذِيبكُمْ إِيَّاهُ بِأَنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ لِهَذَا الْيَوْم إِنْ كَانَتْ لَكُمْ حِيلَة تَحْتَالُونَهَا فِي التَّخَلُّص مِنْ عِقَابه الْيَوْم فَاحْتَالُوا .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذَا الْخَبَر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَال وَعُيُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ اِتَّقَوْا عِقَاب اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه فِي الدُّنْيَا , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { فِي ظِلَال } ظَلِيلَة , وَكِنّ كَنِين , لَا يُصِيبهُمْ أَذَى حَرّ وَلَا قَرّ , إِذْ كَانَ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ فِي ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب , لَا ظَلِيل وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب { وَعُيُون } أَنْهَار تَجْرِي خِلَال أَشْجَار جَنَّاتهمْ .
يَأْكُلُونَ مِنْهَا كُلَّمَا اِشْتَهَوْا لَا يَخَافُونَ ضَرّهَا , وَلَا عَاقِبَة مَكْرُوههَا .
وَقَوْله : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يُقَال لَهُمْ : كُلُوا أَيّهَا الْقَوْم مِنْ هَذِهِ الْفَوَاكِه , وَاشْرَبُوا مِنْ هَذِهِ الْعُيُون كُلَّمَا اِشْتَهَيْتُمْ { هَنِيئًا } يَقُول : لَا تَكْدِير عَلَيْكُمْ , وَلَا تَنْغِيص فِيمَا تَأْكُلُونَهُ وَتَشْرَبُونَ مِنْهُ , وَلَكِنَّهُ لَكُمْ دَائِم لَا يَزُول , وَمَرِيء لَا يُورِثكُمْ أَذًى فِي أَبْدَانكُمْ .
وَقَوْله : { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَال لَهُمْ : هَذَا جَزَاء بِمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ طَاعَة اللَّه , وَتَجْتَهِدُونَ فِيمَا يُقَرِّبكُمْ مِنْهُ .
وَقَوْله : { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَال لَهُمْ : هَذَا جَزَاء بِمَا كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ مِنْ طَاعَة اللَّه , وَتَجْتَهِدُونَ فِيمَا يُقَرِّبكُمْ مِنْهُ .
وَقَوْله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } يَقُول : إِنَّا كَمَا جَزَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْجَزَاء عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّانَا فِي الدُّنْيَا , كَذَلِكَ نَجْزِي وَنُثِيب أَهْل الْإِحْسَان فِي طَاعَتهمْ إِيَّانَا وَعِبَادَتهمْ لَنَا فِي الدُّنْيَا عَلَى إِحْسَانهمْ لَا نُضِيع فِي الْآخِرَة أَجْرهمْ .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ خَبَر اللَّه عَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ بِهِ مِنْ تَكْرِيمه هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ خَبَر اللَّه عَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ بِهِ مِنْ تَكْرِيمه هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ بِمَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا خَبَر اللَّه الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ عَمَّا هُوَ فَاعِل بِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَة .
وَقَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِوَعِيدِ اللَّه أَهْل التَّكْذِيب بِهِ : اِرْكَعُوا , لَا يَرْكَعُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحِين الَّذِي يُقَال لَهُمْ فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : يُقَال ذَلِكَ فِي الْآخِرَة حِين يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27886 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } يَقُول : يُدْعَوْنَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قِيلَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27887 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الرُّكُوع , فَإِنَّ الصَّلَاة مِنْ اللَّه بِمَكَانٍ . وَقَالَ قَتَادَة عَنْ اِبْن مَسْعُود , أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَا يَرْكَع , وَآخَر يَجُرّ إِزَاره , فَضَحِكَ , قَالُوا : مَا يُضْحِكك ؟ قَالَ : أَضْحَكَنِي رَجُلَانِ , أَمَّا أَحَدهمَا فَلَا يَقْبَل اللَّه صَلَاته , وَأَمَّا الْآخَر فَلَا يَنْظُر اللَّه إِلَيْهِ . وَقِيلَ : عُنِيَ بِالرُّكُوعِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27888 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اِرْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } قَالَ : صَلُّوا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَهُ مُخَالِفِينَ فِي أَمْره وَنَهْيه , لَا يَأْتَمِرُونَ بِأَمْرِهِ , وَلَا يَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : وَيْل لِلَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُل اللَّه , فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا بَلَّغُوا مِنْ أَمْر اللَّه إِيَّاهُمْ , وَنَهْيه لَهُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْده يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْد هَذَا الْقُرْآن , أَيْ أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم كَذَّبْتُمْ بِهِ مَعَ وُضُوح بُرْهَانه , وَصِحَّة دَلَائِله , أَنَّهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه تُؤْمِنُونَ , يَقُول : تُصَدِّقُونَ . وَإِنَّمَا أَعْلَمَهُمْ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُصَدِّقُوا بِهَذِهِ الْأَخْبَار الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا فِي هَذَا الْقُرْآن مَعَ صِحَّة حُجَجه عَلَى حَقِيقَته لَمْ يُمَكِّنهُمْ الْإِقْرَار بِحَقِيقَةِ شَيْء مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي لَمْ يُشَاهِدُوا الْمُخْبَر عَنْهُ , وَلَمْ يُعَايِنُوهُ , وَأَنَّهُمْ إِنْ صَدَّقُوا بِشَيْءٍ مِمَّا غَابَ عَنْهُمْ لِدَلِيلٍ قَامَ عَلَيْهِ لَزِمَهُمْ مِثْل ذَلِكَ فِي أَخْبَار هَذَا الْقُرْآن , وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة وَالْمُرْسَلَات .