الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَفَاكِهَة وَأَبًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفَاكِهَة : مَا يَأْكُلهُ النَّاس مِنْ ثِمَار الْأَشْجَار , وَالْأَبّ : مَا تَأْكُلهُ الْبَهَائِم مِنْ الْعُشْب وَالنَّبَات . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28183 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن { وَفَاكِهَة } قَالَ : مَا يَأْكُل اِبْن آدَم . 28184 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَفَاكِهَة } قَالَ : مَا أَكَلَ النَّاس . 28185 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَفَاكِهَة } قَالَ : أَمَّا الْفَاكِهَة فَلَكُمْ . 28186 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَفَاكِهَة } قَالَ : الْفَاكِهَة لَنَا . 28187 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا حُمَيْد , قَالَ : قَالَ أَنَس بْن مَالِك : قَرَأَ عُمَر : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { وَفَاكِهَة وَأَبًّا } قَالَ : قَدْ عَلِمْنَا مَا الْفَاكِهَة , فَمَا الْأَبّ ؟ ثُمَّ أَحْسَبهُ وَشَكَّ الطَّبَرِيّ قَالَ : إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّف . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَرَأَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ { عَبَسَ وَتَوَلَّى } فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة { وَفَاكِهَة وَأَبًّا } قَالَ : قَدْ عَرَفْنَا الْفَاكِهَة , فَمَا الْأَبّ ؟ قَالَ : لَعَمْرك يَا بْن الْخَطَّاب إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّف . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مُوسَى بْن أَنَس , عَنْ أَنَس , قَالَ : قَرَأَ عُمَر : { وَفَاكِهَة وَأَبًّا } قَالَ : قَدْ عَرَفْنَا الْفَاكِهَة , فَمَا الْأَبّ ؟ ثُمَّ قَالَ : بِحَسْبِنَا مَا قَدْ عَلِمْنَا , وَأَلْقَى الْعَصَا مِنْ يَده . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ خُلَيْد بْن جَعْفَر , بِحَسْبِنَا أَبِي إِيَاس مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , عَنْ أَنَس , عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ هَذَا هُوَ التَّكَلُّف . * - قَالَ : وَحَدَّثَنِي قَتَادَة , عَنْ أَنَس , عَنْ عُمَر بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيث كُلّه . 28188 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب وَيَعْقُوب , قَالُوا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت عَاصِم بْن كُلَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : عَدَّ سَبْعًا , جَعَلَ رِزْقه فِي سَبْعَة , وَجَعَلَهُ مِنْ سَبْعَة , وَقَالَ فِي آخِر ذَلِكَ : آلِيَّة مَا أَنْبَتَتْ الْأَرْض , مِمَّا لَا يَأْكُل النَّاس . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , قَالَ : ثَنَا عَاصِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْأَبّ : نَبْت الْأَرْض مِمَّا تَأْكُلهُ الدَّوَابّ , وَلَا يَأْكُلهُ النَّاس . 28189 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : عَدَّ اِبْن عَبَّاس , وَقَالَ : الْأَبّ : مَا أَنْبَتَتْ الْأَرْض لِلْأَنْعَامِ , وَهَذَا لَفْظ حَدِيث أَبِي كُرَيْب . وَقَالَ أَبُو السَّائِب فِي حَدِيثه , قَالَ : مَا أَنْبَتَتْ الْأَرْض مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَتَأْكُل الْأَنْعَام . 28190 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْأَب : الْكَلَأ وَالْمَرْعَى كُلّه . 28191 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : الْأَبّ النَّبَات . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين , مِثْله . 28192 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش أَوْ غَيْره , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْأَبّ : الْمَرْعَى . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد { وَأَبًّا } : الْمَرْعَى . 28193 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن { وَأَبًّا } قَالَ : الْأَب : مَا تَأْكُل الْأَنْعَام . 28193 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَأَبًّا } قَالَ : الْأَبّ : مَا أَكَلَتْ الْأَنْعَام . 28195 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : أَمَّا الْأَبّ : فَلِأَنْعَامِكُمْ نِعَم مِنْ اللَّه مُتَظَاهِرَة . 28196 - حَدَّثَنَا اِبْن بِشْر , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثَنَا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَأَبًّا } قَالَ : الْأَبّ : الْعُشْب . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , وقَتَادَة , فِي قَوْله : { وَأَبًّا } قَالَ : هُوَ مَا تَأْكُلهُ الدَّوَابّ . 28197 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَأَبًّا } يَعْنِي : الْمَرْعَى . 28198 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَبًّا } قَالَ : الْأَبّ لِأَنْعَامِنَا , قَالَ : وَالْأَبّ : مَا تَرْعَى . وَقَرَأَ : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } . * - قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس وَعَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّ أَنَس بْن مَالِك حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : قَالَ اللَّه : { وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غُلْبًا وَفَاكِهَة وَأَبًّا } كُلّ هَذَا قَدْ عَلِمْنَاهُ , فَمَا الْأَبّ ؟ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ : لَعَمْرك إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّف , وَاتَّبِعُوا مَا يَتَبَيَّن لَكُمْ فِي هَذَا الْكِتَاب . قَالَ عُمَر : وَمَا يَتَبَيَّن فَعَلَيْكُمْ بِهِ , وَمَا لَا فَدَعُوهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَبّ : الثِّمَار الرَّطْبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 28199 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَبًّا } يَقُول : الثِّمَار الرَّطْبَة .
وَقَوْله : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } يَقُول : أَنْبَتْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي يَأْكُلهَا بَنُو آدَم مَتَاعًا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس , وَمَنْفَعَة تَتَمَتَّعُونَ بِهَا , وَتَنْتَفِعُونَ , وَاَلَّتِي يَأْكُلهَا الْأَنْعَام لِأَنْعَامِكُمْ , وَأَصْل الْأَنْعَام الْإِبِل , ثُمَّ تُسْتَعْمَل فِي كُلّ رَاعِيَة . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28200 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } قَالَ : مَتَاعًا لَكُمْ الْفَاكِهَة , وَلِأَنْعَامِكُمْ الْعُشْب .
وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّة } ذُكِرَ أَنَّهَا اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقِيَامَة , وَأَحْسَبهَا مَأْخُوذَة مِنْ قَوْلهمْ : صَاحَ فُلَان لِصَوْتِ فُلَان : إِذَا اِسْتَمَعَ لَهُ , إِلَّا أَنَّ هَذَا يُقَال مِنْهُ : هُوَ مُصِيخ لَهُ , وَلَعَلَّ الصَّوْت هُوَ الصَّاخّ , فَإِنْ يَكُون ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون قِيلَ ذَلِكَ لِنَفْخَةِ الصُّور . ذِكْر مَنْ قَالَ : هُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقِيَامَة : 28201 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّة } قَالَ : هَذَا مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة عَظَّمَهُ اللَّه , وَحَذَّرَهُ عِبَاده .
وَقَوْله : { يَوْم يَفِرّ الْمَرْء مِنْ أَخِيهِ } يَقُول : فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّة فِي هَذَا الْيَوْم الَّذِي يَفِرّ فِيهِ الْمَرْء مِنْ أَخِيهِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : يَفِرّ مِنْ أَخِيهِ يَفِرّ عَنْ أَخِيهِ وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { يَفِرّ الْمَرْء مِنْ أَخِيهِ } : يَفِرّ عَنْ أَخِيهِ لِئَلَّا يَرَاهُ , وَمَا يَنْزِل بِهِ .
لَمْ يَتَعَرَّض الْمُصَنِّف لَهَا بِالتَّفْسِيرِ .
يَعْنِي زَوْجَته الَّتِي كَانَتْ زَوْجَته فِي الدُّنْيَا .
حَذَرًا مِنْ مُطَالَبَتهمْ إِيَّاهُ , بِمَا بَيْنه وَبَيْنهمْ مِنْ التَّبِعَات وَالْمَظَالِم .
حَذَرًا مِنْ مُطَالَبَتهمْ إِيَّاهُ , بِمَا بَيْنه وَبَيْنهمْ مِنْ التَّبِعَات وَالْمَظَالِم .
{ لِكُلِّ اِمْرِئٍ } يَعْنِي مِنْ الرَّجُل وَأَخِيهِ وَأُمّه وَأَبِيهِ . وَسَائِر مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَة { يَوْمئِذٍ } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة إِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّة يَوْم الْقِيَامَة { شَأْن يُغْنِيه } يَقُول : أَمْر يُغْنِيه , وَيَشْغَلهُ عَنْ شَأْن غَيْره , كَمَا : 28202 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه } أَفْضَى إِلَى كُلّ إِنْسَان مَا يَشْغَلهُ عَنْ النَّاس . 28203 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَارَة الْمَرْوَزِيّ الْحُسَيْن بْن حُرَيْث , قَالَ : ثَنَا الْفَضْل بْن مُوسَى , عَنْ عَائِذ بْن شُرَيْح , عَنْ أَنَس قَالَ : سَأَلْت عَائِشَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , إِنِّي سَائِلَتك عَنْ حَدِيث أَخْبَرَنِي أَنْتَ بِهِ , قَالَ : " إِذْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْم " قَالَتْ : يَا نَبِيّ اللَّه , كَيْف يُحْشَر الرِّجَال ؟ قَالَ : " حُفَاة عُرَاة " . ثُمَّ اِنْتَظَرَتْ سَاعَة فَقَالَتْ : يَا نَبِيّ اللَّه كَيْف يُحْشَر النِّسَاء ؟ قَالَ : " كَذَلِكَ حُفَاة عُرَاة " . قَالَتْ : وَاسَوْأَتَاهُ مِنْ يَوْم الْقِيَامَة ! قَالَ : " وَعَنْ ذَلِكَ تَسْأَلنِي , إِنَّهُ قَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَة لَا يَضُرّك كَانَ عَلَيْك ثِيَاب أَمْ لَا " , قَالَتْ : أَيّ آيَة هِيَ يَا نَبِيّ اللَّه ؟ قَالَ : { لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه } . 28204 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه } قَالَ : شَأْن قَدْ شَغَلَهُ عَنْ صَاحِبه .
وَقَوْله : { وُجُوه يَوْمئِذٍ مُسْفِرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وُجُوه يَوْمئِذٍ مُشْرِقَة مُضِيئَة , وَهِيَ وُجُوه الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَدْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . يُقَال : أَسْفَرَ وَجْه فُلَان : إِذَا حَسُنَ , وَمِنْهُ أَسْفَرَ الصُّبْح : إِذَا أَضَاءَ , وَكُلّ مُضِيء فَهُوَ مُسْفِر ; وَأَمَّا سَفَرَ بِغَيْرِ أَلِف , فَإِنَّمَا يُقَال لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَلْقَتْ نِقَابهَا عَنْ وَجْههَا أَوْ بُرْقُعهَا , يُقَال : قَدْ سَفَرَتْ الْمَرْأَة عَنْ وَجْههَا , إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ , فَهِيَ سَافِر ; وَمِنْهُ قَوْل تَوْبَة بْن الْحِمْيَر : وَكُنْت إِذَا مَا زُرْت لَيْلَى تَبَرْقَعَتْ فَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا الْغَدَاة سُفُورهَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ " سُفُورهَا " : إِلْقَاءَهَا بُرْقُعهَا عَنْ وَجْههَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله { مُسْفِرَة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28205 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مُسْفِرَة } يَقُول : مُشْرِقَة . 28206 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وُجُوه يَوْمئِذٍ مُسْفِرَة ضَاحِكَة مُسْتَبْشِرَة } قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْجَنَّة .
يَقُول : ضَاحِكَة مِنْ السُّرُور بِمَا أَعْطَاهَا اللَّه مِنْ النَّعِيم وَالْكَرَامَة .
لِمَا تَرْجُو مِنْ الزِّيَادَة .
لِمَا تَرْجُو مِنْ الزِّيَادَة .
وَقَوْله : { وَوُجُوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَوُجُوه وَهِيَ وُجُوه الْكُفَّار يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة . ذُكِرَ أَنَّ الْبَهَائِم الَّتِي يُصَيِّرهَا اللَّه تُرَابًا يَوْمئِذٍ بَعْد الْقَضَاء بَيْنهَا , يُحَوِّل ذَلِكَ التُّرَاب غَبَرَة فِي وُجُوه أَهْل الْكُفْر .
{ تَرْهَقُهَا قَتَرَة } يَقُول : يَغْشَى تِلْكَ الْوُجُوه قَتَرَة , وَهِيَ الْغَبَرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28207 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { تَرْهَقُهَا قَتَرَة } يَقُول : تَغْشَاهَا ذِلَّة . 28208 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { تَرْهَقُهَا قَتَرَة } قَالَ : هَذِهِ وُجُوه أَهْل النَّار ; قَالَ : وَالْقَتَرَة مِنْ الْغَبَرَة , قَالَ : وَهُمَا وَاحِد ; قَالَ : فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْقَتَرَة : مَا اِرْتَفَعَ , فَلَحِقَ بِالسَّمَاءِ , وَرَفَعَتْهُ الرِّيح , تُسَمِّيه الْعَرَب الْقَتَرَة , وَمَا كَانَ أَسْفَل فِي الْأَرْض فَهُوَ الْغَبَرَة .
وَقَوْله : { أُولَئِكَ هُمْ الْكَفَرَة الْفَجَرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ يَوْم الْقِيَامَة هُمْ الْكَفَرَة بِاَللَّهِ , كَانُوا فِي الدُّنْيَا الْفَجَرَة فِي دِينهمْ , لَا يُبَالُونَ مَا أَتَوْا بِهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّه , وَرَكِبُوا مِنْ مَحَارِمه , فَجَزَاهُمْ اللَّه بِسُوءِ أَعْمَالهمْ مَا أَخْبَرَ بِهِ عِبَاده . آخِر تَفْسِير سُورَة عَبَسَ .