الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ↓
يخبر تعالى, أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, لنفع الخلق, ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة, وأنواع المعاصي, إلى نور العلم والإيمان, والأخلاق الحسنة.
وقوله " بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله, إلا بإرادة من الله ومعونة.
ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم.
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب, فقال: " إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته, المشتمل على العلم بالحق والعمل به.
وفي ذكر " العزيز الحميد " بعد ذكر الصراط الموصل إليه, إشارة إلى أن من سلكه, فهو عزيز بعزة الله, قوي, ولو لم يكن له أنصار إلا الله, محمود في أموره, حسن العاقبة.
وقوله " بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله, إلا بإرادة من الله ومعونة.
ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم.
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب, فقال: " إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته, المشتمل على العلم بالحق والعمل به.
وفي ذكر " العزيز الحميد " بعد ذكر الصراط الموصل إليه, إشارة إلى أن من سلكه, فهو عزيز بعزة الله, قوي, ولو لم يكن له أنصار إلا الله, محمود في أموره, حسن العاقبة.
اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ↓
وليدل ذلك على أن صراط الله, من أكبر الأدلة على ما لله, من صفات الكمال, ونعوت الجلال.
وأن الذي نصبه لعباده, عزيز السلطان, حميد, في أقواله, وأفعاله, وأحكامه.
وأنه مألوه معبود بالعبادات, التي هي منازل الصراط المستقيم.
وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض, خلقا ورزقا, وتدبيرا, فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية, لأنهم ملكه, ولا يليق به أن يتركهم سدى.
فلما بين الدليل والبرهان, توعد من لم ينقد لذلك فقال: " وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " لا يقدر قدره, ولا يوصف أمره.
وأن الذي نصبه لعباده, عزيز السلطان, حميد, في أقواله, وأفعاله, وأحكامه.
وأنه مألوه معبود بالعبادات, التي هي منازل الصراط المستقيم.
وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض, خلقا ورزقا, وتدبيرا, فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية, لأنهم ملكه, ولا يليق به أن يتركهم سدى.
فلما بين الدليل والبرهان, توعد من لم ينقد لذلك فقال: " وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " لا يقدر قدره, ولا يوصف أمره.
الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ↓
ثم وصفهم بأنهم " الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ " فرضوا بها, واطمأنوا, وغفلوا عن الدار الآخرة.
" وَيَصُدُّونَ " الناس " عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " التي نصبها لعباده, وبينها في كتبه, وعلى ألسنة رسله, فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة.
" وَيَبْغُونَهَا " أي: سبيل الله " عِوَجًا " أي: يحرصون على تهجينها وتقبيحها, للتنفير منها, ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
" أُولَئِكَ " الذين ذكر وصفهم " فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ " لأنهم ضلوا, وأضلوا وشاقوا الله ورسوله, وحاربوهم.
فأي ضلال أبعد من هذا؟!!.
وأما أهل الإيمان, فعكس هؤلاء, يؤمنون بالله وآياته, ويستحبون الآخرة على الدنيا, ويدعون إلى سبيل الله ويحسنونها, مهما أمكنهم, ويبغون استقامتها.
" وَيَصُدُّونَ " الناس " عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " التي نصبها لعباده, وبينها في كتبه, وعلى ألسنة رسله, فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة.
" وَيَبْغُونَهَا " أي: سبيل الله " عِوَجًا " أي: يحرصون على تهجينها وتقبيحها, للتنفير منها, ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
" أُولَئِكَ " الذين ذكر وصفهم " فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ " لأنهم ضلوا, وأضلوا وشاقوا الله ورسوله, وحاربوهم.
فأي ضلال أبعد من هذا؟!!.
وأما أهل الإيمان, فعكس هؤلاء, يؤمنون بالله وآياته, ويستحبون الآخرة على الدنيا, ويدعون إلى سبيل الله ويحسنونها, مهما أمكنهم, ويبغون استقامتها.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ↓
وهذا من لطفه بعباده, أنه ما أرسل رسولا, إلا بلسان قومه, ليبين لهم ما يحتاجون إليه, ويتمكنون من تعلم ما أتى به.
بخلاف ما لو أتى على غير لسانهم, فإنهم يحتاجون إلى تلك اللغة, التي يتكلم بها, ثم يفهمون عنه.
فإذا بين الرسول ما أمروا به, ونهوا عنه, وقامت عليهم حجة الله, فيضل الله من يشاء, ممن لم ينقد للهدى, ويهدي من يشاء, ممن اختصه برحمته.
وهو العزيز الحكيم, الذي - من عزته - أنه انفرد بالهداية والإضلال, وتقليب القلوب إلى ما شاء.
ومن حكمته, أنه لا يضع هدايته ولا إضلاله, إلا بالمحل اللائق به.
ويستدل بهذه الآية الكريمة, على أن علوم العربية الموصلة إلى تبيين كلامه وكلام رسوله, أمور مطلوبة, محبوبة لله, لأنه لا يتم معرفة ما أنزل على رسوله إلا بها.
إلا إذا كان الناس في حالة, لا يحتاجون إليها, وذلك إذا تمرنوا على العربية, ونشأ عليها صغيرهم, وصارت طبيعة لهم, فحينئذ قد اكتفوا المؤنة وصلحوا لأن يتلقوا عن الله وعن رسوله, ابتداء, كما تلقى الصحابة " 4.
بخلاف ما لو أتى على غير لسانهم, فإنهم يحتاجون إلى تلك اللغة, التي يتكلم بها, ثم يفهمون عنه.
فإذا بين الرسول ما أمروا به, ونهوا عنه, وقامت عليهم حجة الله, فيضل الله من يشاء, ممن لم ينقد للهدى, ويهدي من يشاء, ممن اختصه برحمته.
وهو العزيز الحكيم, الذي - من عزته - أنه انفرد بالهداية والإضلال, وتقليب القلوب إلى ما شاء.
ومن حكمته, أنه لا يضع هدايته ولا إضلاله, إلا بالمحل اللائق به.
ويستدل بهذه الآية الكريمة, على أن علوم العربية الموصلة إلى تبيين كلامه وكلام رسوله, أمور مطلوبة, محبوبة لله, لأنه لا يتم معرفة ما أنزل على رسوله إلا بها.
إلا إذا كان الناس في حالة, لا يحتاجون إليها, وذلك إذا تمرنوا على العربية, ونشأ عليها صغيرهم, وصارت طبيعة لهم, فحينئذ قد اكتفوا المؤنة وصلحوا لأن يتلقوا عن الله وعن رسوله, ابتداء, كما تلقى الصحابة " 4.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ↓
يخبر تعالى: أنه أرسل موسى بآياته العظيمة, الدالة على صدق ما جاء به وصحته, وأمره بما أمر الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, بل وبما أمر به جميع الرسل قومهم.
" أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " أي: ظلمات الجهل والكفر وفروعه, إلى نور العلم والإيمان وتوابعه.
" وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ " أي: بنعمه عليهم, وإحسانه إليهم وبأيامه في الأمم المكذبين, ووقائعه بالكافرين, ليشكروا نعمه, وليحذروا عقابه.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ " أي: في أيام الله على العباد " لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ " أي: صبار في الضراء والعسر والضيق, شكور على السراء والنعمة.
" أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " أي: ظلمات الجهل والكفر وفروعه, إلى نور العلم والإيمان وتوابعه.
" وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ " أي: بنعمه عليهم, وإحسانه إليهم وبأيامه في الأمم المكذبين, ووقائعه بالكافرين, ليشكروا نعمه, وليحذروا عقابه.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ " أي: في أيام الله على العباد " لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ " أي: صبار في الضراء والعسر والضيق, شكور على السراء والنعمة.
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ↓
فإنه يستدل بأيامه, على كمال قدرته, وعميم إحسانه, وتمام عدله وحكمته.
ولهذا امتثل موسى عليه السلام أمر ربه, فذكرهم نعم الله فقال: " اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ " أي: بقلوبكم وألسنتكم.
" إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ " أي: يولونكم " سُوءَ الْعَذَابِ " أي أشده, وفسر ذلك بقوله: " وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ " أي: يبقونهن فلا يقتلونهن.
" وَفِي ذَلِكُمْ " الإنجاء " بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ " أي: نعمة عظيمة.
أو في ذلكم العذاب, الذي ابتليتم به من فرعون وملأه ابتلاء من الله عظيم لكم, لينظر هل تعتبرون أم لا؟
ولهذا امتثل موسى عليه السلام أمر ربه, فذكرهم نعم الله فقال: " اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ " أي: بقلوبكم وألسنتكم.
" إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ " أي: يولونكم " سُوءَ الْعَذَابِ " أي أشده, وفسر ذلك بقوله: " وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ " أي: يبقونهن فلا يقتلونهن.
" وَفِي ذَلِكُمْ " الإنجاء " بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ " أي: نعمة عظيمة.
أو في ذلكم العذاب, الذي ابتليتم به من فرعون وملأه ابتلاء من الله عظيم لكم, لينظر هل تعتبرون أم لا؟
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ↓
وقال لهم - حاثا على شكر نعم الله -: " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ " أي أعلم ووعد.
" لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " من نعمي " وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " ومن ذلك, أن يزيل عنهم النعمة, التي أنعم بها عليهم.
والشكر هو اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله تعالى, وكفر النعمة, ضد ذلك.
" لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " من نعمي " وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " ومن ذلك, أن يزيل عنهم النعمة, التي أنعم بها عليهم.
والشكر هو اعتراف القلب بنعم الله, والثناء على الله بها, وصرفها في مرضاة الله تعالى, وكفر النعمة, ضد ذلك.
وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ↓
" وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا " فلن تضروا الله شيئا.
" فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ " فالطاعات لا تزيد في ملكه, والمعاصي, لا تنقص.
وهو كامل الغنى, حميد في ذاته, وأسمائه وصفاته, وأفعاله.
ليس له من الصفات, إلا كل صفة حمد وكمال.
ولا من الأسماء إلا كل اسم حسن.
ولا من الأفعال, إلا كل فعل جميل.
" فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ " فالطاعات لا تزيد في ملكه, والمعاصي, لا تنقص.
وهو كامل الغنى, حميد في ذاته, وأسمائه وصفاته, وأفعاله.
ليس له من الصفات, إلا كل صفة حمد وكمال.
ولا من الأسماء إلا كل اسم حسن.
ولا من الأفعال, إلا كل فعل جميل.
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ↓
يقول تعالى - مخوفا عباده, ما أحله بالأمم المكذبة, حين جاءتهم الرسل, فكذبوهم, فعاقبهم بالعقاب العاجل, الذي رآه الناس وسمعوه فقال: " أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ " .
وقد ذكر الله قصصهم في كتابه, وبسطها.
" وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ " من كثرتهم, وكون أخبارهم اندرست.
فهؤلاء كلهم " جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ " أي: بالأدلة الدالة على صدق ما جاءوا به.
فلم يرسل الله رسولا, إلا أتاه من الآيات, ما يؤمن على مثله الشر.
فحين أتتهم رسلهم بالبينات لم ينقادوا لها, بل استكبروا عنها.
" فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ " أي: لم يؤمنوا بما جاءوا به, ولم يتفوهوا بشيء مما يدل على الإيمان كقوله " يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " .
" وَقَالُوا " صريحا لرسلهم: " إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ " أي: موقع في الريبة, وقد كذبوا في ذلك وظلموا.
وقد ذكر الله قصصهم في كتابه, وبسطها.
" وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ " من كثرتهم, وكون أخبارهم اندرست.
فهؤلاء كلهم " جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ " أي: بالأدلة الدالة على صدق ما جاءوا به.
فلم يرسل الله رسولا, إلا أتاه من الآيات, ما يؤمن على مثله الشر.
فحين أتتهم رسلهم بالبينات لم ينقادوا لها, بل استكبروا عنها.
" فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ " أي: لم يؤمنوا بما جاءوا به, ولم يتفوهوا بشيء مما يدل على الإيمان كقوله " يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " .
" وَقَالُوا " صريحا لرسلهم: " إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ " أي: موقع في الريبة, وقد كذبوا في ذلك وظلموا.
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ↓
ولهذا " قَالَتِ " لهم " رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ " أي: فإنه أظهر الأشياء وأجلاها.
فمن شك في الله " فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " الذي وجود الأشياء مستند إلى وجوده, لم يكن عنده ثقة بشيء من المعلومات, حتى الأمور المحسوسة.
ولهذا خاطبتهم الرسل, خطاب من لا يشك فيه ولا يصلح الريب فيه.
" يَدْعُوكُمْ " إلى منافعكم ومصالحكم " لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " أي: ليثيبكم على الاستجابة لدعوته, بالثواب العاجل والآجل, فلم يدعكم لينتفع بعبادتكم, بل النفع عائد إليكم.
فردوا على رسلهم, رد السفهاء الجاهلين " وَقَالُوا " لهم: " إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا " أي: فكيف تفضلوننا بالنبوة والرسالة.
" تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا " فكيف نترك رأي الآباء وسيرتهم, لرأيكم؟ وكيف نطيعكم وأنتم بشر مثلنا؟ " فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ " أي: بحجة وبينة ظاهرة.
ومرادهم بينة يقترحونها هم, وإلا فقد تقدم أن رسلهم جاءتهم بالبينات.
فمن شك في الله " فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " الذي وجود الأشياء مستند إلى وجوده, لم يكن عنده ثقة بشيء من المعلومات, حتى الأمور المحسوسة.
ولهذا خاطبتهم الرسل, خطاب من لا يشك فيه ولا يصلح الريب فيه.
" يَدْعُوكُمْ " إلى منافعكم ومصالحكم " لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " أي: ليثيبكم على الاستجابة لدعوته, بالثواب العاجل والآجل, فلم يدعكم لينتفع بعبادتكم, بل النفع عائد إليكم.
فردوا على رسلهم, رد السفهاء الجاهلين " وَقَالُوا " لهم: " إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا " أي: فكيف تفضلوننا بالنبوة والرسالة.
" تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا " فكيف نترك رأي الآباء وسيرتهم, لرأيكم؟ وكيف نطيعكم وأنتم بشر مثلنا؟ " فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ " أي: بحجة وبينة ظاهرة.
ومرادهم بينة يقترحونها هم, وإلا فقد تقدم أن رسلهم جاءتهم بالبينات.
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ↓
" قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ " مجيبين لاقتراحهم واعتراضهم: " إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ " أي: صحيح وحقيقة, إنا بشر مثلكم,.
" وَلَكِنْ " ليس في ذلك, ما يدفع ما جئنا به من الحق, فإن " اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " فإذا من الله علينا بوحيه ورسالته, فذلك فضله وإحسانه, وليس لأحد أن يحجر على الله فضله ويمنعه من تفضله.
فانظروا ما جئناكم به, فإن كان حقا, فاقبلوه, وإن كان غير ذلك, فردوه ولا تجعلوا حالنا, حجة لكم على رد ما جئناكم به.
وقولكم: " فائتونا بسلطان مبين " فإن هذا ليس بأيدينا, وليس لنا من الأمر شيء.
" وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " فهو الذي إن شاء جاءكم به وإن شاء, لم يأتكم به, وهو لا يفعل إلا ما هو متقضي حكمته ورحمته.
" وَعَلَى اللَّهِ " لا على غيره " فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " فيعتمدون عليه في جلب مصالحهم, ودفع مضارهم, لعلمهم بتمام كفايته, وكمال قدرته, وعميم إحسانه.
ويثقون به, في تيسير ذلك, وبحسب ما معهم من الإيمان يكون توكلهم.
" وَلَكِنْ " ليس في ذلك, ما يدفع ما جئنا به من الحق, فإن " اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " فإذا من الله علينا بوحيه ورسالته, فذلك فضله وإحسانه, وليس لأحد أن يحجر على الله فضله ويمنعه من تفضله.
فانظروا ما جئناكم به, فإن كان حقا, فاقبلوه, وإن كان غير ذلك, فردوه ولا تجعلوا حالنا, حجة لكم على رد ما جئناكم به.
وقولكم: " فائتونا بسلطان مبين " فإن هذا ليس بأيدينا, وليس لنا من الأمر شيء.
" وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " فهو الذي إن شاء جاءكم به وإن شاء, لم يأتكم به, وهو لا يفعل إلا ما هو متقضي حكمته ورحمته.
" وَعَلَى اللَّهِ " لا على غيره " فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " فيعتمدون عليه في جلب مصالحهم, ودفع مضارهم, لعلمهم بتمام كفايته, وكمال قدرته, وعميم إحسانه.
ويثقون به, في تيسير ذلك, وبحسب ما معهم من الإيمان يكون توكلهم.
وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ↓
فعلم بهذا, وجوب التوكل, وأنه من لوازم الإيمان, ومن العبادات الكبار, التي يحبها الله ويرضاها, لتوقف سائر العبادات عليه.
" وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا " أي: أي شيء يمنعنا من التوكل على الله, والحال, أننا على الحق والهدى.
ومن كان على الحق والهدى, فإن هداه, يوجب له تمام التوكل.
وكذلك ما يعلم من أن الله متكفل بمعونة المهتدي وكفايته, يدعو إلى ذلك.
بخلاف من لم يكن على الحق والهدى, فإنه ليس ضامنا على الله, فإن حاله مناقضة لحال المتوكل.
وفي هذا كالإشارة من الرسل, عليهم الصلاة والسلام لقومهم, بآية عظيمة.
وهو أن قومهم - في الغالب - أن لهم القهر والغلبة عليهم.
فتحدثهم رسلهم, بأنهم متوكلون على الله, في دفع كيدهم ومكرهم, وجازمون بكفايته إياهم.
وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم على إتلافهم, وإطفاء ما معهم من الحق.
فيكون هذا, كقول نوح لقومه: " يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله, فعلى الله توكلت, فأجمعوا أمركم وشركاءكم, ثم لا يكن أمركم عليكم غمة, ثم اقضوا إلي ولا تنظرون " الآيات.
وقول هود عليه السلام " إني أشهد الله واشهدوا, أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون " .
" وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا " أي: ولنستمرن على دعوتكم, ووعظكم, وتذكيركم, ولا نبالي بما يأتينا منكم, من الأذى, فإنا سنوطن أنفسنا على ما ينالنا منكم من الأذى, احتسابا للأجر, ونصحا لكم, لعل الله أن يهديكم مع كثرة التذكير.
" وَعَلَى اللَّهِ " وحده لا على غيره " فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " فإن التوكل عليه, مفتاح لكل خير.
واعلم أن الرسل, عليهم الصلاة والسلام, توكلهم في أعلى المطالب وأشرف المراتب, وهو التوكل على الله, في إقامة دينه ونصره, وهداية عبيده, وإزالة الضلال عنهم, وهذا أكمل ما يكون من التوكل.
" وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا " أي: أي شيء يمنعنا من التوكل على الله, والحال, أننا على الحق والهدى.
ومن كان على الحق والهدى, فإن هداه, يوجب له تمام التوكل.
وكذلك ما يعلم من أن الله متكفل بمعونة المهتدي وكفايته, يدعو إلى ذلك.
بخلاف من لم يكن على الحق والهدى, فإنه ليس ضامنا على الله, فإن حاله مناقضة لحال المتوكل.
وفي هذا كالإشارة من الرسل, عليهم الصلاة والسلام لقومهم, بآية عظيمة.
وهو أن قومهم - في الغالب - أن لهم القهر والغلبة عليهم.
فتحدثهم رسلهم, بأنهم متوكلون على الله, في دفع كيدهم ومكرهم, وجازمون بكفايته إياهم.
وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم على إتلافهم, وإطفاء ما معهم من الحق.
فيكون هذا, كقول نوح لقومه: " يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله, فعلى الله توكلت, فأجمعوا أمركم وشركاءكم, ثم لا يكن أمركم عليكم غمة, ثم اقضوا إلي ولا تنظرون " الآيات.
وقول هود عليه السلام " إني أشهد الله واشهدوا, أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون " .
" وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا " أي: ولنستمرن على دعوتكم, ووعظكم, وتذكيركم, ولا نبالي بما يأتينا منكم, من الأذى, فإنا سنوطن أنفسنا على ما ينالنا منكم من الأذى, احتسابا للأجر, ونصحا لكم, لعل الله أن يهديكم مع كثرة التذكير.
" وَعَلَى اللَّهِ " وحده لا على غيره " فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " فإن التوكل عليه, مفتاح لكل خير.
واعلم أن الرسل, عليهم الصلاة والسلام, توكلهم في أعلى المطالب وأشرف المراتب, وهو التوكل على الله, في إقامة دينه ونصره, وهداية عبيده, وإزالة الضلال عنهم, وهذا أكمل ما يكون من التوكل.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ↓
لما ذكر دعوة الرسل لقومهم ودوامهم على ذلك, وعدم مللهم, ذكر منتهى ما وصلت بهم الحال, مع قومهم فقال: " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ " متوعدين لهم - " لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا " وهذا أبلغ ما يكون من الرد, وليس بعد هذا فيهم, مطمع.
لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى, بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم ونسبوها إلى أنفسهم, وزعموا أن الرسل, لا حق لهم فيها.
وهذا من أعظم الظلم, فإن الله أخرج عباده إلى الأرض, وأمرهم بعبادته, وسخر لهم الأرض وما عليها, يستعينون بها على عبادته.
فمن استعان بذلك على عبادة الله, حل له ذلك, وخرج من التبعة.
ومن استعان بذلك على الكفر وأنواع المعاصي, لم يكن ذلك خالصا له, ولم يحل له.
فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة, ليس لهم شيء من الأرض, التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها.
وإن رجعنا إلى مجرد العادة, فإن الرسل من جملة أهل بلادهم, وأفراد منهم.
فلأي شيء يمنعونهم حقا لهم, صريحا واضحا؟!! هل هذا إلا من عدم الدين والمروءة بالكلية؟ ولهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال, ما بقي حينئذ, إلا أن يمضي الله أمره, وينصر أولياءه.
" فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ " بأنواع العقوبات.
لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى, بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم ونسبوها إلى أنفسهم, وزعموا أن الرسل, لا حق لهم فيها.
وهذا من أعظم الظلم, فإن الله أخرج عباده إلى الأرض, وأمرهم بعبادته, وسخر لهم الأرض وما عليها, يستعينون بها على عبادته.
فمن استعان بذلك على عبادة الله, حل له ذلك, وخرج من التبعة.
ومن استعان بذلك على الكفر وأنواع المعاصي, لم يكن ذلك خالصا له, ولم يحل له.
فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة, ليس لهم شيء من الأرض, التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها.
وإن رجعنا إلى مجرد العادة, فإن الرسل من جملة أهل بلادهم, وأفراد منهم.
فلأي شيء يمنعونهم حقا لهم, صريحا واضحا؟!! هل هذا إلا من عدم الدين والمروءة بالكلية؟ ولهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال, ما بقي حينئذ, إلا أن يمضي الله أمره, وينصر أولياءه.
" فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ " بأنواع العقوبات.
" وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ " أي: العاقبة الحسنة التي جعلها الله للرسل ومن تبعهم, جزاء " لِمَنْ خَافَ مَقَامِي " عليه في الدنيا, وراقب الله مراقبة من يعلم أنه يراه.
" وَخَافَ وَعِيدِ " أي: ما توعدت به من عصاني, فأوجب له ذلك, الانكفاف عما يكرهه الله, والمبادرة إلى ما يحبه الله.
" وَخَافَ وَعِيدِ " أي: ما توعدت به من عصاني, فأوجب له ذلك, الانكفاف عما يكرهه الله, والمبادرة إلى ما يحبه الله.
" وَاسْتَفْتَحُوا " أي: الكفار, أي: هم الذين طلبوا, واستعجلوا فتح الله وفرقانه, بين أوليائه وأعدائه, فجاءهم ما استفتحوا به, وإلا فالله عليم حليم, لا يعاجل من عصاه بالعقوبة.
" وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ " أي: خسر في الدنيا والآخرة, من تجبر على الله وعلى الحق, وعلى عباد الله, واستكبر في الأرض, وعاند الرسل, وشاقهم.
" وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ " أي: خسر في الدنيا والآخرة, من تجبر على الله وعلى الحق, وعلى عباد الله, واستكبر في الأرض, وعاند الرسل, وشاقهم.
" مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ " أي: جهنم لهذا الجبار العنيد بالمرصاد, فلا بد له من ورودها, فيذاق حينئذ العذاب الشديد.
" وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ " في لونه, وطعمه, ورائحته الخبيثة, وهو في غاية الحرارة.
" وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ " في لونه, وطعمه, ورائحته الخبيثة, وهو في غاية الحرارة.
يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ↓
" يَتَجَرَّعُهُ " من العطش الشديد " وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ " فإنه إذا قرب إلى وجهه, شواه, وإذا وصل إلى بطنه, قطع ما أتى عليه من الأمعاء.
" وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ " أي: يأتيه العذاب الشديد من كل نوع من أنواع العذاب, وكل نوع منه, من شدته يبلغ إلى الموت ولكن الله قضى أن لا يموتوا كما قال تعالى: , لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور * " وهم يصطرخون فيها " .
" وَمِنْ وَرَائِهِ " أي: الجبار العنيد " عَذَابٍ غَلِيظٍ " أي: قوي شديد, لا يعلم وصفه وشدته, إلا الله تعالى.
" وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ " أي: يأتيه العذاب الشديد من كل نوع من أنواع العذاب, وكل نوع منه, من شدته يبلغ إلى الموت ولكن الله قضى أن لا يموتوا كما قال تعالى: , لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور * " وهم يصطرخون فيها " .
" وَمِنْ وَرَائِهِ " أي: الجبار العنيد " عَذَابٍ غَلِيظٍ " أي: قوي شديد, لا يعلم وصفه وشدته, إلا الله تعالى.
مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ↓
يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: إما أن المراد بها, الأعمال التي عملوها لله, بأنها في ذهابها وبطلانها واضمحلالها كاضمحلال الرماد, الذي هو أدق الأشياء وأخفها, إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب, فإنه لا يبقى منه شيئا, ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل.
فكذلك أعمال الكفار " لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ " ولا على مثقال ذرة منه, لأنه مبني على الكفر والتكذيب.
" ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ " حيث بطل سعيهم, واضمحل عملهم.
وإما أن المراد بذلك, أعمال الكفار التي عملوها, ليكيدوا بها الحق.
فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك, ومكرهم عائد عليهم, ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم, من الحق شيئا.
فكذلك أعمال الكفار " لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ " ولا على مثقال ذرة منه, لأنه مبني على الكفر والتكذيب.
" ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ " حيث بطل سعيهم, واضمحل عملهم.
وإما أن المراد بذلك, أعمال الكفار التي عملوها, ليكيدوا بها الحق.
فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك, ومكرهم عائد عليهم, ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم, من الحق شيئا.
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ↓
ينبه تعالى عباده بأن " اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ " أي: ليعبده الخلق ويعرفوه, ويأمرهم وينهاهم, وليستدلوا بهما, وما فيهما, على ما له, من صفات الكمال.
وليعلموا أن الذي خلق السماوات والأرض - على عظمهما وسعتهما - قادر على أن يعيدهم خلقا جديدا, ليجازيهم بإحسانهم وإساءتهم, وأن قدرته ومشيئته, لا تقصر عن ذلك, ولهذا قال: " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ " .
يحتمل أن المعنى: إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم غيركم, يكونون أطوع لله منكم.
ويحتمل أن المراد: إن يشأ يفنيكم, ثم يعيدكم بالبعث خلقا جديدا.
ويدل على هذا الاحتمال, ما ذكره بعده, من أحوال يوم القيامة.
وليعلموا أن الذي خلق السماوات والأرض - على عظمهما وسعتهما - قادر على أن يعيدهم خلقا جديدا, ليجازيهم بإحسانهم وإساءتهم, وأن قدرته ومشيئته, لا تقصر عن ذلك, ولهذا قال: " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ " .
يحتمل أن المعنى: إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم غيركم, يكونون أطوع لله منكم.
ويحتمل أن المراد: إن يشأ يفنيكم, ثم يعيدكم بالبعث خلقا جديدا.
ويدل على هذا الاحتمال, ما ذكره بعده, من أحوال يوم القيامة.
" وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ " أي: بممتنع بل هو سهل عليه جدا.
" ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " .
" ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " .
وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ↓
" وَبَرَزُوا " أي: الخلائق " لِلَّهِ جَمِيعًا " حين ينفخ في الصور, فيخرجون من الأجداث إلى ربهم, فيقفون في أرض مستوية, قاع صفصف, لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ويبرزون له, لا يخفى عليه منهم خافية.
فإذا برزوا, صاروا يتحاجون, وكل يدفع عن نفسه, ويدافع ما يقدر عليه ولكن أني لهم ذلك؟ " فَقَالَ الضُّعَفَاءُ " أي: التابعون والمقلدون " لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا " وهم: المتبوعون, الذين هم قادة في الضلال: " إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا " أي: في الدنيا, أمرتمونا بالضلال, وزينتموه لنا, فأغويتمونا.
" فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ " أي: ولو مثقال ذرة.
" قَالُوا " أي: المتبوعون والرؤساء " أغويناكم كما غوينا " و " لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ " فلا يغني أحد أحدا.
" سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا " من العذاب " أَمْ صَبَرْنَا " عليه.
" مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ " أي: لا ملجأ نلجأ إليه, ولا مهرب لنا من عذاب الله.
فإذا برزوا, صاروا يتحاجون, وكل يدفع عن نفسه, ويدافع ما يقدر عليه ولكن أني لهم ذلك؟ " فَقَالَ الضُّعَفَاءُ " أي: التابعون والمقلدون " لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا " وهم: المتبوعون, الذين هم قادة في الضلال: " إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا " أي: في الدنيا, أمرتمونا بالضلال, وزينتموه لنا, فأغويتمونا.
" فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ " أي: ولو مثقال ذرة.
" قَالُوا " أي: المتبوعون والرؤساء " أغويناكم كما غوينا " و " لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ " فلا يغني أحد أحدا.
" سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا " من العذاب " أَمْ صَبَرْنَا " عليه.
" مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ " أي: لا ملجأ نلجأ إليه, ولا مهرب لنا من عذاب الله.
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ↓
أي: " وَقَالَ الشَّيْطَانُ " الذي هو سبب لكل شر يقع ووقع في العالم, مخاطبا لأهل النار, ومتبرئا منهم " لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ " ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار: " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ " على ألسنة رسله, فلم تطيعوه, فلو أطعتموه, لأدركتم الفوز العظيم.
" وَوَعَدْتُكُمْ " الخير " فَأَخْلَفْتُكُمْ " أي: لم يحصل, ولن يحصل لكم ما منيتكم به, من الأماني الباطلة.
" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " أي: من حجة على تأييد قولي.
" إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي " أي: هذه نهاية ما عندي, أني دعوتكم إلى مرادى, وزينته لكم, فاستجبتم لي, اتباعا لأهوائكم وشهواتكم.
فإذا كانت الحال بهذه الصورة " فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ " فأنتم السبب, وعليكم المدار في موجب العقاب.
" مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ " أي: بمغيثكم من الشدة التي أنتم بها " وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ " كل له قسط من العذاب.
" إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ " أي: تبرأت من جعلكم لي شريكا مع الله, فلست شريكا لله, ولا تجب طاعتي.
" إِنَّ الظَّالِمِينَ " لأنفسهم بطاعة الشيطان " لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " خالدين فيه أبدا.
وهذا من لطف الله بعباده, أن حذرهم من طاعة الشيطان وأخبر بمداخله, التي يدخل منها على الإنسان ومقاصده فيه, وأنه يقصد أن يدخله النيران.
وهنا بين لنا أنه إذا دخل النار هو وجنده, أنه يتبرأ منهم هذه البراءة, ويكفر بشركهم " ولا ينبئك مثل خبير " .
واعلم أن الله ذكر في هذه الآية, أن الشيطان ليس له سلطان.
وقال في آية أخرى " إنما سلطانه على الذين يتولونه, والذين هم به مشركون " .
فالسلطان الذي نفاه عنه, هو سلطان الحجة والدليل.
فليس له حجة أصلا, على ما يدعو إليه.
وإنما نهاية ذلك, أن يقيم من الشبه والتزيينات, ما به يتجرأون على المعاصي.
وأما السلطان, الذي أثبته, فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يؤزهم إلى المعاصي أزا, وهم الذين سلطوه على أنفسهم, بموالاته, والالتحاق بحزبه.
ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
" وَوَعَدْتُكُمْ " الخير " فَأَخْلَفْتُكُمْ " أي: لم يحصل, ولن يحصل لكم ما منيتكم به, من الأماني الباطلة.
" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ " أي: من حجة على تأييد قولي.
" إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي " أي: هذه نهاية ما عندي, أني دعوتكم إلى مرادى, وزينته لكم, فاستجبتم لي, اتباعا لأهوائكم وشهواتكم.
فإذا كانت الحال بهذه الصورة " فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ " فأنتم السبب, وعليكم المدار في موجب العقاب.
" مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ " أي: بمغيثكم من الشدة التي أنتم بها " وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ " كل له قسط من العذاب.
" إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ " أي: تبرأت من جعلكم لي شريكا مع الله, فلست شريكا لله, ولا تجب طاعتي.
" إِنَّ الظَّالِمِينَ " لأنفسهم بطاعة الشيطان " لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " خالدين فيه أبدا.
وهذا من لطف الله بعباده, أن حذرهم من طاعة الشيطان وأخبر بمداخله, التي يدخل منها على الإنسان ومقاصده فيه, وأنه يقصد أن يدخله النيران.
وهنا بين لنا أنه إذا دخل النار هو وجنده, أنه يتبرأ منهم هذه البراءة, ويكفر بشركهم " ولا ينبئك مثل خبير " .
واعلم أن الله ذكر في هذه الآية, أن الشيطان ليس له سلطان.
وقال في آية أخرى " إنما سلطانه على الذين يتولونه, والذين هم به مشركون " .
فالسلطان الذي نفاه عنه, هو سلطان الحجة والدليل.
فليس له حجة أصلا, على ما يدعو إليه.
وإنما نهاية ذلك, أن يقيم من الشبه والتزيينات, ما به يتجرأون على المعاصي.
وأما السلطان, الذي أثبته, فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يؤزهم إلى المعاصي أزا, وهم الذين سلطوه على أنفسهم, بموالاته, والالتحاق بحزبه.
ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ↓
ولما ذكر عقاب الظالمين, ذكر ثواب الطائعين فقال: " وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " أي: الذين قاموا بالدين, قولا, وعملا, واعتقادا.
" جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " فيها من اللذات والشهوات, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
" خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " أي: لا بحولهم وقوتهم, بل بحول الله وقوته.
" تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ " أي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام, والتحية, والكلام الطيب.
" جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " فيها من اللذات والشهوات, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
" خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ " أي: لا بحولهم وقوتهم, بل بحول الله وقوته.
" تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ " أي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام, والتحية, والكلام الطيب.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ↓
يقول تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً " وهي شهادة أن لا إله إلا الله, وفروعها.
" كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ " وهي النخلة " أَصْلُهَا ثَابِتٌ " في الأرض " وَفَرْعُهَا " منتشر " فِي السَّمَاءِ " وهي كثيرة النفع دائما.
" تُؤْتِي أُكُلَهَا " أي ثمرتها " كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا " .
فكذلك شجرة الإيمان, أصلها ثابت في قلب المؤمن, علما, واعتقادا.
وفرعها من الكلم الطيب, والعمل الصالح, والأخلاق المرضية, والآداب الحسنة, في السماء دائما, يصعد إلى الله منه, من الأعمال والأقوال, التي تخرجها شجرة الإيمان, ما ينتفع به المؤمن, وينتفع غيره.
" وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " ما أمرهم به ونهاهم عنه.
فإن في ضرب الأمثال, تقريبا للمعاني المعقولة, من الأمثال المحسوسة, ويتبين المعنى الذي أراده الله, غاية البيان, ويتضح, غاية الوضوح, وهذا من رحمته, وحسن تعليمه.
فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه.
فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها, في قلب المؤمن.
" كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ " وهي النخلة " أَصْلُهَا ثَابِتٌ " في الأرض " وَفَرْعُهَا " منتشر " فِي السَّمَاءِ " وهي كثيرة النفع دائما.
" تُؤْتِي أُكُلَهَا " أي ثمرتها " كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا " .
فكذلك شجرة الإيمان, أصلها ثابت في قلب المؤمن, علما, واعتقادا.
وفرعها من الكلم الطيب, والعمل الصالح, والأخلاق المرضية, والآداب الحسنة, في السماء دائما, يصعد إلى الله منه, من الأعمال والأقوال, التي تخرجها شجرة الإيمان, ما ينتفع به المؤمن, وينتفع غيره.
" وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " ما أمرهم به ونهاهم عنه.
فإن في ضرب الأمثال, تقريبا للمعاني المعقولة, من الأمثال المحسوسة, ويتبين المعنى الذي أراده الله, غاية البيان, ويتضح, غاية الوضوح, وهذا من رحمته, وحسن تعليمه.
فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه.
فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها, في قلب المؤمن.
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ↓
وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ↓
ثم ذكر ضدها وهي: كلمة الكفر, وفرعها فقال: " وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ " المأكل والمطعم, وهي: شجرة الحنظل ونحوها.
" اجْتُثَّتْ " هذه الشجرة " مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ " أي: ثبوت فلا عروق تمسكها, ولا ثمرة صالحة, تنتجها, بل إن وجد فيها ثمرة, فهي ثمرة خبيثة.
كذلك كلمة الكفر والمعاصي, ليس لها ثبوت نافع في القلب, ولا تثمر إلا كل قول خبيث, وعمل خبيث, يؤذي صاحبه, ولا يصعد إلى الله منه عمل صالح, ولا ينفع نفسه ولا ينتفع به غيره.
" اجْتُثَّتْ " هذه الشجرة " مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ " أي: ثبوت فلا عروق تمسكها, ولا ثمرة صالحة, تنتجها, بل إن وجد فيها ثمرة, فهي ثمرة خبيثة.
كذلك كلمة الكفر والمعاصي, ليس لها ثبوت نافع في القلب, ولا تثمر إلا كل قول خبيث, وعمل خبيث, يؤذي صاحبه, ولا يصعد إلى الله منه عمل صالح, ولا ينفع نفسه ولا ينتفع به غيره.
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء ↑
يخبر تعالى: أنه يثبت عباده المؤمنين أي: الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام, الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها.
فيثبتهم الله في الحياة الدنيا, عند ورود الشبهات, بالهداية إلى اليقين.
وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة, على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها.
وفي الآخرة عند الموت, بالثبات على الدين الإسلامي, والخاتمة الحسنة.
وفي القبر عند سؤال الملكين, للجواب الصحيح, إذا قيل للميت " من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ " هداهم للجواب الصحيح, بأن يقول المؤمن: " الله ربي, والإسلام ديني, ومحمد نبيي " .
" وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ " عن الصواب في الدنيا والآخرة, وما ظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم.
وفي هذه الآية, دلالة على فتنة القبر, وعذابه, ونعيمه, كما تواترت بذلك النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم, في الفتنة وصفتها, ونعيم القبر وعذابه.
فيثبتهم الله في الحياة الدنيا, عند ورود الشبهات, بالهداية إلى اليقين.
وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة, على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها.
وفي الآخرة عند الموت, بالثبات على الدين الإسلامي, والخاتمة الحسنة.
وفي القبر عند سؤال الملكين, للجواب الصحيح, إذا قيل للميت " من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ " هداهم للجواب الصحيح, بأن يقول المؤمن: " الله ربي, والإسلام ديني, ومحمد نبيي " .
" وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ " عن الصواب في الدنيا والآخرة, وما ظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم.
وفي هذه الآية, دلالة على فتنة القبر, وعذابه, ونعيمه, كما تواترت بذلك النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم, في الفتنة وصفتها, ونعيم القبر وعذابه.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ↓
يقول تعالى - مبينا حال المكذبين لرسوله, من كفار قريش, وما آل إليه أمرهم: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا " ونعمة الله هي: إرسال محمد صلى الله عليه وسلم, إليهم يدعوهم إلى إدراك الخيرات في الدنيا والآخرة, وإلى النجاة من شرور الدنيا والآخرة.
فبدلوا هذه النعمة, بردها, والكفر بها والصد عنها, بأنفسهم.
وصدهم غيرهم حتى " وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ " وهي: النار, حيث تسببوا لإضلالهم, فصاروا وبالا على قومهم, من حيث يظن نفعهم.
ومن ذلك أنهم, زينوا لهم الخروج يوم " بدر " ليحاربوا الله ورسوله.
فجرى عليهم ما جرى, وقتل كثير من كبرائهم وصناديدهم, في تلك الوقعة.
فبدلوا هذه النعمة, بردها, والكفر بها والصد عنها, بأنفسهم.
وصدهم غيرهم حتى " وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ " وهي: النار, حيث تسببوا لإضلالهم, فصاروا وبالا على قومهم, من حيث يظن نفعهم.
ومن ذلك أنهم, زينوا لهم الخروج يوم " بدر " ليحاربوا الله ورسوله.
فجرى عليهم ما جرى, وقتل كثير من كبرائهم وصناديدهم, في تلك الوقعة.
" جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا " أي: يحيط بهم حرها, من جميع جوانبهم " وَبِئْسَ الْقَرَارُ "
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ↓
" وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا " أي: نظراء وشركاء " لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ " أي: ليضلوا العباد عن سبيل الله, بسبب ما جعلوا الله من الأنداد, ودعوهم إلى عبادتها.
" قُلْ " لهم متوعدا: " تَمَتَّعُوا " بكفرهم وضلالكم قليلا, فليس ذلك بنافعكم.
" فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ " أي: مآلكم ومأواكم فيها, وبئس المصير.
" قُلْ " لهم متوعدا: " تَمَتَّعُوا " بكفرهم وضلالكم قليلا, فليس ذلك بنافعكم.
" فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ " أي: مآلكم ومأواكم فيها, وبئس المصير.