وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ↓
فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ↓
" فَكَيْفَ " يكون حال هؤلاء الضالين " إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ " من المعاصي, ومنها تحكيم الطاغوت؟!.
" ثُمَّ جَاءُوكَ " معتذرين لما صدر منهم, و " يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا " أي: ما قصدنا في ذلك إلا الإحسان إلى المتخاصمين والتوفيق بينهم, وهم كذبة في ذلك.
فإن الإحسان, تحكيم الله ورسوله.
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
ولهذا قال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ "
" ثُمَّ جَاءُوكَ " معتذرين لما صدر منهم, و " يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا " أي: ما قصدنا في ذلك إلا الإحسان إلى المتخاصمين والتوفيق بينهم, وهم كذبة في ذلك.
فإن الإحسان, تحكيم الله ورسوله.
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
ولهذا قال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ "
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا ↓
" أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ " أي: من النفاق والقصد السيئ.
" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ " أي: لا تبال بهم ولا تقابلهم على ما فعلوه واقترفوه.
" وَعِظْهُمْ " أي: بين لهم حكم الله تعالى, مع الترغيب في الانقياد لله, والترهيب من تركه.
" وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا " أي: انصحهم سرا, بينك وبينهم, فإنه أنجح لحصول المقصود, وبالغ في زجرهم وقمعهم, عما كانوا عليه.
وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي, وإن أعرض عنه, فإنه ينصح سرا, ويبالغ في وعظه, بما يظن حصول المقصود به.
" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ " أي: لا تبال بهم ولا تقابلهم على ما فعلوه واقترفوه.
" وَعِظْهُمْ " أي: بين لهم حكم الله تعالى, مع الترغيب في الانقياد لله, والترهيب من تركه.
" وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا " أي: انصحهم سرا, بينك وبينهم, فإنه أنجح لحصول المقصود, وبالغ في زجرهم وقمعهم, عما كانوا عليه.
وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي, وإن أعرض عنه, فإنه ينصح سرا, ويبالغ في وعظه, بما يظن حصول المقصود به.
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ↓
يخبر تعالى خبرا, في ضمنه الأمر, والحث على طاعة الرسول, والانقياد له.
وأن الغاية من إرسال الرسل, أن يكونوا مطاعين, ينقاد لهم المرسل إليهم في جميع ما أمروا به, ونهوا عنه, وأن يكونوا معظمين, تعظيم المطاع من المطيع.
وفي هذا إثبات عصمة الرسل, فيما يبلغونه عن الله, وفيما يأمرون به وينهون عنه.
لأن الله, أمر بطاعتهم مطلقا, فلولا أنهم معصومون لا يشرعون ما هو خطأ, لما أمر بذلك مطلقا.
وقوله: " بِإِذْنِ اللَّهِ " أي: الطاعة من المطيع, صادرة بقضاء الله وقدره.
ففيه إثبات القضاء والقدر, والحث على الاستعانة بالله, وبيان أنه لا يمكن الإنسان - إن لم يعنه الله - أن يطيع الرسول.
ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده, ودعوته لمن اقترفوا السيئات أن يعترفوا ويتوبوا, ويستغفروا الله فقال: " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ " أي: معترفين بذنوبهم, باخعين بها.
" فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " أي لتاب عليهم بمغفرته ظلمهم, ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها, والثواب عليها.
وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, مختص بحياته, لأن السياق يدل على ذلك, لكون الاستغفار من الرسول, لا يكون إلا في حياته.
وأما بعد موته, فإنه لا يطلب منه شيء, بل ذلك شرك.
وأن الغاية من إرسال الرسل, أن يكونوا مطاعين, ينقاد لهم المرسل إليهم في جميع ما أمروا به, ونهوا عنه, وأن يكونوا معظمين, تعظيم المطاع من المطيع.
وفي هذا إثبات عصمة الرسل, فيما يبلغونه عن الله, وفيما يأمرون به وينهون عنه.
لأن الله, أمر بطاعتهم مطلقا, فلولا أنهم معصومون لا يشرعون ما هو خطأ, لما أمر بذلك مطلقا.
وقوله: " بِإِذْنِ اللَّهِ " أي: الطاعة من المطيع, صادرة بقضاء الله وقدره.
ففيه إثبات القضاء والقدر, والحث على الاستعانة بالله, وبيان أنه لا يمكن الإنسان - إن لم يعنه الله - أن يطيع الرسول.
ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده, ودعوته لمن اقترفوا السيئات أن يعترفوا ويتوبوا, ويستغفروا الله فقال: " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ " أي: معترفين بذنوبهم, باخعين بها.
" فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " أي لتاب عليهم بمغفرته ظلمهم, ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها, والثواب عليها.
وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, مختص بحياته, لأن السياق يدل على ذلك, لكون الاستغفار من الرسول, لا يكون إلا في حياته.
وأما بعد موته, فإنه لا يطلب منه شيء, بل ذلك شرك.
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ↓
ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة, أنهم لا يؤمنون, حتى يحكموا رسوله, فيما شجر بينهم أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف.
بخلاف مسائل الإجماع, فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة.
ثم لا يكفي هذا التحكيم, حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق, وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض.
ثم لا يكفي هذا التحكيم, حتى يسلموا لحكمه تسليما, بانشراح صدر, وطمأنينة نفس, وانقياد بالظاهر والباطن.
فالتحكيم, في مقام الإسلام, وانتفاء الحرج, في مقام الإيمان, والتسليم في مقام الإحسان.
فمن استكمل هذه المراتب, وكملها, فقد استكمل مراتب الدين كلها.
ومن ترك هذا التحكيم المذكور, غير ملتزم له, فهو كافر.
ومن تركه - مع التزامه - فله حكم أمثاله من العاصين.
بخلاف مسائل الإجماع, فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة.
ثم لا يكفي هذا التحكيم, حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق, وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض.
ثم لا يكفي هذا التحكيم, حتى يسلموا لحكمه تسليما, بانشراح صدر, وطمأنينة نفس, وانقياد بالظاهر والباطن.
فالتحكيم, في مقام الإسلام, وانتفاء الحرج, في مقام الإيمان, والتسليم في مقام الإحسان.
فمن استكمل هذه المراتب, وكملها, فقد استكمل مراتب الدين كلها.
ومن ترك هذا التحكيم المذكور, غير ملتزم له, فهو كافر.
ومن تركه - مع التزامه - فله حكم أمثاله من العاصين.
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ↓
يخبر تعالى, أنه لو كتب على عباده, الأوامر الشاقة على النفوس, من قتل النفوس, والخروج من الديار, لم يفعله إلا القليل منهم والنادر.
فليحمدوا ربهم, وليشكروه, على تيسير ما أمرهم به, من الأوامر التي تسهل على كل أحد, ولا يشق فعلها.
وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي, أن يلحظ العبد, ضد ما هو فيه, من المكروهات, لتخف عليه العبادات, ويزداد حمدا وشكرا لربه.
ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يوعظون به, أي: ما وظف عليهم, في كل وقت بحسبه, فبذلوا هممهم, ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله, ولم تطمح نفوسهم لما لم يصلوا إليه, ولم يكونوا بصدده, وهذا هو الذي ينبغي للعبد, أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها, فيكملها, ثم يتدرج شيئا فشيئا, حتى يصل إلى ما قدر له, من العلم والعمل, في أمر الدين والدنيا.
وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه, ولم يؤمر به بعد, فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة, وحصول الكسل, وعدم النشاط.
ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به, وهو أربعة أمور: " أحدها " الخيرية في قوله " لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ " أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم, من أفعال الخير, التي أمروا بها.
أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار, لأن ثبوت الشيء, يستلزم نفي ضده.
" الثاني " حصول التثبيت والثبات وزيادته, فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان, الذي هو القيام بما وعظوا به.
فيثبتهم في الحياة الدنيا, عند ورود الفتن في الأوامر, والنواهي, والمصائب.
فيحصل لهم ثبات, يوفقون به لفعل الأوامر, وترك الزواجر, التي تقتضي النفس فعلها, وعند حلول المصائب, التي يكرهها العبد.
فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا, أو الشكر.
فينزل عليه معونة من الله, للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين, عند الموت وفي القبر.
وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به, لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية, حتى يألفها, ويشتاق إليها وإلى أمثالها, فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
فليحمدوا ربهم, وليشكروه, على تيسير ما أمرهم به, من الأوامر التي تسهل على كل أحد, ولا يشق فعلها.
وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي, أن يلحظ العبد, ضد ما هو فيه, من المكروهات, لتخف عليه العبادات, ويزداد حمدا وشكرا لربه.
ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يوعظون به, أي: ما وظف عليهم, في كل وقت بحسبه, فبذلوا هممهم, ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله, ولم تطمح نفوسهم لما لم يصلوا إليه, ولم يكونوا بصدده, وهذا هو الذي ينبغي للعبد, أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها, فيكملها, ثم يتدرج شيئا فشيئا, حتى يصل إلى ما قدر له, من العلم والعمل, في أمر الدين والدنيا.
وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه, ولم يؤمر به بعد, فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة, وحصول الكسل, وعدم النشاط.
ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به, وهو أربعة أمور: " أحدها " الخيرية في قوله " لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ " أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم, من أفعال الخير, التي أمروا بها.
أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار, لأن ثبوت الشيء, يستلزم نفي ضده.
" الثاني " حصول التثبيت والثبات وزيادته, فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان, الذي هو القيام بما وعظوا به.
فيثبتهم في الحياة الدنيا, عند ورود الفتن في الأوامر, والنواهي, والمصائب.
فيحصل لهم ثبات, يوفقون به لفعل الأوامر, وترك الزواجر, التي تقتضي النفس فعلها, وعند حلول المصائب, التي يكرهها العبد.
فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا, أو الشكر.
فينزل عليه معونة من الله, للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين, عند الموت وفي القبر.
وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به, لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية, حتى يألفها, ويشتاق إليها وإلى أمثالها, فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
" الثالث " قوله " وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا " أي في العاجل والآجل, الذي يكون للروح والقلب, والبدن, ومن النعيم المقيم, مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
" الرابع " الهداية إلى صراط مستقيم.
وهذا عموم بعد خصوص, لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم, من كونها متضمنة للعلم بالحق, ومحبته وإيثاره به, والعمل به, وتوقف السعادة والفلاح, على ذلك.
فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم, فقد وُفِّقَ لكل خير, واندفع عنه, كل شر وضير.
وهذا عموم بعد خصوص, لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم, من كونها متضمنة للعلم بالحق, ومحبته وإيثاره به, والعمل به, وتوقف السعادة والفلاح, على ذلك.
فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم, فقد وُفِّقَ لكل خير, واندفع عنه, كل شر وضير.
وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ↓
أي: كل من أطاع الله ورسوله - على حسب حاله, وقدر الواجب عليه, من ذكر وأنثى وصغير وكبير.
" فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ " أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح, والسعادة " مِنَ النَّبِيِّينَ " الذين فضلهم الله بوحيه, واختصهم بتفضيلهم, بإرسالهم إلى الخلق, ودعوتهم إلى الله تعالى.
" وَالصِّدِّيقِينَ " وهم: الذين كمل تصديقهم, بما جاءت به الرسل, فعلموا الحق, وصدقوه بيقينهم, وبالقيام به, قولا, وعملا, وحالا, ودعوة إلى الله.
" وَالشُّهَدَاءِ " الذين قاتلوا في سبيل الله, لإعلاء كلمة الله, فقتلوا.
" وَالصَّالِحِينَ " الذين صلح ظاهرهم وباطنهم, فصلحت أعمالهم.
فكل من أطاع الله تعالى, كان مع هؤلاء في صحبتهم.
" وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " بالاجتماع بهم, في جنات النعيم, والأُنْس بقربهم, في جوار رب العالمين.
" فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ " أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح, والسعادة " مِنَ النَّبِيِّينَ " الذين فضلهم الله بوحيه, واختصهم بتفضيلهم, بإرسالهم إلى الخلق, ودعوتهم إلى الله تعالى.
" وَالصِّدِّيقِينَ " وهم: الذين كمل تصديقهم, بما جاءت به الرسل, فعلموا الحق, وصدقوه بيقينهم, وبالقيام به, قولا, وعملا, وحالا, ودعوة إلى الله.
" وَالشُّهَدَاءِ " الذين قاتلوا في سبيل الله, لإعلاء كلمة الله, فقتلوا.
" وَالصَّالِحِينَ " الذين صلح ظاهرهم وباطنهم, فصلحت أعمالهم.
فكل من أطاع الله تعالى, كان مع هؤلاء في صحبتهم.
" وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " بالاجتماع بهم, في جنات النعيم, والأُنْس بقربهم, في جوار رب العالمين.
" ذَلِكَ الْفَضْلُ " الذي نالوه " مِنَ اللَّهِ " .
فهو الذي وفقهم لذلك, وأعانهم عليه, وأعطاهم من الثواب, ما لا تبلغه أعمالهم.
" وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا " , يعلم أحوال عباده, ومن يستحق منهم الثواب الجزيل, بما قام به, من الأعمال الصالحة, التي تواطأ عليها القلب والجوارح.
فهو الذي وفقهم لذلك, وأعانهم عليه, وأعطاهم من الثواب, ما لا تبلغه أعمالهم.
" وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا " , يعلم أحوال عباده, ومن يستحق منهم الثواب الجزيل, بما قام به, من الأعمال الصالحة, التي تواطأ عليها القلب والجوارح.
يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين.
وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب, التي بها يستعان على قتالهم, ويستدفع مكرهم وقوتهم, من استعمال الحصون والخنادق, وتعلم الرمي والركوب, وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك, وما به يعرف مداخلهم, ومخارجهم, ومكرهم, والنفير في سبيل الله.
ولهذا قال: " فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ " أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش ويقيم غيرهم " أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا " .
وكل هذا, تبع للمصلحة, والنكاية, والراحة للمسلمين في دينهم.
وهذه الآية نظير قوله تعالى " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ " .
وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب, التي بها يستعان على قتالهم, ويستدفع مكرهم وقوتهم, من استعمال الحصون والخنادق, وتعلم الرمي والركوب, وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك, وما به يعرف مداخلهم, ومخارجهم, ومكرهم, والنفير في سبيل الله.
ولهذا قال: " فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ " أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش ويقيم غيرهم " أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا " .
وكل هذا, تبع للمصلحة, والنكاية, والراحة للمسلمين في دينهم.
وهذه الآية نظير قوله تعالى " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ " .
وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ↓
ثم أخبر عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد فقال: " وَإِنَّ مِنْكُمْ " أي أيها المؤمنين " لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ " أي يتثاقل عن الجهاد في سبيل الله, ضعفا, وخورا, وجبنا.
هذا هو الصحيح.
وقيل معناه: ليبطئن غيره, أي يزهده عن القتال, وهؤلاء, هم المنافقون ولكن الأول أَوْلَى, لوجهين: أحدهما قوله " مِنْكُمْ " والخطاب للمؤمنين.
والثاني: قوله في آخر الآية: " كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ " .
فإن الكفار, من المشركين, والمنافقين قد قطع الله بينهم, وبين المؤمنين المودة.
وأيضا, فإن هذا, هو الواقع, فإن المؤمنين على قسمين: صادقون في إيمانهم, أوجب لهم ذلك, كمال التصديق والجهاد.
وضعفاء, دخلوا في الإسلام, فصار معهم إيمان ضعيف, لا يقوى على الجهاد.
كما قال تعالى " قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا " إلى آخر الآيات.
ثم ذكر غايات هؤلاء المتثاقلين, ونهاية مقاصدهم, وأن معظم قصدهم, الدنيا وحطامها فقال: " فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ " أي: هزيمة, وقتل, وظفر الأعداء عليكم في بعض الأحوال, لما لله في ذلك من الحكم.
" قَالَ " ذلك المتخلف " قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا " .
رأى - من ضعف عقله وإيمانه - أن التقاعد عن الجهاد - الذي فيه تلك المصيبة - نعمة.
ولم يدر أن النعمة الحقيقية, هي التوفيق لهذه الطاعة الكبيرة, التي بها يقوى الإيمان, ويسلم بها العبد من العقوبة والخسران, ويحصل له فيها, عظيم الثواب, ورضا الكريم الوهاب.
وأما القعود, فإنه, وإن استراح قليلا, فإنه يعقبه تعب طويل, وآلام عظيمة, ويفوته ما يحصل للمجاهدين أي من الأجر العظيم.
هذا هو الصحيح.
وقيل معناه: ليبطئن غيره, أي يزهده عن القتال, وهؤلاء, هم المنافقون ولكن الأول أَوْلَى, لوجهين: أحدهما قوله " مِنْكُمْ " والخطاب للمؤمنين.
والثاني: قوله في آخر الآية: " كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ " .
فإن الكفار, من المشركين, والمنافقين قد قطع الله بينهم, وبين المؤمنين المودة.
وأيضا, فإن هذا, هو الواقع, فإن المؤمنين على قسمين: صادقون في إيمانهم, أوجب لهم ذلك, كمال التصديق والجهاد.
وضعفاء, دخلوا في الإسلام, فصار معهم إيمان ضعيف, لا يقوى على الجهاد.
كما قال تعالى " قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا " إلى آخر الآيات.
ثم ذكر غايات هؤلاء المتثاقلين, ونهاية مقاصدهم, وأن معظم قصدهم, الدنيا وحطامها فقال: " فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ " أي: هزيمة, وقتل, وظفر الأعداء عليكم في بعض الأحوال, لما لله في ذلك من الحكم.
" قَالَ " ذلك المتخلف " قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا " .
رأى - من ضعف عقله وإيمانه - أن التقاعد عن الجهاد - الذي فيه تلك المصيبة - نعمة.
ولم يدر أن النعمة الحقيقية, هي التوفيق لهذه الطاعة الكبيرة, التي بها يقوى الإيمان, ويسلم بها العبد من العقوبة والخسران, ويحصل له فيها, عظيم الثواب, ورضا الكريم الوهاب.
وأما القعود, فإنه, وإن استراح قليلا, فإنه يعقبه تعب طويل, وآلام عظيمة, ويفوته ما يحصل للمجاهدين أي من الأجر العظيم.
وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّه لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ↓
ثم قال " وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ " أي: نصر وغنيمة.
ما يحصل للمجاهدين.
ثم قال " وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ " أي: نصر وغنيمة " لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا " .
أي: يتمنى أنه حاضر, لينال من المغانم.
ليس له رغبة, ولا قصد, في غير ذلك.
كأنه ليس منكم, يا معشر المؤمنين - ولا بينكم, وبينه المودة الإيمانية, التي من مقتضاها, أن المؤمنين مشتركون في جميع مصالحهم, ودفع مضارهم, يفرحون بحصولها, ولو على يد غيرهم, من إخوانهم المؤمنين, ويألمون بفقدها, ويسعون جميعا, في كل أمر يصلحون به دينهم ودنياهم.
فهذا الذي يتمنى الدنيا فقط, ليست معه الروح الإيمانية المذكورة.
ما يحصل للمجاهدين.
ثم قال " وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ " أي: نصر وغنيمة " لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا " .
أي: يتمنى أنه حاضر, لينال من المغانم.
ليس له رغبة, ولا قصد, في غير ذلك.
كأنه ليس منكم, يا معشر المؤمنين - ولا بينكم, وبينه المودة الإيمانية, التي من مقتضاها, أن المؤمنين مشتركون في جميع مصالحهم, ودفع مضارهم, يفرحون بحصولها, ولو على يد غيرهم, من إخوانهم المؤمنين, ويألمون بفقدها, ويسعون جميعا, في كل أمر يصلحون به دينهم ودنياهم.
فهذا الذي يتمنى الدنيا فقط, ليست معه الروح الإيمانية المذكورة.
فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ↓
ومن لطف الله بعباده, أن لا يقطع عنهم رحمته, ولا يغلق عنهم أبوابها.
بل من حصل على غير ما يليق أمره, دعاه إلى جبر نقصه, وتكميل نفسه.
فلهذا أمر هؤلاء, بالإخلاص, والخروج في سبيله فقال: " فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " .
هذا أحد الأقوال في هذه الآية, وهو أصحها.
وقيل: إن معناه, فليقاتل في سبيل الله, المؤمنون الكاملو الإيمان, الصادقون في إيمانهم.
" الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " أي يبيعون الدنيا, رغبة عنها بالآخرة, رغبة فيها.
فإن هؤلاء الذين يوجه إليهم الخطاب, لأنهم, الذين قد أعدوا أنفسهم, ووطَّنوها على جهاد الأعداء لما معهم من الإيمان التام, المقتضي لذلك.
وأما أولئك المتثاقلون, فلا يعبأ بهم, خرجوا أو قعدوا.
فيكون هذا, نظير قوله تعالى: " قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا " , إلى آخر الآيات وقوله " فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ " .
وقيل: إن معنى الآية: فليقاتل المقاتل والمجاهد للكفار, الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة.
فيكون على هذا الوجه " الذين " في محل نصب على المفعولية.
" وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " بأن يكون جهادا, قد أمر الله به ورسوله, ويكون العبد مخلصا لله فيه, قاصدا وجه الله.
" فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا " زيادة في إيمانه ودينه, وغنيمة, وثناء حسنا, وثواب المجاهدين في سبيل الله الذين أعد الله لهم في الجنة, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
بل من حصل على غير ما يليق أمره, دعاه إلى جبر نقصه, وتكميل نفسه.
فلهذا أمر هؤلاء, بالإخلاص, والخروج في سبيله فقال: " فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " .
هذا أحد الأقوال في هذه الآية, وهو أصحها.
وقيل: إن معناه, فليقاتل في سبيل الله, المؤمنون الكاملو الإيمان, الصادقون في إيمانهم.
" الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " أي يبيعون الدنيا, رغبة عنها بالآخرة, رغبة فيها.
فإن هؤلاء الذين يوجه إليهم الخطاب, لأنهم, الذين قد أعدوا أنفسهم, ووطَّنوها على جهاد الأعداء لما معهم من الإيمان التام, المقتضي لذلك.
وأما أولئك المتثاقلون, فلا يعبأ بهم, خرجوا أو قعدوا.
فيكون هذا, نظير قوله تعالى: " قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا " , إلى آخر الآيات وقوله " فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ " .
وقيل: إن معنى الآية: فليقاتل المقاتل والمجاهد للكفار, الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة.
فيكون على هذا الوجه " الذين " في محل نصب على المفعولية.
" وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " بأن يكون جهادا, قد أمر الله به ورسوله, ويكون العبد مخلصا لله فيه, قاصدا وجه الله.
" فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا " زيادة في إيمانه ودينه, وغنيمة, وثناء حسنا, وثواب المجاهدين في سبيل الله الذين أعد الله لهم في الجنة, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ↓
هذا حث من الله لعباده المؤمنين, وتهييج لهم على القتال في سبيله وأن ذلك, قد تعين عليهم, وتوجه اللوم العظيم عليهم, بتركه فقال: " وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " والحال أن المستضعفين من الرجال, والنساء, والولدان, الذين لا يستطيعون حيلة, ولا يهتدون سبيلا ومع هذا, فقد نالهم أعظم الظلم من أعدائهم.
فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم, بالكفر, والشرك, وللمؤمنين بالأذى, والصد عن سبيل الله, ومنعهم من الدعوة لدينهم, والهجرة.
ويدعون الله, أن يجعل لهم وليا ونصيرا, يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها.
فصار جهادكم على هذا الوجه, من باب القتال, والذب عن عيلاتكم وأولادكم, ومحارمكم, لأن باب الجهاد, الذي هو الطمع في الكفار فإنه, وإن كان فيه فضل عظيم, ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم.
فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم, أعظم أجرا, وأكبر فائدة بحيث يكون من باب دفع الأعداء.
فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم, بالكفر, والشرك, وللمؤمنين بالأذى, والصد عن سبيل الله, ومنعهم من الدعوة لدينهم, والهجرة.
ويدعون الله, أن يجعل لهم وليا ونصيرا, يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها.
فصار جهادكم على هذا الوجه, من باب القتال, والذب عن عيلاتكم وأولادكم, ومحارمكم, لأن باب الجهاد, الذي هو الطمع في الكفار فإنه, وإن كان فيه فضل عظيم, ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم.
فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم, أعظم أجرا, وأكبر فائدة بحيث يكون من باب دفع الأعداء.
الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ↓
ثم قال " الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " الآية.
هذا إخبار من الله بأن المؤمنين يقاتلون في سبيله " وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ " الذي هو الشيطان.
في ضمن ذلك عدة فوائد: منها: أنه بحسب إيمان العبد, يكون جهاده في سبيل الله, وإخلاصه, ومتابعته.
فالجهاد في سبيل الله, من آثار الإيمان, ومقتضياته ولوازمه.
كما أن القتال في سبيل الطاغوت, من شعب الكفر ومقتضياته.
ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله, ينبغي له, ويحسن منه, من الصبر والجلد, ما لا يقوم به غيره.
فإذا كان أولياء الشيطان, يصبرون, ويقاتلون, وهم على باطل, فأهل الحق أولى بذلك, كما قال تعالى في هذا المعنى: " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " الآية.
ومنها أن الذي يقاتل في سبيل الله, معتمد على ركن وثيق, وهو الحق, والتوكل على الله.
فصاحب القوة, والركن, يطلب منه, من الصبر والثبات, والنشاط ما لا يطلب ممن يقاتل, عن الباطل, الذي لا حقيقة له, ولا عاقبة حميدة.
فلهذا قال تعالى: " فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا " .
والكيد: سلوك الطرق الخفية, الذي فيه إلحاق الضرر بالعدو.
فالشيطان, وإن بلغ مَكْرُهُ مهما بلغ, فإنه في غاية الضعف, الذي لا يقوم لأدنى شيء من الحق, ولا لكيد الله لعباده المؤمنين.
هذا إخبار من الله بأن المؤمنين يقاتلون في سبيله " وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ " الذي هو الشيطان.
في ضمن ذلك عدة فوائد: منها: أنه بحسب إيمان العبد, يكون جهاده في سبيل الله, وإخلاصه, ومتابعته.
فالجهاد في سبيل الله, من آثار الإيمان, ومقتضياته ولوازمه.
كما أن القتال في سبيل الطاغوت, من شعب الكفر ومقتضياته.
ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله, ينبغي له, ويحسن منه, من الصبر والجلد, ما لا يقوم به غيره.
فإذا كان أولياء الشيطان, يصبرون, ويقاتلون, وهم على باطل, فأهل الحق أولى بذلك, كما قال تعالى في هذا المعنى: " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " الآية.
ومنها أن الذي يقاتل في سبيل الله, معتمد على ركن وثيق, وهو الحق, والتوكل على الله.
فصاحب القوة, والركن, يطلب منه, من الصبر والثبات, والنشاط ما لا يطلب ممن يقاتل, عن الباطل, الذي لا حقيقة له, ولا عاقبة حميدة.
فلهذا قال تعالى: " فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا " .
والكيد: سلوك الطرق الخفية, الذي فيه إلحاق الضرر بالعدو.
فالشيطان, وإن بلغ مَكْرُهُ مهما بلغ, فإنه في غاية الضعف, الذي لا يقوم لأدنى شيء من الحق, ولا لكيد الله لعباده المؤمنين.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ↓
كان المسلمون - إذ كانوا بمكة - مأمورين بالصلاة والزكاة, أي: مواساة الفقراء, لا الزكاة المعروفة, ذات النصب والشروط, فإنها لم تفرض إلا بالمدينة, ولم يؤمروا بجهاد الأعداء, لعدة فوائد: منها: أن من حكمة الباري تعالى, أن يشرع لعباده, الشرائع, على وجه لا يشق عليهم; ويبدأ بالأهم, والأسهل فالأسهل.
ومنها: أنه لو فرض عليهم القتال - مع قلة عَدَدِهِم وعُدَدِهِم, وكثرة أعدائهم - لأدى ذلك إلى اضمحلال الإسلام.
فروعي جانب المصلحة العظمى, على ما دونها, ولغير ذلك من الحِكَم.
وكان بعض المؤمنين, يودون أن لو فرض عليهم القتال في تلك الحال, غير اللائق فيها ذلك.
وإنما اللائق فيها, القيام بما أمروا به في ذلك الوقت, من التوحيد, والصلاة, والزكاة ونحو ذلك كما قال تعالى: " وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا " .
فلما هاجروا إلى المدينة, وقوي الإسلام, كتب عليهم القتال, في وقته المناسب لذلك.
فقال فريق من الذين يستعجلون القتال قبل ذلك, خوفا من الناس, وضعفا وخورا: " رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ " .
وفي هذا تضجرهم, واعتراضهم على الله.
وكان الذي ينبغي لهم, ضد هذه الحال - التسليم لأمر الله, والصبر على أوامره.
فعكسوا الأمر المطلوب منهم, فقالوا " لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ " أي: هلا أخرت فرض القتال, مدة متأخرة عن الوقت الحاضر.
وهذه الحال, كثيرا ما تعرض لمن هو غير رزين, واستعجل في الأمور قبل وقتها.
فالغالب عليه, أنه لا يصبر عليها وقت حلولها, ولا ينوء بحملها, بل يكون قليل الصبر.
ثم إن الله وعظهم عن هذه الحال, التي فيها التخلف عن القتل فقال: " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى " أي: التمتع بلذات الدنيا وراحتها, قليل.
فتحمل الأثقال في طاعة الله, في المدة القصيرة, مما يسهل على النفوس ويخف عليها.
لأنها, إذا علمت أن المشقة التي تنالها, لا يطول لبثها, هان عليها ذلك.
فكيف إذا وازنت بين الدنيا والآخرة, وأن الآخرة خير منها, في ذاتها, ولذاتها, وزمانها.
فذاتها - كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه - " أن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها " .
ولذاتها, صافية عن المكدرات, بل كل ما خطر بالبال, أو دار في الفكر, من تصور لذة - فلذة الجنة فوق ذلك كما قال تعالى.
" فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ " .
وقال الله على لسان نبيه " أعددت لعبادي الصالحين, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر " .
وأما لذات الدنيا, فإنها مشوبة بأنواع التنغيص, الذي لو قوبل بين لذاتها, وما يقترن بها من أنواع الآلام, والهموم والغموم, لم يكن لذلك نسبة بوجه من الوجوه.
وأما زمانها, فإن الدنيا منقضية, وعمر الإنسان - بالنسبة إلى الدنيا - شيء يسير.
وأما الآخرة, فإنها دائمة النعيم, وأهلها خالدون فيها.
فإذا فكر العاقل في هاتين الدارين, وتصور حقيقتهما حق التصور, عرف ما هو أحق بالإيثار, والسعي له, والاجتهاد لطلبه, ولهذا قال: " وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى " أي: اتقى الشرك, وسائر المحرمات.
" وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا " أي: فسعيكم للدار الآخرة, ستجدونه كاملا موفرا, غير منقوص منه شيئا.
ومنها: أنه لو فرض عليهم القتال - مع قلة عَدَدِهِم وعُدَدِهِم, وكثرة أعدائهم - لأدى ذلك إلى اضمحلال الإسلام.
فروعي جانب المصلحة العظمى, على ما دونها, ولغير ذلك من الحِكَم.
وكان بعض المؤمنين, يودون أن لو فرض عليهم القتال في تلك الحال, غير اللائق فيها ذلك.
وإنما اللائق فيها, القيام بما أمروا به في ذلك الوقت, من التوحيد, والصلاة, والزكاة ونحو ذلك كما قال تعالى: " وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا " .
فلما هاجروا إلى المدينة, وقوي الإسلام, كتب عليهم القتال, في وقته المناسب لذلك.
فقال فريق من الذين يستعجلون القتال قبل ذلك, خوفا من الناس, وضعفا وخورا: " رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ " .
وفي هذا تضجرهم, واعتراضهم على الله.
وكان الذي ينبغي لهم, ضد هذه الحال - التسليم لأمر الله, والصبر على أوامره.
فعكسوا الأمر المطلوب منهم, فقالوا " لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ " أي: هلا أخرت فرض القتال, مدة متأخرة عن الوقت الحاضر.
وهذه الحال, كثيرا ما تعرض لمن هو غير رزين, واستعجل في الأمور قبل وقتها.
فالغالب عليه, أنه لا يصبر عليها وقت حلولها, ولا ينوء بحملها, بل يكون قليل الصبر.
ثم إن الله وعظهم عن هذه الحال, التي فيها التخلف عن القتل فقال: " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى " أي: التمتع بلذات الدنيا وراحتها, قليل.
فتحمل الأثقال في طاعة الله, في المدة القصيرة, مما يسهل على النفوس ويخف عليها.
لأنها, إذا علمت أن المشقة التي تنالها, لا يطول لبثها, هان عليها ذلك.
فكيف إذا وازنت بين الدنيا والآخرة, وأن الآخرة خير منها, في ذاتها, ولذاتها, وزمانها.
فذاتها - كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه - " أن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها " .
ولذاتها, صافية عن المكدرات, بل كل ما خطر بالبال, أو دار في الفكر, من تصور لذة - فلذة الجنة فوق ذلك كما قال تعالى.
" فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ " .
وقال الله على لسان نبيه " أعددت لعبادي الصالحين, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر " .
وأما لذات الدنيا, فإنها مشوبة بأنواع التنغيص, الذي لو قوبل بين لذاتها, وما يقترن بها من أنواع الآلام, والهموم والغموم, لم يكن لذلك نسبة بوجه من الوجوه.
وأما زمانها, فإن الدنيا منقضية, وعمر الإنسان - بالنسبة إلى الدنيا - شيء يسير.
وأما الآخرة, فإنها دائمة النعيم, وأهلها خالدون فيها.
فإذا فكر العاقل في هاتين الدارين, وتصور حقيقتهما حق التصور, عرف ما هو أحق بالإيثار, والسعي له, والاجتهاد لطلبه, ولهذا قال: " وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى " أي: اتقى الشرك, وسائر المحرمات.
" وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا " أي: فسعيكم للدار الآخرة, ستجدونه كاملا موفرا, غير منقوص منه شيئا.
أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ↓
ثم أخبر أنه لا يغني حذر عن قدر, وأن القاعد لا يدفع عنه قعوده شيئا فقال: " أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ " أي: في أي زمان, وأي مكان.
" وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ " أي: قصور منيعة, ومنازل رفيعة.
وكل هذا حث على الجهاد في سبيل الله, تارة بالترغيب في فضله وثوابه.
وتارة بالترهيب من عقوبة تركه, وتارة بالإخبار أنه لا ينفع القاعدين قعودهم, وتارة بتسهيل الطريق في ذلك, وقصرها.
ثم قال " وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ " الآية.
يخبر تعالى, عن الذين لا يعلمون, المعرضين عما جاءت به الرسل, المعارضين لهم: أنهم إذا جاءتهم حسنة, أي: خصب وكثرة أموال, وتوفر أولاد وصحة, قالوا.
" هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " وأنهم, إن أصابتهم سيئة أي: جدب, وفقر, ومرض, وموت أولاد وأحباب قالوا: " هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ " أي: بسبب ما جئتنا به يا محمد.
تطيروا برسول الله صلى الله عليه وسلم, كما تطير أمثالهم برسل الله, كما أخبر الله عن قوم فرعون أنهم " فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ " .
وقال قوم صالح " اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ " .
وقال قوم ياسين لرسلهم " إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ " الآية.
فلما تشابهت قلوبهم بالكفر, تشابهت أقوالهم وأفعالهم.
وهكذا كل من نسب حصول الشر, أو زوال الخير, لما جاءت به الرسل أو لبعضه, فهو داخل في هذا الذم الوخيم.
قال الله في جوابهم " قُلْ كُلٌّ " أي من الحسنة والسيئة, والخير والشر.
" مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " أي: بقضائه وقدره, وخلقه.
" فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ " أي: الصادر منهم تلك المقابلة الباطلة.
" لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا " أي: لا يفهمون حديثا بالكلية, ولا يقربون من فهمه, أو لا يفهمون منه, إلا فهما ضعيفا.
وعلى كل, فهو ذم لهم وتوبيخ على عدم فهمهم وفقههم عن الله, وعن رسوله, وذلك بسبب كفرهم وإعراضهم.
وفي ضمن ذلك, مدح من يفهم عن الله وعن رسوله, والحث على ذلك, وعلى الأسباب المعينة على ذلك, من الإقبال على كلامهما وتدبره, وسلوك الطرق الموصلة إليه.
فلو فقهوا عن الله, لعلموا أن الخير والشر, والحسنات والسيئات, كلها بقضاء الله وقدره, لا يخرج منها شيء عن ذلك.
وأن الرسل, عليهم الصلاة والسلام, لا يكونون سببا لشر يحدث, لا هم, ولا ما جاءوا به, لأنهم بعثوا بمصالح الدنيا والآخرة والدين.
" وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ " أي: قصور منيعة, ومنازل رفيعة.
وكل هذا حث على الجهاد في سبيل الله, تارة بالترغيب في فضله وثوابه.
وتارة بالترهيب من عقوبة تركه, وتارة بالإخبار أنه لا ينفع القاعدين قعودهم, وتارة بتسهيل الطريق في ذلك, وقصرها.
ثم قال " وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ " الآية.
يخبر تعالى, عن الذين لا يعلمون, المعرضين عما جاءت به الرسل, المعارضين لهم: أنهم إذا جاءتهم حسنة, أي: خصب وكثرة أموال, وتوفر أولاد وصحة, قالوا.
" هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " وأنهم, إن أصابتهم سيئة أي: جدب, وفقر, ومرض, وموت أولاد وأحباب قالوا: " هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ " أي: بسبب ما جئتنا به يا محمد.
تطيروا برسول الله صلى الله عليه وسلم, كما تطير أمثالهم برسل الله, كما أخبر الله عن قوم فرعون أنهم " فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ " .
وقال قوم صالح " اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ " .
وقال قوم ياسين لرسلهم " إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ " الآية.
فلما تشابهت قلوبهم بالكفر, تشابهت أقوالهم وأفعالهم.
وهكذا كل من نسب حصول الشر, أو زوال الخير, لما جاءت به الرسل أو لبعضه, فهو داخل في هذا الذم الوخيم.
قال الله في جوابهم " قُلْ كُلٌّ " أي من الحسنة والسيئة, والخير والشر.
" مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " أي: بقضائه وقدره, وخلقه.
" فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ " أي: الصادر منهم تلك المقابلة الباطلة.
" لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا " أي: لا يفهمون حديثا بالكلية, ولا يقربون من فهمه, أو لا يفهمون منه, إلا فهما ضعيفا.
وعلى كل, فهو ذم لهم وتوبيخ على عدم فهمهم وفقههم عن الله, وعن رسوله, وذلك بسبب كفرهم وإعراضهم.
وفي ضمن ذلك, مدح من يفهم عن الله وعن رسوله, والحث على ذلك, وعلى الأسباب المعينة على ذلك, من الإقبال على كلامهما وتدبره, وسلوك الطرق الموصلة إليه.
فلو فقهوا عن الله, لعلموا أن الخير والشر, والحسنات والسيئات, كلها بقضاء الله وقدره, لا يخرج منها شيء عن ذلك.
وأن الرسل, عليهم الصلاة والسلام, لا يكونون سببا لشر يحدث, لا هم, ولا ما جاءوا به, لأنهم بعثوا بمصالح الدنيا والآخرة والدين.
مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ↓
ثم قال تعالى " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ " أي: في الدين والدنيا " فَمِنَ اللَّهِ " هو الذي مَنَّ بها ويسرها بتيسير أسبابها.
" وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ " في الدين والدنيا " فَمِنْ نَفْسِكَ " أي: بذنوبك وكسبك, وما يعفو الله عنه أكثر.
فالله تعالى, قد فتح لعباده أبواب إحسانه, وأمرهم بالدخول لبره وفضله, وأخبرهم أن المعاصي مانعة من فضله.
فإذا فعلها العبد, فلا يلومن إلا نفسه, فإنه المانع لنفسه, عن وصول فضل الله وبره.
ثم أخبر عن عموم رسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال: " وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا " على أنك رسول الله حقا بما أيدك بنصره, والمعجزات الباهرة, والبراهين الساطعة, فهي أكبر شهادة على الإطلاق.
كما قال تعالى: " قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " .
فإذا علم أن الله تعالى, كامل العلم, وتام القدرة, عظيم الحكمة, وقد أيد الله رسوله بما أيده, ونصره نصرا عظيما, تيقن بذلك, أنه رسول الله.
وإلا فلو تقول عليه بعض الأقاويل, لأخذ منه باليمين, ثم لقطع منه الوتين.
" وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ " في الدين والدنيا " فَمِنْ نَفْسِكَ " أي: بذنوبك وكسبك, وما يعفو الله عنه أكثر.
فالله تعالى, قد فتح لعباده أبواب إحسانه, وأمرهم بالدخول لبره وفضله, وأخبرهم أن المعاصي مانعة من فضله.
فإذا فعلها العبد, فلا يلومن إلا نفسه, فإنه المانع لنفسه, عن وصول فضل الله وبره.
ثم أخبر عن عموم رسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال: " وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا " على أنك رسول الله حقا بما أيدك بنصره, والمعجزات الباهرة, والبراهين الساطعة, فهي أكبر شهادة على الإطلاق.
كما قال تعالى: " قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " .
فإذا علم أن الله تعالى, كامل العلم, وتام القدرة, عظيم الحكمة, وقد أيد الله رسوله بما أيده, ونصره نصرا عظيما, تيقن بذلك, أنه رسول الله.
وإلا فلو تقول عليه بعض الأقاويل, لأخذ منه باليمين, ثم لقطع منه الوتين.
مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ↓
أي: كل من أطاع رسول الله في أوامره ونواهيه " فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ " تعالى, لكونه لا يأمر ولا ينهى, إلا بأمر الله, وشرعه, ووحيه وتنزيله.
وفي هذا عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الله أمر بطاعته مطلقا.
فلولا أنه معصوم في كل ما يُبَلِّغ عن الله, لم يأمر بطاعته مطلقا, ويمدح على ذلك.
وهذا من الحقوق المشتركة, فإن الحقوق ثلاثة: حق الله تعالى, لا يكون لأحد من الخلق, وهو عبادة الله, والرغبة إليه, وتوابع ذلك.
وقسم مختص بالرسول, وهو التعزيز, والتوقير, والنصرة.
وقسم مشترك, وهو الإيمان بالله ورسوله, ومحبتهما وطاعتهما.
كما جمع الله بين هذه الحقوق في قوله " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " .
فمن أطاع الرسول, فقد أطاع الله, وله من الثواب والخير, ما رتب على طاعة الله.
" وَمَنْ تَوَلَّى " عن طاعة الله ورسوله, فإنه لا يضر إلا نفسه, ولا يضر الله شيئا.
" فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا " أي: تحفظ أعمالهم, وأحوالهم, بل أرسلناك مبلغا ومبينا وناصحا.
وقد أديت وظيفتك, ووجب أجرك على الله, سواء اهتدوا, أم لم يهتدوا.
كما قال تعالى " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ " الآية.
وفي هذا عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الله أمر بطاعته مطلقا.
فلولا أنه معصوم في كل ما يُبَلِّغ عن الله, لم يأمر بطاعته مطلقا, ويمدح على ذلك.
وهذا من الحقوق المشتركة, فإن الحقوق ثلاثة: حق الله تعالى, لا يكون لأحد من الخلق, وهو عبادة الله, والرغبة إليه, وتوابع ذلك.
وقسم مختص بالرسول, وهو التعزيز, والتوقير, والنصرة.
وقسم مشترك, وهو الإيمان بالله ورسوله, ومحبتهما وطاعتهما.
كما جمع الله بين هذه الحقوق في قوله " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا " .
فمن أطاع الرسول, فقد أطاع الله, وله من الثواب والخير, ما رتب على طاعة الله.
" وَمَنْ تَوَلَّى " عن طاعة الله ورسوله, فإنه لا يضر إلا نفسه, ولا يضر الله شيئا.
" فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا " أي: تحفظ أعمالهم, وأحوالهم, بل أرسلناك مبلغا ومبينا وناصحا.
وقد أديت وظيفتك, ووجب أجرك على الله, سواء اهتدوا, أم لم يهتدوا.
كما قال تعالى " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ " الآية.
وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ↓
ولا بد أن تكون طاعة الله ورسوله, ظاهرا وباطنا, في الحضرة والمغيب.
فأما من يظهر في الحضرة, الطاعة والالتزام, فإذا خلا بنفسه, أو أبناء جنسه, ترك الطاعة, وأقبل على ضدها, فإن الطاعة التي أظهرها, غير نافعة ولا مفيدة, وقد أشبه من قال الله فيهم: " وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ " أي: يظهرون الطاعة إذا كانوا عندك.
" فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ " أي: خرجوا, وخلوا في حالة لا يطلع فيها عليهم.
" بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ " أي: بيتوا ودبروا غير طاعتك ولا ثَمَّ إلا المعصية.
وفي قوله " بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ " دليل على أن الأمر الذي استقروا عليه, غير الطاعة, لأن التبييت, تدبير الأمر ليلا, على وجه يستقر عليه الرأي.
ثم توعدهم على ما فعلوا فقال: " وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ " أي: يحفظه عليهم, وسيجازيهم عليه أتم الجزاء, ففيه وعيد لهم.
ثم أمر رسوله, بمقابلتهم بالإعراض, وعدم التعنيف, فإنهم لا يضرونه شيئا, إذا توكل على الله, واستعان به, في نصر دينه, وإقامة شرعه.
ولهذا قال " فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " .
فأما من يظهر في الحضرة, الطاعة والالتزام, فإذا خلا بنفسه, أو أبناء جنسه, ترك الطاعة, وأقبل على ضدها, فإن الطاعة التي أظهرها, غير نافعة ولا مفيدة, وقد أشبه من قال الله فيهم: " وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ " أي: يظهرون الطاعة إذا كانوا عندك.
" فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ " أي: خرجوا, وخلوا في حالة لا يطلع فيها عليهم.
" بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ " أي: بيتوا ودبروا غير طاعتك ولا ثَمَّ إلا المعصية.
وفي قوله " بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ " دليل على أن الأمر الذي استقروا عليه, غير الطاعة, لأن التبييت, تدبير الأمر ليلا, على وجه يستقر عليه الرأي.
ثم توعدهم على ما فعلوا فقال: " وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ " أي: يحفظه عليهم, وسيجازيهم عليه أتم الجزاء, ففيه وعيد لهم.
ثم أمر رسوله, بمقابلتهم بالإعراض, وعدم التعنيف, فإنهم لا يضرونه شيئا, إذا توكل على الله, واستعان به, في نصر دينه, وإقامة شرعه.
ولهذا قال " فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " .
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ↓
يأمر تعالى بتدبر كتابه, وهو: التأمل في معانيه, وتحديق الفكر فيه, وفي مبادئه وعواقبه, ولوازم ذلك.
فإن في تدبر كتاب الله مفتاحا للعلوم والمعارف, وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم.
وبه يزداد الإيمان في القلب, وترسخ شجرته.
فإنه يعرف بالرب المعبود, وما له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص.
ويعرف الطريق الموصلة إليه, وصفة أهلها, وما لهم عند القدوم عليه.
ويعرف العدو, الذي هو العدو على الحقيقة; والطريق الموصلة إلى العذاب; وصفة أهلها; وما لهم عند وجود أسباب العقاب.
وكلما ازداد العبد تأملا فيه, ازداد علما, وعملا, وبصيرة.
ولذلك أمر الله بذلك, وحث عليه, وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن, كما قال تعالى: " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " .
وقال تعالى " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " .
ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك, يصل العبد إلى درجة اليقين, والعلم بأنه كلام الله, لأنه يراه, يصدق بعضه بعضا, ويوافق بعضه بعضا.
فترى الحكم والقصة والأخبار, تعاد في القرآن; في عدة مواضع, كلها متوافقة متصادقة, لا ينقض بعضها بعضا.
فبذلك يعلم كمال القرآن, وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور.
فلذلك قال تعالى " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " .
أي: فلما كان من عند الله; لم يكن فيه اختلاف أصلا.
فإن في تدبر كتاب الله مفتاحا للعلوم والمعارف, وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم.
وبه يزداد الإيمان في القلب, وترسخ شجرته.
فإنه يعرف بالرب المعبود, وما له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص.
ويعرف الطريق الموصلة إليه, وصفة أهلها, وما لهم عند القدوم عليه.
ويعرف العدو, الذي هو العدو على الحقيقة; والطريق الموصلة إلى العذاب; وصفة أهلها; وما لهم عند وجود أسباب العقاب.
وكلما ازداد العبد تأملا فيه, ازداد علما, وعملا, وبصيرة.
ولذلك أمر الله بذلك, وحث عليه, وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن, كما قال تعالى: " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " .
وقال تعالى " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " .
ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك, يصل العبد إلى درجة اليقين, والعلم بأنه كلام الله, لأنه يراه, يصدق بعضه بعضا, ويوافق بعضه بعضا.
فترى الحكم والقصة والأخبار, تعاد في القرآن; في عدة مواضع, كلها متوافقة متصادقة, لا ينقض بعضها بعضا.
فبذلك يعلم كمال القرآن, وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور.
فلذلك قال تعالى " وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " .
أي: فلما كان من عند الله; لم يكن فيه اختلاف أصلا.
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ↑
هذا تأديب من الله لعباده, عن فعلهم هذا, غير اللائق.
وأنه ينبغي لهم, إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة, والمصالح العامة, ما يتعلق بالأمن, وسرور المؤمنين, أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم, أن يتثبتوا, ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول, وإلى أولي الأمر منهم, أهل الرأي, والعلم والنصح, والعقل, والرزانة, الذين يعرفون الأمور, ويعرفون المصالح وضدها.
فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين, وسرورا لهم, وتحرزا من أعدائهم, فعلوا ذلك.
وإن رأوا ما فيه مصلحة, أو فيه مصلحة, ولكن مضرته تزيد على مصلحته, لم يذيعوه.
ولهذا قال " لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ " أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة, وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية, وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور, ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك, ويجعل إلى أهله, ولا يتقدم بين أيديهم, فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.
وفيه النهي عن العجلة والتسرع, لنشر الأمور, من حين سماعها.
والأمر بالتأمل قبل الكلام, والنظر فيه, هل هو مصلحة, فيُقْدِم عليه الإنسان, أم لا؟ فيحجم عنه؟ ثم قال تعالى: " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ " أي في توفيقكم, وتأديبكم, وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون.
" لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " لأن الإنسان بطبعه, ظالم جاهل, فلا تأمره نفسه إلا بالشر.
فإذا لجأ إلى ربه, واعتصم به, واجتهد في ذلك, لطف به ربه, ووفقه لكل خير, وعصمه من الشيطان الرجيم.
وأنه ينبغي لهم, إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة, والمصالح العامة, ما يتعلق بالأمن, وسرور المؤمنين, أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم, أن يتثبتوا, ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر.
بل يردونه إلى الرسول, وإلى أولي الأمر منهم, أهل الرأي, والعلم والنصح, والعقل, والرزانة, الذين يعرفون الأمور, ويعرفون المصالح وضدها.
فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين, وسرورا لهم, وتحرزا من أعدائهم, فعلوا ذلك.
وإن رأوا ما فيه مصلحة, أو فيه مصلحة, ولكن مضرته تزيد على مصلحته, لم يذيعوه.
ولهذا قال " لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ " أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة, وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية, وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور, ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك, ويجعل إلى أهله, ولا يتقدم بين أيديهم, فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.
وفيه النهي عن العجلة والتسرع, لنشر الأمور, من حين سماعها.
والأمر بالتأمل قبل الكلام, والنظر فيه, هل هو مصلحة, فيُقْدِم عليه الإنسان, أم لا؟ فيحجم عنه؟ ثم قال تعالى: " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ " أي في توفيقكم, وتأديبكم, وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون.
" لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " لأن الإنسان بطبعه, ظالم جاهل, فلا تأمره نفسه إلا بالشر.
فإذا لجأ إلى ربه, واعتصم به, واجتهد في ذلك, لطف به ربه, ووفقه لكل خير, وعصمه من الشيطان الرجيم.
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً ↓
هذه الحالة, أفضل أحوال العبد, أن يجتهد في نفسه على امتثال أمر الله, من الجهاد وغيره, ويحرض غيره عليه.
وقد يعدم في العبد, الأمران أو أحدهما, فلهذا قال لرسوله: " فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ " أي: ليس لك قدرة على غير نفسك, فلن تكلف بفعل غيرك.
" وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ " على القتال, وهذا يشمل كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين, وقوة قلوبهم, من تقويتهم, والإخبار بضعف الأعداء, وفشلهم, وبما أُعد للمقاتلين من الثواب, وما على المتخلفين من العقاب.
فهذا وأمثاله, كله يدخل في التحريض على القتال.
" عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا " أي: بقتالكم في سبيل الله, وتحريض بعضكم بعضا.
" وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا " أي: قوة وعزة " وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا " بالمذنب في نفسه, وتنكيلا لغيره, فلو شاء تعالى, لانتصر من الكفار بقوته, ولم يجعل لهم باقية.
ولكن - من حكمته - يبلو بعض عباده ببعض, ليقوم سوق الجهاد, ويحصل الإيمان النافع, إيمان الاختيار, لا إيمان الاضطرار والقهر, الذي لا يفيد شيئا.
وقد يعدم في العبد, الأمران أو أحدهما, فلهذا قال لرسوله: " فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ " أي: ليس لك قدرة على غير نفسك, فلن تكلف بفعل غيرك.
" وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ " على القتال, وهذا يشمل كل أمر يحصل به نشاط المؤمنين, وقوة قلوبهم, من تقويتهم, والإخبار بضعف الأعداء, وفشلهم, وبما أُعد للمقاتلين من الثواب, وما على المتخلفين من العقاب.
فهذا وأمثاله, كله يدخل في التحريض على القتال.
" عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا " أي: بقتالكم في سبيل الله, وتحريض بعضكم بعضا.
" وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا " أي: قوة وعزة " وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا " بالمذنب في نفسه, وتنكيلا لغيره, فلو شاء تعالى, لانتصر من الكفار بقوته, ولم يجعل لهم باقية.
ولكن - من حكمته - يبلو بعض عباده ببعض, ليقوم سوق الجهاد, ويحصل الإيمان النافع, إيمان الاختيار, لا إيمان الاضطرار والقهر, الذي لا يفيد شيئا.
مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ↓
المراد بالشفاعة هنا: المعاونة على أمر من الأمور.
فمن شفع غيره, وقام معه على أمر من أمور الخير - ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم - كان له نصيب من شفاعته, بحسب سعيه وعمله, ونفعه, ولا ينقص من أجر الأصيل أو المباشر, شيء.
ومن عاون غيره على أمر من الشر, كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه.
ففي هذا, الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى, والزجر العظيم, عن التعاون على الإثم والعدوان.
وقرر ذلك بقوله: " وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا " أي: شاهدا حفيظا, حسيبا على هذه الأعمال, فيجازي كُلًّا, ما يستحقه.
فمن شفع غيره, وقام معه على أمر من أمور الخير - ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم - كان له نصيب من شفاعته, بحسب سعيه وعمله, ونفعه, ولا ينقص من أجر الأصيل أو المباشر, شيء.
ومن عاون غيره على أمر من الشر, كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه.
ففي هذا, الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى, والزجر العظيم, عن التعاون على الإثم والعدوان.
وقرر ذلك بقوله: " وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا " أي: شاهدا حفيظا, حسيبا على هذه الأعمال, فيجازي كُلًّا, ما يستحقه.
وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ↓
التحية هي: اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين, على وجه الإكرام والدعاء, وما يقترن بذلك اللفظ, من البشاشة ونحوها.
وأعلى أنواع التحية, ما ورد به الشرع, من السلام ابتداء وردًّا.
فأمر تعالى, المؤمنين أنهم, إذا حُيّوا بأي تحية كانت, أن يردوها بأحسن منها, لفظا, وبشاشة, أو مثلها في ذلك.
ومفهوم ذلك, النهي عن عدم الرد بالكلية, أو ردها بدونها.
ويؤخذ من الآية الكريمة, الحث على ابتداء السلام والتحية, من وجهين: أحدهما: أن الله أمر بردها, بأحسن منها, أو مثلها, وذلك يستلزم أن التحية, مطلوبة شرعا.
والثاني: ما يستفاد من أفعل التفضيل, وهو " أحسن " الدال على مشاركة التحية وردها, بالحسن, كما هو الأصل في ذلك.
ويستثنى من عموم الآية الكريمة, من حيا بحال غير مأمور بها, كـ " على مشتغل بقراءة, أو استماع خطبة, أو مصل ونحو ذلك " فإنه لا يطلب إجابة تحيته.
وكذلك يستثنى من ذلك, من أمر الشارع بهجره, وعدم تحيته, وهو العاصي غير التائب, الذي يرتدع بالهجر, فإنه يهجر, ولا يحيا, ولا ترد تحيته, وذلك لمعارضة المصلحة الكبرى.
ويدخل في رد التحية, كل تحية اعتادها الناس, وهي غير محظورة شرعا, فإنه مأمور بردها وبأحسن منها.
ثم وعد تعالى وتوعد, على فعل الحسنات والسيئات بقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا " فيحفظ على العباد, أعمالهم, حسنها, وسيئها, صغيرها, وكبيرها, ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله, وحكمه المحمود.
وأعلى أنواع التحية, ما ورد به الشرع, من السلام ابتداء وردًّا.
فأمر تعالى, المؤمنين أنهم, إذا حُيّوا بأي تحية كانت, أن يردوها بأحسن منها, لفظا, وبشاشة, أو مثلها في ذلك.
ومفهوم ذلك, النهي عن عدم الرد بالكلية, أو ردها بدونها.
ويؤخذ من الآية الكريمة, الحث على ابتداء السلام والتحية, من وجهين: أحدهما: أن الله أمر بردها, بأحسن منها, أو مثلها, وذلك يستلزم أن التحية, مطلوبة شرعا.
والثاني: ما يستفاد من أفعل التفضيل, وهو " أحسن " الدال على مشاركة التحية وردها, بالحسن, كما هو الأصل في ذلك.
ويستثنى من عموم الآية الكريمة, من حيا بحال غير مأمور بها, كـ " على مشتغل بقراءة, أو استماع خطبة, أو مصل ونحو ذلك " فإنه لا يطلب إجابة تحيته.
وكذلك يستثنى من ذلك, من أمر الشارع بهجره, وعدم تحيته, وهو العاصي غير التائب, الذي يرتدع بالهجر, فإنه يهجر, ولا يحيا, ولا ترد تحيته, وذلك لمعارضة المصلحة الكبرى.
ويدخل في رد التحية, كل تحية اعتادها الناس, وهي غير محظورة شرعا, فإنه مأمور بردها وبأحسن منها.
ثم وعد تعالى وتوعد, على فعل الحسنات والسيئات بقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا " فيحفظ على العباد, أعمالهم, حسنها, وسيئها, صغيرها, وكبيرها, ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله, وحكمه المحمود.
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ↓
يخبر تعالى, عن انفراده بالوحدانية, وأنه لا معبود ولا مألوه إلا هو, لكماله في ذاته وأوصافه, ولكونه المنفرد بالخلق والتدبير, والنعم الظاهرة والباطنة.
وذلك يستلزم الأمر بعبادته, والتقرب إليه بجميع أنواع العبودية.
لكونه المستحق لذلك وحده, والمجازي للعباد, بما قاموا به من عبوديته, أو تركوه منها.
ولذلك أقسم على وقوع محل الجزاء - وهو يوم القيامة - فقال: " لَيَجْمَعَنَّكُمْ " أي: أولكم وآخِركم, في مقام واحد.
" إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ " أي: لا شك ولا شبهة, بوجه من الوجوه, بالدليل العقلي, والدليل السمعي.
فالدليل العقلي, ما نشاهده من إحياء الأرض بعد موتها, ومن وجود النشأة الأولى, التي وقوع الثانية, أَوْلى منها بالإمكان.
ومن الحكمة التي يجزم, بأن الله لم يخلق خلقه عبثا, يحيون ثم يموتون.
وأما الدليل السمعي, فهو إخبار أصدق الصادقين بذلك, بل إقسامه عليه, ولهذا قال: " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " .
كذلك أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم عليه في غير موضع من القرآن, كقوله تعالى: " زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ " .
وفي قوله " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " , " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا " إخبار بأن حديثه وأخباره, وأقواله في أعلى مراتب الصدق, بل أعلاها.
فكل ما قيل في العقائد والعلوم والأعمال, مما يناقض ما أخبر الله به, فهو باطل, لمناقضته للخبر الصادق اليقين, فلا يمكن أن يكون حقا.
وذلك يستلزم الأمر بعبادته, والتقرب إليه بجميع أنواع العبودية.
لكونه المستحق لذلك وحده, والمجازي للعباد, بما قاموا به من عبوديته, أو تركوه منها.
ولذلك أقسم على وقوع محل الجزاء - وهو يوم القيامة - فقال: " لَيَجْمَعَنَّكُمْ " أي: أولكم وآخِركم, في مقام واحد.
" إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ " أي: لا شك ولا شبهة, بوجه من الوجوه, بالدليل العقلي, والدليل السمعي.
فالدليل العقلي, ما نشاهده من إحياء الأرض بعد موتها, ومن وجود النشأة الأولى, التي وقوع الثانية, أَوْلى منها بالإمكان.
ومن الحكمة التي يجزم, بأن الله لم يخلق خلقه عبثا, يحيون ثم يموتون.
وأما الدليل السمعي, فهو إخبار أصدق الصادقين بذلك, بل إقسامه عليه, ولهذا قال: " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " .
كذلك أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم عليه في غير موضع من القرآن, كقوله تعالى: " زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ " .
وفي قوله " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " , " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا " إخبار بأن حديثه وأخباره, وأقواله في أعلى مراتب الصدق, بل أعلاها.
فكل ما قيل في العقائد والعلوم والأعمال, مما يناقض ما أخبر الله به, فهو باطل, لمناقضته للخبر الصادق اليقين, فلا يمكن أن يكون حقا.
فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ↓
المراد بالمنافقين المذكورين في هذه الآيات: المنافقون المظهرون إسلامهم, ولم يهاجروا مع كفرهم.
وكان قد وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم, فيهم اشتباه.
فبعضهم تحرج عن قتالهم, وقطع موالاتهم, بسبب ما أظهروه من الإيمان.
وبعضهم علم أحوالهم, بقرائن أفعالهم, فحكم بكفرهم.
وكان قد وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم, فيهم اشتباه.
فبعضهم تحرج عن قتالهم, وقطع موالاتهم, بسبب ما أظهروه من الإيمان.
وبعضهم علم أحوالهم, بقرائن أفعالهم, فحكم بكفرهم.
وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ↓
فأخبر عنه تعالى, أنه لا ينبغي لكم, أن تشتبهوا فيهم ولا تشكوا.
بل أمرهم واضح غير مشكل, إنهم منافقون, قد تكرر كفرهم, وودوا - مع ذلك - كفركم, وأن تكونوا مثلهم.
فإذا تحققتم ذلك منهم " فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ " .
وهذا يستلزم عدم محبتهم, لأن الولاية فرع المحبة.
ويستلزم أيضا, بغضهم, وعداوتهم, لأن النهي عن الشيء, أمر بضده.
وهذا الأمر موقت, بهجرتهم.
فإذا هاجروا, جرى عليهم, ما جرى على المسلمين, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام على كل من كان معه, وهاجر إليه, سواء كان مؤمنا حقيقة, أو ظاهر الإيمان.
وأنهم إن لم يهاجروا, وتولوا عنها " فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " أي: في أي وقت, وأي محل كان.
وهذا من جملة الأدلة الدالة, على نسخ القتال في الأشهر الحرم, كما هو قول جمهور العلماء.
والمنازعون يقولون: هذه نصوص مطلقة, محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم.
بل أمرهم واضح غير مشكل, إنهم منافقون, قد تكرر كفرهم, وودوا - مع ذلك - كفركم, وأن تكونوا مثلهم.
فإذا تحققتم ذلك منهم " فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ " .
وهذا يستلزم عدم محبتهم, لأن الولاية فرع المحبة.
ويستلزم أيضا, بغضهم, وعداوتهم, لأن النهي عن الشيء, أمر بضده.
وهذا الأمر موقت, بهجرتهم.
فإذا هاجروا, جرى عليهم, ما جرى على المسلمين, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام على كل من كان معه, وهاجر إليه, سواء كان مؤمنا حقيقة, أو ظاهر الإيمان.
وأنهم إن لم يهاجروا, وتولوا عنها " فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " أي: في أي وقت, وأي محل كان.
وهذا من جملة الأدلة الدالة, على نسخ القتال في الأشهر الحرم, كما هو قول جمهور العلماء.
والمنازعون يقولون: هذه نصوص مطلقة, محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم.
إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ↓
ثم إن الله, استثنى من قتال هؤلاء المنافقين, ثلاث فرق: فرقتين أمر بتركهم, وحتم على ذلك.
إحداهما, من يصل إلى قوم, بينهم وبين المسلمين, عهد وميثاق بترك القتال, فينضم إليهم, فيكون له حكمهم, في حقن الدم والمال.
والفرقة الثانية قوم " حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ " .
أي: بقوا, لا تسمح أنفسهم بقتالكم, ولا قتال قومهم, وأحبوا ترك قتال الفريقين.
فهؤلاء أيضا, أمر بتركهم, وذكر الحكمة في ذلك بقوله: " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ " فإن الأمور الممكنة ثلاثة أقسام: إما أن يكونوا معكم, ويقاتلوا أعداءكم: وهذا متعذر من هؤلاء.
فدار الأمر, بين قتالكم مع قومهم, وبين ترك قتال الفريقين, وهو أهون الأمرين عليكم, والله قادر على تسليطهم عليكم.
فاقبلوا العافية, واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم, مع التمكن من ذلك.
فـهؤلاء إن " اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا " .
إحداهما, من يصل إلى قوم, بينهم وبين المسلمين, عهد وميثاق بترك القتال, فينضم إليهم, فيكون له حكمهم, في حقن الدم والمال.
والفرقة الثانية قوم " حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ " .
أي: بقوا, لا تسمح أنفسهم بقتالكم, ولا قتال قومهم, وأحبوا ترك قتال الفريقين.
فهؤلاء أيضا, أمر بتركهم, وذكر الحكمة في ذلك بقوله: " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ " فإن الأمور الممكنة ثلاثة أقسام: إما أن يكونوا معكم, ويقاتلوا أعداءكم: وهذا متعذر من هؤلاء.
فدار الأمر, بين قتالكم مع قومهم, وبين ترك قتال الفريقين, وهو أهون الأمرين عليكم, والله قادر على تسليطهم عليكم.
فاقبلوا العافية, واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم, مع التمكن من ذلك.
فـهؤلاء إن " اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا " .