وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا أَقُول لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِن اللَّه } وَقَوْله : { وَلَا أَقُول لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِن اللَّه } عَطْف عَلَى قَوْله : { وَيَا قَوْم لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } وَمَعْنَى الْكَلَام : وَيَا قَوْم لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا , وَلَا أَقُول لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِن اللَّه الَّتِي لَا يُفْنِيهَا شَيْء , فَأَدْعُوكُمْ إِلَى اِتِّبَاعِي عَلَيْهَا .
{ وَلَا أَعْلَم } أَيْضًا { الْغَيْب } يَعْنِي مَا خَفِيَ مِنْ سَرَائِر الْعِبَاد , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , فَأَدَّعِي الرُّبُوبِيَّة وَأَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَتِي .
{ وَلَا أَقُول } أَيْضًا { إِنِّي مَلَك } مِنْ الْمَلَائِكَة أُرْسِلْت إِلَيْكُمْ , فَأَكُون كَاذِبًا فِي دَعْوَايَ ذَلِكَ , بَلْ أَنَا بَشَر . مِثْلكُمْ كَمَا تَقُولُونَ , أُمِرْت بِدُعَائِكُمْ إِلَى اللَّه , وَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكُمْ .
{ وَلَا أَقُول لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّه خَيْرًا } يَقُول : وَلَا أَقُول لِلَّذِينَ اِتَّبَعُونِي وَآمَنُوا بِاَللَّهِ وَوَحَّدُوهُ الَّذِينَ تَسْتَحْقِرهُمْ أَعْيُنكُمْ , وَقُلْتُمْ إِنَّهُمْ أَرَاذِلكُمْ : لَنْ يُؤْتِيَكُمْ اللَّه خَيْرًا , وَذَلِكَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ .
{ اللَّه أَعْلَم بِمَا فِي أَنْفُسهمْ } يَقُول : اللَّه أَعْلَم بِضَمَائِر صُدُورهمْ وَاعْتِقَاد قُلُوبهمْ , وَهُوَ وَلِيّ أَمْرهمْ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا لِي مِنْهُمْ مَا ظَهَرَ وَبَدَا , وَقَدْ أَظْهَرُوا الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَاتَّبَعُونِي , فَلَا أَطْرُدهُمْ وَلَا أَسْتَحِلّ ذَلِكَ .
{ إِنِّي إذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ } يَقُول : إِنِّي إِنْ قُلْت لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقِي : لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّه خَيْرًا , وَقَضَيْت عَلَى سَرَائِرهمْ بِخِلَافِ مَا أَبْدَتْهُ أَلْسِنَتهمْ لِي عَلَى غَيْر عِلْم مِنِّي بِمَا فِي نُفُوسهمْ وَطَرَدْتهمْ بِفِعْلِي ذَلِكَ , لَمِنْ الْفَاعِلِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ فِعْله الْمُعْتَدِينَ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الظُّلْم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13991 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَلَا أَقُول لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِن اللَّه } الَّتِي لَا يُفْنِيهَا شَيْء , فَأَكُون إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ لِتَتَّبِعُونِي عَلَيْهَا لِأُعْطِيَكُمْ مِنْهَا . { وَلَا أَقُول إِنِّي مَلَك } نَزَلْت مِنْ السَّمَاء بِرِسَالَةٍ , مَا أَنَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ . { وَلَا أَعْلَم الْغَيْب } وَلَا أَقُول اِتَّبِعُونِي عَلَى عِلْم الْغَيْب
{ وَلَا أَعْلَم } أَيْضًا { الْغَيْب } يَعْنِي مَا خَفِيَ مِنْ سَرَائِر الْعِبَاد , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , فَأَدَّعِي الرُّبُوبِيَّة وَأَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَتِي .
{ وَلَا أَقُول } أَيْضًا { إِنِّي مَلَك } مِنْ الْمَلَائِكَة أُرْسِلْت إِلَيْكُمْ , فَأَكُون كَاذِبًا فِي دَعْوَايَ ذَلِكَ , بَلْ أَنَا بَشَر . مِثْلكُمْ كَمَا تَقُولُونَ , أُمِرْت بِدُعَائِكُمْ إِلَى اللَّه , وَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكُمْ .
{ وَلَا أَقُول لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّه خَيْرًا } يَقُول : وَلَا أَقُول لِلَّذِينَ اِتَّبَعُونِي وَآمَنُوا بِاَللَّهِ وَوَحَّدُوهُ الَّذِينَ تَسْتَحْقِرهُمْ أَعْيُنكُمْ , وَقُلْتُمْ إِنَّهُمْ أَرَاذِلكُمْ : لَنْ يُؤْتِيَكُمْ اللَّه خَيْرًا , وَذَلِكَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ .
{ اللَّه أَعْلَم بِمَا فِي أَنْفُسهمْ } يَقُول : اللَّه أَعْلَم بِضَمَائِر صُدُورهمْ وَاعْتِقَاد قُلُوبهمْ , وَهُوَ وَلِيّ أَمْرهمْ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا لِي مِنْهُمْ مَا ظَهَرَ وَبَدَا , وَقَدْ أَظْهَرُوا الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَاتَّبَعُونِي , فَلَا أَطْرُدهُمْ وَلَا أَسْتَحِلّ ذَلِكَ .
{ إِنِّي إذًا لَمِنْ الظَّالِمِينَ } يَقُول : إِنِّي إِنْ قُلْت لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَظْهَرُوا الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقِي : لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّه خَيْرًا , وَقَضَيْت عَلَى سَرَائِرهمْ بِخِلَافِ مَا أَبْدَتْهُ أَلْسِنَتهمْ لِي عَلَى غَيْر عِلْم مِنِّي بِمَا فِي نُفُوسهمْ وَطَرَدْتهمْ بِفِعْلِي ذَلِكَ , لَمِنْ الْفَاعِلِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ فِعْله الْمُعْتَدِينَ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الظُّلْم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13991 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَلَا أَقُول لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِن اللَّه } الَّتِي لَا يُفْنِيهَا شَيْء , فَأَكُون إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ لِتَتَّبِعُونِي عَلَيْهَا لِأُعْطِيَكُمْ مِنْهَا . { وَلَا أَقُول إِنِّي مَلَك } نَزَلْت مِنْ السَّمَاء بِرِسَالَةٍ , مَا أَنَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ . { وَلَا أَعْلَم الْغَيْب } وَلَا أَقُول اِتَّبِعُونِي عَلَى عِلْم الْغَيْب
قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا يَا نُوح قَدْ جَادَلْتنَا فَأَكْثَرْت جِدَالنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدنَا إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم نُوح لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام : قَدْ خَاصَمْتنَا فَأَكْثَرْت خُصُومَتنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدنَا مِنْ الْعَذَاب إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ فِي عِدَاتك وَدَعْوَاك أَنَّك لِلَّهِ رَسُول . يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَنْ يَقْدِر عَلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ . 13992 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { جَادَلْتنَا } قَالَ : مَارَيْتنَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13993 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : { قَالُوا يَا نُوح قَدْ جَادَلْتنَا } قَالَ : مَارَيْتنَا , { فَأَكْثَرْت جِدَالنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدنَا } قَالَ اِبْن جُرَيْج : تَكْذِيبًا بِالْعَذَابِ , وَأَنَّهُ بَاطِل { فَأَكْثَرْت جِدَالنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدنَا } قَالَ اِبْن جُرَيْج : تَكْذِيبًا بِالْعَذَابِ , وَأَنَّهُ بَاطِل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّه إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ نُوح لِقَوْمِهِ حِين اِسْتَعْجَلُوهُ الْعَذَاب : يَا قَوْم لَيْسَ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ مِنْ الْعَذَاب إِلَيَّ , إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّه لَا إِلَى غَيْره , هُوَ الَّذِي يَأْتِيكُمْ بِهِ إِنْ شَاءَ . { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } يَقُول : وَلَسْتُمْ إِذَا أَرَادَ تَعْذِيبكُمْ بِمُعْجِزِيهِ : أَيْ بِفَائِتِيهِ هَرَبًا مِنْهُ , لِأَنَّكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ فِي مُلْكه وَسُلْطَانه وَقُدْرَته حُكْمه عَلَيْكُمْ جَارٍ .
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ↓
{ وَلَا يَنْفَعكُمْ نُصْحِي } يَقُول : وَلَا يَنْفَعكُمْ تَحْذِيرِي عُقُوبَته وَنُزُول سَطْوَته بِكُمْ عَلَى كُفْركُمْ بِهِ ,
{ إِذْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَح لَكُمْ } فِي تَحْذِيرِي إِيَّاكُمْ ذَلِكَ , لِأَنَّ نُصْحِي لَا يَنْفَعكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تَقْبَلُونَهُ .
{ إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُغْوِيَكُمْ } يَقُول : إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُهْلِككُمْ بِعَذَابِهِ.
{ هُوَ رَبّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول : وَإِلَيْهِ تُرَدُّونَ بَعْد الْهَلَاك . حُكِيَ عَنْ طَيْئ أَنَّهَا تَقُول : أَصْبَحَ فُلَان غَاوِيًا : أَيْ مَرِيضًا . وَحُكِيَ عَنْ غَيْرهمْ سَمَاعًا مِنْهُمْ : أَغْوَيْت فُلَانًا , بِمَعْنَى أَهْلَكْته , وَغَوِيَ الْفَصِيل : إِذَا فَقَدَ اللَّبَن فَمَاتَ . وَذُكِرَ أَنَّ قَوْل اللَّه : { فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } 19 59 أَيْ هَلَاكًا .
{ إِذْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَح لَكُمْ } فِي تَحْذِيرِي إِيَّاكُمْ ذَلِكَ , لِأَنَّ نُصْحِي لَا يَنْفَعكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تَقْبَلُونَهُ .
{ إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُغْوِيَكُمْ } يَقُول : إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُهْلِككُمْ بِعَذَابِهِ.
{ هُوَ رَبّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يَقُول : وَإِلَيْهِ تُرَدُّونَ بَعْد الْهَلَاك . حُكِيَ عَنْ طَيْئ أَنَّهَا تَقُول : أَصْبَحَ فُلَان غَاوِيًا : أَيْ مَرِيضًا . وَحُكِيَ عَنْ غَيْرهمْ سَمَاعًا مِنْهُمْ : أَغْوَيْت فُلَانًا , بِمَعْنَى أَهْلَكْته , وَغَوِيَ الْفَصِيل : إِذَا فَقَدَ اللَّبَن فَمَاتَ . وَذُكِرَ أَنَّ قَوْل اللَّه : { فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } 19 59 أَيْ هَلَاكًا .
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرَاهُ قُلْ إِنْ اِفْتَرَيْته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيء مِمَّا تُجْرِمُونَ } عِ يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَيَقُولُ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك : اِفْتَرَى مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن ؟ وَهَذَا الْخَبَر عَنْ نُوح . قُلْ لَهُمْ : إِنْ اِفْتَرَيْته فَتَخَرَّصْته وَاخْتَلَقْته { فَعَلَيَّ إِجْرَامِي } يَقُول : فَعَلَيَّ إِثْمِي فِي اِفْتِرَائِي مَا اِفْتَرَيْت عَلَى رَبِّي دُونكُمْ , لَا تُؤَاخَذُونَ بِذَنْبِي وَلَا إِثْمِي وَلَا أُؤَاخَذ بِذَنْبِكُمْ . { وَأَنَا بَرِيء مِمَّا تُجْرِمُونَ } يَقُول : وَأَنَا بَرِيء مِمَّا تُذْنِبُونَ وَتَأْثَمُونَ بِرَبِّكُمْ مِنْ اِفْتِرَائِكُمْ عَلَيْهِ , وَيُقَال مِنْهُ : أَجْرَمْت إِجْرَامًا وَجَرَمْت أُجْرِم جُرْمًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : طَرِيد عَشِيرَة وَرَهِين ذَنْب بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي
وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُوحِيَ إِلَى نُوح أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَوْحَى اللَّه { إِلَى نُوح } لَمَّا حَقَّ عَلَى قَوْمه الْقَوْل , وَأَظَلَّهُمْ أَمْر اللَّه , { أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن } يَا نُوح بِاَللَّهِ فَيُوَحِّدهُ وَيَتَّبِعك عَلَى مَا تَدْعُوهُ إِلَيْهِ { مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } فَصَدَّقَ بِذَلِكَ وَاتَّبَعَك . { فَلَا تَبْتَئِس } يَقُول : فَلَا تَسْتَكِنَّ وَلَا تَحْزَن بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ , فَإِنِّي مُهْلِكهمْ وَمُنْقِذك مِنْهُمْ وَمَنْ اِتَّبَعَك . وَأَوْحَى اللَّه ذَلِكَ إِلَيْهِ بَعْد مَا دَعَا عَلَيْهِمْ نُوح بِالْهَلَاكِ , فَقَالَ : { رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } 71 26 وَهُوَ تَفْتَعِل مِنْ الْبُؤْس , يُقَال : اِبْتَأَسَ فُلَان بِالْأَمْرِ يَبْتَئِس اِبْتِئَاسًا , كَمَا قَالَ لَبِيد بْن رَبِيعَة : فِي مَأْتَم كَنِعَاجِ صَارَّة يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13994 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَلَا تَبْتَئِس } قَالَ : لَا تَحْزَن حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 13995 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَلَا تَبْتَئِس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } يَقُول : فَلَا تَحْزَن 13996 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَلَا تَبْتَئِس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } قَالَ : لَا تَأْسَ وَلَا تَحْزَن 13997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأُوحِيَ إِلَى نُوح أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } وَذَلِكَ حِين دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ { رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } 71 26 قَوْله : { فَلَا تَبْتَئِس } يَقُول : فَلَا تَأْسَ وَلَا تَحْزَن 13998 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } فَحِينَئِذٍ دَعَا عَلَى قَوْمه لَمَّا بَيَّنَ اللَّه لَهُ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمه إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاصْنَعْ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ , وَأَنْ اِصْنَعْ الْفُلْك , وَهُوَ السَّفِينَة كَمَا : 13999 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : الْفُلْك : السَّفِينَة وَقَوْله { بِأَعْيُنِنَا } يَقُول : بِعَيْنِ اللَّه وَوَحْيه كَمَا يَأْمُرك . كَمَا : 14000 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاصْنَعْ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا } وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَم كَيْفَ صَنْعَة الْفُلْك , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ يَصْنَعهَا عَلَى مِثْل جُؤْجُؤ الطَّائِر 14001 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَوَحْينَا } قَالَ : كَمَا نَأْمُرك حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا } كَمَا نَأْمُرك 14002 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاصْنَعْ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا } قَالَ : بِعَيْنِ اللَّه , قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : { وَوَحْينَا } قَالَ : كَمَا نَأْمُرك 14003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا } قَالَ : بِعَيْنِ اللَّه وَوَحْيه
وَقَوْله : { وَلَا تُخَاطِبنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَسْأَلنِي فِي الْعَفْو عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ مِنْ قَوْمك , فَأَكْسَبُوهَا تَعَدِّيًا مِنْهُمْ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ الْهَلَاك بِالْغَرَقِ , إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ بِالطُّوفَانِ . كَمَا : 14004 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَلَا تُخَاطِبنِي } قَالَ : يَقُول : وَلَا تُرَاجِعنِي . قَالَ : تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَشْفَع لَهُمْ عِنْده
وَقَوْله : { وَلَا تُخَاطِبنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَسْأَلنِي فِي الْعَفْو عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ مِنْ قَوْمك , فَأَكْسَبُوهَا تَعَدِّيًا مِنْهُمْ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ الْهَلَاك بِالْغَرَقِ , إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ بِالطُّوفَانِ . كَمَا : 14004 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَلَا تُخَاطِبنِي } قَالَ : يَقُول : وَلَا تُرَاجِعنِي . قَالَ : تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَشْفَع لَهُمْ عِنْده
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَصْنَع الْفُلْك وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأ مِنْ قَوْمه سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَر مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَصْنَع نُوح السَّفِينَة , وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ جَمَاعَة مِنْ كُبَرَاء قَوْمه سَخِرُوا مِنْهُ , يَقُول : هَزِئُوا مِنْ نُوح , وَيَقُولُونَ لَهُ : أَتَحَوَّلْت نَجَّارًا بَعْد النُّبُوَّة وَتَعْمَل السَّفِينَة فِي الْبَرّ ! فَيَقُول لَهُمْ نُوح : { إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا } إِنْ تَهْزَءُوا مِنَّا الْيَوْم , فَإِنَّا نَهْزَأ مِنْكُمْ فِي الْآخِرَة كَمَا تَهْزَءُونَ مِنَّا فِي الدُّنْيَا . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } إِذَا عَايَنْتُمْ عَذَاب اللَّه , مِنْ الَّذِي كَانَ إِلَى نَفْسه مُسِيئًا مِنَّا وَكَانَتْ صَنْعَة نُوح السَّفِينَة كَمَا : 14005 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى وَصَالِح بْن مِسْمَار , قَالَا : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْن يَعْقُوب , قَالَ : ثَنِي فَائِد مَوْلَى عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَافِع : أَنَّ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي رَبِيعَة , أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَوْ رَحِم اللَّه أَحَدًا مِنْ قَوْم نُوح لَرَحِمَ أُمّ الصَّبِيّ " . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ نُوح مَكَثَ فِي قَوْمه أَلْف سَنَة إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّه حَتَّى كَانَ آخِر زَمَانه غَرَسَ شَجَرَة , فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلّ مَذْهَب , ثُمَّ قَطَعَهَا , ثُمَّ جَعَلَ يَعْمَل سَفِينَة , وَيَمُرُّونَ فَيَسْأَلُونَهُ , فَيَقُول : أَعْمَلهَا سَفِينَة , فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ : تَعْمَل سَفِينَة فِي الْبَرّ فَكَيْفَ تَجْرِي ؟ فَيَقُول : سَوْفَ تَعْلَمُونَ . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا وَفَارَ التَّنُّور وَكَثُرَ الْمَاء فِي السِّكَك خَشِيَتْ أُمّ صَبِيّ عَلَيْهِ , وَكَانَتْ تُحِبّهُ حُبًّا شَدِيدًا , فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَل حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثه فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاء خَرَجَتْ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَيْ الْجَبَل , فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاء خَرَجَتْ حَتَّى اِسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَل , فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاء رَقَبَتهَا رَفَعَتْهُ بَيْن يَدَيْهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا الْمَاء , فَلَوْ رَحِمَ اللَّه مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمّ الصَّبِيّ " 14006 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ طُول السَّفِينَة ثَلَاث مِائَة ذِرَاع , وَعَرْضهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا , وَطُولهَا فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا , وَبَابهَا فِي عَرْضهَا 14007 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ طُول سَفِينَة نُوح أَلْف ذِرَاع وَمِائَتَيْ ذِرَاع , وَعَرْضهَا سِتّ مِائَة ذِرَاع 14008 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ مُفَضَّل بْن فَضَالَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جَدْعَان , عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى اِبْن مَرْيَم : لَوْ بَعَثْت لَنَا رَجُلًا شَهِدَ السَّفِينَة فَحَدَّثَنَا عَنْهَا ! قَالَ : فَانْطَلَقَ بِهِمْ حَتَّى اِنْتَهَى بِهِمْ إِلَى كَثِيب مِنْ تُرَاب , فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ ذَلِكَ التُّرَاب بِكَفِّهِ , قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ قَالُوا : اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم , قَالَ : هَذَا كَعْب حَام بْن نُوح . قَالَ : فَضَرَبَ الْكَثِيب بِعَصَاهُ , قَالَ : قُمْ بِإِذْنِ اللَّه ! فَإِذَا هُوَ قَائِم يَنْفُض التُّرَاب عَنْ رَأْسه قَدْ شَابَ . قَالَ لَهُ عِيسَى : هَكَذَا هَلَكْت ؟ قَالَ : لَا , وَلَكِنْ مُتّ وَأَنَا شَابّ , وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّهَا السَّاعَة , فَمِنْ ثَمَّ شِبْت . قَالَ : حَدِّثْنَا عَنْ سَفِينَة نُوح ! قَالَ : كَانَ طُولهَا أَلْف ذِرَاع وَمِائَتَيْ ذِرَاع , وَعَرْضهَا سِتّ مِائَة ذِرَاع , وَكَانَتْ ثَلَاث طَبَقَات , فَطَبَقَة فِيهَا الدَّوَابّ وَالْوَحْش , وَطَبَقَة فِيهَا الْإِنْس , وَطَبَقَة فِيهَا الطَّيْر . فَلَمَّا كَثُرَ أَرْوَاث الدَّوَابّ , أَوْحَى اللَّه إِلَى نُوح أَنْ اِغْمِزْ ذَنَب الْفِيل ! فَغَمَزَهُ فَوَقَعَ مِنْهُ خِنْزِير وَخِنْزِيرَة , فَأَقْبَلَا عَلَى الرَّوْث . فَلَمَّا وَقَعَ الْفَأْر بِحَبْلِ السَّفِينَة يَقْرِضهُ , أَوْحَى اللَّه إِلَى نُوح أَنْ اِضْرِبْ بَيْن عَيْنَيْ الْأَسَد ! فَخَرَجَ مِنْ مَنْخَره سِنَّوْر وَسِنَّوْرَة , فَأَقْبَلَا عَلَى الْفَأْر , فَقَالَ لَهُ عِيسَى : كَيْف عَلِمَ نُوح أَنَّ الْبِلَاد قَدْ غَرِقَتْ ؟ قَالَ : بَعَثَ الْغُرَاب يَأْتِيه بِالْخَبَرِ , فَوَجَدَ جِيفَة فَوَقَعَ عَلَيْهَا , فَدَعَا عَلَيْهِ بِالْخَوْفِ , فَلِذَلِكَ لَا يَأْلَف الْبُيُوت , قَالَ : ثُمَّ بَعَثَ الْحَمَامَة فَجَاءَتْ بِوَرَقِ زَيْتُون بِمِنْقَارِهَا وَطِين بِرِجْلَيْهَا , فَعَلِمَ أَنَّ الْبِلَاد قَدْ غَرِقَتْ , قَالَ : فَطَوَّقَهَا الْخُضْرَة الَّتِي فِي عُنُقهَا , وَدَعَا لَهَا أَنْ تَكُون فِي أُنْس وَأَمَان , فَمِنْ ثَمَّ تَأْلَف الْبُيُوت . قَالَ : فَقُلْنَا يَا رَسُول اللَّه أَلَا نَنْطَلِق بِهِ إِلَى أَهْلِينَا , فَيَجْلِس مَعَنَا , وَيُحَدِّثنَا ؟ قَالَ : كَيْف يَتْبَعكُمْ مَنْ لَا رِزْق لَهُ ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ : عُدْ بِإِذْنِ اللَّه , قَالَ : فَعَادَ تُرَابًا 14009 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَمَّنْ لَا يُتَّهَم عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ : أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْطِشُونَ بِهِ - يَعْنِي قَوْم نُوح - فَيَخْنُقُونَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ , فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ : اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ! حَتَّى إِذَا تَمَادَوْا فِي الْمَعْصِيَة , وَعَظُمَتْ فِي الْأَرْض مِنْهُمْ الْخَطِيئَة , وَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ . وَعَلَيْهِمْ الشَّأْن , وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ مِنْهُمْ الْبَلَاء , وَانْتَظَرَ النَّجْل بَعْد النَّجْل , فَلَا يَأْتِي قَرْن إِلَّا كَانَ أَخْبَث مِنْ الْقَرْن الَّذِي قَبْله , حَتَّى إِنْ كَانَ الْآخِر مِنْهُمْ لَيَقُول : قَدْ كَانَ هَذَا مَعَ آبَائِنَا وَمَعَ أَجْدَادنَا هَكَذَا مَجْنُونًا ! لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ شَيْئًا . حَتَّى شَكَا ذَلِكَ مِنْ أَمْرهمْ نُوح إِلَى اللَّه تَعَالَى , كَمَا قَصَّ اللَّه عَلَيْنَا فِي كِتَابه : { رَبّ إِنِّي دَعَوْت قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا } 71 11 : 12 إِلَى آخِر الْقِصَّة , حَتَّى قَالَ { رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّك إِنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا } 71 26 : 27 إِلَى آخِر الْقِصَّة . فَلَمَّا شَكَا ذَلِكَ مِنْهُمْ نُوح إِلَى اللَّه وَاسْتَنْصَرَهُ عَلَيْهِمْ , أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ { وَاصْنَعْ الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْينَا وَلَا تُخَاطِبنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا } أَيْ بَعْد الْيَوْم , { إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } فَأَقْبَلَ نُوح عَلَى عَمَل الْفُلْك , وَلَهِيَ عَنْ قَوْمه , وَجَعَلَ يَقْطَع الْخَشَب , وَيَضْرِب الْحَدِيد وَيُهَيِّئ عِدَّة الْفُلْك مِنْ الْقَار وَغَيْره مِمَّا لَا يُصْلِحهُ إِلَّا هُوَ . وَجَعَلَ قَوْمه يَمُرُّونَ بِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مِنْ عَمَله , فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ , فَيَقُول : { إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَر مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيه عَذَاب يُخْزِيه وَيَحِلّ عَلَيْهِ عَذَاب مُقِيم } قَالَ : وَيَقُولُونَ لَهُ فِيمَا بَلَغَنِي : يَا نُوح قَدْ صِرْت نَجَّارًا بَعْد النُّبُوَّة ! قَالَ : وَأَعْقَمَ اللَّه أَرْحَام النِّسَاء , فَلَا يُولَد لَهُمْ وَلَد . قَالَ : وَيَزْعُم أَهْل التَّوْرَاة أَنَّ اللَّه أَمَرَهُ أَنْ يَصْنَع الْفُلْك مِنْ خَشَب السَّاج , وَأَنْ يَصْنَعهُ أَزْوَر , وَأَنْ يَطْلِيه بِالْقَارِ مِنْ دَاخِله وَخَارِجه , وَأَنْ يَجْعَل طُوله ثَمَانِينَ ذِرَاعًا , وَأَنْ يَجْعَلهُ ثَلَاثَة أَطْبَاق : سُفْلًا وَوَسَطًا وَعُلْوًا , وَأَنْ يَجْعَل فِيهِ كُوًى . فَفَعَلَ نُوح كَمَا أَمَرَهُ اللَّه , حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُ وَقَدْ عَهِدَ اللَّه إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور فَاحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ , وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل , وَقَدْ جَعَلَ التَّنُّور آيَة فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه فَقَالَ { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا } وَارْكَبْ . فَلَمَّا فَارَ التَّنُّور حَمَلَ نُوح فِي الْفُلْك مَنْ أَمَرَهُ اللَّه , وَكَانُوا قَلِيلًا كَمَا قَالَ اللَّه , وَحَمَلَ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ مِمَّا فِيهِ الرُّوح وَالشَّجَر ذَكَر وَأُنْثَى , فَحَمَلَ فِيهِ بَنِيهِ الثَّلَاثَة : سَام وَحَام وَيَافِت وَنِسَاءَهُمْ , وَسِتَّة أُنَاس مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ , فَكَانُوا عَشْرَة نَفَر : نُوح وَبَنُوهُ وَأَزْوَاجهمْ , ثُمَّ أَدْخَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ الدَّوَابّ وَتَخَلَّفَ عَنْهُ اِبْنه يَام , وَكَانَ كَافِرًا . 14010 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الْحَسَن بْن دِينَار , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : سَمِعْته يَقُول : كَانَ أَوَّل مَا حَمَلَ نُوح فِي الْفُلْك مِنْ الدَّوَابّ الدُّرَّة , وَآخِر مَا حَمَلَ الْحِمَار , فَلَمَّا دَخَلَ الْحِمَار وَأَدْخَلَ صَدْره مَسَكَ إِبْلِيس بِذَنَبِهِ , فَلَمْ تَسْتَقِلّ رِجْلَاهُ , فَجَعَلَ نُوح يَقُول : وَيْحك اُدْخُلْ ! فَيَنْهَض فَلَا يَسْتَطِيع . حَتَّى قَالَ نُوح : وَيْحك اُدْخُلْ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَان مَعَك ! قَالَ : كَلِمَة زَلَّتْ عَنْ لِسَانه . فَلَمَّا قَالَهَا نُوح خَلَّى الشَّيْطَان سَبِيله , فَدَخَلَ وَدَخَلَ الشَّيْطَان مَعَهُ , فَقَالَ لَهُ نُوح : مَا أَدْخَلَك عَلَيَّ يَا عَدُوّ اللَّه ؟ فَقَالَ : أَلَمْ تَقُلْ : اُدْخُلْ وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَان مَعَك ؟ قَالَ : اُخْرُجْ عَنِّي يَا عَدُوّ اللَّه ! فَقَالَ : مَا لَك بُدّ مِنْ أَنْ تَحْمِلنِي . فَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ فِي ظَهْر الْفُلْك . فَلَمَّا اِطْمَأَنَّ نُوح فِي الْفُلْك , وَأَدْخَلَ فِيهِ مَنْ آمَنَ بِهِ , وَكَانَ ذَلِكَ فِي الشَّهْر مِنْ السَّنَة الَّتِي دَخَلَ فِيهَا نُوح بَعْد سِتّ مِائَة سَنَة مِنْ عُمُره لِسَبْع عَشْرَة لَيْلَة مَضَتْ مِنْ الشَّهْر , فَلَمَّا دَخَلَ وَحَمَلَ مَعَهُ مَنْ حَمَلَ , تَحَرَّكَ يَنَابِيع الْغَوْط الْبَرّ , وَفَتَحَ أَبْوَاب السَّمَاء , كَمَا قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَفَتَحْنَا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِر وَفَجَّرْنَا الْأَرْض عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْر قَدْ قُدِرَ } 54 11 : 12 فَدَخَلَ نُوح وَمَنْ مَعَهُ الْفُلْك وَغَطَّاهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ بِطَبَقَةٍ , فَكَانَ بَيْن أَنْ أَرْسَلَ اللَّه الْمَاء وَبَيْن أَنْ اِحْتَمَلَ الْمَاء الْفُلْك أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة . ثُمَّ اِحْتَمَلَ الْمَاء كَمَا تَزْعُم أَهْل التَّوْرَاة , وَكَثُرَ الْمَاء وَاشْتَدَّ وَارْتَفَعَ , يَقُول اللَّه لِمُحَمَّدٍ : { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَات أَلْوَاح وَدُسُر } 54 13 وَالدُّسُر : الْمَسَامِير , مَسَامِير الْحَدِيد . فَجَعَلَتْ الْفُلْك تَجْرِي بِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ فِي مَوْج كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوح اِبْنه الَّذِي هَلَكَ فِيمَنْ هَلَكَ , وَكَانَ فِي مَعْزِل حِين رَأَى نُوح مَنْ صَدَقَ مَوْعِد رَبّه مَا رَأَى فَقَالَ : { يَا بُنَيّ اِرْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } وَكَانَ شَقِيًّا قَدْ أَضْمَرَ كُفْرًا , { قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَل يَعْصِمنِي مِنْ الْمَاء } وَكَانَ عَهْد الْجِبَال وَهِيَ حِرْز مِنْ الْأَمْطَار إِذَا كَانَتْ , فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يُعْهَد . قَالَ نُوح : { لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنهمَا الْمَوْج فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِينَ } وَكَثُرَ الْمَاء حَتَّى طَغَى وَارْتَفَعَ فَوْق الْجِبَال كَمَا تَزْعُم أَهْل التَّوْرَاة بِخَمْسَةِ عَشْر ذِرَاعًا , فَبَادَ مَا عَلَى وَجْه الْأَرْض مِنْ الْخَلْق مِنْ كُلّ شَيْء فِيهِ الرُّوح أَوْ شَجَر , فَلَمْ يَبْقَ شَيْء مِنْ الْخَلَائِق إِلَّا نُوح وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك , وَإِلَّا عِوَج بْن عُنُق فِيمَا يَزْعُم أَهْل الْكِتَاب . فَكَانَ بَيْن أَنْ أَرْسَلَ اللَّه الطُّوفَان وَبَيْن أَنْ غَاضَ الْمَاء سِتَّة أَشْهُر وَعَشْر لَيَالٍ 14011 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ الْحَسَن بْن دِينَار , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جَدْعَان , قَالَ اِبْن حُمَيْد , قَالَ سَلَمَة , وَحَدَّثَنِي حَسَن بْن عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان , قَالَ : سَمِعْته يَقُول : لَمَّا آذَى نُوحًا فِي الْفُلْك عُذْرَة النَّاس , أُمِرَ أَنْ يَمْسَح ذَنَب الْفِيل , فَمَسَحَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ خِنْزِيرَانِ , وَكَفَى ذَلِكَ عَنْهُ . وَأَنَّ الْفَأْر تَوَالَدَتْ فِي الْفُلْك , فَلَمَّا آذَتْهُ , أُمِرَ أَنْ يَأْمُر الْأَسَد يَعْطِس , فَعَطَسَ فَخَرَجَ مِنْ مَنْخِرَيْهِ هِرَّانِ يَأْكُلَانِ عَنْهُ الْفَأْر 14012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا كَانَ نُوح فِي السَّفِينَة , قَرَضَ الْفَأْر حِبَال السَّفِينَة , فَشَكَا نُوح , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ فَمَسَحَ ذَنَب الْأَسَد فَخَرَجَ سِنَّوْرَانِ . وَكَانَ فِي السَّفِينَة عُذْرَة , فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَبّه , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ , فَمَسَحَ ذَنَب الْفِيل , فَخَرَجَ خِنْزِيرًا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن يَعْقُوب الْجُوزْجَانِيّ , قَالَ : ثَنَا الْأَسْوَد بْن عَامِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . 14013 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب بْن أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : قَالَ سُلَيْمَان الْقَرَّاسِيّ : عَمِلَ نُوح السَّفِينَة فِي أَرْبَع مِائَة سَنَة , وَأَنْبَتَ السَّاج أَرْبَعِينَ سَنَة حَتَّى كَانَ طُوله أَرْبَع مِائَة ذِرَاع , وَالذِّرَاع إِلَى الْمَنْكِب
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ يَأْتِيه عَذَاب يُخْزِيه وَيَحِلّ عَلَيْهِ عَذَاب مُقِيم حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل نُوح لِقَوْمِهِ : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أَيّهَا الْقَوْم إِذَا جَاءَ أَمْر اللَّه , مَنْ الْهَالِك , { مَنْ يَأْتِيه عَذَاب يُخْزِيه } يَقُول : الَّذِي يَأْتِيه عَذَاب اللَّه مِنَّا وَمِنْكُمْ يُهِينهُ وَيُذِلّهُ , { وَيَحِلّ عَلَيْهِ عَذَاب مُقِيم } يَقُول : وَيَنْزِل بِهِ فِي الْآخِرَة مَعَ ذَلِكَ عَذَاب دَائِم لَا اِنْقِطَاع لَهُ , مُقِيم عَلَيْهِ أَبَدًا .
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ↓
وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا } يَقُول : وَيَصْنَع نُوح الْفُلْك حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا الَّذِي وَعَدْنَاهُ أَنْ يَجِيء قَوْمه مِنْ الطُّوفَان الَّذِي يُغْرِقهُمْ .
وَقَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اِنْبَجَسَ الْمَاء مِنْ وَجْه الْأَرْض , وَفَارَ التَّنُّور , وَهُوَ وَجْه الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14014 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : التَّنُّور : وَجْه الْأَرْض . قَالَ : قِيلَ لَهُ : إِذَا رَأَيْت الْمَاء عَلَى وَجْه الْأَرْض , فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك ! قَالَ : وَالْعَرَب تُسَمِّي وَجْه الْأَرْض : تَنُّور الْأَرْض 14015 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَنْ الضَّحَّاك , بِنَحْوِهِ . 14016 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : وَجْه الْأَرْض حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة وَسُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : وَجْه الْأَرْض وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح مِنْ قَوْلهمْ : نُور الصُّبْح تَنْوِيرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14017 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبَّاس مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَإِسْحَاق بْن إِسْرَائِيل , قَالَا : ثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ زِيَاد مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , أَرَاهُ قَدْ سَمَّاهُ عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ رَجُل مِنْ قُرَيْش , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : طَلَعَ الْفَجْر حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ رَجُل قَدْ سَمَّاهُ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : إِذَا طَلَعَ الْفَجْر وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَفَارَ عَلَى الْأَرْض وَأَشْرَف مَكَان فِيهَا بِالْمَاءِ . وَقَالَ : التَّنُّور أَشْرَف الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14018 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ أَعْلَى الْأَرْض وَأَشْرَفهَا , وَكَانَ عَلَمًا بَيْن نُوح وَبَيْن رَبّه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : أَشْرَف الْأَرْض وَأَرْفَعهَا فَارَ الْمَاء مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْتَبَز فِيهِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14019 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : إِذَا رَأَيْت تَنُّور أَهْلك يَخْرُج مِنْهُ الْمَاء فَإِنَّهُ هَلَاك قَوْمك 14020 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي مُحَمَّد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ تَنُّورًا مِنْ حِجَارَة كَانَ لِحَوَّاء حَتَّى صَارَ إِلَى نُوح , قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : إِذَا رَأَيْت الْمَاء يَفُور مِنْ التَّنُّور فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابك 14021 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : حِين اِنْبَجَسَ الْمَاء وَأُمِرَ نُوح أَنْ يَرْكَب هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَا : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : اِنْبَجَسَ الْمَاء مِنْهُ آيَة أَنْ يَرْكَب بِأَهْلِهِ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَة حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : آيَة أَنْ يَرْكَب أَهْله وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَة حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : آيَة بِأَنْ يَرْكَب بِأَهْلِهِ وَمَنْ مَعَهُمْ فِي السَّفِينَة 14022 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا خَلَف بْن خَلِيفَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَبْع الْمَاء فِي التَّنُّور , فَعَلِمَتْ بِهِ اِمْرَأَته فَأَخْبَرَتْهُ . قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَاحِيَة الْكُوفَة 14023 - قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن ثَابِت , عَنْ السَّرِيّ بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّهُ كَانَ يَحْلِف بِاَللَّهِ مَا فَارَ التَّنُّور إِلَّا مِنْ نَاحِيَة الْكُوفَة 14024 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ النَّضْر أَبِي عُمَر الْخَزَّاز , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : فَارَ التَّنُّور بِالْهِنْدِ 14025 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } كَانَ آيَة لِنُوحٍ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَاء فَقَدْ أَتَى النَّاس الْهَلَاك وَالْغَرَق وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي مَعْنَى فَارَ : نَبَعَ . 14026 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : نَبَعَ قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَفَوَرَان الْمَاء سَوْرَة دَفْعَته , يُقَال مِنْهُ : فَارَ الْمَاء يَفُور فَوَرَانًا وَفَوْرًا , وَذَاكَ إِذَا سَارَتْ دَفْعَته . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدنَا بِتَأْوِيلِ قَوْله : { التَّنُّور } قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْبَز فِيهِ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَكَلَام اللَّه لَا يُوَجَّه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِيه عِنْد الْعَرَب إِلَّا أَنْ تَقُوم حُجَّة عَلَى شَيْء مِنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُسَلَّم لَهَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لِإِفْهَامِهِمْ مَعْنَى مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ . { قُلْنَا } لِنُوحٍ حِين جَاءَ عَذَابنَا قَوْمه الَّذِي وَعَدْنَا نُوحًا أَنْ نُعَذِّبهُمْ بِهِ , وَفَارَ التَّنُّور الَّذِي جَعَلْنَا فَوَرَانه بِالْمَاءِ آيَة مَجِيء عَذَابنَا بَيْننَا وَبَيْنه لِهَلَاكِ قَوْمه : { اِحْمِلْ فِيهَا } يَعْنِي فِي الْفُلْك { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَقُول : مِنْ كُلّ ذَكَر وَأُنْثَى . كَمَا : 14027 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } فَالْوَاحِد زَوْج , وَالزَّوْجَيْنِ ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف . قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14028 - حَدَّثْت بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَقُول : مِنْ كُلّ صِنْف اِثْنَيْنِ 14029 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَعْنِي بِالزَّوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ : ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ الْكُوفِيِّينَ : الزَّوْجَانِ فِي كَلَام الْعَرَب : الِاثْنَانِ , قَالَ : وَيُقَال عَلَيْهِ زَوْجَا نِعَال : إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَعْلَانِ , وَلَا يُقَال عَلَيْهِ زَوْج نِعَال , وَكَذَلِكَ عِنْده زَوْجَا حَمَام , وَعَلَيْهِ زَوْجَا قُيُود . وَقَالَ : أَلَا تَسْمَع إِلَى قَوْله : { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } فَإِنَّمَا هُمَا اِثْنَانِ . وَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي قَوْله : { قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : فَجَعَلَ الزَّوْجَيْنِ : الضَّرْبَيْنِ , الذُّكُور وَالْإِنَاث , قَالَ : وَزَعَمَ يُونُس أَنَّ قَوْل الشَّاعِر : وَأَنْتَ اِمْرُؤُ تَعْدُو عَلَى كُلّ غِرَّة فَتُخْطِئ فِيهَا مَرَّة وَتُصِيب يَعْنِي بِهِ الذِّئْب . قَالَ : فَهَذَا أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : الزَّوْج : اللَّوْن , قَالَ : وَكُلّ ضَرْب يُدْعَى لَوْنًا , وَاسْتَشْهَدَ بِبَيْتِ الْأَعْشَى فِي ذَلِكَ : وَكُلّ زَوْج مِنْ الدِّيبَاج يَلْبَسهُ أَبُو قُدَامَة مَحْبُوًّا بِذَاكَ مَعًا وَبِقَوْلِ لَبِيد : بِذِي بَهْجَة كُنَّ الْمَقَانِب صَوْبه وَزَيَّنَهُ أَزْوَاج نُور مُشَرَّب وَذُكِرَ أَنَّ الْحَسَن قَالَ فِي قَوْله : { مِنْ كُلّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } 51 49 السَّمَاء زَوْج , وَالْأَرْض زَوْج , وَالشِّتَاء زَوْج , وَالصَّيْف زَوْج , وَاللَّيْل زَوْج , وَالنَّهَار زَوْج , حَتَّى يَصِير الْأَمْر إِلَى اللَّه الْفَرْد الَّذِي لَا يُشْبِههُ شَيْء وَقَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } يَقُول : وَاحْمِلْ أَهْلك أَيْضًا فِي الْفُلْك , يَعْنِي بِالْأَهْلِ : وَلَده وَنِسَاءَهُ وَأَزْوَاجه { إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } يَقُول : إِلَّا مَنْ قُلْت فِيهِمْ إِنِّي مُهْلِكه مَعَ مَنْ أُهْلِك مِنْ قَوْمك ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ اللَّه مِنْ أَهْله , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ بَعْض نِسَاء نُوح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14030 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } قَالَ : الْعَذَاب , هِيَ اِمْرَأَته كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ فِي الْعَذَاب وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِبْنه الَّذِي غَرِقَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14031 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } قَالَ : اِبْنه غَرِقَ فِيمَنْ غَرِقَ وَقَوْله : { وَمَنْ آمَنَ } يَقُول : وَاحْمِلْ مَعَهُمْ مَنْ صَدَّقَك وَاتَّبَعَك مِنْ قَوْمك . يَقُول اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } يَقُول : وَمَا أَقَرَّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه مَعَ نُوح مِنْ قَوْمه إِلَّا قَلِيل وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَد الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا مَعَهُ فَحَمَلَهُمْ مَعَهُ فِي الْفُلْك , فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ : كَانُوا ثَمَانِيَة أَنْفُس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14032 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَتِمّ فِي السَّفِينَة إِلَّا نُوح وَامْرَأَته وَثَلَاثَة بَنِيهِ , وَنِسَاؤُهُمْ , فَجَمِيعهمْ ثَمَانِيَة 14033 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَالْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَا : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي غَنِيَّة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَكَم : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : نُوح , وَثَلَاثَة بَنِيهِ , وَأَرْبَع كَنَائِنه 14034 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : حُدِّثْت أَنَّ نُوحًا حَمَلَ مَعَهُ بَنِيهِ الثَّلَاثَة وَثَلَاث نِسْوَة لِبَنِيهِ , وَامْرَأَة نُوح , فَهُمْ ثَمَانِيَة بِأَزْوَاجِهِمْ . وَأَسْمَاء بَنِيهِ : يَافْث , وَسَام , وَحَام , وَأَصَابَ حَام زَوْجَته فِي السَّفِينَة , فَدَعَا نُوح أَنْ يُغَيِّر نُطْفَته فَجَاءَ بِالسُّودَانِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا سَبْعَة أَنْفُس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14035 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : كَانُوا سَبْعَة : نُوح , وَثَلَاث كَنَائِن لَهُ , وَثَلَاثَة بَنِينَ وَقَالَ آخَرُونَ : كَانُوا عَشْرَة سِوَى نِسَائِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14036 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا فَارَ التَّنُّور , حَمَلَ نُوح فِي الْفُلْك مَنْ أَمَرَهُ اللَّه بِهِ , وَكَانُوا قَلِيلًا كَمَا قَالَ اللَّه , فَحَمَلَ بَنِيهِ الثَّلَاثَة : سَام , وَحَام , وَيَافْث , وَنِسَاءَهُمْ , وَسِتَّة أَنَاسِيّ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ , فَكَانُوا عَشْرَة نَفَر بِنُوحٍ وَبَنِيهِ وَأَزْوَاجهمْ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا ثَمَانِينَ نَفْسًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14037 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ اِبْن عَبَّاس : حَمَلَ نُوح مَعَهُ فِي السَّفِينَة ثَمَانِينَ إِنْسَانًا 14038 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , كَانَ بَعْضهمْ يَقُول : كَانُوا ثَمَانِينَ , يَعْنِي الْقَلِيل الَّذِي قَالَ اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } 14039 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن الْحُبَاب , قَالَ : ثني حُسَيْن بْن وَاقِد الْخُرَاسَانِيّ , قَالَ : ثني أَبُو نَهِيك , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : كَانَ فِي سَفِينَة نُوح ثَمَانُونَ رَجُلًا , أَحَدهمْ جُرْهُم وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } يَصِفهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا قَلِيلًا , وَلَمْ يُحَدَّد عَدَدهمْ بِمِقْدَارٍ وَلَا خَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيح , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَجَاوَز فِي ذَلِكَ حَدّ اللَّه , إِذْ لَمْ يَكُنْ لِمَبْلَغِ عَدَد ذَلِكَ حَدّ مِنْ كِتَاب اللَّه أَوْ أَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اِنْبَجَسَ الْمَاء مِنْ وَجْه الْأَرْض , وَفَارَ التَّنُّور , وَهُوَ وَجْه الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14014 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : التَّنُّور : وَجْه الْأَرْض . قَالَ : قِيلَ لَهُ : إِذَا رَأَيْت الْمَاء عَلَى وَجْه الْأَرْض , فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك ! قَالَ : وَالْعَرَب تُسَمِّي وَجْه الْأَرْض : تَنُّور الْأَرْض 14015 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَنْ الضَّحَّاك , بِنَحْوِهِ . 14016 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : وَجْه الْأَرْض حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة وَسُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : وَجْه الْأَرْض وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح مِنْ قَوْلهمْ : نُور الصُّبْح تَنْوِيرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14017 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ عَبَّاس مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : هُوَ تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَإِسْحَاق بْن إِسْرَائِيل , قَالَا : ثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ زِيَاد مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ مَوْلَى أَبِي جُحَيْفَة , أَرَاهُ قَدْ سَمَّاهُ عَنْ أَبِي جُحَيْفَة , عَنْ عَلِيّ : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : تَنْوِير الصُّبْح حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ رَجُل مِنْ قُرَيْش , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : طَلَعَ الْفَجْر حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ رَجُل قَدْ سَمَّاهُ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : إِذَا طَلَعَ الْفَجْر وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَفَارَ عَلَى الْأَرْض وَأَشْرَف مَكَان فِيهَا بِالْمَاءِ . وَقَالَ : التَّنُّور أَشْرَف الْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14018 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ أَعْلَى الْأَرْض وَأَشْرَفهَا , وَكَانَ عَلَمًا بَيْن نُوح وَبَيْن رَبّه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : أَشْرَف الْأَرْض وَأَرْفَعهَا فَارَ الْمَاء مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْتَبَز فِيهِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14019 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرنَا وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : إِذَا رَأَيْت تَنُّور أَهْلك يَخْرُج مِنْهُ الْمَاء فَإِنَّهُ هَلَاك قَوْمك 14020 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي مُحَمَّد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ تَنُّورًا مِنْ حِجَارَة كَانَ لِحَوَّاء حَتَّى صَارَ إِلَى نُوح , قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : إِذَا رَأَيْت الْمَاء يَفُور مِنْ التَّنُّور فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابك 14021 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : حِين اِنْبَجَسَ الْمَاء وَأُمِرَ نُوح أَنْ يَرْكَب هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَا : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : اِنْبَجَسَ الْمَاء مِنْهُ آيَة أَنْ يَرْكَب بِأَهْلِهِ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَة حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : آيَة أَنْ يَرْكَب أَهْله وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَة حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : آيَة بِأَنْ يَرْكَب بِأَهْلِهِ وَمَنْ مَعَهُمْ فِي السَّفِينَة 14022 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا خَلَف بْن خَلِيفَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَبْع الْمَاء فِي التَّنُّور , فَعَلِمَتْ بِهِ اِمْرَأَته فَأَخْبَرَتْهُ . قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَاحِيَة الْكُوفَة 14023 - قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن ثَابِت , عَنْ السَّرِيّ بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّهُ كَانَ يَحْلِف بِاَللَّهِ مَا فَارَ التَّنُّور إِلَّا مِنْ نَاحِيَة الْكُوفَة 14024 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ النَّضْر أَبِي عُمَر الْخَزَّاز , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : فَارَ التَّنُّور بِالْهِنْدِ 14025 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } كَانَ آيَة لِنُوحٍ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَاء فَقَدْ أَتَى النَّاس الْهَلَاك وَالْغَرَق وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي مَعْنَى فَارَ : نَبَعَ . 14026 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَفَارَ التَّنُّور } قَالَ : نَبَعَ قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَفَوَرَان الْمَاء سَوْرَة دَفْعَته , يُقَال مِنْهُ : فَارَ الْمَاء يَفُور فَوَرَانًا وَفَوْرًا , وَذَاكَ إِذَا سَارَتْ دَفْعَته . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدنَا بِتَأْوِيلِ قَوْله : { التَّنُّور } قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ التَّنُّور الَّذِي يُخْبَز فِيهِ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَكَلَام اللَّه لَا يُوَجَّه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب الْأَشْهَر مِنْ مَعَانِيه عِنْد الْعَرَب إِلَّا أَنْ تَقُوم حُجَّة عَلَى شَيْء مِنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُسَلَّم لَهَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لِإِفْهَامِهِمْ مَعْنَى مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ . { قُلْنَا } لِنُوحٍ حِين جَاءَ عَذَابنَا قَوْمه الَّذِي وَعَدْنَا نُوحًا أَنْ نُعَذِّبهُمْ بِهِ , وَفَارَ التَّنُّور الَّذِي جَعَلْنَا فَوَرَانه بِالْمَاءِ آيَة مَجِيء عَذَابنَا بَيْننَا وَبَيْنه لِهَلَاكِ قَوْمه : { اِحْمِلْ فِيهَا } يَعْنِي فِي الْفُلْك { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَقُول : مِنْ كُلّ ذَكَر وَأُنْثَى . كَمَا : 14027 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } فَالْوَاحِد زَوْج , وَالزَّوْجَيْنِ ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : ذَكَر وَأُنْثَى مِنْ كُلّ صِنْف . قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14028 - حَدَّثْت بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَقُول : مِنْ كُلّ صِنْف اِثْنَيْنِ 14029 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } يَعْنِي بِالزَّوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ : ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ الْكُوفِيِّينَ : الزَّوْجَانِ فِي كَلَام الْعَرَب : الِاثْنَانِ , قَالَ : وَيُقَال عَلَيْهِ زَوْجَا نِعَال : إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَعْلَانِ , وَلَا يُقَال عَلَيْهِ زَوْج نِعَال , وَكَذَلِكَ عِنْده زَوْجَا حَمَام , وَعَلَيْهِ زَوْجَا قُيُود . وَقَالَ : أَلَا تَسْمَع إِلَى قَوْله : { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } فَإِنَّمَا هُمَا اِثْنَانِ . وَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي قَوْله : { قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ } قَالَ : فَجَعَلَ الزَّوْجَيْنِ : الضَّرْبَيْنِ , الذُّكُور وَالْإِنَاث , قَالَ : وَزَعَمَ يُونُس أَنَّ قَوْل الشَّاعِر : وَأَنْتَ اِمْرُؤُ تَعْدُو عَلَى كُلّ غِرَّة فَتُخْطِئ فِيهَا مَرَّة وَتُصِيب يَعْنِي بِهِ الذِّئْب . قَالَ : فَهَذَا أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : الزَّوْج : اللَّوْن , قَالَ : وَكُلّ ضَرْب يُدْعَى لَوْنًا , وَاسْتَشْهَدَ بِبَيْتِ الْأَعْشَى فِي ذَلِكَ : وَكُلّ زَوْج مِنْ الدِّيبَاج يَلْبَسهُ أَبُو قُدَامَة مَحْبُوًّا بِذَاكَ مَعًا وَبِقَوْلِ لَبِيد : بِذِي بَهْجَة كُنَّ الْمَقَانِب صَوْبه وَزَيَّنَهُ أَزْوَاج نُور مُشَرَّب وَذُكِرَ أَنَّ الْحَسَن قَالَ فِي قَوْله : { مِنْ كُلّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } 51 49 السَّمَاء زَوْج , وَالْأَرْض زَوْج , وَالشِّتَاء زَوْج , وَالصَّيْف زَوْج , وَاللَّيْل زَوْج , وَالنَّهَار زَوْج , حَتَّى يَصِير الْأَمْر إِلَى اللَّه الْفَرْد الَّذِي لَا يُشْبِههُ شَيْء وَقَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } يَقُول : وَاحْمِلْ أَهْلك أَيْضًا فِي الْفُلْك , يَعْنِي بِالْأَهْلِ : وَلَده وَنِسَاءَهُ وَأَزْوَاجه { إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } يَقُول : إِلَّا مَنْ قُلْت فِيهِمْ إِنِّي مُهْلِكه مَعَ مَنْ أُهْلِك مِنْ قَوْمك ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ اللَّه مِنْ أَهْله , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ بَعْض نِسَاء نُوح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14030 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } قَالَ : الْعَذَاب , هِيَ اِمْرَأَته كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ فِي الْعَذَاب وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِبْنه الَّذِي غَرِقَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14031 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل } قَالَ : اِبْنه غَرِقَ فِيمَنْ غَرِقَ وَقَوْله : { وَمَنْ آمَنَ } يَقُول : وَاحْمِلْ مَعَهُمْ مَنْ صَدَّقَك وَاتَّبَعَك مِنْ قَوْمك . يَقُول اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } يَقُول : وَمَا أَقَرَّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه مَعَ نُوح مِنْ قَوْمه إِلَّا قَلِيل وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَد الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا مَعَهُ فَحَمَلَهُمْ مَعَهُ فِي الْفُلْك , فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ : كَانُوا ثَمَانِيَة أَنْفُس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14032 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَتِمّ فِي السَّفِينَة إِلَّا نُوح وَامْرَأَته وَثَلَاثَة بَنِيهِ , وَنِسَاؤُهُمْ , فَجَمِيعهمْ ثَمَانِيَة 14033 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَالْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَا : ثَنَا يَحْيَى بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي غَنِيَّة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَكَم : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : نُوح , وَثَلَاثَة بَنِيهِ , وَأَرْبَع كَنَائِنه 14034 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : حُدِّثْت أَنَّ نُوحًا حَمَلَ مَعَهُ بَنِيهِ الثَّلَاثَة وَثَلَاث نِسْوَة لِبَنِيهِ , وَامْرَأَة نُوح , فَهُمْ ثَمَانِيَة بِأَزْوَاجِهِمْ . وَأَسْمَاء بَنِيهِ : يَافْث , وَسَام , وَحَام , وَأَصَابَ حَام زَوْجَته فِي السَّفِينَة , فَدَعَا نُوح أَنْ يُغَيِّر نُطْفَته فَجَاءَ بِالسُّودَانِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا سَبْعَة أَنْفُس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14035 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } قَالَ : كَانُوا سَبْعَة : نُوح , وَثَلَاث كَنَائِن لَهُ , وَثَلَاثَة بَنِينَ وَقَالَ آخَرُونَ : كَانُوا عَشْرَة سِوَى نِسَائِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14036 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا فَارَ التَّنُّور , حَمَلَ نُوح فِي الْفُلْك مَنْ أَمَرَهُ اللَّه بِهِ , وَكَانُوا قَلِيلًا كَمَا قَالَ اللَّه , فَحَمَلَ بَنِيهِ الثَّلَاثَة : سَام , وَحَام , وَيَافْث , وَنِسَاءَهُمْ , وَسِتَّة أَنَاسِيّ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ , فَكَانُوا عَشْرَة نَفَر بِنُوحٍ وَبَنِيهِ وَأَزْوَاجهمْ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا ثَمَانِينَ نَفْسًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14037 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ اِبْن عَبَّاس : حَمَلَ نُوح مَعَهُ فِي السَّفِينَة ثَمَانِينَ إِنْسَانًا 14038 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , كَانَ بَعْضهمْ يَقُول : كَانُوا ثَمَانِينَ , يَعْنِي الْقَلِيل الَّذِي قَالَ اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } 14039 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن الْحُبَاب , قَالَ : ثني حُسَيْن بْن وَاقِد الْخُرَاسَانِيّ , قَالَ : ثني أَبُو نَهِيك , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : كَانَ فِي سَفِينَة نُوح ثَمَانُونَ رَجُلًا , أَحَدهمْ جُرْهُم وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ اللَّه : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } يَصِفهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا قَلِيلًا , وَلَمْ يُحَدَّد عَدَدهمْ بِمِقْدَارٍ وَلَا خَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيح , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَجَاوَز فِي ذَلِكَ حَدّ اللَّه , إِذْ لَمْ يَكُنْ لِمَبْلَغِ عَدَد ذَلِكَ حَدّ مِنْ كِتَاب اللَّه أَوْ أَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ نُوح : اِرْكَبُوا فِي الْفُلْك بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا . وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف قَدْ اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخَبَر عَلَيْهِ عَنْهُ , وَهُوَ قَوْله : { قُلْنَا اِحْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل مِنْهُمْ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيل } فَحَمَلَهُمْ نُوح فِيهَا وَقَالَ لَهُمْ : اِرْكَبُوا فِيهَا . فَاسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ قَوْله : { وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا } عَنْ حَمْله إِيَّاهُمْ فِيهَا , فَتُرِكَ ذِكْره .
وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا . وَإِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ كَانَ مِنْ أَجْرَى وَأَرْسَى , وَكَانَ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه إِجْرَاؤُهَا وَإِرْسَاؤُهَا , فَيَكُون الْمَجْرَى وَالْمَرْسَى مَرْفُوعَيْنِ حِينَئِذٍ بِالْبَاءِ الَّتِي فِي قَوْله : { بِسْمِ اللَّه } وَالْآخَر بِالنَّصْبِ , بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه عِنْد إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا , أَوْ وَقْت إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا , فَيَكُون قَوْله : " بِسْمِ اللَّه " كَلَامًا مُكْتَفِيًا بِنَفْسِهِ , كَقَوْلِ الْقَائِل عِنْد اِبْتِدَائِهِ فِي عَمَل يَعْمَلهُ : بِسْمِ اللَّه , ثُمَّ يَكُون الْمُجْرَى وَالْمُرْسَى مَنْصُوبَيْنِ عَلَى مَا نَصَبَتْ الْعَرَب قَوْلهمْ الْحَمْد لِلَّهِ سِرَارك وَإِهْلَالك , يَعْنُونَ الْهِلَال أَوَّله وَآخِره , كَأَنَّهُمْ قَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ أَوَّل الْهِلَال وَآخِره , وَمَسْمُوع مِنْهُمْ أَيْضًا : الْحَمْد لِلَّهِ مَا إِهْلَالك إِلَى سِرَارك . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } بِفَتْحِ الْمِيم مِنْ " مَجْرَاهَا " , وَضَمّهَا مِنْ " مُرْسَاهَا " , فَجَعَلُوا " مَجْرَاهَا " مَصْدَرًا مِنْ جَرَى يَجْرِي مَجْرًى , وَمُرْسَاهَا مِنْ أَرْسَى يُرْسِي إِرْسَاء . وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ فِي إِعْرَابهمَا مِنْ الْوَجْهَيْنِ نَحْو الَّذِي فِيهِمَا إِذَا قُرِئَا : " مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِيهِمَا عَلَى مَا بَيَّنْت . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَجَاء الْعُطَارِدِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِيهِمَا , وَيُصَيِّرهُمَا نَعْتًا لِلَّهِ . وَإِذَا قُرِئَا كَذَلِكَ , كَانَ فِيهِمَا أَيْضًا وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب , غَيْر أَنَّ أَحَدهمَا الْخَفْض وَهُوَ الْأَغْلَب عَلَيْهِمَا مِنْ وَجْهَيْ الْإِعْرَاب , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة : بِسْمِ اللَّه مُجْرِي الْفُلْك وَمُرْسِيهَا , فَالْمَجْرَى نَعْت لِاسْمِ اللَّه . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبًا , وَهُوَ الْوَجْه الثَّانِي , لِأَنَّهُ يَحْسُن دُخُول الْأَلِف وَاللَّام فِي الْمُجْرِي وَالْمُرْسِي , كَقَوْلِك بِسْمِ اللَّه الْمُجْرِيهَا وَالْمُرْسِيهَا , وَإِذَا حُذِفَتَا نُصِبَتَا عَلَى الْحَال , إِذْ كَانَ فِيهِمَا مَعْنَى النَّكِرَة , وَإِنْ كَانَا مُضَافَيْنِ إِلَى الْمَعْرِفَة . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : وَمَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا " , بِفَتْحِ الْمِيم فِيهِمَا جَمِيعًا , مِنْ جَرَى وَرَسَا , كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ فِي حَال جَرْيهَا وَحَال رُسُوّهَا , وَجَعَلَ كِلْتَا الصِّفَتَيْنِ لِلْفُلْكِ كَمَا قَالَ عَنْتَرَة : فَصَبَرْت نَفْسًا عِنْد ذَلِكَ حُرَّة تَرْسُو إِذَا نَفْس الْجَبَان تَطَلَّع وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَارهَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا } بِفَتْحِ الْمِيم { وَمُرْسَاهَا } بِضَمِّ الْمِيم , بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه حِين تَجْرِي وَحِين تُرْسِي . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْفَتْح فِي مِيم " مَجْرَاهَا " لِقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ قَوْله : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْج كَالْجِبَالِ } وَلَمْ يَقُلْ : تُجْرَى بِهِمْ . وَمَنْ قَرَأَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا " كَانَ الصَّوَاب عَلَى قِرَاءَته أَنْ يَقْرَأ : وَهِيَ تُجْرَى بِهِمْ . وَفِي إِجْمَاعهمْ عَلَى قِرَاءَة " تَجْرِي " بِفَتْحِ التَّاء دَلِيل وَاضِح عَلَى أَنَّ الْوَجْه فِي " مَجْرَاهَا " فَتْح الْمِيم . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الضَّمّ فِي " مُرْسَاهَا " لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى ضَمّهَا . وَمَعْنَى قَوْله { مَجْرَاهَا } مَسِيرهَا { وَمُرْسَاهَا } وَقْفهَا , مِنْ وَقَفَهَا اللَّه وَأَرْسَاهَا . وَكَانَ مُجَاهِد يَقْرَأ ذَلِكَ بِضَمِّ الْمِيم فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا . 14040 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : حِين يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيَرْسُونَ - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : بِسْمِ اللَّه حِين يَجْرُونَ وَحِين يَرْسُونَ 14041 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : " اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ تُرْسِي قَالَ : بِسْمِ اللَّه فَأَرْسَتْ , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِي قَالَ بِسْمِ اللَّه فَجَرَتْ
وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي لَسَاتِر ذُنُوب مَنْ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ رَحِيم بِهِمْ أَنْ يُعَذِّبهُمْ بَعْد التَّوْبَة .
وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِي الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا . وَإِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ كَانَ مِنْ أَجْرَى وَأَرْسَى , وَكَانَ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه إِجْرَاؤُهَا وَإِرْسَاؤُهَا , فَيَكُون الْمَجْرَى وَالْمَرْسَى مَرْفُوعَيْنِ حِينَئِذٍ بِالْبَاءِ الَّتِي فِي قَوْله : { بِسْمِ اللَّه } وَالْآخَر بِالنَّصْبِ , بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه عِنْد إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا , أَوْ وَقْت إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا , فَيَكُون قَوْله : " بِسْمِ اللَّه " كَلَامًا مُكْتَفِيًا بِنَفْسِهِ , كَقَوْلِ الْقَائِل عِنْد اِبْتِدَائِهِ فِي عَمَل يَعْمَلهُ : بِسْمِ اللَّه , ثُمَّ يَكُون الْمُجْرَى وَالْمُرْسَى مَنْصُوبَيْنِ عَلَى مَا نَصَبَتْ الْعَرَب قَوْلهمْ الْحَمْد لِلَّهِ سِرَارك وَإِهْلَالك , يَعْنُونَ الْهِلَال أَوَّله وَآخِره , كَأَنَّهُمْ قَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ أَوَّل الْهِلَال وَآخِره , وَمَسْمُوع مِنْهُمْ أَيْضًا : الْحَمْد لِلَّهِ مَا إِهْلَالك إِلَى سِرَارك . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } بِفَتْحِ الْمِيم مِنْ " مَجْرَاهَا " , وَضَمّهَا مِنْ " مُرْسَاهَا " , فَجَعَلُوا " مَجْرَاهَا " مَصْدَرًا مِنْ جَرَى يَجْرِي مَجْرًى , وَمُرْسَاهَا مِنْ أَرْسَى يُرْسِي إِرْسَاء . وَإِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ فِي إِعْرَابهمَا مِنْ الْوَجْهَيْنِ نَحْو الَّذِي فِيهِمَا إِذَا قُرِئَا : " مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِيهِمَا عَلَى مَا بَيَّنْت . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَجَاء الْعُطَارِدِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا " بِضَمِّ الْمِيم فِيهِمَا , وَيُصَيِّرهُمَا نَعْتًا لِلَّهِ . وَإِذَا قُرِئَا كَذَلِكَ , كَانَ فِيهِمَا أَيْضًا وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب , غَيْر أَنَّ أَحَدهمَا الْخَفْض وَهُوَ الْأَغْلَب عَلَيْهِمَا مِنْ وَجْهَيْ الْإِعْرَاب , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة : بِسْمِ اللَّه مُجْرِي الْفُلْك وَمُرْسِيهَا , فَالْمَجْرَى نَعْت لِاسْمِ اللَّه . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبًا , وَهُوَ الْوَجْه الثَّانِي , لِأَنَّهُ يَحْسُن دُخُول الْأَلِف وَاللَّام فِي الْمُجْرِي وَالْمُرْسِي , كَقَوْلِك بِسْمِ اللَّه الْمُجْرِيهَا وَالْمُرْسِيهَا , وَإِذَا حُذِفَتَا نُصِبَتَا عَلَى الْحَال , إِذْ كَانَ فِيهِمَا مَعْنَى النَّكِرَة , وَإِنْ كَانَا مُضَافَيْنِ إِلَى الْمَعْرِفَة . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : وَمَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا " , بِفَتْحِ الْمِيم فِيهِمَا جَمِيعًا , مِنْ جَرَى وَرَسَا , كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ فِي حَال جَرْيهَا وَحَال رُسُوّهَا , وَجَعَلَ كِلْتَا الصِّفَتَيْنِ لِلْفُلْكِ كَمَا قَالَ عَنْتَرَة : فَصَبَرْت نَفْسًا عِنْد ذَلِكَ حُرَّة تَرْسُو إِذَا نَفْس الْجَبَان تَطَلَّع وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَارهَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا } بِفَتْحِ الْمِيم { وَمُرْسَاهَا } بِضَمِّ الْمِيم , بِمَعْنَى : بِسْمِ اللَّه حِين تَجْرِي وَحِين تُرْسِي . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْفَتْح فِي مِيم " مَجْرَاهَا " لِقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ قَوْله : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْج كَالْجِبَالِ } وَلَمْ يَقُلْ : تُجْرَى بِهِمْ . وَمَنْ قَرَأَ : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا " كَانَ الصَّوَاب عَلَى قِرَاءَته أَنْ يَقْرَأ : وَهِيَ تُجْرَى بِهِمْ . وَفِي إِجْمَاعهمْ عَلَى قِرَاءَة " تَجْرِي " بِفَتْحِ التَّاء دَلِيل وَاضِح عَلَى أَنَّ الْوَجْه فِي " مَجْرَاهَا " فَتْح الْمِيم . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الضَّمّ فِي " مُرْسَاهَا " لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَى ضَمّهَا . وَمَعْنَى قَوْله { مَجْرَاهَا } مَسِيرهَا { وَمُرْسَاهَا } وَقْفهَا , مِنْ وَقَفَهَا اللَّه وَأَرْسَاهَا . وَكَانَ مُجَاهِد يَقْرَأ ذَلِكَ بِضَمِّ الْمِيم فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا . 14040 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : حِين يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيَرْسُونَ - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : " بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : بِسْمِ اللَّه حِين يَجْرُونَ وَحِين يَرْسُونَ 14041 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : " اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " قَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ تُرْسِي قَالَ : بِسْمِ اللَّه فَأَرْسَتْ , وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِي قَالَ بِسْمِ اللَّه فَجَرَتْ
وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي لَسَاتِر ذُنُوب مَنْ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ رَحِيم بِهِمْ أَنْ يُعَذِّبهُمْ بَعْد التَّوْبَة .
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } وَالْفُلْك تَجْرِي بِنُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ فِيهَا { فِي مَوْج كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوح اِبْنه } يَام { وَكَانَ فِي مَعْزِل } عَنْهُ لَمْ يَرْكَب مَعَهُ الْفُلْك : { يَا بُنَيّ اِرْكَبْ مَعَنَا } الْفُلْك { وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ }
قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَل يَعْصِمنِي مِنْ الْمَاء } عِ يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اِبْن نُوح لَمَّا دَعَاهُ نُوح إِلَى أَنْ يَرْكَب مَعَهُ السَّفِينَة خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَق : { سَآوِي إِلَى جَبَل يَعْصِمنِي مِنْ الْمَاء } يَقُول : سَأَصِيرُ إِلَى جَبَل أَتَحَصَّن بِهِ مِنْ الْمَاء . فَيَمْنَعنِي مِنْهُ أَنْ يُغْرِقنِي . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يَعْصِمنِي } يَمْنَعنِي , مِثْل عِصَام الْقِرْبَة الَّذِي يُشَدّ بِهِ رَأْسهَا فَيَمْنَع الْمَاء أَنْ يَسِيل مِنْهَا .
وَقَوْله : { لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ } يَقُول : لَا مَانِع الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِالْخَلْقِ مِنْ الْغَرَق وَالْهَلَاك إِلَّا مَنْ رَحِمنَا فَأَنْقَذَنَا مِنْهُ , فَإِنَّهُ الَّذِي يَمْنَع مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقه وَيَعْصِم . ف " مَنْ " فِي مَوْضِع رَفْع , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَا عَاصِم يَعْصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا اللَّه . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع " مَنْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هُوَ فِي مَوْضِع نَصْب , لِأَنَّ الْمَعْصُوم بِخِلَافِ الْعَاصِم , وَالْمَرْحُوم مَعْصُوم , قَالَ : كَأَنَّ نَصْبه بِمَنْزِلَةِ قَوْله : { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ } قَالَ : وَمَنْ اِسْتَجَازَ " اِتِّبَاع الظَّنّ " وَالرَّفْع فِي قَوْله : وَبَلْدَة لَيْسَ بِهَا أَنِيس إِلَّا الْيَعَافِير وَإِلَّا الْعِيس لَمْ يَجُزْ لَهُ الرَّفْع فِي " مَنْ " , لِأَنَّ الَّذِي قَالَ : إِلَّا الْيَعَافِير , جَعَلَ أَنِيس الْبَرّ الْيَعَافِير وَمَا أَشْبَهَهَا , وَكَذَلِكَ قَوْله : { إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ } يَقُول عِلْمهمْ ظَنّ . قَالَ : وَأَنْتَ لَا يَجُوز لَك فِي وَجْه أَنْ تَقُول : الْمَعْصُوم هُوَ عَاصِم فِي حَال , وَلَكِنْ لَوْ جَعَلْت الْعَاصِم فِي تَأْوِيل مَعْصُوم , لَا مَعْصُوم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه , لَجَازَ رَفْع " مَنْ " . قَالَ : وَلَا يُنْكَر أَنْ يَخْرُج الْمَفْعُول عَلَى فَاعِل , أَلَا تَرَى قَوْله : { مِنْ مَاء دَافِق } مَعْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَم مَدْفُوق ؟ وَقَوْله : { فِي عِيشَة رَاضِيَة } مَعْنَاهَا : مَرَضِيَّة ؟ قَالَ الشَّاعِر : دَعْ الْمَكَارِم لَا تَرْحَل لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّك أَنْتَ الطَّاعِم الْكَاسِي وَمَعْنَاهُ : الْمَكْسُوّ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : { لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ } عَلَى : لَكِنْ مَنْ رَحِمَ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَلَى : لَا ذَا عِصْمَة : أَيْ مَعْصُوم , وَيَكُون " إِلَّا مَنْ رَحِمَ " رَفْعًا بَدَلًا مِنْ الْعَاصِم . وَلَا وَجْه لِهَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَنْ هَؤُلَاءِ , لِأَنَّ كَلَام اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا يُوَجَّه إِلَى الْأَفْصَح الْأَشْهَر مِنْ كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ مَا وُجِدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيل , وَلَمْ يَضْطَرّنَا شَيْء إِلَى أَنْ نَجْعَل " عَاصِمًا " فِي مَعْنَى " مَعْصُوم " , وَلَا أَنْ نَجْعَل " إِلَّا " بِمَعْنَى " لَكِنْ " , إِذْ كُنَّا نَجِد لِذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ فِي الْمَشْهُور مِنْ كَلَام الْعَرَب مَخْرَجًا صَحِيحًا , وَهُوَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : قَالَ نُوح : لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمنَا فَأَنْجَانَا مِنْ عَذَابه , كَمَا يُقَال : لَا مُنْجِي الْيَوْم مِنْ عَذَاب اللَّه إِلَّا اللَّه , وَلَا مُطْعِم الْيَوْم مِنْ طَعَام زَيْد إِلَّا زَيْد . فَهَذَا هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف وَالْمَعْنَى الْمَفْهُوم .
وَقَوْله : { وَحَالَ بَيْنهمَا الْمَوْج فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِينَ } يَقُول : وَحَالَ بَيْن نُوح وَابْنه مَوْج الْمَاء , فَغَرِقَ , فَكَانَ مِمَّنْ أَهْلَكَهُ اللَّه بِالْغَرَقِ مِنْ قَوْم نُوح صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْله : { لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ } يَقُول : لَا مَانِع الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِالْخَلْقِ مِنْ الْغَرَق وَالْهَلَاك إِلَّا مَنْ رَحِمنَا فَأَنْقَذَنَا مِنْهُ , فَإِنَّهُ الَّذِي يَمْنَع مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقه وَيَعْصِم . ف " مَنْ " فِي مَوْضِع رَفْع , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَا عَاصِم يَعْصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا اللَّه . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع " مَنْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هُوَ فِي مَوْضِع نَصْب , لِأَنَّ الْمَعْصُوم بِخِلَافِ الْعَاصِم , وَالْمَرْحُوم مَعْصُوم , قَالَ : كَأَنَّ نَصْبه بِمَنْزِلَةِ قَوْله : { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ } قَالَ : وَمَنْ اِسْتَجَازَ " اِتِّبَاع الظَّنّ " وَالرَّفْع فِي قَوْله : وَبَلْدَة لَيْسَ بِهَا أَنِيس إِلَّا الْيَعَافِير وَإِلَّا الْعِيس لَمْ يَجُزْ لَهُ الرَّفْع فِي " مَنْ " , لِأَنَّ الَّذِي قَالَ : إِلَّا الْيَعَافِير , جَعَلَ أَنِيس الْبَرّ الْيَعَافِير وَمَا أَشْبَهَهَا , وَكَذَلِكَ قَوْله : { إِلَّا اِتِّبَاع الظَّنّ } يَقُول عِلْمهمْ ظَنّ . قَالَ : وَأَنْتَ لَا يَجُوز لَك فِي وَجْه أَنْ تَقُول : الْمَعْصُوم هُوَ عَاصِم فِي حَال , وَلَكِنْ لَوْ جَعَلْت الْعَاصِم فِي تَأْوِيل مَعْصُوم , لَا مَعْصُوم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه , لَجَازَ رَفْع " مَنْ " . قَالَ : وَلَا يُنْكَر أَنْ يَخْرُج الْمَفْعُول عَلَى فَاعِل , أَلَا تَرَى قَوْله : { مِنْ مَاء دَافِق } مَعْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَم مَدْفُوق ؟ وَقَوْله : { فِي عِيشَة رَاضِيَة } مَعْنَاهَا : مَرَضِيَّة ؟ قَالَ الشَّاعِر : دَعْ الْمَكَارِم لَا تَرْحَل لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّك أَنْتَ الطَّاعِم الْكَاسِي وَمَعْنَاهُ : الْمَكْسُوّ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : { لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمَ } عَلَى : لَكِنْ مَنْ رَحِمَ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَلَى : لَا ذَا عِصْمَة : أَيْ مَعْصُوم , وَيَكُون " إِلَّا مَنْ رَحِمَ " رَفْعًا بَدَلًا مِنْ الْعَاصِم . وَلَا وَجْه لِهَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَنْ هَؤُلَاءِ , لِأَنَّ كَلَام اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا يُوَجَّه إِلَى الْأَفْصَح الْأَشْهَر مِنْ كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ مَا وُجِدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيل , وَلَمْ يَضْطَرّنَا شَيْء إِلَى أَنْ نَجْعَل " عَاصِمًا " فِي مَعْنَى " مَعْصُوم " , وَلَا أَنْ نَجْعَل " إِلَّا " بِمَعْنَى " لَكِنْ " , إِذْ كُنَّا نَجِد لِذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ فِي الْمَشْهُور مِنْ كَلَام الْعَرَب مَخْرَجًا صَحِيحًا , وَهُوَ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : قَالَ نُوح : لَا عَاصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا مَنْ رَحِمنَا فَأَنْجَانَا مِنْ عَذَابه , كَمَا يُقَال : لَا مُنْجِي الْيَوْم مِنْ عَذَاب اللَّه إِلَّا اللَّه , وَلَا مُطْعِم الْيَوْم مِنْ طَعَام زَيْد إِلَّا زَيْد . فَهَذَا هُوَ الْكَلَام الْمَعْرُوف وَالْمَعْنَى الْمَفْهُوم .
وَقَوْله : { وَحَالَ بَيْنهمَا الْمَوْج فَكَانَ مِنْ الْمُغْرَقِينَ } يَقُول : وَحَالَ بَيْن نُوح وَابْنه مَوْج الْمَاء , فَغَرِقَ , فَكَانَ مِمَّنْ أَهْلَكَهُ اللَّه بِالْغَرَقِ مِنْ قَوْم نُوح صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقِيلَ يَا أَرْض اِبْلَعِي مَاءَك } عِ يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ اللَّه لِلْأَرْضِ بَعْد مَا تَنَاهَى أَمْره فِي هَلَاك قَوْم نُوح بِمَا أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِنْ الْغَرَق : { يَا أَرْض اِبْلَعِي مَاءَك } أَيْ تَشَرَّبِي , مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَلَعَ فُلَان كَذَا يَبْلَعهُ , أَوْ بَلَعَهُ يَبْلَعهُ إِذَا اِزْدَرَدَهُ .
{ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي } يَقُول : أَقْلِعِي عَنْ الْمَطَر : أَمْسِكِي .
{ وَغِيضَ الْمَاء } ذَهَبَتْ بِهِ الْأَرْض وَنَشَّفَتْهُ .
{ وَقُضِيَ الْأَمْر } يَقُول : قُضِيَ أَمْر اللَّه , فَمَضَى بِهَلَاكِ قَوْم نُوح .
{ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } يَعْنِي الْفُلْك . اِسْتَوَتْ : أَرْسَتْ عَلَى الْجُودِيّ , وَهُوَ جَبَل فِيمَا ذُكِرَ بِنَاحِيَةِ الْمَوْصِل أَوْ الْجَزِيرَة .
{ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : قَالَ اللَّه : أَبْعَدَ اللَّه الْقَوْم الظَّالِمِينَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ قَوْم نُوح . 14042 - حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن يَعْقُوب الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الْغَفُور عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِي أَوَّل يَوْم مِنْ رَجَب رَكِبَ نُوح السَّفِينَة فَصَامَ هُوَ وَجَمِيع مَنْ مَعَهُ , وَجَرَتْ بِهِمْ السَّفِينَة سِتَّة أَشْهَر , فَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى الْمُحَرَّم , فَأَرْسَتْ السَّفِينَة عَلَى الْجُودِيّ يَوْم عَاشُورَاء , فَصَامَ نُوح وَأَمَرَ جَمِيع مَنْ مَعَهُ مِنْ الْوَحْش وَالدَّوَابّ فَصَامُوا شُكْرًا لِلَّهِ " 14043 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : كَانَتْ السَّفِينَة أَعْلَاهَا لِلطَّيْرِ , وَوَسَطهَا لِلنَّاسِ , وَفِي أَسْفَلهَا السِّبَاع , وَكَانَ طُولهَا فِي السَّمَاء ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا , دُفِعَتْ مِنْ عَيْن وَرْدَة يَوْم الْجُمُعَة لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَب , وَأَرْسَتْ عَلَى الْجُودِيّ يَوْم عَاشُورَاء , وَمَرَّتْ بِالْبَيْتِ فَطَافَتْ بِهِ سَبْعًا , وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّه مِنْ الْغَرَق , ثُمَّ جَاءَتْ الْيَمَن , ثُمَّ رَجَعَتْ 14044 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هَبَطَ نُوح مِنْ السَّفِينَة يَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم , فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ الْيَوْم صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمه , وَمَنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَصُمْ 14045 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس قَالَ : كَانَ فِي زَمَن نُوح شِبْر مِنْ الْأَرْض لَا إِنْسَان يَدَّعِيه 14046 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا - يَعْنِي الْفُلْك - اِسْتَقَلَّتْ بِهِمْ فِي عَشْر خَلَوْنَ مِنْ رَجَب , وَكَانَتْ فِي الْمَاء خَمْسِينَ وَمِائَة يَوْم , وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى الْجُودِيّ شَهْرًا , وَأُهْبِطَ بِهِمْ فِي عَشْر مِنْ الْمُحَرَّم يَوْم عَاشُورَاء وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الْأَمْر وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14047 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَغِيضَ الْمَاء } قَالَ : نَقَصَ . { وَقُضِيَ الْأَمْر } قَالَ : هَلَاك قَوْم نُوح * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج { وَغِيضَ الْمَاء } نَشَّفَتْهُ الْأَرْض 14048 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا سَمَاء أَقْلِعِي } يَقُول : أَمْسِكِي { وَغِيضَ الْمَاء } يَقُول : ذَهَبَ الْمَاء 14049 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَغِيضَ الْمَاء } الْغُيُوض : ذَهَاب الْمَاء { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } 14050 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : جَبَل بِالْجَزِيرَةِ , تَشَامَخَتْ الْجِبَال مِنْ الْغَرَق , وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ فَلَمْ يَغْرَق , فَأُرْسِيَتْ عَلَيْهِ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : الْجُودِيّ جَبَل بِالْجَزِيرَةِ , تَشَامَخَتْ الْجِبَال يَوْمئِذٍ مِنْ الْغَرَق وَتَطَاوَلَتْ , وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ فَلَمْ يَغْرَق , وَأُرْسِيَتْ سَفِينَة نُوح عَلَيْهِ * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14051 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } يَقُول : عَلَى الْجَبَل , وَاسْمه الْجُودِيّ 14052 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : جَبَل بِالْجَزِيرَةِ شَمَخَتْ الْجِبَال وَتَوَاضَعَ حِين أَرَادَتْ أَنْ تَرْفَأ عَلَيْهِ سَفِينَة نُوح 14053 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } أَبْقَاهَا اللَّه لَنَا بِوَادِي أَرْض الْجَزِيرَة عِبْرَة وَآيَة 14054 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } هُوَ جَبَل بِالْمَوْصِلِ 14055 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نُوحًا بَعَثَ الْغُرَاب لِيَنْظُر إِلَى الْمَاء , فَوَجَدَ جِيفَة فَوَقَعَ عَلَيْهَا , فَبَعَثَ الْحَمَامَة فَأَتَتْهُ بِوَرَقِ الزَّيْتُون , فَأُعْطِيَتْ الطَّوْق الَّذِي فِي عُنُقهَا وَخِضَاب رِجْلَيْهَا 14056 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَكُفّ ذَلِكَ - يَعْنِي الطُّوفَان - أَرْسَلَ رِيحًا عَلَى وَجْه الْأَرْض , فَسَكَنَ الْمَاء , وَاسْتَدَّتْ يَنَابِيع الْأَرْض الْغَمْر الْأَكْبَر , وَأَبْوَاب السَّمَاء , يَقُول اللَّه تَعَالَى : { وَقِيلَ يَا أَرْض اِبْلَعِي مَاءَك وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي } إِلَى : { بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فَجَعَلَ يَنْقُص وَيَغِيض وَيُدْبِر . وَكَانَ اِسْتِوَاء الْفُلْك عَلَى الْجُودِيّ فِيمَا يَزْعُم أَهْل التَّوْرَاة فِي الشَّهْر السَّابِع لِسَبْع عَشْرَة لَيْلَة مَضَتْ مِنْهُ , فِي أَوَّل يَوْم مِنْ الشَّهْر الْعَاشِر , رُئِيَ رُءُوس الْجِبَال . فَلَمَّا مَضَى بَعْد ذَلِكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَتَحَ نُوح كُوَّة الْفُلْك الَّتِي صَنَعَ فِيهَا , ثُمَّ أَرْسَلَ الْغُرَاب لِيَنْظُر لَهُ مَا فَعَلَ الْمَاء فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ , فَأَرْسَلَ الْحَمَامَة فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ , وَلَمْ يَجِد لِرِجْلَيْهَا مَوْضِعًا , فَبَسَطَ يَده لِلْحَمَامَةِ فَأَخَذَهَا ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَة أَيَّام , ثُمَّ أَرْسَلَهَا لِتَنْظُر لَهُ , فَرَجَعَتْ حِين أَمْسَتْ وَفِي فِيهَا وَرَق زَيْتُونَة , فَعَلِمَ نُوح أَنَّ الْمَاء قَدْ قَلَّ عَنْ وَجْه الْأَرْض . ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَة أَيَّام , ثُمَّ أَرْسَلَهَا فَلَمْ تَرْجِع , فَعَلِمَ نُوح أَنَّ الْأَرْض قَدْ بَرَزَتْ , فَلَمَّا كَمُلَتْ السَّنَة فِيمَا بَيْن أَنْ أَرْسَلَ اللَّه الطُّوفَان إِلَى أَنْ أَرْسَلَ نُوح الْحَمَامَة وَدَخَلَ يَوْم وَاحِد مِنْ الشَّهْر الْأَوَّل مِنْ سَنَة اِثْنَتَيْنِ بَرَزَ وَجْه الْأَرْض , فَظَهَرَ الْيُبْس , وَكَشَفَ نُوح غِطَاء الْفُلْك , وَرَأَى وَجْه الْأَرْض . وَفِي الشَّهْر الثَّانِي مِنْ سَنَة اِثْنَتَيْنِ فِي سَبْع وَعِشْرِينَ لَيْلَة مِنْهُ قِيلَ لِنُوحٍ : { اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } 14057 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : تَزْعُم أُنَاس أَنَّ مَنْ غَرِقَ مِنْ الْوِلْدَان مَعَ آبَائِهِمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إِنَّمَا الْوِلْدَان بِمَنْزِلَةِ الطَّيْر وَسَائِر مَنْ أَغْرَقَ اللَّه بِغَيْرِ ذَنْب , وَلَكِنْ حَضَرَتْ آجَالهمْ فَمَاتُوا لِآجَالِهِمْ , وَالْمُدْرِكُونَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانَ الْغَرَق عُقُوبَة مِنْ اللَّه لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ مَصِيرهمْ إِلَى النَّار
{ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي } يَقُول : أَقْلِعِي عَنْ الْمَطَر : أَمْسِكِي .
{ وَغِيضَ الْمَاء } ذَهَبَتْ بِهِ الْأَرْض وَنَشَّفَتْهُ .
{ وَقُضِيَ الْأَمْر } يَقُول : قُضِيَ أَمْر اللَّه , فَمَضَى بِهَلَاكِ قَوْم نُوح .
{ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } يَعْنِي الْفُلْك . اِسْتَوَتْ : أَرْسَتْ عَلَى الْجُودِيّ , وَهُوَ جَبَل فِيمَا ذُكِرَ بِنَاحِيَةِ الْمَوْصِل أَوْ الْجَزِيرَة .
{ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : قَالَ اللَّه : أَبْعَدَ اللَّه الْقَوْم الظَّالِمِينَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ قَوْم نُوح . 14042 - حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن يَعْقُوب الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الْغَفُور عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِي أَوَّل يَوْم مِنْ رَجَب رَكِبَ نُوح السَّفِينَة فَصَامَ هُوَ وَجَمِيع مَنْ مَعَهُ , وَجَرَتْ بِهِمْ السَّفِينَة سِتَّة أَشْهَر , فَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى الْمُحَرَّم , فَأَرْسَتْ السَّفِينَة عَلَى الْجُودِيّ يَوْم عَاشُورَاء , فَصَامَ نُوح وَأَمَرَ جَمِيع مَنْ مَعَهُ مِنْ الْوَحْش وَالدَّوَابّ فَصَامُوا شُكْرًا لِلَّهِ " 14043 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : كَانَتْ السَّفِينَة أَعْلَاهَا لِلطَّيْرِ , وَوَسَطهَا لِلنَّاسِ , وَفِي أَسْفَلهَا السِّبَاع , وَكَانَ طُولهَا فِي السَّمَاء ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا , دُفِعَتْ مِنْ عَيْن وَرْدَة يَوْم الْجُمُعَة لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَب , وَأَرْسَتْ عَلَى الْجُودِيّ يَوْم عَاشُورَاء , وَمَرَّتْ بِالْبَيْتِ فَطَافَتْ بِهِ سَبْعًا , وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّه مِنْ الْغَرَق , ثُمَّ جَاءَتْ الْيَمَن , ثُمَّ رَجَعَتْ 14044 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هَبَطَ نُوح مِنْ السَّفِينَة يَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم , فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ الْيَوْم صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمه , وَمَنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَصُمْ 14045 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس قَالَ : كَانَ فِي زَمَن نُوح شِبْر مِنْ الْأَرْض لَا إِنْسَان يَدَّعِيه 14046 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا - يَعْنِي الْفُلْك - اِسْتَقَلَّتْ بِهِمْ فِي عَشْر خَلَوْنَ مِنْ رَجَب , وَكَانَتْ فِي الْمَاء خَمْسِينَ وَمِائَة يَوْم , وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى الْجُودِيّ شَهْرًا , وَأُهْبِطَ بِهِمْ فِي عَشْر مِنْ الْمُحَرَّم يَوْم عَاشُورَاء وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الْأَمْر وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14047 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَغِيضَ الْمَاء } قَالَ : نَقَصَ . { وَقُضِيَ الْأَمْر } قَالَ : هَلَاك قَوْم نُوح * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج { وَغِيضَ الْمَاء } نَشَّفَتْهُ الْأَرْض 14048 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا سَمَاء أَقْلِعِي } يَقُول : أَمْسِكِي { وَغِيضَ الْمَاء } يَقُول : ذَهَبَ الْمَاء 14049 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَغِيضَ الْمَاء } الْغُيُوض : ذَهَاب الْمَاء { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } 14050 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : جَبَل بِالْجَزِيرَةِ , تَشَامَخَتْ الْجِبَال مِنْ الْغَرَق , وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ فَلَمْ يَغْرَق , فَأُرْسِيَتْ عَلَيْهِ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : الْجُودِيّ جَبَل بِالْجَزِيرَةِ , تَشَامَخَتْ الْجِبَال يَوْمئِذٍ مِنْ الْغَرَق وَتَطَاوَلَتْ , وَتَوَاضَعَ هُوَ لِلَّهِ فَلَمْ يَغْرَق , وَأُرْسِيَتْ سَفِينَة نُوح عَلَيْهِ * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14051 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } يَقُول : عَلَى الْجَبَل , وَاسْمه الْجُودِيّ 14052 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } قَالَ : جَبَل بِالْجَزِيرَةِ شَمَخَتْ الْجِبَال وَتَوَاضَعَ حِين أَرَادَتْ أَنْ تَرْفَأ عَلَيْهِ سَفِينَة نُوح 14053 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } أَبْقَاهَا اللَّه لَنَا بِوَادِي أَرْض الْجَزِيرَة عِبْرَة وَآيَة 14054 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : { وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ } هُوَ جَبَل بِالْمَوْصِلِ 14055 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نُوحًا بَعَثَ الْغُرَاب لِيَنْظُر إِلَى الْمَاء , فَوَجَدَ جِيفَة فَوَقَعَ عَلَيْهَا , فَبَعَثَ الْحَمَامَة فَأَتَتْهُ بِوَرَقِ الزَّيْتُون , فَأُعْطِيَتْ الطَّوْق الَّذِي فِي عُنُقهَا وَخِضَاب رِجْلَيْهَا 14056 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : لَمَّا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَكُفّ ذَلِكَ - يَعْنِي الطُّوفَان - أَرْسَلَ رِيحًا عَلَى وَجْه الْأَرْض , فَسَكَنَ الْمَاء , وَاسْتَدَّتْ يَنَابِيع الْأَرْض الْغَمْر الْأَكْبَر , وَأَبْوَاب السَّمَاء , يَقُول اللَّه تَعَالَى : { وَقِيلَ يَا أَرْض اِبْلَعِي مَاءَك وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي } إِلَى : { بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فَجَعَلَ يَنْقُص وَيَغِيض وَيُدْبِر . وَكَانَ اِسْتِوَاء الْفُلْك عَلَى الْجُودِيّ فِيمَا يَزْعُم أَهْل التَّوْرَاة فِي الشَّهْر السَّابِع لِسَبْع عَشْرَة لَيْلَة مَضَتْ مِنْهُ , فِي أَوَّل يَوْم مِنْ الشَّهْر الْعَاشِر , رُئِيَ رُءُوس الْجِبَال . فَلَمَّا مَضَى بَعْد ذَلِكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَتَحَ نُوح كُوَّة الْفُلْك الَّتِي صَنَعَ فِيهَا , ثُمَّ أَرْسَلَ الْغُرَاب لِيَنْظُر لَهُ مَا فَعَلَ الْمَاء فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ , فَأَرْسَلَ الْحَمَامَة فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ , وَلَمْ يَجِد لِرِجْلَيْهَا مَوْضِعًا , فَبَسَطَ يَده لِلْحَمَامَةِ فَأَخَذَهَا ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَة أَيَّام , ثُمَّ أَرْسَلَهَا لِتَنْظُر لَهُ , فَرَجَعَتْ حِين أَمْسَتْ وَفِي فِيهَا وَرَق زَيْتُونَة , فَعَلِمَ نُوح أَنَّ الْمَاء قَدْ قَلَّ عَنْ وَجْه الْأَرْض . ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَة أَيَّام , ثُمَّ أَرْسَلَهَا فَلَمْ تَرْجِع , فَعَلِمَ نُوح أَنَّ الْأَرْض قَدْ بَرَزَتْ , فَلَمَّا كَمُلَتْ السَّنَة فِيمَا بَيْن أَنْ أَرْسَلَ اللَّه الطُّوفَان إِلَى أَنْ أَرْسَلَ نُوح الْحَمَامَة وَدَخَلَ يَوْم وَاحِد مِنْ الشَّهْر الْأَوَّل مِنْ سَنَة اِثْنَتَيْنِ بَرَزَ وَجْه الْأَرْض , فَظَهَرَ الْيُبْس , وَكَشَفَ نُوح غِطَاء الْفُلْك , وَرَأَى وَجْه الْأَرْض . وَفِي الشَّهْر الثَّانِي مِنْ سَنَة اِثْنَتَيْنِ فِي سَبْع وَعِشْرِينَ لَيْلَة مِنْهُ قِيلَ لِنُوحٍ : { اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } 14057 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : تَزْعُم أُنَاس أَنَّ مَنْ غَرِقَ مِنْ الْوِلْدَان مَعَ آبَائِهِمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إِنَّمَا الْوِلْدَان بِمَنْزِلَةِ الطَّيْر وَسَائِر مَنْ أَغْرَقَ اللَّه بِغَيْرِ ذَنْب , وَلَكِنْ حَضَرَتْ آجَالهمْ فَمَاتُوا لِآجَالِهِمْ , وَالْمُدْرِكُونَ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانَ الْغَرَق عُقُوبَة مِنْ اللَّه لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ مَصِيرهمْ إِلَى النَّار
وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنَادَى نُوح رَبّه فَقَالَ رَبّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنَادَى نُوح رَبّه , فَقَالَ : رَبّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ تُنْجِينِي مِنْ الْغَرَق وَالْهَلَاك وَأَهْلِي , وَقَدْ هَلَكَ اِبْنِي , وَابْنِي مِنْ أَهْلِي .
{ وَإِنَّ وَعْدك الْحَقّ } الَّذِي لَا خُلْف لَهُ .
{ وَأَنْتَ أَحْكَم الْحَاكِمِينَ } بِالْحَقِّ , فَاحْكُمْ لِي بِأَنْ تَفِي بِمَا وَعَدْتنِي مِنْ أَنْ تُنْجِي لِي أَهْلِي وَتُرْجِع إِلَيَّ اِبْنِي . كَمَا : 14058 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَأَنْتَ أَحْكَم الْحَاكِمِينَ } قَالَ : أَحْكَم الْحَاكِمِينَ بِالْحَقِّ
{ وَإِنَّ وَعْدك الْحَقّ } الَّذِي لَا خُلْف لَهُ .
{ وَأَنْتَ أَحْكَم الْحَاكِمِينَ } بِالْحَقِّ , فَاحْكُمْ لِي بِأَنْ تَفِي بِمَا وَعَدْتنِي مِنْ أَنْ تُنْجِي لِي أَهْلِي وَتُرْجِع إِلَيَّ اِبْنِي . كَمَا : 14058 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَأَنْتَ أَحْكَم الْحَاكِمِينَ } قَالَ : أَحْكَم الْحَاكِمِينَ بِالْحَقِّ
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا نُوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : قَالَ اللَّه يَا نُوح إِنَّ الَّذِي غَرَّقْته فَأَهْلَكْته الَّذِي تَذْكُر أَنَّهُ مِنْ أَهْلك لَيْسَ مِنْ أَهْلك . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { لَيْسَ مِنْ أَهْلك } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لَيْسَ مِنْ وَلَدك هُوَ مِنْ غَيْرك . وَقَالُوا : كَانَ ذَلِكَ مِنْ حِنْث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14059 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : لَمْ يَكُنْ اِبْنه 14060 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي جَعْفَر : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : اِبْن اِمْرَأَته * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَصْحَاب اِبْن أَبِي عَرُوبَة فِيهِمْ الْحَسَن , قَالَ : لَا وَاَللَّه مَا هُوَ بِابْنِهِ * قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي جَعْفَر : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : هَذِهِ بِلُغَةِ طَيّ لَمْ يَكُنْ اِبْنه , كَانَ اِبْن اِمْرَأَته 14061 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ عَوْف , وَمَنْصُور , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : لَمْ يَكُنْ اِبْنه . وَكَانَ يَقْرَؤُهَا : " إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح " 14062 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : كُنْت عِنْد الْحَسَن فَقَالَ : نَادَى نُوح اِبْنه : لَعَمْر اللَّه مَا هُوَ اِبْنه ! قَالَ : قُلْت يَا أَبَا سَعِيد يَقُول : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } وَتَقُول : لَيْسَ بِابْنِهِ ؟ قَالَ : أَفَرَأَيْت قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } ؟ قَالَ : قُلْت إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك الَّذِينَ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيهِمْ مَعَك , وَلَا يَخْتَلِف أَهْل الْكِتَاب أَنَّهُ اِبْنه . قَالَ : إِنَّ أَهْل الْكِتَاب يُعَذَّبُونَ 14063 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : " إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح " فَقَالَ عِنْد ذَلِكَ : وَاَللَّه مَا كَانَ اِبْنه ! ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَخَانَتَاهُمَا } قَالَ سَعِيد : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِقَتَادَة , قَالَ : مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلِف 14064 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } قَالَ : تَبَيَّنَ لِنُوحٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } قَالَ : بَيَّنَ اللَّه لِنُوحٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبَى نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ اِبْن جُرَيْج فِي قَوْله : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : نَادَاهُ وَهُوَ يَحْسَبهُ أَنَّهُ اِبْنه وَكَانَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشه 14065 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ ثَوْر , عَنْ أَبِي جَعْفَر : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : لَوْ كَانَ مِنْ أَهْله لَنَجَا 14066 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو , وَسُمِعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر يَقُول : نَرَى أَنَّ مَا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْوَلَد لِلْفِرَاشِ " , مِنْ أَجْل اِبْن نُوح * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَا وَاَللَّه مَا هُوَ بِابْنِهِ وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { لَيْسَ مِنْ أَهْلك } الَّذِينَ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14067 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي عَامِر , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : هُوَ اِبْنه - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ اِبْنه , مَا بَغَتْ اِمْرَأَة نَبِيّ قَطُّ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي عَامِر الْهَمْدَانِيّ , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : مَا بَغَتْ اِمْرَأَة نَبِيّ قَطُّ , قَالَ : وَقَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } الَّذِينَ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيهِمْ مَعَك 14068 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ اِبْنه , غَيْر أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي الْعَمَل وَالنِّيَّة قَالَ عِكْرِمَة فِي بَعْض الْحُرُوف : إِنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا غَيْر صَالِح , وَالْخِيَانَة تَكُون عَلَى غَيْر بَاب . 14069 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ عِكْرِمَة يَقُول : كَانَ اِبْنه , وَلَكِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي النِّيَّة وَالْعَمَل , فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَهُ : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } 14070 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ وَابْن عُيَيْنَة , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة عَنْ سُلَيْمَان بْن قَتَّة , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَسْأَل وَهُوَ إِلَى جَنْب الْكَعْبَة عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { فَخَانَتَاهُمَا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالزِّنَا , وَلَكِنْ كَانَتْ هَذِهِ تُخْبِر النَّاس أَنَّهُ مَجْنُون , وَكَانَتْ هَذِهِ تَدُلّ عَلَى الْأَضْيَاف . ثُمَّ قَرَأَ : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ اِبْن عُيَيْنَة : وَأَخْبَرَنِي عَمَّار الدُّهْنِيّ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : كَانَ اِبْن نُوح , إِنَّ اللَّه لَا يَكْذِب . قَالَ : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : مَا فَجَرَتْ اِمْرَأَة نَبِيّ قَطُّ 14071 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمَّار الدُّهْنِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ اللَّه وَهُوَ الصَّادِق , وَهُوَ اِبْنه : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سَعِيد , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : مَا بَغَتْ اِمْرَأَة نَبِيّ قَطُّ 14072 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : سَأَلْت أَبَا بِشْر , عَنْ قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : لَيْسَ مِنْ أَهْل دِينك , وَلَيْسَ مِمَّنْ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيهِمْ . قَالَ يَعْقُوب : قَالَ هُشَيْم : كَانَ عَامَّة مَا كَانَ يُحَدِّثنَا أَبُو بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر 14073 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ يَعْقُوب بْن قَيْس , قَالَ : أَتَى سَعِيد بْن جُبَيْر رَجُل فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْد اللَّه , الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه اِبْن نُوح أَبْنه هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَاَللَّه إِنَّ نَبِيّ اللَّه أَمَرَهُ أَنْ يَرْكَب مَعَهُ فِي السَّفِينَة فَعَصَى , فَقَالَ : { سَآوِي إِلَى جَبَل يَعْصِمنِي مِنْ الْمَاء } { قَالَ يَا نُوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } لِمَعْصِيَةِ نَبِيّ اللَّه - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ جَاءَ إِلَيْهِ رَجُل فَسَأَلَهُ فَقَالَ : أَرَأَيْتُك اِبْن نُوح : أَبْنه ؟ فَسَبَّحَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , يُحَدِّث اللَّه مُحَمَّدًا : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } وَتَقُول لَيْسَ مِنْهُ ! وَلَكِنْ خَالَفَهُ فِي الْعَمَل , فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُؤْمِن 14074 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي هَارُون الْغَنَوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } قَالَ : أَشْهَد أَنَّهُ اِبْنه , قَالَ اللَّه : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } 14075 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا : هُوَ اِبْنه 14076 - حَدَّثَنِي فَضَالَة بْن الْفَضْل الْكُوفِيّ , قَالَ : قَالَ بَزِيع : سَأَلَ رَجُل الضَّحَّاك عَنْ اِبْن نُوح فَقَالَ : أَلَا تَعْجَبُونَ إِلَى هَذَا الْأَحْمَق يَسْأَلنِي عَنْ اِبْن نُوح ؟ وَهُوَ اِبْن نُوح , كَمَا قَالَ اللَّه : قَالَ نُوح لِابْنِهِ 14077 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد , عَنْ الضَّحَّاك أَنَّهُ قَرَأَ : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } وَقَوْله : { لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : يَقُول : لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلك . قَالَ : يَقُول : لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل وِلَايَتك , وَلَا مِمَّنْ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِي مِنْ أَهْلك . { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ : يَقُول : كَانَ عَمَله فِي شِرْك 14078 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : هُوَ وَاَللَّه اِبْنه لِصُلْبِهِ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { لَيْسَ مِنْ أَهْلك } قَالَ : لَيْسَ مِنْ أَهْل دِينك , وَلَا مِمَّنْ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيه , وَكَانَ اِبْنه لِصُلْبِهِ 14079 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَالَ يَا نُوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } يَقُول : لَيْسَ مِمَّنْ وَعَدْنَاهُ النَّجَاة - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } يَقُول : لَيْسَ مِنْ أَهْل وِلَايَتك , وَلَا مِمَّنْ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِي مِنْ أَهْلك . { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } يَقُول : كَانَ عَمَله فِي شِرْك 14080 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن حَيَّان , عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ مَيْمُون , وَثَابِت بْن الْحَجَّاج قَالَا : هُوَ اِبْنه وُلِدَ عَلَى فِرَاشه وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك الَّذِينَ وَعَدْتُك أَنْ أُنْجِيهِمْ , لِأَنَّهُ كَانَ لِدِينِك مُخَالِفًا وَبِي كَافِرًا . وَكَانَ اِبْنه لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اِبْنه , فَقَالَ : { وَنَادَى نُوح اِبْنه } وَغَيْر جَائِز أَنْ يُخْبِر أَنَّهُ اِبْنه فَيَكُون بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ . وَلَيْسَ فِي قَوْله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك } دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ , إِذْ كَانَ قَوْله : { لَيْسَ مِنْ أَهْلك } مُحْتَمِلًا مِنْ الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا , وَمُحْتَمِلًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل دِينك , ثُمَّ يُحْذَف " الدِّين " فَيُقَال : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلك , كَمَا قِيلَ : { وَاسْأَلْ الْقَرْيَة الَّتِي كُنَّا فِيهَا } وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } بِتَنْوِينِ عَمَل وَرَفْع غَيْر . وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِنَّ مَسْأَلَتك إِيَّايَ هَذِهِ عَمَل غَيْر صَالِح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14081 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ : إِنَّ مَسْأَلَتك إِيَّايَ هَذِهِ عَمَل غَيْر صَالِح 14082 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } أَيْ سُوء , { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } 14083 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } يَقُول : سُؤَالك عَمَّا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم 14084 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ حَمْزَة الزَّيَّات , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ : سُؤَالك إِيَّايَ عَمَل غَيْر صَالِح , { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : إِنَّ الَّذِي ذَكَرْت أَنَّهُ اِبْنك فَسَأَلْتنِي أَنْ أُنْجِيه عَمَل غَيْر صَالِح , أَيْ أَنَّهُ لِغَيْرِ رِشْدَة . وَقَالُوا : الْهَاء فِي قَوْله : " إِنَّهُ " عَائِدَة عَلَى الِابْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14085 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ اِبْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَرَأَ : { عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ : مَا هُوَ وَاَللَّه بِابْنِهِ وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ : " إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح " عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْ الْفِعْل الْمَاضِي , وَغَيْر مَنْصُوبَة . وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اِبْن عَبَّاس . 14086 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة , عَنْ سُلَيْمَان بْن قَتَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ : " عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ " وَوَجَّهُوا تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى مَا . 14087 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , عَنْ اِبْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّهُ عَمَل غَيْر صَالِح } قَالَ : كَانَ مُخَالِفًا فِي النِّيَّة وَالْعَمَل وَلَا نَعْلَم هَذِهِ الْقِرَاءَة قَرَأَ بِهَا أَحَد مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار إِلَّا بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ . وَاعْتُلَّ فِي ذَلِكَ بِخَبَرٍ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ غَيْر صَحِيح السَّنَد , وَذَلِكَ حَدِيث رُوِيَ عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , فَمَرَّة يَقُول عَنْ أُمّ سَلَمَة , وَمَرَّة يَقُول عَنْ أَسْمَاء بِنْت يَزِيد , وَلَا نَعْلَم لِبِنْتِ يَزِيد وَلَا نَعْلَم لِشَهْرٍ سَمَاعًا يَصِحّ عَنْ أُمّ سَلَمَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذَلِكَ رَفْع " عَمَل " بِالتَّنْوِينِ , وَرَفْع " غَيْر " , يَعْنِي : إِنَّ سُؤَالك إِيَّايَ مَا تَسْأَلنِيهِ فِي اِبْنك الْمُخَالِف دِينك الْمُوَالِي أَهْل الشِّرْك بِي مِنْ النَّجَاة مِنْ الْهَلَاك , وَقَدْ مَضَتْ إِجَابَتِي إِيَّاكَ فِي دُعَائِك : { لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } مَا قَدْ مَضَى مِنْ غَيْر اِسْتِثْنَاء أَحَد مِنْهُمْ , عَمَل غَيْر صَالِح , لِأَنَّهُ مَسْأَلَة مِنْك إِلَى أَنْ لَا أَفْعَل مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي الْقَوْل بِأَنِّي أَفْعَلهُ فِي إِجَابَتِي مَسْأَلَتك إِيَّايَ فِعْله , فَذَلِكَ هُوَ الْعَمَل غَيْر الصَّالِح .
وَقَوْله : { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } نَهْي مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَبِيّه نُوحًا أَنْ يَسْأَلهُ عَنْ أَسْبَاب أَفْعَاله الَّتِي قَدْ طَوَى عِلْمهَا عَنْهُ وَعَنْ غَيْره مِنْ الْبَشَر . يَقُول لَهُ تَعَالَى ذِكْره : إِنِّي يَا نُوح قَدْ أَخْبَرْتُك عَنْ سُؤَالك سَبَب إِهْلَاكِي اِبْنك الَّذِي أَهْلَكْته , فَلَا تَسْأَلْنِ بَعْدهَا عَمَّا قَدْ طَوَيْت عِلْمه عَنْك مِنْ أَسْبَاب أَفْعَالِي , وَلَيْسَ لَك بِهِ عِلْم إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ فِي مَسْأَلَتك إِيَّايَ عَنْ ذَلِكَ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ } مَا : 14088 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ } أَنْ تَبْلُغ الْجَهَالَة بِك أَنْ لَا أَفِي لَك بِوَعْدٍ وَعَدْتُك حَتَّى تَسْأَلنِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم , { وَإِلَّا تَغْفِر لِي وَتَرْحَمنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } بِكَسْرِ النُّون وَتَخْفِيفهَا , وَنَحْوًا بِكَسْرِهَا إِلَى الدَّلَالَة عَلَى الْيَاء الَّتِي هِيَ كِنَايَة اِسْم اللَّه { فَلَا تَسْأَلْنِ } وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض أَهْل الشَّام : " فَلَا تَسْأَلَنَّ " بِتَشْدِيدِ النُّون وَفَتْحهَا , بِمَعْنَى : فَلَا تَسْأَلَنَّ يَا نُوح مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا تَخْفِيف النُّون وَكَسْرهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَصِيح مِنْ كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَعْمَل بَيْنهمْ .
وَقَوْله : { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } نَهْي مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَبِيّه نُوحًا أَنْ يَسْأَلهُ عَنْ أَسْبَاب أَفْعَاله الَّتِي قَدْ طَوَى عِلْمهَا عَنْهُ وَعَنْ غَيْره مِنْ الْبَشَر . يَقُول لَهُ تَعَالَى ذِكْره : إِنِّي يَا نُوح قَدْ أَخْبَرْتُك عَنْ سُؤَالك سَبَب إِهْلَاكِي اِبْنك الَّذِي أَهْلَكْته , فَلَا تَسْأَلْنِ بَعْدهَا عَمَّا قَدْ طَوَيْت عِلْمه عَنْك مِنْ أَسْبَاب أَفْعَالِي , وَلَيْسَ لَك بِهِ عِلْم إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ فِي مَسْأَلَتك إِيَّايَ عَنْ ذَلِكَ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ } مَا : 14088 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنِّي أَعِظك أَنْ تَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ } أَنْ تَبْلُغ الْجَهَالَة بِك أَنْ لَا أَفِي لَك بِوَعْدٍ وَعَدْتُك حَتَّى تَسْأَلنِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم , { وَإِلَّا تَغْفِر لِي وَتَرْحَمنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم } بِكَسْرِ النُّون وَتَخْفِيفهَا , وَنَحْوًا بِكَسْرِهَا إِلَى الدَّلَالَة عَلَى الْيَاء الَّتِي هِيَ كِنَايَة اِسْم اللَّه { فَلَا تَسْأَلْنِ } وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض أَهْل الشَّام : " فَلَا تَسْأَلَنَّ " بِتَشْدِيدِ النُّون وَفَتْحهَا , بِمَعْنَى : فَلَا تَسْأَلَنَّ يَا نُوح مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْم . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا تَخْفِيف النُّون وَكَسْرهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَصِيح مِنْ كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَعْمَل بَيْنهمْ .
قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ رَبّ إِنِّي أَعُوذ بِك أَنْ أَسْأَلك مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْم وَإِلَّا تَغْفِر لِي وَتَرْحَمنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِنَابَة نُوح عَلَيْهِ السَّلَام بِالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ مِنْ زَلَّته فِي مَسْأَلَته الَّتِي سَأَلَهَا رَبّه فِي اِبْنه { قَالَ رَبّ إِنِّي أَعُوذ بِك } أَيْ أَسْتَجِير بِك أَنْ أَتَكَلَّف مَسْأَلَتك , { مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْم } مِمَّا قَدْ اِسْتَأْثَرْت بِعِلْمِهِ وَطَوَيْت عِلْمه عَنْ خَلْقك , فَاغْفِرْ لِي زَلَّتِي فِي مَسْأَلَتِي إِيَّاكَ مَا سَأَلْتُك فِي اِبْنِي , وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَغْفِرهَا لِي وَتَرْحَمنِي فَتُنْقِذنِي مِنْ غَضَبك { أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ } يَقُول : مِنْ الَّذِينَ غَبَنُوا أَنْفُسهمْ حُظُوظهَا وَهَلَكُوا .
قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قِيلَ يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { يَا نُوح اِهْبِطْ } مِنْ الْفُلْك إِلَى الْأَرْض { بِسَلَامٍ مِنَّا } يَقُول : بِأَمْنٍ مِنَّا أَنْتَ وَمَنْ مَعَك مِنَّا إِهْلَاكنَا , { وَبَرَكَات عَلَيْك } يَقُول : وَبَرَكَات عَلَيْك , { وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك } يَقُول : وَعَلَى قُرُون تَجِيء مِنْ ذُرِّيَّة مَنْ مَعَك مِنْ وَلَدك , فَهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ ذُرِّيَّة نُوح الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ اللَّه السَّعَادَة وَبَارَكَ عَلَيْهِمْ قَبْل أَنْ يَخْلُقهُمْ فِي بُطُون أُمَّهَاتهمْ وَأَصْلَاب آبَائِهِمْ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره نُوحًا عَمَّا هُوَ فَاعِل بِأَهْلِ الشَّقَاء مِنْ ذُرِّيَّته , فَقَالَ لَهُ : { وَأُمَم } يَقُول : وَقُرُون وَجَمَاعَة , { سَنُمَتِّعُهُمْ } فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , يَقُول : نَرْزُقهُمْ فِيهَا مَا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا آجَالهمْ . { ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } يَقُول : ثُمَّ نُذِيقهُمْ إِذَا وَرَدُوا عَلَيْنَا عَذَابًا مُؤْلِمًا مُوجِعًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14089 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : { قِيلَ يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : دَخَلَ فِي ذَلِكَ السَّلَام كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَذَاب وَالْمَتَاع كُلّ كَافِر وَكَافِرَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفَرِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : { قِيلَ يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك } قَالَ : دَخَلَ فِي السَّلَام كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة , وَفِي الشِّرْك كُلّ كَافِر وَكَافِرَة 14090 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك } يَعْنِي مِمَّنْ لَمْ يُولَد , قَدْ قُضِيَ الْبَرَكَات لِمَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْم اللَّه وَقَضَائِهِ السَّعَادَة . { وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ } مَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْم اللَّه وَقَضَائِهِ الشَّقَاوَة 14091 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : { وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ } مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , مِمَّنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْم اللَّه وَقَضَائِهِ الشَّقَاوَة . قَالَ : وَلَمْ يُهْلِك الْوِلْدَان يَوْم غَرِقَ قَوْم نُوح بِذَنْبِ آبَائِهِمْ كَالطَّيْرِ وَالسِّبَاع , وَلَكِنْ جَاءَ أَجَلهمْ مَعَ الْغَرَق 14092 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ } قَالَ : هَبَطُوا وَاَللَّه عَنْهُمْ رَاضٍ , هَبَطُوا بِسَلَامٍ مِنْ اللَّه , كَانُوا أَهْل رَحْمَة مِنْ أَهْل ذَلِكَ الدَّهْر . ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهُمْ نَسْلًا بَعْد ذَلِكَ أُمَمًا , مِنْهُمْ مَنْ رَحِمَ , وَمِنْهُمْ مَنْ عَذَّبَ . وَقَرَأَ : { وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ } وَذَلِكَ إِنَّمَا اِفْتَرَقَتْ الْأُمَم مِنْ تِلْكَ الْعِصَابَة الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاء وَسَلِمَتْ 14093 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك } الْآيَة , يَقُول : بَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك لَمْ يُولَدُوا , أَوْجَبَ اللَّه لَهُمْ الْبَرَكَات لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْم اللَّه مِنْ السَّعَادَة . { وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ } يَعْنِي : مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا . { ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْم اللَّه مِنْ الشَّقَاوَة 14094 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن : أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ سُورَة هُود , فَأَتَى عَلَى : { يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك } حَتَّى خَتَمَ الْآيَة , قَالَ الْحَسَن : فَأَنْجَى اللَّه نُوحًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا , وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ حَتَّى ذَكَرَ الْأَنْبِيَاء , كُلّ ذَلِكَ يَقُول : أَنْجَاهُ اللَّه وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ 14095 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } قَالَ : بَعْد الرَّحْمَة 14096 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن شَوْذَب , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد بْن أَبِي هِنْد يُحَدِّث عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ حِين بَعَثَ اللَّه عَادًا , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ هُودًا , فَصَدَّقَهُ مُصَدِّقُونَ وَكَذَّبَهُ مُكَذِّبُونَ حَتَّى جَاءَ أَمْر اللَّه , فَلَمَّا جَاءَ أَمْر اللَّه نَجَّى اللَّه هُودًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ , وَأَهْلَكَ اللَّه الْمُتَمَتِّعِينَ , ثُمَّ بَعَثَ اللَّه ثَمُود , فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ صَالِحًا , فَصَدَّقَهُ مُصَدِّقُونَ وَكَذَّبَهُ مُكَذِّبُونَ , حَتَّى جَاءَ أَمْر اللَّه , فَلَمَّا جَاءَ أَمْر اللَّه نَجَّى اللَّه صَالِحًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَأَهْلَكَ اللَّه الْمُتَمَتِّعِينَ , ثُمَّ اِسْتَقْرَأَ الْأَنْبِيَاء نَبِيًّا نَبِيًّا عَلَى نَحْو مِنْ هَذَا
تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب نُوحِيهَا إِلَيْك مَا كُنْت تَعْلَمهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمك مِنْ قَبْل هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } { مَا كُنْت تَعْلَمهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمك مِنْ قَبْل هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذِهِ الْقِصَّة الَّتِي أَنْبَأْتُك بِهَا مِنْ قِصَّة نُوح وَخَبَره وَخَبَر قَوْمه { مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب } يَقُول : هِيَ مِنْ أَخْبَار الْغَيْب الَّتِي لَمْ تَشْهَدهَا فَتَعْلَمهَا , { نُوحِيهَا إِلَيْك } يَقُول : نُوحِيهَا إِلَيْك نَحْنُ فَنُعَرِّفكهَا { مَا كُنْت تَعْلَمهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمك مِنْ قَبْل هَذَا } الْوَحْي الَّذِي نُوحِيه إِلَيْك , فَاصْبِرْ عَلَى الْقِيَام بِأَمْرِ اللَّه وَتَبْلِيغ رِسَالَته وَمَا تَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك , كَمَا صَبَرَ نُوح . { إِنَّ الْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول : إِنَّ الْخَيْر مِنْ عَوَاقِب الْأُمُور لِمَنْ اِتَّقَى اللَّه فَأَدَّى فَرَائِضه وَاجْتَنَبَ مَعَاصِيه فَهُمْ الْفَائِزُونَ بِمَا يُؤَمِّلُونَ مِنْ النَّعِيم فِي الْآخِرَة وَالظَّفَر فِي الدُّنْيَا بِالطَّلِبَةِ , كَمَأ كَانَتْ عَاقِبَة نُوح إِذْ صَبَرَ لِأَمْرِ اللَّه أَنْ نَجَّاهُ مِنْ الْهَلَكَة مَعَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَعْطَاهُ فِي الْآخِرَة مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْكَرَامَة , وَغَرَّقَ الْمُكَذِّبِينَ بِهِ فَأَهْلَكَهُمْ جَمِيعهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14097 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب نُوحِيهَا إِلَيْك مَا كُنْت تَعْلَمهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمك مِنْ قَبْل هَذَا } الْقُرْآن , وَمَا كَانَ عِلْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمه مَا صَنَعَ نُوح وَقَوْمه , لَوْلَا مَا بَيَّنَ اللَّه فِي كِتَابه
وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْم اُعْبُدُوا اللَّه مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْره } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَرْسَلْنَا إِلَى قَوْم عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا , فَقَالَ لَهُمْ : يَا قَوْم اُعْبُدُوا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ دُون مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان . { مَا لَكُمْ إِلَه غَيْره } يَقُول : لَيْسَ لَكُمْ مَعْبُود يَسْتَحِقّ الْعِبَادَة عَلَيْكُمْ غَيْره , فَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة وَأَفْرِدُوهُ بِالْأُلُوهَةِ .
{ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ } يَقُول : مَا أَنْتُمْ فِي إِشْرَاككُمْ مَعَهُ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان إِلَّا أَهْل فِرْيَة مُكَذِّبُونَ , تَخْتَلِقُونَ الْبَاطِل , لِأَنَّهُ لَا إِلَه سِوَاهُ .
{ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ } يَقُول : مَا أَنْتُمْ فِي إِشْرَاككُمْ مَعَهُ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان إِلَّا أَهْل فِرْيَة مُكَذِّبُونَ , تَخْتَلِقُونَ الْبَاطِل , لِأَنَّهُ لَا إِلَه سِوَاهُ .
يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا قَوْم لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هُود لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم لَا أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ إِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ وَخَلْع الْأَوْثَان وَالْبَرَاءَة مِنْهَا جَزَاء وَثَوَابًا .
{ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي } يَقُول : إِنَّ ثَوَابِي وَجَزَائِي عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ , وَدُعَائِكُمْ إِلَى اللَّه , إِلَّا عَلَى الَّذِي خَلَقَنِي .
{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَنِّي لَوْ كُنْت أَبْتَغِي بِدِعَايَتِكُمْ إِلَى اللَّه غَيْر النَّصِيحَة لَكُمْ وَطَلَب الْحَظّ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَالْتَمَسْت مِنْكُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْض أَعْرَاض الدُّنْيَا وَطَلَبْت مِنْكُمْ الْأَجْر وَالثَّوَاب ؟ 14098 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي } أَيْ خَلَقَنِي
{ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي } يَقُول : إِنَّ ثَوَابِي وَجَزَائِي عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ , وَدُعَائِكُمْ إِلَى اللَّه , إِلَّا عَلَى الَّذِي خَلَقَنِي .
{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَنِّي لَوْ كُنْت أَبْتَغِي بِدِعَايَتِكُمْ إِلَى اللَّه غَيْر النَّصِيحَة لَكُمْ وَطَلَب الْحَظّ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَالْتَمَسْت مِنْكُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْض أَعْرَاض الدُّنْيَا وَطَلَبْت مِنْكُمْ الْأَجْر وَالثَّوَاب ؟ 14098 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي } أَيْ خَلَقَنِي
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَا قَوْم اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هُود لِقَوْمِهِ : { وَيَا قَوْم اِسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ } يَقُول : آمِنُوا بِهِ حَتَّى يَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ . وَالِاسْتِغْفَار : هُوَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّ هُودًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا دَعَا قَوْمه إِلَى تَوْحِيد اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ ذُنُوبهمْ , كَمَا قَالَ نُوح لِقَوْمِهِ : { اُعْبُدُوا اللَّه وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ وَيُؤَخِّركُمْ إِلَى أَجَل مُسَمًّى }
وَقَوْله : { ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } يَقُول : ثُمَّ تُوبُوا إِلَى اللَّه مِنْ سَالِف ذُنُوبكُمْ وَعِبَادَتكُمْ غَيْره بَعْد الْإِيمَان بِهِ .
{ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } يَقُول : فَإِنَّكُمْ إِنْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ وَتُبْتُمْ مِنْ كُفْركُمْ بِهِ , أَرْسَلَ قَطْر السَّمَاء عَلَيْكُمْ يُدِرّ لَكُمْ الْغَيْث فِي وَقْت حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ , وَتَحْيَا بِلَادكُمْ مِنْ الْجَدْب وَالْقَحْط . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14099 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مِدْرَارًا } يَقُول : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا 14100 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } قَالَ : يَدُلّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَطْرًا وَمَطَرًا
وَأَمَّا قَوْله : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } فَإِنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 14101 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : شِدَّة إِلَى شِدَّتكُمْ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَإِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن : قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد , فَذَكَرَ مِثْله . 14102 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : جَعَلَ لَهُمْ قُوَّة , فَلَوْ أَنَّهُمْ أَطَاعُوهُ , زَادَهُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتهمْ . وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : إِنَّهُ قَدْ كَانَ اِنْقَطَعَ النَّسْل عَنْهُمْ سِنِينَ , فَقَالَ هُود لَهُمْ : إِنْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ أَحْيَا اللَّه بِلَادكُمْ وَرَزَقَكُمْ الْمَال وَالْوَلَد , لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقُوَّة
وَقَوْله : { وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ } يَقُول : وَلَا تُدْبِرُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام مُجْرِمِينَ , يَعْنِي كَافِرِينَ بِاَللَّهِ .
وَقَوْله : { ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } يَقُول : ثُمَّ تُوبُوا إِلَى اللَّه مِنْ سَالِف ذُنُوبكُمْ وَعِبَادَتكُمْ غَيْره بَعْد الْإِيمَان بِهِ .
{ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } يَقُول : فَإِنَّكُمْ إِنْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ وَتُبْتُمْ مِنْ كُفْركُمْ بِهِ , أَرْسَلَ قَطْر السَّمَاء عَلَيْكُمْ يُدِرّ لَكُمْ الْغَيْث فِي وَقْت حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ , وَتَحْيَا بِلَادكُمْ مِنْ الْجَدْب وَالْقَحْط . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14099 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مِدْرَارًا } يَقُول : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا 14100 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } قَالَ : يَدُلّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَطْرًا وَمَطَرًا
وَأَمَّا قَوْله : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } فَإِنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 14101 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : شِدَّة إِلَى شِدَّتكُمْ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَإِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن : قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد , فَذَكَرَ مِثْله . 14102 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : جَعَلَ لَهُمْ قُوَّة , فَلَوْ أَنَّهُمْ أَطَاعُوهُ , زَادَهُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتهمْ . وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتكُمْ } قَالَ : إِنَّهُ قَدْ كَانَ اِنْقَطَعَ النَّسْل عَنْهُمْ سِنِينَ , فَقَالَ هُود لَهُمْ : إِنْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ أَحْيَا اللَّه بِلَادكُمْ وَرَزَقَكُمْ الْمَال وَالْوَلَد , لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقُوَّة
وَقَوْله : { وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ } يَقُول : وَلَا تُدْبِرُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه , وَالْبَرَاءَة مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام مُجْرِمِينَ , يَعْنِي كَافِرِينَ بِاَللَّهِ .
قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتنَا عَنْ قَوْلك وَمَا نَحْنُ لَك بِمُؤْمِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم هُود لِهُودٍ : يَا هُود مَا أَتَيْتنَا بِبَيَانٍ وَلَا بُرْهَان عَلَى مَا تَقُول , فَنُسْلِم لَك , وَنُقِرّ بِأَنَّك صَادِق فِيمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَالْإِقْرَار بِنُبُوَّتِك . { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتنَا } يَقُول : وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتنَا يَعْنِي لِقَوْلِك : أَوْ مِنْ أَجْل قَوْلك . { مَا نَحْنُ لَك بِمُؤْمِنِينَ } يَقُول : قَالُوا : وَمَا نَحْنُ لَك بِمَا تَدَّعِي مِنْ النُّبُوَّة وَالرِّسَالَة مِنْ اللَّه إِلَيْنَا بِمُصَدِّقِينَ .
إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ↑
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَاتنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِد اللَّه وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُونَ } وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , عَنْ قَوْل قَوْم هُود أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ , إِذْ نَصَحَ لَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَتَصْدِيقه , وَخَلْع الْأَوْثَان وَالْبَرَاءَة مِنْهَا : لَا نَتْرُك عِبَادَة آلِهَتنَا , وَمَا نَقُول إِلَّا أَنَّ الَّذِي حَمَلَك عَلَى ذَمّهَا وَالنَّهْي عَنْ عِبَادَتهَا أَنَّهُ أَصَابَك مِنْهَا خَبَل مِنْ جُنُون ! فَقَالَ هُود لَهُمْ : إِنِّي أُشْهِد اللَّه عَلَى نَفْسِي وَأُشْهِدكُمْ أَيْضًا أَيّهَا الْقَوْم أَنِّي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُونَ فِي عِبَادَة اللَّه مِنْ آلِهَتكُمْ وَأَوْثَانكُمْ مِنْ دُونه , { فَكِيدُونِي جَمِيعًا } يَقُول : فَاحْتَالُوا أَنْتُمْ جَمِيعًا وَآلِهَتكُمْ فِي ضَرِّي وَمَكْرُوهِي , { ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } يَقُول : ثُمَّ لَا تُؤَخِّرُونَ ذَلِكَ , فَانْظُرُوا هَلْ تَنَالُونَنِي أَنْتُمْ وَهُمْ بِمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ آلِهَتكُمْ نَالَتْنِي بِهِ مِنْ السُّوء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14103 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَتْك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن دُكَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عِيسَى , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : سَبَبْت آلِهَتنَا وَعِبْتهَا فَأَجَنَّتك - قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } أَصَابَك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ , يَعْنُونَ الْأَوْثَان - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ 14104 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { إِنْ نَقُول إلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : تُصِيبك آلِهَتنَا بِالْجُنُونِ 14105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : مَا يَحْمِلك عَلَى ذَمّ آلِهَتنَا , إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَك مِنْهَا سُوء - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : إِنَّمَا تَصْنَع هَذَا بِآلِهَتِنَا أَنَّهَا أَصَابَتْك بِسُوءٍ 14106 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن كَثِير : أَصَابَتْك آلِهَتنَا بِشَرٍّ 14107 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } يَقُولُونَ : نَخْشَى أَنْ يُصِيبك مِنْ آلِهَتنَا سُوء , وَلَا نُحِبّ أَنْ تَعْتَرِيك , يَقُولُونَ : يُصِيبك مِنْهَا سُوء 14108 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } يَقُولُونَ : اِخْتَلَطَ عَقْلك فَأَصَابَك هَذَا مِمَّا صَنَعَتْ بِك آلِهَتنَا وَقَوْله : { اِعْتَرَاك } اِفْتَعَلَ , مِنْ عَرَانِي الشَّيْء يَعْرُونِي : إِذَا أَصَابَك , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مِنْ الْقَوْم يَعْرُوهُ اِجْتِرَاء وَمَأْثَم
وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , عَنْ قَوْل قَوْم هُود أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ , إِذْ نَصَحَ لَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَتَصْدِيقه , وَخَلْع الْأَوْثَان وَالْبَرَاءَة مِنْهَا : لَا نَتْرُك عِبَادَة آلِهَتنَا , وَمَا نَقُول إِلَّا أَنَّ الَّذِي حَمَلَك عَلَى ذَمّهَا وَالنَّهْي عَنْ عِبَادَتهَا أَنَّهُ أَصَابَك مِنْهَا خَبَل مِنْ جُنُون ! فَقَالَ هُود لَهُمْ : إِنِّي أُشْهِد اللَّه عَلَى نَفْسِي وَأُشْهِدكُمْ أَيْضًا أَيّهَا الْقَوْم أَنِّي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُونَ فِي عِبَادَة اللَّه مِنْ آلِهَتكُمْ وَأَوْثَانكُمْ مِنْ دُونه , { فَكِيدُونِي جَمِيعًا } يَقُول : فَاحْتَالُوا أَنْتُمْ جَمِيعًا وَآلِهَتكُمْ فِي ضَرِّي وَمَكْرُوهِي , { ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ } يَقُول : ثُمَّ لَا تُؤَخِّرُونَ ذَلِكَ , فَانْظُرُوا هَلْ تَنَالُونَنِي أَنْتُمْ وَهُمْ بِمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ آلِهَتكُمْ نَالَتْنِي بِهِ مِنْ السُّوء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14103 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَتْك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن دُكَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عِيسَى , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : سَبَبْت آلِهَتنَا وَعِبْتهَا فَأَجَنَّتك - قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } أَصَابَك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ , يَعْنُونَ الْأَوْثَان - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : أَصَابَك الْأَوْثَان بِجُنُونٍ 14104 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : تُصِيبك آلِهَتنَا بِالْجُنُونِ 14105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : مَا يَحْمِلك عَلَى ذَمّ آلِهَتنَا , إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَك مِنْهَا سُوء - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } قَالَ : إِنَّمَا تَصْنَع هَذَا بِآلِهَتِنَا أَنَّهَا أَصَابَتْك بِسُوءٍ 14106 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن كَثِير : أَصَابَتْك آلِهَتنَا بِشَرٍّ 14107 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } يَقُولُونَ : نَخْشَى أَنْ يُصِيبك مِنْ آلِهَتنَا سُوء , وَلَا نُحِبّ أَنْ تَعْتَرِيك , يَقُولُونَ : يُصِيبك مِنْهَا سُوء 14108 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِنْ نَقُول إِلَّا اِعْتَرَاك بَعْض آلِهَتنَا بِسُوءٍ } يَقُولُونَ : اِخْتَلَطَ عَقْلك فَأَصَابَك هَذَا مِمَّا صَنَعَتْ بِك آلِهَتنَا وَقَوْله : { اِعْتَرَاك } اِفْتَعَلَ , مِنْ عَرَانِي الشَّيْء يَعْرُونِي : إِذَا أَصَابَك , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مِنْ الْقَوْم يَعْرُوهُ اِجْتِرَاء وَمَأْثَم
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنِّي تَوَكَّلْت عَلَى اللَّه رَبِّي وَرَبّكُمْ مَا مِنْ دَابَّة إِلَّا هُوَ آخِذ بِنَاصِيَتِهَا } يَقُول : إِنِّي عَلَى اللَّه الَّذِي هُوَ مَالِكِي وَمَالِككُمْ وَالْقَيِّم عَلَى جَمِيع خَلْقه { تَوَكَّلْت } مِنْ أَنْ تُصِيبُونِي أَنْتُمْ وَغَيْركُمْ مِنْ الْخَلْق بِسُوءٍ , فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْء يَدِبّ عَلَى الْأَرْض إِلَّا وَاَللَّه مَالِكه وَهُوَ فِي قَبْضَته وَسُلْطَانه ذَلِيل لَهُ خَاضِع . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : هُوَ آخِذ بِنَاصِيَتِهَا , فَخَصَّ بِالْأَخْذِ النَّاصِيَة دُون سَائِر أَمَاكِن الْجَسَد ؟ قِيلَ : لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَسْتَعْمِل ذَلِكَ فِي وَصْفهَا مَنْ وَصَفَتْهُ بِالذِّلَّةِ وَالْخُضُوع , فَتَقُول : مَا نَاصِيَة فُلَان إِلَّا بِيَدِ فُلَان , أَيْ أَنَّهُ لَهُ مُطِيع يَصْرِفهُ كَيْف شَاءَ , وَكَانُوا إِذَا أَسَرُوا الْأَسِير فَأَرَادُوا إِطْلَاقه وَالْمَنّ عَلَيْهِ جَزُّوا نَاصِيَته لِيَعْتَدُوا بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَخْرًا عِنْد الْمُفَاخَرَة . فَخَاطَبَهُمْ اللَّه بِمَا يَعْرِفُونَ فِي كَلَامهمْ , وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْت .
وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي عَلَى طَرِيق الْحَقّ , يُجَازِي الْمُحْسِن مِنْ خَلْقه بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ , لَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَا يَقْبَل مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَام وَالْإِيمَان بِهِ . كَمَا : 14109 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } الْحَقّ * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي عَلَى طَرِيق الْحَقّ , يُجَازِي الْمُحْسِن مِنْ خَلْقه بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ , لَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَا يَقْبَل مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَام وَالْإِيمَان بِهِ . كَمَا : 14109 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } الْحَقّ * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَوَلَّوْا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل هُود لِقَوْمِهِ : { فَإِنْ تَوَلَّوْا } يَقُول : فَإِنْ أَدْبَرُوا مُعْرِضِينَ عَمَّا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَتَرْك عِبَادَة الْأَوْثَان ,
{ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم
{ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكُمْ } وَمَا عَلَى الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ .
{ وَيَسْتَخْلِف رَبِّي قَوْمًا غَيْركُمْ } يُهْلِككُمْ رَبِّي , ثُمَّ يَسْتَبْدِل رَبِّي مِنْكُمْ قَوْمًا غَيْركُمْ يُوَحِّدُونَهُ وَيُخْلِصُونَ لَهُ الْعِبَادَة .
{ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } يَقُول : وَلَا تَقْدِرُونَ لَهُ عَلَى ضُرّ إِذَا أَرَادَ إِهْلَاككُمْ أَوْ أَهْلَكَكُمْ . وَقَدْ قِيلَ : لَا يَضُرّهُ هَلَاككُمْ إِذَا أَهْلَكَكُمْ لَا تَنْقُصُونَهُ شَيْئًا , لِأَنَّهُ سَوَاء عِنْده كُنْتُمْ أَوْ لَمْ تَكُونُوا .
{ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلّ شَيْء حَفِيظ } يَقُول : إِنَّ رَبِّي عَلَى جَمِيع خَلْقه ذُو حِفْظ وَعِلْم , يَقُول : هُوَ الَّذِي يَحْفَظنِي مِنْ أَنْ تَنَالُونِي بِسُوءٍ .
{ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم
{ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكُمْ } وَمَا عَلَى الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ .
{ وَيَسْتَخْلِف رَبِّي قَوْمًا غَيْركُمْ } يُهْلِككُمْ رَبِّي , ثُمَّ يَسْتَبْدِل رَبِّي مِنْكُمْ قَوْمًا غَيْركُمْ يُوَحِّدُونَهُ وَيُخْلِصُونَ لَهُ الْعِبَادَة .
{ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } يَقُول : وَلَا تَقْدِرُونَ لَهُ عَلَى ضُرّ إِذَا أَرَادَ إِهْلَاككُمْ أَوْ أَهْلَكَكُمْ . وَقَدْ قِيلَ : لَا يَضُرّهُ هَلَاككُمْ إِذَا أَهْلَكَكُمْ لَا تَنْقُصُونَهُ شَيْئًا , لِأَنَّهُ سَوَاء عِنْده كُنْتُمْ أَوْ لَمْ تَكُونُوا .
{ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلّ شَيْء حَفِيظ } يَقُول : إِنَّ رَبِّي عَلَى جَمِيع خَلْقه ذُو حِفْظ وَعِلْم , يَقُول : هُوَ الَّذِي يَحْفَظنِي مِنْ أَنْ تَنَالُونِي بِسُوءٍ .
وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَاب غَلِيظ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا جَاءَ قَوْم هُود عَذَابنَا { نَجَّيْنَا } مِنْهُ { هُودًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } بِاَللَّهِ { مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا } يَعْنِي بِفَضْلٍ مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَنِعْمَة , { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَاب غَلِيظ } يَقُول : نَجَّيْنَاهُمْ أَيْضًا مِنْ عَذَاب غَلِيظ يَوْم الْقِيَامَة , كَمَا نَجَّيْنَاهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ السَّخْطَة الَّتِي أَنْزَلْتهَا بِعَادٍ .
وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتِلْكَ عَاد جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ وَعَصَوْا رُسُله وَاتَّبَعُوا أَمْر كُلّ جَبَّار عَنِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْلَلْنَا بِهِمْ نِقْمَتنَا وَعَذَابنَا عَاد , جَحَدُوا بِأَدِلَّةِ اللَّه وَحُجَجه , وَعَصَوْا رُسُله الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ لِلدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيده وَاتِّبَاع أَمْره , { وَاتَّبَعُوا أَمْر كُلّ جَبَّار عَنِيد } يَعْنِي كُلّ مُسْتَكْبِر عَلَى اللَّه , حَائِد عَنْ الْحَقّ لَا يُذْعِن لَهُ وَلَا يَقْبَلهُ , يُقَال مِنْهُ : عَنَدَ عَنْ الْحَقّ فَهُوَ يَعْنِد عُنُودًا , وَالرَّجُل عَانِد وَعَنُود , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْعِرْقِ الَّذِي يَنْفَجِر فَلَا يُرْقَأ : عِرْق عَانِد : أَيْ ضَارّ , وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : إِنِّي كَبِير لَا أُطِيق الْعُنَّدَا 14110 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاتَّبَعُوا أَمْر كُلّ جَبَّار عَنِيد } الْمُشْرِك
وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَتْبَعَ عَاد قَوْم هُود فِي هَذِهِ الدُّنْيَا غَضَبًا مِنْ اللَّه وَسَخْطَة يَوْم الْقِيَامَة , مِثْلهَا لَعْنَة إِلَى اللَّعْنَة الَّتِي سَلَفَتْ لَهُمْ مِنْ اللَّه فِي الدُّنْيَا .
{ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبّهمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْم هُود } يَقُول : أَبْعَدَهُمْ اللَّه مِنْ الْخَيْر , يُقَال : كَفَرَ فُلَان رَبّه وَكَفَرَ بِرَبِّهِ , وَشَكَرْت لَك وَشَكَرْتُك . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى كَفَرُوا رَبّهمْ : كَفَرُوا نِعْمَة رَبّهمْ .
{ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبّهمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْم هُود } يَقُول : أَبْعَدَهُمْ اللَّه مِنْ الْخَيْر , يُقَال : كَفَرَ فُلَان رَبّه وَكَفَرَ بِرَبِّهِ , وَشَكَرْت لَك وَشَكَرْتُك . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى كَفَرُوا رَبّهمْ : كَفَرُوا نِعْمَة رَبّهمْ .