جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { جَنَّات عَدْن الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَن عِبَاده بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْده مَأْتِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة { جَنَّات عَدْن } وَقَوْله : { جَنَّات عَدْن } نُصِبَ تَرْجَمَة عَنْ الْجَنَّة . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { جَنَّات عَدْن } : بَسَاتِين إِقَامَة . وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَته . وَقَوْله : { الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَن عِبَاده بِالْغَيْبِ } يَقُول : هَذِهِ الْجَنَّات هِيَ الْجَنَّات الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَن عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْخُلُوهَا بِالْغَيْبِ , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهَا وَلَمْ يُعَايِنُوهَا , فَهِيَ غَيْب لَهُمْ . وَقَوْله : { إِنَّهُ كَانَ وَعْده مَأْتِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه كَانَ وَعْده , وَوَعْده فِي هَذَا الْمَوْضِع مَوْعُوده , وَهُوَ الْجَنَّة مَأْتِيًّا يَأْتِيه أَوْلِيَاؤُهُ وَأَهْل طَاعَته الَّذِينَ يُدْخِلهُمُوهَا اللَّه . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : خَرَجَ الْخَبَر عَلَى أَنَّ الْوَعْد هُوَ الْمَأْتِيّ , وَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي , وَلَمْ يَقُلْ : وَكَانَ وَعْده آتِيًا , لِأَنَّ كُلّ مَا أَتَاك فَأَنْتَ تَأْتِيه , وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : أَتَيْت عَلَى خَمْسِينَ سَنَة , وَأَتَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ سَنَة , وَكُلّ ذَلِكَ صَوَاب , وَقَدْ بَيَّنْت الْقَوْل فِيهِ , وَالْهَاء فِي قَوْله { إِنَّهُ } مِنْ ذِكْر الرَّحْمَن .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَسْمَع هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة فِيهَا لَغْوًا , وَهُوَ الْهَدْي وَالْبَاطِل مِنْ الْقَوْل وَالْكَلَام { إِلَّا سَلَامًا } وَهَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع , وَمَعْنَاهُ : وَلَكِنْ يَسْمَعُونَ سَلَامًا , وَهُوَ تَحِيَّة الْمَلَائِكَة إِيَّاهُمْ . وَقَوْله : { وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } يَقُول : وَلَهُمْ طَعَامهمْ وَمَا يَشْتَهُونَ مِنْ الْمَطَاعِم وَالْمَشَارِب فِي قَدْر وَقْت الْبُكْرَة وَوَقْت الْعَشِيّ مِنْ نَهَار أَيَّام الدُّنْيَا , وَإِنَّمَا يَعْنِي أَنَّ الَّذِي بَيْن غَدَائِهِمْ وَعَشَائِهِمْ فِي الْجَنَّة قَدْر مَا بَيْن غَدَاء أَحَدنَا فِي الدُّنْيَا وَعَشَائِهِ , وَكَذَلِكَ مَا بَيْن الْعَشَاء وَالْغَدَاء وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا لَيْل فِي الْجَنَّة وَلَا نَهَار , وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ : { خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ } 41 9 و { خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام } 7 54 يَعْنِي بِهِ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا , كَمَا : 17939 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَأَلْت زُهَيْر بْن مُحَمَّد , عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَالَ : لَيْسَ فِي الْجَنَّة لَيْل , هُمْ فِي نُور أَبَد , وَلَهُمْ مِقْدَار اللَّيْل وَالنَّهَار , يَعْرِفُونَ مِقْدَار اللَّيْل بِإِرْخَاءِ الْحُجُب وَإِغْلَاق الْأَبْوَاب , وَيَعْرِفُونَ مِقْدَار النَّهَار بِرَفْعِ الْحُجُب , وَفَتْح الْأَبْوَاب . 17940 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , عَنْ خُلَيْد , عَنْ الْحَسَن , وَذَكَرَ أَبْوَاب الْجَنَّة , فَقَالَ : أَبْوَاب يُرَى ظَاهِرهَا مِنْ بَاطِنهَا , فَتَكَلَّمَ وَتَكَلَّمَ , فَتُهِمّهُمْ اِنْفَتِحِي اِنْغَلِقِي , فَتَفْعَل . 17941 - حَدَّثَنِي اِبْن حَرْب , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا عَامِر بْن يُسَاف , عَنْ يَحْيَى , قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب فِي زَمَانهمْ مَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ عَشَاء وَغَدَاء , فَذَاكَ النَّاعِم فِي أَنْفُسهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } : قَدْر مَا بَيْن غَدَائِكُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى عِشَائِكُمْ . 17942 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب إِذَا أَصَابَ أَحَدهمْ الْغَدَاء وَالْعَشَاء عَجِبَ لَهُ , فَأَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّ لَهُمْ فِي الْجَنَّة بُكْرَة وَعَشِيًّا , قَدْر ذَلِكَ الْغَدَاء وَالْعَشَاء . 17943 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَيْسَ بُكْرَة وَلَا عَشِيّ , وَلَكِنْ يُؤْتَوْنَ بِهِ عَلَى مَا كَانُوا يَشْتَهُونَ فِي الدُّنْيَا . 17944 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا } فِيهَا سَاعَتَانِ بُكْرَة وَعَشِيّ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُمْ لَيْسَ ثَمَّ لَيْل , إِنَّمَا هُوَ ضَوْء وَنُور .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ الْجَنَّة الَّتِي نُورِث مِنْ عِبَادنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذِهِ الْجَنَّة الَّتِي وَصَفْت لَكُمْ أَيّهَا النَّاس صِفَتهَا , هِيَ الْجَنَّة الَّتِي نُورِثهَا , يَقُول : نُورِث مَسَاكِن أَهْل النَّار فِيهَا { مِنْ عِبَادنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا } يَقُول : مَنْ كَانَ ذَا اِتِّقَاء عَذَاب اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه .
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مِنْ أَجْل اِسْتِبْطَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْرَائِيل بِالْوَحْيِ , وَقَدْ ذَكَرْت بَعْض الرِّوَايَة , وَنَذْكُر إِنْ شَاءَ اللَّه بَاقِي مَا حَضَرَنَا ذِكْره مِمَّا لَمْ نَذْكُر قَبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17945 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبَانَ الْعِجْلِيّ , وَقَبِيصَة وَوَكِيع ; وَحَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع قَالَ : ثنا أَبِي , جَمِيعًا عَنْ عُمَر بْن ذَرّ , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَذْكُر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ لِجَبْرَائِيلَ : " مَا يَمْنَعك أَنْ تَزُورنَا أَكْثَر مِمَّا تَزُورنَا " فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } قَالَ : هَذَا الْجَوَاب لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا عُمَر بْن ذَرّ , قَالَ : ثَنْي أَبِي , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَبْرَائِيلَ : وَمَا يَمْنَعك أَنْ تَزُورنَا أَكْثَر مِمَّا تَزُورنَا ؟ فَنَزَلَتْ { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } " * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } . ... إِلَى { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } قَالَ : اِحْتَبَسَ جَبْرَائِيل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَجَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَحَزِنَ , فَأَتَاهُ جَبْرَائِيل فَقَالَ : يَا مُحَمَّد { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } 17946 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَبِثَ جَبْرَائِيل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَانَ النَّبِيّ اِسْتَبْطَأَهُ , فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } . ... الْآيَة . 17947 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا } قَالَ : هَذَا قَوْل جَبْرَائِيل , اِحْتَبَسَ جَبْرَائِيل فِي بَعْض الْوَحْي , فَقَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا جِئْت حَتَّى اِشْتَقْت إِلَيْك " فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيل : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا } " . 17948 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } قَالَ : قَوْل الْمَلَائِكَة حِين اِسْتَرَاثَهُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَاَلَّتِي فِي الضُّحَى . 17949 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَبِثَ جَبْرَائِيل عَنْ مُحَمَّد اِثْنَتَيْ عَشْرَة لَيْلَة , وَيَقُولُونَ : قُلِيَ , فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ : " أَيْ جَبْرَائِيل لَقَدْ رِثْت عَلَيَّ حَتَّى لَقَدْ ظَنَّ الْمُشْرِكُونَ كُلّ ظَنّ " فَنَزَلَتْ : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } 17950 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } اِحْتَبَسَ عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَكَلَّمَ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ , وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى نَبِيّ اللَّه , فَأَتَاهُ جَبْرَائِيل , فَقَالَ : اِشْتَدَّ عَلَيْك اِحْتِبَاسنَا عَنْك , وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ , وَإِنَّمَا أَنَا عَبْد اللَّه وَرَسُوله , إِذَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَطَعْته { وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك } يَقُول : بِقَوْلِ رَبّك .
ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الدُّنْيَا , وَبِقَوْلِهِ : { وَمَا خَلْفنَا } الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } النَّفْخَتَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17951 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } يَعْنِي الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } النَّفْخَتَيْنِ . 17952 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ أَمْر الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ . وَقَالَ آخَرُونَ : { مَا بَيْن أَيْدِينَا } الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17953 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بَيْن أَيْدِينَا } الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا . 17954 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ أَمْر الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ أَمْر الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ . 17955 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 17956 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { مَا بَيْن أَيْدِينَا } قَالَ : مَا مَضَى أَمَامنَا مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } مَا يَكُون بَعْدنَا مِنْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } قَالَ : مَا بَيْن مَا مَضَى أَمَامهمْ , وَبَيْن مَا يَكُون بَعْدهمْ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَتَأَوَّل ذَلِكَ لَهُ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } قَبْل أَنْ نُخْلَق { وَمَا خَلْفنَا } بَعْد الْفِنَاء { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } حِين كُنَّا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا مِنْ أَمْر الْآخِرَة , لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَجِئْ وَهُوَ جَاءَ , فَهُوَ بَيْن أَيْدِيهمْ , فَإِنَّ الْأَغْلَب فِي اِسْتِعْمَال النَّاس إِذَا قَالُوا : هَذَا الْأَمْر بَيْن يَدَيْك , أَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهِ مَا لَمْ يَجِئْ , وَأَنَّهُ جَاءَ , فَلِذَلِكَ قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ . وَمَا خَلْفنَا مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَذَلِكَ مَا قَدْ خَلَّفُوهُ فَمَضَى , فَصَارَ خَلْفهمْ بِتَخْلِيفِهِمْ إِيَّاهُ , وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب لِمَا قَدْ جَاوَزَهُ الْمَرْء وَخَلَّفَهُ هُوَ خَلْفه , وَوَرَاءَهُ وَمَا بَيْن ذَلِكَ : مَا بَيْن مَا لَمْ يَمْضِ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي بَيْن ذَيْنك الْوَقْتَيْنِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِر الْأَغْلَب , وَإِنَّمَا يُحْمَل تَأْوِيل الْقُرْآن عَلَى الْأَغْلَب مِنْ مَعَانِيه , مَا لَمْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . فَتَأَمَّلْ الْكَلَام إِذَنْ : فَلَا تَسْتَبْطِئنَا يَا مُحَمَّد فِي تَخَلُّفنَا عَنْك , فَإِنَّا لَا نَتَنَزَّل مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَنَا بِالنُّزُولِ إِلَيْهَا , لِلَّهِ مَا هُوَ حَادِث مِنْ أُمُور الْآخِرَة الَّتِي لَمْ تَأْتِ وَهِيَ آتِيَة , وَمَا قَدْ مَضَى فَخَلَّفْنَاهُ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَمَا بَيْن وَقْتنَا هَذَا إِلَى قِيَام السَّاعَة . بِيَدِهِ ذَلِكَ كُلّه , وَهُوَ مَالِكه وَمُصَرِّفه , لَا يَمْلِك ذَلِكَ غَيْره , فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُحْدِث فِي سُلْطَانه أَمْرًا إِلَّا بِأَمْرِهِ إِيَّانَا بِهِ .
{ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ رَبّك ذَا نِسْيَان , فَيَتَأَخَّر نُزُولِي إِلَيْك بِنِسْيَانِهِ إِيَّاكَ بَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَعْزُب عَنْهُ شَيْء فِي السَّمَاء وَلَا فِي الْأَرْض فَتَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَكِنَّهُ أَعْلَم بِمَا يُدَبِّر وَيَقْضِي فِي خَلْقه . جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17957 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } قَالَ : مَا نَسِيَك رَبّك .
ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا وَمَا خَلْفنَا وَمَا بَيْن ذَلِكَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الدُّنْيَا , وَبِقَوْلِهِ : { وَمَا خَلْفنَا } الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } النَّفْخَتَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17951 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } يَعْنِي الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } النَّفْخَتَيْنِ . 17952 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ أَمْر الْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ . وَقَالَ آخَرُونَ : { مَا بَيْن أَيْدِينَا } الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17953 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { بَيْن أَيْدِينَا } الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا . 17954 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ أَمْر الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ أَمْر الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } مَا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ . 17955 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مَا بَيْن أَيْدِينَا } مِنْ الْآخِرَة { وَمَا خَلْفنَا } مِنْ الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 17956 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { مَا بَيْن أَيْدِينَا } قَالَ : مَا مَضَى أَمَامنَا مِنْ الدُّنْيَا { وَمَا خَلْفنَا } مَا يَكُون بَعْدنَا مِنْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } قَالَ : مَا بَيْن مَا مَضَى أَمَامهمْ , وَبَيْن مَا يَكُون بَعْدهمْ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَتَأَوَّل ذَلِكَ لَهُ { مَا بَيْن أَيْدِينَا } قَبْل أَنْ نُخْلَق { وَمَا خَلْفنَا } بَعْد الْفِنَاء { وَمَا بَيْن ذَلِكَ } حِين كُنَّا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا مِنْ أَمْر الْآخِرَة , لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَجِئْ وَهُوَ جَاءَ , فَهُوَ بَيْن أَيْدِيهمْ , فَإِنَّ الْأَغْلَب فِي اِسْتِعْمَال النَّاس إِذَا قَالُوا : هَذَا الْأَمْر بَيْن يَدَيْك , أَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهِ مَا لَمْ يَجِئْ , وَأَنَّهُ جَاءَ , فَلِذَلِكَ قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ . وَمَا خَلْفنَا مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَذَلِكَ مَا قَدْ خَلَّفُوهُ فَمَضَى , فَصَارَ خَلْفهمْ بِتَخْلِيفِهِمْ إِيَّاهُ , وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب لِمَا قَدْ جَاوَزَهُ الْمَرْء وَخَلَّفَهُ هُوَ خَلْفه , وَوَرَاءَهُ وَمَا بَيْن ذَلِكَ : مَا بَيْن مَا لَمْ يَمْضِ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي بَيْن ذَيْنك الْوَقْتَيْنِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِر الْأَغْلَب , وَإِنَّمَا يُحْمَل تَأْوِيل الْقُرْآن عَلَى الْأَغْلَب مِنْ مَعَانِيه , مَا لَمْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . فَتَأَمَّلْ الْكَلَام إِذَنْ : فَلَا تَسْتَبْطِئنَا يَا مُحَمَّد فِي تَخَلُّفنَا عَنْك , فَإِنَّا لَا نَتَنَزَّل مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض إِلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَنَا بِالنُّزُولِ إِلَيْهَا , لِلَّهِ مَا هُوَ حَادِث مِنْ أُمُور الْآخِرَة الَّتِي لَمْ تَأْتِ وَهِيَ آتِيَة , وَمَا قَدْ مَضَى فَخَلَّفْنَاهُ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَمَا بَيْن وَقْتنَا هَذَا إِلَى قِيَام السَّاعَة . بِيَدِهِ ذَلِكَ كُلّه , وَهُوَ مَالِكه وَمُصَرِّفه , لَا يَمْلِك ذَلِكَ غَيْره , فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُحْدِث فِي سُلْطَانه أَمْرًا إِلَّا بِأَمْرِهِ إِيَّانَا بِهِ .
{ وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ رَبّك ذَا نِسْيَان , فَيَتَأَخَّر نُزُولِي إِلَيْك بِنِسْيَانِهِ إِيَّاكَ بَلْ هُوَ الَّذِي لَا يَعْزُب عَنْهُ شَيْء فِي السَّمَاء وَلَا فِي الْأَرْض فَتَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَكِنَّهُ أَعْلَم بِمَا يُدَبِّر وَيَقْضِي فِي خَلْقه . جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17957 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } قَالَ : مَا نَسِيَك رَبّك .
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ يَكُنْ رَبّك يَا مُحَمَّد رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا نَسِيًّا , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَسِيًّا لَمْ يَسْتَقِمْ ذَلِكَ , وَلَهَلَكَ لَوْلَا حِفْظه إِيَّاهُ , فَالرَّبّ مَرْفُوع رَدًّا عَلَى قَوْله { رَبّك } وَقَوْله : { فَاعْبُدْهُ } يَقُول : فَالْزَمْ طَاعَته , وَذَلَّ لِأَمْرِهِ وَنَهْيه { وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } يَقُول : وَاصْبِرْ نَفْسك عَلَى النُّفُوذ لِأَمْرِهِ وَنَهْيه , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , تَفُزْ بِرِضَاهُ عَنْك , فَإِنَّهُ الْإِلَه الَّذِي لَا مِثْل لَهُ وَلَا عَدْل وَلَا شَبِيه فِي جُوده وَكَرَمه وَفَضْله .
{ هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } يَقُول : هَلْ تَعْلَم يَا مُحَمَّد لِرَبِّك هَذَا الَّذِي أَمَرْنَاك بِعِبَادَتِهِ , وَالصَّبْر عَلَى طَاعَته مِثْلًا فِي كَرَمه وَجُوده , فَتَعْبُدهُ رَجَاء فَضْله وَطُوله دُونه ؟ كَلَّا , مَا ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17958 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } يَقُول : هَلْ تَعْلَم لِلرَّبِّ مِثْلًا أَوْ شَبِيهًا . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عُثْمَان التَّنُوخِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن مَهْدِيّ , عَنْ عَبَّاد بْن عَوَّام , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَسَن بْن عُمَارَة , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : شَبِيهًا . 17959 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : لَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد فِي هَذِهِ الْآيَة { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : هَلْ تَعْلَم لَهُ شَبِيهًا , هَلْ تَعْلَم لَهُ مِثْلًا تَبَارَكَ وَتَعَالَى . 17960 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } لَا سَمِيَّ لِلَّهِ وَلَا عَدْل لَهُ , كُلّ خَلْقه يُقِرّ لَهُ , وَيَعْتَرِف أَنَّهُ خَالِقه , وَيَعْرِف ذَلِكَ , تَمَّ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه } 43 87 17961 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : يَقُول : لَا شَرِيك لَهُ وَلَا مِثْل .
{ هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } يَقُول : هَلْ تَعْلَم يَا مُحَمَّد لِرَبِّك هَذَا الَّذِي أَمَرْنَاك بِعِبَادَتِهِ , وَالصَّبْر عَلَى طَاعَته مِثْلًا فِي كَرَمه وَجُوده , فَتَعْبُدهُ رَجَاء فَضْله وَطُوله دُونه ؟ كَلَّا , مَا ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17958 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } يَقُول : هَلْ تَعْلَم لِلرَّبِّ مِثْلًا أَوْ شَبِيهًا . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عُثْمَان التَّنُوخِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن مَهْدِيّ , عَنْ عَبَّاد بْن عَوَّام , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَسَن بْن عُمَارَة , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : شَبِيهًا . 17959 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : لَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد فِي هَذِهِ الْآيَة { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : هَلْ تَعْلَم لَهُ شَبِيهًا , هَلْ تَعْلَم لَهُ مِثْلًا تَبَارَكَ وَتَعَالَى . 17960 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } لَا سَمِيَّ لِلَّهِ وَلَا عَدْل لَهُ , كُلّ خَلْقه يُقِرّ لَهُ , وَيَعْتَرِف أَنَّهُ خَالِقه , وَيَعْرِف ذَلِكَ , تَمَّ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه } 43 87 17961 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا } قَالَ : يَقُول : لَا شَرِيك لَهُ وَلَا مِثْل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُول الْإِنْسَان أَإِذَا مَا مِتّ لَسَوْفَ أُخْرَج حَيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَيَقُول الْإِنْسَان } الْكَافِر الَّذِي لَا يُصَدِّق بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت : أُخْرَج حَيًّا , فَأُبْعَث بَعْد الْمَمَات وَبَعْد الْبَلَاء وَالْفِنَاء ! إِنْكَارًا مِنْهُ ذَلِكَ .
يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { أَوَلَا يَذْكُر الْإِنْسَان } الْمُتَعَجِّب مِنْ ذَلِكَ الْمُنْكَر قُدْرَة اللَّه عَلَى إِحْيَائِهِ بَعْد فَنَائِهِ , وَإِيجَاده بَعْد عَدَمه فِي خَلْق نَفْسه , أَنَّ اللَّه خَلَقَهُ مِنْ قَبْل مَمَاته , فَأَنْشَأَهُ بَشَرًا سَوِيًّا مِنْ غَيْر شَيْء { وَلَمْ يَكُ } مِنْ قَبْل إِنْشَائِهِ إِيَّاهُ { شَيْئًا } فَيَعْتَبِر بِذَلِكَ وَيَعْلَم أَنَّ مَنْ أَنْشَأَهُ مِنْ غَيْر شَيْء لَا يَعْجِز عَنْ إِحْيَائِهِ بَعْد مَمَاته , وَإِيجَاده بَعْد فَنَائِهِ . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { أَوَلَا يَذْكُر الْإِنْسَان } فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة : { أَوَلَا يَذْكُر } بِتَخْفِيفِ الذَّال , وَقَدْ قَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَالْحِجَاز : " أَوَلَا يَذَّكَّر " بِتَشْدِيدِ الذَّال وَالْكَاف , بِمَعْنَى : أَوَلَا يَتَذَكَّر , وَالتَّشْدِيد أَعْجَب إِلَيَّ , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى جَائِزَة , لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَوَلَا يَذْكُر فَيَعْتَبِر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَوَرَبِّك لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِين ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْل جَهَنَّم جِثِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَوَرَبِّك يَا مُحَمَّد لَنَحْشُرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ : أَإِذَا مِتْنَا لَسَوْفَ نُخْرَج أَحْيَاء يَوْم الْقِيَامَة مِنْ قُبُورهمْ , مُقْرَنِينَ بِأَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الشَّيَاطِين { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْل جَهَنَّم جِثِيًّا } وَالْجُثِيّ : جَمْع الْجَاثِي . كَمَا : 17962 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنْي عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْل جَهَنَّم جِثِيًّا } يَعْنِي : الْقُعُود , وَهُوَ مِثْل قَوْله : { وَتَرَى كُلّ أُمَّة جَاثِيَة } 45 28
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَة أَيّهمْ أَشَدّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره , ثُمَّ لَآخُذَن مِنْ كُلّ جَمَاعَة مِنْهُمْ أَشَدّهمْ عَلَى اللَّه عُتُوًّا , وَتَمَرُّدًا فَلْنَبْدَأْ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17963 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلَى بْن الْأَقْمَر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَة أَيّهمْ أَشَدّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيًّا } قَالَ : نَبْدَأ بِالْأَكَابِرِ فَالْأَكَابِر جُرْمًا . 17964 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَة أَيّهمْ أَشَدّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيًّا } يَقُول : أَيّهمْ أَشَدّ لِلرَّحْمَنِ مَعْصِيَة , وَهِيَ مَعْصِيَته فِي الشِّرْك . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَيّهمْ أَشَدّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيًّا } يَقُول : عِصِيًّا . 17965 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى . وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مِنْ كُلّ شِيعَة } قَالَ : أُمَّة . وَقَوْله { عِتِيًّا } قَالَ : كُفْرًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , وَزَادَ فِيهِ اِبْن جُرَيْج : فَلَنَبْدَأَنَّ بِهِمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالشِّيعَة هُمْ الْجَمَاعَة الْمُتَعَاوِنُونَ عَلَى الْأَمْر مِنْ الْأُمُور , يُقَال مِنْ ذَلِكَ : تَشَايَعَ الْقَوْم : إِذَا تَعَاوَنُوا ; وَمِنْهُ قَوْلهمْ لِلرَّجُلِ الشُّجَاع : إِنَّهُ لِمُشِيعٍ : أَيْ مُعَانٍ , فَمَعْنَى الْكَلَام : ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ جَمَاعَة تَشَايَعَتْ عَلَى الْكُفْر بِاَللَّهِ , أَشَدّهمْ عَلَى اللَّه عُتُوًّا , فَلَنَبْدَأَنَّ بِإِصْلَائِهِ جَهَنَّم . وَالتَّشَايُع فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع : التَّفَرُّق ; وَمِنْهُ قَوْل اللَّه عَزَّ ذِكْره : { وَكَانُوا شِيَعًا } 6 159 يَعْنِي : فِرَقًا ; وَمِنْهُ قَوْل اِبْن مَسْعُود أَوْ سَعْد . إِنِّي أَكْرَه أَنْ آتِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَقُول : شَيَّعْت بَيْن أُمَّتِي , بِمَعْنَى : فَرَّقْت .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم بِاَلَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَنْزِعهُمْ مِنْ كُلّ شِيعَة أَوْلَاهُمْ بِشِدَّةِ الْعَذَاب , وَأَحَقّهمْ بِعَظِيمِ الْعُقُوبَة . وَذُكِرَ عَنْ اِبْن جُرَيْج أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17966 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم بِاَلَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا } قَالَ : أَوْلَى بِالْخُلُودِ فِي جَهَنَّم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن جُرَيْج , قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ يَنْزِعهُمْ مِنْ كُلّ شِيعَة مِنْ الْكَفَرَة أَشَدّهمْ كُفْرًا , وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا كَافِر بِاَللَّهِ إِلَّا مُخَلَّد فِي النَّار , فَلَا وَجْه وَجَمِيعهمْ مُخَلَّدُونَ فِي جَهَنَّم لِأَنْ يُقَال : ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم بِاَلَّذِينَ هُمْ أَحَقّ بِالْخُلُودِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُخَلَّدِينَ , وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم بِاَلَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِبَعْضِ طَبَقَات جَهَنَّم صِلِيًّا . وَالصِّلِيّ : مَصْدَر صَلِيَتْ تَصْلِي صِلِيًّا , وَالصِّلِيّ : فَعُول , وَلَكِنَّ وَاوهَا اِنْقَلَبَتْ يَاء فَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاء الَّتِي بَعْدهَا الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل , فَصَارَتْ يَاء مُشَدَّدَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس إِلَّا وَارِد جَهَنَّم , كَانَ عَلَى رَبّك يَا مُحَمَّد إِيرَادُهُمُوهَا قَضَاء مَقْضِيًّا , قَدْ قَضَى ذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ فِي أُمّ الْكِتَاب . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي مَعْنَى الْوُرُود الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : الدُّخُول . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 97967 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة عَنْ عَمْرو , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يُخَاصِم نَافِع بْن الْأَزْرَق , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْوُرُود : الدُّخُول , وَقَالَ نَافِع : لَا , فَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } 21 98 أَوُرُود هُوَ أَمْ لَا ؟ وَقَالَ : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة فَأَوْرَدَهُمْ النَّار وَبِئْسَ الْوِرْد الْمَوْرُود } 11 98 أَوُرُود هُوَ أَمْ لَا ؟ أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ فَسَنَدْخُلُهَا , فَانْظُرْ هَلْ نَخْرُج مِنْهَا أَمْ لَا ؟ وَمَا أَرَى اللَّه مُخْرِجك مِنْهَا بِتَكْذِيبِك , قَالَ : فَضَحِكَ نَافِع . 17968 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , قَالَ . قَالَ أَبُو رَاشِد الْحَرُورِيّ : ذَكَرُوا هَذَا فَقَالَ الْحَرُورِيّ : لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسهَا , قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَيْلك أَمَجْنُون أَنْتَ ؟ أَيْنَ قَوْله تَعَالَى : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة فَأَوْرَدَهُمْ النَّار وَبِئْسَ الْوِرْد الْمَوْرُود } 11 98 { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } , 19 86 وَقَوْله : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } وَاَللَّه إِنْ كَانَ دُعَاء مَنْ مَضَى : اللَّهُمَّ أَخْرِجْنِي مِنْ النَّار سَالِمًا , وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّة غَانِمًا . قَالَ اِبْن جُرَيْج : يَقُول : الْوُرُود الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي الْقُرْآن : الدُّخُول , لَيَرِدَنهَا كُلّ بَرّ وَفَاجِر فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة أَوْرَاد { فَأَوْرَدَهُمْ النَّار } و { حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } , وَقَوْله : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } يَعْرِف الْبَرّ وَالْفَاجِر , أَلَمْ تَسْمَع إِلَى قَوْل اللَّه تَعَالَى لِفِرْعَوْن : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة فَأَوْرَدَهُمْ النَّار وَبِئْسَ الْوِرْد الْمَوْرُود } وَقَالَ { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } فَسَمَّى الْوُرُود فِي النَّار دُخُولًا , وَلَيْسَ بِصَادِرٍ . 17969 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ بَكَّار بْن أَبِي مَرْوَان , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان , قَالَ : قَالَ أَهْل الْجَنَّة بَعْد مَا دَخَلُوا الْجَنَّة : أَلَمْ يَعِدنَا رَبّنَا الْوُرُود عَلَى النَّار ؟ قَالَ : قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ خَامِدَة . قَالَ اِبْن عَرَفَة , قَالَ مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ بَكَّار بْن أَبِي مَرْوَان , أَوْ قَالَ : جَامِدَة . 17970 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مَرْحُوم بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثني أَبُو عِمْرَان الْجَوْنِيّ , عَنْ أَبِي خَالِد قَالَ : تَكُون الْأَرْض يَوْمًا نَارًا , فَمَاذَا أَعْدَدْتُمْ لَهَا ؟ قَالَ : فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } 17971 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ الْجُرَيْرِيّ , عَنْ أَبِي السَّلِيل , عَنْ غُنَيْم بْن قَيْس , قَالَ : ذَكَرُوا وُرُود النَّار , فَقَالَ كَعْب : تَمَسّك النَّار لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْن إِهَالَة , حَتَّى يَسْتَوِي عَلَيْهَا أَقْدَام الْخَلَائِق بَرّهمْ وَفَاجِرهمْ , ثُمَّ يُنَادِيهَا مُنَادٍ : أَنْ أَمْسِكِي أَصْحَابك , وَدَعِي أَصْحَابِي , قَالَ : فَيُخْسَف بِكُلِّ وَلِيّ لَهَا , وَلَهِيَ أَعْلَم بِهِمْ مِنْ الرَّجُل بِوَلَدِهِ , وَيَخْرُج الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّة أَبْدَانهمْ . قَالَ : وَقَالَ كَعْب : مَا بَيْن مَنْكِبَيْ الْخَازِن مِنْ خَزَنَتهَا مَسِيره سَنَة , مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ عَمُود لَهُ شُعْبَتَانِ , يَدْفَع بِهِ الدَّفْعَة , فَيَصْرَع بِهِ فِي النَّار سَبْع مِائَة أَلْف . 17972 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : كَانَ أَبُو مَيْسَرَة إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشه , قَالَ : يَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدنِي , ثُمَّ يَبْكِي , فَقِيلَ : وَمَا يُبْكِيك يَا أَبَا مَيْسَرَة ؟ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَنَّا وَارِدُوهَا , وَلَمْ يُخْبِرنَا أَنَا صَادِرُونَ عَنْهَا . 17973 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ قَيْس , قَالَ : بَكَى عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة فِي مَرَضه , فَبَكَتْ اِمْرَأَته , فَقَالَ : مَا يُبْكِيك , قَالَتْ : رَأَيْتُك تَبْكِي فَبَكَيْت , قَالَ اِبْن رَوَاحَة : إِنِّي قَدْ عَلِمْت أَنِّي وَارِد النَّار فَمَا أَدْرِي أَنَاجٍ مِنْهَا أَنَا أَمْ لَا ؟ . 17974 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو دَاوُدُ بْن الزِّبْرِقَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَذْكُر عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } قَالَ : دَاخِلهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } قَالَ : يَدْخُلهَا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ قَيْس بْن أَبِي حَازِم , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة وَاضِع رَأْسه فِي حِجْر اِمْرَأَته , فَبَكَى , فَبَكَتْ اِمْرَأَته , قَالَ : مَا يُبْكِيك ؟ قَالَتْ : رَأَيْتُك تَبْكِي فَبَكَيْت , قَالَ : إِنِّي ذَكَرْت قَوْل اللَّه { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } فَلَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا , أَمْ لَا ؟ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْمَرّ عَلَيْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17975 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } يَعْنِي جَهَنَّم مَرَّ النَّاس عَلَيْهَا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } قَالَ : هُوَ الْمَرّ عَلَيْهَا . 17976 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } قَالَ : الصِّرَاط عَلَى جَهَنَّم مِثْل حَدّ السَّيْف , فَتَمُرّ الطَّبَقَة الْأُولَى كَالْبَرْقِ , وَالثَّانِيَة كَالرِّيحِ , وَالثَّالِثَة كَأَجْوَد الْخَيْل , وَالرَّابِعَة كَأَجْوَد الْبَهَائِم . ثُمَّ يَمُرُّونَ وَالْمَلَائِكَة يَقُولُونَ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْوُرُود : هُوَ الدُّخُول , وَلَكِنَّهُ عَنَى الْكُفَّار دُون الْمُؤْمِنِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17977 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن السَّائِب , عَنْ رَجُل سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقْرَؤُهَا { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } يَعْنِي الْكُفَّار , قَالَ : لَا يَرِدهَا مُؤْمِن . 17978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن الْوَلِيد الشَّنِّيّ , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } يَعْنِي الْكُفَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْوُرُود عَامّ لِكُلِّ مُؤْمِن وَكَافِر , غَيْر أَنَّ وُرُود الْمُؤْمِن الْمُرُور , وَوُرُود الْكَافِر الدُّخُول . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17979 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } وُرُود الْمُسْلِمِينَ الْمُرُور عَلَى الْجِسْر بَيْن ظَهْرَيْهَا وَوُرُود الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَدْخُلُوهَا , قَالَ : وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الزَّالُّونَ وَالزَّالَّات يَوْمئِذٍ كَثِير , وَقَدْ أَحَاطَ الْجِسْر سِمَاطَانِ مِنْ الْمَلَائِكَة , دَعْوَاهُمْ يَوْمئِذٍ يَا اللَّه سَلِّمْ سَلِّمْ " . وَقَالَ آخَرُونَ : وُرُود الْمُؤْمِن مَا يُصِيبهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ حُمَّى وَمَرَض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17980 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : الْحُمَّى حَظّ كُلّ مُؤْمِن مِنْ النَّار , ثُمَّ قَرَأَ : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } 17981 - حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُغِيرَة , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن تَمِيم , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُود رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه وَبِهِ وَعَكٌ وَأَنَا مَعَهُ , ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ اللَّه يَقُول : هِيَ نَارِي أُسَلِّطهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِن , لِتَكُونَ حَظّه مِنْ النَّار فِي الْآخِرَة " . وَقَالَ آخَرُونَ : يَرِدهَا الْجَمِيع , ثُمَّ يَصْدُر عَنْهَا الْمُؤْمِنُونَ بِأَعْمَالِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17982 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : ثني السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } قَالَ : يَرِدُونَهَا ثُمَّ يُصَدُّونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَا : ثنا شُعْبَة , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , بِنَحْوِهِ . 17983 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كُنْت عِنْد اِبْن عَبَّاس , فَأَتَاهُ رَجُل يُقَال لَهُ أَبُو رَاشِد , وَهُوَ نَافِع بْن الْأَزْرَق , فَقَالَ لَهُ : يَا اِبْن عَبَّاس أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ : أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ يَا أَبَا رَاشِد فَسَنَرِدُهَا , فَانْظُرْ هَلْ نَصْدُر عَنْهَا أَمْ لَا ؟ . 17984 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَسْأَل عَنْ الْوُرُود , فَقَالَ : " نَحْنُ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى كَوَى أَوْ كُرَى , فَوْق النَّاس , فَتُدْعَى الْأُمَم بِأَوْثَانِهَا , وَمَا كَانَتْ تَعْبُد الْأَوَّل فَالْأَوَّل , فَيَنْطَلِق بِهِمْ وَيَتَّبِعُونَهُ , قَالَ : وَيُعْطَى كُلّ إِنْسَان مُنَافِق وَمُؤْمِن نُورًا , وَيَغْشَى ظُلْمَة ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ , وَعَلَى جِسْر جَهَنَّم كَلَالِيب تَأْخُذ مَنْ شَاءَ اللَّه , فَيُطْفَأ نُور الْمُنَافِق , وَيَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ , فَتَنْجُو أَوَّل زُمْرَة كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر , وَسَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَاب عَلَيْهِمْ , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَأ نَجْم فِي السَّمَاء , ثُمَّ كَذَلِكَ , ثُمَّ تَحِلّ الشَّفَاعَة فَيُشَفَّعُونَ , وَيَخْرُج مِنْ النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مِمَّنْ فِي قَلْبه وَزْن شَعِيرَة مِنْ خَيْر , ثُمَّ يُلْقَوْنَ تِلْقَاء الْجَنَّة , وَيُهْرِيق عَلَيْهِمْ أَهْل الْجَنَّة الْمَاء , فَيَنْبُتُونَ نَبَات الشَّيْء فِي السَّيْل , ثُمَّ يَسْأَلُونَ فَيَجْعَل لَهُمْ الدُّنْيَا وَعَشْرَة أَمْثَالهَا " . 17985 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ رَجُل لِأَخِيهِ : هَلْ أَتَاك بِأَنَّك وَارِد النَّار ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ أَتَاك أَنَّك صَادِر عَنْهَا ؟ قَالَ : لَا , قَالَ : فَفِيمَ الضَّحِك ؟ قَالَ : فَمَا رُئِيَ ضَاحِكًا حَتَّى لَحِقَ بِاَللَّهِ . 17986 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ لِبُسْرِ بْن سَعِيد : إِنَّ فُلَانًا يَقُول : إِنَّ وُرُود النَّار الْقِيَام عَلَيْهَا . قَالَ بُسْر : أَمَّا أَبُو هُرَيْرَة فَسَمِعْته يَقُول : " إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة , يَجْتَمِع النَّاس نَادَى مُنَادٍ : لِيَلْحَق كُلّ أُنَاس بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ , فَيَقُوم هَذَا إِلَى الْحَجَر , وَهَذَا إِلَى الْفَرَس , وَهَذَا إِلَى الْخَشَبَة حَتَّى يَبْقَى الَّذِينَ يَعْبُدُونَ اللَّه , فَيَأْتِيهِمْ اللَّه , فَإِذَا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ , فَيَذْهَب بِهِمْ فَيَسْلُك بِهِمْ عَلَى الصِّرَاط , وَفِيهِ عَلِيق , فَعِنْد ذَلِكَ يُؤْذَن بِالشَّفَاعَةِ , فَيَمُرّ النَّاس , وَالنَّبِيُّونَ يَقُولُونَ . اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " . قَالَ بُكَيْر : فَكَانَ اِبْن عُمَيْرَة يَقُول : فَنَاجٍ مُسَلَّم وَمَنْكُوس فِي جَهَنَّم وَمَخْدُوش , ثُمَّ نَاجٍ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : يَرِدهَا الْجَمِيع ثُمَّ يَصْدُر عَنْهَا الْمُؤْمِنُونَ , فَيُنْجِيهِمْ اللَّه , وَيَهْوِي فِيهَا الْكُفَّار وَوُرُودُهُمُوهَا هُوَ مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرُورهمْ عَلَى الصِّرَاط الْمَنْصُوب عَلَى مَتْن جَهَنَّم , فَنَاجٍ مُسَلَّم وَمُكَدَّس فِيهَا . ذِكْر الْأَخْبَار الْمَرْوِيَّة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ : 17987 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أُمّ مُبَشِّر اِمْرَأَة زَيْد بْن حَارِثَة , قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْت حَفْصَة : " لَا يَدْخُل النَّار أَحَد شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة " . قَالَتْ : فَقَالَتْ حَفْصَة : يَا رَسُول اللَّه , أَلَيْسَ اللَّه يَقُول : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه : " فَمَهْ { ثُمَّ يُنَجِّي اللَّه الَّذِينَ اِتَّقَوْا } " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُدْرِك , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن حَمَّاد , قَالَ . ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أُمّ مُبَشِّر , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أُمّ مُبَشِّر , عَنْ حَفْصَة , قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُل النَّار أَحَد شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة " , قَالَتْ : فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه , أَلَيْسَ اللَّه يَقُول { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } ؟ قَالَ : " فَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُول : { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } ؟ 17988 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة بْن مُعَيْقِب , عَنْ سُلَيْمَان بْن عَمْرو بْن عَبْد الْعِتْوَارِيّ , أَحَد بَنِي لَيْث , وَكَانَ فِي حِجْر أَبِي سَعِيد , قَالَ : سَمِعْت أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُول : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " يُوضَع الصِّرَاط بَيْن ظَهْرَيْ جَهَنَّم , عَلَيْهِ حَسَك كَحَسَكِ السَّعْدَان , ثُمَّ يَسْتَجِيز النَّاس , فَنَاجٍ مُسَلَّم وَمَجْرُوح بِهِ , ثنا نَاجٍ وَمُحْتَبَس وَمُكَدَّس فِيهَا , حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّه مِنْ الْقَضَاء بَيْن الْعِبَاد تَفَقَّدَ الْمُؤْمِنُونَ رِجَالًا كَانُوا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا يُصَلُّونَ صَلَاتهمْ , وَيُزَكُّونَ زَكَاتهمْ وَيَصُومُونَ صِيَامهمْ , وَيَحُجُّونَ حَجّهمْ , وَيَغْزُونَ غَزْوهمْ , فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبّنَا عِبَاد مِنْ عِبَادك كَانُوا مَعَنَا فِي الدُّنْيَا , يُصَلُّونَ صَلَاتنَا , وَيُزَكُّونَ زَكَاتنَا , وَيَصُومُونَ صِيَامنَا , وَيَحُجُّونَ حَجّنَا , وَيَغْزُونَ غَزْونَا , لَا نَرَاهُمْ , فَيَقُول : اِذْهَبُوا إِلَى النَّار , فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْهُمْ فَأَخْرِجُوهُ , فَيَجِدُونَهُمْ قَدْ أَخَذَتْهُمْ النَّار عَلَى قَدْر أَعْمَالهمْ , فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّار إِلَى قَدَمَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى نِصْف سَاقَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى ثَدْيَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى عُنُقه وَلَمْ تَغْشَ الْوُجُوه , فَيَسْتَخْرِجُونَهُمْ مِنْهَا , فَيَطْرَحُونَهُمْ فِي مَاء الْحَيَاة " قِيلَ : وَمَا مَاء الْحَيَاة يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " غُسْل أَهْل الْجَنَّة , فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُت الزَّرْعَة فِي غُثَاء السَّيْل , ثُمَّ تُشَفَّع الْأَنْبِيَاء فِي كُلّ مَنْ كَانَ يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُخْلِصًا , فَيَسْتَخْرِجُونَهُمْ مِنْهَا , ثُمَّ يَتَحَنَّن اللَّه بِرَحْمَتِهِ عَلَى مَنْ فِيهَا , فَمَا يَتْرُك فِيهَا عَبْدًا فِي قَلْبه مِثْقَال ذَرَّة مِنْ الْإِيمَان إِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْهَا " 17989 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث بْن خَالِد , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يُؤْتَى بِالْجِسْرِ - يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة - فَيُجْعَل بَيْن ظَهْرَيْ جَهَنَّم " قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه وَمَا الْجِسْر ؟ قَالَ : " مَدْحَضَة مَزَلَّة , عَلَيْهِ خَطَاطِيف وَكَلَالِيب وَحَسَكَة مُفَلْطَحَة لَهَا شَوْكَة عُقَيْفَاء تَكُون بِنَجْدٍ , يُقَال لَهَا السَّعْدَان , يَمُرّ الْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَالْبَرْق وَكَالرِّيحِ , وَكَأَجَاوِد الْخَيْل وَالرِّكَاب , فَنَاجٍ مُسَلَّم , وَمَخْدُوش مُسَلَّم , وَمَكْدُوس فِي جَهَنَّم , ثُمَّ يَمُرّ آخِرهمْ يُسْحَب سَحْبًا , فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدّ مُنَاشَدَة لِي فِي الْحَقّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ , مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمئِذٍ لِلْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , إِذَا رَأَوْهُمْ قَدْ نَجَوْا وَبَقِيَ إِخْوَانهمْ " . 17990 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن كَثِير بْن عُفَيْر , قَالَ : ثنا اِبْن لَهِيعَة , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , قَالَ : سَأَلْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ الْوُرُود , فَقَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " هُوَ الدُّخُول , يَرِدُونَ النَّار حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا , فَآخِر مَنْ يَبْقَى رَجُل عَلَى الصِّرَاط يَزْحَف , فَيَرْفَع اللَّه لَهُ شَجَرَة , قَالَ : فَيَقُول : أَيْ رَبّ أَدْنِنِي مِنْهَا , قَالَ : فَيُدْنِيه اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهَا , قَالَ : ثُمَّ يَقُول : أَيْ رَبّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّة , قَالَ : فَيَقُول : سَلْ , قَالَ : فَيَسْأَل , قَالَ : فَيَقُول : ذَلِكَ لَك وَعَشْرَة أَضْعَافه أَوْ نَحْوهَا ; قَالَ : فَيَقُول : يَا رَبّ تَسْتَهْزِئ بِي ؟ قَالَ : فَيَضْحَك حَتَّى تَبْدُو لَهَوَاته وَأَضْرَاسه " . 17991 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْن أَيُّوب " ح " ; وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن زَيْد , عَنْ رِشْدِين , جَمِيعًا عَنْ زِيَاد بْن فَائِد , عَنْ سَهْل بْن مُعَاذ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ حَرَسَ وَرَاء الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيل اللَّه مُتَطَوِّعًا , لَا يَأْخُذهُ سُلْطَان بِحَرَسٍ , لَمْ يَرَ النَّار بِعَيْنِهِ إِلَّا تَحِلَّة الْقَسَم " . , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } " . 17992 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن الْمُسَيَّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة لَمْ تَمَسّهُ النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقَسَم " يَعْنِي : الْوُرُود .
وَأَمَّا قَوْله : { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَاهُ : كَانَ عَلَى رَبّك قَضَاء مَقْضِيًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17993 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَتْمًا } قَالَ : قَضَاء . 17994 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ قَضَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : كَانَ عَلَى رَبّك قَسَمًا وَاجِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17995 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو دَاوُدُ بْن الزِّبْرِقَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَذْكُر عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ : قَسَمًا وَاجِبًا . 17996 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } يَقُول : قَسَمًا وَاجِبًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنْت الْقَوْل فِي ذَلِكَ .
وَأَمَّا قَوْله : { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَاهُ : كَانَ عَلَى رَبّك قَضَاء مَقْضِيًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17993 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَتْمًا } قَالَ : قَضَاء . 17994 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ قَضَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : كَانَ عَلَى رَبّك قَسَمًا وَاجِبًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17995 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو دَاوُدُ بْن الزِّبْرِقَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَذْكُر عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ : قَسَمًا وَاجِبًا . 17996 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا } يَقُول : قَسَمًا وَاجِبًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ بَيَّنْت الْقَوْل فِي ذَلِكَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ نُنَجِّي مِنْ النَّار بَعْد وُرُود جَمِيعهمْ إِيَّاهَا , الَّذِينَ اِتَّقَوْا فَخَافُوهُ , بِأَدَاءِ فَرَائِضه وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَنَدَع الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَعَبَدُوا غَيْر اللَّه , وَعَصَوْا رَبّهمْ , وَخَالَفُوا أَمْره وَنَهْيه مِنْ النَّار , جِثِيًّا , يَقُول : بُرُوكًا عَلَى رُكَبهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } عَلَى رُكَبهمْ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } عَلَى رُكَبهمْ . 17998 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } قَالَ : الْجِثِيّ : شَرّ الْجُلُوس , لَا يَجْلِس الرَّجُل جَاثِيًا إِلَّا عِنْد كَرْب يَنْزِل بِهِ . 17999 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } إِنَّ النَّاس وَرَدُوا جَهَنَّم وَهِيَ سَوْدَاء مُظْلِمَة , فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَأَضَاءَتْ لَهُمْ حَسَنَاتهمْ , فَنَجَوْا مِنْهَا . وَأَمَّا الْكُفَّار فَأَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالهمْ , وَاحْتُبِسُوا بِذُنُوبِهِمْ .
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا تُتْلَى عَلَى النَّاس آيَاتنَا الَّتِي أَنْزَلْنَاهَا عَلَى رَسُولنَا مُحَمَّد بَيِّنَات , يَعْنِي وَاضِحَات لِمَنْ تَأَمَّلَهَا وَفَكَّرَ فِيهَا أَنَّهَا أَدِلَّة عَلَى مَا جَعَلَهَا اللَّه أَدِلَّة عَلَيْهِ لِعِبَادِهِ , قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَآيَاته , وَهُمْ قُرَيْش , لِلَّذِينَ آمَنُوا فَصَدَّقُوا بِهِ , وَهُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد { أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا } يَعْنِي بِالْمَقَامِ : مَوْضِع إِقَامَتهمْ , وَهِيَ مَسَاكِنهمْ وَمَنَازِلهمْ { وَأَحْسَن نَدِيًّا } وَهُوَ الْمَجْلِس , يُقَال مِنْهُ : نَدَوْت الْقَوْم أَنْدُوهُمْ نَدْوًا : إِذَا جَمَعْتهمْ فِي مَجْلِس , وَيُقَال : هُوَ فِي نَدِيّ قَوْمه وَفِي نَادِيهمْ : بِمَعْنًى وَاحِد . وَمِنْ النَّدِيّ قَوْل حَاتِم : وَدُعِيت فِي أُولِي النَّدِيّ وَلَمْ يَنْظُر إِلَيَّ بِأَعْيُنِ خُزْر وَتَأْوِيل الْكَلَام : وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات , قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا : أَيّ الْفَرِيقَيْنِ مِنَّا وَمِنْكُمْ أَوْسَع عَيْشًا , وَأَنْعَم بَالًا , وَأَفْضَل مَسْكَنًا , وَأَحْسَن مَجْلِسًا , وَأَجْمَع عَدَدًا وَغَاشِيَة فِي الْمَجْلِس , نَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا } قَالَ : الْمَقَام : الْمَنْزِل , وَالنَّدِيّ : الْمَجْلِس . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبَى ظَبْيَانَ , عَنْ اِبْن عَبَّاس بِمِثْلِهِ . 18001 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا } قَالَ : الْمَقَام : الْمَسْكَن , وَالنَّدِيّ : الْمَجْلِس وَالنِّعْمَة وَالْبَهْجَة الَّتِي كَانُوا فِيهَا , وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّه لِقَوْمِ فِرْعَوْن , حِين أَهْلَكَهُمْ وَقَصَّ شَأْنهمْ فِي الْقُرْآن فَقَالَ : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون وَكُنُوز وَمَقَام كَرِيم وَنَعْمَة كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ } 44 25 : 27 فَالْمَقَام : الْمَسْكَن وَالنَّعِيم , وَالنَّدِيّ : الْمَجْلِس وَالْمَجْمَع الَّذِي كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ , وَقَالَ اللَّه فِيمَا قَصَّ عَلَى رَسُوله فِي أَمْر لُوط إِذْ قَالَ { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنْكَر } , 29 29 وَالْعَرَب تُسَمِّي الْمَجْلِس : النَّادِي . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَأَحْسَن نَدِيًّا } يَقُول : مَجْلِسًا . 18002 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { أَيّ الْفَرِيقَيْنِ } قَالَ : قُرَيْش تَقُولهَا لِأَصْحَابِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَأَحْسَن نَدِيًّا } قَالَ : مَجَالِسهمْ , يَقُولُونَهُ أَيْضًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 18003 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا } رَأَوْا أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْشهمْ خُشُونَة , وَفِيهِمْ قَشَافَة , فَعَرَضَ أَهْل الشِّرْك بِمَا تَسْمَعُونَ قَوْله { وَأَحْسَن نَدِيًّا } يَقُول : مَجْلِسًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا } قَالَ : النَّدِيّ : الْمَجْلِس , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { فَلْيَدْعُ نَادِيه } 96 17 قَالَ : مَجْلِسه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن هُمْ أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمْ أَهْلَكْنَا يَا مُحَمَّد قَبْل هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ مِنْ أَهْل الْكُفْر لِلْمُؤْمِنِينَ , إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَات الرَّحْمَن أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا , وَأَحْسَن نَدِيًّا , مَجَالِس مِنْ قَرْن هُمْ أَكْثَر مَتَاع مَنَازِل مِنْ هَؤُلَاءِ , وَأَحْسَن مِنْهُمْ مَنْظَرًا وَأَجْمَل صُوَرًا , فَأَهْلَكْنَا أَمْوَالهمْ , وَغَيَّرْنَا صُوَرهمْ ; وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل عَلْقَمَة بْن عَبْدَة : كُمَيْت كَلَوْنِ الْأُرْجُوَان نَشَرْته لِبَيْعِ الرِّئْي فِي الصُّوَان الْمُكَعَّب يَعْنِي بِالصُّوَانِ : التَّخْت الَّذِي تُصَان فِيهِ الثِّيَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } قَالَ : الرِّئْي : الْمَنْظَر , وَالْأَثَاث : الْمَتَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ شُعْبَة عَنْ سُلَيْمَان عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الرِّئْي الْمَنْظَر . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } يَقُول : مَنْظَرًا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } الْأَثَاث : الْمَال , وَالرِّئْي : الْمَنْظَر . 18005 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله { أَثَاثًا وَرِئْيًا } قَالَ : الْأَثَاث : أَحْسَن الْمَتَاع , وَالرِّئْي : قَالَ : الْمَال . 18006 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن هُمْ أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } : أَيْ أَكْثَر مَتَاعًا وَأَحْسَن مَنْزِلَة وَمُسْتَقَرًّا , فَأَهْلَكَ اللَّه أَمْوَالهمْ , وَأَفْسَدَ صُوَرهمْ عَلَيْهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } قَالَ : أَحْسَن صُوَرًا , وَأَكْثَر أَمْوَالًا . 18007 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أَثَاثًا } قَالَ : الْمَتَاع { وَرِئْيًا } قَالَ : فِيمَا يَرَى النَّاس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَبِشْر بْن مُعَاذ , قَالَا : ثنا جَرِير بْن قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : الْأَثَاث : الْمَال , وَالرِّئْي : الْمَنْظَر الْحَسَن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَرِئْيًا } : مَنْظَرًا فِي اللَّوْن وَالْحَسَن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَرِئْيًا } مَنْظَرًا فِي اللَّوْن وَالْحُسْن . 18008 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَحْسَن أَثَاثًا وَرِئْيًا } قَالَ : الرِّئْي : الْمَنْظَر , وَالْأَثَاث : الْمَتَاع , أَحْسَن مَتَاعًا , وَأَحْسَن مَنْظَرًا . 18009 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول فِي قَوْله : { أَحْسَن أَثَاثًا } يَعْنِي الْمَال { وَرِئْيًا } يَعْنِي : الْمَنْظَر الْحَسَن . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة : " وَرِيًّا " غَيْر مَهْمُوز , وَذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ يَتَوَجَّه لِوَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون قَارِئُهُ أَرَادَ الْهَمْزَة , فَأَبْدَلَ مِنْهَا يَاء , فَاجْتَمَعَتْ الْيَاء الْمُبْدَلَة مِنْ الْهَمْز وَالْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل , فَأُدْغِمَتَا , فَجُعِلَتَا يَاء وَاحِدَة مُشَدَّدَة لِيَلْحَقُوا ذَلِكَ , إِذْ كَانَ رَأْس آيَة , بِنَظَائِرِهِ مِنْ سَائِر رُءُوس الْآيَات قَبْله وَبَعْده ; وَالْآخَر أَنْ يَكُون مِنْ رَوَيْت أَرْوِي رَوِيَّة وَرِيًّا , وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن , هُمْ أَحْسَن مَتَاعًا , وَأَحْسَن نَظَرًا لِمَالِهِ , وَمَعْرِفَة لِتَدْبِيرِهِ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : مَا أَحْسَن رُؤْيَة فُلَان فِي هَذَا الْأَمْر إِذَا كَانَ حَسَن النَّظَر فِيهِ وَالْمَعْرِفَة بِهِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة { وَرِئْيًا } بِهَمْزِهَا , بِمَعْنَى : رُؤْيَة الْعَيْن , كَأَنَّهُ أَرَادَ : أَحْسَن مَتَاعًا وَمِرْآة . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَرَأَ : " أَحْسَن أَثَاثًا وَزِيًّا " , بِالزَّايِ , كَأَنَّهُ أَرَادَ أَحْسَن مَتَاعًا وَهَيْئَة وَمَنْظَرًا , وَذَلِكَ أَنَّ الزِّيّ هُوَ الْهَيْئَة وَالْمَنْظَر مِنْ قَوْلهمْ : زُيِّيَتْ الْجَارِيَة , بِمَعْنَى : زَيَّنْتهَا وَهَيَّأْتهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { أَثَاثًا وَرِئْيًا } بِالرَّاءِ وَالْهَمْز , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : الْمَنْظَر , وَذَلِكَ هُوَ مِنْ رُؤْيَة الْعَيْن , لَا مِنْ الرُّؤْيَة , فَلِذَلِكَ كَانَ الْمَهْمُوز أَوْلَى بِهِ , فَإِنْ قَرَأَ قَارِئ ذَلِكَ بِتَرْكِ الْهَمْز , وَهُوَ يُرِيد هَذَا الْمَعْنَى , فَغَيْر مُخْطِئ فِي قِرَاءَته . وَأَمَّا قِرَاءَته بِالزَّايِ فَقِرَاءَة خَارِجَة . عَنْ قِرَاءَة الْقُرَّاء , فَلَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَة بِهَا لِخِلَافِهَا قِرَاءَتهمْ , وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي التَّأْوِيل وَجْه صَحِيح . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْأَثَاث أَجَمْع هُوَ أَمْ وَاحِد , فَكَانَ الْأَحْمَر فِيمَا ذُكِرَ لِي عَنْهُ يَقُول : هُوَ جَمْع , وَاحِدَتهَا أَثَاثَة , كَمَا الْحَمَام جَمْع وَاحِدَتهَا حَمَامَة . وَالسَّحَاب جَمْع وَاحِدَتهَا سَحَابَة . وَأَمَّا الْفَرَّاء فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول : لَا وَاحِد لَهُ , كَمَا أَنَّ لِلْمَتَاعِ لَا وَاحِد لَهُ . قَالَ : وَالْعَرَب تَجْمَع الْمَتَاع : أَمْتِعَة , وَأَمَاتِيع , وَمُتَع . قَالَ : وَلَوْ جَمَعْت الْأَثَاث لَقُلْت : ثَلَاثَة آثَّة وَأُثُث . وَأَمَّا الرِّئْي فَإِنَّ جَمْعه : آرَاء .
قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَن مَدًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمْ , الْقَائِلِينَ : إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا , أَيّ الْفَرِيقَيْنِ مِنَّا وَمِنْكُمْ خَيْر مَقَامًا وَأَحْسَن نَدِيًّا . مَنْ كَانَ مِنَّا وَمِنْكُمْ فِي الضَّلَالَة جَائِرًا عَنْ طَرِيق الْحَقّ . سَالِكًا غَيْر سَبِيل الْهُدَى , { فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَن مَدًّا } يَقُول : فَلْيُطَوِّلْ لَهُ اللَّه فِي ضَلَالَته , وَلْيُمْلِهِ فِيهَا إِمْلَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18010 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فِي الضَّلَالَة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَن مَدًّا } فَلْيَدَعْهُ اللَّه فِي طُغْيَانه . * - وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَى حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ لَهُمْ : مَنْ كَانَ مِنَّا وَمِنْكُمْ فِي الضَّلَالَة , فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَن فِي ضَلَالَته إِلَى أَنْ يَأْتِيهِمْ أَمْر اللَّه , إِمَّا عَذَاب عَاجِل , أَوْ يَلْقَوْا رَبّهمْ عِنْد قِيَام السَّاعَة الَّتِي وَعَدَ اللَّه خَلْقه أَنْ يَجْمَعهُمْ لَهَا , فَإِنَّهُمْ إِذَا أَتَاهُمْ وَعْد اللَّه بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرّ مَكَانًا } وَمَسْكَنًا مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ { وَأَضْعَف جُنْدًا } أَهُمْ أَمْ أَنْتُمْ ؟ وَيَتَبَيَّنُونَ حِينَئِذٍ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا , وَأَحْسَن نَدِيًّا .
وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَاب وَإِمَّا السَّاعَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ لَهُمْ : مَنْ كَانَ مِنَّا وَمِنْكُمْ فِي الضَّلَالَة , فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَن فِي ضَلَالَته إِلَى أَنْ يَأْتِيهِمْ أَمْر اللَّه , إِمَّا عَذَاب عَاجِل , أَوْ يَلْقَوْا رَبّهمْ عِنْد قِيَام السَّاعَة الَّتِي وَعَدَ اللَّه خَلْقه أَنْ يَجْمَعهُمْ لَهَا , فَإِنَّهُمْ إِذَا أَتَاهُمْ وَعْد اللَّه بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرّ مَكَانًا } وَمَسْكَنًا مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ { وَأَضْعَف جُنْدًا } أَهُمْ أَمْ أَنْتُمْ ؟ وَيَتَبَيَّنُونَ حِينَئِذٍ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا , وَأَحْسَن نَدِيًّا .
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَزِيد اللَّه الَّذِينَ اِهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر مَرَدًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَزِيد اللَّه مَنْ سَلَكَ قَصْد الْمَحَجَّة , وَاهْتَدَى لِسَبِيلِ الرُّشْد , فَآمَنَ بِرَبِّهِ , وَصَدَّقَ بِآيَاتِهِ , فَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ , وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ هُدًى بِمَا يَتَجَدَّد لَهُ مِنْ الْإِيمَان بِالْفَرَائِضِ الَّتِي يَفْرِضهَا عَلَيْهِ . وَيُقِرّ بِلُزُومِ فَرْضهَا إِيَّاهُ , وَيَعْمَل بِهَا , فَذَلِكَ زِيَادَة مِنْ اللَّه فِي اِهْتِدَائِهِ بِآيَاتِهِ هُدًى عَلَى هُدَاهُ , وَذَلِكَ نَظِير قَوْله : { وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } . 9 124 وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل ذَلِكَ : وَيَزِيد اللَّه الَّذِينَ اِهْتَدَوْا هُدًى بِنَاسِخِ الْقُرْآن وَمَنْسُوخه , فَيُؤْمِن بِالنَّاسِخِ , كَمَا آمَنَ مِنْ قَبْل بِالْمَنْسُوخِ , فَذَلِكَ زِيَادَة هُدَى مِنْ اللَّه لَهُ عَلَى هُدَاهُ مِنْ قَبْل { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْأَعْمَال الَّتِي أَمَرَ اللَّه بِهَا عِبَاده وَرَضِيَهَا مِنْهُمْ . الْبَاقِيَات لَهُمْ غَيْر الْفَانِيَات الصَّالِحَات , خَيْر عِنْد رَبّك جَزَاء لِأَهْلِهَا { وَخَيْر مَرَدًّا } عَلَيْهِمْ مِنْ مَقَامَات هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ , وَأَنْدِيَتهمْ الَّتِي يَفْتَخِرُونَ بِهَا عَلَى أَهْل الْإِيمَان فِي الدُّنْيَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , وَذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ , وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِيهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . 18011 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَر بْن رَاشِد , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , قَالَ : جَلَسَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات يَوْم , فَأَخَذَ عُودًا يَابِسًا , فَحَطَّ وَرَقه ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَالْحَمْد لِلَّهِ وَسُبْحَان اللَّه , تَحُطّ الْخَطَايَا , كَمَا تَحُطّ وَرَق هَذِهِ الشَّجَرَة الرِّيح , خُذْهُنَّ يَا أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ أَنْ يُحَال بَيْنك وَبَيْنهنَّ , هُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , وَهُنَّ مِنْ كُنُوز الْجَنَّة " , قَالَ أَبُو سَلَمَة : فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء إِذَا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيث قَالَ : لَأُهَلِّلَن اللَّه , وَلَأُكَبِّرَن اللَّه , وَلَأُسَبِّحَن اللَّه , حَتَّى إِذَا رَأْنِي الْجَاهِل حَسِبَ أَنِّي مَجْنُون .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَفَرَأَيْت } يَا مُحَمَّد { الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا } حَجَجْنَا فَلَمْ يُصَدِّق بِهَا , وَأَنْكَرَ وَعِيدنَا مِنْ أَهْل الْكُفْر { وَقَالَ } وَهُوَ بِاَللَّهِ كَافِر وَبِرَسُولِهِ { لَأُوتَيَنَّ } فِي الْآخِرَة { مَالًا وَوَلَدًا } . وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَات أُنْزِلَتْ فِي الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ أَبِي عَمْرو بْن الْعَاص . ذَكَرَ الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 18012 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب وَسَعِيد بْن يَحْيَى , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ خَبَّاب , قَالَ : كُنْت رَجُلًا قَيْنًا , وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاص بْن وَائِل دَيْن , فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ , فَقَالَ : وَاَللَّه لَا أَقْضِيك حَتَّى تَكْفُر بِمُحَمَّدٍ , فَقُلْت : وَاَللَّه لَا أَكْفُر بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوت ثُمَّ تُبْعَث , قَالَ : فَقَالَ : فَإِذَا أَنَا مِتّ ثُمَّ بُعِثْت كَمَا تَقُول , جِئْتنِي وَلِي مَال وَوَلَد , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : { أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الْغَيْب أَمْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } . ... إِلَى قَوْله : { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو السَّائِب , وَقَرَأَ فِي الْحَدِيث : وَوَلَدًا . 18013 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ بِدَيْنٍ , فَأَتَوْهُ يَتَقَاضَوْنَهُ , فَقَالَ : أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ فِي الْجَنَّة فِضَّة وَذَهَبًا وَحَرِيرًا , وَمِنْ كُلّ الثَّمَرَات ؟ قَالُوا : بَلَى , قَالَ : فَإِنَّ مَوْعِدكُمْ الْآخِرَة , فَوَاَللَّهِ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا , وَلَأُوتَيَنَّ مِثْل كِتَابكُمْ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ , فَضَرَبَ اللَّه مَثَله فِي الْقُرْآن , فَقَالَ : { أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا } . ... إِلَى قَوْله { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } 18014 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا } قَالَ : الْعَاص بْن وَائِل يَقُولهُ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ . ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 18015 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا } فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَتَوْا رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَتَقَاضَوْنَهُ دَيْنًا , فَقَالَ : أَلَيْسَ يَزْعُم صَاحِبكُمْ أَنَّ فِي الْجَنَّة حَرِيرًا وَذَهَبًا ؟ قَالُوا : بَلَى , قَالَ فَمِيعَادكُمْ الْجَنَّة , فَوَاَللَّهِ لَا أُؤْمِن بِكِتَابِكُمْ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ , اِسْتِهْزَاء بِكِتَابِ اللَّه , وَلَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا . يَقُول اللَّه : { أَطَّلَعَ الْغَيْب أَمْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } ؟ 18016 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَ خَبَّاب بْن الْأَرَتّ : كُنْت قَيْنًا بِمَكَّة , فَكُنْت أَعْمَل لِلْعَاصِ بْن وَائِل , فَاجْتَمَعَتْ لِي عَلَيْهِ دَرَاهِم , فَجِئْت لِأَتَقَاضَاهُ , فَقَالَ لِي : لَا أَقْضِيك حَتَّى تَكْفُر بِمُحَمَّدٍ , قَالَ : قُلْت : لَا أَكْفُر بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوت ثُمَّ تُبْعَث , قَالَ : فَإِذَا بُعِثْت كَانَ لِي مَال وَوَلَد , قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا } . ... إِلَى { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { وَوَلَدًا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { وَوَلَدًا } بِفَتْحِ الْوَاو مِنْ الْوَلَد فِي كُلّ الْقُرْآن , غَيْر أَنَّ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء خَصَّ الَّتِي فِي سُورَة نُوح بِالضَّمِّ , فَقَرَأَهَا : { مَاله وَوُلْده } . وَأَمَّا عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة غَيْر عَاصِم , فَإِنَّهُمْ قَرَءُوا مِنْ هَذِهِ السُّورَة مِنْ قَوْله { مَالًا وَوَلَدًا } إِلَى آخِر السُّورَة , وَاللَّتَيْنِ فِي الزُّخْرُف , وَاَلَّتِي فِي نُوح , بِالضَّمِّ وَسُكُون اللَّام . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا ضُمَّتْ وَاوه , فَقَالَ بَعْضهمْ : ضَمّهَا وَفَتْحهَا وَاحِد , وَإِنَّمَا هُمَا لُغَتَانِ , مِثْل قَوْلهمْ الْعَدَم وَالْعُدْم , وَالْحَزَن وَالْحُزْن . وَاسْتَشْهَدُوا لِقِيلِهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : فَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ فِي بَطْن أُمّه وَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ وُلْد حِمَار وَيَقُول الْحَارِث بْن حِلِّزَة : وَلَقَدْ رَأَيْت مَعَاشِرًا قَدْ ثَمَّرُوا مَالًا وَوُلْدَا وَقَوْل رُؤْبَة : الْحَمْد لِلَّهِ الْعَزِيز فَرْدًا لَمْ يَتَّخِذ مِنْ وُلْد شَيْء وُلْدَا وَتَقُول الْعَرَب فِي مِثْلهَا : وُلْدك مَنْ دَمَّى عَقِبَيْك , قَالَ : وَهَذَا كُلّه وَاحِد , بِمَعْنَى الْوَلَد . وَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ قَيْسًا تَجْعَل الْوُلْد جَمْعًا , وَالْوَلَد وَاحِدًا . وَلَعَلَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِالضَّمِّ فِيمَا اِخْتَارُوا فِيهِ الضَّمّ , إِنَّمَا قَرَءُوهُ كَذَلِكَ لِيُفَرِّقُوا بَيْن الْجَمْع وَالْوَاحِد . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْفَتْح فِي الْوَاو مِنْ الْوَلَد وَالضَّمّ فِيهَا بِمَعْنًى وَاحِد , وَهُمَا لُغَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب , غَيْر أَنَّ الْفَتْح أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ فِيهَا . فَالْقِرَاءَة بِهِ أَعْجَب إِلَيَّ لِذَلِكَ .
وَقَوْله : { أَطَّلَعَ الْغَيْب } يَقُول عَزَّ ذِكْره : أَعْلَمَ هَذَا الْقَائِل هَذَا الْقَوْل عِلْم الْغَيْب , فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ فِي الْآخِرَة مَالًا وَوَلَدًا بِاطِّلَاعِهِ عَلَى عِلْم مَا غَابَ عَنْهُ { أَمْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } يَقُول : أَمْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَ بِهِ , وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ , فَكَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْد اللَّه عَهْدًا أَنْ يُؤْتِيه مَا يَقُول مِنْ الْمَال وَالْوَلَد , كَمَا : 18017 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَطَّلَعَ الْغَيْب أَمْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } بِعَمَلٍ صَالِح قَدَّمَهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُول وَنَمُدّ لَهُ مِنْ الْعَذَاب مَدًّا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { كَلَّا } : لَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ , مَا اِطَّلَعَ الْغَيْب , فَعُلِمَ صِدْق مَا يَقُول , وَحَقِيقَة مَا يُذْكَر , وَلَا اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ , بَلْ كَذَّبَ وَكَفَرَ . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { سَنَكْتُبُ مَا يَقُول } : أَيْ سَنَكْتُبُ مَا يَقُول هَذَا الْكَافِر بِرَبِّهِ , الْقَائِل { لَأُوتَيَنَّ } فِي الْآخِرَة { مَالًا وَوَلَدًا وَنَمُدّ لَا مِنْ الْعَذَاب مَدًّا } يَقُول : وَنَزِيدهُ مِنْ الْعَذَاب فِي جَهَنَّم بِقِيلِهِ الْكَذِب وَالْبَاطِل فِي الدُّنْيَا , زِيَادَة عَلَى عَذَابه بِكُفْرِهِ بِاَللَّهِ .
وَقَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَنَسْلُب هَذَا الْقَائِل : لَأُوتَيَنَّ فِي الْآخِرَة مَالًا وَوَلَدًا , مَاله وَوَلَده , وَيَصِير لَنَا مَاله وَوَلَده دُونه , وَيَأْتِينَا هُوَ يَوْم الْقِيَامَة فَرْدًا , وَحْده لَا مَال مَعَهُ وَلَا وَلَد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18018 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول } : مَاله وَوَلَده , وَذَلِكَ الَّذِي قَالَ الْعَاص بْن وَائِل . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 18019 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول وَيَأْتِينَا فَرْدًا } : لَا مَال لَهُ وَلَا وَلَد . 18020 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول } قَالَ : مَا عِنْده , وَهُوَ قَوْله { لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا } وَفِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : وَنَرِثهُ مَا عِنْده . 18021 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول } قَالَ : مَا جَمَعَ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَمِلَ فِيهَا . قَالَ : { وَيَأْتِينَا فَرْدًا } قَالَ : فَرْدًا مِنْ ذَلِكَ , لَا يَتْبَعهُ قَلِيل وَلَا كَثِير . 18022 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَنَرِثهُ مَا يَقُول } : نَرِثهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاِتَّخَذَ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك آلِهَة يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه , لِتَكُونَ هَؤُلَاءِ الْآلِهَة لَهُمْ عِزًّا , يَمْنَعُونَهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , وَيَتَّخِذُونَ عِبَادَتَهُمُوهَا عِنْد اللَّه زُلْفَى .
وَقَوْله : { كَلَّا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : لَيْسَ الْأَمْر كَمَا ظَنُّوا وَأَمْلَوْا مِنْ هَذِهِ الْآلِهَة الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه , فِي أَنَّهَا تُنْقِذهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , وَتُنْجِيهِمْ مِنْهُ , وَمِنْ سُوء إِنْ أَرَادَهُ بِهِمْ رَبّهمْ . وَقَوْله : { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَلَكِنْ سَيَكْفُرُ الْآلِهَة فِي الْآخِرَة بِعِبَادَةِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَوْم الْقِيَامَة إِيَّاهَا , وَكُفْرهمْ بِهَا قِيلهمْ لِرَبِّهِمْ : تَبَرَّأْنَا إِلَيْك مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ , فَجَحَدُوا أَنْ يَكُونُوا عَبَدُوهُمْ أَوْ أَمَرُوهُمْ بِذَلِكَ , وَتَبَرَّءُوا مِنْهُمْ , وَذَلِكَ كُفْرهمْ بِعِبَادَتِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَكُون آلِهَتهمْ عَلَيْهِمْ عَوْنًا , وَقَالُوا : الضِّدّ : الْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18023 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } يَقُول : أَعْوَانًا . 18024 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : عَوْنًا عَلَيْهِمْ تُخَاصِمهُمْ وَتُكَذِّبهُمْ . 18025 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : أَوْثَانهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِالضِّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْقُرَنَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18026 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } يَقُول : يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ قُرَنَاء . 18027 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قُرَنَاء فِي النَّار , يَلْعَن بَعْضهمْ بَعْضًا , وَيَتَبَرَّأ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { ضِدًّا } قَالَ : قُرَنَاء فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الضِّدّ هَهُنَا : الْعَدُوّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18028 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : أَعْدَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الضِّدّ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْبَلَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18029 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ بَلَاء . الضِّدّ : الْبَلَاء , وَالضِّدّ فِي كَلَام الْعَرَب : هُوَ الْخِلَاف , يُقَال : فُلَان يُضَادّ فُلَانًا فِي كَذَا , إِذَا كَانَ يُخَالِفهُ فِي صَنِيعه , فَيُفْسِد مَا أَصْلَحَهُ , وَيُصْلِح مَا أَفْسَدَهُ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَكَانَتْ آلِهَة هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع يَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ , وَيَنْتِفُونَ يَوْمئِذٍ , صَارُوا لَهُمْ أَضْدَادًا , فَوُصِفُوا بِذَلِكَ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَوْحِيد الضِّدّ , وَهُوَ صِفَة لِجَمَاعَةٍ . فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : وَحَد لِأَنَّهُ يَكُون جَمَاعَة , وَوَاحِدًا مِثْل الرَّصَد وَالْأَرْصَاد . قَالَ : وَيَكُون الرَّصَد أَيْضًا لِجَمَاعَةٍ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة وَحَد , لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَوْنًا , وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا نُهَيْك كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ , كَمَا : 18030 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا نُهَيْك الْأَزْدِيّ يَقْرَأ : { كَلَّا سَيَكْفُرُونَ } يَعْنِي الْآلِهَة كُلّهَا أَنَّهُمْ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَكُون آلِهَتهمْ عَلَيْهِمْ عَوْنًا , وَقَالُوا : الضِّدّ : الْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18023 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } يَقُول : أَعْوَانًا . 18024 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : عَوْنًا عَلَيْهِمْ تُخَاصِمهُمْ وَتُكَذِّبهُمْ . 18025 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : أَوْثَانهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِالضِّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْقُرَنَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18026 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } يَقُول : يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ قُرَنَاء . 18027 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قُرَنَاء فِي النَّار , يَلْعَن بَعْضهمْ بَعْضًا , وَيَتَبَرَّأ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { ضِدًّا } قَالَ : قُرَنَاء فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الضِّدّ هَهُنَا : الْعَدُوّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18028 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : أَعْدَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الضِّدّ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْبَلَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18029 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } قَالَ : يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ بَلَاء . الضِّدّ : الْبَلَاء , وَالضِّدّ فِي كَلَام الْعَرَب : هُوَ الْخِلَاف , يُقَال : فُلَان يُضَادّ فُلَانًا فِي كَذَا , إِذَا كَانَ يُخَالِفهُ فِي صَنِيعه , فَيُفْسِد مَا أَصْلَحَهُ , وَيُصْلِح مَا أَفْسَدَهُ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَكَانَتْ آلِهَة هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع يَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ , وَيَنْتِفُونَ يَوْمئِذٍ , صَارُوا لَهُمْ أَضْدَادًا , فَوُصِفُوا بِذَلِكَ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه تَوْحِيد الضِّدّ , وَهُوَ صِفَة لِجَمَاعَةٍ . فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : وَحَد لِأَنَّهُ يَكُون جَمَاعَة , وَوَاحِدًا مِثْل الرَّصَد وَالْأَرْصَاد . قَالَ : وَيَكُون الرَّصَد أَيْضًا لِجَمَاعَةٍ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة وَحَد , لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَوْنًا , وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا نُهَيْك كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ , كَمَا : 18030 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا نُهَيْك الْأَزْدِيّ يَقْرَأ : { كَلَّا سَيَكْفُرُونَ } يَعْنِي الْآلِهَة كُلّهَا أَنَّهُمْ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزّهُمْ أَزًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين عَلَى أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ { تَؤُزّهُمْ } يَقُول : تُحَرِّكهُمْ بِالْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَال , فَتُزْعِجهُمْ إِلَى مَعَاصِي اللَّه , وَتُغْرِيهِمْ بِهَا حَتَّى يُوَاقِعُوهَا { أَزًّا } إِزْعَاجًا وَإِغْوَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18031 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَزًّا } يَقُول : تُغْرِيهِمْ إِغْرَاء . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جَرِيح , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : تَؤُزّ الْكَافِرِينَ إِغْرَاء فِي الشِّرْك : اِمْضِ اِمْضِ فِي هَذَا الْأَمْر , حَتَّى تُوقِعهُمْ فِي النَّار , اِمْضُوا فِي الْغَيّ اِمْضُوا . 18032 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو إِدْرِيس , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله { تَؤُرّهُمْ أَزًّا } قَالَ : تُغْرِيهِمْ إِغْرَاء . 18033 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَؤُزّهُمْ أَزًّا } قَالَ : تُزْعِجهُمْ إِزْعَاجًا فِي مَعْصِيَة اللَّه . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْل اللَّه { تَؤُزّهُمْ أَزًّا } قَالَ : تُزْعِجهُمْ إِلَى مَعَاصِي اللَّه إِزْعَاجًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { تَؤُزّهُمْ أَزًّا } قَالَ تُزْعِجهُمْ إِزْعَاجًا فِي مَعَاصِي اللَّه . 18034 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزّهُمْ أَزًّا } فَقَرَأَ : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين } 43 36 قَالَ : تَؤُزّهُمْ أَزًّا , قَالَ : تُشْلِيهِمْ إِشْلَاء عَلَى مَعَاصِي اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَتُغْرِيهِمْ عَلَيْهَا , كَمَا يَنْوِي الْإِنْسَان الْآخَر عَلَى الشَّيْء . يُقَال مِنْهُ : أَزَزْت فُلَانًا بِكَذَا , إِذَا أَغْرَيْته بِهِ أَؤُزّهُ أَزًّا وَأَزِيزًا , وَسَمِعْت أَزِيز الْقِدْر : وَهُوَ صَوْت غَلَيَانهَا عَلَى النَّار ; وَمِنْهُ حَدِيث مُطَرِّف عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي , وَلِجَوْفِهِ أَزِيز كَأَزِيزِ الْمِرْجَل .
وَقَوْله : { فَلَا تَعْجَل عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدّ لَهُمْ عَدًّا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَلَا تَعْجَل عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ بِطَلَبِ الْعَذَاب لَهُمْ وَالْهَلَاك , يَا مُحَمَّد { إِنَّمَا نَعُدّ لَهُمْ عَدًّا } يَقُول : فَإِنَّمَا نُؤَخِّر إِهْلَاكهمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا , وَنَحْنُ نَعُدّ أَعْمَالهمْ كُلّهَا وَنُحْصِيهَا حَتَّى أَنْفَاسهمْ لِنُجَازِيَهُمْ عَلَى جَمِيعهَا , وَلَمْ نَتْرُك تَعْجِيل هَلَاكهمْ لِخَيْرِ أَرَدْنَاهُ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18035 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّمَا نَعُدّ لَهُمْ عَدًّا } يَقُول : أَنْفَاسهمْ الَّتِي يَتَنَفَّسُونَ فِي الدُّنْيَا , فَهِيَ مَعْدُودَة كَسِنِّهِمْ وَآجَالهمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَوْم نَجْمَع الَّذِينَ اِتَّقُوا فِي الدُّنْيَا فَخَافُوا عِقَابه , فَاجْتَنِبُوا لِذَلِكَ مَعَاصِيه , وَأَدَّوْا فَرَائِضه إِلَى رَبّهمْ { وَفْدًا } يَعْنِي بِالْوَفْدِ : الرُّكْبَان . يُقَال : وَفَدْت عَلَى فُلَان : إِذَا قَدِمْت عَلَيْهِ , وَأَوْفَدَ الْقَوْم وَفْدًا عَلَى أَمِيرهمْ , إِذَا بَعَثُوا قَبْلهمْ بَعْثًا . وَالْوَفْد فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى الْجَمْع , وَلَكِنَّهُ وَاحِد , لِأَنَّهُ مَصْدَر وَاحِدهمْ وَافِد , وَقَدْ يُجْمَع الْوَفْد : الْوُفُود , كَمَا قَالَ بَعْض بَنِي حَنِيفَة : إِنِّي لَمُمْتَدِح فَمَا هُوَ صَانِع رَأْس الْوُفُود مُزَاحِم بْن جِسَاس وَقَدْ يَكُون الْوُفُود فِي هَذَا الْمَوْضِع جَمْع وَافِد , كَمَا الْجُلُوس جَمْع جَالِس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18036 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ النُّعْمَان بْن سَعْد , عَنْ عَلِيّ , فِي قَوْله : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَلَدًا } قَالَ : أَمَا وَاَللَّه مَا يُحْشَر الْوَفْد عَلَى أَرْجُلهمْ , وَلَا يُسَاقُونَ سَوْقًا , وَلَكِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِنُوقٍ لَمْ يَرَ الْخَلَائِق مِثْلهَا , عَلَيْهَا رِحَال الذَّهَب , وَأَزِمَّتهَا الزَّبَرْجَد , فَيَرْكَبُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَضْرِبُوا أَبْوَاب الْجَنَّة . 18037 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } قَالَ : عَلَى الْإِبِل . 18038 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } يَقُول : رُكْبَانًا . 18039 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس الْمُلَائِيّ , قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْره اِسْتَقْبَلَهُ أَحْسَن صُورَة , وَأَطْيَبهَا رِيحًا , فَيَقُول : هَلْ تَعْرِفنِي ؟ فَيَقُول : لَا إِلَّا أَنَّ اللَّه طَيَّبَ رِيحك وَحَسَّنَ صُورَتك , فَيَقُول : كَذَلِكَ كُنْت فِي الدُّنْيَا أَنَا عَمَلك الصَّالِح طَالَمَا رَكِبْتُك فِي الدُّنْيَا , فَارْكَبْنِي أَنْتَ الْيَوْم , وَتَلَا : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } 18040 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } قَالَ : وَفْدًا إِلَى الْجَنَّة . 18041 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } قَالَ : عَلَى النَّجَائِب . 18042 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان الثَّوْرِيّ يَقُول : { يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا } قَالَ : عَلَى الْإِبِل النُّوق .
وَقَوْله : { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنَسُوق الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إِلَى جَهَنَّم عِطَاشًا . وَالْوِرْد : مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : وَرَدْت كَذَا أَرِدهُ وِرْدًا , وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَع , وَقَدْ وُصِفَ بِهِ الْجَمْع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18043 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } يَقُول : عِطَاشًا . 18044 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } قَالَ : عِطَاشًا . 18045 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَالْفَضْل بْن صَبَاح , قَالَا : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول فِي قَوْله : { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } قَالَ : عِطَاشًا . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . 18046 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } قَالَ : ظِمَاء إِلَى النَّار . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } سُوقُوا إِلَيْهَا وَهُمْ ظِمْء عِطَاش . 18047 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } قَالَ : عِطَاشًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَا يَمْلِك هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ بِرَبِّهِمْ يَا مُحَمَّد , يَوْم يَحْشُر اللَّه الْمُتَّقِينَ إِلَيْهِ وَفْدًا الشَّفَاعَة , حِين يَشْفَع أَهْل الْإِيمَان بَعْضهمْ لِبَعْضٍ عِنْد اللَّه , فَيَشْفَع بَعْضهمْ لِبَعْضٍ { إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ } مِنْهُمْ { عِنْد الرَّحْمَن } فِي الدُّنْيَا { عَهْدًا } بِالْإِيمَانِ بِهِ , وَتَصْدِيق رَسُوله , وَالْإِقْرَار بِمَا جَاءَ بِهِ , وَالْعَمَل بِمَا أَمَرَ بِهِ . كَمَا : 18048 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } قَالَ : الْعَهْد : شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَيَتَبَرَّأ إِلَى اللَّه مِنْ الْحَوْل وَالْقُوَّة وَلَا يَرْجُو إِلَّا اللَّه . 18049 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } قَالَ : الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ شُفَعَاء { إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } قَالَ : عَمَلًا صَالِحًا . 18050 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } : 20 109 أَيْ بِطَاعَتِهِ , وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى : { لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } لِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة يُشَفِّع الْمُؤْمِنِينَ بَعْضهمْ فِي بَعْض , ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " إِنَّ فِي أُمَّتِي رَجُلًا لَيُدْخِلَن اللَّه بِشَفَاعَتِهِ الْجَنَّة أَكْثَر مِنْ بَنِي تَمِيم " , وَكُنَّا نُحَدِّث أَنَّ " الشَّهِيد يُشَفَّع فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْل بَيْته " . 18051 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْمَلِيح , عَنْ عَوْف بْن مَالِك , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ شَفَاعَتِي لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا " . و " مَنْ " فِي قَوْله : { إِلَّا مَنْ } فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الِاسْتِثْنَاء , وَلَا يَكُون خَفْضًا بِضَمِيرِ اللَّام , وَلَكِنْ قَدْ يَكُون نَصْبًا فِي الْكَلَام فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل : أَرَدْت الْمُرُور الْيَوْم إِلَّا الْعَدُوّ , فَإِنِّي لَا أَمُرّ بِهِ , فَيُسْتَثْنَى الْعَدُوّ مِنْ الْمَعْنَى , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قَوْله : { لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَا يَمْلِك هَؤُلَاءِ الْكُفَّار إِلَّا مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ , فَالْمُؤْمِنُونَ لَيْسُوا مِنْ أَعْدَاد الْكَافِرِينَ , وَمَنْ نَصَبَهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ إِلَّا لِمَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا , فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَل قَوْله لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة لِلْمُتَّقِينَ , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا , لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة , إِلَّا مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا . فَيَكُون مَعْنَاهُ عِنْد ذَلِكَ : إِلَّا لِمَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا . فَأَمَّا إِذَا جَعَلَ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة خَبَرًا عَنْ الْمُجْرِمِينَ , فَإِنَّ " مَنْ " تَكُون حِينَئِذٍ نَصْبًا عَلَى أَنَّهُ اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَة , لَكِنْ مَنْ اِتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا يَمْلِكهُ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ { اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْقَائِلِينَ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه : لَقَدْ جِئْتُمْ أَيّهَا النَّاس شَيْئًا عَظِيمًا مِنْ الْقَوْل مُنْكَرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18052 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { شَيْئًا إِدًّا } يَقُول : قَوْلًا عَظِيمًا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا } يَقُول : لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا عَظِيمًا وَهُوَ الْمُنْكَر مِنْ الْقَوْل . 18053 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله { شَيْئًا إِدًّا } قَالَ : عَظِيمًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 18054 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { شَيْئًا إِدًّا } قَالَ : عَظِيمًا . 18055 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا } قَالَ : جِئْتُمْ شَيْئًا كَبِيرًا مِنْ الْأَمْر حِين دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا .
وَفِي الْإِدّ لُغَات ثَلَاث , يُقَال : لَقَدْ جِئْت شَيْئًا إِدًّا , بِكَسْرِ الْأَلِف , وَأَدًّا بِفَتْحِ الْأَلِف , وَآدًّا بِفَتْحِ الْأَلِف وَمَدّهَا , عَلَى مِثَال مَادّ فَاعِل . وَقَرَأَ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَبِهَا نَقْرَأ , وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ بِفَتْحِ الْأَلِف , وَلَا أَرَى قِرَاءَته كَذَلِكَ لِخِلَافِهَا قِرَاءَة قُرَّاء الْأَمْصَار , وَالْعَرَب تَقُول لِكُلِّ أَمْر عَظِيم : إِدّ , وَإِمْر , وَنُكْر ; وَمِنْهُ قَوْله الرَّاجِز : قَدْ لَقِيَ الْأَعْدَاء مِنِّي نُكْرًا دَاهِيَة دَهْيَاء إِدًّا إِمْرَا وَمِنْهُ قَوْل الْآخَر : فِي لَهَث مِنْهُ وَحَثْل إِدَّا
وَقَوْله : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَكَاد السَّمَاوَات يَتَشَقَّقْنَ قَطْعًا مِنْ قِيلهمْ : { اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا } وَمِنْهُ قِيلَ : فَطَرَ نَابه : إِذَا اِنْشَقَّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18056 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا } قَالَ : إِنَّ الشِّرْك فَزِعَتْ مِنْهُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال , وَجَمِيع الْخَلَائِق إِلَّا الثَّقَلَيْنِ , وَكَادَتْ أَنْ تَزُول مِنْهُ لِعَظَمَةِ اللَّه , وَكَمَا لَا يَنْفَع مَعَ الشِّرْك إِحْسَان الْمُشْرِك , كَذَلِكَ نَرْجُو أَنْ يَغْفِر اللَّه ذُنُوب الْمُوَحِّدِينَ . وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَة أَنْ إِلَه إِلَّا اللَّه , فَمَنْ قَالَهَا عِنْد مَوْته وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّة " قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , فَمَنْ قَالَهَا فِي صِحَّته ؟ قَالَ : " تِلْكَ أَوْجَب وَأَوْجَب " . ثُمَّ قَالَ : " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ جِيءَ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنهنَّ وَمَا تَحْتهنَّ , فَوُضِعْنَ فِي كِفَّة الْمِيزَان , وَوُضِعَتْ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فِي الْكِفَّة الْأُخْرَى , لَرَجَحَتْ بِهِنَّ " . 18057 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول : غَضِبَتْ الْمَلَائِكَة , وَاسْتَعَرَتْ جَهَنَّم , حِين قَالُوا مَا قَالُوا .
وَقَوْله : { وَتَنْشَقّ الْأَرْض } يَقُول : وَتَكَاد الْأَرْض تَنْشَقّ , فَتَنْصَدِع مِنْ ذَلِكَ { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } يَقُول : وَتَكَاد الْجِبَال يَسْقُط بَعْضهَا عَلَى بَعْض سُقُوطًا . وَالْهَدّ : السُّقُوط , وَهُوَ مَصْدَر هَدَدْت , فَأَنَا أَهُدّ هَدًّا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18058 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } يَقُول : هَدْمًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } قَالَ : الْهَدّ : الِانْقِضَاض . 18059 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } قَالَ : غَضَبًا لِلَّهِ . قَالَ : وَلَقَدْ دَعَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ هَذَا الَّذِي غَضِبَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال مِنْ قَوْلهمْ , لَقَدْ اِسْتَتَابَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى التَّوْبَة , فَقَالَ : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة } 5 73 قَالُوا : هُوَ وَصَاحِبَته وَابْنه , جَعَلُوهُمَا إِلَهَيْنِ مَعَهُ { وَمَا مِنْ إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد } . ... 5 73 إِلَى قَوْله : { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } 5 73
وَقَوْله : { وَتَنْشَقّ الْأَرْض } يَقُول : وَتَكَاد الْأَرْض تَنْشَقّ , فَتَنْصَدِع مِنْ ذَلِكَ { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } يَقُول : وَتَكَاد الْجِبَال يَسْقُط بَعْضهَا عَلَى بَعْض سُقُوطًا . وَالْهَدّ : السُّقُوط , وَهُوَ مَصْدَر هَدَدْت , فَأَنَا أَهُدّ هَدًّا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18058 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } يَقُول : هَدْمًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } قَالَ : الْهَدّ : الِانْقِضَاض . 18059 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا } قَالَ : غَضَبًا لِلَّهِ . قَالَ : وَلَقَدْ دَعَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ هَذَا الَّذِي غَضِبَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال مِنْ قَوْلهمْ , لَقَدْ اِسْتَتَابَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى التَّوْبَة , فَقَالَ : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة } 5 73 قَالُوا : هُوَ وَصَاحِبَته وَابْنه , جَعَلُوهُمَا إِلَهَيْنِ مَعَهُ { وَمَا مِنْ إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد } . ... 5 73 إِلَى قَوْله : { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } 5 73