وَقَوْله : { قَالُوا لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ } يَقُول : قَالَ عَبَدَة الْعجْل منْ قَوْم مُوسَى : لَنْ نَزَال عَلَى الْعجْل مُقيمينَ نَعْبُدهُ , حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا هَارُون مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : قَالَ مُوسَى لأَخيه هَارُون لَمَّا فَرَغَ منْ خطَاب قَوْمه وَمُرَاجَعَته إيَّاهُمْ عَلَى مَا كَانَ منْ خَطَأ فعْلهمْ : يَا هَارُون أَيّ شَيْء مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا عَنْ دينهمْ , فَكَفَرُوا باَللَّه وَعَبَدُوا الْعجْل أَلَّا تَتَّبعني . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في الْمَعْنَى الَّذي عَذَلَ مُوسَى عَلَيْه أَخَاهُ منْ تَرْكه اتّبَاعه , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَذَلَهُ عَلَى تَرْكه السَّيْر بمَنْ أَطَاعَهُ في أَثَره عَلَى مَا كَانَ عَهدَ إلَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18319 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ حَكيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَالَ الْقَوْم : { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } أَقَامَ هَارُون فيمَنْ تَبعَهُ منْ الْمُسْلمينَ ممَّنْ لَمْ يُفْتَتَن , وَأَقَامَ مَنْ يَعْبُد الْعجْل عَلَى عبَادَة الْعجْل , وَتَخَوَّفَ هَارُون إنْ سَارَ بمَنْ مَعَهُ منْ الْمُسْلمينَ أَنْ يَقُول لَهُ مُوسَى : { فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } وَكَانَ لَهُ هَائبًا مُطيعًا . 18320 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن } قَالَ : تَدَعهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَذَلَهُ عَلَى تَرْكه أَنْ يُصْلح مَا كَانَ منْ فَسَاد الْقَوْم . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18321 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن } قَالَ : أَمْر مُوسَى هَارُون أَنْ يُصْلح , وَلَا يَتَّبع سَبيل الْمُفْسدينَ , فَذَلكَ قَوْله : { أَنْ لَا تَتَّبعَن أَفَعَصَيْت أَمْري } بذَلكَ .
يَقُول تَعَالَى ذكْره : قَالَ مُوسَى لأَخيه هَارُون لَمَّا فَرَغَ منْ خطَاب قَوْمه وَمُرَاجَعَته إيَّاهُمْ عَلَى مَا كَانَ منْ خَطَأ فعْلهمْ : يَا هَارُون أَيّ شَيْء مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا عَنْ دينهمْ , فَكَفَرُوا باَللَّه وَعَبَدُوا الْعجْل أَلَّا تَتَّبعني . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في الْمَعْنَى الَّذي عَذَلَ مُوسَى عَلَيْه أَخَاهُ منْ تَرْكه اتّبَاعه , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَذَلَهُ عَلَى تَرْكه السَّيْر بمَنْ أَطَاعَهُ في أَثَره عَلَى مَا كَانَ عَهدَ إلَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18319 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ حَكيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَالَ الْقَوْم : { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } أَقَامَ هَارُون فيمَنْ تَبعَهُ منْ الْمُسْلمينَ ممَّنْ لَمْ يُفْتَتَن , وَأَقَامَ مَنْ يَعْبُد الْعجْل عَلَى عبَادَة الْعجْل , وَتَخَوَّفَ هَارُون إنْ سَارَ بمَنْ مَعَهُ منْ الْمُسْلمينَ أَنْ يَقُول لَهُ مُوسَى : { فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } وَكَانَ لَهُ هَائبًا مُطيعًا . 18320 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن } قَالَ : تَدَعهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَذَلَهُ عَلَى تَرْكه أَنْ يُصْلح مَا كَانَ منْ فَسَاد الْقَوْم . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18321 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن } قَالَ : أَمَرَ مُوسَى هَارُون أَنْ يُصْلح , وَلَا يَتَّبع سَبيل الْمُفْسدينَ , فَذَلكَ قَوْله : { أَنْ لَا تَتَّبعَن أَفَعَصَيْت أَمْري } بذَلكَ .
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ↓
وَقَوْله : { قَالَ يَا ابْن أُمّ لَا تَأْخُذ بلحْيَتي وَلَا برَأْسي } وَفي هَذَا الْكَلَام مَتْرُوك , تَرَكَ ذكْره اسْتغْنَاء بدَلَالَة الْكَلَام عَلَيْه , وَهُوَ : ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى بلحْيَة أَخيه هَارُون وَرَأْسه يَجُرّهُ إلَيْه , فَقَالَ هَارُون : { يَا ابْن أُمّ لَا تَأْخُذ بلحْيَتي وَلَا برَأْسي } .
وَقَوْله : { إنّي خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } فَاخْتَلَفَ أَهْل الْعلْم في صفَة التَّفْريق بَيْنهمْ , الَّذي خَشيَهُ هَارُون , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ هَارُون خَافَ أَنْ يَسير بمَنْ أَطَاعَهُ , وَأَقَامَ عَلَى دينه في أَثَر مُوسَى , وَيُخَلّف عَبَدَة الْعجْل , وَقَدْ { قَالُوا } لَهُ { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } فَيَقُول لَهُ مُوسَى { فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } بسَيْرك بطَائفَةٍ , وَتَرْكك منْهُمْ طَائفَة وَرَاءَك . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18322 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْل اللَّه تَعَالَى : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن أَفَعَصَيْت أَمْري } قَالَ : { خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : خَشيت أَنْ يَتَّبعني بَعْضهمْ وَيَتَخَلَّف بَعْضهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : خَشيت أَنْ نَقْتَتل فَيَقْتُل بَعْضنَا بَعْضًا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18323 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج { إنّي خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : كُنَّا نَكُون فرْقَتَيْن فَيَقْتُل بَعْضنَا بَعْضًا حَتَّى نَتَفَانَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْن في ذَلكَ بالصَّوَاب , الْقَوْل الَّذي قَالَهُ ابْن عَبَّاس منْ أَنَّ مُوسَى عَذَلَ أَخَاهُ هَارُون عَلَى تَرْكه اتّبَاع أَمْره بمَنْ اتَّبَعَهُ منْ أَهْل الْإيمَان , فَقَالَ لَهُ هَارُون : إنّي خَشيت أَنْ تَقُول , فَرَّقْت بَيْن جَمَاعَتهمْ , فَتَرَكْت بَعْضهمْ وَرَاءَك , وَجئْت ببَعْضهمْ , وَذَلكَ بَيْن في قَوْل هَارُون للْقَوْم { يَا قَوْم إنَّمَا فُتنْتُمْ به وَإنَّ رَبّكُمْ الرَّحْمَن فَاتَّبعُوني وَأَطيعُوا أَمْري } وَفي جَوَاب الْقَوْم لَهُ وَقيلهمْ { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } .
وَقَوْله : { وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } يَقُول : وَلَمْ تَنْظُر قَوْلي وَتَحْفَظهُ . منْ مُرَاقَبَة الرَّجُل الشَّيْء , وَهيَ مُنَاظَرَته بحفْظه , كَمَا : 18324 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : لَمْ تَحْفَظ قَوْلي .
وَقَوْله : { إنّي خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } فَاخْتَلَفَ أَهْل الْعلْم في صفَة التَّفْريق بَيْنهمْ , الَّذي خَشيَهُ هَارُون , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ هَارُون خَافَ أَنْ يَسير بمَنْ أَطَاعَهُ , وَأَقَامَ عَلَى دينه في أَثَر مُوسَى , وَيُخَلّف عَبَدَة الْعجْل , وَقَدْ { قَالُوا } لَهُ { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } فَيَقُول لَهُ مُوسَى { فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } بسَيْرك بطَائفَةٍ , وَتَرْكك منْهُمْ طَائفَة وَرَاءَك . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18322 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْل اللَّه تَعَالَى : { مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبعَن أَفَعَصَيْت أَمْري } قَالَ : { خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : خَشيت أَنْ يَتَّبعني بَعْضهمْ وَيَتَخَلَّف بَعْضهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : خَشيت أَنْ نَقْتَتل فَيَقْتُل بَعْضنَا بَعْضًا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18323 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج { إنّي خَشيت أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَني إسْرَائيل وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : كُنَّا نَكُون فرْقَتَيْن فَيَقْتُل بَعْضنَا بَعْضًا حَتَّى نَتَفَانَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْن في ذَلكَ بالصَّوَاب , الْقَوْل الَّذي قَالَهُ ابْن عَبَّاس منْ أَنَّ مُوسَى عَذَلَ أَخَاهُ هَارُون عَلَى تَرْكه اتّبَاع أَمْره بمَنْ اتَّبَعَهُ منْ أَهْل الْإيمَان , فَقَالَ لَهُ هَارُون : إنّي خَشيت أَنْ تَقُول , فَرَّقْت بَيْن جَمَاعَتهمْ , فَتَرَكْت بَعْضهمْ وَرَاءَك , وَجئْت ببَعْضهمْ , وَذَلكَ بَيْن في قَوْل هَارُون للْقَوْم { يَا قَوْم إنَّمَا فُتنْتُمْ به وَإنَّ رَبّكُمْ الرَّحْمَن فَاتَّبعُوني وَأَطيعُوا أَمْري } وَفي جَوَاب الْقَوْم لَهُ وَقيلهمْ { لَنْ نَبْرَح عَلَيْه عَاكفينَ حَتَّى يَرْجع إلَيْنَا مُوسَى } .
وَقَوْله : { وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } يَقُول : وَلَمْ تَنْظُر قَوْلي وَتَحْفَظهُ . منْ مُرَاقَبَة الرَّجُل الشَّيْء , وَهيَ مُنَاظَرَته بحفْظه , كَمَا : 18324 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { وَلَمْ تَرْقُب قَوْلي } قَالَ : لَمْ تَحْفَظ قَوْلي .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ فَمَا خَطْبك يَا سَامريّ } يَعْني تَعَالَى ذكْره بقَوْله : { فَمَا خَطْبك يَا سَامريّ } قَالَ مُوسَى للسَّامريّ : فَمَا شَأْنك يَا سَامريّ , وَمَا الَّذي دَعَاك إلَى مَا فَعَلْته , كَمَا : 18325 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { فَمَا خَطْبك يَا سَامريّ } قَالَ : مَا أَمْرك ؟ مَا شَأْنك ؟ مَا هَذَا الَّذي أَدْخَلَك فيمَا دَخَلْت فيه . 18326 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { قَالَ فَمَا خَطْبك يَا سَامريّ } قَالَ : مَا لَك يَا سَامريّ ؟
قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ↓
وَقَوْله : { بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } يَقُول : قَالَ السَّامريّ : عَلمْت مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ , وَهُوَ فَعُلْت منْ الْبَصيرَة : أَيْ صرْت بمَا عَملْت بَصيرًا عَالمًا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18327 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : لَمَّا قَتَلَ فرْعَوْن الْولْدَان قَالَتْ أُمّ السَّامريّ : لَوْ نَحَّيْته عَنّي حَتَّى لَا أَرَاهُ , وَلَا أَدْري قَتْله , فَجَعَلَتْهُ في غَار , فَأَتَى جَبْرَائيل , فَجَعَلَ كَفّ نَفْسه في فيه , فَجَعَلَ يُرْضعهُ الْعَسَل وَاللَّبَن , فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلف إلَيْه حَتَّى عَرَفَهُ , فَمنْ ثَمَّ مَعْرفَته إيَّاهُ حين قَالَ : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول } . وَقَالَ آخَرُونَ : هيَ بمَعْنَى : أَبَصُرْت مَا لَمْ يَبْصُرُوهُ . وَقَالُوا : يُقَال : بَصُرْت بالشَّيْء وَأَبْصَرْته , كَمَا يُقَال : أَسْرَعْت وَسَرُعْت مَا شئْت . ذكْر مَنْ قَالَ : هُوَ بمَعْنَى أَبْصَرْت : 18328 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { قَالَ بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } يَعْني فَرَس جَبْرَائيل عَلَيْه السَّلَام .
وَقَوْله : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول } يَقُول : قَبَضَتْ قَبْضَة منْ أَثَر حَافر فَرَس جَبْرَائيل . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18329 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إسْحَاق , عَنْ حَكيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَذَفَتْ بَنُو إسْرَائيل مَا كَانَ مَعَهُمْ منْ زينَة آل فرْعَوْن في النَّار , وَتَكَسَّرَتْ , وَرَأَى السَّامريّ أَثَر فَرَس جَبْرَائيل عَلَيْه السَّلَام , فَأَخَذَ تُرَابًا منْ أَثَر حَافره , ثُمَّ أَقْبَلَ إلَى النَّار فَقَذَفَهُ فيهَا , وَقَالَ : كُنْ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , فَكَانَ للْبَلَاء وَالْفتْنَة . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَبَضَ قَبْضَة منْهُ منْ أَثَر جَبْرَائيل , فَأَلْقَى الْقَبْضَة عَلَى حُليّهمْ فَصَارَ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , فَقَالَ : هَذَا إلَهكُمْ وَإلَه مُوسَى . 18330 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول فَنَبَذْتهَا } قَالَ : منْ تَحْت حَافر فَرَس جَبْرَائيل , نَبَذَهُ السَّامريّ عَلَى حلْيَة بَني إسْرَائيل , فَانْسَبَكَ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , حَفيف الرّيح فيه فَهُوَ خُوَاره , وَالْعجْل : وَلَد الْبَقَرَة . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء في قرَاءَة هَذَيْن الْحَرْفَيْن , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدينَة وَالْبَصْرَة { بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } بالْيَاء , بمَعْنَى : قَالَ السَّامريّ : بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُر به بَنُو إسْرَائيل . وَقَرَأَ ذَلكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُرُوا به " بالتَّاء عَلَى وَجْه الْمُخَاطَبَة لمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , بمَعْنَى : قَالَ السَّامريّ لمُوسَى : بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُر به أَنْتَ وَأَصْحَابك . وَالْقَوْل في ذَلكَ عنْدي أَنَّهُمَا قرَاءَتَان مَعْرُوفَتَان , قَدْ قَرَأَ بكُلّ وَاحدَة منْهُمَا عُلَمَاء منْ الْقُرَّاء مَعَ صحَّة مَعْنَى كُلّ وَاحدَة منْهُمَا , وَذَلكَ أَنَّهُ جَائز أَنْ يَكُون السَّامريّ رَأَى جَبْرَائيل , فَكَانَ عنْده مَا كَانَ بأَنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسه بذَلكَ أَوْ بغَيْر ذَلكَ منْ الْأَسْبَاب , أَنَّ تُرَاب حَافر فَرَسه الَّذي كَانَ عَلَيْه يَصْلُح لمَا حَدَّثَ عَنْهُ حين نَبَذَهُ في جَوْف الْعجْل , وَلَمْ يَكُنْ علْم ذَلكَ عنْد مُوسَى , وَلَا عنْد أَصْحَابه منْ بَني إسْرَائيل , فَلذَلكَ قَالَ لمُوسَى : " بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُرُوا به " أَيْ عَلمْت بمَا لَمْ تَعْلَمُوا به . وَأَمَّا إذَا قُرئَ { بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } بالْيَاء , فَلَا مُؤْنَة فيه , لأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ بَني إسْرَائيل لَمْ يَعْلَمُوا مَا الَّذي يَصْلُح لَهُ ذَلكَ التُّرَاب . وَأَمَّا قَوْله : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول } فَإنَّ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى قرَاءَته بالضَّاد , بمَعْنَى : فَأَخَذْت بكَفّي تُرَابًا منْ تُرَاب أَثَر فَرَس الرَّسُول . وَرُويَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْريّ وَقَتَادَة مَا : 18331 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبَّاد بْن عَوْف , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَرَأَهَا : " فَقَبَصْت قَبْصَة " بالصَّاد . 18332 - وَحَدَّثَني أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبَّاد , عَنْ قَتَادَة مثْل ذَلكَ بالصَّاد . بمَعْنَى : أَخَذْت بأَصَابعي منْ تُرَاب أَثَر فَرَس الرَّسُول , وَالْقَبْضَة عنْد الْعَرَب : الْأَخْذ بالْكَفّ كُلّهَا , وَالْقَبْصَة : الْأَخْذ بأَطْرَاف الْأَصَابع .
وَقَوْله : { فَنَبَذْتهَا } يَقُول : فَأَلْقَيْتهَا { وَكَذَلكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي } يَقُول : وَكَمَا فَعَلْت منْ إلْقَائي الْقَبْضَة الَّتي قَبَضْت منْ أَثَر الْفَرَس عَلَى الْحلْيَة الَّتي أُوقدَ عَلَيْهَا حَتَّى انْسَبَكَتْ فَصَارَتْ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار . { سَوَّلَتْ لي نَفْسي } يَقُول : زَيَّنَتْ لي نَفْسي أَنَّهُ يَكُون ذَلكَ كَذَلكَ , كَمَا : 18333 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { وَكَذَلكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي } قَالَ : كَذَلكَ حَدَّثَتْني نَفْسي .
وَقَوْله : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول } يَقُول : قَبَضَتْ قَبْضَة منْ أَثَر حَافر فَرَس جَبْرَائيل . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18329 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إسْحَاق , عَنْ حَكيم بْن جُبَيْر , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَذَفَتْ بَنُو إسْرَائيل مَا كَانَ مَعَهُمْ منْ زينَة آل فرْعَوْن في النَّار , وَتَكَسَّرَتْ , وَرَأَى السَّامريّ أَثَر فَرَس جَبْرَائيل عَلَيْه السَّلَام , فَأَخَذَ تُرَابًا منْ أَثَر حَافره , ثُمَّ أَقْبَلَ إلَى النَّار فَقَذَفَهُ فيهَا , وَقَالَ : كُنْ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , فَكَانَ للْبَلَاء وَالْفتْنَة . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَبَضَ قَبْضَة منْهُ منْ أَثَر جَبْرَائيل , فَأَلْقَى الْقَبْضَة عَلَى حُليّهمْ فَصَارَ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , فَقَالَ : هَذَا إلَهكُمْ وَإلَه مُوسَى . 18330 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول فَنَبَذْتهَا } قَالَ : منْ تَحْت حَافر فَرَس جَبْرَائيل , نَبَذَهُ السَّامريّ عَلَى حلْيَة بَني إسْرَائيل , فَانْسَبَكَ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار , حَفيف الرّيح فيه فَهُوَ خُوَاره , وَالْعجْل : وَلَد الْبَقَرَة . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء في قرَاءَة هَذَيْن الْحَرْفَيْن , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدينَة وَالْبَصْرَة { بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } بالْيَاء , بمَعْنَى : قَالَ السَّامريّ : بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُر به بَنُو إسْرَائيل . وَقَرَأَ ذَلكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُرُوا به " بالتَّاء عَلَى وَجْه الْمُخَاطَبَة لمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه , بمَعْنَى : قَالَ السَّامريّ لمُوسَى : بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُر به أَنْتَ وَأَصْحَابك . وَالْقَوْل في ذَلكَ عنْدي أَنَّهُمَا قرَاءَتَان مَعْرُوفَتَان , قَدْ قَرَأَ بكُلّ وَاحدَة منْهُمَا عُلَمَاء منْ الْقُرَّاء مَعَ صحَّة مَعْنَى كُلّ وَاحدَة منْهُمَا , وَذَلكَ أَنَّهُ جَائز أَنْ يَكُون السَّامريّ رَأَى جَبْرَائيل , فَكَانَ عنْده مَا كَانَ بأَنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسه بذَلكَ أَوْ بغَيْر ذَلكَ منْ الْأَسْبَاب , أَنَّ تُرَاب حَافر فَرَسه الَّذي كَانَ عَلَيْه يَصْلُح لمَا حَدَّثَ عَنْهُ حين نَبَذَهُ في جَوْف الْعجْل , وَلَمْ يَكُنْ علْم ذَلكَ عنْد مُوسَى , وَلَا عنْد أَصْحَابه منْ بَني إسْرَائيل , فَلذَلكَ قَالَ لمُوسَى : " بَصُرْت بمَا لَمْ تَبْصُرُوا به " أَيْ عَلمْت بمَا لَمْ تَعْلَمُوا به . وَأَمَّا إذَا قُرئَ { بَصُرْت بمَا لَمْ يَبْصُرُوا به } بالْيَاء , فَلَا مُؤْنَة فيه , لأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ بَني إسْرَائيل لَمْ يَعْلَمُوا مَا الَّذي يَصْلُح لَهُ ذَلكَ التُّرَاب . وَأَمَّا قَوْله : { فَقَبَضْت قَبْضَة منْ أَثَر الرَّسُول } فَإنَّ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى قرَاءَته بالضَّاد , بمَعْنَى : فَأَخَذْت بكَفّي تُرَابًا منْ تُرَاب أَثَر فَرَس الرَّسُول . وَرُويَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْريّ وَقَتَادَة مَا : 18331 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبَّاد بْن عَوْف , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَرَأَهَا : " فَقَبَصْت قَبْصَة " بالصَّاد . 18332 - وَحَدَّثَني أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبَّاد , عَنْ قَتَادَة مثْل ذَلكَ بالصَّاد . بمَعْنَى : أَخَذْت بأَصَابعي منْ تُرَاب أَثَر فَرَس الرَّسُول , وَالْقَبْضَة عنْد الْعَرَب : الْأَخْذ بالْكَفّ كُلّهَا , وَالْقَبْصَة : الْأَخْذ بأَطْرَاف الْأَصَابع .
وَقَوْله : { فَنَبَذْتهَا } يَقُول : فَأَلْقَيْتهَا { وَكَذَلكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي } يَقُول : وَكَمَا فَعَلْت منْ إلْقَائي الْقَبْضَة الَّتي قَبَضْت منْ أَثَر الْفَرَس عَلَى الْحلْيَة الَّتي أُوقدَ عَلَيْهَا حَتَّى انْسَبَكَتْ فَصَارَتْ عجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار . { سَوَّلَتْ لي نَفْسي } يَقُول : زَيَّنَتْ لي نَفْسي أَنَّهُ يَكُون ذَلكَ كَذَلكَ , كَمَا : 18333 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { وَكَذَلكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي } قَالَ : كَذَلكَ حَدَّثَتْني نَفْسي .
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ↓
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ فَاذْهَبْ فَإنَّ لَك في الْحَيَاة أَنْ تَقُول لَا مسَاس } يَقُول تَعَالَى ذكْرُهُ : قَالَ مُوسَى للسَّامريّ : فَاذْهَبْ فَإنَّ لَك في أَيَّام حَيَاتك أَنْ تَقُول : لَا مسَاس : أَيْ لَا أَمَسّ , وَلَا أَمَسّ . . وَذُكرَ أَنَّ مُوسَى أَمَرَ بَني إسْرَائيل أَنْ لَا يُؤَاكلُوهُ , وَلَا يُخَالطُوهُ , وَلَا يُبَايعُوهُ , فَلذَلكَ قَالَ لَهُ : إنَّ لَك في الْحَيَاة أَنْ تَقُول لَا مسَاس , فَبَقيَ ذَلكَ فيمَا ذَكَرَ في قَبيلَته , كَمَا : 18334 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ وَاَللَّه السَّامريّ عَظيمًا منْ عُظَمَاء بَني إسْرَائيل , منْ قَبيلَة يُقَال لَهَا سَامرَة , وَلَكنَّ عَدُوّ اللَّه نَافَقَ بَعْد مَا قَطَعَ الْبَحْر مَعَ بَني إسْرَائيل . قَوْله : { فَاذْهَبْ فَإنَّ لَك في الْحَيَاة أَنْ تَقُول لَا مسَاس } فَبَقَايَاهُمْ الْيَوْم يَقُولُونَ لَا مسَاس .
وَقَوْله : { وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلَفَهُ } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدينَة وَالْكُوفَة { لَنْ تُخْلَفَهُ } بضَمّ التَّاء وَفَتْح اللَّام بمَعْنَى : وَإنَّ لَك مَوْعدًا لعَذَابك وَعُقُوبَتك عَلَى مَا فَعَلْت منْ إضْلَالك قَوْمي حَتَّى عَبَدُوا الْعجْل منْ دُون اللَّه , لَنْ يُخْلفَكَهُ اللَّه , وَلُكْنَ يُذيقكَهُ . وَقَرَأَ ذَلكَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَأَبُو نُهَيْك : " وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلفهُ " بضَمّ التَّاء وَكَسْر اللَّام , بمَعْنَى : وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلفهُ أَنْتَ يَا سَامريّ , وَتَأَوَّلُوهُ بمَعْنَى : لَنْ تَغيب عَنْهُ . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18335 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمن , قَالَ : سَمعْت أَبَا نُهَيْك يَقْرَأ " لَنْ تُخْلَفَهُ أَنْتَ " يَقُول : لَنْ تَغيب عَنْهُ . 18336 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلَفَهُ } يَقُول : لَنْ تَغيب عَنْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل في ذَلكَ عنْدي أَنَّهُمَا قرَاءَتَان مَشْهُورَتَان مُتَقَاربَتَا الْمَعْنَى , لأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ اللَّه مُوفٍ وَعْده لخَلْقه بحَشْرهمْ لمَوْقف الْحسَاب , وَأَنَّ الْخَلْق مُوَافُونَ ذَلكَ الْيَوْم , فَلَا اللَّه مُخْلفهمْ ذَلكَ , وَلَا هُمْ مُخْلفُوهُ بالتَّخَلُّف عَنْهُ , فَبأَيَّتهمَا قَرَأَ الْقَارئ فَمُصيب الصَّوَاب في ذَلكَ .
وَقَوْله : { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } يَقُول : وَانْظُرْ إلَى مَعْبُودك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه مُقيمًا تَعْبُدهُ , كَمَا : 18337 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } الَّذي أَقَمْت عَلَيْه . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : فَقَالَ لَهُ مُوسَى : { اُنْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } يَقُول : الَّذي أَقَمْت عَلَيْه . وَللْعَرَب في ظَلْتَ : لُغَتَان : الْفَتْح في الظَّاء , وَبهَا قَرَأَ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَالْكَسْر فيهَا ; وَكَأَنَّ الَّذينَ كَسَرُوا نَقَلُوا حَرَكَة اللَّام الَّتي هيَ عَيْن الْفعْل منْ ظَلَلْت إلَيْهَا , وَمَنْ فَتَحَهَا أَقَرَّ حَرَكَتهَا الَّتي كَانَتْ لَهَا قَبْل أَنْ يُحْذَف منْهَا شَيْء , وَالْعَرَب تَفْعَل في الْحُرُوف الَّتي فيهَا التَّضْعيف ذَاكَ , فَيَقُولُونَ في مَسسْت مَسْت وَمسْت وَفي هَمَمْت بذَلكَ : هَمْت به , وَهَلْ أَحَسَّتْ فُلَانًا وَأَحْسَسْته , كَمَا قَالَ الشَّاعر : خَلَا أَنَّ الْعتَاق منْ الْمَطَايَا أَحْسَن به فَهُنَّ إلَيْه شُوس
وَقَوْله : { لَنُحَرّقَنَّهُ } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحجَاز وَالْعرَاق { لَنُحَرّقَنَّهُ } بضَمّ النُّون وَتَشْديد الرَّاء , بمَعْنَى لَنُحَرّقَنَّهُ بالنَّار قطْعَة قطْعَة . وَرُويَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْريّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلكَ : " لَنُحْرقَنَّهُ " بضَمّ النُّون , وَتَخْفيف الرَّاء , بمَعْنَى : لَنُحَرّقَنَّهُ بالنَّار إحْرَاقَة وَاحدَة , وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر الْقَارئ : " لَنَحْرُقَنَّهُ " بفَتْح النُّون وَضَمّ الرَّاء بمَعْنَى : لَنُبَرّدَنَّهُ بالْمَبَارد منْ حَرَقْته أُحْرقهُ وَأُحَرّقهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعر : بذي فرْقَيْن يَوْم بَنُو حَبيب نُيُوبهمْ عَلَيْنَا يَحْرُقُونَا وَالصَّوَاب في ذَلكَ عنْدنَا منْ الْقرَاءَة { لَنُحَرّقَنَّهُ } بضَمّ النُّون وَتَشْديد الرَّاء , منْ الْإحْرَاق بالنَّار , كَمَا : 18338 - حَدَّثَني عَليّ قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَنُحَرّقَنَّهُ } يَقُول : بالنَّار . 18339 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس { لَنُحَرّقَنَّهُ } فَحَرَقَهُ ثُمَّ ذَرَّاهُ في الْيَمّ . وَإنَّمَا اخْتَرْت هَذه الْقرَاءَة لإجْمَال الْحُجَّة منْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا . وَأَمَّا أَبُو جَعْفَر , فَإنّي أَحْسبهُ ذَهَبَ إلَى مَا : 18340 - حَدَّثَنَا به مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدّيّ : { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنُحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } ثُمَّ أَخَذَهُ فَذَبَحَهُ , ثُمَّ حَرَقَهُ بالْمبْرَد , ثُمَّ ذَرَّاهُ في الْيَمّ , فَلَمْ يَبْقَ بَحْر يَوْمئذٍ إلَّا وَقَعَ فيه شَيْء منْهُ . 18341 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنُحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } قَالَ : وَفي بَعْض الْقرَاءَة : لَنَذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُحَرّقَنَّهُ , ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا . 18342 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة في حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنَذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُحْرقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا " .
وَقَوْله : { ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } يَقُول : ثُمَّ لَنُذَرّيَنَّهُ في الْبَحْر تَذْريَة ; يُقَال منْهُ : نَسَفَ فُلَان الطَّعَام بالْمنْسَف : إذَا زَرَّاهُ فَطَيَّرَ عَنْهُ قُشُوره وَتُرَابه أَوْ الرّيح . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل : ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18343 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } يَقُول : لَنُذَرّيَنَّهُ في الْبَحْر . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : ذَرَّاهُ في الْيَمّ , وَالْيَمّ : الْبَحْر . 18344 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ , قَالَ : ذَرَّاهُ في الْيَمّ . 18345 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة في الْيَمّ , قَالَ : في الْبَحْر .
وَقَوْله : { وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلَفَهُ } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدينَة وَالْكُوفَة { لَنْ تُخْلَفَهُ } بضَمّ التَّاء وَفَتْح اللَّام بمَعْنَى : وَإنَّ لَك مَوْعدًا لعَذَابك وَعُقُوبَتك عَلَى مَا فَعَلْت منْ إضْلَالك قَوْمي حَتَّى عَبَدُوا الْعجْل منْ دُون اللَّه , لَنْ يُخْلفَكَهُ اللَّه , وَلُكْنَ يُذيقكَهُ . وَقَرَأَ ذَلكَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَأَبُو نُهَيْك : " وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلفهُ " بضَمّ التَّاء وَكَسْر اللَّام , بمَعْنَى : وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلفهُ أَنْتَ يَا سَامريّ , وَتَأَوَّلُوهُ بمَعْنَى : لَنْ تَغيب عَنْهُ . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18335 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمن , قَالَ : سَمعْت أَبَا نُهَيْك يَقْرَأ " لَنْ تُخْلَفَهُ أَنْتَ " يَقُول : لَنْ تَغيب عَنْهُ . 18336 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَإنَّ لَك مَوْعدًا لَنْ تُخْلَفَهُ } يَقُول : لَنْ تَغيب عَنْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل في ذَلكَ عنْدي أَنَّهُمَا قرَاءَتَان مَشْهُورَتَان مُتَقَاربَتَا الْمَعْنَى , لأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ اللَّه مُوفٍ وَعْده لخَلْقه بحَشْرهمْ لمَوْقف الْحسَاب , وَأَنَّ الْخَلْق مُوَافُونَ ذَلكَ الْيَوْم , فَلَا اللَّه مُخْلفهمْ ذَلكَ , وَلَا هُمْ مُخْلفُوهُ بالتَّخَلُّف عَنْهُ , فَبأَيَّتهمَا قَرَأَ الْقَارئ فَمُصيب الصَّوَاب في ذَلكَ .
وَقَوْله : { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } يَقُول : وَانْظُرْ إلَى مَعْبُودك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه مُقيمًا تَعْبُدهُ , كَمَا : 18337 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } الَّذي أَقَمْت عَلَيْه . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : فَقَالَ لَهُ مُوسَى : { اُنْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا } يَقُول : الَّذي أَقَمْت عَلَيْه . وَللْعَرَب في ظَلْتَ : لُغَتَان : الْفَتْح في الظَّاء , وَبهَا قَرَأَ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَالْكَسْر فيهَا ; وَكَأَنَّ الَّذينَ كَسَرُوا نَقَلُوا حَرَكَة اللَّام الَّتي هيَ عَيْن الْفعْل منْ ظَلَلْت إلَيْهَا , وَمَنْ فَتَحَهَا أَقَرَّ حَرَكَتهَا الَّتي كَانَتْ لَهَا قَبْل أَنْ يُحْذَف منْهَا شَيْء , وَالْعَرَب تَفْعَل في الْحُرُوف الَّتي فيهَا التَّضْعيف ذَاكَ , فَيَقُولُونَ في مَسسْت مَسْت وَمسْت وَفي هَمَمْت بذَلكَ : هَمْت به , وَهَلْ أَحَسَّتْ فُلَانًا وَأَحْسَسْته , كَمَا قَالَ الشَّاعر : خَلَا أَنَّ الْعتَاق منْ الْمَطَايَا أَحْسَن به فَهُنَّ إلَيْه شُوس
وَقَوْله : { لَنُحَرّقَنَّهُ } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحجَاز وَالْعرَاق { لَنُحَرّقَنَّهُ } بضَمّ النُّون وَتَشْديد الرَّاء , بمَعْنَى لَنُحَرّقَنَّهُ بالنَّار قطْعَة قطْعَة . وَرُويَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْريّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلكَ : " لَنُحْرقَنَّهُ " بضَمّ النُّون , وَتَخْفيف الرَّاء , بمَعْنَى : لَنُحَرّقَنَّهُ بالنَّار إحْرَاقَة وَاحدَة , وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَر الْقَارئ : " لَنَحْرُقَنَّهُ " بفَتْح النُّون وَضَمّ الرَّاء بمَعْنَى : لَنُبَرّدَنَّهُ بالْمَبَارد منْ حَرَقْته أُحْرقهُ وَأُحَرّقهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعر : بذي فرْقَيْن يَوْم بَنُو حَبيب نُيُوبهمْ عَلَيْنَا يَحْرُقُونَا وَالصَّوَاب في ذَلكَ عنْدنَا منْ الْقرَاءَة { لَنُحَرّقَنَّهُ } بضَمّ النُّون وَتَشْديد الرَّاء , منْ الْإحْرَاق بالنَّار , كَمَا : 18338 - حَدَّثَني عَليّ قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَنُحَرّقَنَّهُ } يَقُول : بالنَّار . 18339 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس { لَنُحَرّقَنَّهُ } فَحَرَقَهُ ثُمَّ ذَرَّاهُ في الْيَمّ . وَإنَّمَا اخْتَرْت هَذه الْقرَاءَة لإجْمَال الْحُجَّة منْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا . وَأَمَّا أَبُو جَعْفَر , فَإنّي أَحْسبهُ ذَهَبَ إلَى مَا : 18340 - حَدَّثَنَا به مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدّيّ : { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنُحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } ثُمَّ أَخَذَهُ فَذَبَحَهُ , ثُمَّ حَرَقَهُ بالْمبْرَد , ثُمَّ ذَرَّاهُ في الْيَمّ , فَلَمْ يَبْقَ بَحْر يَوْمئذٍ إلَّا وَقَعَ فيه شَيْء منْهُ . 18341 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنُحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } قَالَ : وَفي بَعْض الْقرَاءَة : لَنَذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُحَرّقَنَّهُ , ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا . 18342 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة في حَرْف ابْن مَسْعُود : " وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذي ظَلْتَ عَلَيْه عَاكفًا لَنَذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُحْرقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا " .
وَقَوْله : { ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } يَقُول : ثُمَّ لَنُذَرّيَنَّهُ في الْبَحْر تَذْريَة ; يُقَال منْهُ : نَسَفَ فُلَان الطَّعَام بالْمنْسَف : إذَا زَرَّاهُ فَطَيَّرَ عَنْهُ قُشُوره وَتُرَابه أَوْ الرّيح . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل : ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18343 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ لَنَنْسفَنَّهُ في الْيَمّ نَسْفًا } يَقُول : لَنُذَرّيَنَّهُ في الْبَحْر . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : ذَرَّاهُ في الْيَمّ , وَالْيَمّ : الْبَحْر . 18344 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ , قَالَ : ذَرَّاهُ في الْيَمّ . 18345 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة في الْيَمّ , قَالَ : في الْبَحْر .
وَقَوْله : { إنَّمَا إلَهكُمْ اللَّه الَّذي لَا إلَه إلَّا هُوَ } يَقُول : مَا لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم مَعْبُود , إلَّا الَّذي لَهُ عبَادَة جَميع الْخَلْق لَا تَصْلُح الْعبَادَة لغَيْره , وَلَا تَنْبَغي أَنْ تَكُون إلَّا لَهُ .
يَقُول : أَحَاطَ بكُلّ شَيْء علْمًا فَعَلمَهُ , فَلَا يَخْفَى عَلَيْه منْهُ شَيْء وَلَا يَضيق عَلَيْه علْم جَميع ذَلكَ . يُقَال منْهُ : فُلَان يَسَع لهَذَا الْأَمْر : إذَا أَطَاقَهُ وَقَويَ عَلَيْه , وَلَا يَسَع لَهُ : إذَا عَجَزَ عَنْهُ فَلَمْ يُطقْهُ وَلَمْ يَقْوَ عَلَيْه . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول في ذَلكَ مَا : 18346 - حَدَّثَنَا بشْر قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسعَ كُلّ شَيْء علْمًا } يَقُول : مَلَأَ كُلّ شَيْء علْمًا تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
يَقُول : أَحَاطَ بكُلّ شَيْء علْمًا فَعَلمَهُ , فَلَا يَخْفَى عَلَيْه منْهُ شَيْء وَلَا يَضيق عَلَيْه علْم جَميع ذَلكَ . يُقَال منْهُ : فُلَان يَسَع لهَذَا الْأَمْر : إذَا أَطَاقَهُ وَقَويَ عَلَيْه , وَلَا يَسَع لَهُ : إذَا عَجَزَ عَنْهُ فَلَمْ يُطقْهُ وَلَمْ يَقْوَ عَلَيْه . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول في ذَلكَ مَا : 18346 - حَدَّثَنَا بشْر قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَسعَ كُلّ شَيْء علْمًا } يَقُول : مَلَأَ كُلّ شَيْء علْمًا تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { كَذَلكَ نَقُصّ عَلَيْك منْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ } يَقُول تَعَالَى ذكْره لنَبيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : كَمَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد نَبَأ مُوسَى وَفرْعَوْن وَقَوْمه وَأَخْبَار بَني إسْرَائيل مَعَ مُوسَى { كَذَلكَ نَقُصّ عَلَيْك منْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ } يَقُول : كَذَلكَ نُخْبرك بأَنْبَاء الْأَشْيَاء الَّتي قَدْ سَبَقَتْ منْ قَبْلك , فَلَمْ تُشَاهدهَا وَلَمْ تُعَاينهَا .
وَقَوْله : { وَقَدْ آتَيْنَاك منْ لَدُنَّا ذكْرًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره لمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : وَقَدْ آتَيْنَاك يَا مُحَمَّد منْ عنْدنَا ذكْرًا يَتَذَكَّر به , وَيَتَّعظ به أَهْل الْعَقْل وَالْفَهْم , وَهُوَ هَذَا الْقُرْآن الَّذي أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَيْه , فَجَعَلَهُ ذكْرَى للْعَالَمينَ .
وَقَوْله : { وَقَدْ آتَيْنَاك منْ لَدُنَّا ذكْرًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره لمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : وَقَدْ آتَيْنَاك يَا مُحَمَّد منْ عنْدنَا ذكْرًا يَتَذَكَّر به , وَيَتَّعظ به أَهْل الْعَقْل وَالْفَهْم , وَهُوَ هَذَا الْقُرْآن الَّذي أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَيْه , فَجَعَلَهُ ذكْرَى للْعَالَمينَ .
وَقَوْله ; { مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ } يَقُول تَعَالَى ذكْره : مَنْ وَلَّى عَنْهُ فَأَدْبَرَ فَلَمْ يُصَدّق به وَلَمْ يُقرّ , { فَإنَّهُ يَحْمل يَوْم الْقيَامَة وزْرًا } يَقُول : فَإنَّهُ يَأْتي رَبّه يَوْم الْقيَامَة يَحْمل حمْلًا ثَقيلًا , وَذَلكَ الْإثْم الْعَظيم , كَمَا : 18347 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { يَوْم الْقيَامَة وزْرًا } قَالَ : إثْمًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج . عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { خَالدينَ فيه وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقيَامَة حمْلًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : خَالدينَ في وزْرهمْ , فَأَخْرَجَ الْخَبَر جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ هَؤُلَاء الْمُعْرضينَ عَنْ ذكْره في الدُّنْيَا أَنَّهُمْ خَالدُونَ في أَوْزَارهمْ , وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ خَالدُونَ في النَّار بأَوْزَارهمْ , وَلَكنْ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا الْمُرَاد منْ الْكَلَام اُكْتُفيَ بمَا ذُكرَ عَمَّا لَمْ يُذْكَر . وَقَوْله : { وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقيَامَة حمْلًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَسَاءَ ذَلكَ الْحمْل وَالثّقَل منْ الْإثْم يَوْم الْقيَامَة حمْلًا , وَحَقّ لَهُمْ أَنْ يَسُوءهُمْ ذَلكَ , وَقَدْ أَوْرَدَهُمْ مَهْلَكَة لَا مَنْجَى منْهَا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18348 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقيَامَة حمْلًا } يَقُول : بئْسَمَا حَمَلُوا . 18349 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثَنْي عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقيَامَة حمْلًا } يَعْني بذَلكَ : ذُنُوبهمْ .
وَقَوْله : { يَوْم يُنْفَخ في الصُّور } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقيَامَة , يَوْم يُنْفَخ في الصُّوَر , فَقَوْله : { يَوْم يُنْفَخ في الصُّور } رَدَّ عَلَى يَوْم الْقيَامَة . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى النَّفْخ في الصُّور , وَذَكَرْنَا اخْتلَاف الْمُخْتَلفينَ في مَعْنَى الصُّور , وَالصَّحيح في ذَلكَ منْ الْقَوْل عنْدي بشَوَاهده الْمُغْنيَة عَنْ إعَادَته في هَذَا الْمَوْضع قَبْل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار { يَوْم يُنْفَخ في الصُّور } بالْيَاء وَضَمّهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعله , بمَعْنَى : يَوْم يَأْمُر اللَّه إسْرَافيل فَيَنْفُخ في الصُّور . وَكَانَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء يَقْرَأ ذَلكَ " يَوْم نَنْفُخ في الصُّور " بالنُّون بمَعْنَى : يَوْم نَنْفُخ نَحْنُ في الصُّور , كَأَنَّ الَّذي دَعَاهُ إلَى قرَاءَة ذَلكَ كَذَلكَ طَلَبه التَّوْفيق بَيْنه وَبَيْن قَوْله : { وَنَحْشُر الْمُجْرمينَ } إذْ كَانَ لَا خلَاف بَيْن الْقُرَّاء في نَحْشُر أَنَّهَا بالنُّون . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذي أَخْتَار في ذَلكَ منْ الْقرَاءَة يَوْم يُنْفَخ بالْيَاء عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعله , لأَنَّ ذَلكَ هُوَ الْقرَاءَة الَّتي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار وَإنْ كَانَ للَّذي قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَجْه غَيْر فَاسد .
وَقَوْله : { وَنَحْشُر الْمُجْرمينَ يَوْمئذٍ زُرْقًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَنَسُوق أَهْل الْكُفْر باَللَّه يَوْمئذٍ إلَى مَوْقف الْقيَامَة زُرْقًا , فَقيلَ : عَنَى بالزُّرْق في هَذَا الْمَوْضع : مَا يَظْهَر في أَعْيُنهمْ منْ شدَّة الْعَطَش الَّذي يَكُون بهمْ عنْد الْحَشْر لرَأْي الْعَيْن منْ الزُّرْق . وَقيلَ : أُريدَ بذَلكَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عُمْيًا , كَاَلَّذي قَالَ اللَّه { وَنَحْشُرهُمْ يَوْم الْقيَامَة عَلَى وُجُوههمْ عُمْيًا } . 17 97
وَقَوْله : { وَنَحْشُر الْمُجْرمينَ يَوْمئذٍ زُرْقًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَنَسُوق أَهْل الْكُفْر باَللَّه يَوْمئذٍ إلَى مَوْقف الْقيَامَة زُرْقًا , فَقيلَ : عَنَى بالزُّرْق في هَذَا الْمَوْضع : مَا يَظْهَر في أَعْيُنهمْ منْ شدَّة الْعَطَش الَّذي يَكُون بهمْ عنْد الْحَشْر لرَأْي الْعَيْن منْ الزُّرْق . وَقيلَ : أُريدَ بذَلكَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عُمْيًا , كَاَلَّذي قَالَ اللَّه { وَنَحْشُرهُمْ يَوْم الْقيَامَة عَلَى وُجُوههمْ عُمْيًا } . 17 97
وَقَوْله : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنهمْ إنْ لَبثْتُمْ إلَّا عَشْرًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : يَتَهَامَسُونَ بَيْنهمْ , وَيُسرّ بَعْضهمْ إلَى بَعْض : إنْ لَبثْتُمْ في الدُّنْيَا , يَعْني أَنَّهُمْ يَقُول بَعْضهمْ لبَعْضٍ : مَا لَبثْتُمْ في الدُّنْيَا إلَّا عَشْرًا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18350 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثَنْي مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنهمْ } يَقُول : يَتَسَارُّونَ بَيْنهمْ . 18351 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَتَخَافَتُونَ بَيْنهمْ } : أَيْ يَتَسَارُّونَ بَيْنهمْ { إنْ لَبثْتُمْ إلَّا عَشْرًا } .
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا ↓
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { نَحْنُ أَعْلَم بمَا يَقُولُونَ إذْ يَقُول أَمْثَلهمْ طَريقَة إنْ لَبثْتُمْ إلَّا يَوْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْرُهُ : نَحْنُ أَعْلَم منْهُمْ عنْد إسْرَارهمْ وَتَخَافُتهمْ بَيْنهمْ بقيلهمْ { إنْ لَبثْتُمْ إلَّا عَشْرًا } بمَا يَقُولُونَ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا ممَّا يَتَسَارَرُونَهُ بَيْنهمْ شَيْء { إذْ يَقُول أَمْثَلهمْ طَريقَة إنْ لَبثْتُمْ إلَّا يَوْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره حين يَقُول أَوْفَاهُمْ عَقْلًا , وَأَعْلَمهُمْ فيهمْ : إنْ لَبثْتُمْ في الدُّنْيَا إلَّا يَوْمًا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18352 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , في قَوْله : { إذْ يَقُول أَمْثَلهمْ طَريقَة } أَوْفَاهُمْ عَقْلًا . وَإنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بالْخَبَر عَنْ قيلهمْ هَذَا الْقَوْل يَوْمئذٍ , إعْلَام عبَاده أَنَّ أَهْل الْكُفْر به يَنْسَوْنَ منْ عَظيم مَا يُعَاينُونَ منْ هَوْل يَوْم الْقيَامَة , وَشدَّة جَزَعهمْ منْ عَظيم مَا يَردُونَ عَلَيْه مَا كَانُوا فيه في الدُّنْيَا منْ النَّعيم وَاللَّذَّات , وَمَبْلَغ مَا عَاشُوا فيهَا منْ الْأَزْمَان , حَتَّى يُخَيَّل إلَى أَعْقَلهمْ فيهمْ , وَأَذْكَرهمْ وَأَفْهَمهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَعيشُوا فيهَا إلَّا يَوْمًا .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجبَال فَقُلْ يَنْسفهَا رَبّي نَسْفًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَيَسْأَلك يَا مُحَمَّد قَوْمك عَنْ الْجبَال , فَقُلْ لَهُمْ : يُذَرّيهَا رَبّي تَذْريَة , وَيُطَيّرهَا بقَلْعهَا وَاسْتئْصَالهَا منْ أُصُولهَا , وَدَكّ بَعْضهَا عَلَى بَعْض , وَتَصْييره إيَّاهَا هَبَاء مُنْبَثًّا .
يَقُول تَعَالَى ذكْرُهُ : فَيَدَع أَمَاكنهَا منْ الْأَرْض إذَا نَسَفَهَا نَسْفًا , قَاعًا : يَعْني : أَرْضًا مَلْسَاء , صَفْصَفًا : يَعْني مُسْتَويًا لَا نَبَات فيه , وَلَا نَشْز , وَلَا ارْتفَاع . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18353 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { قَاعًا صَفْصَفًا } يَقُول : مُسْتَويًا لَا نَبَات فيه . 18354 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { فَيَذَرهَا قَاعًا صَفْصَفًا } قَالَ : مُسْتَويًا , الصَّفْصَف : الْمُسْتَوي . 18355 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن لَهيعَة , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَسْوَد , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : كُنَّا قُعُودًا عنْد عَبْد الْمَلك حين قَالَ كَعْب : إنَّ الصَّخْرَة مَوْضع قَدَم الرَّحْمَن يَوْم الْقيَامَة , فَقَالَ : كَذَبَ كَعْب , إنَّمَا الصَّخْرَة جَبَل منْ الْجبَال , إنَّ اللَّه يَقُول : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجبَال فَقُلْ يَنْسفهَا رَبّي نَسْفًا } فَسَكَتَ عَبْد الْمَلك . 18356 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { صَفْصَفًا } قَالَ : مُسْتَويًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعلْم بلُغَات الْعَرَب منْ أَهْل الْكُوفَة يَقُول : الْقَاع : مُسْتَنْقَع الْمَاء , وَالصَّفْصَف : الَّذي لَا نَبَات فيه .
وَقَوْله : { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا وَلَا أَمْتًا } يَقُول : لَا تَرَى في الْأَرْض عوَجًا وَلَا أَمْتًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في مَعْنَى الْعوَج وَالْأَمْت , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بالْعوَج في هَذَا الْمَوْضع : الْأَوْديَة , وَبالْأَمْت : الرَّوَابي وَالنُّشُوز . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18357 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا وَلَا أَمْتًا } يَقُول : وَاديًا , وَلَا أَمْتًا : يَقُول : رَابيَة . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَميّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامر الْعَقْديّ , عَنْ عَبْد الْوَاحد بْن صَفْوَان مَوْلَى عُثْمَان , قَالَ : سَمعْت عكْرمَة , قَالَ : سُئلَ ابْن عَبَّاس , عَنْ قَوْله { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا وَلَا أَمْتًا } قَالَ : هيَ الْأَرْض الْبَيْضَاء , أَوْ قَالَ : الْمَلْسَاء الَّتي لَيْسَ فيهَا لَبنَة مُرْتَفعَة . 18358 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا وَلَا أَمْتًا } قَالَ : ارْتفَاعًا , وَلَا انْخفَاضًا . 18359 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا وَلَا أَمْتًا } قَالَ : لَا تُعَادي , الْأَمْت : التَّعَادي . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بالْعوَج في هَذَا الْمَوْضع : الصُّدُوع , وَبالْأَمْت : الارْتفَاع منْ الْآكَام وَأَشْبَاههَا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18360 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا } قَالَ : صَدْعًا { وَلَا أَمْتًا } يَقُول : وَلَا أَكَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بالْعوَج : الْمَيْل , وَبالْأَمْت : الْأَثَر . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18361 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَا تَرَى فيهَا عوَجًا } يَقُول : لَا تَرَى فيهَا مَيْلًا , وَالْأَمْت : الْأَمْر مثْل الشّرَاك . وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَمْت : الْمَحَانيّ وَالْأَحْدَاب . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18362 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة قَالَ : الْأَمْت : الْحَدَب . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال في ذَلكَ بالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بالْعوَج : الْمَيْل , وَذَلكَ أَنَّ ذَلكَ هُوَ الْمَعْرُوف في كَلَام الْعَرَب . فَإنْ قَالَ قَائل : وَهَلْ في الْأَرْض الْيَوْم منْ عوَج , فَيُقَال : لَا تَرَى فيهَا يَوْمئذٍ عوَجًا . قيلَ : إنَّ مَعْنَى ذَلكَ : لَيْسَ فيهَا أَوْديَة وَمَوَانع تَمْنَع النَّاظر أَوْ السَّائر فيهَا عَنْ الْأَخْذ عَلَى الاسْتقَامَة , كَمَا يَحْتَاج الْيَوْم منْ أَخْذ في بَعْض سُبُلهَا إلَى الْأَخْذ أَحْيَانًا يَمينًا , وَأَحْيَانًا شمَالًا , لمَا فيهَا منْ الْجبَال وَالْأَوْديَة وَالْبحَار . وَأَمَّا الْأَمْت فَإنَّهُ عنْد الْعَرَب : الانْثناء وَالضَّعْف . مَسْمُوع منْهُمْ : مَدّ حَبْله حَتَّى مَا تَرَكَ فيه أَمْتًا : أَيْ انْثناء ; وَمَلَأَ سقَاءَهُ حَتَّى مَا تَرَكَ فيه أَمْتًا ; وَمنْهُ قَوْل الرَّاجز : مَا في انْجذَاب سَيْره منْ أَمْت يَعْني : منْ وَهَن وَضَعْف , فَالْوَاجب إذَا كَانَ ذَلكَ مَعْنَى الْأَمْت عَمْدهمْ أَنْ يَكُون أَصْوَب الْأَقْوَال في تَأْويله : وَلَا ارْتفَاع وَلَا انْخفَاض , لأَنَّ الانْخفَاض لَمْ يَكُنْ إلَّا عَنْ ارْتفَاع . فَإذَا كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ , فَتَأْويل الْكَلَام : لَا تَرَى فيهَا مَيْلًا عَنْ الاسْتوَاء , وَلَا ارْتفَاعًا , وَلَا انْخفَاضًا , وَلَكنَّهَا مُسْتَويَة مَلْسَاء , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قَاعًا صَفْصَفًا } .
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ↓
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمئذٍ يَتَّبعُونَ الدَّاعي } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : يَوْمئذٍ يَتَّبع النَّاس صَوْت دَاعي اللَّه الَّذي يَدْعُوهُمْ إلَى مَوْقف الْقيَامَة , فَيَحْشرهُمْ إلَيْه { لَا عوَج لَهُ } يَقُول : لَا عوَج لَهُمْ عَنْهُ وَلَا انْحرَاف , وَلَكنَّهُمْ سرَاعًا إلَيْه يَنْحَشرُونَ . وَقيلَ : لَا عوَج لَهُ , وَالْمَعْنَى : لَا عوَج لَهُمْ عَنْهُ , لأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام مَا ذَكَرْنَا منْ أَنَّهُ لَا يَعْوَجُّونَ لَهُ وَلَا عَنْهُ . وَلَكنَّهُمْ يَؤُمُّونَهُ وَيَأْتُونَهُ , كَمَا يُقَال في الْكَلَام : دَعَاني فُلَان دَعْوَة لَا عوَج لي عَنْهَا : أَيْ لَا أَعْوَجّ عَنْهَا .
وَقَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَسَكَنَتْ أَصْوَات الْخَلَائق للرَّحْمَن فَوَصَفَ الْأَصْوَات بالْخُشُوع . وَالْمَعْنَى لأَهْلهَا إنَّهُمْ خَضَعَ جَميعهمْ لرَبّهمْ , فَلَا تَسْمَع لنَاطقٍ منْهُمْ مَنْطقًا إلَّا مَنْ أَذنَ لَهُ الرَّحْمَن , كَمَا : 18363 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن } يَقُول : سَكَنَتْ .
وَقَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : إنَّهُ وَطْء الْأَقْدَام إلَى الْمَحْشَر . وَأَصْله : الصَّوْت الْخَفيّ , يُقَال هَمَسَ فُلَان إلَى فُلَان بحَديثه إذَا أَسَرَّهُ إلَيْه وَأَخْفَاهُ ; وَمنْهُ قَوْل الرَّاجز : وَهُنَّ يَمْشينَ بنَا هَميسًا إنْ يَصْدُق الطَّيْر نَنكْ لَميسَا يَعْني بالْهَمْس : صَوْت أَخفَاف الْإبل في سَيْرهَا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَليّ بْن عَابس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : وَطْء الْأَقْدَام . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَعْني : هَمْس الْأَقْدَام , وَهُوَ الْوَطْء . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : الصَّوْت الْخَفيّ . 18365 - حَدَّثَنَا إسْمَاعيل بْن مُوسَى السُّدّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَريك , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَصْبَهَانيّ , عَنْ عكْرمَة { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : وَطْء الْأَقْدَام . 18366 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : هَمْس الْأَقْدَام . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ قَتَادَة : كَانَ الْحَسَن يَقُول : وَقْع أَقْدَام الْقَوْم . 18367 - حَدَّثَني يَعْقُوب بْن إبْرَاهيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : تَهَافُتًا , وَقَالَ : تَخَافُت الْكَلَام . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { هَمْسًا } قَالَ : خَفْض الصَّوْت . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , قَالَ : خَفْض الصَّوْت , قَالَ : وَأَخْبَرَني عَبْد اللَّه بْن كَثير , عَنْ مُجَاهد , قَالَ : كَلَام الْإنْسَان لَا تَسْمَع تَحَرُّك شَفَتَيْه وَلسَانه . 18368 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : لَا تَسْمَع إلَّا مَشْيًا , قَالَ : الْمَشْي الْهَمْس : وَطْء الْأَقْدَام .
وَقَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَسَكَنَتْ أَصْوَات الْخَلَائق للرَّحْمَن فَوَصَفَ الْأَصْوَات بالْخُشُوع . وَالْمَعْنَى لأَهْلهَا إنَّهُمْ خَضَعَ جَميعهمْ لرَبّهمْ , فَلَا تَسْمَع لنَاطقٍ منْهُمْ مَنْطقًا إلَّا مَنْ أَذنَ لَهُ الرَّحْمَن , كَمَا : 18363 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن } يَقُول : سَكَنَتْ .
وَقَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : إنَّهُ وَطْء الْأَقْدَام إلَى الْمَحْشَر . وَأَصْله : الصَّوْت الْخَفيّ , يُقَال هَمَسَ فُلَان إلَى فُلَان بحَديثه إذَا أَسَرَّهُ إلَيْه وَأَخْفَاهُ ; وَمنْهُ قَوْل الرَّاجز : وَهُنَّ يَمْشينَ بنَا هَميسًا إنْ يَصْدُق الطَّيْر نَنكْ لَميسَا يَعْني بالْهَمْس : صَوْت أَخفَاف الْإبل في سَيْرهَا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَليّ بْن عَابس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : وَطْء الْأَقْدَام . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَخَشَعَتْ الْأَصْوَات للرَّحْمَن فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَعْني : هَمْس الْأَقْدَام , وَهُوَ الْوَطْء . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : الصَّوْت الْخَفيّ . 18365 - حَدَّثَنَا إسْمَاعيل بْن مُوسَى السُّدّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَريك , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَصْبَهَانيّ , عَنْ عكْرمَة { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : وَطْء الْأَقْدَام . 18366 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : هَمْس الْأَقْدَام . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ قَتَادَة : كَانَ الْحَسَن يَقُول : وَقْع أَقْدَام الْقَوْم . 18367 - حَدَّثَني يَعْقُوب بْن إبْرَاهيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } قَالَ : تَهَافُتًا , وَقَالَ : تَخَافُت الْكَلَام . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { هَمْسًا } قَالَ : خَفْض الصَّوْت . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , قَالَ : خَفْض الصَّوْت , قَالَ : وَأَخْبَرَني عَبْد اللَّه بْن كَثير , عَنْ مُجَاهد , قَالَ : كَلَام الْإنْسَان لَا تَسْمَع تَحَرُّك شَفَتَيْه وَلسَانه . 18368 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَوْله : { فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا } يَقُول : لَا تَسْمَع إلَّا مَشْيًا , قَالَ : الْمَشْي الْهَمْس : وَطْء الْأَقْدَام .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمئذٍ لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة إلَّا مَنْ أَذنَ لَهُ الرَّحْمَن وَرَضيَ لَهُ قَوْلًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره { يَوْمئذٍ لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة إلَّا } شَفَاعَة { مَنْ أَذنَ لَهُ الرَّحْمَن } أَنْ يَشْفَع { وَرَضيَ لَهُ قَوْلًا } وَأَدْخَلَ في الْكَلَام لَهُ دَليلًا عَلَى إضَافَة الْقَوْل إلَى كنَايَة " مَنْ " وَذَلكَ كَقَوْل الْقَائل الْآخَر : رَضيت لَك عَمَلك , وَرَضيته منْك , وَمَوْضع مَنْ منْ قَوْله { إلَّا مَنْ أَذنَ لَهُ } نُصبَ لأَنَّهُ خلَاف الشَّفَاعَة .
وَقَوْله { يَعْلَم مَا بَيْن أَيْديهمْ وَمَا خَلْفهمْ } يَقُول تَعَالَى ذكْره : يَعْلَم رَبّك يَا مُحَمَّد مَا بَيْن أَيْدي هَؤُلَاء الَّذينَ يَتَّبعُونَ الدَّاعي منْ أَمْر الْقيَامَة , وَمَا الَّذي يَصيرُونَ إلَيْه منْ الثَّوَاب وَالْعقَاب { وَمَا خَلْفهمْ } يَقُول : وَيَعْلَم أَمْر مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ منْ أَمْر الدُّنْيَا , كَمَا . 18369 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { يَعْلَم مَا بَيْن أَيْديهمْ } منْ أَمْر السَّاعَة { وَمَا خَلْفهمْ } منْ أَمْر الدُّنْيَا .
وَقَوْله : { وَلَا يُحيطُونَ به علْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَلَا يُحيط خَلْقه به علْمًا . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنَّهُ مُحيط بعبَاده علْمًا , وَلَا يُحيط عبَاده به علْمًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ مَعْنَى ذَلكَ : أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدي مَلَائكَته وَمَا خَلْفهمْ , وَأَنَّ مَلَائكَته لَا يُحيطُونَ علْمًا بمَا بَيْن أَيْدي أَنْفُسهمْ وَمَا خَلْفهمْ , وَقَالَ : إنَّمَا أَعْلَم بذَلكَ الَّذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائكَة , أَنَّ الْمَلَائكَة كَذَلكَ لَا تَعْلَم مَا بَيْن أَيْديهَا وَمَا خَلْفهَا , مُوَبّخهمْ بذَلكَ وَمُقْرعهمْ بأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلكَ , فَكَيْف يُعْبَد , وَأَنَّ الْعبَادَة إنَّمَا تَصْلُح لمَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْه خَافيَة في الْأَرْض وَلَا في السَّمَاء .
وَقَوْله : { وَلَا يُحيطُونَ به علْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَلَا يُحيط خَلْقه به علْمًا . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَنَّهُ مُحيط بعبَاده علْمًا , وَلَا يُحيط عبَاده به علْمًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ مَعْنَى ذَلكَ : أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدي مَلَائكَته وَمَا خَلْفهمْ , وَأَنَّ مَلَائكَته لَا يُحيطُونَ علْمًا بمَا بَيْن أَيْدي أَنْفُسهمْ وَمَا خَلْفهمْ , وَقَالَ : إنَّمَا أَعْلَم بذَلكَ الَّذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائكَة , أَنَّ الْمَلَائكَة كَذَلكَ لَا تَعْلَم مَا بَيْن أَيْديهَا وَمَا خَلْفهَا , مُوَبّخهمْ بذَلكَ وَمُقْرعهمْ بأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلكَ , فَكَيْف يُعْبَد , وَأَنَّ الْعبَادَة إنَّمَا تَصْلُح لمَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْه خَافيَة في الْأَرْض وَلَا في السَّمَاء .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : اسْتَسَرَّتْ وُجُوه الْخَلْق , وَاسْتَسْلَمَتْ للْحَيّ الْقَيُّوم الَّذي لَا يَمُوت , الْقَيُّوم عَلَى خَلْقه بتَدْبيره إيَّاهُمْ , وَتَصْريفهمْ لمَا شَاءُوا . وَأَصْل الْعنْو الذُّلّ , يُقَال منْهُ : عَنَا وَجْهه لرَبّه يَعْنُو عنْوًا , يَعْني خَضَعَ لَهُ وَذَلَّ , وَكَذَلكَ قيلَ للْأَسير : عَانٍ لذلَّة الْأَسْر . فَأَمَّا قَوْلهمْ : أَخَذَتْ الشَّيْء عَنْوَة , فَإنَّهُ يَكُون وَإنْ كَانَ مَعْنَاهُ يَئُول إلَى هَذَا أَنْ يَكُون أَخْذه غَلَبَة , وَيَكُون أَخْذه عَنْ تَسْليم وَطَاعَة , كَمَا قَالَ الشَّاعر : هَلْ أَنْتَ مُطيعي أَيّهَا الْقَلْب عَنْوَة وَلَمْ تَلَحْ نَفْس لَمْ تَلُمْ في اخْتيَالهَا وَقَالَ آخَر : فَمَا أَخَذُوهَا عَنْوَة عَنْ مَوَدَّة وَلَكنْ بحَدّ الْمَشْرَفيّ اسْتَقَالَهَا وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18370 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } يَقُول : ذَلَّتْ . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثَنَى أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } يَعْني بعَنَتْ : اسْتَسْلَمُوا لي . 18371 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه } قَالَ : خَشَعَتْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18372 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } أَيْ ذَلَّتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَ : ذَلَّتْ الْوُجُوه . 18373 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبيه , قَالَ : قَالَ طَلْق : إذَا سَجَدَ الرَّجُل فَقَدْ عَنَا وَجْهه , أَوْ قَالَ : عَنَا . * - حَدَّثَني أَبُو حصْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ طَلْق بْن حَبيب , في هَذه الْآيَة : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَ : هُوَ وَضْع الرَّجُل رَأْسه وَيَدَيْه وَأَطْرَاف قَدَمَيْه . * - حَدَّثَني أَبُو السَّائب , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ لَيْث , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ طَلْق بْن حَبيب في قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَا : وَهُوَ وَضْعك جَبْهَتك وَكَفَّيْك وَرُكْبَتَيْك وَأَطْرَاف قَدَمَيْك في السُّجُود . * - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ طَلْق بْن حَبيب في قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَ : وَضْع الْجَبْهَة وَالْأَنْف عَلَى الْأَرْض . * - حَدَّثَني يَعْقُوب : قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عَمْرو بْن مَرَّة , عَنْ طَلْق بْن حَبيب , في قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَ : هُوَ السُّجُود عَلَى الْجَبْهَة وَالرَّاحَة وَالرُّكْبَتَيْن وَالْقَدَمَيْن . 18374 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَعَنَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم } قَالَ : أَسْتَأْسَرَتْ الْوُجُوه للْحَيّ الْقَيُّوم , صَارُوا أَسَارَى كُلّهمْ لَهُ . قَالَ : وَالْعَاني : الْأَسير . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْحَيّ الْقَيُّوم فيمَا مَضَى , بمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته هَاهُنَا .
وَقَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَلَمْ يَظْفَر بحَاجَته وَطُلْبَته مَنْ حَمَلَ إلَى مَوْقف الْقيَادَة شرْكًا باَللَّه , وَكُفْرًا به , وَعَمَلًا بمَعْصيَته . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في تَأْويل ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18375 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } قَالَ : مَنْ حَمَلَ شرْكًا . 18376 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } قَالَ : مَنْ حَمَلَ شرْكًا , الظُّلْم هَاهُنَا : الشّرْك .
وَقَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَلَمْ يَظْفَر بحَاجَته وَطُلْبَته مَنْ حَمَلَ إلَى مَوْقف الْقيَادَة شرْكًا باَللَّه , وَكُفْرًا به , وَعَمَلًا بمَعْصيَته . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في تَأْويل ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18375 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } قَالَ : مَنْ حَمَلَ شرْكًا . 18376 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } قَالَ : مَنْ حَمَلَ شرْكًا , الظُّلْم هَاهُنَا : الشّرْك .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْمَل منْ الصَّالحَات وَهُوَ مُؤْمن فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } . يَقُول تَعَالَى ذكْره وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ : وَمَنْ يَعْمَل منْ صَالحَات الْأَعْمَال , وَذَلكَ فيمَا قيلَ أَدَاء فَرَائض اللَّه الَّتي فَرَضَهَا عَلَى عبَاده { وَهُوَ مُؤْمن } يَقُول : وَهُوَ مُصَدّق باَللَّه , وَأَنَّهُ مُجَازٍ أَهْل طَاعَته وَأَهْل مَعَاصيه عَلَى مَعَاصيهمْ { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا } يَقُول : فَلَا يَخَاف منْ اللَّه أَنْ يَظْلمهُ , فَيَحْمل عَلَيْه سَيّئَات غَيْره , فَيُعَاقبهُ عَلَيْهَا { وَلَا هَضْمًا } يَقُول : لَا يَخَاف أَنْ يَهْضمهُ حَسَنَاته , فَيَنْقُصهُ ثَوَابهَا . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ . 18377 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمَنْ يَعْمَل منْ الصَّالحَات وَهُوَ مُؤْمن } وَإنَّمَا يَقْبَل اللَّه منْ الْعَمَل مَا كَانَ في إيمَان . 18378 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل منْ الصَّالحَات وَهُوَ مُؤْمن } قَالَ : زَعَمُوا أَنَّهَا الْفَرَائض . ذكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا في مَعْنَى قَوْله : { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } . 18379 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَا : ثنا ابْن عَطيَّة , عَنْ إسْرَائيل , عَنْ سمَاك , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس { لَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } قَالَ : هَضْمًا . غَصْبًا . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة عَنْ عَليّ عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : { لَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } قَالَ : لَا يَخَاف ابْن آدَم يَوْم الْقيَامَة أَنْ يُظْلَم , فَيُزَاد عَلَيْه في سَيّئَاته , وَلَا يُظْلَم فَيُهْضَم في حَسَنَاته . 18380 - - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل منْ الصَّالحَات وَهُوَ مُؤْمن فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } يَقُول : أَنَا قَاهر لَكُمْ الْيَوْم , آخُذكُمْ بقُوَّتي وَشدَّتي , وَأَنَا قَادر عَلَى قَهْركُمْ وَهَضْمكُمْ , فَإنَّمَا بَيْني وَبَيْنكُمْ الْعَدْل , وَذَلكَ يَوْم الْقيَامَة . 18381 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله : { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } أَمَّا هَضْمًا فَهُوَ لَا يَقْهَر الرَّجُل الرَّجُل بقُوَّته , يَقُول اللَّه يَوْم الْقيَامَة : لَا آخُذكُمْ بقُوَّتي وَشدَّتي , وَلَكنَّ الْعَدْل بَيْني وَبَيْنكُمْ , وَلَا ظُلْم عَلَيْكُمْ . 18382 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { هَضْمًا } قَالَ : انْتقَاص شَيْء منْ حَقّ عَمَله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18383 - حَدَّثَني مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ مسْعَر , قَالَ : سَمعْت حَبيب بْن أَبي ثَابت يَقُول في قَوْله : { وَلَا هَضْمًا } قَالَ : الْهَضْم : الانْتقَاص . 18384 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } قَالَ : ظُلْمًا أَنْ يُزَاد في سَيّئَاته , وَلَا يُهْضَم منْ حَسَنَاته . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } قَالَ : لَا يَخَاف أَنْ يُظْلَم , فَلَا يُجْزَى بعَمَله , وَلَا يَخَاف أَنْ يُنْتَقَص منْ حَقّه , فَلَا يُوَفَّى عَمَله . 18385 - حَدَّثَنَا الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا سَلَّام بْن مسْكين , عَنْ مَيْمُون بْن سيَاه , عَنْ الْحَسَن , في قَوْل اللَّه تَعَالَى : { فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } قَالَ : لَا يَنْتَقص اللَّه منْ حَسَنَاته شَيْئًا , وَلَا يَحْمل عَلَيْه ذَنْب مُسيء . وَأَصْل الْهَضْم : النَّقْص , يُقَال : هَضَمَني فُلَان حَقّي , وَمنْهُ امْرَأَة هَضيم : أَيْ ضَامرَة الْبَطْن , وَمنْهُ قَوْلهمْ : قَدْ هُضمَ الطَّعَام : إذَا ذَهَبَ , وَهَضَمْت لَك منْ حَقّك : أَيْ حَطَطْتُك .
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ↓
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَكَذَلكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًّا وَصَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : كَمَا رَغَّبْنَا أَهْل الْإيمَان في صَالحَات الْأَعْمَال , بوَعْدنَاهُمْ مَا وَعَدْنَاهُمْ , كَذَلكَ حَذَّرَنَا بالْوَعيد أَهْل الْكُفْر بالْمَقَام عَلَى مَعَاصينَا , وَكُفْرهمْ بآيَاتنَا , فَأَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَرَبيًّا , إذْ كَانُوا عَرَبًا { وَصَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد } فَبَيَّنَّاهُ : يَقُول : وَخَوَّفْنَاهُمْ فيه بضُرُوبٍ منْ الْوَعيد .
يَقُول : كَيْ يَتَّقُونَا , بتَصْريفنَا مَا صَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد .
يَقُول : أَوْ يُحْدث لَهُمْ هَذَا الْقُرْآن تَذْكرَة , فَيَعْتَبرُونَ وَيَتَّعظُونَ بفعْلنَا بالْأُمَم الَّتي كَذَّبَتْ الرُّسُل قَبْلهَا , وَيَنْزَجرُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْه مُقيمُونَ منْ الْكُفْر باَللَّه . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18386 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَذَلكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًّا وَصَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } مَا حُذّرُوا به منْ أَمْر اللَّه وَعقَابه , وَوَقَائعه بالْأُمَم قَبْلهمْ { أَوْ يُحْدث لَهُمْ } الْقُرْآن { ذكْرًا } : أَيْ جدًّا وَوَرَعًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { أَوْ يُحْدث لَهُمْ ذكْرًا } قَالَ : جدًّا وَوَرَعًا . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ في : { أَوْ يُحْدث لَهُمْ ذكْرًا } أَنَّ مَعْنَاهُ : أَوْ يُحْدث لَهُمْ شَرَفًا , بإيمَانهمْ به .
يَقُول : كَيْ يَتَّقُونَا , بتَصْريفنَا مَا صَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد .
يَقُول : أَوْ يُحْدث لَهُمْ هَذَا الْقُرْآن تَذْكرَة , فَيَعْتَبرُونَ وَيَتَّعظُونَ بفعْلنَا بالْأُمَم الَّتي كَذَّبَتْ الرُّسُل قَبْلهَا , وَيَنْزَجرُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْه مُقيمُونَ منْ الْكُفْر باَللَّه . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18386 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَذَلكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًّا وَصَرَّفْنَا فيه منْ الْوَعيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } مَا حُذّرُوا به منْ أَمْر اللَّه وَعقَابه , وَوَقَائعه بالْأُمَم قَبْلهمْ { أَوْ يُحْدث لَهُمْ } الْقُرْآن { ذكْرًا } : أَيْ جدًّا وَوَرَعًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { أَوْ يُحْدث لَهُمْ ذكْرًا } قَالَ : جدًّا وَوَرَعًا . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ في : { أَوْ يُحْدث لَهُمْ ذكْرًا } أَنَّ مَعْنَاهُ : أَوْ يُحْدث لَهُمْ شَرَفًا , بإيمَانهمْ به .
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ↑
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { فَتَعَالَى اللَّه الْمَلك الْحَقّ } يَقُول تَعَالَى ذكْره : فَارْتَفَعَ الَّذي لَهُ الْعبَادَة منْ جَميع خَلْقه , الْمَلك الَّذي قَهَرَ سُلْطَانه كُلّ مَلك وَجَبَّار , الْحَقّ عَمَّا يَصفهُ به الْمُشْركُونَ منْ خَلْقه .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لنَبيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : وَلَا تَعْجَل يَا مُحَمَّد بالْقُرْآن , فَتُقْرئهُ أَصْحَابك , أَوْ تَقْرَأهُ عَلَيْهمْ , منْ قَبْل أَنْ يُوحَى إلَيْك بَيَان مَعَانيه , فَعُوتبَ عَلَى إكْتَابه وَإمْلَائه مَا كَانَ اللَّه يُنْزلهُ عَلَيْه منْ كتَابه مَنْ كَانَ يَكْتُبهُ ذَلكَ , منْ قَبْل أَنْ يُبَيّن لَهُ مَعَانيه , وَقيلَ : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد , وَلَا تُمْله عَلَيْه , حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18387 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبَى نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } قَالَ : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . 18388 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : يَقُول : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد حَتَّى نُتمّهُ لَك ; هَكَذَا قَالَ الْقَاسم : حَتَّى نُتمّهُ . 18389 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } يُعْنَى : لَا تَعْجَل حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . 18390 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } : أَيْ بَيَانه * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } قَالَ : تبْيَانه . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة { منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } منْ قَبْل أَنْ يُبَيّن لَك بَيَانه .
وَقَوْله : { وَقُلْ رَبّ زدْني علْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَقُلْ يَا مُحَمَّد : رَبّ زدْني علْمًا إلَى مَا عَلَّمْتني ; أَمَرَهُ بمَسْأَلَته منْ فَوَائده الْعلْم مَا لَا يَعْلَم .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لنَبيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : وَلَا تَعْجَل يَا مُحَمَّد بالْقُرْآن , فَتُقْرئهُ أَصْحَابك , أَوْ تَقْرَأهُ عَلَيْهمْ , منْ قَبْل أَنْ يُوحَى إلَيْك بَيَان مَعَانيه , فَعُوتبَ عَلَى إكْتَابه وَإمْلَائه مَا كَانَ اللَّه يُنْزلهُ عَلَيْه منْ كتَابه مَنْ كَانَ يَكْتُبهُ ذَلكَ , منْ قَبْل أَنْ يُبَيّن لَهُ مَعَانيه , وَقيلَ : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد , وَلَا تُمْله عَلَيْه , حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18387 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبَى نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } قَالَ : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . 18388 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : يَقُول : لَا تَتْلُهُ عَلَى أَحَد حَتَّى نُتمّهُ لَك ; هَكَذَا قَالَ الْقَاسم : حَتَّى نُتمّهُ . 18389 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } يُعْنَى : لَا تَعْجَل حَتَّى نُبَيّنهُ لَك . 18390 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } : أَيْ بَيَانه * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَعْجَل بالْقُرْآن منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } قَالَ : تبْيَانه . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة { منْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إلَيْك وَحْيه } منْ قَبْل أَنْ يُبَيّن لَك بَيَانه .
وَقَوْله : { وَقُلْ رَبّ زدْني علْمًا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَقُلْ يَا مُحَمَّد : رَبّ زدْني علْمًا إلَى مَا عَلَّمْتني ; أَمَرَهُ بمَسْأَلَته منْ فَوَائده الْعلْم مَا لَا يَعْلَم .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ عَهدْنَا إلَى آدَم منْ قَبْل فَنَسيَ } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَإنْ يُضَيّع يَا مُحَمَّد هَؤُلَاء الَّذينَ نُصَرّف لَهُمْ في هَذَا الْقُرْآن منْ الْوَعيد عَهْدي , وَيُخَالفُوا أَمْري , وَيَتْرُكُوا طَاعَتي , وَيَتَّبعُوا أَمْر عَدُوّهُمْ إبْليس , وَيُطيعُوهُ في خلَاف أَمْري , فَقَديمًا مَا فَعَلَ ذَلكَ أَبُوهُمْ آدَم { وَلَقَدْ عَهدْنَا إلَيْه } يَقُول : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا آدَم وَقُلْنَا لَهُ : { إنَّ هَذَا عَدُوّ لَك وَلزَوْجك فَلَا يُخْرجَنكُمَا منْ الْجَنَّة } 20 117 فَوَسْوَسَ إلَيْه الشَّيْطَان فَأَطَاعَهُ , وَخَالَفَ أَمْري , فَحَلَّ به منْ عُقُوبَتي مَا حَلَّ . وَعُنيَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بقَوْله : { منْ قَبْل } هَؤُلَاء الَّذينَ أَخْبَرَ أَنَّهُ صَرَّفَ لَهُمْ الْوَعيد في هَذَا الْقُرْآن ; وَقَوْله : { فَنَسيَ } يَقُول : فَتَرَكَ عَهْدي , كَمَا : 18391 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { وَلَقَدْ عَهدْنَا إلَى آدَم منْ قَبْل فَنَسيَ } يَقُول : فَتُركَ . 18392 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْله : { فَنَسيَ } قَالَ : تَرَكَ أَمْر رَبّه . 18393 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَلَقَدْ عَهدْنَا إلَى آدَم منْ قَبْل فَنَسيَ وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : قَالَ لَهُ { يَا آدَم هَذَا عَدُوّ لَك وَلزَوْجك فَلَا يُخْرجَنكُمَا منْ الْجَنَّة فَتَشْقَى } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { لَا تَظْمَأ فيهَا وَلَا تَضْحَى } , وَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَمُلْك لَا يَبْلَى } قَالَ : فَنَسيَ مَا عَهدَ إلَيْه في ذَلكَ , قَالَ : وَهَذَا عَهْد اللَّه إلَيْه , قَالَ : وَلَوْ كَانَ لَهُ عَزْم مَا أَطَاعَ عَدُوّهُ الَّذي حَسَدَهُ , وَأَبي أَنْ يَسْجُد لَهُ مَعَ مَنْ سَجَدَ لَهُ إبْليس , وَعَصَى اللَّه الَّذي كَرَّمَهُ وَشَرَّفَهُ , وَأَمَرَ مَلَائكَته فَسَجَدُوا لَهُ . 18394 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار قَالَا : ثنا يَحْيَى بْن سَعيد , وَعَبْد الرَّحْمَن , وَمُؤَمّل , قَالُوا : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلم الْبُطَيْن , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إنَّمَا سُمّيَ الْإنْسَان لأَنَّهُ عُهدَ إلَيْه فَنَسيَ .
وَقَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في مَعْنَى الْعَزْم هَاهُنَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ الصَّبْر . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18395 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } أَيْ صَبْرًا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } , قَالَ : صَبْرًا . * - حَدَّثَنَا إبْرَاهيم بْن يَعْقُوب الْجَوْزَجَانيّ , قَالَ : ثنا أَبُو النَّضْر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , مثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : الْحفْظ , قَالُوا : وَمَعْنَاهُ : وَلَمْ نَجد لَهُ حفْظًا لمَا عَهدْنَا إلَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18396 - حَدَّثَني أَبُو السَّائب , قَالَ : ثنا ابْن إدْريس , عَنْ أَبيه , عَنْ عَطيَّة { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا لمَا أَمَرْته . * - حَدَّثَني يَعْقُوب بْن إبْرَاهيم , قَالَ : ثنا هَاشم بْن الْقَاسم , عَنْ الْأَشْجَعيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطيَّة , في قَوْله { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا . * - حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا قَبيصَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطيَّة , في قَوْله { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا لمَا أَمَرْته به . 18397 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثَنْي أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } يَقُول : لَمْ نَجد لَهُ حفْظًا . 18398 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : الْعَزْم : الْمُحَافَظَة عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بحفْظه , وَالتَّمَسُّك به . 18399 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } يَقُول : لَمْ نَجْعَل لَهُ عَزْمًا . 18400 - حَدَّثَني الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن فَضَالَة , عَنْ لُقْمَان بْن عَامر , عَنْ أَبي أُمَامَةَ قَالَ : لَوْ أَنَّ أَحْلَام بَني آدَم جُمعَتْ مُنْذُ يَوْم خَلَقَ اللَّه تَعَالَى آدَم إلَى يَوْم السَّاعَة , وَوُضعَتْ في كفَّة ميزَان , وَوُضعَ حلْم آدَم في الْكفَّة الْأُخْرَى , لَرَجَعَ حلْمه بأَحْلَامهمْ , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الْعَزْم اعْتقَاد الْقَلْب عَلَى الشَّيْء , يُقَال منْهُ : عَزَمَ فُلَان عَلَى كَذَا : إذَا اعْتَقَدَ عَلَيْه وَنَوَاهُ ; وَمنْ اعْتقَاد الْقَلْب : حفْظ الشَّيْء , وَمنْهُ الصَّبْر عَلَى الشَّيْء , لأَنَّهُ لَا يَجْزَع جَازع إلَّا منْ خَوْر قَلْبه وَضَعْفه . فَإذَا كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ , فَلَا مَعْنَى لذَلكَ أَبْلَغ ممَّا بَيَّنَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَهُوَ قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } فَيَكُون تَأْويله : وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْم قَلْب , عَلَى الْوَفَاء للَّه بعَهْده , وَلَا عَلَى حفْظ مَا عَهدَ إلَيْه .
وَقَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في مَعْنَى الْعَزْم هَاهُنَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ الصَّبْر . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18395 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } أَيْ صَبْرًا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } , قَالَ : صَبْرًا . * - حَدَّثَنَا إبْرَاهيم بْن يَعْقُوب الْجَوْزَجَانيّ , قَالَ : ثنا أَبُو النَّضْر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , مثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : الْحفْظ , قَالُوا : وَمَعْنَاهُ : وَلَمْ نَجد لَهُ حفْظًا لمَا عَهدْنَا إلَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18396 - حَدَّثَني أَبُو السَّائب , قَالَ : ثنا ابْن إدْريس , عَنْ أَبيه , عَنْ عَطيَّة { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا لمَا أَمَرْته . * - حَدَّثَني يَعْقُوب بْن إبْرَاهيم , قَالَ : ثنا هَاشم بْن الْقَاسم , عَنْ الْأَشْجَعيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطيَّة , في قَوْله { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا . * - حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا قَبيصَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , عَنْ عَطيَّة , في قَوْله { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : حفْظًا لمَا أَمَرْته به . 18397 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثَنْي أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } يَقُول : لَمْ نَجد لَهُ حفْظًا . 18398 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } قَالَ : الْعَزْم : الْمُحَافَظَة عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بحفْظه , وَالتَّمَسُّك به . 18399 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } يَقُول : لَمْ نَجْعَل لَهُ عَزْمًا . 18400 - حَدَّثَني الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن فَضَالَة , عَنْ لُقْمَان بْن عَامر , عَنْ أَبي أُمَامَةَ قَالَ : لَوْ أَنَّ أَحْلَام بَني آدَم جُمعَتْ مُنْذُ يَوْم خَلَقَ اللَّه تَعَالَى آدَم إلَى يَوْم السَّاعَة , وَوُضعَتْ في كفَّة ميزَان , وَوُضعَ حلْم آدَم في الْكفَّة الْأُخْرَى , لَرَجَعَ حلْمه بأَحْلَامهمْ , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الْعَزْم اعْتقَاد الْقَلْب عَلَى الشَّيْء , يُقَال منْهُ : عَزَمَ فُلَان عَلَى كَذَا : إذَا اعْتَقَدَ عَلَيْه وَنَوَاهُ ; وَمنْ اعْتقَاد الْقَلْب : حفْظ الشَّيْء , وَمنْهُ الصَّبْر عَلَى الشَّيْء , لأَنَّهُ لَا يَجْزَع جَازع إلَّا منْ خَوْر قَلْبه وَضَعْفه . فَإذَا كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ , فَلَا مَعْنَى لذَلكَ أَبْلَغ ممَّا بَيَّنَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَهُوَ قَوْله : { وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْمًا } فَيَكُون تَأْويله : وَلَمْ نَجد لَهُ عَزْم قَلْب , عَلَى الْوَفَاء للَّه بعَهْده , وَلَا عَلَى حفْظ مَا عَهدَ إلَيْه .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَإذْ قُلْنَا للْمَلَائكَة اُسْجُدُوا لآدَم فَسَجَدُوا إلَّا إبْليس أَبَى } يَقُول تَعَالَى ذكْرُهُ مُعَلّمًا نَبيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ , مَا كَانَ منْ تَضْييع آدَم عَهْده , وَمُعَرّفه بذَلكَ أَنَّ وَلَده لَنْ يَعْدُوا أَنْ يَكُونُوا في ذَلكَ عَلَى منْهَاجه , إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّه منْهُمْ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إذْ قُلْنَا للْمَلَائكَة اُسْجُدُوا لآدَم فَسَجَدُوا إلَّا إبْليس أَبَى } أَنْ يَسْجُد لَهُ .
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ↓
{ فَقُلْنَا يَا آدَم إنَّ هَذَا عَدُوّ لَك وَلزَوْجك } وَلذَلكَ منْ شَنَآنه لَمْ يَسْجُد لَك , وَخَالَفَ أَمْري في ذَلكَ وَعَصَاني , فَلَا تُطيعَاهُ فيمَا يَأْمُركُمَا به , فَيُخْرجكُمَا بمَعْصيَتكُمَا رَبّكُمَا , وَطَاعَتكُمَا لَهُ { منْ الْجَنَّة فَتَشْقَى } يَقُول : فَيَكُون عَيْشك منْ كَدّ يَدك , فَذَلكَ شَقَاؤُهُ الَّذي حَذَّرَهُ به , كَمَا : 18401 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعيد , قَالَ : أُهْبطَ إلَى آدَم ثَوْر أَحْمَر , فَكَانَ يَحْرُث عَلَيْه , وَيَمْسَح الْعَرَق منْ جَبينه , فَهُوَ الَّذي قَالَ اللَّه تَعَالَى ذكْرُهُ : { فَلَا يُخْرجَنكُمَا منْ الْجَنَّة فَتَشْقَى } فَكَانَ ذَلكَ شَقَاءَهُ . وَقَالَ تَعَالَى ذكْرُهُ : { فَتَشْقَى } وَلَمْ يَقُلْ : فَتَشْقَيَا , وَقَدْ قَالَ : { فَلَا يُخْرجَنكُمَا } لأَنَّ ابْتدَاء الْخَطَّاب منْ اللَّه كَانَ لآدَم عَلَيْه السَّلَام فَكَانَ في إعْلَامه الْعُقُوبَة عَلَى مَعْصيَته إيَّاهُ , فيمَا نَهَاهُ عَنْهُ منْ أَكْل الشَّجَرَة , الْكفَايَة منْ ذكْر الْمَرْأَة , إذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ حُكْمهَا في ذَلكَ حُكْمه , كَمَا قَالَ : { عَنْ الْيَمين وَعَنْ الشّمَال قَعيد } 50 17 اُجْتُزئَ بمَعْرفَة السَّامعينَ مَعْنَاهُ , منْ ذكْر فعْل صَاحبه .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ لَك أَلَّا تَجُوع فيهَا وَلَا تَعْرَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره , مُخْبرًا عَنْ قيله لآدَم حين أَسْكَنَهُ الْجَنَّة : { إنَّ لَك } يَا آدَم { أَنْ لَا تَجُوع فيهَا وَلَا تَعْرَى } . و " أَنْ " في قَوْله { أَلَّا تَجُوع فيهَا } في مَوْضع نَصْب بإنَّ الَّتي في قَوْله : { إنَّ لَك } .
وَقَوْله : { وَأَنَّك لَا تَظْمَأ فيهَا } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَتهَا , فَقَرَأَ ذَلكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدينَة وَالْكُوفَة بالْكَسْر : وَإنَّك , عَلَى الْعَطْف عَلَى قَوْله : { إنَّ لَك } . وَقَرَأَ ذَلكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدينَة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : وَأَنَّك , بفَتْح أَلفهَا عَطْفًا بهَا عَلَى " أَنَّ " الَّتي في قَوْله : " أَنْ لَا تَجُوع فيهَا " . وَوَجَّهُوا تَأْويل ذَلكَ إلَى أَنَّ لَك هَذَا وَهَذَا ; فَهَذه الْقرَاءَة أَعْجَب الْقرَاءَتَيْن إلَيَّ , لأَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذكْره وَعَدَ ذَلكَ آدَم حين أَسْكَنَهُ الْجَنَّة , فَكَوْن ذَلكَ بأَنْ يَكُون عَطْفًا عَلَى أَنْ لَا تَجُوع أَوْلَى منْ أَنْ يَكُون خَبَر مُبْتَدَإ , وَإنْ كَانَ الْآخَر غَيْر بَعيد منْ الصَّوَاب . وَعُنيَ بقَوْله : { لَا تَظْمَأ فيهَا } لَا تَعْطَش في الْجَنَّة مَا دُمْت فيهَا { وَلَا تَضْحَى } , يَقُول : لَا تَظْهَر للشَّمْس فَيُؤْذيك حَرّهَا , كَمَا قَالَ ابْن أَبي رَبيعَة : رَأَتْ رَجُلًا أَمَّا إذَا الشَّمْس عَارَضَتْ فَيَضْحَى وَأَمَّا بالْعَشيّ فَيَخْصُر وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18402 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالح , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَنَّك لَا تَظْمَأ فيهَا وَلَا تَضْحَى } يَقُول : لَا يُصيبك فيهَا عَطَش وَلَا حَرّ . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَنَّك لَا تَظْمَأ فيهَا وَلَا تَضْحَى } يَقُول : لَا يُصيبك حَرّ وَلَا أَذَى . 18403 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن حَكيم الْأَوْديّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن شَريك , قَالَ : ثَنْي أَبي , عَنْ خُصَيْف عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر { لَا تَظْمَأ فيهَا وَلَا تَضْحَى } قَالَ : لَا تُصيبك الشَّمْس . حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا تَضْحَى } قَالَ : لَا تُصيبك الشَّمْس .
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى ↓
وَقَوْله : { فَوَسْوَسَ إلَيْه الشَّيْطَان } يَقُول : فَأَلْقَى إلَى آدَم الشَّيْطَان وَحَدَّثَهُ { فَقَالَ يَا آدَم هَلْ أَدُلّك عَلَى شَجَرَة الْخُلْد } يَقُول : قَالَ لَهُ : هَلْ أَدُلّك عَلَى شَجَرَة إنْ أَكَلْت منْهَا خَلَدْت فَلَمْ تَمُتْ , وَمَلَكْت مُلْكًا لَا يَنْقَضي فَيَبْلَى , كَمَا : 18404 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { قَالَ يَا آدَم هَلْ أَدُلّك عَلَى شَجَرَة الْخُلْد وَمُلْك لَا يَبْلَى } إنْ أَكَلْت منْهَا كُنْت مَلكًا مثْل اللَّه { أَوْ تَكُونَا منْ الْخَالدينَ } فَلَا تَمُوتَان أَبَدًا .