الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدهمْ قَرْنًا آخَرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَحْدَثْنَا مِنْ بَعْد مَهْلِك قَوْم نُوح قَرْنًا آخَرِينَ فَأَوْجَدْنَاهُمْ .
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ↓
{ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ } دَاعِيًا لَهُمْ , { أَنِ اعْبُدُوا اللَّه } يَا قَوْمِ , وَأَطِيعُوهُ دُون الْآلِهَة وَالْأَصْنَام , فَإِنَّ الْعِبَادَة لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ .
يَقُول : مَا لَكُمْ مِنْ مَعْبُود يَصْلُح أَنْ تَعْبُدُوا سِوَاهُ .
أَفَلَا تَخَافُونَ عِقَاب اللَّه بِعِبَادَتِكُمْ شَيْئًا دُونه , وَهُوَ الْإِلَه الَّذِي لَا إِلَه لَكُمْ سِوَاهُ .
يَقُول : مَا لَكُمْ مِنْ مَعْبُود يَصْلُح أَنْ تَعْبُدُوا سِوَاهُ .
أَفَلَا تَخَافُونَ عِقَاب اللَّه بِعِبَادَتِكُمْ شَيْئًا دُونه , وَهُوَ الْإِلَه الَّذِي لَا إِلَه لَكُمْ سِوَاهُ .
وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الْمَلَأ مِنْ قَوْمه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَتِ الْأَشْرَاف مِنْ قَوْم الرَّسُول الَّذِي أَرْسَلْنَا بَعْد نُوح . وَعَنَى بِالرَّسُولِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : صَالِحًا , وَبِقَوْمِهِ : ثَمُود .
يَقُول : الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيد اللَّه .
يَعْنِي كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّه فِي الْآخِرَة.
وَقَوْله : { وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : وَنَعَّمْنَاهُمْ فِي حَيَاتهمُ الدُّنْيَا بِمَا وَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَعَاش وَبَسَطْنَا لَهُمْ مِنَ الرِّزْق , حَتَّى بَطِرُوا وَعَتَوْا عَلَى رَبّهمْ وَكَفَرُوا ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : وَقَدْ أَرَانِي بِالدِّيَارِ مُتْرَفًا
وَقَوْله : { مَا هَذَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ } يَقُول : قَالُوا : بَعَثَ اللَّه صَالِحًا إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ بَيْننَا , وَخَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ دُوننَا , وَهُوَ إِنْسَان مِثْلنَا يَأْكُل مِمَّا نَأْكُل مِنْهُ مِنَ الطَّعَام وَيَشْرَب مِمَّا نَشْرَب , وَكَيْفَ لَمْ يُرْسِل مَلَكًا مِنْ عِنْده يُبَلِّغنَا رِسَالَته ؟ قَالَ : { وَيَشْرَب مِمَّا تَشْرَبُونَ } مَعْنَاهُ : مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ , فَحَذَفَ مِنَ الْكَلَام " مِنْهُ " ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَيَشْرَب مِنْ شَرَابكُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : شَرِبْت مِنْ شَرَابك .
يَقُول : الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيد اللَّه .
يَعْنِي كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّه فِي الْآخِرَة.
وَقَوْله : { وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : وَنَعَّمْنَاهُمْ فِي حَيَاتهمُ الدُّنْيَا بِمَا وَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَعَاش وَبَسَطْنَا لَهُمْ مِنَ الرِّزْق , حَتَّى بَطِرُوا وَعَتَوْا عَلَى رَبّهمْ وَكَفَرُوا ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : وَقَدْ أَرَانِي بِالدِّيَارِ مُتْرَفًا
وَقَوْله : { مَا هَذَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ } يَقُول : قَالُوا : بَعَثَ اللَّه صَالِحًا إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ بَيْننَا , وَخَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ دُوننَا , وَهُوَ إِنْسَان مِثْلنَا يَأْكُل مِمَّا نَأْكُل مِنْهُ مِنَ الطَّعَام وَيَشْرَب مِمَّا نَشْرَب , وَكَيْفَ لَمْ يُرْسِل مَلَكًا مِنْ عِنْده يُبَلِّغنَا رِسَالَته ؟ قَالَ : { وَيَشْرَب مِمَّا تَشْرَبُونَ } مَعْنَاهُ : مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ , فَحَذَفَ مِنَ الْكَلَام " مِنْهُ " ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَيَشْرَب مِنْ شَرَابكُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : شَرِبْت مِنْ شَرَابك .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الْمَلَأ مِنْ قَوْم صَالِح لِقَوْمِهِمْ : { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلكُمْ } فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَقَبِلْتُمْ مَا يَقُول وَصَدَّقْتُمُوهُ . { إِنَّكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { إِذًا لَخَاسِرُونَ } يَقُول : قَالُوا : إِنَّكُمْ إِذَنْ لَمَغْبُونُونَ حُظُوظكُمْ مِنَ الشَّرَف وَالرِّفْعَة فِي الدُّنْيَا , بِاتِّبَاعِكُمْ إِيَّاهُ .
قَوْله : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا . .. } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالُوا لَهُمْ : أَيَعِدُكُمْ صَالِح أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا فِي قُبُوركُمْ وَعِظَامًا قَدْ ذَهَبَتْ لُحُوم أَجْسَادكُمْ وَبَقِيَتْ عِظَامهَا , أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ مِنْ قُبُوركُمْ أَحْيَاء كَمَا كُنْتُمْ قَبْل مَمَاتكُمْ ؟ وَأُعِيدَتْ " أَنَّكُمْ " مَرَّتَيْنِ , وَالْمَعْنَى : أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا مُخْرَجُونَ مَرَّة وَاحِدَة , لَمَّا فَرَّقَ بَيْن " أَنَّكُمْ " الْأُولَى وَبَيْن خَبَرهَا بِ " إِذًا " , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب بِكُلِّ اسْم أَوْقَعَتْ عَلَيْهِ الظَّنّ وَأَخَوَاته , ثُمَّ اعْتُرِضَتْ بِالْجَزَاءِ دُون خَبَره , فَتُكَرِّر اسْمه مَرَّة وَتَحْذِفهُ أُخْرَى , فَتَقُول : أَظُنّ أَنَّك إِنْ جَالَسْتنَا أَنَّك مُحْسِن , فَإِنْ حَذَفْت " أَنَّك " الْأُولَى أَوِ الثَّانِيَة صَلُحَ , وَإِنْ أَثْبَتّهمَا صَلُحَ , وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِض بَيْنهمَا بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ , خَطَأ أَنْ يُقَال : أَظُنّ أَنَّك أَنَّك جَالِس . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " أَيَعِدُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ " .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } وَهَذَا خَبَر مِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ قَوْل الْمَلَأ مِنْ ثَمُود أَنَّهُمْ قَالُوا : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } أَيْ بَعِيد مَا تُوعَدُونَ أَيّهَا الْقَوْم , مِنْ أَنَّكُمْ بَعْد مَوْتكُمْ وَمَصِيركُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا مُخْرَجُونَ أَحْيَاء مِنْ قُبُوركُمْ , يَقُولُونَ : ذَلِكَ غَيْر كَائِن . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19291 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } يَقُول : بَعِيد بَعِيد . 19292 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } قَالَ : يَعْنِي الْبَعْث . وَالْعَرَب تُدْخِل اللَّام مَعَ " هَيْهَاتَ " فِي الِاسْم الَّذِي يَصْحَبهَا , وَتَنْزِعهَا مِنْهُ , تَقُول : هَيْهَاتَ لَك هَيْهَاتَ , وَهَيْهَاتَ مَا تَبْتَغِي هَيْهَاتَ ; وَإِذَا أَسْقَطْت اللَّام رَفَعْت الِاسْم بِمَعْنَى هَيْهَاتَ , كَأَنَّهُ قَالَ : بَعِيد مَا يَنْبَغِي لَك ; كَمَا قَالَ جَرِير : فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْعَقِيق وَمَنْ بِهِ وَهَيْهَاتَ خِلّ بِالْعَقِيقِ نُوَاصِلهُ كَأَنَّهُ قَالَ : الْعَقِيق وَأَهْله . وَإِنَّمَا دَخَلَتْ اللَّام مَعَ هَيْهَاتَ فِي الِاسْم لِأَنَّهُمْ قَالُوا : " هَيْهَاتَ " أَدَاة غَيْر مَأْخُوذَة مِنْ فِعْل , فَأَدْخَلُوا مَعَهَا فِي الِاسْم اللَّام . كَمَا أَدْخَلُوهَا مَعَ هَلُمَّ لَك , إِذْ لَمْ تَكُنْ مَأْخُوذَة مِنْ فِعْل , فَإِذَا قَالُوا أَقْبِلْ لَمْ يَقُولُوا لَك ; لِاحْتِمَالِ الْفِعْل ضَمِير الِاسْم . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي كَيْفِيَّة الْوَقْف عَلَى هَيْهَاتَ , فَكَانَ الْكِسَائِيّ يَخْتَار الْوُقُوف فِيهَا بِالْهَاءِ ; لِأَنَّهَا مَنْصُوبَة , وَكَانَ الْفَرَّاء يَخْتَار الْوُقُوف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ . وَيَقُول : مِنْ الْعَرَب مَنْ يُخْفِض التَّاء , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِهَاءِ التَّأْنِيث , فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ دَرَاك وَنَظَارِ ; وَأَمَّا نَصْب التَّاء فِيهِمَا ; فَلِأَنَّهُمَا أَدَاتَانِ . فَصَارَتَا بِمَنْزِلَةِ خَمْسَة عَشَر . وَكَانَ الْفَرَّاء يَقُول : إِنْ قِيلَ إِنَّ كُلّ وَاحِدَة مُسْتَغْنِيَة بِنَفْسِهَا يَجُوز الْوُقُوف عَلَيْهَا . وَإِنَّ نَصْبهَا كَنَصْبِ قَوْله : ثَمَّتْ جَلَسْت ; وَبِمَنْزِلَةِ قَوْل الشَّاعِر . مَاوِيَّ يَا رُبَّتَمَا غَارَة شَعْوَاء كَاللَّذْعَةِ بِالْمِيسَمِ قَالَ : فَنَصْب " هَيْهَاتَ " بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْهَاء الَّتِي فِي " رُبَّت " لِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى حَرْف , عَلَى " رُبَّ " وَعَلَى " ثَمَّ " , وَكَانَا أَدَاتَيْنِ , فَلَمْ تُغَيِّرهَا عَنْ أَدَاتهمَا فَنُصِبَا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ . فَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْأَمْصَار غَيْر أَبِي جَعْفَر : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } بِفَتْحِ التَّاء فِيهِمَا , وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر : " هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ " بِكَسْرِ التَّاء فِيهِمَا , وَالْفَتْح فِيهِمَا هُوَ الْقِرَاءَة عِنْدنَا ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .
وَقَوْله : { إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتنَا الدُّنْيَا } يَقُول : مَا حَيَاة إِلَّا حَيَاتنَا الدُّنْيَا الَّتِي نَحْنُ فِيهَا { نَمُوت وَنَحْيَا } يَقُول : تَمُوت الْأَحْيَاء مِنَّا فَلَا تَحْيَا وَيُحْدَث آخَرُونَ مِنَّا فَيُولَدُونَ أَحْيَاء . { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } يَقُول : قَالُوا : وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بَعْد الْمَمَات . كَمَا : 19293 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتنَا الدُّنْيَا نَمُوت وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } قَالَ : يَقُول لَيْسَ آخِرَة وَلَا بَعْث , يَكْفُرُونَ بِالْبَعْثِ , يَقُولُونَ : إِنَّمَا هِيَ حَيَاتنَا هَذِهِ ثُمَّ نَمُوت وَلَا نَحْيَا , يَمُوت هَؤُلَاءِ وَيَحْيَا هَؤُلَاءِ , يَقُولُونَ : إِنَّمَا النَّاس كَالزَّرْعِ يُحْصَد هَذَا وَيَنْبُت هَذَا : يَقُولُونَ : يَمُوت هَؤُلَاءِ وَيَأْتِي آخَرُونَ . وَقَرَأَ : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلّكُمْ عَلَى رَجُل يُنَبِّئكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلّ مُمَزَّق إِنَّكُمْ لَفِي خَلْق جَدِيد } 34 7 وَقَرَأَ : { لَا تَأْتِينَا السَّاعَة قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } 34 3 .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُل افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالُوا مَا صَالِح إِلَّا رَجُل اخْتَلَقَ عَلَى اللَّه كَذِبًا فِي قَوْله مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْر اللَّه وَفِي وَعْده إِيَّاكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ . وَقَوْله : { هُوَ } مِنْ ذِكْر الرَّسُول , وَهُوَ صَالِح .
يَقُول : وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُصَدِّقِينَ فِيمَا يَقُول أَنَّهُ لَا إِلَه لَنَا غَيْر اللَّه , وَفِيمَا يَعِدنَا مِنَ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات .
يَقُول : وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُصَدِّقِينَ فِيمَا يَقُول أَنَّهُ لَا إِلَه لَنَا غَيْر اللَّه , وَفِيمَا يَعِدنَا مِنَ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات .
وَقَوْله : { قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } يَقُول : قَالَ صَالِح لَمَّا أَيِسَ مِنْ إِيمَان قَوْمه بِاللَّهِ وَمِنْ تَصْدِيقهمْ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِمْ { وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } { رَبِّ انْصُرْنِي } عَلَى هَؤُلَاءِ { بِمَا كَذَّبُونِ } يَقُول : بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ فِيمَا دَعَوْتهمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقّ , فَاسْتَغَاثَ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ بِرَبِّهِ مِنْ أَذَاهُمْ إِيَّاهُ وَتَكْذِيبهمْ لَهُ ,
فَقَالَ اللَّه لَهُ مُجِيبًا فِي مَسْأَلَته إِيَّاهُ مَا سَأَلَ : عَنْ قَلِيل يَا صَالِح لَيُصْبِحُنَّ مُكَذِّبُوك مِنْ قَوْمك عَلَى تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ نَادِمِينَ , وَذَلِكَ حِين تَنْزِل بِهِمْ نِقْمَتنَا فَلَا يَنْفَعهُمْ النَّدَم .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَة بِالْحَقِّ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ , فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الصَّيْحَة فَأَخَذَتْهُمْ بِالْحَقِّ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَاقَبَهُمْ بِاسْتِحْقَاقِهِمُ الْعِقَاب مِنْهُ بِكُفْرِهِمْ بِهِ وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله .
يَقُول : فَصَيَّرْنَاهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْغُثَاء , وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ عَلَى السَّيْل وَنَحْوه , كَمَا لَا يُنْتَفَع بِهِ فِي شَيْء , فَإِنَّمَا هَذَا مَثَل , وَالْمَعْنَى : فَأَهْلَكْنَاهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا مَنْفَعَة فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19294 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : جُعِلُوا كَالشَّيْءِ الْمَيِّت الْبَالِي مِنَ الشَّجَر . 19295 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى . وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { غُثَاء } كَالرَّمِيمِ الْهَامِد , الَّذِي يَحْتَمِل السَّيْل . 19296 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : كَالرَّمِيمِ الْهَامِد الَّذِي يَحْتَمِل السَّيْل . 19297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : هُوَ الشَّيْء الْبَالِي . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19298 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه.
وَقَوْله : { فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : فَأَبْعَدَ اللَّه الْقَوْم الْكَافِرِينَ بِهَلَاكِهِمْ , إِذْ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُله وَظَلَمُوا أَنْفُسهمْ . 19299 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أُولَئِكَ ثَمُود , يَعْنِي قَوْله : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .
يَقُول : فَصَيَّرْنَاهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْغُثَاء , وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ عَلَى السَّيْل وَنَحْوه , كَمَا لَا يُنْتَفَع بِهِ فِي شَيْء , فَإِنَّمَا هَذَا مَثَل , وَالْمَعْنَى : فَأَهْلَكْنَاهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا مَنْفَعَة فِيهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19294 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : جُعِلُوا كَالشَّيْءِ الْمَيِّت الْبَالِي مِنَ الشَّجَر . 19295 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى . وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { غُثَاء } كَالرَّمِيمِ الْهَامِد , الَّذِي يَحْتَمِل السَّيْل . 19296 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : كَالرَّمِيمِ الْهَامِد الَّذِي يَحْتَمِل السَّيْل . 19297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : هُوَ الشَّيْء الْبَالِي . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19298 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه.
وَقَوْله : { فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول : فَأَبْعَدَ اللَّه الْقَوْم الْكَافِرِينَ بِهَلَاكِهِمْ , إِذْ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُله وَظَلَمُوا أَنْفُسهمْ . 19299 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أُولَئِكَ ثَمُود , يَعْنِي قَوْله : { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدهمْ قُرُونًا آخَرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَحْدَثْنَا مِنْ بَعْد هَلَاك ثَمُود قَوْمًا آخَرِينَ .
وَقَوْله : { مَا تَسْبِق مِنْ أُمَّة أَجَلهَا } يَقُول : مَا يَتَقَدَّم هَلَاك أُمَّة مِنْ تِلْكَ الْأُمَم الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا بَعْد ثَمُود قَبْل الْأَجَل الَّذِي أَجَّلْنَا لِهَلَاكِهَا , وَلَا يَسْتَأْخِر هَلَاكهَا عَنِ الْأَجَل الَّذِي أَجَّلْنَا لِهَلَاكِهَا وَالْوَقْت الَّذِي وَقَّتْنَا لِفَنَائِهَا ; وَلَكِنَّهَا تُهْلَك لِمَجِيئِهِ . وَهَذَا وَعِيد مِنَ اللَّه لِمُشْرِكِي قَوْم نَبِيّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُمْ أَنَّ تَأْخِيره فِي آجَالهمْ مَعَ كُفْرهمْ بِهِ وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله , لِيَبْلُغُوا الْأَجَل الَّذِي أَجَّلَ لَهُمْ فَيُحِلّ بِهِمْ نِقْمَته , كَسُنَّتِهِ فِيمَنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم السَّالِفَة .
ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لّا يُؤْمِنُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا } إِلَى الْأُمَم الَّتِي أَنْشَأْنَا بَعْد ثَمُود { رُسُلنَا تَتْرَى } يَعْنِي : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا , وَبَعْضهَا فِي أَثَر بَعْض , وَهِيَ مِنَ الْمُوَاتَرَة , وَهِيَ اسْم لِجَمْعٍ مِثْل " شَيْء " , لَا يُقَال : جَاءَنِي فُلَان تَتْرَى , كَمَا لَا يُقَال : جَاءَنِي فُلَان مُوَاتَرَة , وَهِيَ تُنَوَّن وَلَا تُنَوَّن , وَفِيهَا الْيَاء , فَمَنْ لَمْ يُنَوِّنهَا فَعْلَى مَنْ وَتَرْت , وَمَنْ قَالَ " تَتَرًا " يُوهِم أَنَّ الْيَاء أَصْلِيَّة كَمَا قِيلَ : مِعْزًى بِالْيَاءِ , وَمَعْزًا وَبُهْمَى بُهْمًا وَنَحْو ذَلِكَ , فَأُجْرِيَتْ أَحْيَانًا وَتُرِكَ إِجْرَاؤُهَا أَحْيَانًا , فَمَنْ جَعَلَهَا " فَعْلَى " وَقَفَ عَلَيْهَا , أَشَارَ إِلَى الْكَسْر , وَمَنْ جَعَلَهَا أَلِف إِعْرَاب لَمْ يُشِرْ ; لِأَنَّ أَلِف الْإِعْرَاب لَا تُكْسَر , لَا يُقَال : رَأَيْت زَيْدًا , فَيُشَار فِيهِ إِلَى الْكَسْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19300 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } يَقُول : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } يَقُول : بَعْضهَا عَلَى أَثَر بَعْض . 19301 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى . وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { تَتْرَى } قَالَ : اتِّبَاع بَعْضهَا بَعْضًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } قَالَ : يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا . 19302 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله , { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } قَالَ : بَعْضهمْ عَلَى أَثَر بَعْض , يَتْبَع بَعْضهمْ بَعْضًا . وَاخْتَلَفَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَبَعْض أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة : " تَتْرًى " بِالتَّنْوِينِ . وَكَانَ بَعْض أَهْل مَكَّة وَبَعْض أَهْل الْمَدِينَة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة يَقْرَءُونَهُ : { تَتْرَى } بِإِرْسَالِ الْيَاء عَلَى مِثَال " فَعْلَى " . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنًى وَاحِدٍ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; غَيْر أَنِّي مَعَ ذَلِكَ أَخْتَار الْقِرَاءَة بِغَيْرِ تَنْوِين ; لِأَنَّهُ أَفْصَح اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرهمَا .
وَقَوْله : { كُلّ مَا جَاءَ أُمَّة رَسُولهَا كَذَّبُوهُ } يَقُول : كُلَّمَا جَاءَ أُمَّة مِنْ تِلْكَ الْأُمَم الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا بَعْد ثَمُود رَسُولهَا الَّذِي نُرْسِلهُ إِلَيْهِمْ , كَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا .
وَقَوْله : { فَأَتْبَعْنَا بَعْضهمْ بَعْضًا } يَقُول : فَأَتْبَعْنَا بَعْض تِلْكَ الْأُمَم بَعْضًا بِالْهَلَاكِ فَأَهْلَكْنَا بَعْضهمْ فِي إِثْر بَعْض .
وَقَوْله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيث } لِلنَّاسِ وَمَثَلًا يُتَحَدَّث بِهِمْ , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون جَمْع حَدِيث . وَإِنَّمَا قِيلَ : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيث } لِأَنَّهُمْ جُعِلُوا حَدِيثًا وَمَثَلًا يُتَمَثَّل بِهِمْ فِي الشَّرّ , وَلَا يُقَال فِي الْخَيْر : جَعَلْته حَدِيثًا وَلَا أُحْدُوثَة .
وَقَوْله : { فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول : فَأَبْعَدَ اللَّه قَوْمًا لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِرَسُولِهِ .
وَقَوْله : { كُلّ مَا جَاءَ أُمَّة رَسُولهَا كَذَّبُوهُ } يَقُول : كُلَّمَا جَاءَ أُمَّة مِنْ تِلْكَ الْأُمَم الَّتِي أَنْشَأْنَاهَا بَعْد ثَمُود رَسُولهَا الَّذِي نُرْسِلهُ إِلَيْهِمْ , كَذَّبُوهُ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا .
وَقَوْله : { فَأَتْبَعْنَا بَعْضهمْ بَعْضًا } يَقُول : فَأَتْبَعْنَا بَعْض تِلْكَ الْأُمَم بَعْضًا بِالْهَلَاكِ فَأَهْلَكْنَا بَعْضهمْ فِي إِثْر بَعْض .
وَقَوْله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيث } لِلنَّاسِ وَمَثَلًا يُتَحَدَّث بِهِمْ , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون جَمْع حَدِيث . وَإِنَّمَا قِيلَ : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيث } لِأَنَّهُمْ جُعِلُوا حَدِيثًا وَمَثَلًا يُتَمَثَّل بِهِمْ فِي الشَّرّ , وَلَا يُقَال فِي الْخَيْر : جَعَلْته حَدِيثًا وَلَا أُحْدُوثَة .
وَقَوْله : { فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول : فَأَبْعَدَ اللَّه قَوْمًا لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِرَسُولِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُون بِآيَاتِنَا وَسُلْطَان مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَرْسَلْنَا بَعْد الرُّسُل الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ قَبْل هَذِهِ الْآيَة , مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُون إِلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَاف قَوْمه مِنَ الْقِبْط { بِآيَاتِنَا } يَقُول : بِحُجَجِنَا ,
إِلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَاف قَوْمه مِنَ الْقِبْط { فَاسْتَكْبَرُوا } عَنِ اتِّبَاعهَا وَالْإِيمَان بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه .
يَقُول : وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ عَلَى أَهْل نَاحِيَتهمْ وَمَنْ فِي بِلَادهمْ مِنْ بَنَى إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ بِالظُّلْمِ , قَاهِرِينَ لَهُمْ . وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 19303 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , وَقَوْله : { وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ } قَالَ : عَلَوْا عَلَى رُسُلهمْ وَعَصَوْا رَبّهمْ ; ذَلِكَ عُلُوّهُمْ . وَقَرَأَ : { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة ... } 28 83 الْآيَة .
يَقُول : وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ عَلَى أَهْل نَاحِيَتهمْ وَمَنْ فِي بِلَادهمْ مِنْ بَنَى إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ بِالظُّلْمِ , قَاهِرِينَ لَهُمْ . وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 19303 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , وَقَوْله : { وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ } قَالَ : عَلَوْا عَلَى رُسُلهمْ وَعَصَوْا رَبّهمْ ; ذَلِكَ عُلُوّهُمْ . وَقَرَأَ : { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة ... } 28 83 الْآيَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلنَا وَقَوْمهمَا لَنَا عَابِدُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَالَ فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ : { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلنَا } فَنَتْبَعهُمَا { وَقَوْمهمَا } مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل { لَنَا عَابِدُونَ } يَعْنُونَ أَنَّهُمْ لَهُمْ مُطِيعُونَ مُتَذَلِّلُونَ , يَأْتَمِرُونَ لِأَمْرِهِمْ وَيَدِينُونَ لَهُمْ . وَالْعَرَب تُسَمِّي كُلّ مَنْ دَانَ لِمَلِكٍ عَابِدًا لَهُ , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِأَهْلِ الْحِيرَة : الْعُبَّاد ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْل طَاعَة لِمُلُوكِ الْعَجَم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19304 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : قَالَ فِرْعَوْن : { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلنَا } . . . الْآيَة , نَذْهَب نَرْفَعهُمْ فَوْقنَا , وَنَكُون تَحْتهمْ , وَنَحْنُ الْيَوْم فَوْقهمْ وَهُمْ تَحْتنَا , كَيْفَ نَصْنَع ذَلِكَ ؟ وَذَلِكَ حِين أَتَوْهُمْ بِالرِّسَالَةِ . وَقَرَأَ : { وَتَكُون لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض } 10 78 قَالَ : الْعُلُوّ فِي الْأَرْض .
وَقَوْله : { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ } يَقُول : فَكَذَّبَ فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ مُوسَى وَهَارُون , فَكَانُوا مِمَّنْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه كَمَا أَهْلَكَ مَنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم بِتَكْذِيبِهَا رُسُلهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاة ; لِيَهْتَدِيَ بِهَا قَوْمه مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَيَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا .
يَقُول : وَجَعَلْنَا ابْن مَرْيَم وَأُمّه حُجَّة لَنَا عَلَى مَنْ كَانَ بَيْنهمْ , وَعَلَى قُدْرَتنَا عَلَى إِنْشَاء الْأَجْسَام مِنْ غَيْر أَصْل , كَمَا أَنْشَأْنَا خَلْق عِيسَى مِنْ غَيْر أَب . كَمَا : 19305 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّازِق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَجَعَلْنَا ابْن مَرْيَم وَأُمّه } قَالَ : وَلَدَتْهُ مِنْ غَيْر أَب هُوَ لَهُ . وَلِذَلِكَ وَحَّدَتِ الْآيَة , وَقَدْ ذَكَرَ مَرْيَم وَابْنهَا .
وَقَوْله { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } يَقُول : وَضَمَمْنَاهُمَا وَصَيَّرْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة , يُقَال : أَوَى فُلَان إِلَى مَوْضِع كَذَا , فَهُوَ يَأْوِي إِلَيْهِ . إِذَا صَارَ إِلَيْهِ ; وَعَلَى مِثَال " أَفْعَلْته " فَهُوَ يُؤْوِيه . وَقَوْله { إِلَى رَبْوَة } يَعْنِي : إِلَى مَكَان مُرْتَفِع مِنَ الْأَرْض عَلَى مَا حَوْله ; وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلرَّجُلِ يَكُون فِي رِفْعَة مِنْ قَوْمه وَعِزّ وَشَرَف وَعَدَد : هُوَ فِي رَبْوَة مِنْ قَوْمه , وَفِيهَا لُغَتَانِ : ضَمّ الرَّاء وَكَسْرهَا إِذَا أُرِيدَ بِهَا الِاسْم , وَإِذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَعْلَة مِنَ الْمَصْدَر قِيلَ رَبَا رَبْوَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَكَان الَّذِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَذِهِ الصِّفَة وَآوَى إِلَيْهِ مَرْيَم وَابْنهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19306 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا صَفْوَان بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا بِشْر بْن رَافِع , قَالَ : ثني ابْن عَمّ لِأَبِي هُرَيْرَة , يُقَال لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ لَنَا أَبُو هُرَيْرَة : الْزَمُوا هَذِهِ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين , فَإِنَّهَا الرَّبْوَة الَّتِي قَالَ اللَّه : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } . 19306 - حَدَّثَنِي عِصَام بْن رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عَبَّاد أَبُو عُتْبَة الْخَوَّاص , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ , عَنِ ابْن وَعْلَة , عَنْ كُرَيْب , قَالَ : مَا أَدْرِي مَا حَدَّثَنَا مُرَّة الْبَهْزِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَذَكَرَ أَنَّ الرَّبْوَة هِيَ الرَّمْلَة " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ بِشْر بْن رَافِع , عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه ابْن عَمّ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول فِي قَوْل اللَّه : { إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : هِيَ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا صَفْوَان , قَالَ : ثنا بِشْر بْن رَافِع , قَالَ : ثني أَبُو عَبْد اللَّه ابْن عَمّ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ لَنَا أَبُو هُرَيْرَة : الْزَمُوا هَذِهِ الرَّمْلَة الَّتِي بِفِلَسْطِين , فَإِنَّهَا الرَّبْوَة الَّتِي قَالَ اللَّه : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ دِمَشْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19308 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : زَعَمُوا أَنَّهَا دِمَشْق . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : بَلَغَنِي , عَنِ ابْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ قَالَ دِمَشْق . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , مِثْله . 19309 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : ثنا ابْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا اللَّيْث بْن سَعْد , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن لَهِيعَة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , فِي قَوْله : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : إِلَى رَبْوَة مِنْ رُبَا مِصْر . قَالَ : وَلَيْسَ الرُّبَا إِلَّا فِي مِصْر , وَالْمَاء حِين يُرْسَل تَكُون الرُّبَا عَلَيْهَا الْقُرَى , لَوْلَا الرُّبَا لَغَرِقَتْ تِلْكَ الْقُرَى . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ بَيْت الْمَقْدِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19310 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هُوَ بَيْت الْمَقْدِس . 19311 - قَالَ ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ كَعْب يَقُول : بَيْت الْمَقْدِس أَقْرَب إِلَى السَّمَاء بِثَمَانِيَة عَشَر مِيلًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ كَعْب , مِثْله . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ : أَنَّهَا مَكَان مُرْتَفِع ذُو اسْتِوَاء وَمَاء ظَاهِر , وَلَيْسَ كَذَلِكَ صِفَة الرَّمْلَة ; لِأَنَّ الرَّمْلَة لَا مَاء بِهَا مَعِين , وَاللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصَفَ هَذِهِ الرَّبْوَة بِأَنَّهَا ذَات قَرَار وَمَعِين . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } قَالَ : الرَّبْوَة : الْمُسْتَوِيَة . 19313 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَى رَبْوَة } قَالَ : مُسْتَوِيَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مِنْ صِفَة الرَّبْوَة الَّتِي آوَيْنَا إِلَيْهَا مَرْيَم وَابْنهَا عِيسَى , أَنَّهَا أَرْض مُنْبَسِطَة وَسَاحَة وَذَات مَاء ظَاهِر لِغَيْرِ الْبَاطِن جَارٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19314 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَمَعِين } قَالَ : الْمَعِين : الْمَاء الْجَارِي , وَهُوَ النَّهْر الَّذِي قَالَ اللَّه : { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } 19 24 . 19315 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : الْمَعِين : الْمَاء . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : مَعِين , قَالَ : مَاء . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19316 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : الْمَكَان الْمُسْتَوِي , وَالْمَعِين : الْمَاء الظَّاهِر . 19317 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَعِين } هُوَ الْمَاء الظَّاهِر . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْقَرَارِ الثِّمَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19318 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { ذَات قَرَار وَمَعِين } هِيَ ذَات ثِمَار , وَهِيَ بَيْت الْمَقْدِس . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ قَتَادَة فِي مَعْنَى : { ذَات قَرَار } وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : إِنَّهَا إِنَّمَا وُصِفَتْ بِأَنَّهَا ذَات قَرَار , لِمَا فِيهَا مِنَ الثِّمَار , وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ يَسْتَقِرّ فِيهَا سَاكِنُوهَا , فَلَا وَجْه لَهُ نَعْرِفهُ . وَأَمَّا { مَعِين } فَإِنَّهُ مَفْعُول مِنْ عِنْته فَأَنَا أُعِينهُ , وَهُوَ مَعِين ; وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون فَعِيلًا مِنْ مَعَنَ يَمْعَن , فَهُوَ مَعِين مِنَ الْمَاعُون ; وَمِنْهُ قَوْل عَبِيد بْن الْأَبْرَص : وَاهِيَة أَوْ مَعِين مُمْعِن أَوْ هَضْبَة دُونهَا لُهُوب
وَقَوْله { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } يَقُول : وَضَمَمْنَاهُمَا وَصَيَّرْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة , يُقَال : أَوَى فُلَان إِلَى مَوْضِع كَذَا , فَهُوَ يَأْوِي إِلَيْهِ . إِذَا صَارَ إِلَيْهِ ; وَعَلَى مِثَال " أَفْعَلْته " فَهُوَ يُؤْوِيه . وَقَوْله { إِلَى رَبْوَة } يَعْنِي : إِلَى مَكَان مُرْتَفِع مِنَ الْأَرْض عَلَى مَا حَوْله ; وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلرَّجُلِ يَكُون فِي رِفْعَة مِنْ قَوْمه وَعِزّ وَشَرَف وَعَدَد : هُوَ فِي رَبْوَة مِنْ قَوْمه , وَفِيهَا لُغَتَانِ : ضَمّ الرَّاء وَكَسْرهَا إِذَا أُرِيدَ بِهَا الِاسْم , وَإِذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَعْلَة مِنَ الْمَصْدَر قِيلَ رَبَا رَبْوَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَكَان الَّذِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَذِهِ الصِّفَة وَآوَى إِلَيْهِ مَرْيَم وَابْنهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19306 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا صَفْوَان بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا بِشْر بْن رَافِع , قَالَ : ثني ابْن عَمّ لِأَبِي هُرَيْرَة , يُقَال لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ لَنَا أَبُو هُرَيْرَة : الْزَمُوا هَذِهِ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين , فَإِنَّهَا الرَّبْوَة الَّتِي قَالَ اللَّه : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } . 19306 - حَدَّثَنِي عِصَام بْن رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عَبَّاد أَبُو عُتْبَة الْخَوَّاص , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ , عَنِ ابْن وَعْلَة , عَنْ كُرَيْب , قَالَ : مَا أَدْرِي مَا حَدَّثَنَا مُرَّة الْبَهْزِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَذَكَرَ أَنَّ الرَّبْوَة هِيَ الرَّمْلَة " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ بِشْر بْن رَافِع , عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه ابْن عَمّ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول فِي قَوْل اللَّه : { إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : هِيَ الرَّمْلَة مِنْ فِلَسْطِين . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا صَفْوَان , قَالَ : ثنا بِشْر بْن رَافِع , قَالَ : ثني أَبُو عَبْد اللَّه ابْن عَمّ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ لَنَا أَبُو هُرَيْرَة : الْزَمُوا هَذِهِ الرَّمْلَة الَّتِي بِفِلَسْطِين , فَإِنَّهَا الرَّبْوَة الَّتِي قَالَ اللَّه : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ دِمَشْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19308 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : زَعَمُوا أَنَّهَا دِمَشْق . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : بَلَغَنِي , عَنِ ابْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ قَالَ دِمَشْق . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , مِثْله . 19309 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عُثْمَان بْن صَالِح السَّهْمِيّ , قَالَ : ثنا ابْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا اللَّيْث بْن سَعْد , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن لَهِيعَة , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , فِي قَوْله : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : إِلَى رَبْوَة مِنْ رُبَا مِصْر . قَالَ : وَلَيْسَ الرُّبَا إِلَّا فِي مِصْر , وَالْمَاء حِين يُرْسَل تَكُون الرُّبَا عَلَيْهَا الْقُرَى , لَوْلَا الرُّبَا لَغَرِقَتْ تِلْكَ الْقُرَى . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ بَيْت الْمَقْدِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19310 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هُوَ بَيْت الْمَقْدِس . 19311 - قَالَ ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ كَعْب يَقُول : بَيْت الْمَقْدِس أَقْرَب إِلَى السَّمَاء بِثَمَانِيَة عَشَر مِيلًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ كَعْب , مِثْله . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ : أَنَّهَا مَكَان مُرْتَفِع ذُو اسْتِوَاء وَمَاء ظَاهِر , وَلَيْسَ كَذَلِكَ صِفَة الرَّمْلَة ; لِأَنَّ الرَّمْلَة لَا مَاء بِهَا مَعِين , وَاللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصَفَ هَذِهِ الرَّبْوَة بِأَنَّهَا ذَات قَرَار وَمَعِين . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة } قَالَ : الرَّبْوَة : الْمُسْتَوِيَة . 19313 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَى رَبْوَة } قَالَ : مُسْتَوِيَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
وَقَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مِنْ صِفَة الرَّبْوَة الَّتِي آوَيْنَا إِلَيْهَا مَرْيَم وَابْنهَا عِيسَى , أَنَّهَا أَرْض مُنْبَسِطَة وَسَاحَة وَذَات مَاء ظَاهِر لِغَيْرِ الْبَاطِن جَارٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19314 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَمَعِين } قَالَ : الْمَعِين : الْمَاء الْجَارِي , وَهُوَ النَّهْر الَّذِي قَالَ اللَّه : { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } 19 24 . 19315 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : الْمَعِين : الْمَاء . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : مَعِين , قَالَ : مَاء . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19316 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { ذَات قَرَار وَمَعِين } قَالَ : الْمَكَان الْمُسْتَوِي , وَالْمَعِين : الْمَاء الظَّاهِر . 19317 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَعِين } هُوَ الْمَاء الظَّاهِر . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْقَرَارِ الثِّمَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19318 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { ذَات قَرَار وَمَعِين } هِيَ ذَات ثِمَار , وَهِيَ بَيْت الْمَقْدِس . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ قَتَادَة فِي مَعْنَى : { ذَات قَرَار } وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : إِنَّهَا إِنَّمَا وُصِفَتْ بِأَنَّهَا ذَات قَرَار , لِمَا فِيهَا مِنَ الثِّمَار , وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ يَسْتَقِرّ فِيهَا سَاكِنُوهَا , فَلَا وَجْه لَهُ نَعْرِفهُ . وَأَمَّا { مَعِين } فَإِنَّهُ مَفْعُول مِنْ عِنْته فَأَنَا أُعِينهُ , وَهُوَ مَعِين ; وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون فَعِيلًا مِنْ مَعَنَ يَمْعَن , فَهُوَ مَعِين مِنَ الْمَاعُون ; وَمِنْهُ قَوْل عَبِيد بْن الْأَبْرَص : وَاهِيَة أَوْ مَعِين مُمْعِن أَوْ هَضْبَة دُونهَا لُهُوب
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالِحًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْنَا لِعِيسَى : يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الْحَلَال الَّذِي طَيَّبَهُ اللَّه لَكُمْ دُون الْحَرَام , { وَاعْمَلُوا صَالِحًا } تَقُول فِي الْكَلَام لِلرَّجُلِ الْوَاحِد : أَيّهَا الْقَوْم كُفُّوا عَنَّا أَذَاكُمْ , وَكَمَا قَالَ : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاس } 3 173 , وَهُوَ رَجُل وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19319 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثني عُبَيْد بْن إِسْحَاق الضَّبِّيّ الْعَطَّار , عَنْ حَفْص بْن عُمَر الْفَزَارِيّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ , عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل : { يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّلِيبَات وَاعْمَلُوا صَالِحًا } قَالَ : كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَم يَأْكُل مِنْ غَزْل أُمّه .
وَقَوْله : { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم } يَقُول : إِنِّي بِأَعْمَالِكُمْ ذُو عِلْم , لَا يَخْفَى عَلَيَّ مِنْهَا شَيْء , وَأَنَا مُجَازِيكُمْ بِجَمِيعِهَا , وَمُوَفِّيكُمْ أُجُوركُمْ وَثَوَابكُمْ عَلَيْهَا , فَخُذُوا فِي صَالِحَات الْأَعْمَال وَاجْتَهِدُوا .
وَقَوْله : { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم } يَقُول : إِنِّي بِأَعْمَالِكُمْ ذُو عِلْم , لَا يَخْفَى عَلَيَّ مِنْهَا شَيْء , وَأَنَا مُجَازِيكُمْ بِجَمِيعِهَا , وَمُوَفِّيكُمْ أُجُوركُمْ وَثَوَابكُمْ عَلَيْهَا , فَخُذُوا فِي صَالِحَات الْأَعْمَال وَاجْتَهِدُوا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة } . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة } , فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " وَأَنَّ " بِالْفَتْحِ , بِمَعْنَى : إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم , وَأَنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة . فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل " وَأَنَّ " فِي مَوْضِع خَفْض , عَطَفَ بِهَا عَلَى " مَا " مِنْ قَوْله : { بِمَا تَعْمَلُونَ } , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ , وَيَكُون نَصْبهَا بِفِعْلٍ مُضْمَر . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ بِالْكَسْرِ : { وَإِنَّ } هَذِهِ عَلَى الِاسْتِئْنَاف . وَالْكَسْر فِي ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى الِابْتِدَاء هُوَ الصَّوَاب ; لِأَنَّ الْخَبَر مِنَ اللَّه عَنْ قِيله لِعِيسَى : { يَا أَيّهَا الرُّسُل } مُبْتَدَأ , فَقَوْله : { وَإِنَّ هَذِهِ } مَرْدُود عَلَيْهِ عَطْفًا بِهِ عَلَيْهِ ; فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَقُلْنَا لِعِيسَى : يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَات , وَقُلْنَا : وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة . وَقِيلَ : إِنَّ الْأُمَّة الَّذِي فِي هَذَا الْمَوْضِع : الدِّين وَالْمِلَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19320 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : الْمِلَّة وَالدِّين . وَنُصِبَتْ " أُمَّة وَاحِدَة " عَلَى الْحَال . وَذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ رَفْعًا . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : رَفْع ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ عَلَى الْخَبَر , وَيُجْعَل أُمَّتكُمْ نَصْبًا عَلَى الْبَدَل مِنْ هَذِهِ . وَأَمَّا نَحْوِيُّو الْكُوفَة فَيَأْبَوْنَ ذَلِكَ إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعْر , وَقَالُوا : لَا يُقَال : مَرَرْت بِهَذَا غُلَامكُمْ ; لِأَنَّ " هَذَا " لَا تَتْبَعهُ إِلَّا الْأَلِف وَاللَّام وَالْأَجْنَاس ; لِأَنَّ " هَذَا " إِشَارَة إِلَى عَدَد , فَالْحَاجَة فِي ذَلِكَ إِلَى تَبْيِين الْمُرَاد مِنَ الْمُشَار إِلَيْهِ أَيّ الْأَجْنَاس هُوَ ؟ وَقَالُوا : وَإِذَا قِيلَ : هَذِهِ أُمَّتكُمْ وَاحِدَة , وَالْأُمَّة غَائِبَة وَهَذِهِ حَاضِرَة , قَالُوا : فَغَيْر جَائِز أَنْ يُبَيِّن عَنِ الْحَاضِر بِالْغَائِبِ , قَالُوا : فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ : إِنَّ هَذَا زَيْد قَائِم , مِنْ أَجْل أَنَّ هَذَا مُحْتَاج إِلَى الْجِنْس لَا إِلَى الْمَعْرِفَة .
وَقَوْله : { وَأَنَا رَبّكُمْ فَاتَّقُونِ } يَقُول : وَأَنَا مَوْلَاكُمْ فَاتَّقُونِ بِطَاعَتِي تَأْمَنُوا عِقَابِي .
وَقَوْله : { وَأَنَا رَبّكُمْ فَاتَّقُونِ } يَقُول : وَأَنَا مَوْلَاكُمْ فَاتَّقُونِ بِطَاعَتِي تَأْمَنُوا عِقَابِي .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتَقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ زُبُرًا } . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { زُبُرًا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { زُبُرًا } بِمَعْنَى جَمْع الزَّبُور . فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قِرَاءَة هَؤُلَاءِ : فَتَفَرَّقَ الْقَوْم الَّذِينَ أَمَرَهُمْ اللَّه مِنْ أُمَّة الرَّسُول عِيسَى بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الدِّين الْوَاحِد وَالْمِلَّة الْوَاحِدَة , دِينهمْ الَّذِي أَمَرَهُمْ اللَّه بِلُزُومِهِ { زُبُرًا } كُتُبًا , فَدَانَ كُلّ فَرِيق مِنْهُمْ بِكِتَابٍ غَيْر الْكِتَاب الَّذِينَ دَانَ بِهِ الْفَرِيق الْآخَر , كَالْيَهُودِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ دَانُوا بِحُكْمِ التَّوْرَاة وَكَذَّبُوا بِحُكْمِ الْإِنْجِيل وَالْقُرْآن , وَكَالنَّصَارَى الَّذِينَ دَانُوا بِالْإِنْجِيلِ بِزَعْمِهِمْ وَكَذَّبُوا بِحُكْمِ الْفُرْقَان . ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : 19321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { زُبُرًا } قَالَ : كُتُبًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19322 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { بَيْنهمْ زُبُرًا } قَالَ : كُتُب اللَّه فَرَّقُوهَا قِطَعًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَتَقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ زُبُرًا } قَالَ مُجَاهِد : كُتُبهمْ فَرَّقُوهَا قِطَعًا . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْل هَذِهِ الْقِرَاءَة : إِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : فَتَفَرَّقُوا دِينهمْ بَيْنهمْ كُتُبًا أَحْدَثُوهَا يَحْتَجُّونَ فِيهَا لِمَذْهَبِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19323 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَتَقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ زُبُرًا كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } قَالَ : هَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْأَدْيَان وَالْكُتُب , كُلّ مُعْجَبُونَ بِرَأْيِهِمْ , لَيْسَ أَهْل هَوَاء إِلَّا وَهُمْ مُعْجَبُونَ بِرَأْيِهِمْ وَهَوَاهُمْ وَصَاحِبهمْ الَّذِي اخْتَرَقَ ذَلِكَ لَهُمْ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الشَّام : " فَتَقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ زُبَرًا " بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْح الْبَاء , بِمَعْنَى : فَتَفَرَّقُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ قِطَعًا كَزُبَرِ الْحَدِيد , وَذَلِكَ الْقَطْع مِنْهَا , وَاحِدَتهَا زُبْرَة , مِنْ قَوْل اللَّه : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } 18 96 . فَصَارَ بَعْضهمْ يَهُودًا وَبَعْضهمْ نَصَارَى . وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَار فِي ذَلِكَ : قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِضَمِّ الزَّاي وَالْبَاء ; لِإِجْمَاعِ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِهِ الْكُتُب , فَذَلِكَ يُبِين عَنْ صِحَّة مَا اخْتَرْنَا فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الزُّبُر هِيَ الْكُتُب , يُقَال مِنْهُ : زَبَرْت الْكِتَاب : إِذْ كَتَبْته . فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَتَفَرَّقَ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ اللَّه بِلُزُومِ دِينه مِنَ الْأُمَم دِينهمْ بَيْنهمْ كُتُبًا , كَمَا بَيَّنَّا قَبْل.
وَقَوْله : { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يَقُول : كُلّ فَرِيق مِنْ تِلْكَ الْأُمَم بِمَا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الدِّين وَالْكُتُب فَرِحُونَ . مُعْجَبُونَ بِهِ , لَا يَرَوْنَ أَنَّ الْحَقّ سِوَاهُ . كَمَا : 19324 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } قِطْعَة . وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْل الْكِتَاب . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { كُلّ حِزْب } قِطْعَة . أَهْل الْكِتَاب .
وَقَوْله : { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يَقُول : كُلّ فَرِيق مِنْ تِلْكَ الْأُمَم بِمَا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الدِّين وَالْكُتُب فَرِحُونَ . مُعْجَبُونَ بِهِ , لَا يَرَوْنَ أَنَّ الْحَقّ سِوَاهُ . كَمَا : 19324 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } قِطْعَة . وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْل الْكِتَاب . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { كُلّ حِزْب } قِطْعَة . أَهْل الْكِتَاب .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتهمْ حَتَّى حِين } قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَدَعْ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ زُبُرًا , { فِي غَمْرَتهمْ } فِي ضَلَالَتهمْ وَغَيّهمْ , { حَتَّى حِين } يَعْنِي إِلَى أَجَل سَيَأْتِيهِمْ عِنْد مَجِيئِهِ عَذَابِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19325 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتهمْ حَتَّى حِين } قَالَ : فِي ضَلَالهمْ . 19326 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتهمْ حَتَّى حِين } قَالَ : الْغَمْرَة : الْغَمْر .
وَقَوْله : { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَيَحْسَبُ هَؤُلَاءِ الْأَحْزَاب الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ زُبُرًا , أَنَّ الَّذِي نُعْطِيهِمْ فِي عَاجِل الدُّنْيَا مِنْ مَال وَبَنِينَ ; وَ " مَا " مِنْ قَوْله : { أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ } نُصِبَ ; لِأَنَّهَا بِمَعْنَى " الَّذِي " . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19327 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَنَّمَا نُمِدّهُمْ } قَالَ : نُعْطِيهِمْ , نُسَارِع لَهُمْ , قَالَ : نَزِيدهُمْ فِي الْخَيْر , نُمْلِي لَهُمْ , قَالَ : هَذَا لِقُرَيْشٍ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .
{ نُسَارِع لَهُمْ } يَقُول : نُسَابِق لَهُمْ فِي خَيْرَات الْآخِرَة , وَنُبَادِر لَهُمْ فِيهَا ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19328 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثني أَشْعَث بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ خَالِد الْحَذَّاء , قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْرَة , قَوْل اللَّه : { نُسَارِع لَهُمْ فِي الْخَيْرَات } ؟ قَالَ : يُسَارِع لَهُمْ فِي الْخَيْرَات . وَكَأَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْرَة وَجَّهَ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ , إِلَى أَنَّ تَأْوِيله : يُسَارِع لَهُمْ إِمْدَادنَا إِيَّاهُمْ بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ فِي الْخَيْرَات .
{ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَكْذِيبًا لَهُمْ : مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , بَلْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ إِمْدَادِي إِيَّاهُمْ بِمَا أَمُدّهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ , إِنَّمَا هُوَ إِمْلَاء وَاسْتِدْرَاج لَهُمْ .
{ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَكْذِيبًا لَهُمْ : مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , بَلْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ إِمْدَادِي إِيَّاهُمْ بِمَا أَمُدّهُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ , إِنَّمَا هُوَ إِمْلَاء وَاسْتِدْرَاج لَهُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ } إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَتهمْ وَخَوْفهمْ مِنْ عَذَاب اللَّه مُشْفِقُونَ , فَهُمْ مِنْ خَشْيَتهمْ مِنْ ذَلِكَ دَائِبُونَ فِي طَاعَته جَادُّونَ فِي طَلَب مَرْضَاته .
يَقُول : وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ كِتَابه وَحُجَجه مُصَدِّقُونَ .
يَقُول : وَالَّذِينَ يُخْلِصُونَ لِرَبِّهِمْ عِبَادَتهمْ , فَلَا يَجْعَلُونَ لَهُ فِيهَا لِغَيْرِهِ شِرْكًا لِوَثَنٍ وَلَا لِصَنَمٍ , وَلَا يُرَاءُونَ بِهَا أَحَدًا مِنْ خَلْقه , وَلَكِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَعْمَالهمْ لِوَجْهِهِ خَالِصًا , وَإِيَّاهُ يَقْصِدُونَ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَة دُون كُلّ شَيْء سِوَاهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهمْ رَاجِعُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } وَالَّذِينَ يُعْطُونَ أَهْل سُهْمَان الصَّدَقَة مَا فَرَضَ اللَّه لَهُمْ فِي أَمْوَالهمْ . { مَا آتَوْا } يَعْنِي : مَا أَعْطَوْهُمْ إِيَّاهُ مِنْ صَدَقَة , وَيُؤَدُّونَ حُقُوق اللَّه عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالهمْ إِلَى أَهْلهَا . { وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } يَقُول : خَائِفَة مِنْ أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهمْ رَاجِعُونَ , فَلَا يُنَجِّيهِمْ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ مِنْ عَذَاب اللَّه , فَهُمْ خَائِفُونَ مِنَ الْمَرْجِع إِلَى اللَّه لِذَلِكَ , كَمَا قَالَ الْحَسَن : إِنَّ الْمُؤْمِن جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19329 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبْجَر , عَنْ رَجُل , عَنِ ابْن عُمَر : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : الزَّكَاة . 19330 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد : { وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : الْمُؤْمِن يُنْفِق مَاله وَقَلْبه وَجِل . 19331 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ , وَهُمْ يَخَافُونَ أَلَّا يُنَجِّيهِمْ ذَلِكَ مِنْ عَذَاب رَبّهمْ . 19332 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : الْمُؤْمِن يُنْفِق مَاله وَيَتَصَدَّق وَقَلْبه وَجِل أَنَّهُ إِلَى رَبّه رَاجِع . 19333 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقُول : إِنَّ الْمُؤْمِن جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَة , وَإِنَّ الْمُنَافِق جَمَعَ إِسَاءَة وَأَمْنًا . ثُمَّ تَلَا الْحَسَن : { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ } إِلَى : { وَقُلُوبهمْ وَجِلَة أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهمْ رَاجِعُونَ } وَقَالَ الْمُنَافِق : إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي . 19334 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } قَالَ : يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا . { وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } يَقُول : خَائِفَة . 19335 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : ثنا النَّضْر بْن شُمَيْل , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى الْمَوْت ; وَهِيَ مِنَ الْمُبَشِّرَات . 19336 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا وَيَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْر , وَقُلُوبهمْ وَجِلَة خَائِفَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19337 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } يَقُول : يَعْمَلُونَ خَائِفِينَ . 19338 - قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا فَرَقًا مِنَ اللَّه وَوَجَلًا مِنَ اللَّه . 19339 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } يُنْفِقُونَ مَا أَنْفَقُوا . 19340 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا وَيُنْفِقُونَ مَا أَنْفَقُوا وَيَتَصَدَّقُونَ بِمَا تَصَدَّقُوا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة ; اتِّقَاء لِسَخَطِ اللَّه وَالنَّار . وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة , أَعْنِي عَلَى . { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَبِهِ رُسُوم مَصَاحِفهمْ وَبِهِ نَقْرَأ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ وَوِفَاقه خَطّ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ . وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فِي ذَلِكَ , مَا : 19341 - حَدَّثَنَاهُ أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن ثَابِت , عَنْ طَلْحه بْن عُمَر , عَنْ أَبِي خَلَف , قَالَ : دَخَلْت مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر عَلَى عَائِشَة , فَسَأَلَهَا عُبَيْد : كَيْف نَقْرَأ هَذَا الْحَرْف { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } ؟ فَقَالَتْ : " يَأْتُونَ مَا أَتَوْا " . وَكَأَنَّهَا تَأَوَّلَتْ فِي ذَلِكَ وَالَّذِينَ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ مِنَ الْخَيْرَات وَهُمْ وَجِلُونَ مِنَ اللَّه . كَالَّذِي : 19342 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عُمَر بْن قَيْس , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد بْن وَهْب الْهَمْدَانِيّ , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : يَا رَسُول اللَّه " وَالَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة " هُوَ الَّذِي يُذْنِب الذَّنْب وَهُوَ وَجِل مِنْهُ ؟ فَقَالَ : " لَا , وَلَكِنْ مَنْ يَصُوم وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّق وَهُوَ وَجِل " . 19343 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنْ مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد بْن وَهْب , أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه { الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } أَهُمْ الَّذِينَ يُذْنِبُونَ وَهُمْ مُشْفِقُونَ وَيَصُومُونَ وَهُمْ مُشْفِقُونَ ؟ * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ , ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا لَيْث , عَنْ مُغِيث , عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل مَكَّة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه : { الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } قَالَ : فَذَكَرَ مِثْل هَذَا . * - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ , ثنا أَبِي , عَنْ مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه { الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } أَهُوَ الرَّجُل يَزْنِي وَيَسْرِق وَيَشْرَب الْخَمْر ؟ قَالَ : " لَا يَا ابْنَة أَبِي بَكْر - أَوْ يَا ابْنَة الصِّدِّيق - وَلَكِنَّهُ الرَّجُل يَصُوم وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّق , وَيَخَاف أَنْ لَا يُقْبَل مِنْهُ " . 19344 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ , ثنا الْحُسَيْن , قَالَ , ثني جَرِير , عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم , وَهُشَيْم عَنِ الْعَوَّام بْن حَوْشَب جَمِيعًا , عَنْ عَائِشَة , أَنَّهَا قَالَتْ , سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا ابْنَة أَبِي بَكْر - أَوْ يَا ابْنَة الصِّدِّيق - هُمْ الَّذِينَ يُصَلُّونَ وَيَفْرُقُونَ أَنْ لَا يُتَقَبَّل مِنْهُمْ " . وَ " أَنَّ " مِنْ قَوْله : { أَنَّهُمْ إِلَى رَبّهمْ رَاجِعُونَ } . فِي مَوْضِع نَصْب ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : { وَقُلُوبهمْ وَجِلَة } مِنْ أَنَّهُمْ , فَلَمَّا حُذِفَتْ " وَمِنْ " اتَّصَلَ الْكَلَام قَبْلهَا , فَنُصِبَتْ . وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : هُوَ فِي مَوْضِع خَفْض , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَافِض ظَاهِرًا .