وَقَوْله : { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ الصِّفَات صِفَاتهمْ , يُبَادِرُونَ فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَيَطْلُبُونَ الزُّلْفَة عِنْد اللَّه بِطَاعَتِهِ . كَمَا : 19345 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ , أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ , قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } .
وَقَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } كَانَ بَعْضهمْ يَقُول . مَعْنَاهُ : سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة , فَذَلِكَ سُبُوقُهُمُ الْخَيْرَات الَّتِي يَعْمَلُونَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19346 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } يَقُول : سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَة . 19347 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } , فَتِلْكَ الْخَيْرَات . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ . وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ : وَهُمْ مِنْ أَجْلهَا سَابِقُونَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ ابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة قَبْل مُسَارَعَتهمْ فِي الْخَيْرَات , وَلَمَّا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ سَارَعُوا فِيهَا . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْكَلَامِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا حَاجَة بِنَا إِذَا وَجَّهْنَا تَأْوِيل الْكَلَام إِلَى ذَلِكَ , إِلَى تَحْوِيل مَعْنَى " اللَّام " الَّتِي فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا } إِلَى غَيْر مَعْنَاهَا الْأَغْلَب عَلَيْهَا .
وَقَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } كَانَ بَعْضهمْ يَقُول . مَعْنَاهُ : سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة , فَذَلِكَ سُبُوقُهُمُ الْخَيْرَات الَّتِي يَعْمَلُونَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19346 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } يَقُول : سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَة . 19347 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } , فَتِلْكَ الْخَيْرَات . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ . وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ : وَهُمْ مِنْ أَجْلهَا سَابِقُونَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ ابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة قَبْل مُسَارَعَتهمْ فِي الْخَيْرَات , وَلَمَّا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ سَارَعُوا فِيهَا . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْكَلَامِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا حَاجَة بِنَا إِذَا وَجَّهْنَا تَأْوِيل الْكَلَام إِلَى ذَلِكَ , إِلَى تَحْوِيل مَعْنَى " اللَّام " الَّتِي فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا } إِلَى غَيْر مَعْنَاهَا الْأَغْلَب عَلَيْهَا .
وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا نُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا نُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا مَا يَسَعهَا وَيَصْلُح لَهَا مِنَ الْعِبَادَة ; وَلِذَلِكَ كَلَّفْنَاهَا مَا كَلَّفْنَاهَا مِنْ مَعْرِفَة وَحْدَانِيَّة اللَّه , وَشَرَعْنَا لَهَا مَا شَرَعْنَا مِنَ الشَّرَائِع .
يَقُول : وَعِنْدنَا كِتَاب أَعْمَال الْخَلْق بِمَا عَمِلُوا مِنْ خَيْر وَشَرّ ; { يَنْطِق بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } يَقُول : يُبَيِّن بِالصِّدْقِ عَمَّا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فِي الدُّنْيَا , لَا زِيَادَة عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَان , وَنَحْنُ مُوَفُّو جَمِيعهمْ أُجُورهمْ , الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ .
يَقُول : وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ , بِأَنْ يُزَاد عَلَى سَيِّئَات الْمُسِيء مِنْهُمْ مَا لَمْ يَعْمَلهُ فَيُعَاقَب عَلَى غَيْر جُرْمه , وَيَنْقُص الْمُحْسِن عَمَّا عَمِلَ مِنْ إِحْسَانه فَيَنْقُص عَمَّا لَهُ مِنَ الثَّوَاب .
يَقُول : وَعِنْدنَا كِتَاب أَعْمَال الْخَلْق بِمَا عَمِلُوا مِنْ خَيْر وَشَرّ ; { يَنْطِق بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } يَقُول : يُبَيِّن بِالصِّدْقِ عَمَّا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فِي الدُّنْيَا , لَا زِيَادَة عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَان , وَنَحْنُ مُوَفُّو جَمِيعهمْ أُجُورهمْ , الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ .
يَقُول : وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ , بِأَنْ يُزَاد عَلَى سَيِّئَات الْمُسِيء مِنْهُمْ مَا لَمْ يَعْمَلهُ فَيُعَاقَب عَلَى غَيْر جُرْمه , وَيَنْقُص الْمُحْسِن عَمَّا عَمِلَ مِنْ إِحْسَانه فَيَنْقُص عَمَّا لَهُ مِنَ الثَّوَاب .
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ قُلُوبهمْ فِي غَمْرَة مِنْ هَذَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا الْأَمْر كَمَا يَحْسُب هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , مِنْ أَنَّ إِمْدَادنَاهُمْ بِمَا نَمُدّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ , بِخَيْرٍ نَسُوقهُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ وَالرِّضَا مِنَّا عَنْهُمْ ; وَلَكِنَّ قُلُوبهمْ فِي غَمْرَة عَمًى عَنْ هَذَا الْقُرْآن . وَعَنَى بِالْغَمْرَةِ : مَا غَمَرَ قُلُوبهمْ فَغَطَّاهَا عَنْ فَهْم مَا أَوْدَعَ اللَّه كِتَابه مِنَ الْمَوَاعِظ وَالْعِبَر وَالْحُجَج . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { مِنْ هَذَا } مِنَ الْقُرْآن . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19348 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فِي غَمْرَة مِنْ هَذَا } قَالَ : فِي عَمًى مِنْ هَذَا الْقُرْآن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فِي غَمْرَة مِنْ هَذَا } قَالَ : مِنَ الْقُرْآن .
وَقَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِهَؤُلَاءِ الْكُفَّار أَعْمَال لَا يَرْضَاهَا اللَّه مِنَ الْمَعَاصِي . { مِنْ دُون ذَلِكَ } يَقُول : مِنْ دُون أَعْمَال أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ وَأَهْل التَّقْوَى وَالْخَشْيَة لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19349 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : الْخَطَايَا . 19350 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : الْحَقّ . * - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : 0 ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : خَطَايَا مِنْ دُون ذَلِكَ الْحَقّ . 19351 - قَالَ ثنا حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } . . . الْآيَة , قَالَ : أَعْمَال دُون الْحَقّ . 19352 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذَكَرَ اللَّه الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة , ثُمَّ قَالَ لِلْكُفَّارِ : { بَلْ قُلُوبهمْ فِي غَمْرَة مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : مِنْ دُون الْأَعْمَال الَّتِي مِنْهَا قَوْله : { مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ } وَالَّذِينَ , وَالَّذِينَ . 19353 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا . 19345 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاء , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : أَعْمَال لَمْ يَعْمَلُوهَا سَيَعْمَلُونَهَا . 19355 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدّ مِنْ أَنْ يَسْتَوْفِي بَقِيَّة عَمَله , وَيَصْلَى بِهِ . * -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا . * - حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا .
وَقَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِهَؤُلَاءِ الْكُفَّار أَعْمَال لَا يَرْضَاهَا اللَّه مِنَ الْمَعَاصِي . { مِنْ دُون ذَلِكَ } يَقُول : مِنْ دُون أَعْمَال أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ وَأَهْل التَّقْوَى وَالْخَشْيَة لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19349 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : الْخَطَايَا . 19350 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : الْحَقّ . * - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : 0 ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : خَطَايَا مِنْ دُون ذَلِكَ الْحَقّ . 19351 - قَالَ ثنا حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } . . . الْآيَة , قَالَ : أَعْمَال دُون الْحَقّ . 19352 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذَكَرَ اللَّه الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة , ثُمَّ قَالَ لِلْكُفَّارِ : { بَلْ قُلُوبهمْ فِي غَمْرَة مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : مِنْ دُون الْأَعْمَال الَّتِي مِنْهَا قَوْله : { مِنْ خَشْيَة رَبّهمْ مُشْفِقُونَ } وَالَّذِينَ , وَالَّذِينَ . 19353 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا . 19345 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاء , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حُمَيْد , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : أَعْمَال لَمْ يَعْمَلُوهَا سَيَعْمَلُونَهَا . 19355 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدّ مِنْ أَنْ يَسْتَوْفِي بَقِيَّة عَمَله , وَيَصْلَى بِهِ . * -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا . * - حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَهُمْ أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ } قَالَ : أَعْمَال لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِهَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ قُرَيْش أَعْمَال مِنْ دُون ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ , إِلَى أَنْ يُؤْخَذ أَهْل النِّعْمَة وَالْبَطَر مِنْهُمْ بِالْعَذَابِ . كَمَا : 19356 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ } , قَالَ : الْمُتْرَفُونَ : الْعُظَمَاء. { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يَقُول : فَإِذَا أَخَذْنَاهُمْ بِهِ جَأَرُوا , يَقُول : ضَجُّوا وَاسْتَغَاثُوا مِمَّا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابنَا. وَلَعَلَّ الْجُؤَار : رَفْع الصَّوْت , كَمَا يَجْأَر الثَّوْر ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : يُرَاوِح مِنْ صَلَوَات الْمَلِي كِ طَوْرًا سُجُودًا وَطَوْرًا جُؤَارَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19357 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يَقُول : يَسْتَغِيثُونَ . 19358 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلْقَمَة بْن قردد , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قَالَ : بِالسُّيُوفِ يَوْم بَدْر . 19359 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , فِي قَوْله : { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قَالَ : يَجْزَعُونَ . 19360 - قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ } قَالَ : عَذَاب يَوْم بَدْر . { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قَالَ : الَّذِينَ بِمَكَّة . 19361 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ } يَعْنِي أَهْل بَدْر , أَخَذَهُمْ اللَّه بِالْعَذَابِ يَوْم بَدْر . 19362 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت ابْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } قَالَ : يَجْزَعُونَ .
وَقَوْله : { لَا تَجْأَرُوا الْيَوْم } يَقُول : لَا تَضِجُّوا وَتَسْتَغِيثُوا الْيَوْم وَقَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْعَذَاب الَّذِي لَا يُدْفَع عَنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ , فَإِنَّ ضَجِيجكُمْ غَيْر نَافِعكُمْ وَلَا دَافِع عَنْكُمْ شَيْئًا مِمَّا قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنْ سَخَط اللَّه . { إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ } يَقُول : إِنَّكُمْ مِنْ عَذَابنَا الَّذِي قَدْ حَلَّ بِكُمْ لَا تُسْتَنْقَذُونَ , وَلَا يُخَلِّصكُمْ مِنْهُ شَيْء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19363 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس : { لَا تَجْأَرُوا الْيَوْم } لَا تَجْزَعُوا الْيَوْم . 19364 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيع بْن أَنَس : { لَا تَجْأَرُوا الْيَوْم } لَا تَجْزَعُوا الْآن حِين نَزَلَ بِكُمُ الْعَذَاب , إِنَّهُ لَا يَنْفَعكُمْ , فَلَوْ كَانَ هَذَا الْجَزَع قَبْل نَفْعِكُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ تَنْكِصُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش : لَا تَضِجُّوا الْيَوْم وَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ سَخَط اللَّه وَعَذَابه , بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَاسْتَوْجَبْتُمُوهُ بِكُفْرِكُمْ بِآيَاتِ رَبّكُمْ . { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ } يَعْنِي : آيَات كِتَاب اللَّه , يَقُول : كَانَتْ آيَات كِتَابِي تُقْرَأ عَلَيْكُمْ فَتُكَذِّبُونَ بِهَا وَتَرْجِعُونَ مُوَلِّينَ عَنْهَا إِذَا سَمِعْتُمُوهَا , كَرَاهِيَة مِنْكُمْ لِسَمَاعِهَا . وَكَذَلِكَ يُقَال لِكُلِّ مَنْ رَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ : نَكَصَ فُلَان عَلَى عَقِبه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19365 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ تَنْكِصُونَ } قَالَ : تَسْتَأْخِرُونَ . 19366 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ تَنْكِصُونَ } يَقُول : تُدْبِرُونَ . 19367 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ تَنْكِصُونَ } يَعْنِي أَهْل مَكَّة . * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن . قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { تَنْكِصُونَ } قَالَ : تَسْتَأْخِرُونَ .
وَقَوْله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } يَقُول : مُسْتَكْبِرِينَ بِحَرَمِ اللَّه , يَقُولُونَ : لَا يَظْهَر عَلَيْنَا فِيهِ أَحَد ; لِأَنَّا أَهْل الْحَرَم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19368 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } يَقُول : مُسْتَكْبِرِينَ بِحَرَمِ الْبَيْت أَنَّهُ لَا يَظْهَر عَلَيْنَا فِيهِ أَحَد . 19369 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } قَالَ : بِمَكَّة بِالْبَلَدِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 19370 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } قَالَ : مُسْتَكْبِرِينَ بِحَرَمِي . 19371 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } بِالْحَرَمِ . 19372 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } قَالَ : مُسْتَكْبِرِينَ بِالْحَرَمِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19373 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } قَالَ : بِالْحَرَمِ .
وَقَوْله : { سَامِرًا } يَقُول : تَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ . وَوَحَّدَ قَوْله : { سَامِرًا } وَهُوَ بِمَعْنَى السُّمَّار ; لِأَنَّهُ وُضِعَ مَوْضِع الْوَقْت . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَتَهْجُرُونَ لَيْلًا , فَوَضَعَ السَّامِر مَوْضِع اللَّيْل , فَوَحَّدَ لِذَلِكَ . وَقَدْ كَانَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ يَقُول : وَحَّدَ وَمَعْنَاهُ الْجَمْع , كَمَا قِيلَ : طِفْل فِي مَوْضِع أَطْفَال . وَمِمَّا يُبِين عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي أَنَّهُ وُضِعَ مَوْضِع الْوَقْت فَوَحَّدَ لِذَلِكَ , قَوْل الشَّاعِر . مِنْ دُونهمْ إِنْ جِئْتهمْ سَمَرًا عَزْف الْقِيَان وَمَجْلِس غَمْر فَقَالَ : " سَمَرًا " لِأَنَّ مَعْنَاهُ : إِنْ جِئْتهمْ لَيْلًا وَهُمْ يَسْمُرُونَ , وَكَذَلِكَ قَوْله : { سَامِرًا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكَرَ مِنْ قَالَ ذَلِكَ : 19374 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { سَامِرًا } يَقُول : يَسْمُرُونَ حَوْل الْبَيْت . 19375 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { سَامِرًا } قَالَ : مَجْلِسًا بِاللَّيْلِ . ط * -حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { سَامِرًا } قَالَ : مَجَالِس . 19376 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { سَامِرًا } قَالَ : تَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ . 19377 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { سَامِرًا } قَالَ : كَانُوا يَسْمُرُونَ لَيْلَتهمْ وَيَلْعَبُونَ : يَتَكَلَّمُونَ بِالشِّعْرِ وَالْكِهَانَة وَبِمَا لَا يَدْرُونَ . 19378 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { سَامِرًا } قَالَ : يَعْنِي سَمَر اللَّيْل . وَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ , مَا : 19379 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { سَامِرًا } يَقُول : سَامِرًا مِنْ أَهْل الْحَرَم آمِنًا لَا يَخَاف , كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ أَهْل الْحَرَم ; لَا يَخَافُونَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ , أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { سَامِرًا } يَقُول : سَامِرًا مِنْ أَهْل مَكَّة آمِنًا لَا يَخَاف , قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ أَهْل الْحَرَم لَا نَخَاف .
وَقَوْله : { تَهْجُرُونَ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { تَهْجُرُونَ } بِفَتْحِ التَّاء وَضَمّ الْجِيم . وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجْهَانِ مِنَ الْمَعْنَى : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون عَنَى أَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآن أَوِ الْبَيْت , أَوْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفْضه . وَالْآخَر : أَنْ يَكُون عَنَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ شَيْئًا مِنَ الْقَوْل كَمَا يَهْجُر الرَّجُل فِي مَنَامه , وَذَلِكَ إِذَا هَذَى ; فَكَأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْقُرْآن مَا لَا مَعْنَى لَهُ مِنَ الْقَوْل , وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا فِيهِ بَاطِلًا مِنَ الْقَوْل الَّذِي لَا يَضُرّهُ , وَقَدْ جَاءَ بِكِلَا الْقَوْلَيْنِ التَّأْوِيل مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانُوا يُعْرِضُونَ عَنْ ذِكْر اللَّه وَالْحَقّ وَيَهْجُرُونَهُ : 19380 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَهْجُرُونَ ذِكْر اللَّه وَالْحَقّ . 19381 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } قَالَ : السَّبّ . ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ الْبَاطِل وَالسَّيِّئ مِنَ الْقَوْل فِي الْقُرْآن : 19382 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَهْجُرُونَ فِي الْبَاطِل . * - قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ يَخُوضُونَ فِي الْبَاطِل . 19383 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : بِالْقَوْلِ السَّيِّئ فِي الْقُرْآن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19384 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : . الْهَذْيَان ; الَّذِي يَتَكَلَّم بِمَا لَا يُرِيد , وَلَا يَعْقِل كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَتَكَلَّم بِمَا لَا يَدْرِي . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقْرَؤُهَا : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " بِضَمِّ التَّاء وَكَسْر الْجِيم . وَمِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم , بِمَعْنَى : يُفْحِشُونَ فِي الْمَنْطِق , وَيَقُولُونَ الْخَنَا , مِنْ قَوْلهمْ : أَهْجَرَ الرَّجُل : إِذَا أَفْحَشَ فِي الْقَوْل . وَذُكِرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19385 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : " تُهْجِرُونَ " قَالَ : تَقُولُونَ هُجْرًا . 19386 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , عَنْ أَبِي نَهِيك , عَنْ عِكْرِمَة , أَنَّهُ قَرَأَ : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " : أَيْ تَسُبُّونَ . 19387 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْن , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " رَسُولِي . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : " تُهْجِرُونَ " رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 19388 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : " تُهْجِرُونَ " يَقُول : يَقُولُونَ سُوءًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : " تُهْجِرُونَ " كِتَاب اللَّه وَرَسُوله . 19389 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : " تُهْجِرُونَ " يَقُول : يَقُولُونَ الْمُنْكَر وَالْخَنَا مِنَ الْقَوْل , كَذَلِكَ هَجْر الْقَوْل . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهِيَ فَتْح التَّاء وَضَمّ الْجِيم , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء.
وَقَوْله : { سَامِرًا } يَقُول : تَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ . وَوَحَّدَ قَوْله : { سَامِرًا } وَهُوَ بِمَعْنَى السُّمَّار ; لِأَنَّهُ وُضِعَ مَوْضِع الْوَقْت . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَتَهْجُرُونَ لَيْلًا , فَوَضَعَ السَّامِر مَوْضِع اللَّيْل , فَوَحَّدَ لِذَلِكَ . وَقَدْ كَانَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ يَقُول : وَحَّدَ وَمَعْنَاهُ الْجَمْع , كَمَا قِيلَ : طِفْل فِي مَوْضِع أَطْفَال . وَمِمَّا يُبِين عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي أَنَّهُ وُضِعَ مَوْضِع الْوَقْت فَوَحَّدَ لِذَلِكَ , قَوْل الشَّاعِر . مِنْ دُونهمْ إِنْ جِئْتهمْ سَمَرًا عَزْف الْقِيَان وَمَجْلِس غَمْر فَقَالَ : " سَمَرًا " لِأَنَّ مَعْنَاهُ : إِنْ جِئْتهمْ لَيْلًا وَهُمْ يَسْمُرُونَ , وَكَذَلِكَ قَوْله : { سَامِرًا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكَرَ مِنْ قَالَ ذَلِكَ : 19374 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { سَامِرًا } يَقُول : يَسْمُرُونَ حَوْل الْبَيْت . 19375 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { سَامِرًا } قَالَ : مَجْلِسًا بِاللَّيْلِ . ط * -حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { سَامِرًا } قَالَ : مَجَالِس . 19376 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { سَامِرًا } قَالَ : تَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ . 19377 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { سَامِرًا } قَالَ : كَانُوا يَسْمُرُونَ لَيْلَتهمْ وَيَلْعَبُونَ : يَتَكَلَّمُونَ بِالشِّعْرِ وَالْكِهَانَة وَبِمَا لَا يَدْرُونَ . 19378 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { سَامِرًا } قَالَ : يَعْنِي سَمَر اللَّيْل . وَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ , مَا : 19379 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { سَامِرًا } يَقُول : سَامِرًا مِنْ أَهْل الْحَرَم آمِنًا لَا يَخَاف , كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ أَهْل الْحَرَم ; لَا يَخَافُونَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ , أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { سَامِرًا } يَقُول : سَامِرًا مِنْ أَهْل مَكَّة آمِنًا لَا يَخَاف , قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : نَحْنُ أَهْل الْحَرَم لَا نَخَاف .
وَقَوْله : { تَهْجُرُونَ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { تَهْجُرُونَ } بِفَتْحِ التَّاء وَضَمّ الْجِيم . وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجْهَانِ مِنَ الْمَعْنَى : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون عَنَى أَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآن أَوِ الْبَيْت , أَوْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفْضه . وَالْآخَر : أَنْ يَكُون عَنَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ شَيْئًا مِنَ الْقَوْل كَمَا يَهْجُر الرَّجُل فِي مَنَامه , وَذَلِكَ إِذَا هَذَى ; فَكَأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْقُرْآن مَا لَا مَعْنَى لَهُ مِنَ الْقَوْل , وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا فِيهِ بَاطِلًا مِنَ الْقَوْل الَّذِي لَا يَضُرّهُ , وَقَدْ جَاءَ بِكِلَا الْقَوْلَيْنِ التَّأْوِيل مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانُوا يُعْرِضُونَ عَنْ ذِكْر اللَّه وَالْحَقّ وَيَهْجُرُونَهُ : 19380 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَهْجُرُونَ ذِكْر اللَّه وَالْحَقّ . 19381 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } قَالَ : السَّبّ . ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ الْبَاطِل وَالسَّيِّئ مِنَ الْقَوْل فِي الْقُرْآن : 19382 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَهْجُرُونَ فِي الْبَاطِل . * - قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } قَالَ : يَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ يَخُوضُونَ فِي الْبَاطِل . 19383 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : بِالْقَوْلِ السَّيِّئ فِي الْقُرْآن . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19384 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { تَهْجُرُونَ } قَالَ : . الْهَذْيَان ; الَّذِي يَتَكَلَّم بِمَا لَا يُرِيد , وَلَا يَعْقِل كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَتَكَلَّم بِمَا لَا يَدْرِي . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقْرَؤُهَا : { سَامِرًا تَهْجُرُونَ } . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " بِضَمِّ التَّاء وَكَسْر الْجِيم . وَمِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم , بِمَعْنَى : يُفْحِشُونَ فِي الْمَنْطِق , وَيَقُولُونَ الْخَنَا , مِنْ قَوْلهمْ : أَهْجَرَ الرَّجُل : إِذَا أَفْحَشَ فِي الْقَوْل . وَذُكِرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19385 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : " تُهْجِرُونَ " قَالَ : تَقُولُونَ هُجْرًا . 19386 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , عَنْ أَبِي نَهِيك , عَنْ عِكْرِمَة , أَنَّهُ قَرَأَ : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " : أَيْ تَسُبُّونَ . 19387 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْن , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : " سَامِرًا تُهْجِرُونَ " رَسُولِي . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : " تُهْجِرُونَ " رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 19388 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : " تُهْجِرُونَ " يَقُول : يَقُولُونَ سُوءًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : " تُهْجِرُونَ " كِتَاب اللَّه وَرَسُوله . 19389 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : " تُهْجِرُونَ " يَقُول : يَقُولُونَ الْمُنْكَر وَالْخَنَا مِنَ الْقَوْل , كَذَلِكَ هَجْر الْقَوْل . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , وَهِيَ فَتْح التَّاء وَضَمّ الْجِيم , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَمْ يَتَدَبَّر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ تَنْزِيل اللَّه وَكَلَامه , فَيَعْلَمُوا مَا فِيهِ مِنَ الْعِبَر , وَيَعْرِفُوا حُجَج اللَّه الَّتِي احْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِ فِيهِ ؟ { أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ } ؟ يَقُول : أَمْ جَاءَهُمْ أَمْر مَا لَمْ يَأْتِ مَنْ قَبْلهمْ مِنْ أَسْلَافهمْ , فَاسْتَكْبَرُوا ذَلِكَ وَأَعْرَضُوا , فَقَدْ جَاءَتِ الرُّسُل مِنْ قَبْلهمْ , وَأُنْزِلَتْ مَعَهُمُ الْكُتُب . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون " أَمْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى : " بَلْ " , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل ؟ بَلْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ , فَتَرَكُوا لِذَلِكَ التَّدَبُّر وَأَعْرَضُوا عَنْهُ , إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِهِمْ ذَلِكَ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ ابْن عَبَّاس فِي نَحْو هَذَا الْقَوْل , مَا : 19390 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ } قَالَ : لَعَمْرِي لَقَدْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ , وَلَكِنْ أَوَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ .
وَقَوْله : { أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ لَمْ يَعْرِف هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا , وَأَنَّهُ مِنْ أَهْل الصِّدْق وَالْأَمَانَة ,
يَقُول : فَيُنْكِرُوا قَوْله , أَوَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِالصِّدْقِ , وَيَحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَكَيْفَ يُكَذِّبُونَهُ وَهُمْ يَعْرِفُونَهُ فِيهِمْ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَة.
يَقُول : فَيُنْكِرُوا قَوْله , أَوَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِالصِّدْقِ , وَيَحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَكَيْفَ يُكَذِّبُونَهُ وَهُمْ يَعْرِفُونَهُ فِيهِمْ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَة.
يَقُول : أَيَقُولُونَ بِمُحَمَّدٍ جُنُون , فَهُوَ يَتَكَلَّم بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يَفْهَم وَلَا يُدْرِي مَا يَقُول .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَكَذِبهمْ فِي قِيلهمْ ذَلِكَ وَاضِح بَيِّن ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَجْنُون يَهْذِي فَيَأْتِي مِنَ الْكَلَام بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ , وَلَا يُعْقَل وَلَا يُفْهَم , وَالَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّد هُوَ الْحِكْمَة الَّتِي لَا أَحْكَم مِنْهَا وَالْحَقّ الَّذِي لَا تَخْفَى صِحَّته عَلَى ذِي فِطْرَة صَحِيحَة , فَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُقَال : هُوَ كَلَام مَجْنُون ! ؟
وَقَوْله : { وَأَكْثَرهمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا بِهَؤُلَاءِ الْكَفَرَة أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مُحَمَّدًا بِالصِّدْقِ وَلَا أَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدهمْ مَجْنُون , بَلْ قَدْ عَلِمُوهُ صَادِقًا مُحِقًّا فِيمَا يَقُول وَفِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ , وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لِلْإِذْعَانِ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ وَلِأَتْبَاعِ مُحَمَّد سَاخِطُونَ , حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ وَبَغْيًا عَلَيْهِ وَاسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْض.
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنْ يَقُولُوا ذَلِكَ فَكَذِبهمْ فِي قِيلهمْ ذَلِكَ وَاضِح بَيِّن ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَجْنُون يَهْذِي فَيَأْتِي مِنَ الْكَلَام بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ , وَلَا يُعْقَل وَلَا يُفْهَم , وَالَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّد هُوَ الْحِكْمَة الَّتِي لَا أَحْكَم مِنْهَا وَالْحَقّ الَّذِي لَا تَخْفَى صِحَّته عَلَى ذِي فِطْرَة صَحِيحَة , فَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُقَال : هُوَ كَلَام مَجْنُون ! ؟
وَقَوْله : { وَأَكْثَرهمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا بِهَؤُلَاءِ الْكَفَرَة أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مُحَمَّدًا بِالصِّدْقِ وَلَا أَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدهمْ مَجْنُون , بَلْ قَدْ عَلِمُوهُ صَادِقًا مُحِقًّا فِيمَا يَقُول وَفِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ , وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لِلْإِذْعَانِ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ وَلِأَتْبَاعِ مُحَمَّد سَاخِطُونَ , حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ وَبَغْيًا عَلَيْهِ وَاسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْض.
وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ عَمِلَ الرَّبّ تَعَالَى ذِكْره بِمَا يَهْوَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ وَأَجْرَى التَّدْبِير عَلَى مَشِيئَتهمْ وَإِرَادَتهمْ وَتَرْك الْحَقّ الَّذِي هُمْ لَهُ كَارِهُونَ , لَفَسَدَتِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ ; وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ عَوَاقِب الْأُمُور وَالصَّحِيح مِنَ التَّدْبِير وَالْفَاسِد . فَلَوْ كَانَتِ الْأُمُور جَارِيَة عَلَى مَشِيئَتهمْ وَأَهْوَائِهِمْ مَعَ إِيثَار أَكْثَرهمُ الْبَاطِل عَلَى الْحَقّ , لَمْ تَقِرّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ مِنْ خَلْق اللَّه ; لِأَنَّ ذَلِكَ قَامَ بِالْحَقِّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقّ أَهْوَاءَهُمْ } قَالَ : اللَّه . * - قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقّ أَهْوَاءَهُمْ } قَالَ : الْحَقّ : هُوَ اللَّه . 19392 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقّ أَهْوَاءَهُمْ } قَالَ : الْحَقّ : اللَّه .
وَقَوْله : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرهمْ مُعْرِضُونَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الذِّكْر فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ بَيَان الْحَقّ لَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى رَجُل مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19393 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } يَقُول : بَيَّنَّا لَهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِشَرَفِهِمْ ; وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْقُرْآن كَانَ شَرَفًا لَهُمْ , لِأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى رَجُل مِنْهُمْ , فَأَعْرَضُوا عَنْهُ وَكَفَرُوا بِهِ . وَقَالُوا : ذَلِكَ نَظِير قَوْله { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } 43 44 وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآن بَيَانًا بَيَّنَ فِيهِ مَا لِخَلْقِهِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ذِكْر لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمه وَشَرَف لَهُمْ .
وَقَوْله : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرهمْ مُعْرِضُونَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الذِّكْر فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ بَيَان الْحَقّ لَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى رَجُل مِنْهُمْ مِنْ هَذَا الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19393 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } يَقُول : بَيَّنَّا لَهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِشَرَفِهِمْ ; وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْقُرْآن كَانَ شَرَفًا لَهُمْ , لِأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى رَجُل مِنْهُمْ , فَأَعْرَضُوا عَنْهُ وَكَفَرُوا بِهِ . وَقَالُوا : ذَلِكَ نَظِير قَوْله { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } 43 44 وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآن بَيَانًا بَيَّنَ فِيهِ مَا لِخَلْقِهِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ذِكْر لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمه وَشَرَف لَهُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ تَسْأَلهُمْ خَرْجًا فَخَرَاج رَبّك خَيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ تَسْأَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد مِنْ قَوْمك خَرَاجًا , يَعْنِي أَجْرًا عَلَى مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه مِنَ النَّصِيحَة وَالْحَقّ ; { فَخَرَاج رَبّك خَيْر } فَأَجْر رَبّك عَلَى نَفَاذك لِأَمْرِهِ , وَابْتِغَاء مَرْضَاته خَيْر لَك مِنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَسْأَلهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا آتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه أَجْرًا , قَالَ لَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه لَهُ , وَأَمَرَهُ بِقِيلِهِ لَهُمْ : { قُلْ لَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى } 42 23 وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : أَمْ تَسْأَلهُمْ عَلَى مَا جِئْتهمْ بِهِ أَجْرًا , فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابهمْ إِذَا تَلَوْته عَلَيْهِمْ , مُسْتَكْبِرِينَ بِالْحَرَمِ , فَخَرَاج رَبّك خَيْر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19394 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن : { أَمْ تَسْأَلهُمْ خَرْجًا فَخَرَاج رَبّك خَيْر } قَالَ : أَجْرًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنِ الْحَسَن , مِثْله . وَأَصْل الْخَرَاج وَالْخَرْج : مَصْدَرَانِ لَا يُجْمَعَانِ .
وَقَوْله : { وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ } يَقُول : وَاللَّه خَيْر مَنْ أَعْطَى عِوَضًا عَلَى عَمَل وَرِزْق رِزْقًا .
وَقَوْله : { وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ } يَقُول : وَاللَّه خَيْر مَنْ أَعْطَى عِوَضًا عَلَى عَمَل وَرِزْق رِزْقًا .
وَقَوْله : { وَإِنَّك لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّك يَا مُحَمَّد لَتَدْعُو هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك إِلَى دِين الْإِسْلَام , وَهُوَ الطَّرِيق الْقَاصِد وَالصِّرَاط الْمُسْتَقِيم الَّذِي لَا اعْوِجَاج فِيهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاط لَنَاكِبُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ لَا يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , وَقِيَام السَّاعَة , وَمُجَازَاة اللَّه عِبَاده فِي الدَّار الْآخِرَة ; { عَنِ الصِّرَاط لَنَاكِبُونَ } يَقُول : عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ وَقَصْد السَّبِيل , وَذَلِكَ دِين اللَّه الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ لَعَادِلُونَ , يُقَال مِنْهُ : قَدْ نَكَبَ فُلَان عَنْ كَذَا : إِذَا عَدَلَ عَنْهُ , وَنَكَبَ عَنْهُ : أَيْ عَدَلَ عَنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19395 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { عَنِ الصِّرَاط لَنَاكِبُونَ } قَالَ : لَعَادِلُونَ . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاط لَنَاكِبُونَ } يَقُول : عَنِ الْحَقّ عَادِلُونَ .
وَقَوْله : { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرّ } يَقُول تَعَالَى : وَلَوْ رَحِمْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ , وَرَفَعْنَا عَنْهُمْ مَا بِهِمْ مِنَ الْقَحْط وَالْجَدْب وَضُرّ الْجُوع وَالْهُزَال ; { لَلَجُّوا فِي طُغْيَانهمْ } يَعْنِي فِي عُتُوّهُمْ وَجُرْأَتهمْ عَلَى رَبّهمْ . { يَعْمَهُونَ } يَعْنِي : يَتَرَدَّدُونَ ; كَمَا : 19396 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرّ } قَالَ : الْجُوع .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَخَذْنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِعَذَابِنَا , وَأَنْزَلْنَا بِهِمْ بَأْسنَا , وَسَخَطنَا وَضَيَّقْنَا عَلَيْهِمْ مَعَايِشهمْ , وَأَجْدَبْنَا بِلَادهمْ , وَقَتَلْنَا سَرَاتهمْ بِالسَّيْفِ . { فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ } يَقُول : فَمَا خَضَعُوا لِرَبِّهِمْ فَيَنْقَادُوا لِأَمْرِهِ وَنَهْيه وَيُنِيبُوا إِلَى طَاعَته . { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } يَقُول : وَمَا يَتَذَلَّلُونَ لَهُ . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَخَذَ اللَّه قُرَيْشًا بِسِنِي الْجَدْب , وَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19397 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنِ الْحَسَن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : جَاءَ أَبُو سُفْيَان إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد , أَنْشُدك اللَّه وَالرَّحِم , فَقَدْ أَكَلْنَا الْعِلْهِز ! يَعْنِي الْوَبَر وَالدَّم , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } . 19398 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْمُؤْمِن , عَنْ عِلْبَاء بْن أَحْمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس : أَنَّ ابْن أُثَال الْحَنَفِيّ لَمَّا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَسِير , فَخَلَّى سَبِيله , فَلَحِقَ بِمَكَّة , فَحَال بَيْن أَهْل مَكَّة وَبَيْن الْمِيرَة مِنَ الْيَمَامَة , حَتَّى أَكَلَتْ قُرَيْش الْعِلْهِز , فَجَاءَ أَبُو سُفْيَان إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : أَلَيْسَ تَزْعُم بِأَنَّك بُعِثْت رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ ؟ فَقَالَ : " بَلَى ! " فَقَالَ : قَدْ قَتَلْت الْآبَاء بِالسَّيْفِ وَالْأَبْنَاء بِالْجُوعِ ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ... } الْآيَة . 19399 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : إِذَا أَصَابَ النَّاس مِنْ قِبَل الشَّيْطَان بَلَاء فَإِنَّمَا هِيَ نِقْمَة , فَلَا تَسْتَقْبِلُوا نِقْمَة اللَّه بِالْحَمِيَّةِ وَلَكِنِ اسْتَقْبِلُوهَا بِالِاسْتِغْفَارِ , وَتَضَرَّعُوا إِلَى اللَّه . وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } . 19400 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ } قَالَ : الْجُوع وَالْجَدْب . { فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ } فَصَبَرُوا . { وَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَاب شَدِيد } . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاب الْقِتَال ; فَقُتِلُوا يَوْم بَدْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19401 -حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين , قَالَ : ثنا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَاب شَدِيد } قَدْ مَضَى , كَانَ يَوْم بَدْر . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنِ ابْن عَبَّاس مِثْله . 19402 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَاب شَدِيد } قَالَ : يَوْم بَدْر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاب الْمَجَاعَة وَالضُّرّ , وَهُوَ الْبَاب ذُو الْعَذَاب الشَّدِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19403 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَاب شَدِيد } قَالَ : لِكُفَّارِ قُرَيْش الْجُوع , وَمَا قَبْلهَا مِنَ الْقِصَّة لَهُمْ أَيْضًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَمَا قَبْلهَا أَيْضًا . وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد : أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِصِحَّةِ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّة الْمَجَاعَة الَّتِي أَصَابَتْ قُرَيْشًا بِدُعَاءِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ , وَأَمَرَ ثُمَامَة بْن أُثَال ; وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ بَعْد وَقْعَة بَدْر .
وَقَوْله : { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } يَقُول : إِذَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَاب حَزَانَى نَادِمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ فِي تَكْذِيبهمْ بِآيَاتِ اللَّه , فِي حِين لَا يَنْفَعهُمْ النَّدَم وَالْحُزْن .
وَقَوْله : { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } يَقُول : إِذَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَاب حَزَانَى نَادِمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ فِي تَكْذِيبهمْ بِآيَاتِ اللَّه , فِي حِين لَا يَنْفَعهُمْ النَّدَم وَالْحُزْن .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي أَحْدَثَ لَكُمْ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , السَّمْع الَّذِي تَسْمَعُونَ بِهِ , وَالْأَبْصَار الَّتِي تُبْصِرُونَ بِهَا , وَالْأَفْئِدَة الَّتِي تَفْقَهُونَ بِهَا , فَكَيْفَ يَتَعَذَّر عَلَى مَنْ أَنْشَأَ ذَلِكَ ابْتِدَاء إِعَادَته بَعْد عَدَمه وَفَقْده , وَهُوَ الَّذِي يُوجِد ذَلِكَ كُلّه إِذَا شَاءَ وَيُفْنِيه إِذَا أَرَادَ .
يَقُول : تَشْكُرُونَ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ خَبَر اللَّه مِنْ عَطَائِكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة قَلِيلًا .
يَقُول : تَشْكُرُونَ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ خَبَر اللَّه مِنْ عَطَائِكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة قَلِيلًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , ثُمَّ تُبْعَثُونَ مِنْ قُبُوركُمْ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي يُحْيِي خَلْقه ; يَقُول : يَجْعَلهُمْ أَحْيَاء بَعْد أَنْ كَانُوا نُطَفًا أَمْوَاتًا , بِنَفْخِ الرُّوح فِيهَا بَعْد التَّارَات الَّتِي تَأْتِي عَلَيْهَا . { وَيُمِيت } يَقُول : وَيُمِيتهُمْ بَعْد أَنْ أَحْيَاهُمْ .
يَقُول : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار مُخْتَلِفَيْنِ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : لَك الْمَنّ وَالْفَضْل , بِمَعْنَى : إِنَّك تَمُنّ وَتُفْضِل .
وَقَوْله : { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَيّهَا النَّاس أَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال ابْتِدَاء مِنْ غَيْر أَصْل لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ إِحْيَاء الْأَمْوَات بَعْد فَنَائِهِمْ وَإِنْشَاء مَا شَاءَ إِعْدَامه بَعْد إِنْشَائِهِ .
يَقُول : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار مُخْتَلِفَيْنِ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : لَك الْمَنّ وَالْفَضْل , بِمَعْنَى : إِنَّك تَمُنّ وَتُفْضِل .
وَقَوْله : { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَيّهَا النَّاس أَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال ابْتِدَاء مِنْ غَيْر أَصْل لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ إِحْيَاء الْأَمْوَات بَعْد فَنَائِهِمْ وَإِنْشَاء مَا شَاءَ إِعْدَامه بَعْد إِنْشَائِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ قَالُوا مِثْل مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا اعْتَبَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِآيَاتِ اللَّه وَلَا تَدَبَّرُوا مَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُجَج وَالدَّلَالَة عَلَى قُدْرَته عَلَى فِعْل كُلّ مَا يَشَاء ; وَلَكِنْ قَالُوا مِثْل مَا قَالَ أَسْلَافهمْ مِنَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا قَبْلهمْ .
يَقُول : أَإِذَا مِتْنَا وَعُدْنَا تُرَابًا قَدْ بَلِيَتْ أَجْسَامنَا وَبَرَأَتْ عِظَامنَا مِنْ لُحُومنَا ,
يَقُول : أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورنَا أَحْيَاء كَهَيْئَتِنَا قَبْل الْمَمَات ؟ إِنَّ هَذَا لَشَيْء غَيْر كَائِن .
يَقُول : أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورنَا أَحْيَاء كَهَيْئَتِنَا قَبْل الْمَمَات ؟ إِنَّ هَذَا لَشَيْء غَيْر كَائِن .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْل إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالُوا : لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا الْوَعْد الَّذِي تَعِدنَا يَا مُحَمَّد , وَوُعِدَ آبَاءَنَا مِنْ قَبْلنَا قَوْم ذَكَرُوا أَنَّهُمْ لِلَّهِ رُسُل مِنْ قَبْلك , فَلَمْ نَرَهُ حَقِيقَة أَنَّ هَذَا يَقُول : مَا هَذَا الَّذِي تَعِدنَا مِنَ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات ; { إِلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ } يَقُول : مَا سَطَرَهُ الْأَوَّلُونَ فِي كُتُبهمْ مِنَ الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار الَّتِي لَا صِحَّة لَهَا ولَا حَقِيقَة.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لِمَنِ الْأَرْض وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْآخِرَةِ مِنْ قَوْمك : لِمَنْ مُلْك الْأَرْض وَمَنْ فِيهَا مِنَ الْخَلْق إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَنْ مَالِكهَا ؟ ثُمَّ أَعْلَمَهُ أَنَّهُمْ سَيُقِرُّونَ بِأَنَّهَا لِلَّهِ مِلْكًا , دُون سَائِر الْأَشْيَاء غَيْره.
يَقُول : فَقُلْ لَهُمْ إِذَا أَجَابُوك بِذَلِكَ كَذَلِكَ : أَفَلَا تَذَكَّرُونَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْق ذَلِكَ ابْتِدَاء فَهُوَ قَادِر عَلَى إِحْيَائِهِمْ بَعْد مَمَاتهمْ وَإِعَادَتهمْ خَلْقًا سَوِيًّا بَعْد فَنَائِهِمْ ؟
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَنْ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : مَنْ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع , وَرَبّ الْعَرْش الْمُحِيط بِذَلِكَ ؟ سَيَقُولُونَ : ذَلِكَ كُلّه لِلَّهِ , وَهُوَ رَبّه , فَقُلْ لَهُمْ : أَفَلَا تَتَّقُونَ عِقَابه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ وَتَكْذِيبكُمْ خَبَره وَخَبَر رَسُوله ؟ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق وَالشَّام : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } ; سِوَى أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ خَالَفَهُمْ فَقَرَأَهُ : " سَيَقُولُونَ اللَّه " فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَفِي الْآخَر الَّذِي بَعْده , إِتْبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَف , فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَصَاحِف الْأَمْصَار إِلَّا فِي مُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة , فَإِنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْأَلِفِ , فَقَرَءُوا بِالْأَلِفِ كُلّهَا إِتْبَاعًا لِخَطِّ مُصْحَفهمْ . فَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوهُ بِالْأَلِفِ فَلَا مُؤْنَة فِي قِرَاءَتهمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا الْجَوَاب عَلَى الِابْتِدَاء وَرَدُّوا مَرْفُوعًا عَلَى مَرْفُوع . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى قِرَاءَتهمْ : قُلْ مَنْ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم ؟ سَيَقُولُونَ رَبّ ذَلِكَ اللَّه . فَلَا مُؤْنَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ فِي هَذَا وَالَّذِي يَلِيه بِغَيْرِ أَلِف , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله { قُلْ مَنْ رَبّ السَّمَاوَات } لِمَنِ السَّمَاوَات ؟ لِمَنِ مُلْك ذَلِكَ ؟ فَجَعَلَ الْجَوَاب عَلَى الْمَعْنَى , فَقِيلَ : لِلَّهِ ; لِأَنَّ الْمَسْأَلَة عَنْ مِلْك ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ ؟ قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْل قَائِل لِرَجُلٍ : مَنْ مَوْلَاك ؟ فَيُجِيب الْمُجِيب عَنْ مَعْنَى مَا سُئِلَ , فَيَقُول : أَنَا لِفُلَانٍ ; لِأَنَّهُ مَفْهُوم بِذَلِكَ مِنَ الْجَوَاب مَا هُوَ مَفْهُوم بِقَوْلِهِ : مَوْلَايَ فُلَان . وَكَانَ بَعْضهمْ يَذْكُر أَنَّ بَعْض بَنِي عَامِر أَنْشَدَهُ : وَأَعْلَم أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْسًا إِذَا سَارَ النَّواجِع لَا يَسِير فَقَالَ السَّائِلُونَ لِمَنْ حَفَرْتُمْ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِير فَأَجَابَ الْمَخْفُوض بِمَرْفُوعٍ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَقَالَ السَّائِلُونَ : مَنِ الْمَيِّت ؟ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ : الْمَيِّت وَزِير ; فَأَجَابُوا عَنِ الْمَعْنَى دُون اللَّفْظ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنِّي مَعَ ذَلِكَ أَخْتَار قِرَاءَة جَمِيع ذَلِكَ بِغَيْرِ أَلِف , لِإِجْمَاعِ خُطُوط مَصَاحِف الْأَمْصَار عَلَى ذَلِكَ سِوَى خَطّ مُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : مَنْ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع , وَرَبّ الْعَرْش الْمُحِيط بِذَلِكَ ؟ سَيَقُولُونَ : ذَلِكَ كُلّه لِلَّهِ , وَهُوَ رَبّه , فَقُلْ لَهُمْ : أَفَلَا تَتَّقُونَ عِقَابه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ وَتَكْذِيبكُمْ خَبَره وَخَبَر رَسُوله ؟ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق وَالشَّام : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } ; سِوَى أَبِي عَمْرو , فَإِنَّهُ خَالَفَهُمْ فَقَرَأَهُ : " سَيَقُولُونَ اللَّه " فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَفِي الْآخَر الَّذِي بَعْده , إِتْبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَف , فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَصَاحِف الْأَمْصَار إِلَّا فِي مُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة , فَإِنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْأَلِفِ , فَقَرَءُوا بِالْأَلِفِ كُلّهَا إِتْبَاعًا لِخَطِّ مُصْحَفهمْ . فَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوهُ بِالْأَلِفِ فَلَا مُؤْنَة فِي قِرَاءَتهمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا الْجَوَاب عَلَى الِابْتِدَاء وَرَدُّوا مَرْفُوعًا عَلَى مَرْفُوع . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى قِرَاءَتهمْ : قُلْ مَنْ رَبّ السَّمَاوَات السَّبْع وَرَبّ الْعَرْش الْعَظِيم ؟ سَيَقُولُونَ رَبّ ذَلِكَ اللَّه . فَلَا مُؤْنَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ فِي هَذَا وَالَّذِي يَلِيه بِغَيْرِ أَلِف , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله { قُلْ مَنْ رَبّ السَّمَاوَات } لِمَنِ السَّمَاوَات ؟ لِمَنْ مُلْك ذَلِكَ ؟ فَجَعَلَ الْجَوَاب عَلَى الْمَعْنَى , فَقِيلَ : لِلَّهِ ; لِأَنَّ الْمَسْأَلَة عَنْ مُلْك ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ ؟ قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْل قَائِل لِرَجُلٍ : مَنْ مَوْلَاك ؟ فَيُجِيب الْمُجِيب عَنْ مَعْنَى مَا سُئِلَ , فَيَقُول : أَنَا لِفُلَانٍ ; لِأَنَّهُ مَفْهُوم بِذَلِكَ مِنَ الْجَوَاب مَا هُوَ مَفْهُوم بِقَوْلِهِ : مَوْلَايَ فُلَان . وَكَانَ بَعْضهمْ يَذْكُر أَنَّ بَعْض بَنِي عَامِر أَنْشَدَهُ : وَأَعْلَم أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْسًا إِذَا سَارَ النَّواجِع لَا يَسِير فَقَالَ السَّائِلُونَ لِمَنْ حَفَرْتُمْ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِير فَأَجَابَ الْمَخْفُوض بِمَرْفُوعٍ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَقَالَ السَّائِلُونَ : مَنِ الْمَيِّت ؟ فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ : الْمَيِّت وَزِير ; فَأَجَابُوا عَنِ الْمَعْنَى دُون اللَّفْظ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِهِمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . غَيْر أَنِّي مَعَ ذَلِكَ أَخْتَار قِرَاءَة جَمِيع ذَلِكَ بِغَيْرِ أَلِف ; لِإِجْمَاعِ خُطُوط مَصَاحِف الْأَمْصَار عَلَى ذَلِكَ سِوَى خَطّ مُصْحَف أَهْل الْبَصْرَة .
قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوت كُلّ شَيْء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد : مَنْ بِيَدِهِ خَزَائِن كُلّ شَيْء ؟ كَمَا . 19404 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { مَلَكُوت كُلّ شَيْء } قَالَ : خَزَائِن كُلّ شَيْء . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوت كُلّ شَيْء } قَالَ : خَزَائِن كُلّ شَيْء .
وَقَوْله : { وَهُوَ يُجِير } مَنْ أَرَادَ مِمَّنْ قَصَدَهُ بِسُوءٍ . { وَلَا يُجَار عَلَيْهِ } يَقُول : وَلَا أَحَد يَمْتَنِع مِمَّنْ أَرَادَهُ هُوَ بِسُوءٍ فَيَدْفَع عَنْهُ عَذَابه وَعِقَابه . { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } مَنْ ذَلِكَ صِفَته ,
وَقَوْله : { وَهُوَ يُجِير } مَنْ أَرَادَ مِمَّنْ قَصَدَهُ بِسُوءٍ . { وَلَا يُجَار عَلَيْهِ } يَقُول : وَلَا أَحَد يَمْتَنِع مِمَّنْ أَرَادَهُ هُوَ بِسُوءٍ فَيَدْفَع عَنْهُ عَذَابه وَعِقَابه . { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } مَنْ ذَلِكَ صِفَته ,
فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ مَلَكُوت كُلّ شَيْء وَالْقُدْرَة عَلَى الْأَشْيَاء كُلّهَا لِلَّهِ . فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } يَقُولُونَ : فَمِنْ أَيّ وَجْه تُصْرَفُونَ عَنِ التَّصْدِيق بِآيَاتِ اللَّه وَالْإِقْرَار بِأَخْبَارِهِ وَأَخْبَار رَسُوله وَالْإِيمَان بِأَنَّ اللَّه الْقَادِر عَلَى كُلّ مَا يَشَاء وَعَلَى بَعْثكُمْ أَحْيَاء بَعْد مَمَاتكُمْ , مَعَ عِلْمكُمْ بِمَا تَقُولُونَ مِنْ عَظِيم سُلْطَانه وَقُدْرَته ؟ وَكَانَ ابْن عَبَّاس فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله { تُسْحَرُونَ } مَا : 19405 - حَدَّثَنِي بِهِ عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } يَقُول : تُكَذِّبُونَ . وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى السِّحْر : أَنَّهُ تَخْيِيل الشَّيْء إِلَى النَّاظِر أَنَّهُ عَلَى خِلَاف مَا هُوَ بِهِ مِنْ هَيْئَته , فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : فَمِنْ أَيّ وَجْه يُخَيَّل إِلَيْكُمُ الْكَذِب حَقًّا وَالْفَاسِد صَحِيحًا , فَتُصْرَفُونَ عَنِ الْإِقْرَار بِالْحَقِّ الَّذِي يَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ رَسُولنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ } يَقُول : مَا الْأَمْر كَمَا يَزْعُم هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه وَأَنَّ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام آلِهَة دُون اللَّه . { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ } الْيَقِين , وَهُوَ الدِّين الَّذِي ابْتَعَثَ اللَّه بِهِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ الْإِسْلَام , وَلَا يُعْبَد شَيْء سِوَى اللَّه لِأَنَّهُ لَا إِلَه غَيْره .
يَقُول : وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَكَاذِبُونَ فِيمَا يُضِيفُونَ إِلَى اللَّه وَيَنْحَلُونَهُ مِنَ الْوَلَد وَالشَّرِيك .
يَقُول : وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَكَاذِبُونَ فِيمَا يُضِيفُونَ إِلَى اللَّه وَيَنْحَلُونَهُ مِنَ الْوَلَد وَالشَّرِيك .