وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ↓
وَقَوْله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَكَمَا جَعَلْنَا لَك يَا مُحَمَّد أَعْدَاء مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك , كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ مَنْ نَبَّأْنَاهُ مِنْ قَبْلك عَدُوًّا مِنْ مُشْرِكِي قَوْمه , فَلَمْ تُخَصَّص بِذَلِكَ مِنْ بَيْنهمْ . يَقُول : فَاصْبِرْ لِمَا نَالَك مِنْهُمْ كَمَا صَبَرَ مَنْ قَبْلك أُولُو الْعَزْم مِنْ رُسُلنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19998 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ } قَالَ : يُوَطِّن مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَاعِل لَهُ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ كَمَا جَعَلَ لِمَنْ قَبْله .
وَقَوْله : { وَكَفَى بِرَبِّك هَادِيًا وَنَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : وَكَفَاك يَا مُحَمَّد بِرَبِّك هَادِيًا يَهْدِيك إِلَى الْحَقّ , وَيُبَصِّرك الرُّشْد , وَنَصِيرًا : يَقُول : نَاصِرًا لَك عَلَى أَعْدَائِك , يَقُول : فَلَا يُهَوِّلَنَّك أَعْدَاؤُك مِنَ الْمُشْرِكِينَ , فَإِنِّي نَاصِرك عَلَيْهِمْ , فَاصْبِرْ لِأَمْرِي , وَامْضِ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِي إِلَيْهِمْ.
وَقَوْله : { وَكَفَى بِرَبِّك هَادِيًا وَنَصِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : وَكَفَاك يَا مُحَمَّد بِرَبِّك هَادِيًا يَهْدِيك إِلَى الْحَقّ , وَيُبَصِّرك الرُّشْد , وَنَصِيرًا : يَقُول : نَاصِرًا لَك عَلَى أَعْدَائِك , يَقُول : فَلَا يُهَوِّلَنَّك أَعْدَاؤُك مِنَ الْمُشْرِكِينَ , فَإِنِّي نَاصِرك عَلَيْهِمْ , فَاصْبِرْ لِأَمْرِي , وَامْضِ لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِي إِلَيْهِمْ.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة ذَلِكَ لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بِاللَّهِ { لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن } يَقُول : هَلَّا نَزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآن { جُمْلَة وَاحِدَة } كَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى جُمْلَة وَاحِدَة ؟ قَالَ اللَّه : { كَذَلِكَ لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } تَنْزِيله عَلَيْك الْآيَة بَعْد الْآيَة , وَالشَّيْء بَعْد الشَّيْء ; لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك نَزَّلْنَاهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19999 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة كَذَلِكَ لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : كَانَ اللَّه يُنَزِّل عَلَيْهِ الْآيَة , فَإِذَا عَلِمَهَا نَبِيّ اللَّه نَزَلَتْ آيَة أُخْرَى , لِيُعَلِّمهُ الْكِتَاب عَنْ ظَهْر قَلْب , وَيُثَبِّت بِهِ فُؤَاده . 20000 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة } كَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى , قَالَ : { كَذَلِكَ لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } قَالَ : كَانَ الْقُرْآن يَنْزِل عَلَيْهِ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ : لِيَعْلَم مُحَمَّد أَنَّ اللَّه يُجِيب الْقَوْم بِمَا يَقُولُونَ بِالْحَقِّ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } لِنُصَحِّح بِهِ عَزِيمَة قَلْبك وَيَقِين نَفْسك , وَنُشَجِّعك بِهِ .
وَقَوْله { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } يَقُول : وَشَيْئًا بَعْد شَيْء عَلَّمْنَاكَهُ حَتَّى تَحْفَظَنَّهُ . وَالتَّرْتِيل فِي الْقِرَاءَة : التَّرَسُّل وَالتَّثَبُّت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20001 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : نَزَلَ مُتَفَرِّقًا . 20002 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : كَانَ يَنْزِل آيَة وَآيَتَيْنِ وَآيَات جَوَابًا لَهُمْ إِذَا سَأَلُوا عَنْ شَيْء أَنْزَلَهُ اللَّه جَوَابًا لَهُمْ , وَرَدًّا عَنِ النَّبِيّ فِيمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ . وَكَانَ بَيْن أَوَّله وَآخِره نَحْو مِنْ عِشْرِينَ سَنَة : 20003 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : كَانَ بَيْن مَا أُنْزِلَ الْقُرْآن إِلَى آخِره أُنْزِلَ عَلَيْهِ لِأَرْبَعِينَ , وَمَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثِنْتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ وَسِتِّينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى التَّرْتِيل : التَّبْيِين وَالتَّفْسِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20004 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : فَسَّرْنَاهُ تَفْسِيرًا , وَقَرَأَ : { وَرَتِّلِ الْقُرْآن تَرْتِيلًا } 73 4
وَقَوْله { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } يَقُول : وَشَيْئًا بَعْد شَيْء عَلَّمْنَاكَهُ حَتَّى تَحْفَظَنَّهُ . وَالتَّرْتِيل فِي الْقِرَاءَة : التَّرَسُّل وَالتَّثَبُّت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20001 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : نَزَلَ مُتَفَرِّقًا . 20002 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : كَانَ يَنْزِل آيَة وَآيَتَيْنِ وَآيَات جَوَابًا لَهُمْ إِذَا سَأَلُوا عَنْ شَيْء أَنْزَلَهُ اللَّه جَوَابًا لَهُمْ , وَرَدًّا عَنِ النَّبِيّ فِيمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ . وَكَانَ بَيْن أَوَّله وَآخِره نَحْو مِنْ عِشْرِينَ سَنَة : 20003 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : كَانَ بَيْن مَا أُنْزِلَ الْقُرْآن إِلَى آخِره أُنْزِلَ عَلَيْهِ لِأَرْبَعِينَ , وَمَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثِنْتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ وَسِتِّينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى التَّرْتِيل : التَّبْيِين وَالتَّفْسِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20004 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } قَالَ : فَسَّرْنَاهُ تَفْسِيرًا , وَقَرَأَ : { وَرَتِّلِ الْقُرْآن تَرْتِيلًا } 73 4
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاك بِالْحَقِّ وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَأْتِيك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِمَثَلٍ يَضْرِبُونَهُ إِلَّا جِئْنَاك مِنَ الْحَقّ , بِمَا نُبْطِل بِهِ مَا جَاءُوا بِهِ , وَأَحْسَن مِنْهُ تَفْسِيرًا . كَمَا : 20005 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { وَلَا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاك بِالْحَقِّ } قَالَ : الْكِتَاب بِمَا تَرُدّ بِهِ مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْأَمْثَال الَّتِي جَاءُوا بِهَا وَأَحْسَن تَفْسِيرًا . وَعَنَى بِقَوْلِهِ { وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } وَأَحْسَن مِمَّا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْمَثَل بَيَانًا وَتَفْصِيلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20006 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } يَقُول : أَحْسَن تَفْصِيلًا . 20007 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } قَالَ : بَيَانًا . 20008 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَأَحْسَن تَفْسِيرًا } يَقُول : تَفْصِيلًا .
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلا ↓
وَقَوْله : { الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوههمْ إِلَى جَهَنَّم أُولَئِكَ شَرّ مَكَانًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِنَبِيِّهِ : هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَا مُحَمَّد , الْقَائِلُونَ لَك : { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة } وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْل الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْر بِاللَّهِ , الَّذِينَ يُحْشَرُونَ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وُجُوههمْ إِلَى جَهَنَّم , فَيُسَاقُونَ إِلَى جَهَنَّم شَرّ مُسْتَقَرًّا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة , وَأَضَلّ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا طَرِيقًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20009 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوههمْ إِلَى جَهَنَّم } قَالَ : الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلهمْ قَادِر عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوههمْ { أُولَئِكَ شَرّ مَكَانًا } مِنْ أَهْل الْجَنَّة { وَأَضَلّ سَبِيلًا } قَالَ : طَرِيقًا . 20010 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شَيْبَان , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوههمْ إِلَى جَهَنَّم } قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ يُحْشَر الْكَافِر عَلَى وَجْهه ؟ قَالَ : " الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِر أَنْ يُمْشِيه عَلَى وَجْهه " . * - حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَان الْغَنَوِيّ يَزِيد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا خَلَّاد بْن يَحْيَى الْكُوفِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك يَقُول : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : كَيْف يَحْشُرهُمْ عَلَى وُجُوههمْ ؟ قَالَ : " الَّذِي يَحْشُرهُمْ عَلَى أَرْجُلهمْ قَادِر بِأَنْ يَحْشُرهُمْ عَلَى وُجُوههمْ " . * - حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن مُحَمَّد الْوَرَّاق , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي دَاوُد , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يُحْشَر أَهْل النَّار عَلَى وُجُوههمْ ؟ فَقَالَ : " إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامهمْ قَادِر عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوههمْ " . 20011 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام قَالَ : ثنا حَزْم , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوههمْ إِلَى جَهَنَّم } فَقَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوههمْ ؟ قَالَ : " أَرَأَيْت الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامهمْ أَلَيْسَ قَادِرًا أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوههمْ " . 20012 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , عَنْ أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : " يُحْشَر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عَلَى ثَلَاثَة أَصْنَاف : صِنْف عَلَى الدَّوَابّ , وَصِنْف عَلَى أَقْدَامهمْ , وَصِنْف عَلَى وُجُوههمْ " , فَقِيلَ : كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوههمْ ؟ قَالَ : " إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامهمْ , قَادِر أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوههمْ " .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُون وَزِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَعَّد مُشْرِكِي قَوْمه عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُوله وَيُخَوِّفهُمْ مِنْ حُلُول نِقْمَته بِهِمْ , نَظِير الَّذِي يَحِلّ بِمَنْ كَانَ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا : { وَلَقَدْ آتَيْنَا } يَا مُحَمَّد { مُوسَى الْكِتَاب } يَعْنِي التَّوْرَاة , كَالَّذِي آتَيْنَاك مِنَ الْفُرْقَان { وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُون وَزِيرًا } يَعْنِي : مُعِينًا وَظَهِيرًا
يَقُول : فَقُلْنَا لَهُمَا : اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْن وَقَوْمه الَّذِينَ كَذَّبُوا بِإِعْلَامِنَا وَأَدِلَّتنَا , فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ : فَذَهَبَا فَكَذَّبُوهُمَا , فَدَمَّرْنَاهُمْ حِينَئِذٍ .
وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَوْم نُوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُل أَغْرَقْنَاهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَوْم نُوح لَمَّا كَذَّبُوا رُسُلنَا , وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ , أَغْرَقْنَاهُمْ بِالطُّوفَانِ
يَقُول : وَجَعَلْنَا تَغْرِيقنَا إِيَّاهُمْ وَإِهْلَاكنَا عِظَة وَعِبْرَة لِلنَّاسِ يَعْتَبِرُونَ بِهَا
يَقُول : وَأَعْدَدْنَا لَهُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ فِي الْآخِرَة عَذَابًا أَلِيمًا , سِوَى الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا .
يَقُول : وَجَعَلْنَا تَغْرِيقنَا إِيَّاهُمْ وَإِهْلَاكنَا عِظَة وَعِبْرَة لِلنَّاسِ يَعْتَبِرُونَ بِهَا
يَقُول : وَأَعْدَدْنَا لَهُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ فِي الْآخِرَة عَذَابًا أَلِيمًا , سِوَى الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَاجِل الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعَادًا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرَّسّ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَدَمَّرْنَا أَيْضًا عَادًا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرَّسّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي أَصْحَاب الرَّسّ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَصْحَاب الرَّسّ مِنْ ثَمُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20013 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { وَأَصْحَاب الرَّسّ } قَالَ : قَرْيَة مِنْ ثَمُود . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ قَرْيَة مِنْ الْيَمَامَة يُقَال لَهَا الْفَلْج ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20014 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن وَهْب , قَالَ : ثنا جَرِير بْن حَازِم , قَالَ : قَالَ قَتَادَة : الرَّسّ : قَرْيَة مِنَ الْيَمَامَة يُقَال لَهَا الْفَلْج . 20015 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ عِكْرِمَة : أَصْحَاب الرَّسّ بِفَلْج هُمْ أَصْحَاب يس . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ قَوْم رَسُّوا نَبِيّهمْ فِي بِئْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20016 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بَكْر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : كَانَ الرَّسّ بِئْرًا رَسُّوا فِيهَا نَبِيّهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ بِئْر كَانَتْ تُسَمَّى الرَّسّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20017 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { وَأَصْحَاب الرَّسّ } قَالَ : هِيَ بِئْر كَانَتْ تُسَمَّى الرَّسّ . 20018 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَأَصْحَاب الرَّسّ } قَالَ : الرَّسّ بِئْر كَانَ عَلَيْهَا قَوْم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ قَوْم كَانُوا عَلَى بِئْر , وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسّ فِي كَلَام الْعَرَب كُلّ مَحْفُور مِثْل الْبِئْر وَالْقَبْر وَنَحْو ذَلِكَ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : سَبَقْت إِلَى فَرَط بَاهِل تَنَابِلَة يَحْفِرُونَ الرَّسَاسَا يُرِيد أَنَّهُمْ يَحْفِرُونَ الْمَعَادِن , وَلَا أَعْلَم قَوْمًا كَانَتْ لَهُمْ قِصَّة بِسَبَبِ حُفْرَة , ذَكَرَهُمْ اللَّه فِي كِتَابه إِلَّا أَصْحَاب الْأُخْدُود , فَإِنْ يَكُونُوا هُمُ الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ { وَأَصْحَاب الرَّسّ } فَإِنَّا سَنَذْكُرُ خَبَرهمْ إِنْ شَاءَ اللَّه إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى سُورَة الْبُرُوج , وَإِنْ يَكُونُوا غَيْرهمْ فَلَا نَعْرِف لَهُمْ خَبَرًا , إِلَّا مَا جَاءَ مِنْ جُمْلَة الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَوْم رَسُّوا نَبِيّهمْ فِي حُفْرَة . إِلَّا مَا : 20019 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَوَّل النَّاس يَدْخُل الْجَنَّة يَوْم الْقِيَامَة الْعَبْد الْأَسْوَد " . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ نَبِيًّا إِلَى أَهْل قَرْيَة فَلَمْ يُؤْمِن مِنْ أَهْلهَا أَحَد إِلَّا ذَلِكَ الْأَسْوَد , ثُمَّ إِنَّ أَهْل الْقَرْيَة عَدَوْا عَلَى النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , فَحَفَرُوا لَهُ بِئْرًا فَأَلْقَوْهُ فِيهَا , ثُمَّ أَطْبَقُوا عَلَيْهِ بِحَجَرٍ ضَخْم , قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ الْعَبْد يَذْهَب فَيَحْتَطِب عَلَى ظَهْره , ثُمَّ يَأْتِي بِحَطَبِهِ فَيَبِيعهُ , فَيَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا وَشَرَابًا , ثُمَّ يَأْتِي بِهِ إِلَى ذَلِكَ الْبِئْر , فَيَرْفَع تِلْكَ الصَّخْرَة , فَيُعِينهُ اللَّه عَلَيْهَا , فَيُدْلِي إِلَيْهِ طَعَامه وَشَرَابه , ثُمَّ يُعِيدهَا كَمَا كَانَتْ , قَالَ : فَكَانَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَكُون , ثُمَّ إِنَّهُ ذَهَبَ يَوْمًا يَحْتَطِب , كَمَا كَانَ يَصْنَع , فَجَمَعَ حَطَبه , وَحَزَمَ حُزْمَته وَفَرَغَ مِنْهَا ; فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْتَمِلهَا وَجَدَ سِنَة , فَاضْطَجَعَ فَنَامَ , فَضَرَبَ اللَّه عَلَى أُذُنه سَبْع سِنِينَ نَائِمًا , ثُمَّ إِنَّهُ هَبَّ فَتَمَطَّى , فَتَحَوَّلَ لِشَقَّةِ الْآخَر , فَاضْطَجَعَ , فَضَرَبَ اللَّه عَلَى أُذُنه سَبْع سِنِينَ أُخْرَى , ثُمَّ إِنَّهُ هَبَّ فَاحْتَمَلَ حُزْمَته , وَلَا يَحْسِب إِلَّا أَنَّهُ نَامَ سَاعَة مِنْ نَهَار , فَجَاءَ إِلَى الْقَرْيَة فَبَاعَ حُزْمَته , ثُمَّ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَابًا كَمَا كَانَ يَصْنَع , ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْحُفْرَة فِي مَوْضِعهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ فَالْتَمَسَهُ فَلَمْ يَجِدهُ , وَقَدْ كَانَ بَدَا لِقَوْمِهِ فِيهِ بَدَاء , فَاسْتَخْرَجُوهُ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ , قَالَ : فَكَانَ النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَسْأَلهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْأَسْوَد : مَا فَعَلَ فَيَقُولُونَ : مَا نَدْرِي , حَتَّى قَبَضَ اللَّه النَّبِيّ , فَأَهَبَّ اللَّه الْأَسْوَد مِنْ نَوْمَته بَعْد ذَلِكَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ ذَلِكَ الْأَسْوَد لَأَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّة " غَيْر أَنَّ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْخَبَر يَذْكُر مُحَمَّد بْن كَعْب عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِنَبِيِّهِمْ وَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ حُفْرَته , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ : { وَأَصْحَاب الرَّسّ } لِأَنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ أَصْحَاب الرَّسّ أَنَّهُ دَمَّرَهُمْ تَدْمِيرًا , إِلَّا أَنْ يَكُونُوا دُمِّرُوا بِأَحْدَاثٍ أَحْدَثُوهَا بَعْد نَبِيّهمْ الَّذِي اسْتَخْرَجُوهُ مِنْ الْحُفْرَة وَآمَنُوا بِهِ , فَيَكُون ذَلِكَ وَجْهًا .
يَقُول : وَدَمَّرْنَا بَيْن أَضْعَاف هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي سَمَّيْنَاهَا لَكُمْ أُمَمًا كَثِيرَة . كَمَا : 20020 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن شَبِيب , قَالَ : ثنا خَلَف بْن خَلِيفَة , عَنْ جَعْفَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَافِع مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَفْت بِالْمَدِينَةِ عَمِّي مِمَّنْ يُفْتِي عَلَى أَنَّ الْقَرْن سَبْعُونَ سَنَة , وَكَانَ عَمّه عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع كَاتِب عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . 20021 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنِ الْحَجَّاج , عَنِ الْحَكَم , عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : الْقَرْن أَرْبَعُونَ سَنَة .
يَقُول : وَدَمَّرْنَا بَيْن أَضْعَاف هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي سَمَّيْنَاهَا لَكُمْ أُمَمًا كَثِيرَة . كَمَا : 20020 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن شَبِيب , قَالَ : ثنا خَلَف بْن خَلِيفَة , عَنْ جَعْفَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي رَافِع مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَفْت بِالْمَدِينَةِ عَمِّي مِمَّنْ يُفْتِي عَلَى أَنَّ الْقَرْن سَبْعُونَ سَنَة , وَكَانَ عَمّه عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع كَاتِب عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . 20021 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنِ الْحَجَّاج , عَنِ الْحَكَم , عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : الْقَرْن أَرْبَعُونَ سَنَة .
وَقَوْله { وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَال } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُلّ هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا الَّتِي سَمَّيْنَاهَا لَكُمْ أَوْ لَمْ نُسَمِّهَا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَال , يَقُول : مَثَّلْنَا لَهُ الْأَمْثَال وَنَبَّهْنَاهَا عَلَى حُجَجنَا عَلَيْهَا , وَأَعْذَرْنَا إِلَيْهَا بِالْعِبَرِ وَالْمَوَاعِظ , فَلَمْ نُهْلِك أُمَّة إِلَّا بَعْد الْإِبْلَاغ إِلَيْهِمْ فِي الْمَعْذِرَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20022 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَال } قَالَ : كُلّ قَدْ أَعْذَرَ اللَّه إِلَيْهِ , ثُمَّ انْتَقَمَ مِنْهُ .
وَقَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا لَكُمْ أَمْرهمْ اسْتَأْصَلْنَاهُمْ , فَدَمَّرْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ إِبَادَة , وَأَهْلَكْنَاهُمْ جَمِيعًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20023 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : تَبَّرَ اللَّه كُلًّا بِعَذَابٍ تَتْبِيرًا . 20024 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : تَتْبِير بِالنَّبَطِيَّةِ . 20025 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : بِالْعَذَابِ .
وَقَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا لَكُمْ أَمْرهمْ اسْتَأْصَلْنَاهُمْ , فَدَمَّرْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ إِبَادَة , وَأَهْلَكْنَاهُمْ جَمِيعًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20023 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : تَبَّرَ اللَّه كُلًّا بِعَذَابٍ تَتْبِيرًا . 20024 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : تَتْبِير بِالنَّبَطِيَّةِ . 20025 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } قَالَ : بِالْعَذَابِ .
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَة الَّتِي أَمُطِرَتْ مَطَر السَّوْء } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَتَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْقُرْآن مَهْجُورًا عَلَى الْقَرْيَة الَّتِي أَمْطَرَهَا اللَّه مَطَر السَّوْء وَهِيَ سَدُوم , قَرْيَة قَوْم لُوط . وَمَطَر السَّوْء : هُوَ الْحِجَارَة الَّتِي أَمْطَرَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ بِهَا . كَمَا : 20026 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَة الَّتِي أَمُطِرَتْ مَطَر السَّوْء } قَالَ : حِجَارَة , وَهِيَ قَرْيَة قَوْم لُوط , وَاسْمهَا سَدُوم . قَالَ ابْن عَبَّاس : خَمْس قَرْيَات , فَأَهْلَكَ اللَّه أَرْبَعَة , وَبَقِيَتِ الْخَامِسَة , وَاسْمهَا صَعْوَة لَمْ تُهْلَك صَعْوَة . كَانَ أَهْلهَا لَا يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَل , وَكَانَتْ سَدُوم أَعْظَمهَا , وَهِيَ الَّتِي نَزَلَ بِهَا لُوط , وَمِنْهَا بُعِثَ , وَكَانَ إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي نَصِيحَة لَهُمْ : يَا سَدُوم , يَوْم لَكُمْ مِنَ اللَّه , أَنْهَاكُمْ أَنْ تَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ اللَّه , زَعَمُوا أَنَّ لُوطًا ابْن أَخِي إِبْرَاهِيم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمَا .
وَقَوْله : { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ . أَوَلَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ قَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَة الَّتِي أَمُطِرَتْ مَطَر السَّوْء يَرَوْنَ تِلْكَ الْقَرْيَة , وَمَا نَزَلَ بِهَا مِنْ عَذَاب اللَّه بِتَكْذِيبِ أَهْلهَا رُسُلهمْ , فَيَعْتَبِرُوا وَيَتَذَكَّرُوا , فَيُرَاجِعُوا التَّوْبَة مِنْ كُفْرهمْ وَتَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَذَّبُوا مُحَمَّدًا فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْا مَا حَلَّ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي وَصَفْت , وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوهُ مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ قَوْم لَا يَخَافُونَ نُشُورًا بَعْد الْمَمَات , يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يُوقِنُونَ بِالْعِقَابِ وَالثَّوَاب , وَلَا يُؤْمِنُونَ بِقِيَامِ السَّاعَة , فَيَرْدَعهُمْ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتُونَ مِنْ مَعَاصِي اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20027 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا } بَعْثًا.
وَقَوْله : { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ . أَوَلَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ قَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَة الَّتِي أَمُطِرَتْ مَطَر السَّوْء يَرَوْنَ تِلْكَ الْقَرْيَة , وَمَا نَزَلَ بِهَا مِنْ عَذَاب اللَّه بِتَكْذِيبِ أَهْلهَا رُسُلهمْ , فَيَعْتَبِرُوا وَيَتَذَكَّرُوا , فَيُرَاجِعُوا التَّوْبَة مِنْ كُفْرهمْ وَتَكْذِيبهمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَذَّبُوا مُحَمَّدًا فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْا مَا حَلَّ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي وَصَفْت , وَلَكِنَّهُمْ كَذَّبُوهُ مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ قَوْم لَا يَخَافُونَ نُشُورًا بَعْد الْمَمَات , يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يُوقِنُونَ بِالْعِقَابِ وَالثَّوَاب , وَلَا يُؤْمِنُونَ بِقِيَامِ السَّاعَة , فَيَرْدَعهُمْ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتُونَ مِنْ مَعَاصِي اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20027 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا } بَعْثًا.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَوْك إِنْ يَتَّخِذُونَك إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّه رَسُولًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا رَآك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ قَصَصْت عَلَيْك قَصَصهمْ { إِنْ يَتَّخِذُونَك إِلَّا هُزُوًا } يَقُول : مَا يَتَّخِذُونَك إِلَّا سُخْرِيَة يَسْخَرُونَ مِنْك , يَقُولُونَ : { أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّه } إِلَيْنَا { رَسُولًا } مِنْ بَيْن خَلْقه.
إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ كَادَ لَيُضِلّنَا عَنْ آلِهَتنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَهْزَءُونَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهُ : قَدْ كَادَ هَذَا يُضِلّنَا عَنْ آلِهَتنَا الَّتِي نَعْبُدهَا , فَيَصُدّنَا عَنْ عِبَادَتهَا لَوْلَا صَبْرنَا عَلَيْهَا , وَثُبُوتنَا عَلَى عِبَادَتهَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20028 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { إِنْ كَادَ لَيُضِلّنَا عَنْ آلِهَتنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا } قَالَ : ثَبَتْنَا عَلَيْهَا .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَيَبِينُ لَهُمْ حِين يُعَايِنُونَ عَذَاب اللَّه قَدْ حَلَّ بِهِمْ عَلَى عِبَادَتهمُ الْآلِهَة
يَقُول : مَنْ الرَّاكِب غَيْر طَرِيق الْهُدَى , وَالسَّالِك سَبِيل الرَّدَى أَنْتَ أَوْ هُمْ .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَيَبِينُ لَهُمْ حِين يُعَايِنُونَ عَذَاب اللَّه قَدْ حَلَّ بِهِمْ عَلَى عِبَادَتهمُ الْآلِهَة
يَقُول : مَنْ الرَّاكِب غَيْر طَرِيق الْهُدَى , وَالسَّالِك سَبِيل الرَّدَى أَنْتَ أَوْ هُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَرَأَيْت مَنِ اتَّخَذَ إِلَهه هَوَاهُ أَفَأَنْت تَكُون عَلَيْهِ وَكِيلًا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : { أَرَأَيْت } يَا مُحَمَّد { مَنِ اتَّخَذَ إِلَهه } شَهْوَته الَّتِي يَهْوَاهَا ; وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ يَعْبُد الْحَجَر , فَإِذَا رَأَى أَحْسَن مِنْهُ رَمَى بِهِ , وَأَخَذَ الْآخَر يَعْبُدهُ , فَكَانَ مَعْبُوده وَإِلَهه مَا يَتَخَيَّرهُ لِنَفْسِهِ ; فَلِذَلِكَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { أَرَأَيْت مَنِ اتَّخَذَ إِلَهه هَوَاهُ أَفَأَنْت تَكُون عَلَيْهِ وَكِيلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَأَنْت تَكُون يَا مُحَمَّد عَلَى هَذَا حَفِيظًا فِي أَفْعَاله مَعَ عَظِيم جَهْله ؟
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ↓
{ أَمْ تَحْسَب } يَا مُحَمَّد أَنَّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ { يَسْمَعُونَ } مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ , فَيَعُونَ { أَوْ يَعْقِلُونَ } مَا يُعَايِنُونَ مِنْ حُجَج اللَّه , فَيَفْهَمُونَ ؟ ! { إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ } يَقُول : مَا هُمْ إِلَّا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَعْقِل مَا يُقَال لَهَا , وَلَا تَفْقَه , بَلْ هُمْ مِنْ الْبَهَائِم أَضَلّ سَبِيلًا ; لِأَنَّ الْبَهَائِم تَهْتَدِي لِمَرَاعِيهَا , وَتَنْقَاد لِأَرْبَابِهَا , وَهَؤُلَاءِ الْكَفَرَة لَا يُطِيعُونَ رَبّهمْ , وَلَا يَشْكُرُونَ نِعْمَة مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ , بَلْ يَكْفُرُونَهَا , وَيَعْصُونَ مَنْ خَلَقَهُمْ وَبَرَأَهُمْ .
أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَمْ تَرَ } يَا مُحَمَّد { كَيْفَ مَدَّ } رَبّك { الظِّلّ } وَهُوَ مَا بَيْن طُلُوع الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20029 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } يَقُول : مَا بَيْن طُلُوع الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس . * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْف مَدَّ الظِّلّ } قَالَ : مَدَّهُ مَا بَيْن صَلَاة الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس . 20030 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : مَا بَيْن طُلُوع الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس . 20031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مِحْصَن , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } قَالَ : مَا بَيْن طُلُوع الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس . 20032 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { كَيْف مَدَّ الظِّلّ } قَالَ . ظِلّ الْغَدَاة قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الظِّلّ : ظِلّ الْغَدَاة . 20033 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } قَالَ : مَدَّهُ مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس . 20034 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } يَعْنِي مِنْ صَلَاة الْغَدَاة إِلَى طُلُوع الشَّمْس .
قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } يَقُول : وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ دَائِمًا لَا يَزُول , مَمْدُودًا لَا تُذْهِبهُ الشَّمْس , وَلَا تُنْقِصهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20035 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } يَقُول : دَائِمًا . 20036 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ , ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : لَا تُصِيبهُ الشَّمْس وَلَا يَزُول . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم . قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : لَا يَزُول . 20037 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : دَائِمًا لَا يَزُول .
وَقَوْله : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ثُمَّ دَلَّلْنَاك أَيّهَا النَّاس بِنَسْخِ الشَّمْس إِيَّاهُ عِنْد طُلُوعهَا عَلَيْهِ , أَنَّهُ خَلْق مِنْ خَلْق رَبّكُمْ , يُوجِدهُ إِذَا شَاءَ , وَيُفْنِيه إِذَا أَرَادَ ; وَالْهَاء فِي قَوْله " عَلَيْهِ " مِنْ ذِكْر الظِّلّ . وَمَعْنَاهُ : ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَى الظِّلّ دَلِيلًا . قِيلَ : مَعْنَى دَلَالَتهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الشَّمْس الَّتِي تَنْسَخهُ لَمْ يُعْلَم أَنَّهُ شَيْء , إِذَا كَانَتِ الْأَشْيَاء إِنَّمَا تُعْرَف بِأَضْدَادِهَا , نَظِير الْحُلْو الَّذِي إِنَّمَا يُعْرَف بِالْحَامِضِ وَالْبَارِد بِالْحَارِّ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20038 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } يَقُول : طُلُوع الشَّمْس . 20039 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } قَالَ : تَحْوِيه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20040 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } قَالَ : أَخْرَجَتْ ذَلِكَ الظِّلّ فَذَهَبَتْ بِهِ.
قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } يَقُول : وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ دَائِمًا لَا يَزُول , مَمْدُودًا لَا تُذْهِبهُ الشَّمْس , وَلَا تُنْقِصهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20035 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } يَقُول : دَائِمًا . 20036 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ , ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : لَا تُصِيبهُ الشَّمْس وَلَا يَزُول . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم . قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : لَا يَزُول . 20037 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } قَالَ : دَائِمًا لَا يَزُول .
وَقَوْله : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ثُمَّ دَلَّلْنَاك أَيّهَا النَّاس بِنَسْخِ الشَّمْس إِيَّاهُ عِنْد طُلُوعهَا عَلَيْهِ , أَنَّهُ خَلْق مِنْ خَلْق رَبّكُمْ , يُوجِدهُ إِذَا شَاءَ , وَيُفْنِيه إِذَا أَرَادَ ; وَالْهَاء فِي قَوْله " عَلَيْهِ " مِنْ ذِكْر الظِّلّ . وَمَعْنَاهُ : ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَى الظِّلّ دَلِيلًا . قِيلَ : مَعْنَى دَلَالَتهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الشَّمْس الَّتِي تَنْسَخهُ لَمْ يُعْلَم أَنَّهُ شَيْء , إِذَا كَانَتِ الْأَشْيَاء إِنَّمَا تُعْرَف بِأَضْدَادِهَا , نَظِير الْحُلْو الَّذِي إِنَّمَا يُعْرَف بِالْحَامِضِ وَالْبَارِد بِالْحَارِّ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20038 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } يَقُول : طُلُوع الشَّمْس . 20039 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } قَالَ : تَحْوِيه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20040 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا } قَالَ : أَخْرَجَتْ ذَلِكَ الظِّلّ فَذَهَبَتْ بِهِ.
وَقَوْله : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ قَبَضْنَا ذَلِكَ الدَّلِيل مِنْ الشَّمْس عَلَى الظِّلّ إِلَيْنَا قَبْضًا خَفِيًّا سَرِيعًا بِالْفَيْءِ الَّذِي نَأْتِي بِهِ بِالْعَشِيِّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20041 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } قَالَ : حَوَى الشَّمْس الظِّلّ . وَقِيلَ : إِنَّ الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا } عَائِدَة عَلَى الظِّلّ , وَإِنَّ مَعْنَى الْكَلَام : ثُمَّ قَبَضْنَا الظِّلّ إِلَيْنَا بَعْد غُرُوب الشَّمْس ; وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْس إِذَا غَرَبَتْ غَابَ الظِّلّ الْمَمْدُود , قَالُوا : وَذَلِكَ وَقْت قَبْضه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { يَسِيرًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : سَرِيعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20042 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } يَقُول : سَرِيعًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : قَبْضًا خَفِيًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20043 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رُفَيْع , عَنْ مُجَاهِد : { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } قَالَ : خَفِيًّا . 20044 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج : { قَبْضًا يَسِيرًا } قَالَ : خَفِيًّا , قَالَ : إِنَّ مَا بَيْن الشَّمْس وَالظِّلّ مَثَل الْخَيْط , وَالْيَسِير الْفَعِيل مِنَ الْيُسْر , وَهُوَ السَّهْل الْهَيِّن فِي كَلَام الْعَرَب . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , يَتَوَجَّه لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْن عَبَّاس وَمُجَاهِد ; لِأَنَّ سُهُولَة قَبْض ذَلِكَ قَدْ تَكُون بِسُرْعَةِ وَخَفَاء . وَقِيلَ إِنَّمَا قِيلَ { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا } لِأَنَّ الظِّلّ بَعْد غُرُوب الشَّمْس لَا يَذْهَب كُلّه دَفْعَة , وَلَا يُقْبِل الظَّلَام كُلّه جُمْلَة , وَإِنَّمَا يُقْبَض ذَلِكَ الظِّلّ قَبْضًا خَفِيًّا , شَيْئًا بَعْد شَيْء وَيَعْقُب كُلّ جُزْء مِنْهُ يَقْبِضهُ , جُزْء مِنْ الظَّلَام .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْل لِبَاسًا وَالنَّوْم سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَار نُشُورًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِي مَدَّ الظِّلّ ثُمَّ جَعَلَ الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلًا , هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس اللَّيْل لِبَاسًا . وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْل لِبَاسًا } لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لِخَلْقِهِ جَنَّة يَجْتَنُونَ فِيهَا وَيَسْكُنُونَ فَصَارَ لَهُمْ سِتْرًا يَسْتَتِرُونَ بِهِ , كَمَا يَسْتَتِرُونَ بِالثِّيَابِ الَّتِي يُكْسَوْنَهَا . وَقَوْله { وَالنَّوْم سُبَاتًا } يَقُول : وَجَعَلَ لَكُمْ النَّوْم رَاحَة تَسْتَرِيح بِهِ أَبْدَانكُمْ , وَتَهْدَأ بِهِ جَوَارِحكُمْ . وَقَوْله { وَجَعَلَ النَّهَار نُشُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلَ النَّهَار يَقَظَة وَحَيَاة , مِنْ قَوْلهمْ : نَشَرَ الْمَيِّت , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : حَتَّى يَقُول النَّاس مِمَّا رَأَوْا يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِر وَمِنْهُ قَوْل اللَّه : { لَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاة وَلَا نُشُورًا } 25 3 وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ مَا : 20045 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَجَعَلَ النَّهَار نُشُورًا } قَالَ : يُنْشَر فِيهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اخْتَرْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ عَقِيب قَوْله { وَالنَّوْم سُبَاتًا } فِي اللَّيْل . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَوَصْف النَّهَار بِأَنَّ فِيهِ الْيَقَظَة وَالنُّشُور مِنَ النَّوْم أَشْبَه إِذْ كَانَ النَّوْم أَخَا الْمَوْت . وَالَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد غَيْر بَعِيد مِنْ الصَّوَاب لِأَنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ النَّهَار مَعَاشًا , وَفِيهِ الِانْتِشَار لِلْمَعَاشِ , وَلَكِنَّ النُّشُور مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : نَشَرَ , فَهُوَ بِالنَّشْرِ مِنَ الْمَوْت وَالنَّوْم أَشْبَه , كَمَا صَحَّتْ الرِّوَايَة عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول إِذَا أَصْبَحَ وَقَامَ مِنْ نَوْمه : " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا , وَإِلَيْهِ النُّشُور " .
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح بُشْرًا بَيْن يَدَيْ رَحْمَته وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح الْمُلَقِّحَة { بُشْرًا } حَيَاة أَوْ مِنَ الْحَيَا وَالْغَيْث الَّذِي هُوَ مُنْزِله عَلَى عِبَاده { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا } يَقُول : وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّحَاب الَّذِي أَنْشَأْنَاهُ بِالرِّيَاحِ مِنْ فَوْقكُمْ أَيّهَا النَّاس مَاء طَهُورًا .
{ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَة مَيْتًا } يَعْنِي أَرْضًا قَحِطَة عَذِيَّة لَا تُنْبِت . وَقَالَ { بَلْدَة مَيْتًا } وَلَمْ يَقُلْ مَيْتَة ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ لِنُحْيِيَ بِهِ مَوْضِعًا وَمَكَانًا مَيِّتًا { وَنُسْقِيه } مِنْ خَلْقنَا { أَنْعَامًا } مِنْ الْبَهَائِم { وَأَنَاسِيّ كَثِيرًا } يَعْنِي الْأَنَاسِيَّ : جَمْع إِنْسَان وَجَمْع أناسي , فَجَعَلَ الْيَاء عِوَضًا مِنْ النُّون الَّتِي فِي إِنْسَان , وَقَدْ يُجْمَع إِنْسَان : إنَاسِين , كَمَا يُجْمَع النَّشْيَان : نَشَايِين . فَإِنْ قِيلَ : أَنَاسِيّ جَمْع وَاحِده إِنْسِيّ , فَهُوَ مَذْهَب أَيْضًا مَحْكِيّ , وَقَدْ يُجْمَع أَنَاسِي مُخَفَّفَة الْيَاء , وَكَأَنَّ مَنْ جَمَعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَسْقَطَ الْيَاء الَّتِي بَيْن عَيْن الْفِعْل وَلَامه , كَمَا يُجْمَع الْقُرْقُور : قَرَاقِير وَقَرَاقِر . وَمِمَّا يُصَحِّح جَمْعهمْ إِيَّاهُ بِالتَّخْفِيفِ , قَوْل الْعَرَب : أَنَاسِيَة كَثِيرَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَر النَّاس إِلَّا كُفُورًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ قَسَمْنَا هَذَا الْمَاء الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ الْمَيِّت مِنَ الْأَرْض بَيْن عِبَادِي , لِيَتَذَكَّرُوا نِعَمِي عَلَيْهِمْ , وَيَشْكُرُوا أَيَادِي عِنْدهمْ وَإِحْسَانِي إِلَيْهِمْ , { فَأَبَى أَكْثَر النَّاس إِلَّا كُفُورًا } يَقُول : إِلَّا جُحُودًا لِنِعَمِي عَلَيْهِمْ , وَأَيَادِي عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20046 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن بْن مُسْلِم يُحَدِّث طَاوُسًا , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : مَا عَام بِأَكْثَر مَطَرًا مِنْ عَام , وَلَكِنَّ اللَّه يُصَرِّفهُ بَيْن خَلْقه ; قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ } . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : مَا عَام بِأَكْثَر مَطَرًا مِنْ عَام , وَلَكِنَّهُ يَصْرِفهُ فِي الْأَرَضِينَ , ثُمَّ تَلَا { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ لِيَذَّكَّرُوا } . 20047 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ } قَالَ : الْمَطَر يُنْزِلهُ فِي الْأَرْض , وَلَا يُنْزِلهُ فِي الْأَرْض الْأُخْرَى , قَالَ : فَقَالَ عِكْرِمَة : صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ لِيَذَّكَّرُوا . 20048 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ لِيَذَّكَّرُوا } قَالَ : الْمَطَر مَرَّة هَاهُنَا , وَمَرَّة هَاهُنَا . 20049 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن الرَّبِيع الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جُحَيْفَة يَقُول : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَقُول : لَيْسَ عَام بِأَمْطَر مِنْ عَام , وَلَكِنَّهُ يُصَرِّفهُ , ثُمَّ قَالَ عَبْد اللَّه : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنهمْ } . وَأَمَّا قَوْله : { فَأَبَى أَكْثَر النَّاس إِلَّا كُفُورًا } فَإِنَّ الْقَاسِم 20050 -حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : { فَأَبَى أَكْثَر النَّاس إِلَّا كُفُورًا } قَالَ : قَوْلهمْ فِي الْأَنْوَاء .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَة نَذِيرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ شِئْنَا يَا مُحَمَّد لَأَرْسَلْنَا فِي كُلّ مِصْر وَمَدِينَة نَذِيرًا يُنْذِرهُمْ بَأْسنَا عَلَى كُفْرهمْ بِنَا , فَيَخِفّ عَنْك كَثِير مِنْ أَعْبَاء مَا حَمَّلْنَاك مِنْهُ , وَيَسْقُط عَنْك بِذَلِكَ مُؤْنَة عَظِيمَة , وَلَكِنَّا حَمَّلْنَاك ثِقَل نِذَارَة جَمِيع الْقُرَى ; لِتَسْتَوْجِب بِصَبْرِك عَلَيْهِ إِنْ صَبَرْت مَا أَعَدَّ اللَّه لَك مِنَ الْكَرَامَة عِنْده , وَالْمَنَازِل الرَّفِيعَة قِبَله ,
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ فِيمَا يَدْعُونَك إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تَعْبُد آلِهَتهمْ , فَنُذِيقك ضِعْف الْحَيَاة وَضِعْف الْمَمَات , وَلَكِنْ جَاهِدْهُمْ بِهَذَا الْقُرْآن جِهَادًا كَبِيرًا , حَتَّى يَنْقَادُوا لِلْإِقْرَارِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَرَائِض اللَّه , وَيَدِينُوا بِهِ وَيُذْعِنُوا لِلْعَمَلِ بِجَمِيعِهِ طَوْعًا وَكَرْهًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20051 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : قَوْله { فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ } قَالَ : بِالْقُرْآنِ . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا . * -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا } قَالَ : الْإِسْلَام . وَقَرَأَ : { وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } 9 73 وَقَرَأَ : { وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَة } 9 123 وَقَالَ : هَذَا الْجِهَاد الْكَبِير.
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي خَلَطَ الْبَحْرَيْنِ , فَأَمْرَجَ أَحَدهمَا فِي الْآخَر , وَأَفَاضَهُ فِيهِ . وَأَصْل الْمَرْج الْخَلْط , ثُمَّ يُقَال لِلتَّخْلِيَةِ : مَرَج ; لِأَنَّ الرَّجُل إِذَا خَلَّى الشَّيْء حَتَّى اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ , فَكَأَنَّهُ قَدْ مَرَجَهُ ; وَمِنْهُ الْخَبَر عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَوْله لِعَبْدِ اللَّه بْن عَمْرو : " كَيْفَ بِك يَا عَبْد اللَّه إِذَا كُنْت فِي حُثَالَة مِنَ النَّاس , قَدْ مَرِجَتْ عُهُودهمْ وَأَمَانَاتهمْ , وَصَارُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه " يَعْنِي بِقَوْلِهِ : قَدْ مَرِجَتْ : اخْتَلَطَتْ , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه : { فِي أَمْر مَرِيج } 50 5 : أَيْ مُخْتَلِط . وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَرَجِ مَرَج مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَكُون فِيهِ أَخْلَاط مِنَ الدَّوَابّ , وَيُقَال : مَرَجْت دَابَّتك : أَيْ خَلَّيْتهَا تَذْهَب حَيْثُ شَاءَتْ . وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : رَعَى مَرَجَ رَبِيع مَمْرَجَا وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20052 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } يَعْنِي أَنَّهُ خَلَعَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر . 20053 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } أَفَاضَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20054 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } يَقُول : خَلَعَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد : { مَرَجَ } أَفَاضَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر .
وَقَوْله { هَذَا عَذْب فُرَات } الْفُرَات : شَدِيد الْعُذُوبَة , يُقَال : هَذَا مَاء فُرَات : أَيْ شَدِيد الْعُذُوبَة . وَقَوْله { وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَقُول : وَهَذَا مِلْح مُرّ . يَعْنِي بِالْعَذْبِ الْفُرَات : مِيَاه الْأَنْهَار وَالْأَمْطَار , وَبِالْمِلْحِ الْأُجَاج : مِيَاه الْبِحَار . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ نِعْمَته عَلَى خَلْقه , وَعَظِيم سُلْطَانه , يَخْلِط مَاء الْبَحْر الْعَذْب بِمَاءِ الْبَحْر الْمِلْح الْأُجَاج , ثُمَّ يَمْنَع الْمِلْح مِنْ تَغْيِير الْعَذْب عَنْ عُذُوبَته , وَإِفْسَاده إِيَّاهُ بِقَضَائِهِ وَقُدْرَته , لِئَلَّا يَضُرّ إِفْسَاده إِيَّاهُ بِرُكْبَانِ الْمِلْح مِنْهُمَا , فَلَا يَجِدُوا مَاء يَشْرَبُونَهُ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَى الْمَاء , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } يَعْنِي حَاجِزًا يَمْنَع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ إِفْسَاد الْآخَر { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } يَقُول : وَجَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حَرَامًا مُحَرَّمًا عَلَى صَاحِبه أَنْ يُغَيِّرهُ وَيُفْسِدهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20055 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { هَذَا عَذْب فُرَات وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَعْنِي أَنَّهُ خَلَقَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , فَلَيْسَ يُفْسِد الْعَذْب الْمَالِح , وَلَيْسَ يُفْسِد الْمَالِح الْعَذْب , وَقَوْله { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : الْبَرْزَخ : الْأَرْض بَيْنهمَا { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } يَعْنِي : حَجَرَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ , وَهُوَ مِثْل قَوْله { وَجَعَلَ بَيْن الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } 27 61 20056 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : مَحْبِسًا . قَوْله : { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : لَا يَخْتَلِط الْبَحْر بِالْعَذْبِ . 20057 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : حَاجِزًا لَا يَرَاهُ أَحَد , لَا يَخْتَلِط الْعَذْب فِي الْبَحْر . قَالَ ابْن جُرَيْج : فَلَمْ أَجِد بَحْرًا عَذْبًا إِلَّا الْأَنْهَار الْعِذَاب , فَإِنَّ دِجْلَة تَقَع فِي الْبَحْر , فَأَخْبَرَنِي الْخَبِير بِهَا أَنَّهَا تَقَع فِي الْبَحْر , فَلَا تَمُور فِيهِ : بَيْنهمَا مِثْل الْخَيْط الْأَبْيَض ; فَإِذَا رَجَعَتْ لَمْ تَرْجِع فِي طَرِيقهَا مِنَ الْبَحْر , وَالنِّيل يَصُبّ فِي الْبَحْر . 20058 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : الْبَرْزَخ أَنَّهُمَا يَلْتَقِيَانِ فَلَا يَخْتَلِطَانِ , وَقَوْله { حِجْرًا مَحْجُورًا } أَيْ لَا تَخْتَلِط مُلُوحَة هَذَا بِعُذُوبَةِ هَذَا , لَا يَبْغِي أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر . 20059 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ رَجَاء , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : هَذَا الْيُبْس . 20060 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : جَعَلَ هَذَا مِلْحًا أُجَاجًا , قَالَ : وَالْأُجَاج : الْمُرّ . 20061 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْب فُرَات وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَقُول : خَلَعَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , فَلَا يُغَيِّر أَحَدهمَا طَعْم الْآخَر { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } هُوَ الْأَجَل مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } جَعَلَ اللَّه بَيْن الْبَحْرَيْنِ حِجْرًا , يَقُول : حَاجِزًا حَجَزَ أَحَدهمَا عَنِ الْآخَر بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ . 20062 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } وَجَعَلَ بَيْنهمَا سِتْرًا لَا يَلْتَقِيَانِ . قَالَ : وَالْعَرَب إِذَا كَلَّمَ أَحَدهمْ الْآخَر بِمَا يَكْرَه قَالَ : حِجْرًا , قَالَ : سِتْرًا دُون الَّذِي تَقُول . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي مَعْنَى قَوْله { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } دُون الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : إِنَّهُ جَعَلَ بَيْنهمَا حَاجِزًا مِنَ الْأَرْض أَوْ مِنَ الْيُبْس ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ فِي أَوَّل الْآيَة أَنَّهُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ , وَالْمَرَج : هُوَ الْخَلْط فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى مَا بَيَّنْت قَبْل , فَلَوْ كَانَ الْبَرْزَخ الَّذِي بَيْن الْعَذْب الْفُرَات مِنَ الْبَحْرَيْنِ , وَالْمِلْح الْأُجَاج أَرْضًا أَوْ يُبْسًا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَرَج لِلْبَحْرَيْنِ , وَقَدْ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ مَرَجَهُمَا , وَإِنَّمَا عَرَفْنَا قُدْرَته بِحَجْزِهِ هَذَا الْمِلْح الْأُجَاج عَنْ إِفْسَاد هَذَا الْعَذْب الْفُرَات , مَعَ اخْتِلَاط كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ . فَأَمَّا إِذَا كَانَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِي حَيِّز عَنْ حَيِّز صَاحِبه , فَلَيْسَ هُنَاكَ مَرَج , وَلَا هُنَاكَ مِنَ الْأُعْجُوبَة مَا يُنَبِّه عَلَيْهِ أَهْل الْجَهْل بِهِ مِنَ النَّاس , وَيُذَكَّرُونَ بِهِ , وَإِنْ كَانَ كُلّ مَا ابْتَدَعَهُ رَبّنَا عَجِيبًا , وَفِيهِ أَعْظَم الْعِبَر وَالْمَوَاعِظ وَالْحُجَج الْبَوَالِغ .
وَقَوْله { هَذَا عَذْب فُرَات } الْفُرَات : شَدِيد الْعُذُوبَة , يُقَال : هَذَا مَاء فُرَات : أَيْ شَدِيد الْعُذُوبَة . وَقَوْله { وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَقُول : وَهَذَا مِلْح مُرّ . يَعْنِي بِالْعَذْبِ الْفُرَات : مِيَاه الْأَنْهَار وَالْأَمْطَار , وَبِالْمِلْحِ الْأُجَاج : مِيَاه الْبِحَار . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ نِعْمَته عَلَى خَلْقه , وَعَظِيم سُلْطَانه , يَخْلِط مَاء الْبَحْر الْعَذْب بِمَاءِ الْبَحْر الْمِلْح الْأُجَاج , ثُمَّ يَمْنَع الْمِلْح مِنْ تَغْيِير الْعَذْب عَنْ عُذُوبَته , وَإِفْسَاده إِيَّاهُ بِقَضَائِهِ وَقُدْرَته , لِئَلَّا يَضُرّ إِفْسَاده إِيَّاهُ بِرُكْبَانِ الْمِلْح مِنْهُمَا , فَلَا يَجِدُوا مَاء يَشْرَبُونَهُ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَى الْمَاء , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } يَعْنِي حَاجِزًا يَمْنَع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ إِفْسَاد الْآخَر { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } يَقُول : وَجَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حَرَامًا مُحَرَّمًا عَلَى صَاحِبه أَنْ يُغَيِّرهُ وَيُفْسِدهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20055 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { هَذَا عَذْب فُرَات وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَعْنِي أَنَّهُ خَلَقَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , فَلَيْسَ يُفْسِد الْعَذْب الْمَالِح , وَلَيْسَ يُفْسِد الْمَالِح الْعَذْب , وَقَوْله { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : الْبَرْزَخ : الْأَرْض بَيْنهمَا { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } يَعْنِي : حَجَرَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ , وَهُوَ مِثْل قَوْله { وَجَعَلَ بَيْن الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } 27 61 20056 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : مَحْبِسًا . قَوْله : { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : لَا يَخْتَلِط الْبَحْر بِالْعَذْبِ . 20057 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : حَاجِزًا لَا يَرَاهُ أَحَد , لَا يَخْتَلِط الْعَذْب فِي الْبَحْر . قَالَ ابْن جُرَيْج : فَلَمْ أَجِد بَحْرًا عَذْبًا إِلَّا الْأَنْهَار الْعِذَاب , فَإِنَّ دِجْلَة تَقَع فِي الْبَحْر , فَأَخْبَرَنِي الْخَبِير بِهَا أَنَّهَا تَقَع فِي الْبَحْر , فَلَا تَمُور فِيهِ : بَيْنهمَا مِثْل الْخَيْط الْأَبْيَض ; فَإِذَا رَجَعَتْ لَمْ تَرْجِع فِي طَرِيقهَا مِنَ الْبَحْر , وَالنِّيل يَصُبّ فِي الْبَحْر . 20058 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } قَالَ : الْبَرْزَخ أَنَّهُمَا يَلْتَقِيَانِ فَلَا يَخْتَلِطَانِ , وَقَوْله { حِجْرًا مَحْجُورًا } أَيْ لَا تَخْتَلِط مُلُوحَة هَذَا بِعُذُوبَةِ هَذَا , لَا يَبْغِي أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر . 20059 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ رَجَاء , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : هَذَا الْيُبْس . 20060 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } قَالَ : جَعَلَ هَذَا مِلْحًا أُجَاجًا , قَالَ : وَالْأُجَاج : الْمُرّ . 20061 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْب فُرَات وَهَذَا مِلْح أُجَاج } يَقُول : خَلَعَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , فَلَا يُغَيِّر أَحَدهمَا طَعْم الْآخَر { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا } هُوَ الْأَجَل مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة { وَحِجْرًا مَحْجُورًا } جَعَلَ اللَّه بَيْن الْبَحْرَيْنِ حِجْرًا , يَقُول : حَاجِزًا حَجَزَ أَحَدهمَا عَنِ الْآخَر بِأَمْرِهِ وَقَضَائِهِ . 20062 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } وَجَعَلَ بَيْنهمَا سِتْرًا لَا يَلْتَقِيَانِ . قَالَ : وَالْعَرَب إِذَا كَلَّمَ أَحَدهمْ الْآخَر بِمَا يَكْرَه قَالَ : حِجْرًا , قَالَ : سِتْرًا دُون الَّذِي تَقُول . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي مَعْنَى قَوْله { وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } دُون الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : إِنَّهُ جَعَلَ بَيْنهمَا حَاجِزًا مِنَ الْأَرْض أَوْ مِنَ الْيُبْس ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ فِي أَوَّل الْآيَة أَنَّهُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ , وَالْمَرَج : هُوَ الْخَلْط فِي كَلَام الْعَرَب عَلَى مَا بَيَّنْت قَبْل , فَلَوْ كَانَ الْبَرْزَخ الَّذِي بَيْن الْعَذْب الْفُرَات مِنَ الْبَحْرَيْنِ , وَالْمِلْح الْأُجَاج أَرْضًا أَوْ يُبْسًا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَرَج لِلْبَحْرَيْنِ , وَقَدْ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ مَرَجَهُمَا , وَإِنَّمَا عَرَفْنَا قُدْرَته بِحَجْزِهِ هَذَا الْمِلْح الْأُجَاج عَنْ إِفْسَاد هَذَا الْعَذْب الْفُرَات , مَعَ اخْتِلَاط كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ . فَأَمَّا إِذَا كَانَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِي حَيِّز عَنْ حَيِّز صَاحِبه , فَلَيْسَ هُنَاكَ مَرَج , وَلَا هُنَاكَ مِنَ الْأُعْجُوبَة مَا يُنَبِّه عَلَيْهِ أَهْل الْجَهْل بِهِ مِنَ النَّاس , وَيُذَكَّرُونَ بِهِ , وَإِنْ كَانَ كُلّ مَا ابْتَدَعَهُ رَبّنَا عَجِيبًا , وَفِيهِ أَعْظَم الْعِبَر وَالْمَوَاعِظ وَالْحُجَج الْبَوَالِغ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي خَلَقَ مِنْ النُّطَف بَشَرًا إِنْسَانًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا , وَذَلِكَ سَبْعَة , وَصِهْرًا , وَهُوَ خَمْسَة . كَمَا : 20063 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } النَّسَب : سَبْع , قَوْله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } ... 4 23 إِلَى قَوْله { وَبَنَات الْأُخْت } 4 23 وَالصِّهْر خَمْس , قَوْله : { وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } ... 4 23 إِلَى قَوْله { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } . 4 23
وَقَوْله : { وَكَانَ رَبّك قَدِيرًا } يَقُول : وَرَبّك يَا مُحَمَّد ذُو قُدْرَة عَلَى خَلْق مَا يَشَاء مِنْ الْخَلْق , وَتَصْرِيفهمْ فِيمَا شَاءَ وَأَرَادَ .
وَقَوْله : { وَكَانَ رَبّك قَدِيرًا } يَقُول : وَرَبّك يَا مُحَمَّد ذُو قُدْرَة عَلَى خَلْق مَا يَشَاء مِنْ الْخَلْق , وَتَصْرِيفهمْ فِيمَا شَاءَ وَأَرَادَ .
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعهُمْ وَلَا يَضُرّهُمْ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَعْبُد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ دُونه آلِهَة لَا تَنْفَعهُمْ , فَتَجْلُب إِلَيْهِمْ نَفْعًا إِذَا هُمْ عَبَدُوهَا , وَلَا تَضُرّهُمْ إِنْ تَرَكُوا عِبَادَتهَا , وَيَتْرُكُونَ عِبَادَة مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ النِّعَم الَّتِي لَا كَفَاء لِأَدْنَاهَا , وَهِيَ مَا عَدَّدَ عَلَيْنَا جَلَّ جَلَاله فِي هَذِهِ الْآيَات مِنْ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدَّ الظِّلّ } إِلَى قَوْله : { قَدِيرًا } . وَمِنْ قُدْرَته الْقُدْرَة الَّتِي لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ مَعَهَا شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ فِعْل شَيْء أَرَادَ فِعْله , وَمَنْ إِذَا أَرَادَ عِقَاب بَعْض مَنْ عَصَاهُ مِنْ عِبَاده أَحَلَّ بِهِ مَا أَحَلَّ بِالَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن وَعَاد وَثَمُود وَأَصْحَاب الرَّسّ , وَقُرُونًا بَيْن ذَلِكَ كَثِيرًا , فَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ نَاصِر , وَلَا لَهُ عَنْهُ دَافِع .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ الْكَافِر مُعِينًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبّه , مُظَاهِرًا لَهُ عَلَى مَعْصِيَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20064 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : يُظَاهِر الشَّيْطَان عَلَى مَعْصِيَة اللَّه بِعَيْنِهِ . 20065 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : مُعِينًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ ابْن جُرَيْج : أَبُو جَهْل مُعِينًا ظَاهَرَ الشَّيْطَان عَلَى رَبّه . 20066 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبّه عَلَى الْمَعَاصِي . 20067 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : عَلَى رَبّه عَوِينًا . وَالظَّهِير : الْعَوِين . وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ } قَالَ : لَا تَكُونَنَّ لَهُمْ عَوِينًا . وَقَرَأَ أَيْضًا قَوْل اللَّه : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } 33 26 قَالَ : ظَاهَرُوهُمْ : أَعَانُوهُمْ . 20068 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } يَعْنِي : أَبَا الْحَكَم الَّذِي سَمَّاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبَا جَهْل بْن هِشَام . وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يُوَجِّه مَعْنَى قَوْله { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } أَيْ وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه هَيِّنًا مِنْ قَوْل الْعَرَب : ظَهَرْت بِهِ , فَلَمْ أَلْتَفِت إِلَيْهِ , إِذَا جَعَلَهُ خَلْف ظَهْره فَلَمْ يَلْتَفِت إِلَيْهِ , وَكَأَنَّ الظَّهِير كَانَ عِنْده فَعِيل صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَيْهِ مِنْ مَظْهُور بِهِ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَكَانَ الْكَافِر مَظْهُورًا بِهِ . وَالْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ وَجْه الْكَلَام , وَالْمَعْنَى الصَّحِيح ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْ عِبَادَة هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ دُونه , فَأَوْلَى الْكَلَام أَنْ يُتْبِع ذَلِكَ ذَمّه إِيَّاهُمْ , وَذَمّ فِعْلهمْ دُون الْخَبَر عَنْ هَوَانهمْ عَلَى رَبّهمْ , وَلَمَا يَجْرِ لِاسْتِكْبَارِهِمْ عَلَيْهِ ذِكْر , فَيُتْبِع بِالْخَبَرِ عَنْ هَوَانهمْ عَلَيْهِ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ الْكَافِر مُعِينًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبّه , مُظَاهِرًا لَهُ عَلَى مَعْصِيَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20064 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : يُظَاهِر الشَّيْطَان عَلَى مَعْصِيَة اللَّه بِعَيْنِهِ . 20065 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : مُعِينًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ ابْن جُرَيْج : أَبُو جَهْل مُعِينًا ظَاهَرَ الشَّيْطَان عَلَى رَبّه . 20066 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى رَبّه عَلَى الْمَعَاصِي . 20067 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } قَالَ : عَلَى رَبّه عَوِينًا . وَالظَّهِير : الْعَوِين . وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ } قَالَ : لَا تَكُونَنَّ لَهُمْ عَوِينًا . وَقَرَأَ أَيْضًا قَوْل اللَّه : { وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ صَيَاصِيهمْ } 33 26 قَالَ : ظَاهَرُوهُمْ : أَعَانُوهُمْ . 20068 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } يَعْنِي : أَبَا الْحَكَم الَّذِي سَمَّاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبَا جَهْل بْن هِشَام . وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يُوَجِّه مَعْنَى قَوْله { وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه ظَهِيرًا } أَيْ وَكَانَ الْكَافِر عَلَى رَبّه هَيِّنًا مِنْ قَوْل الْعَرَب : ظَهَرْت بِهِ , فَلَمْ أَلْتَفِت إِلَيْهِ , إِذَا جَعَلَهُ خَلْف ظَهْره فَلَمْ يَلْتَفِت إِلَيْهِ , وَكَأَنَّ الظَّهِير كَانَ عِنْده فَعِيل صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَيْهِ مِنْ مَظْهُور بِهِ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَكَانَ الْكَافِر مَظْهُورًا بِهِ . وَالْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ وَجْه الْكَلَام , وَالْمَعْنَى الصَّحِيح ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْ عِبَادَة هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ دُونه , فَأَوْلَى الْكَلَام أَنْ يُتْبِع ذَلِكَ ذَمّه إِيَّاهُمْ , وَذَمّ فِعْلهمْ دُون الْخَبَر عَنْ هَوَانهمْ عَلَى رَبّهمْ , وَلَمَا يَجْرِ لِاسْتِكْبَارِهِمْ عَلَيْهِ ذِكْر , فَيُتْبِع بِالْخَبَرِ عَنْ هَوَانهمْ عَلَيْهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا أَرْسَلْنَاك } يَا مُحَمَّد إِلَى مَنْ أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِ { إِلَّا مُبَشِّرًا } بِالثَّوَابِ الْجَزِيل , مَنْ آمَنَ بِك وَصَدَّقَك , وَآمَنَ بِالَّذِي جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي , وَعَمِلُوا بِهِ { وَنَذِيرًا } مَنْ كَذَّبَك وَكَذَّبَ مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي , فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ , وَلَمْ يَعْمَلُوا .
يَقُول لَهُ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتك إِلَيْهِمْ , مَا أَسْأَلكُمْ يَا قَوْم عَلَى مَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبِّي أَجْرًا , فَتَقُولُونَ : إِنَّمَا يَطْلُب مُحَمَّد أَمْوَالنَا بِمَا يَدْعُونَا إِلَيْهِ , فَلَا نَتَّبِعهُ فِيهِ , وَلَا نُعْطِيه مِنْ أَمْوَالنَا شَيْئًا.
يَقُول : لَكِنْ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ اتَّخَذَ إِلَى رَبّه سَبِيلًا , طَرِيقًا بِإِنْفَاقِهِ مِنْ مَاله فِي سَبِيله , وَفِيمَا يُقَرِّبهُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَة وَالنَّفَقَة فِي جِهَاد عَدُوّهُ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ سُبُل الْخَيْر.
يَقُول : لَكِنْ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ اتَّخَذَ إِلَى رَبّه سَبِيلًا , طَرِيقًا بِإِنْفَاقِهِ مِنْ مَاله فِي سَبِيله , وَفِيمَا يُقَرِّبهُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَة وَالنَّفَقَة فِي جِهَاد عَدُوّهُ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ سُبُل الْخَيْر.
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَوَكَّلْ يَا مُحَمَّد عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَيَاة الدَّائِمَة الَّتِي لَا مَوْت مَعَهَا , فَثِقْ بِهِ فِي أَمْر رَبّك , وَفَوِّضْ إِلَيْهِ , وَاسْتَسْلِمْ لَهُ , وَاصْبِرْ عَلَى مَا نَابَك فِيهِ .
قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } يَقُول : وَاعْبُدْهُ شُكْرًا مِنْك لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك .
قَوْله : { وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَاده خَبِيرًا } يَقُول : وَحَسْبك بِالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوت خَابِرًا بِذُنُوبِ خَلْقه , فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا , وَهُوَ مُحْصٍ جَمِيعهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجَازِيهِمْ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة .
قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } يَقُول : وَاعْبُدْهُ شُكْرًا مِنْك لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك .
قَوْله : { وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَاده خَبِيرًا } يَقُول : وَحَسْبك بِالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوت خَابِرًا بِذُنُوبِ خَلْقه , فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا , وَهُوَ مُحْصٍ جَمِيعهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجَازِيهِمْ بِهَا يَوْم الْقِيَامَة .
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت } { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام } فَقَالَ : { وَمَا بَيْنهمَا } وَقَدْ ذَكَرَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَالسَّمَاوَات جِمَاع ; لِأَنَّهُ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى الصِّنْفَيْنِ وَالشَّيْئَيْنِ , كَمَا قَالَ الْقَطَامِيّ : أَلَمْ يَحْزُنك أَنَّ حِبَال قَيْس وَتَغْلِب قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعًا يُرِيد : وَحِبَال تَغْلِب فَثَنَّى , وَالْحِبَال جَمْع ; لِأَنَّهُ أَرَادَ الشَّيْئَيْنِ وَالنَّوْعَيْنِ .
وَقَوْله : { فِي سِتَّة أَيَّام } قِيلَ : كَانَ ابْتِدَاء ذَلِكَ يَوْم الْأَحَد , وَالْفَرَاغ يَوْم الْجُمُعَة
يَقُول : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش الرَّحْمَن وَعَلَا عَلَيْهِ , وَذَلِكَ يَوْم السَّبْت فِيمَا قِيلَ .
وَقَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } يَقُول : فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّد خَبِيرًا بِالرَّحْمَنِ , خَبِيرًا بِخَلْقِهِ , فَإِنَّهُ خَالِق كُلّ شَيْء , وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا خَلَقَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20069 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } قَالَ : يَقُول لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَخْبَرْتُك شَيْئًا , فَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا أَخْبَرْتُك , أَنَا الْخَبِير وَالْخَبِير فِي قَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } مَنْصُوب عَلَى الْحَال مِنْ الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله بِهِ .
وَقَوْله : { فِي سِتَّة أَيَّام } قِيلَ : كَانَ ابْتِدَاء ذَلِكَ يَوْم الْأَحَد , وَالْفَرَاغ يَوْم الْجُمُعَة
يَقُول : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش الرَّحْمَن وَعَلَا عَلَيْهِ , وَذَلِكَ يَوْم السَّبْت فِيمَا قِيلَ .
وَقَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } يَقُول : فَاسْأَلْ يَا مُحَمَّد خَبِيرًا بِالرَّحْمَنِ , خَبِيرًا بِخَلْقِهِ , فَإِنَّهُ خَالِق كُلّ شَيْء , وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا خَلَقَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20069 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } قَالَ : يَقُول لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَخْبَرْتُك شَيْئًا , فَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا أَخْبَرْتُك , أَنَا الْخَبِير وَالْخَبِير فِي قَوْله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } مَنْصُوب عَلَى الْحَال مِنْ الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله بِهِ .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرنَا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعهُمْ وَلَا يَضُرّهُمْ : { اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ } أَيْ اجْعَلُوا سُجُودكُمْ لِلَّهِ خَالِصًا دُون الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , قَالُوا : { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرنَا } . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { لِمَا تَأْمُرنَا } بِمَعْنَى : أَنَسْجُدُ نَحْنُ يَا مُحَمَّد لِمَا تَأْمُرنَا أَنْتَ أَنْ نَسْجُد لَهُ ؟ ! وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " لِمَا يَأْمُرنَا " بِالْيَاءِ , بِمَعْنَى : أَنَسْجُدُ لِمَا يَأْمُر الرَّحْمَن ؟ ! . وَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ مُسَيْلِمَة كَانَ يُدْعَى الرَّحْمَن , فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ , قَالُوا : أَنَسْجُدُ لِمَا يَأْمُرنَا رَحْمَن الْيَمَامَة ؟ يَعْنُونَ مُسَيْلِمَة بِالسُّجُودِ لَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { وَزَادَهُمْ نُفُورًا } يَقُول : وَزَادَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَوْل الْقَائِل لَهُمْ : اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ مِنْ إِخْلَاص السُّجُود لِلَّهِ , وَإِفْرَاد اللَّه بِالْعِبَادَةِ بُعْدًا مِمَّا دُعُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِرَارًا .
وَقَوْله : { وَزَادَهُمْ نُفُورًا } يَقُول : وَزَادَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَوْل الْقَائِل لَهُمْ : اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ مِنْ إِخْلَاص السُّجُود لِلَّهِ , وَإِفْرَاد اللَّه بِالْعِبَادَةِ بُعْدًا مِمَّا دُعُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِرَارًا .