الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَقَدَّسَ الرَّبّ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا ; وَيَعْنِي بِالْبُرُوجِ : الْقُصُور , فِي قَوْل بَعْضهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَلَاء وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَسَلْم بْن جُنَادَة , قَالُوا : ثنا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ عَطِيَّة بْن سَعْد , فِي قَوْله : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } قَالَ : قُصُورًا فِي السَّمَاء , فِيهَا الْحَرَس . 20071 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني أَبُو مُعَاوِيَة , قَالَ : ثني إِسْمَاعِيل , عَنْ يَحْيَى بْن رَافِع , فِي قَوْله : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } قَالَ : قُصُورًا فِي السَّمَاء . 20072 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } قَالَ : قُصُورًا فِي السَّمَاء . 20073 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن سَيْف , قَالَ : ثني عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } قَالَ : قُصُورًا فِي السَّمَاء فِيهَا الْحَرَس . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ النُّجُوم الْكِبَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20074 - حَدَّثَنِي ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا } قَالَ : النُّجُوم الْكِبَار . 20075 - قَالَ : ثنا الضَّحَّاك , عَنْ مَخْلَد , عَنْ عِيسَى بْن مَيْمُون , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : الْكَوَاكِب . 20076 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بُرُوجًا } قَالَ : الْبُرُوج : النُّجُوم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هِيَ قُصُور فِي السَّمَاء ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب { وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة } 4 78 وَقَوْل الْأَخْطَل : كَأَنَّهَا بُرْج رُومِيّ يُشَيِّدهُ بَانٍ بِجِصٍّ وَآجُرّ وَأَحْجَار يَعْنِي بِالْبُرْجِ : الْقَصْر.
قَوْله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } عَلَى التَّوْحِيد , وَوَجَّهُوا تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا الشَّمْس , وَهِيَ السِّرَاج الَّتِي عُنِيَ عِنْدهمْ بِقَوْلِهِ : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } . كَمَا : 20077 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا } قَالَ : السِّرَاج : الشَّمْس . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجًا " عَلَى الْجِمَاع , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيله : وَجَعَلَ فِيهَا نُجُومًا { وَقَمَرًا مُنِيرًا } وَجَعَلُوا النُّجُوم سُرُجًا إِذْ كَانَ يُهْتَدَى بِهَا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَجْه مَفْهُوم , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { وَقَمَرًا مُنِيرًا } يَعْنِي بِالْمُنِيرِ : الْمُضِيء .
قَوْله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } عَلَى التَّوْحِيد , وَوَجَّهُوا تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا الشَّمْس , وَهِيَ السِّرَاج الَّتِي عُنِيَ عِنْدهمْ بِقَوْلِهِ : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا } . كَمَا : 20077 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا } قَالَ : السِّرَاج : الشَّمْس . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجًا " عَلَى الْجِمَاع , كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا تَأْوِيله : وَجَعَلَ فِيهَا نُجُومًا { وَقَمَرًا مُنِيرًا } وَجَعَلُوا النُّجُوم سُرُجًا إِذْ كَانَ يُهْتَدَى بِهَا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , لِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَجْه مَفْهُوم , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { وَقَمَرًا مُنِيرًا } يَعْنِي بِالْمُنِيرِ : الْمُضِيء .
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّه جَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا خِلْفًا مِنَ الْآخَر , فِي أَنَّ مَا فَاتَ أَحَدهمَا مِنْ عَمَل يُعْمَل فِيهِ لِلَّهِ , أُدْرِكَ قَضَاؤُهُ فِي الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20078 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ حَفْص بْن حُمَيْد , عَنْ شَمِر بْن عَطِيَّة , عَنْ شَقِيق قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : فَاتَتْنِي الصَّلَاة اللَّيْلَة , فَقَالَ : أَدْرِكْ مَا فَاتَك مِنْ لَيْلَتك فِي نَهَارك , فَإِنَّ اللَّه جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر , أَوْ أَرَادَ شُكُورًا . 20079 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } يَقُول : مَنْ فَاتَهُ شَيْء مِنَ اللَّيْل أَنْ يَعْمَلهُ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ , أَوْ مِنَ النَّهَار أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ . 20080 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } قَالَ : جَعَلَ أَحَدهمَا خِلَفًا لِلْآخَرِ , إِنْ فَاتَ رَجُلًا مِنَ النَّهَار شَيْء أَدْرَكَهُ مِنَ اللَّيْل , وَإِنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْل أَدْرَكَهُ مِنَ النَّهَار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مُخَالِفًا صَاحِبه , فَجَعَلَ هَذَا أَسْوَد وَهَذَا أَبْيَض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20081 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } قَالَ : أَسْوَد وَأَبْيَض . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عُمَر بْن قَيْس بْن أَبِي مُسْلِم الْمَاصِر , عَنْ مُجَاهِد : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } قَالَ : أَسْوَد وَأَبْيَض . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يَخْلُف صَاحِبه , إِذَا ذَهَبَ هَذَا جَاءَ هَذَا , وَإِذَا جَاءَ هَذَا ذَهَبَ هَذَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا قَيْس , عَنْ عُمَر بْن قَيْس الْمَاصِر , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } هَذَا يَخْلُف هَذَا , وَهَذَا يَخْلُف هَذَا . 20083 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة } قَالَ : لَوْ لَمْ يَجْعَلهُمَا خِلْفَة لَمْ يُدْرَ كَيْفَ يُعْمَل , لَوْ كَانَ الدَّهْر لَيْلًا كُلّه كَيْفَ يَدْرِي أَحَد كَيْف يَصُوم , أَوْ كَانَ الدَّهْر نَهَارًا كُلّه كَيْفَ يَدْرِي أَحَد كَيْفَ يُصَلِّي . قَالَ : وَالْخِلْفَة : مُخْتَلِفَانِ , يَذْهَب هَذَا وَيَأْتِي هَذَا , جَعَلَهُمَا اللَّه خِلْفَة لِلْعِبَادِ , وَقَرَأَ { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } وَالْخِلْفَة : مَصْدَر , فَلِذَلِكَ وُحِّدَتْ , وَهِيَ خَبَر عَنِ اللَّيْل وَالنَّهَار ; وَالْعَرَب تَقُول : خَلَفَ هَذَا مِنْ كَذَا خِلْفَة , وَذَلِكَ إِذَا جَاءَ شَيْء مَكَان شَيْء ذَهَبَ قَبْله , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ إِذَا أَكَلَ النَّمْل الَّذِي جَمَعَا خِلْفَة حَتَّى إِذَا ارْتَبَعَتْ سَكَنَتْ مِنْ جِلَّق بِيَعَا وَكَمَا قَالَ زُهَيْر : بِهَا الْعَيْن وَالْآرَام يَمْشِينَ خِلْفَة وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلّ مَجْثَم يَعْنِي بِقَوْلِهِ : يَمْشِينَ خِلْفَة : تَذْهَب مِنْهَا طَائِفَة , وَتَخْلُف مَكَانهَا طَائِفَة أُخْرَى . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنَّ زُهَيْرًا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : خِلْفَة : مُخْتَلِفَات الْأَلْوَان , وَأَنَّهَا ضُرُوب فِي أَلْوَانهَا وَهَيْئَاتهَا . وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ أَنَّهَا تَذْهَب فِي مَشْيهَا كَذَا , وَتَجِيء كَذَا .
وَقَوْله { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار , وَخُلُوف كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا الْآخَر حُجَّة وَآيَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر أَمْر اللَّه , فَيُنِيب إِلَى الْحَقّ { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } أَوْ أَرَادَ شُكْر نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20084 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } قَالَ : شُكْر نِعْمَة رَبّه عَلَيْهِ فِيهِمَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر } ذَاكَ آيَة لَهُ { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } قَالَ : شُكْر نِعْمَة رَبّه عَلَيْهِ فِيهِمَا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يَذَّكَّر } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { يَذَّكَّر } مُشَدَّدَة , بِمَعْنَى يَتَذَكَّر . وَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " يَذْكُر " مُخَفَّفَة ; وَقَدْ يَكُون التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف فِي مِثْل هَذَا بِمَعْنًى وَاحِد . يُقَال : ذَكَرْت حَاجَة فُلَان وَتَذَكَّرْتهَا . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِيهِمَا .
وَقَوْله { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار , وَخُلُوف كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا الْآخَر حُجَّة وَآيَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر أَمْر اللَّه , فَيُنِيب إِلَى الْحَقّ { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } أَوْ أَرَادَ شُكْر نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20084 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } قَالَ : شُكْر نِعْمَة رَبّه عَلَيْهِ فِيهِمَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر } ذَاكَ آيَة لَهُ { أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } قَالَ : شُكْر نِعْمَة رَبّه عَلَيْهِ فِيهِمَا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يَذَّكَّر } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { يَذَّكَّر } مُشَدَّدَة , بِمَعْنَى يَتَذَكَّر . وَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " يَذْكُر " مُخَفَّفَة ; وَقَدْ يَكُون التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف فِي مِثْل هَذَا بِمَعْنًى وَاحِد . يُقَال : ذَكَرْت حَاجَة فُلَان وَتَذَكَّرْتهَا . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِيهِمَا .
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعِبَاد الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَعِبَاد الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } بِالْحِلْمِ وَالسَّكِينَة وَالْوَقَار غَيْر مُسْتَكْبِرِينَ , وَلَا مُتَجَبِّرِينَ , وَلَا سَاعِينَ فِيهَا بِالْفَسَادِ وَمَعَاصِي اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِقَوْلِهِ : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } أَنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَيْهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20085 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَة . 20086 - قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : بِالْحِلْمِ وَالْوَقَار . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث ; قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَة . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَة . 20087 -حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد وَعَبْد الرَّحْمَن : { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَا : بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَار . 20088 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ عَمَّار , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَة . * - قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20089 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عَمْرو الْمَلَائِيّ : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَيْهَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّوَاضُع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20090 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } بِالطَّاعَةِ وَالْعَفَاف وَالتَّوَاضُع . 20091 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَعِبَاد الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض بِالطَّاعَةِ . 20092 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثني عَمِّي , عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ إِبْرَاهِيم بْن سُوَيْد , قَالَ : سَمِعْت زَيْد بْن أَسْلَمَ يَقُول : الْتَمَسْت تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } فَلَمْ أَجِدهَا عِنْد أَحَد , فَأُتِيت فِي النَّوْم , فَقِيلَ لِي : هُمُ الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض . 20093 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض . 20094 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَعِبَاد الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : لَا يَتَكَبَّرُونَ عَلَى النَّاس , وَلَا يَتَجَبَّرُونَ , وَلَا يُفْسِدُونَ . وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } 28 83 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ يَمْشُونَ عَلَيْهَا بِالْحِلْمِ لَا يَجْهَلُونَ عَلَى مَنْ جَهِلَ عَلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20095 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن فِي : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : حُلَمَاء , وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجْهَلُوا . 20096 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : حُلَمَاء . 20097 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } قَالَ : عُلَمَاء حُلَمَاء لَا يَجْهَلُونَ.
وَقَوْله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } يَقُول : وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ بِمَا يَكْرَهُونَهُ مِنَ الْقَوْل , أَجَابُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْل , وَالسَّدَاد مِنَ الْخِطَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20098 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ } ... الْآيَة , قَالَ : حُلَمَاء , وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجْهَلُوا . 20099 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن الْمُخْتَار , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْم ذُلُل , ذَلَّتْ مِنْهُمْ وَاللَّه الْأَسْمَاع وَالْأَبْصَار وَالْجَوَارِح , حَتَّى يَحْسَبهُمْ الْجَاهِل مَرْضَى , وَإِنَّهُمْ لَأَصِحَّاء الْقُلُوب , وَلَكِنْ دَخَلَهُمْ مِنَ الْخَوْف مَا لَمْ يَدْخُل غَيْرهمْ , وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ , فَقَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن , وَاللَّه مَا حُزْنهمْ حُزْن الدُّنْيَا , وَلَا تَعَاظَمَ فِي أَنْفُسهمْ مَا طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّة , أَبْكَاهُمُ الْخَوْف مِنَ النَّار , وَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّه , تَقَطَّع نَفْسه عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَات , وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَة إِلَّا فِي مَطْعَم وَمَشْرَب , فَقَدْ قَلَّ عِلْمه , وَحَضَرَ عَذَابه . 20100 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : سَدَادًا . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : سَدَادًا مِنَ الْقَوْل . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20101 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } حُلَمَاء . 20102 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : حُلَمَاء لَا يَجْهَلُونَ , وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلَمُوا وَلَمْ يُسَفِّهُوا . هَذَا نَهَارهمْ فَكَيْف لَيْلهمْ ؟ خَيْر لَيْل ; صَفُّوا أَقْدَامهمْ , وَأَجْرَوْا دُمُوعهمْ عَلَى خُدُودهمْ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي فِكَاك رِقَابهمْ . * - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَادَة , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : حُلَمَاء لَا يَجْهَلُونَ وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلَمُوا .
وَقَوْله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } يَقُول : وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ بِمَا يَكْرَهُونَهُ مِنَ الْقَوْل , أَجَابُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْل , وَالسَّدَاد مِنَ الْخِطَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20098 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ } ... الْآيَة , قَالَ : حُلَمَاء , وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجْهَلُوا . 20099 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن الْمُخْتَار , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْم ذُلُل , ذَلَّتْ مِنْهُمْ وَاللَّه الْأَسْمَاع وَالْأَبْصَار وَالْجَوَارِح , حَتَّى يَحْسَبهُمْ الْجَاهِل مَرْضَى , وَإِنَّهُمْ لَأَصِحَّاء الْقُلُوب , وَلَكِنْ دَخَلَهُمْ مِنَ الْخَوْف مَا لَمْ يَدْخُل غَيْرهمْ , وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ , فَقَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن , وَاللَّه مَا حُزْنهمْ حُزْن الدُّنْيَا , وَلَا تَعَاظَمَ فِي أَنْفُسهمْ مَا طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّة , أَبْكَاهُمُ الْخَوْف مِنَ النَّار , وَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّه , تَقَطَّع نَفْسه عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَات , وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَة إِلَّا فِي مَطْعَم وَمَشْرَب , فَقَدْ قَلَّ عِلْمه , وَحَضَرَ عَذَابه . 20100 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : سَدَادًا . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } قَالَ : سَدَادًا مِنَ الْقَوْل . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20101 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } حُلَمَاء . 20102 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : حُلَمَاء لَا يَجْهَلُونَ , وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلَمُوا وَلَمْ يُسَفِّهُوا . هَذَا نَهَارهمْ فَكَيْف لَيْلهمْ ؟ خَيْر لَيْل ; صَفُّوا أَقْدَامهمْ , وَأَجْرَوْا دُمُوعهمْ عَلَى خُدُودهمْ يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي فِكَاك رِقَابهمْ . * - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَادَة , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : حُلَمَاء لَا يَجْهَلُونَ وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلَمُوا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ يُصَلُّونَ لِلَّهِ , يُرَاوِحُونَ بَيْن سُجُود فِي صَلَاتهمْ وَقِيَام . وَقَوْله : { وَقِيَامًا } جَمْع قَائِم , كَمَا الصِّيَام جَمْع صَائِم.
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يَدْعُونَ اللَّه أَنْ يَصْرِف عَنْهُمْ عِقَابه وَعَذَابه حَذَرًا مِنْهُ وَوَجَلًا .
وَقَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } يَقُول : إِنَّ عَذَاب جَهَنَّم كَانَ غَرَامًا مُلِحًّا دَائِمًا لَازِمًا غَيْر مُفَارِق مَنْ عُذِّبَ بِهِ مِنَ الْكُفَّار , وَمُهْلِكًا لَهُ , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : رَجُل مُغْرَم , مِنَ الْغُرْم وَالدَّيْن . وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغَرِيمِ غَرِيم لِطَلَبِهِ حَقّه , وَإِلْحَاحه عَلَى صَاحِبه فِيهِ . وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الْمُولَع لِلنِّسَاءِ : إِنَّهُ لَمُغْرَم بِالنِّسَاءِ , وَفُلَان مُغْرَم بِفُلَانٍ : إِذَا لَمْ يَصْبِر عَنْهُ ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : إِنْ يُعَاقِب يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْ طِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي يَقُول : إِنْ يُعَاقِب يَكُنْ عِقَابه عِقَابًا لَازِمًا , لَا يُفَارِق صَاحِبه مُهْلِكًا لَهُ . وَقَوْل بِشْر بْن أَبِي خَازِم : يَوْم النِّسَار وَيَوْم الْجِفَا رِ كَانَ عِقَابًا وَكَانَ غَرَامًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20103 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحَسَن اللَّانِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُعَافِي بْن عِمْرَان الْمَوْصِلِيّ , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : إِنَّ اللَّه سَأَلَ الْكُفَّار عَنْ نِعَمه , فَلَمْ يَرُدُّوهَا إِلَيْهِ , فَأَغْرَمهُمْ , فَأَدْخَلَهُمُ النَّار . 20104 -قَالَ : ثنا الْمُعَافِي , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : قَدْ عَلِمُوا أَنَّ كُلّ غَرِيم مُفَارِق غَرِيمه إِلَّا غَرِيم جَهَنَّم . 20105 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : الْغَرَام : الشَّرّ . 20106 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : لَا يُفَارِقهُ .
وَقَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } يَقُول : إِنَّ عَذَاب جَهَنَّم كَانَ غَرَامًا مُلِحًّا دَائِمًا لَازِمًا غَيْر مُفَارِق مَنْ عُذِّبَ بِهِ مِنَ الْكُفَّار , وَمُهْلِكًا لَهُ , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : رَجُل مُغْرَم , مِنَ الْغُرْم وَالدَّيْن . وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغَرِيمِ غَرِيم لِطَلَبِهِ حَقّه , وَإِلْحَاحه عَلَى صَاحِبه فِيهِ . وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الْمُولَع لِلنِّسَاءِ : إِنَّهُ لَمُغْرَم بِالنِّسَاءِ , وَفُلَان مُغْرَم بِفُلَانٍ : إِذَا لَمْ يَصْبِر عَنْهُ ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : إِنْ يُعَاقِب يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْ طِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي يَقُول : إِنْ يُعَاقِب يَكُنْ عِقَابه عِقَابًا لَازِمًا , لَا يُفَارِق صَاحِبه مُهْلِكًا لَهُ . وَقَوْل بِشْر بْن أَبِي خَازِم : يَوْم النِّسَار وَيَوْم الْجِفَا رِ كَانَ عِقَابًا وَكَانَ غَرَامًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20103 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحَسَن اللَّانِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُعَافِي بْن عِمْرَان الْمَوْصِلِيّ , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : إِنَّ اللَّه سَأَلَ الْكُفَّار عَنْ نِعَمه , فَلَمْ يَرُدُّوهَا إِلَيْهِ , فَأَغْرَمهُمْ , فَأَدْخَلَهُمُ النَّار . 20104 -قَالَ : ثنا الْمُعَافِي , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : قَدْ عَلِمُوا أَنَّ كُلّ غَرِيم مُفَارِق غَرِيمه إِلَّا غَرِيم جَهَنَّم . 20105 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : الْغَرَام : الشَّرّ . 20106 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا } قَالَ : لَا يُفَارِقهُ .
وَقَوْله { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } يَقُول : إِنَّ جَهَنَّم سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا , يَعْنِي بِالْمُسْتَقَرِّ : الْقَرَار , وَبِالْمُقَامِ : الْإِقَامَة ; كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : سَاءَتْ جَهَنَّم مَنْزِلًا وَمُقَامًا . وَإِذَا ضُمَّتِ الْمِيم مِنَ الْمُقَام فَهُوَ مِنَ الْإِقَامَة , وَإِذَا فُتِحَتْ فَهُوَ مِنْ : قُمْت , وَيُقَال : الْمَقَام إِذَا فُتِحَتْ الْمِيم أَيْضًا هُوَ الْمَجْلِس . وَمِنْ الْمُقَام بِضَمِّ الْمِيم بِمَعْنَى الْإِقَامَة , قَوْل سَلَامَة بْن جَنْدَل : يَوْمَانِ : يَوْم مُقَامَات وَأَنْدِيَة وَيَوْم سَيْر إِلَى الْأَعْدَاء تَأْوِيبَا وَمِنْ الْمَقَام الَّذِي بِمَعْنَى الْمَجْلِس , قَوْل عَبَّاس بْن مِرْدَاس : فَأَتِّي مَا وَأَيُّك كَانَ شَرًّا فَقِيدَ إِلَى الْمَقَامَة لَا يَرَاهَا يَعْنِي : الْمَجْلِس .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا أَمْوَالهمْ لَمْ يُسْرِفُوا فِي إِنْفَاقهَا . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي النَّفَقَة الَّتِي عَنَاهَا اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَمَا الْإِسْرَاف فِيهَا وَالْإِقْتَار . فَقَالَ بَعْضهمْ : الْإِسْرَاف مَا كَانَ مِنْ نَفَقَة فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَإِنْ قُلْت . قَالَ : وَإِيَّاهَا عَنَى اللَّه , وَسَمَّاهَا إِسْرَافًا قَالُوا : وَالْإِقْتَار الْمَنْع مِنْ حَقّ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20107 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } قَالَ : هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لَا يُسْرِفُونَ فَيُنْفِقُونَ فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَلَا يَقْتُرُونَ فَيَمْنَعُونَ حُقُوق اللَّه تَعَالَى . 20108 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَوْ أَنْفَقْت مِثْل أَبِي قُبَيْس ذَهَبًا فِي طَاعَة اللَّه مَا كَانَ سَرَفًا , وَلَوْ أَنْفَقْت صَاعًا فِي مَعْصِيَة اللَّه كَانَ سَرَفًا . 20109 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا } قَالَ : فِي النَّفَقَة فِيمَا نَهَاهُمْ وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا , وَلَمْ يَقْتُرُوا وَلَمْ يَقْصُرُوا عَنْ النَّفَقَة فِي الْحَقّ . 20110 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } قَالَ : لَمْ يُسْرِفُوا فَيُنْفِقُوا فِي مَعَاصِي اللَّه . كُلّ مَا أُنْفِقَ فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَإِنْ قَلَّ فَهُوَ إِسْرَاف , وَلَمْ يَقْتُرُوا فَيُمْسِكُوا عَنْ طَاعَة اللَّه . قَالَ : وَمَا أَمْسَكَ عَنْ طَاعَة اللَّه وَإِنْ كَثُرَ فَهُوَ إِقْتَار . 20111 -قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن نَشِيط , عَنْ عُمَر مَوْلَى غُفْرَة أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْإِسْرَاف مَا هُوَ ؟ قَالَ : كُلّ شَيْء أَنْفَقْته فِي غَيْر طَاعَة اللَّه فَهُوَ سَرَف . وَقَالَ آخَرُونَ : السَّرَف : الْمُجَاوَزَة فِي النَّفَقَة الْحَدّ ; وَالْإِقْتَار : التَّقْصِير عَنِ الَّذِي لَا بُدّ مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20112 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن حَرْب , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا } قَالَ : لَا يُجِيعهُمْ وَلَا يُعَرِّيهِمْ وَلَا يُنْفِق نَفَقَة يَقُول النَّاس قَدْ أَسْرَفَ . 20113 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد بْن خُنَيْس أَبُو عَبْد اللَّه الْمَخْزُومِيّ الْمَكِّيّ , قَالَ : سَمِعْت وُهَيْب بْن الْوَرْد أَبِي الْوَرْد مَوْلَى بَنِي مَخْزُوم , قَالَ : لَقِيَ عَالِم عَالِمًا هُوَ فَوْقه فِي الْعِلْم , فَقَالَ : يَرْحَمك اللَّه أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْبِنَاء الَّذِي لَا إِسْرَاف فِيهِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : هُوَ مَا سَتَرَك مِنَ الشَّمْس , وَأَكَنَّكَ مِنَ الْمَطَر , قَالَ : يَرْحَمك اللَّه , فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الطَّعَام الَّذِي نُصِيبهُ لَا إِسْرَاف فِيهِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : مَا سَدَّ الْجُوع وَدُون الشِّبَع , قَالَ : يَرْحَمك اللَّه , فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا اللِّبَاس الَّذِي لَا إِسْرَاف فِيهِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : مَا سَتَرَ عَوْرَتك , وَأَدْفَأَك مِنْ الْبَرْد . 20114 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن شُرَيْح , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا } ... الْآيَة , قَالَ : كَانُوا لَا يَلْبَسُونَ ثَوْبًا لِلْجَمَالِ , وَلَا يَأْكُلُونَ طَعَامًا لِلَّذَّةِ , وَلَكِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ مِنَ اللِّبَاس مَا يَسْتُرُونَ بِهِ عَوْرَتهمْ , وَيَكْتَنُّونَ بِهِ مِنَ الْحَرّ وَالْقُرّ , وَيُرِيدُونَ مِنَ الطَّعَام مَا سَدَّ عَنْهُمْ الْجُوع , وَقَوَّاهُمْ عَلَى عِبَادَة رَبّهمْ . 20115 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ يَزِيد بْن مُرَّة الْجُعْفِيّ , قَالَ : الْعِلْم خَيْر مِنْ الْعَمَل , وَالْحَسَنَة بَيْن السَّيِّئَتَيْنِ , يَعْنِي : إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا , وَخَيْر الْأَعْمَال أَوْسَاطهَا . 20116 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا كَعْب بْن فَرُّوخ , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : خَيْر هَذِهِ الْأُمُور أَوْسَاطهَا , وَالْحَسَنَة بَيْن السَّيِّئَتَيْنِ . فَقُلْت لِقَتَادَة : مَا الْحَسَنَة بَيْن السَّيِّئَتَيْنِ ؟ فَقَالَ : { الَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا } ... الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : الْإِسْرَاف هُوَ أَنْ تَأْكُل مَال غَيْرك بِغَيْرِ حَقّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20117 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا سَالِم بْن سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْدَان , قَالَ : كُنْت عِنْد عَوْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة , فَقَالَ : لَيْسَ الْمُسْرِف مَنْ يَأْكُل مَاله , إِنَّمَا الْمُسْرِف مَنْ يَأْكُل مَال غَيْره . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : الْإِسْرَاف فِي النَّفَقَة الَّذِي عَنَاهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع : مَا جَاوَزَ الْحَدّ الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّه لِعِبَادِهِ إِلَى مَا فَوْقه , وَالْإِقْتَار : مَا قَصَرَ عَمَّا أَمَرَ اللَّه بِهِ , وَالْقَوَام : بَيْن ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمُسْرِف وَالْمُقْتِر كَذَلِكَ ; وَلَوْ كَانَ الْإِسْرَاف وَالْإِقْتَار فِي النَّفَقَة مُرَخَّصًا فِيهِمَا مَا كَانَا مَذْمُومَيْنِ , وَلَا كَانَ الْمُسْرِف وَلَا الْمُقْتِر مَذْمُومًا ; لِأَنَّ مَا أَذِنَ اللَّه فِي فِعْله فَغَيْر مُسْتَحِقّ فَاعِله الذَّمّ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ حَدّ مَعْرُوف تُبَيِّنهُ لَنَا ؟ قِيلَ : نَعَمْ , ذَلِكَ مَفْهُوم فِي كُلّ شَيْء مِنَ الْمَطَاعِم وَالْمَشَارِب وَالْمَلَابِس وَالصَّدَقَة وَأَعْمَال الْبِرّ وَغَيْر ذَلِكَ , نَكْرَه تَطْوِيل الْكِتَاب بِذِكْرِ كُلّ نَوْع مِنْ ذَلِكَ مُفَصَّلًا , غَيْر أَنَّ جُمْلَة ذَلِكَ هُوَ مَا بَيَّنَّا , وَذَلِكَ نَحْو أَكْل آكِل مِنَ الطَّعَام فَوْق الشِّبَع مَا يُضْعِف بَدَنه , وَيَنْهَك قُوَاهُ , وَيَشْغَلهُ عَنْ طَاعَة رَبّه , وَأَدَاء فَرَائِضه , فَذَلِكَ مِنْ السَّرَف , وَأَنْ يَتْرُك الْأَكْل وَلَهُ إِلَيْهِ سَبِيل حَتَّى يُضْعِف ذَلِكَ جِسْمه , وَيَنْهَك قُوَاهُ , وَيُضْعِفهُ عَنْ أَدَاء فَرَائِض رَبّه , فَذَلِكَ مِنَ الْإِقْتَار , وَبَيْن ذَلِكَ الْقَوَام عَلَى هَذَا النَّحْو , كُلّ مَا جَانَسَ مَا ذَكَرْنَا . فَأَمَّا اتِّخَاذ الثَّوْب لِلْجَمَالِ , يَلْبَسهُ عِنْد اجْتِمَاعه مَعَ النَّاس , وَحُضُوره الْمَحَافِل وَالْجُمَع وَالْأَعْيَاد , دُون ثَوْب مِهْنَته , أَوْ أَكْله مِنَ الطَّعَام مَا قَوَّاهُ عَلَى عِبَادَة رَبّه , مِمَّا ارْتَفَعَ عَمَّا قَدْ يَسُدّ الْجُوع , مِمَّا هُوَ دُونه مِنْ الْأَغْذِيَة , غَيْر أَنَّهُ لَا يُعِين الْبَدَن عَلَى الْقِيَام لِلَّهِ بِالْوَاجِبِ مَعُونَته , فَذَلِكَ خَارِج عَنْ مَعْنَى الْإِسْرَاف , بَلْ ذَلِكَ مِنَ الْقَوَام ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِبَعْضِ ذَلِكَ , وَحَضَّ عَلَى بَعْضه , كَقَوْلِهِ : " مَا عَلَى أَحَدكُمْ لَوِ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ . ثَوْبًا لِمِهْنَتِهِ , وَثَوْبًا لِجُمُعَتِهِ وَعِيده " وَكَقَوْلِهِ : " إِذَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى عَبْد نِعْمَة أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَره عَلَيْهِ " , وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَوَاضِعهَا . وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } فَإِنَّهُ النَّفَقَة بِالْعَدْلِ وَالْمَعْرُوف , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20118 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي سُلَيْمَان , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , فِي قَوْله : { وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } قَالَ : الشَّطْر مِنْ أَمْوَالهمْ . 20119 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } النَّفَقَة بِالْحَقِّ . 20120 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } قَالَ : الْقَوَام : أَنْ يُنْفِقُوا فِي طَاعَة اللَّه , وَيُمْسِكُوا عَنْ مَحَارِم اللَّه . 20121 - قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيم بْن نَشِيط , عَنْ عُمَر مَوْلَى غُفْرَة , قَالَ : قُلْت لَهُ : مَا الْقَوَام ؟ قَالَ : الْقَوَام : أَنْ لَا تُنْفِق فِي غَيْر حَقّ , وَلَا تُمْسِك عَنْ حَقّ هُوَ عَلَيْك . وَالْقَوَام فِي كَلَام الْعَرَب , بِفَتْحِ الْقَاف , وَهُوَ الشَّيْء بَيْن الشَّيْئَيْنِ . تَقُول لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَدِلَة الْخَلْق : إِنَّهَا لَحَسَنَة الْقَوَام فِي اعْتِدَالهَا , كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَة : طَافَتْ أُمَامَة بِالرُّكْبَانِ آوِنَة يَا حُسْنه مِنْ قَوَام مَا وَمُنْتَقَبَا فَأَمَّا إِذَا كُسِرَتِ الْقَاف فَقُلْت : إِنَّهُ قِوَام أَهْله , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : أَنَّ بِهِ يَقُوم أَمْرهمْ وَشَأْنهمْ . وَفِيهِ لُغَات أُخَر , يُقَال مِنْهُ : هُوَ قِيَام أَهْله وَقَيِّمهمْ فِي مَعْنَى قِوَامهمْ . فَمَعْنَى الْكَلَام : وَكَانَ إِنْفَاقهمْ بَيْن الْإِسْرَاف وَالْإِقْتَار قَوَامًا مُعْتَدِلًا , لَا مُجَاوَزَة عَنْ حَدّ اللَّه , وَلَا تَقْصِيرًا عَمَّا فَرَضَهُ اللَّه , وَلَكِنْ عَدْلًا بَيْن ذَلِكَ عَلَى مَا أَبَاحَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَأَذِنَ فِيهِ وَرَخَّصَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَمْ يَقْتُرُوا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة " وَلَمْ يُقْتِرُوا " بِضَمِّ الْيَاء وَكَسْر التَّاء مِنْ : أَقْتَرَ يُقْتِر , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ { وَلَمْ يَقْتُرُوا } بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّ التَّاء مِنْ : قَتَرَ يَقْتُر , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة " وَلَمْ يَقْتِرُوا " بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْر التَّاء مِنْ قَتَرَ يَقْتِر . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ كُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات عَلَى اخْتِلَاف أَلْفَاظهَا لُغَات مَشْهُورَات فِي الْعَرَب , وَقِرَاءَات مُسْتَفِيضَات وَفِي قُرَّاء الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْإِسْرَاف وَالْإِقْتَار بِشَوَاهِدِهِمَا فِيمَا مَضَى فِي كِتَابنَا فِي كَلَام الْعَرَب , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَفِي نَصْب الْقَوَام وَجْهَانِ : أَحَدهمَا مَا ذَكَرْت , وَهُوَ أَنْ يُجْعَل فِي كَانَ اسْم الْإِنْفَاق بِمَعْنَى : وَكَانَ إِنْفَاقهمْ مَا أَنْفَقُوا بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا : أَيْ عَدْلًا , وَالْآخَر أَنْ يُجْعَل بَيْن هُوَ الِاسْم , فَتَكُون وَإِنْ كَانَتْ فِي اللَّفْظَة نَصْبًا فِي مَعْنَى رَفْع , كَمَا يُقَال : كَانَ دُون هَذَا لَك كَافِيًا , يَعْنِي بِهِ : أَقَلّ مِنْ هَذَا كَانَ لَك كَافِيًا , فَكَذَلِكَ يَكُون فِي قَوْله : { وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَكَانَ الْوَسَط مِنْ ذَلِكَ قَوَامًا.
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر , فَيُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ , وَلَكِنَّهُمْ يُخْلِصُونَ لَهُ الْعِبَادَة وَيُفْرِدُونَهُ بِالطَّاعَةِ { وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه } قَتْلهَا { إِلَّا بِالْحَقِّ } إِمَّا بِكُفْرٍ بِاللَّهِ بَعْد إِسْلَامهَا , أَوْ زِنًا بَعْد إِحْصَانهَا , أَوْ قَتْل نَفْس , فَتُقْتَل بِهَا { وَلَا يَزْنُونَ } فَيَأْتُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ إِتْيَانه مِنَ الْفُرُوج { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } يَقُول : وَمَنْ يَأْتِ هَذِهِ الْأَفْعَال , فَدَعَا مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر , وَقَتَلَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه بِغَيْرِ الْحَقّ , وَزَنَى { يَلْقَ أَثَامًا } يَقُول : يَلْقَ مِنْ عِقَاب اللَّه عُقُوبَة وَنَكَالًا , كَمَا وَصَفَهُ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَهُوَ أَنَّهُ { يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } . وَمِنَ الْأَثَام قَوْل بَلْعَاء بْن قَيْس الْكِنَانِيّ : جَزَى اللَّه ابْن عُرْوَة حَيْثُ أَمْسَى عُقُوقًا وَالْعُقُوق لَهُ أَثَام يَعْنِي بِالْأَثَامِ : الْعِقَاب . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل قَوْم مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا الدُّخُول فِي الْإِسْلَام , مِمَّنْ كَانَ مِنْهُ فِي شِرْكه هَذِهِ الذُّنُوب , فَخَافُوا أَنْ لَا يَنْفَعهُمْ مَعَ مَا سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِسْلَام , فَاسْتَفْتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة , يُعْلِمهُمْ أَنَّ اللَّه قَابِل تَوْبَة مَنْ تَابَ مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20122 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : ثني يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس : أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل الشِّرْك قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا , فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ لَحَسَن , لَوْ تُخْبِرنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَة , فَنَزَلَتْ : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } وَنَزَلَتْ : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه } 39 53 إِلَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيكُمُ الْعَذَاب بَغْتَة وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } 39 55 . قَالَ ابْن جُرَيْج : وَقَالَ مُجَاهِد مِثْل قَوْل ابْن عَبَّاس سَوَاء . 20123 -حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : " أَنْ تَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك وَأَنْ تَقْتُل وَلَدك مِنْ أَجْل أَنْ يَأْكُل مَعَك , وَأَنْ تَزْنِي بِحَلِيلَةِ جَارك " , وَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَاب اللَّه : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان عَنِ الْأَعْمَش وَمَنْصُور , عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , أَيّ الذَّنْب أَعْظَم ؟ قَالَ : " أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك " , قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ : " أَنْ تَقْتُل وَلَدك خَشْيَة أَنْ يَأْكُل مَعَك " , قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ : " ثُمَّ أَنْ تُزَانِي حَلِيلَة جَارك " , فَأَنْزَلَ تَصْدِيق قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } ... " الْآيَة . * - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن قَادِم , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن نَصْر الْهَمْدَانِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * -حَدَّثَنِي عِيسَى بْن عُثْمَان بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثني عَمِّي يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَيّ الذَّنْب أَكْبَر ؟ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إِسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : ثنا عَامِر بْن مُدْرِك , قَالَ : ثنا السُّرِّيّ , يَعْنِي ابْن إِسْمَاعِيل قَالَ : ثنا الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات يَوْم , فَاتَّبَعْته , فَجَلَسَ عَلَى نَشَز مِنَ الْأَرْض , وَقَعَدْت أَسْفَل مِنْهُ , وَوَجْهِي حِيَال رُكْبَتَيْهِ , فَاغْتَنَمْت خَلْوَته , وَقُلْت : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُول اللَّه , أَيّ الذُّنُوب أَكْبَر ؟ قَالَ : " أَنْ تَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك " . قُلْت : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : " أَنْ تَقْتُل وَلَدك كَرَاهِيَة أَنْ يَطْعَم مَعَك " . قُلْت : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : " أَنْ تُزَانِي حَلِيلَة جَارك " , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر " إِلَى آخِر الْآيَة . 20124 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ حُدِّثْت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَل ابْن عَبَّاس عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ... 4 93 إِلَى آخِر الْآيَة , وَالْآيَة الَّتِي فِي الْفُرْقَان { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } إِلَى { وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } قَالَ ابْن عَبَّاس : إِذَا دَخَلَ الرَّجُل فِي الْإِسْلَام , وَعَلِمَ شَرَائِعه وَأَمْره , ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا , فَلَا تَوْبَة لَهُ . وَالَّتِي فِي الْفُرْقَان , لَمَّا أُنْزِلَتْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّة : فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ , وَقَتَلْنَا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه بِغَيْرِ الْحَقّ , فَمَا يَنْفَعنَا الْإِسْلَام ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ { إِلَّا مَنْ تَابَ } قَالَ : فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قُبِلَ مِنْهُ . * -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أَمَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , فَقَالَ : سَلِ ابْن عَبَّاس , عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , مَا أَمْرهمَا عَنْ الْآيَة الَّتِي فِي الْفُرْقَان { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه } الْآيَة , وَالَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } فَسَأَلْت ابْن عَبَّاس عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه الَّتِي فِي الْفُرْقَان , قَالَ مُشْرِكُو أَهْل مَكَّة : قَدْ قَتَلْنَا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر , فَقَالَ : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } الْآيَة . فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ . وَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } ... الْآيَة , فَإِنَّ الرَّجُل إِذَا عَرَفَ الْإِسْلَام , ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا , فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم , فَلَا تَوْبَة لَهُ . فَذَكَرْته لِمُجَاهِدٍ , فَقَالَ : إِلَّا مَنْ نَدِمَ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْف الطَّائِيّ , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن خَالِد الذُّهْنِيّ , قَالَ : ثنا شَيْبَان , عَنْ مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ لِي سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى : سَلِ ابْن عَبَّاس عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَنْ قَوْل اللَّه : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } ... إِلَى { مَنْ تَابَ } وَعَنْ قَوْله { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ... إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : فَسَأَلْت عَنْهَا ابْن عَبَّاس , فَقَالَ : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْفُرْقَان بِمَكَّة إِلَى قَوْله { وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : فَمَا يُغْنِي عَنَّا الْإِسْلَام , وَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ , وَقَتَلْنَا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِش , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَام وَعَقَلَهُ , ثُمَّ قَتَلَ , فَلَا تَوْبَة لَهُ . 20125 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ } ... الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْل الشِّرْك . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أَمَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى أَنْ أَسْأَل ابْن عَبَّاس عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } فَذَكَرَ نَحْوه . 20126 - حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن عُمَيْر , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن شُعَيْب بْن ثَوْبَان , مَوْلًى لِبَنِي الدِّيل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة , عَنْ فُلَيْح الشَّمَّاس , عَنْ عُبَيْد بْن أَبِي عُبَيْد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَتَمَة , ثُمَّ انْصَرَفْت فَإِذَا امْرَأَة عِنْد بَابِي , ثُمَّ سَلَّمَتْ , فَفَتَحْت وَدَخَلَتْ , فَبَيْنَا أَنَا فِي مَسْجِدِي أُصَلِّي , إِذْ نَقَرَتِ الْبَاب , فَأَذِنْت لَهَا , فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي جِئْتُك أَسْأَلك عَنْ عَمَل عَمِلْت , هَلْ لِي مِنْ تَوْبَة ؟ فَقَالَتْ : إِنِّي زَنَيْت وَوَلَدْت , فَقَتَلْته , فَقُلْت : لَا , وَلَا نَعِمَتْ الْعَيْن وَلَا كَرَامَة . فَقَامَتْ وَهِيَ تَدْعُو بِالْحَسْرَةِ تَقُول : يَا حَسْرَتَاهُ , أَخُلِقَ هَذَا الْحُسْن لِلنَّارِ ؟ قَالَ : ثُمَّ صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْح مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَة , ثُمَّ جَلَسْنَا نَنْتَظِر الْإِذْن عَلَيْهِ , فَأَذِنَ لَنَا , فَدَخَلْنَا , ثُمَّ خَرَجَ مَنْ كَانَ مَعِي , وَتَخَلَّفْت , فَقَالَ : " مَا لَك يَا أَبَا هُرَيْرَة , أَلَك حَاجَة ؟ " فَقُلْت لَهُ : يَا رَسُول اللَّه صَلَّيْت مَعَك الْبَارِحَة , ثُمَّ انْصَرَفْت . وَقَصَصْت عَلَيْهِ مَا قَالَتِ الْمَرْأَة , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا قُلْت لَهَا ؟ " قَالَ : قُلْت لَهَا : لَا وَاللَّه وَلَا نَعِمَتِ الْعَيْن وَلَا كَرَامَة , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بِئْسَ مَا قُلْت ! أَمَا كُنْت تَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ } ... الْآيَة { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة : فَخَرَجْت , فَلَمْ أَتْرُك بِالْمَدِينَةِ حِصْنًا وَلَا دَارًا إِلَّا وَقَفْت عَلَيْهِ , فَقُلْت : إِنْ تَكُنْ فِيكُمُ الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَتْ أَبَا هُرَيْرَة اللَّيْلَة , فَلْتَأْتِنِي وَلْتُبْشِرْ ; فَلَمَّا صَلَّيْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاء , فَإِذَا هِيَ عِنْد بَابِي , فَقُلْت : أَبْشِرِي , فَإِنِّي دَخَلْت عَلَى النَّبِيّ , فَذَكَرْت لَهُ مَا قُلْت لِي , وَمَا قُلْت لَك , فَقَالَ : " بِئْسَ مَا قُلْت لَهَا , أَمَا كُنْت تَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة ؟ " فَقَرَأْتهَا عَلَيْهَا , فَخَرَّتْ سَاجِدَة , فَقَالَتْ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مَخْرَجًا وَتَوْبَة مِمَّا عَمِلْت , إِنَّ هَذِهِ الْجَارِيَة وَابْنهَا حُرَّانِ لِوَجْهِ اللَّه , وَإِنِّي قَدْ تُبْت مِمَّا عَمِلْت . 20127 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَمْرو بْن مَالِك , عَنْ أَبِي الْجَوْزَاء , قَالَ : اخْتَلَفْت إِلَى ابْن عَبَّاس ثَلَاث عَشْرَة سَنَة , فَمَا شَيْء مِنَ الْقُرْآن إِلَّا سَأَلْته عَنْهُ , وَرَسُولِي يَخْتَلِف إِلَى عَائِشَة , فَمَا سَمِعْته وَلَا سَمِعْت أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاء يَقُول : إِنَّ اللَّه يَقُول لِذَنْبٍ : لَا أَغْفِرهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة بِالَّتِي فِي النِّسَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20128 - حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن الْحَرَّانِيّ , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , عَنْ خَارِجَة بْن زَيْد أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ وَعِنْده رَجُل مِنْ أَهْل الْعِرَاق , وَهُوَ يَسْأَلهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي تَبَارَكَ الْفُرْقَان , وَالَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } 4 93 فَقَالَ زَيْد بْن ثَابِت : قَدْ عَرَفْت النَّاسِخَة مِنْ الْمَنْسُوخَة , نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي النِّسَاء بَعْدهَا بِسِتَّةِ أَشْهُر . 20129 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم : هَذِهِ السُّورَة بَيْنهَا وَبَيْن النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ثَمَان حِجَج . وَقَالَ ابْن جُرَيْج : وَأَخْبَرَنِي الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيد بْن جُبَيْر : هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا تَوْبَة ؟ فَقَالَ : لَا , فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة كُلّهَا , فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : قَرَأْتهَا عَلَى ابْن عَبَّاس كَمَا قَرَأْتهَا عَلَيَّ , فَقَالَ : هَذِهِ مَكِّيَّة , نَسَخَتْهَا آيَة مَدَنِيَّة , الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء . وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَان عَنْ الصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْأَثَام مِنْ الْقَوْل , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا : ذَلِكَ عِقَاب يُعَاقِب اللَّه بِهِ مَنْ أَتَى هَذِهِ الْكَبَائِر بِوَادٍ فِي جَهَنَّم يُدْعَى أَثَامًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20130 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يُحَدِّث , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَزْدِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : الْأَثَام : وَادٍ فِي جَهَنَّم . 20131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { يَلْقَ أَثَامًا } قَالَ : وَادِيًا فِي جَهَنَّم . 20132 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } قَالَ : وَادِيًا فِي جَهَنَّم فِيهِ الزُّنَاة . 20133 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن زِيَاد , قَالَ : ثنا شَرْقِيّ بْن قَطَامِيّ , عَنْ لُقْمَان بْن عَامِر الْخُزَاعِيّ , قَالَ : جِئْت أَبَا أُمَامَة صُدَيّ بْن عَجْلَان الْبَاهِلِيّ , فَقُلْت : حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَدَعَا لِي بِطَعَامٍ , ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ أَنَّ صَخْرَة زِنَة عَشْر عَشْرَاوَات قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِير جَهَنَّم مَا بَلَغَتْ قَعْرهَا خَمْسِينَ خَرِيفًا , ثُمَّ تَنْتَهِي إِلَى غَيّ وَأَثَام " . قُلْت : وَمَا غَيّ وَأَثَام ؟ قَالَ : بِئْرَانِ فِي أَسْفَل جَهَنَّم يَسِيل فِيهِمَا صَدِيد أَهْل النَّار , وَهُمَا اللَّذَانِ ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه { أَضَاعُوا الصَّلَاة وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَات فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } 19 59 وَقَوْله فِي الْفُرْقَان : { وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } . 20134 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَلْقَ أَثَامًا } قَالَ : الْأَثَام الشَّرّ , وَقَالَ : سَيَكْفِيك مَا وَرَاء ذَلِكَ : { يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } . 20135 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { يَلْقَ أَثَامًا } قَالَ : نَكَالًا ; قَالَ : قَالَ : إِنَّهُ وَادٍ فِي جَهَنَّم . 20136 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْن أَبِي مَرْيَم قَالَ : سَمِعْت أَبَا أُمَامَة الْبَاهِلِيّ يَقُول : إِنَّ مَا بَيْن شَفِير جَهَنَّم إِلَى قَعْرهَا مَسِيرَة سَبْعِينَ خَرِيفًا بِحَجَرٍ يَهْوِي فِيهَا أَوْ بِصَخْرَةٍ تَهْوِي , عِظَمهَا كَعَشْرِ عَشْرَاوَات سِمَان , فَقَالَ لَهُ رَجُل : فَهَلْ تَحْت ذَلِكَ مِنْ شَيْء ؟ قَالَ : نَعَمْ غَيّ وَأَثَام .
قَوْله : { يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة } . اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى عَاصِم { يُضَاعَف } جَزْمًا { وَيَخْلُد } جَزْمًا . وَقَرَأَهُ عَاصِم : { يُضَاعَف } رَفْعًا { وَيَخْلُد } رَفْعًا كِلَاهُمَا عَلَى الِابْتِدَاء , وَأَنَّ الْكَلَام عِنْده قَدْ تَنَاهَى عِنْد : { يَلْقَ أَثَامًا } ثُمَّ ابْتَدَأَ قَوْله : { يُضَاعَف لَهُ الْعَذَاب } . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة عِنْدنَا فِيهِ : جَزْم الْحَرْفَيْنِ كِلَيْهِمَا : يُضَاعَف , وَيَخْلُد , وَذَلِكَ أَنَّهُ تَفْسِير لِلْأَثَامِ لَا فِعْل لَهُ , وَلَوْ كَانَ فِعْلًا لَهُ كَانَ الْوَجْه فِيهِ الرَّفْع , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْء نَاره تَجِد خَيْر نَار عِنْدهَا خَيْر مُوقِد فَرَفَعَ تَعْشُو ; لِأَنَّهُ فِعْل لِقَوْلِهِ تَأْتِهِ , مَعْنَاهُ : مَتَى تَأْتِهِ عَاشِيًا .
وَقَوْله : { وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } وَيَبْقَى فِيهِ إِلَى مَا لَا نِهَايَة فِي هَوَان .
وَقَوْله : { وَيَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } وَيَبْقَى فِيهِ إِلَى مَا لَا نِهَايَة فِي هَوَان .
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ↓
وَقَوْله : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يَفْعَل هَذِهِ الْأَفْعَال الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَلْقَ أَثَامًا { إِلَّا مَنْ تَابَ } يَقُول : إِلَّا مَنْ رَاجَعَ طَاعَة اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِتَرْكِهِ ذَلِكَ , وَإِنَابَته إِلَى مَا يَرْضَاهُ اللَّه { وَآمَنَ } يَقُول : وَصَدَّقَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد نَبِيّ اللَّه { وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } يَقُول : وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه مِنَ الْأَعْمَال , وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ .
قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه بِقَبَائِح أَعْمَالهمْ فِي الشِّرْك , مَحَاسِن الْأَعْمَال فِي الْإِسْلَام , فَيُبَدِّلهُ بِالْكُفْرِ إِيمَانًا , وَبِقِيلِ أَهْل الشِّرْك بِاللَّهِ قِيلَ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَبِالزِّنَا عِفَّة وَإِحْصَانًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20137 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : هُمُ الْمُؤْمِنُونَ كَانُوا قَبْل إِيمَانهمْ عَلَى السَّيِّئَات , فَرَغِبَ اللَّه بِهِمْ عَنْ ذَلِكَ , فَحَوَّلَهُمْ إِلَى الْحَسَنَات , وَأَبْدَلَهُمْ مَكَان السَّيِّئَات حَسَنَات . 20138 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هُمُ الَّذِينَ يَتُوبُونَ فَيَعْمَلُونَ بِالطَّاعَةِ , فَيُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات حِين يَتُوبُونَ . 20139 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ سَعِيد , قَالَ : نَزَلَتْ { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , فِي وَحْشِيّ وَأَصْحَابه , قَالُوا : كَيْفَ لَنَا بِالتَّوْبَةِ , وَقَدْ عَبَدْنَا الْأَوْثَان , وَقَتَلْنَا الْمُؤْمِنِينَ , وَنَكَحْنَا الْمُشْرِكَات , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا , فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } فَأَبْدَلَهُمْ اللَّه بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان عِبَادَة اللَّه , وَأَبْدَلَهُمْ بِقِتَالِهِمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ , قِتَالًا مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِلْمُشْرِكِينَ , وَأَبْدَلَهُمْ بِنِكَاحِ الْمُشْرِكَات نِكَاح الْمُؤْمِنَات . 20140 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : بِالشِّرْكِ إِيمَانًا , وَبِالْقَتْلِ إِمْسَاكًا , وَبِالزِّنَا إِحْصَانًا . 20141 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } وَهَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة نَزَلَتْ بِمَكَّة { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } يَعْنِي : الشِّرْك , وَالْقَتْل , وَالزِّنَا جَمِيعًا . لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّة : يَزْعُم مُحَمَّد أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ وَقَتَلَ وَزَنَى فَلَهُ النَّار , وَلَيْسَ لَهُ عِنْد اللَّه خَيْر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِلَّا مَنْ تَابَ } مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة , { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } يَقُول : يُبَدِّل اللَّه مَكَان الشِّرْك وَالْقَتْل وَالزِّنَا : الْإِيمَان بِاللَّهِ , وَالدُّخُول فِي الْإِسْلَام , وَهُوَ التَّبْدِيل فِي الدُّنْيَا . وَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } 39 53 يَعْنِيهِمْ بِذَلِكَ { لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا } يَعْنِي مَا كَانَ فِي الشِّرْك يَقُول اللَّه لَهُمْ : أَنِيبُوا إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ , يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام , فَهَاتَانِ الْآيَتَانِ مَكِّيَّتَانِ , وَالَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ... 4 93 الْآيَة , هَذِهِ مَدَنِيَّة , نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ , وَبَيْنهَا وَبَيْن الَّتِي نَزَلَتْ فِي الْفُرْقَان ثَمَان سِنِينَ , وَهِيَ مُبْهَمَة لَيْسَ مِنْهَا مَخْرَج . 20142 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَنْ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } فَقَالَ : بُدِّلْنَ بَعْد حَرّه خَرِيفًا وَبَعْد طُول النَّفَس الْوَجِيفَا 20143 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } ... إِلَى قَوْله { يَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : وَلَا وَاللَّه مَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَعَ مُحَمَّد إِلَّا مَعَنَا , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ } . قَالَ : تَابَ مِنَ الشِّرْك , قَالَ : وَآمَنَ بِعِقَابِ اللَّه وَرَسُوله { وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } قَالَ : صَدَّقَ , { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : يُبَدِّل اللَّه أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة الَّتِي كَانَتْ فِي الشِّرْك بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة حِين دَخَلُوا فِي الْإِيمَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ , فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَات لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20144 -حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا قُرَيْش بْن أَنَس أَبُو أَنَس , قَالَ : ثني صَالِح بْن رُسْتُم , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : تَصِير سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة . 20145 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حَازِم أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمَعْرُور بْن سُوَيْد , عَنْ أَبِي ذَرّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَعْرِف آخِر أَهْل النَّار خُرُوجًا مِنَ النَّار , وَآخِر أَهْل النَّار دُخُولًا الْجَنَّة , قَالَ : يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْم الْقِيَامَة , فَيُقَال : نَحُّوا كِبَار ذُنُوبه وَسَلُوهُ عَنْ صِغَارهَا , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : عَمِلْت كَذَا وَكَذَا , وَعَمِلْت كَذَا وَكَذَا , قَالَ : فَيَقُول : يَا رَبّ لَقَدْ عَمِلْت أَشْيَاء مَا أَرَاهَا هَا هُنَا , قَالَ : فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذه , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : لَك مَكَان كُلّ سَيِّئَة حَسَنَة " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ : أَعْمَالهمْ فِي الشِّرْك , حَسَنَات فِي الْإِسْلَام , بِنَقْلِهِمْ عَمَّا يَسْخَطهُ اللَّه مِنَ الْأَعْمَال إِلَى مَا يَرْضَى . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة ; لِأَنَّ الْأَعْمَال السَّيِّئَة قَدْ كَانَتْ مَضَتْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْقُبْح , وَغَيْر جَائِز تَحْوِيل عَيْن قَدْ مَضَتْ بِصِفَةٍ , إِلَى خِلَاف مَا كَانَتْ عَلَيْهِ , إِلَّا بِتَغْيِيرِهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتهَا فِي حَال أُخْرَى , فَيَجِب إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , أَنْ يَصِير شِرْك الْكَافِر الَّذِي كَانَ شِرْكًا فِي الْكُفْر بِعَيْنِهِ إِيمَانًا يَوْم الْقِيَامَة بِالْإِسْلَامِ وَمَعَاصِيه كُلّهَا بِأَعْيَانِهَا طَاعَة , وَذَلِكَ مَا لَا يَقُولهُ ذُو حِجًّا.
وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه ذَا عَفْو عَنْ ذُنُوب مَنْ تَابَ مِنْ عِبَاده , وَرَاجَعَ طَاعَته , وَذَا رَحْمَة بِهِ أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى ذُنُوبه بَعْد تَوْبَته مِنْهَا .
قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه بِقَبَائِح أَعْمَالهمْ فِي الشِّرْك , مَحَاسِن الْأَعْمَال فِي الْإِسْلَام , فَيُبَدِّلهُ بِالْكُفْرِ إِيمَانًا , وَبِقِيلِ أَهْل الشِّرْك بِاللَّهِ قِيلَ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَبِالزِّنَا عِفَّة وَإِحْصَانًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20137 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : هُمُ الْمُؤْمِنُونَ كَانُوا قَبْل إِيمَانهمْ عَلَى السَّيِّئَات , فَرَغِبَ اللَّه بِهِمْ عَنْ ذَلِكَ , فَحَوَّلَهُمْ إِلَى الْحَسَنَات , وَأَبْدَلَهُمْ مَكَان السَّيِّئَات حَسَنَات . 20138 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هُمُ الَّذِينَ يَتُوبُونَ فَيَعْمَلُونَ بِالطَّاعَةِ , فَيُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات حِين يَتُوبُونَ . 20139 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ سَعِيد , قَالَ : نَزَلَتْ { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , فِي وَحْشِيّ وَأَصْحَابه , قَالُوا : كَيْفَ لَنَا بِالتَّوْبَةِ , وَقَدْ عَبَدْنَا الْأَوْثَان , وَقَتَلْنَا الْمُؤْمِنِينَ , وَنَكَحْنَا الْمُشْرِكَات , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا , فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } فَأَبْدَلَهُمْ اللَّه بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان عِبَادَة اللَّه , وَأَبْدَلَهُمْ بِقِتَالِهِمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ , قِتَالًا مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِلْمُشْرِكِينَ , وَأَبْدَلَهُمْ بِنِكَاحِ الْمُشْرِكَات نِكَاح الْمُؤْمِنَات . 20140 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : بِالشِّرْكِ إِيمَانًا , وَبِالْقَتْلِ إِمْسَاكًا , وَبِالزِّنَا إِحْصَانًا . 20141 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } وَهَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة نَزَلَتْ بِمَكَّة { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } يَعْنِي : الشِّرْك , وَالْقَتْل , وَالزِّنَا جَمِيعًا . لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّة : يَزْعُم مُحَمَّد أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ وَقَتَلَ وَزَنَى فَلَهُ النَّار , وَلَيْسَ لَهُ عِنْد اللَّه خَيْر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِلَّا مَنْ تَابَ } مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة , { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } يَقُول : يُبَدِّل اللَّه مَكَان الشِّرْك وَالْقَتْل وَالزِّنَا : الْإِيمَان بِاللَّهِ , وَالدُّخُول فِي الْإِسْلَام , وَهُوَ التَّبْدِيل فِي الدُّنْيَا . وَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } 39 53 يَعْنِيهِمْ بِذَلِكَ { لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا } يَعْنِي مَا كَانَ فِي الشِّرْك يَقُول اللَّه لَهُمْ : أَنِيبُوا إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ , يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام , فَهَاتَانِ الْآيَتَانِ مَكِّيَّتَانِ , وَالَّتِي فِي النِّسَاء { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } ... 4 93 الْآيَة , هَذِهِ مَدَنِيَّة , نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ , وَبَيْنهَا وَبَيْن الَّتِي نَزَلَتْ فِي الْفُرْقَان ثَمَان سِنِينَ , وَهِيَ مُبْهَمَة لَيْسَ مِنْهَا مَخْرَج . 20142 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَنْ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } فَقَالَ : بُدِّلْنَ بَعْد حَرّه خَرِيفًا وَبَعْد طُول النَّفَس الْوَجِيفَا 20143 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } ... إِلَى قَوْله { يَخْلُد فِيهِ مُهَانًا } فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : وَلَا وَاللَّه مَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَعَ مُحَمَّد إِلَّا مَعَنَا , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ } . قَالَ : تَابَ مِنَ الشِّرْك , قَالَ : وَآمَنَ بِعِقَابِ اللَّه وَرَسُوله { وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } قَالَ : صَدَّقَ , { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : يُبَدِّل اللَّه أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة الَّتِي كَانَتْ فِي الشِّرْك بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة حِين دَخَلُوا فِي الْإِيمَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ , فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَات لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20144 -حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا قُرَيْش بْن أَنَس أَبُو أَنَس , قَالَ : ثني صَالِح بْن رُسْتُم , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات } قَالَ : تَصِير سَيِّئَاتهمْ حَسَنَات لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة . 20145 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حَازِم أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمَعْرُور بْن سُوَيْد , عَنْ أَبِي ذَرّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَعْرِف آخِر أَهْل النَّار خُرُوجًا مِنَ النَّار , وَآخِر أَهْل النَّار دُخُولًا الْجَنَّة , قَالَ : يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْم الْقِيَامَة , فَيُقَال : نَحُّوا كِبَار ذُنُوبه وَسَلُوهُ عَنْ صِغَارهَا , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : عَمِلْت كَذَا وَكَذَا , وَعَمِلْت كَذَا وَكَذَا , قَالَ : فَيَقُول : يَا رَبّ لَقَدْ عَمِلْت أَشْيَاء مَا أَرَاهَا هَا هُنَا , قَالَ : فَضَحِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذه , قَالَ : فَيُقَال لَهُ : لَك مَكَان كُلّ سَيِّئَة حَسَنَة " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ : أَعْمَالهمْ فِي الشِّرْك , حَسَنَات فِي الْإِسْلَام , بِنَقْلِهِمْ عَمَّا يَسْخَطهُ اللَّه مِنَ الْأَعْمَال إِلَى مَا يَرْضَى . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة ; لِأَنَّ الْأَعْمَال السَّيِّئَة قَدْ كَانَتْ مَضَتْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْقُبْح , وَغَيْر جَائِز تَحْوِيل عَيْن قَدْ مَضَتْ بِصِفَةٍ , إِلَى خِلَاف مَا كَانَتْ عَلَيْهِ , إِلَّا بِتَغْيِيرِهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتهَا فِي حَال أُخْرَى , فَيَجِب إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , أَنْ يَصِير شِرْك الْكَافِر الَّذِي كَانَ شِرْكًا فِي الْكُفْر بِعَيْنِهِ إِيمَانًا يَوْم الْقِيَامَة بِالْإِسْلَامِ وَمَعَاصِيه كُلّهَا بِأَعْيَانِهَا طَاعَة , وَذَلِكَ مَا لَا يَقُولهُ ذُو حِجًّا.
وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ اللَّه ذَا عَفْو عَنْ ذُنُوب مَنْ تَابَ مِنْ عِبَاده , وَرَاجَعَ طَاعَته , وَذَا رَحْمَة بِهِ أَنْ يُعَاقِبهُ عَلَى ذُنُوبه بَعْد تَوْبَته مِنْهَا .
قَوْله : { وَمَنْ تَابَ } يَقُول : وَمَنْ تَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , فَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُوله { وَعَمِلَ صَالِحًا } يَقُول : وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه فَأَطَاعَهُ , فَإِنَّ اللَّه فَاعِل بِهِ مِنْ إِبْدَاله سَيِّئ أَعْمَاله فِي الشِّرْك , بِحَسَنِهَا فِي الْإِسْلَام , مِثْل الَّذِي فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ , بِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا قَبْل نُزُول هَذِهِ الْآيَة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20146 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى اللَّه مَتَابًا } قَالَ : هَذَا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا لَمَّا أُنْزِلَتْ { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } ... إِلَى قَوْله { وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } لِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا كَانَ هَؤُلَاءِ إِلَّا مَعَنَا , قَالَ : { وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا } فَإِنَّ لَهُمْ مِثْل مَا لِهَؤُلَاءِ { فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى اللَّه مَتَابًا } لَمْ تَخْطُر التَّوْبَة عَلَيْكُمْ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الزُّور الَّذِي وَصَفَ اللَّه هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ الشِّرْك بِاللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20147 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { لَا يَشْهَدُونَ الزُّور } قَالَ : الشِّرْك . 20148 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ , قَالَ : وَالزُّور قَوْلهمْ لِآلِهَتِهِمْ , وَتَعْظِيمهمْ إِيَّاهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ الْغِنَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20149 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى الْمُحَارِبِيّ قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مَرْوَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور } قَالَ : لَا يَسْمَعُونَ الْغِنَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ قَوْل الْكَذِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20150 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور } قَالَ : الْكَذِب . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الزُّور تَحْسِين الشَّيْء , وَوَصْفه بِخِلَافِ صِفَته , حَتَّى يُخَيَّل إِلَى مَنْ يَسْمَعهُ أَوْ يَرَاهُ , أَنَّهُ خِلَاف مَا هُوَ بِهِ , وَالشِّرْك قَدْ يَدْخُل فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مُحْسِن لِأَهْلِهِ , حَتَّى قَدْ ظَنُّوا أَنَّهُ حَقّ , وَهُوَ بَاطِل , وَيَدْخُل فِيهِ الْغِنَاء ; لِأَنَّهُ أَيْضًا مِمَّا يُحْسِنهُ تَرْجِيع الصَّوْت , حَتَّى يَسْتَحْلِي سَامِعه سَمَاعه , وَالْكَذِب أَيْضًا قَدْ يَدْخُل فِيهِ , لِتَحْسِينِ صَاحِبه إِيَّاهُ , حَتَّى يَظُنّ صَاحِبه أَنَّهُ حَقّ , فَكُلّ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُل فِي مَعْنَى الزُّور . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيله أَنْ يُقَال : وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ شَيْئًا مِنَ الْبَاطِل , لَا شِرْكًا , وَلَا غِنَاء , وَلَا كَذِبًا وَلَا غَيْره , وَكُلّ مَا لَزِمَهُ اسْم الزُّور ; لِأَنَّ اللَّه عَمَّ فِي وَصْفه إِيَّاهُمْ , أَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَصّ مِنْ ذَلِكَ شَيْء إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , مِنْ خَبَر أَوْ عَقْل .
وَقَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى اللَّغْو الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ , وَيُكَلِّمُونَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَذَى . وَمُرُورهمْ بِهِ كِرَامًا : إِعْرَاضهمْ عَنْهُمْ وَصَفْحهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20151 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : صَفَحُوا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : إِذَا أُوذُوا مَرُّوا كِرَامًا , قَالَ : صَفَحُوا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَإِذَا مَرُّوا بِذِكْرِ النِّكَاح , كَفُّوا عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20152 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : إِذَا ذَكَرُوا النِّكَاح كَفُّوا عَنْهُ . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْأَشْيَب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : كَانُوا إِذَا أَتَوْا عَلَى ذِكْر النِّكَاح كَفُّوا عَنْهُ . 20153 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِي مَخْزُوم , عَنْ سَيَّار : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } إِذَا مَرُّوا بِالرَّفَثِ كَفُّوا . وَقَالَ آخَرُونَ : إِذَا مَرُّوا بِمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ فِيهِ مِنْ الْبَاطِل مَرُّوا مُنْكِرِينَ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20154 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ , وَاللَّغْو مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَاطِل , يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ وَقَرَأَ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان } 22 30 وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِاللَّغْوِ هَا هُنَا : الْمَعَاصِي كُلّهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20155 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : اللَّغْو كُلّه : الْمَعَاصِي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي , أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا , وَاللَّغْو فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ كُلّ كَلَام أَوْ فِعْل بَاطِل لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَا أَصْل , أَوْ مَا يُسْتَقْبَح ; فَسَبّ الْإِنْسَان الْإِنْسَان بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ مِنَ اللَّغْو . وَذِكْر النِّكَاح بِصَرِيحِ اسْمه مِمَّا يُسْتَقْبَح فِي بَعْض الْأَمَاكِن , فَهُوَ مِنَ اللَّغْو , وَكَذَلِكَ تَعْظِيم الْمُشْرِكِينَ آلِهَتهمْ مِنَ الْبَاطِل الَّذِي لَا حَقِيقَة لِمَا عَظَّمُوهُ عَلَى نَحْو مَا عَظَّمُوهُ , وَسَمَاع الْغِنَاء مِمَّا هُوَ مُسْتَقْبَح فِي أَهْل الدِّين , فَكُلّ ذَلِكَ يَدْخُل فِي مَعْنَى اللَّغْو , فَلَا وَجْه إِذْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ يَلْزَمهُ اسْم اللَّغْو , أَنْ يُقَال : عُنِيَ بِهِ بَعْض ذَلِكَ دُون بَعْض , إِذْ لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ ذَلِكَ دَلَالَة مِنْ خَبَر أَوْ عَقْل . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَإِذَا مَرُّوا بِالْبَاطِلِ فَسَمِعُوهُ أَوْ رَأَوْهُ , مَرُّوا كِرَامًا ; مُرُورهمْ كِرَامًا فِي بَعْض ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَسْمَعُوهُ , وَذَلِكَ كَالْغِنَاءِ . وَفِي بَعْض ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ وَيَصْفَحُوا , وَذَلِكَ إِذَا أُوذُوا بِإِسْمَاعِ الْقَبِيح مِنَ الْقَوْل . وَفِي بَعْضه بِأَنْ يَنْهَوْا عَنْ ذَلِكَ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا مِنَ الْمُنْكَر مَا يُغَيَّر بِالْقَوْلِ فَيُغَيِّرُوهُ بِالْقَوْلِ . وَفِي بَعْضه بِأَنْ يُضَارِبُوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا قَوْمًا يَقْطَعُونَ الطَّرِيق عَلَى قَوْم , فَيَسْتَصْرِخهُمُ الْمُرَاد ذَلِكَ مِنْهُمْ , فَيُصْرِخُونَهُمْ , وَكُلّ ذَلِكَ مُرُورهمْ كِرَامًا . وَقَدْ : 20156 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة , قَالَ : مَرَّ ابْن مَسْعُود بِلَهْوٍ مُسْرِعًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ أَصْبَحَ ابْن مَسْعُود لَكَرِيمًا " . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20157 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَقُول : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : هِيَ مَكِّيَّة , وَإِنَّمَا عَنَى السُّدِّيّ بِقَوْلِهِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّه , أَنَّ اللَّه نَسَخَ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 وَأَمَرَهُمْ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ الَّذِي هُوَ شِرْك , أَنْ يُقَاتِلُوا أُمَرَاءَهُ , وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ , الَّذِي هُوَ مَعْصِيَة لِلَّهِ أَنْ يُغَيِّرُوهُ , وَلَمْ يَكُونُوا أُمِرُوا بِذَلِكَ بِمَكَّة , وَهَذَا الْقَوْل نَظِير تَأْوِيلنَا الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ فِي ذَلِكَ .
وَقَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى اللَّغْو الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ , وَيُكَلِّمُونَهُمْ بِهِ مِنَ الْأَذَى . وَمُرُورهمْ بِهِ كِرَامًا : إِعْرَاضهمْ عَنْهُمْ وَصَفْحهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20151 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : صَفَحُوا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : إِذَا أُوذُوا مَرُّوا كِرَامًا , قَالَ : صَفَحُوا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَإِذَا مَرُّوا بِذِكْرِ النِّكَاح , كَفُّوا عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20152 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : إِذَا ذَكَرُوا النِّكَاح كَفُّوا عَنْهُ . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْأَشْيَب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : كَانُوا إِذَا أَتَوْا عَلَى ذِكْر النِّكَاح كَفُّوا عَنْهُ . 20153 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِي مَخْزُوم , عَنْ سَيَّار : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } إِذَا مَرُّوا بِالرَّفَثِ كَفُّوا . وَقَالَ آخَرُونَ : إِذَا مَرُّوا بِمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ فِيهِ مِنْ الْبَاطِل مَرُّوا مُنْكِرِينَ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20154 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ , وَاللَّغْو مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَاطِل , يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ وَقَرَأَ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان } 22 30 وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِاللَّغْوِ هَا هُنَا : الْمَعَاصِي كُلّهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20155 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : اللَّغْو كُلّه : الْمَعَاصِي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي , أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا , وَاللَّغْو فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ كُلّ كَلَام أَوْ فِعْل بَاطِل لَا حَقِيقَة لَهُ وَلَا أَصْل , أَوْ مَا يُسْتَقْبَح ; فَسَبّ الْإِنْسَان الْإِنْسَان بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَا حَقِيقَة لَهُ مِنَ اللَّغْو . وَذِكْر النِّكَاح بِصَرِيحِ اسْمه مِمَّا يُسْتَقْبَح فِي بَعْض الْأَمَاكِن , فَهُوَ مِنَ اللَّغْو , وَكَذَلِكَ تَعْظِيم الْمُشْرِكِينَ آلِهَتهمْ مِنَ الْبَاطِل الَّذِي لَا حَقِيقَة لِمَا عَظَّمُوهُ عَلَى نَحْو مَا عَظَّمُوهُ , وَسَمَاع الْغِنَاء مِمَّا هُوَ مُسْتَقْبَح فِي أَهْل الدِّين , فَكُلّ ذَلِكَ يَدْخُل فِي مَعْنَى اللَّغْو , فَلَا وَجْه إِذْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ يَلْزَمهُ اسْم اللَّغْو , أَنْ يُقَال : عُنِيَ بِهِ بَعْض ذَلِكَ دُون بَعْض , إِذْ لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ ذَلِكَ دَلَالَة مِنْ خَبَر أَوْ عَقْل . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَإِذَا مَرُّوا بِالْبَاطِلِ فَسَمِعُوهُ أَوْ رَأَوْهُ , مَرُّوا كِرَامًا ; مُرُورهمْ كِرَامًا فِي بَعْض ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَسْمَعُوهُ , وَذَلِكَ كَالْغِنَاءِ . وَفِي بَعْض ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ وَيَصْفَحُوا , وَذَلِكَ إِذَا أُوذُوا بِإِسْمَاعِ الْقَبِيح مِنَ الْقَوْل . وَفِي بَعْضه بِأَنْ يَنْهَوْا عَنْ ذَلِكَ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا مِنَ الْمُنْكَر مَا يُغَيَّر بِالْقَوْلِ فَيُغَيِّرُوهُ بِالْقَوْلِ . وَفِي بَعْضه بِأَنْ يُضَارِبُوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ , وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَوْا قَوْمًا يَقْطَعُونَ الطَّرِيق عَلَى قَوْم , فَيَسْتَصْرِخهُمُ الْمُرَاد ذَلِكَ مِنْهُمْ , فَيُصْرِخُونَهُمْ , وَكُلّ ذَلِكَ مُرُورهمْ كِرَامًا . وَقَدْ : 20156 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة , قَالَ : مَرَّ ابْن مَسْعُود بِلَهْوٍ مُسْرِعًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ أَصْبَحَ ابْن مَسْعُود لَكَرِيمًا " . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20157 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَقُول : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قَالَ : هِيَ مَكِّيَّة , وَإِنَّمَا عَنَى السُّدِّيّ بِقَوْلِهِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّه , أَنَّ اللَّه نَسَخَ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 وَأَمَرَهُمْ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ الَّذِي هُوَ شِرْك , أَنْ يُقَاتِلُوا أُمَرَاءَهُ , وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ , الَّذِي هُوَ مَعْصِيَة لِلَّهِ أَنْ يُغَيِّرُوهُ , وَلَمْ يَكُونُوا أُمِرُوا بِذَلِكَ بِمَكَّة , وَهَذَا الْقَوْل نَظِير تَأْوِيلنَا الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ فِي ذَلِكَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ إِذَا ذَكَّرَهُمْ مُذَكِّر بِحُجَجِ اللَّه , لَمْ يَكُونُوا صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ , وَعُمْيًا لَا يُبْصِرُونَهَا . وَلَكِنَّهُمْ يِقَاظ الْقُلُوب , فُهَمَاء الْعُقُول , يَفْهَمُونَ عَنِ اللَّه مَا يُذَكِّرهُمْ بِهِ , وَيَفْهَمُونَ عَنْهُ مَا يُنَبِّههُمْ عَلَيْهِ , فَيُوَعُّونَ مَوَاعِظه آذَانًا سَمِعَتْهُ , وَقُلُوبًا وَعَتْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20158 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } فَلَا يَسْمَعُونَ , وَلَا يُبْصِرُونَ , وَلَا يَفْقَهُونَ حَقًّا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } قَالَ : لَا يَفْقَهُونَ , وَلَا يَسْمَعُونَ , وَلَا يُبْصِرُونَ . 20159 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنِ ابْن عَوْن , قَالَ : قُلْت لِلشَّعْبِيِّ : رَأَيْت قَوْمًا قَدْ سَجَدُوا , وَلَمْ أَعْلَم مَا سَجَدُوا مِنْهُ , أَسْجُد ؟ قَالَ : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } . 20160 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لَهُمْ , لَمْ يَدَعُوهَا إِلَى غَيْرهَا , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } ... 8 2 الْآيَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا مَعْنَى قَوْله { يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } أَوَيَخِرُّ الْكَافِرُونَ صُمًّا وَعُمْيَانًا إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ اللَّه , فَيَنْفِي عَنْ هَؤُلَاءِ مَا هُوَ صِفَة لِلْكُفَّارِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ , الْكَافِر إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِ آيَات اللَّه خَرَّ عَلَيْهَا أَصَمّ وَأَعْمَى , وَخَرّه عَلَيْهَا كَذَلِكَ , إِقَامَته عَلَى الْكُفْر , وَذَلِكَ نَظِير قَوْل الْعَرَب : سَبَبْت فُلَانًا , فَقَامَ يَبْكِي , بِمَعْنَى فَظَلَّ يَبْكِي , وَلَا قِيَام هُنَالِكَ , وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُون بَكَى قَاعِدًا ; وَكَمَا يُقَال : نَهَيْت فُلَانًا عَنْ كَذَا , فَقَعَدَ يَشْتُمنِي ; وَمَعْنَى ذَلِكَ : فَجَعَلَ يَشْتُمنِي , وَظَلَّ يَشْتُمنِي , وَلَا قُعُود هُنَالِكَ , وَلَكِنْ ذَلِكَ قَدْ جَرَى عَلَى أَلْسُن الْعَرَب , حَتَّى قَدْ فَهِمُوا مَعْنَاهُ . وَذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَب تَقُول : قَعَدَ يَشْتُمنِي , كَقَوْلِك : قَامَ يَشْتُمنِي , وَأَقْبَلَ يَشْتُمنِي ; قَالَ : وَأَنْشَدَ بَعْض بَنِي عَامِر : لَا يُقْنِع الْجَارِيَة الْخِضَاب وَلَا الْوِشَاحَانِ وَلَا الْجِلْبَاب مِنْ دُون أَنْ تَلْتَقِي الْأَرْكَاب وَيَقْعُد الْأَيْر لَهُ لُعَاب بِمَعْنَى : يَصِير , فَكَذَلِكَ قَوْله : { لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : لَمْ يَصَمُّوا عَنْهَا , وَلَا عَمُوا عَنْهَا , وَلَمْ يَصِيرُوا عَلَى بَاب رَبّهمْ صُمًّا وَعُمْيَانًا , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : وَيَقْعُد الْهَن لَهُ لُعَاب بِمَعْنَى : وَيَصِير .
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ يَرْغَبُونَ إِلَى اللَّه فِي دُعَائِهِمْ وَمَسْأَلَتهمْ بِأَنْ يَقُولُوا : { رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا } مَا تَقَرّ بِهِ أَعْيُننَا مِنْ أَنْ تُرِينَاهُمْ يَعْمَلُونَ بِطَاعَتِك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20161 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } يَعْنُونَ : مَنْ يَعْمَل لَك بِالطَّاعَةِ , فَتَقَرّ بِهِمْ أَعْيُننَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . 20162 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا حَزْم , قَالَ : سَمِعْت كَثِيرًا سَأَلَ الْحَسَن , قَالَ : يَا أَبَا سَعِيد , قَوْل اللَّه { هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , قَالَ : لَا بَلْ فِي الدُّنْيَا , قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : الْمُؤْمِن يَرَى زَوْجَته وَوَلَده يُطِيعُونَ اللَّه . * - حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا سَالِم بْن قُتَيْبَة , قَالَ : ثنا حَزْم , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن فَذَكَرَ نَحْوه . 20163 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَرَأَ حَضْرَمِيّ : { رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : وَإِنَّمَا قُرَّة أَعْيُنهمْ أَنْ يَرَوْهُمْ يَعْمَلُونَ بِطَاعَةِ اللَّه . 20164 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنِ ابْن جُرَيْج فِيمَا قَرَأْنَا عَلَيْهِ فِي قَوْله : { هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : يَعْبُدُونَك فَيُحْسِنُونَ عِبَادَتك , وَلَا يَجُرُّونَ الْجَرَائِر . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : يَعْبُدُونَك يُحْسِنُونَ عِبَادَتك , وَلَا يَجُرُّونَ عَلَيْنَا الْجَرَائِر . 20165 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } قَالَ : يَسْأَلُونَ اللَّه لِأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتهمْ أَنْ يَهْدِيهِمْ لِلْإِسْلَامِ . 20166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ صَفْوَان بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد , فَقَالَ : لَقَدْ بُعِثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَدّ حَالَة بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيّ مِنَ الْأَنْبِيَاء فِي فَتْرَة وَجَاهِلِيَّة , مَا يَرَوْنَ دِينًا أَفْضَل مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان , فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بِهِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل , وَفَرَّقَ بَيْن الْوَالِد وَوَلَده , حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُل لَيَرَى وَلَده وَوَالِده وَأَخَاهُ كَافِرًا وَقَدْ فَتَحَ اللَّه قُفْل قَلْبه بِالْإِسْلَامِ , فَيَعْلَم أَنَّهُ إِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّار , فَلَا تَقَرّ عَيْنه , وَهُوَ يَعْلَم أَنَّ حَبِيبه فِي النَّار , وَإِنَّهَا لَلَّتِي قَالَ اللَّه : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن } ... الْآيَة . * - حَدَّثَنِي ابْن عَوْن , قَالَ : ثني عَلِيّ بْن الْحَسَن الْعَسْقَلَانِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ صَفْوَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْمِقْدَاد , نَحْوه . وَقِيلَ : هَبْ لَنَا قُرَّة أَعْيُن , وَقَدْ ذَكَرَ الْأَزْوَاج وَالذُّرِّيَّات وَهُمْ جَمْع , وَقَوْله : { قُرَّة أَعْيُن } وَاحِدَة ; لِأَنَّ قَوْله : قُرَّة أَعْيُن مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : قَرَّتْ عَيْنك قَرَّة , وَالْمَصْدَر لَا تَكَاد الْعَرَب تَجْمَعهُ .
وَقَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اجْعَلْنَا أَئِمَّة يَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20167 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثني عَوْن بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا بِشْر بْن عُمَارَة عَنْ أَبِي رَوْق , عَنِ الضَّحَّاك , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } يَقُول : أَئِمَّة يُقْتَدَى بِنَا . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } أَئِمَّة التَّقْوَى وَلِأَهْلِهِ يُقْتَدَى بِنَا . قَالَ ابْن زَيْد : كَمَا قَالَ لِإِبْرَاهِيم : { إِنِّي جَاعِلك لِلنَّاسِ إِمَامًا } . 2 124 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا : نَأْتَمّ بِهِمْ , وَيَأْتَمّ بِنَا مَنْ بَعْدنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20168 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } أَئِمَّة نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلنَا , وَنَكُون أَئِمَّة لِمَنْ بَعْدنَا . 20169 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } قَالَ : اجْعَلْنَا مُؤْتَمِّينَ بِهِمْ , مُقْتَدِينَ بِهِمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ مَعَاصِيك , وَيَخَافُونَ عِقَابك إِمَامًا يَأْتَمُّونَ بِنَا فِي الْخَيْرَات ; لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا رَبّهمْ أَنْ يَجْعَلهُمْ لِلْمُتَّقِينَ أَئِمَّة , وَلَمْ يَسْأَلُوهُ أَنْ يَجْعَل الْمُتَّقِينَ لَهُمْ إِمَامًا , وَقَالَ { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } وَلَمْ يَقُلْ أَئِمَّة . وَقَدْ قَالُوا : وَاجْعَلْنَا وَهُمْ جَمَاعَة ; لِأَنَّ الْإِمَام مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : أَمَّ فُلَان فُلَانًا إِمَامًا , كَمَا يُقَال : قَامَ فُلَان قِيَامًا , وَصَامَ يَوْم كَذَا صِيَامًا . وَمَنْ جَمَعَ الْإِمَام أَئِمَّة , جَعَلَ الْإِمَام اسْمًا , كَمَا يُقَال : أَصْحَاب مُحَمَّد إِمَام , وَأَئِمَّة لِلنَّاسِ . فَمَنْ وَحَّدَ قَالَ : يَأْتَمّ بِهِمْ النَّاس . وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة : الْإِمَام فِي قَوْله : { لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } جَمَاعَة , كَمَا تَقُول : كُلّهمْ عُدُول . قَالَ : وَيَكُون عَلَى الْحِكَايَة , كَمَا يَقُول الْقَائِل - إِذَا قِيلَ لَهُ : مَنْ أَمِيركُمْ - : هَؤُلَاءِ أَمِيرنَا , وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : يَا عَاذِلَاتِي لَا تُرِدْنَ مَلَامَتِي إِنَّ الْعَوَاذِل لَسْنَ لِي بِأَمِيرٍ
وَقَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اجْعَلْنَا أَئِمَّة يَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20167 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثني عَوْن بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا بِشْر بْن عُمَارَة عَنْ أَبِي رَوْق , عَنِ الضَّحَّاك , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } يَقُول : أَئِمَّة يُقْتَدَى بِنَا . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } أَئِمَّة التَّقْوَى وَلِأَهْلِهِ يُقْتَدَى بِنَا . قَالَ ابْن زَيْد : كَمَا قَالَ لِإِبْرَاهِيم : { إِنِّي جَاعِلك لِلنَّاسِ إِمَامًا } . 2 124 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا : نَأْتَمّ بِهِمْ , وَيَأْتَمّ بِنَا مَنْ بَعْدنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20168 - حَدَّثَنِي ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } أَئِمَّة نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلنَا , وَنَكُون أَئِمَّة لِمَنْ بَعْدنَا . 20169 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } قَالَ : اجْعَلْنَا مُؤْتَمِّينَ بِهِمْ , مُقْتَدِينَ بِهِمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ مَعَاصِيك , وَيَخَافُونَ عِقَابك إِمَامًا يَأْتَمُّونَ بِنَا فِي الْخَيْرَات ; لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا رَبّهمْ أَنْ يَجْعَلهُمْ لِلْمُتَّقِينَ أَئِمَّة , وَلَمْ يَسْأَلُوهُ أَنْ يَجْعَل الْمُتَّقِينَ لَهُمْ إِمَامًا , وَقَالَ { وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } وَلَمْ يَقُلْ أَئِمَّة . وَقَدْ قَالُوا : وَاجْعَلْنَا وَهُمْ جَمَاعَة ; لِأَنَّ الْإِمَام مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : أَمَّ فُلَان فُلَانًا إِمَامًا , كَمَا يُقَال : قَامَ فُلَان قِيَامًا , وَصَامَ يَوْم كَذَا صِيَامًا . وَمَنْ جَمَعَ الْإِمَام أَئِمَّة , جَعَلَ الْإِمَام اسْمًا , كَمَا يُقَال : أَصْحَاب مُحَمَّد إِمَام , وَأَئِمَّة لِلنَّاسِ . فَمَنْ وَحَّدَ قَالَ : يَأْتَمّ بِهِمْ النَّاس . وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة : الْإِمَام فِي قَوْله : { لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } جَمَاعَة , كَمَا تَقُول : كُلّهمْ عُدُول . قَالَ : وَيَكُون عَلَى الْحِكَايَة , كَمَا يَقُول الْقَائِل - إِذَا قِيلَ لَهُ : مَنْ أَمِيركُمْ - : هَؤُلَاءِ أَمِيرنَا , وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : يَا عَاذِلَاتِي لَا تُرِدْنَ مَلَامَتِي إِنَّ الْعَوَاذِل لَسْنَ لِي بِأَمِيرٍ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَة بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّة وَسَلَامًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ مِنْ عِبَادِي , وَذَلِكَ مِنْ ابْتِدَاء قَوْله : { وَعِبَاد الرَّحْمَن الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا } . إِلَى قَوْله : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا } ... الْآيَة { يُجْزَوْنَ } يَقُول : يُثَابُونَ عَلَى أَفْعَالهمْ هَذِهِ الَّتِي فَعَلُوهَا فِي الدُّنْيَا { الْغُرْفَة } وَهِيَ مَنْزِلَة مِنْ مَنَازِل الْجَنَّة رَفِيعَة { بِمَا صَبَرُوا } يَقُول : بِصَبْرِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَال , وَمُقَاسَاة شِدَّتهَا . وَقَوْله : { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّة وَسَلَامًا } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { وَيُلَقَّوْنَ } مَضْمُومَة الْيَاء , مُشَدَّدَة الْقَاف , بِمَعْنَى : وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَة فِيهَا بِالتَّحِيَّةِ , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " وَيَلْقَوْنَ " بِفَتْحِ الْيَاء , وَتَخْفِيف الْقَاف . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنَّ أَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأ بِهَا " وَيَلْقَوْنَ فِيهَا " بِفَتْحِ الْيَاء , وَتَخْفِيف الْقَاف ; لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا قَالَتْ ذَلِكَ بِالتَّشْدِيدِ , قَالَتْ : فُلَان يُتَلَقَّى بِالسَّلَامِ وَبِالْخَيْرِ , وَنَحْنُ نَتَلَقَّاهُمْ بِالسَّلَامِ , قَرَنْته بِالْيَاءِ , وَقَلَّمَا تَقُول : فُلَان يُلَقَّى السَّلَام , فَكَانَ وَجْه الْكَلَام , لَوْ كَانَ بِالتَّشْدِيدِ , أَنْ يُقَال : وَيُتَلَقَّوْنَ فِيهَا بِالتَّحِيَّةِ وَالسَّلَام . وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقِرَاءَة بِذَلِكَ , كَمَا تُجِيز : أَخَذْت بِالْخِطَامِ , وَأَخَذْت الْخِطَام . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى التَّحِيَّة وَالسَّلَام فِيمَا مَضَى قَبْل , فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَة بِمَا صَبَرُوا , خَالِدِينَ فِي الْغُرْفَة , يَعْنِي أَنَّهُمْ مَاكِثُونَ فِيهَا , لَابِثُونَ إِلَى غَيْر أَمَد , حَسُنَتْ تِلْكَ الْغُرْفَة قَرَارًا لَهُمْ وَمُقَامًا . يَقُول : وَإِقَامَة .
وَقَوْله : { قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُرْسِلْت إِلَيْهِمْ : أَيّ شَيْء يَعِدكُمْ , وَأَيّ شَيْء يَصْنَع بِكُمْ رَبِّي ؟ يُقَال مِنْهُ : عَبَأْت بِهِ أَعْبَأ عَبْئًا , وَعَبَأْت الطِّيب أَعْبَؤُهُ : إِذَا هَيَّأْته , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَأَنَّ بِنَحْرِهِ وَبِمَنْكِبَيْهِ عَبِيرًا بَاتَ يَعْبَؤُهُ عَرُوس يَقُول : يُهَيِّئهُ وَيَعْمَلهُ يَعْبَؤُهُ عَبْئًا وَعُبُوءًا , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : عَبَّأْت الْجَيْش بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف فَأَنَا أُعَبِّئهُ : أُهَيِّئهُ . وَالْعِبْء : الثِّقَل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20170 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي } يَصْنَع لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ . 20171 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي } قَالَ : يَعْبَأ : يَفْعَل .
وَقَوْله : { لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } يَقُول : لَوْلَا عِبَادَة مَنْ يَعْبُدهُ مِنْكُمْ , وَطَاعَة مَنْ يُطِيعهُ مِنْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20172 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } يَقُول : لَوْلَا إِيمَانكُمْ , وَأَخْبَرَ اللَّه الْكُفَّار أَنَّهُ لَا حَاجَة لَهُ بِهِمْ إِذْ لَمْ يَخْلُقهُمْ مُؤْمِنِينَ , وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِمْ حَاجَة لَحَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَان كَمَا حَبَّبَهُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ . 20173 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } قَالَ : لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُ لِتَعْبُدُوهُ وَتُطِيعُوهُ .
وَقَوْله { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُشْرِكِي قُرَيْش قَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم رَسُولكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَخَالَفْتُمْ أَمْر رَبّكُمْ الَّذِي أَمَرَ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ لَوْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ , كَانَ يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي , فَسَوْفَ يَكُون تَكْذِيبكُمْ رَسُول رَبّكُمْ , وَخِلَافكُمْ أَمْر بَارِئِكُمْ , عَذَابًا لَكُمْ مُلَازِمًا , قَتْلًا بِالسُّيُوفِ وَهَلَاكًا لَكُمْ مُفْنِيًا يَلْحَق بَعْضكُمْ بَعْضًا , كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذَلِيّ : فَفَاجَأَهُ بِعَادِيَةٍ لِزَام كَمَا يَتَفَجَّر الْحَوْض اللَّقِيف يَعْنِي بِاللِّزَامِ : الْكَبِير الَّذِي يَتْبَع بَعْضه بَعْضًا , وَبِاللَّقِيفِ : الْمُتَسَاقِط الْحِجَارَة الْمُتَهَدِّم , فَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ , وَصَدَقَهُمْ وَعْده , وَقَتَلَهُمْ يَوْم بَدْر بِأَيْدِي أَوْلِيَائِهِ , وَأَلْحَقَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَكَانَ ذَلِكَ الْعَذَاب اللِّزَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِشَقِيقِ بْن ثَوْر أَنَّهُ سَمِعَ سَلْمَان أَبَا عَبْد اللَّه , قَالَ : صَلَّيْت مَعَ ابْن الزُّبَيْر فَسَمِعْته يَقْرَأ : فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ . 20175 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَدْهَم السَّدُوسِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَجِيد , قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن عَمَّار , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقْرَأ هَذَا الْحَرْف : فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } . * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } يَقُول : كَذَّبَ الْكَافِرُونَ أَعْدَاء اللَّه . 20176 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ لِزَامًا يَوْم بَدْر . 20177 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق . قَالَ : قَالَ عَبْد الرَّحْمَن : خَمْس قَدْ مَضَيْنَ : الدُّخَان , وَاللِّزَام , وَالْبَطْشَة , وَالْقَمَر , وَالرُّوم . 20178 - حَدَّثَنِي الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب : هُوَ الْقَتْل يَوْم بَدْر . 20179 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : اللِّزَام : يَوْم بَدْر . 20180 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : هُوَ يَوْم بَدْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : يَوْم بَدْر . * -حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : اللِّزَام , الْقَتْل يَوْم بَدْر . 20181 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } الْكُفَّار كَذَّبُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا , وَهُوَ يَوْم بَدْر . 20182 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : قَدْ مَضَى اللِّزَام , كَانَ اللِّزَام يَوْم بَدْر , أَسَرُوا سَبْعِينَ , وَقَتَلُوا سَبْعِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى اللِّزَام : الْقِتَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20183 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : فَسَوْفَ يَكُون قِتَالًا ; اللِّزَام : الْقِتَال . وَقَالَ آخَرُونَ : اللِّزَام : الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20184 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : مَوْتًا . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب : مَعْنَى ذَلِكَ : فَسَوْفَ يَكُون جَزَاء يَلْزَم كُلّ عَامِل مَا عَمِلَ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ . وَلِلنَّصْبِ فِي اللِّزَام وَجْه آخَر غَيْر الَّذِي قُلْنَاهُ , وَهُوَ أَنْ يَكُون فِي قَوْله { يَكُون } مَجْهُول , ثُمَّ يُنْصَب اللِّزَام عَلَى الْخَبَر كَمَا قِيلَ : إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنهمْ وَقِتَالًا وَقَدْ كَانَ بَعْض مَنْ لَا عِلْم لَهُ بِأَقْوَالِ أَهْل الْعِلْم يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ : قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنَى لِلتَّشَاغُلِ بِهِ ; لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال أَهْل الْعِلْم مِنْ أَهْل التَّأْوِيل .
وَقَوْله : { لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } يَقُول : لَوْلَا عِبَادَة مَنْ يَعْبُدهُ مِنْكُمْ , وَطَاعَة مَنْ يُطِيعهُ مِنْكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20172 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } يَقُول : لَوْلَا إِيمَانكُمْ , وَأَخْبَرَ اللَّه الْكُفَّار أَنَّهُ لَا حَاجَة لَهُ بِهِمْ إِذْ لَمْ يَخْلُقهُمْ مُؤْمِنِينَ , وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِمْ حَاجَة لَحَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَان كَمَا حَبَّبَهُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ . 20173 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ } قَالَ : لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُ لِتَعْبُدُوهُ وَتُطِيعُوهُ .
وَقَوْله { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُشْرِكِي قُرَيْش قَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم رَسُولكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ وَخَالَفْتُمْ أَمْر رَبّكُمْ الَّذِي أَمَرَ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ لَوْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ , كَانَ يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي , فَسَوْفَ يَكُون تَكْذِيبكُمْ رَسُول رَبّكُمْ , وَخِلَافكُمْ أَمْر بَارِئِكُمْ , عَذَابًا لَكُمْ مُلَازِمًا , قَتْلًا بِالسُّيُوفِ وَهَلَاكًا لَكُمْ مُفْنِيًا يَلْحَق بَعْضكُمْ بَعْضًا , كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذَلِيّ : فَفَاجَأَهُ بِعَادِيَةٍ لِزَام كَمَا يَتَفَجَّر الْحَوْض اللَّقِيف يَعْنِي بِاللِّزَامِ : الْكَبِير الَّذِي يَتْبَع بَعْضه بَعْضًا , وَبِاللَّقِيفِ : الْمُتَسَاقِط الْحِجَارَة الْمُتَهَدِّم , فَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ بِهِمْ , وَصَدَقَهُمْ وَعْده , وَقَتَلَهُمْ يَوْم بَدْر بِأَيْدِي أَوْلِيَائِهِ , وَأَلْحَقَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَكَانَ ذَلِكَ الْعَذَاب اللِّزَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِشَقِيقِ بْن ثَوْر أَنَّهُ سَمِعَ سَلْمَان أَبَا عَبْد اللَّه , قَالَ : صَلَّيْت مَعَ ابْن الزُّبَيْر فَسَمِعْته يَقْرَأ : فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ . 20175 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَدْهَم السَّدُوسِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَجِيد , قَالَ : سَمِعْت مُسْلِم بْن عَمَّار , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقْرَأ هَذَا الْحَرْف : فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } . * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } يَقُول : كَذَّبَ الْكَافِرُونَ أَعْدَاء اللَّه . 20176 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ لِزَامًا يَوْم بَدْر . 20177 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق . قَالَ : قَالَ عَبْد الرَّحْمَن : خَمْس قَدْ مَضَيْنَ : الدُّخَان , وَاللِّزَام , وَالْبَطْشَة , وَالْقَمَر , وَالرُّوم . 20178 - حَدَّثَنِي الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب : هُوَ الْقَتْل يَوْم بَدْر . 20179 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : اللِّزَام : يَوْم بَدْر . 20180 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : هُوَ يَوْم بَدْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : يَوْم بَدْر . * -حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : اللِّزَام , الْقَتْل يَوْم بَدْر . 20181 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } الْكُفَّار كَذَّبُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا , وَهُوَ يَوْم بَدْر . 20182 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : قَدْ مَضَى اللِّزَام , كَانَ اللِّزَام يَوْم بَدْر , أَسَرُوا سَبْعِينَ , وَقَتَلُوا سَبْعِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى اللِّزَام : الْقِتَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20183 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : فَسَوْفَ يَكُون قِتَالًا ; اللِّزَام : الْقِتَال . وَقَالَ آخَرُونَ : اللِّزَام : الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20184 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا } قَالَ : مَوْتًا . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب : مَعْنَى ذَلِكَ : فَسَوْفَ يَكُون جَزَاء يَلْزَم كُلّ عَامِل مَا عَمِلَ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ . وَلِلنَّصْبِ فِي اللِّزَام وَجْه آخَر غَيْر الَّذِي قُلْنَاهُ , وَهُوَ أَنْ يَكُون فِي قَوْله { يَكُون } مَجْهُول , ثُمَّ يُنْصَب اللِّزَام عَلَى الْخَبَر كَمَا قِيلَ : إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنهمْ وَقِتَالًا وَقَدْ كَانَ بَعْض مَنْ لَا عِلْم لَهُ بِأَقْوَالِ أَهْل الْعِلْم يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ : قُلْ مَا يَعْبَأ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنَى لِلتَّشَاغُلِ بِهِ ; لِخُرُوجِهِ عَنْ أَقْوَال أَهْل الْعِلْم مِنْ أَهْل التَّأْوِيل .