الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قُرَيْش لَمَّا جَاءَهُمُ الْقُرْآن مِنْ عِنْد اللَّه : هَذَا سِحْر , فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَهَلَّا نُزِّلَ عَلَى رَجُل عَظِيم مِنْ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْقَرْيَتَيْنِ مَكَّة أَوْ الطَّائِف . وَاخْتُلِفَ فِي الرَّجُل الَّذِي وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ عَظِيم , فَقَالُوا : هَلَّا نَزَلَ عَلَيْهِ هَذَا الْقُرْآن , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَلَّا نَزَلَ عَلَى الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ مِنْ أَهْل مَكَّة , أَوْ حَبِيب بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الثَّقَفِيّ مِنْ أَهْل الطَّائِف ؟ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23837 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } قَالَ : يَعْنِي بِالْعَظِيمِ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْقُرَشِيّ , أَوْ حَبِيب بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الثَّقَفِيّ , وَبِالْقَرْيَتَيْنِ : مَكَّة وَالطَّائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ عُتْبَة بْن رَبِيعَة مِنْ أَهْل مَكَّة , وَابْن عَبْد يَالِيل , مِنْ أَهْل الطَّائِف. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } قَالَ عُتْبَة بْن رَبِيعَة مِنْ أَهْل مَكَّة , وَابْن عَبْد يَالِيل الثَّقَفِيّ مِنْ الطَّائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ مِنْ أَهْل مَكَّة : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَمِنْ أَهْل الطَّائِف : ابْن مَسْعُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23839 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } قَالَ : الرَّجُل : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : لَوْ كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًّا أُنْزِلَ عَلَى هَذَا , أَوْ عَلَى ابْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ , وَالْقَرْيَتَانِ : الطَّائِف وَمَكَّة , وَابْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ مِنْ الطَّائِف اسْمه عُرْوَة بْن مَسْعُود. 23840 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } وَالْقَرْيَتَانِ : مَكَّة وَالطَّائِف ; قَالَ : قَدْ قَالَ ذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْش , قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فَخِذ مِنْ قُرَيْش إِلَّا قَدْ ادَّعَتْهُ , وَقَالُوا : هُوَ مِنَّا , فَكُنَّا نُحَدِّث أَنَّ الرَّجُلَيْنِ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَعُرْوَة الثَّقَفِيّ أَبُو مَسْعُود , يَقُولُونَ : هَلَّا كَانَ أُنْزِلَ عَلَى أَحَد هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ. 23841 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } قَالَ : كَانَ أَحَد الْعَظِيمَيْنِ عُرْوَة بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ , كَانَ عَظِيم أَهْل الطَّائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ مِنْ أَهْل مَكَّة : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَمِنْ أَهْل الطَّائِف : كِنَانَة بْن عَبْد بْن عَمْرو . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23842 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } قَالَ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْقُرَشِيّ , وَكِنَانَة بْن عَبْد بْن عَمْرو بْن عُمَيْر , عَظِيم أَهْل الطَّائِف . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } إِذْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُون بَعْض هَؤُلَاءِ , وَلَمْ يَضَع اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا الدَّلَالَة عَلَى الَّذِينَ عُنُوا مِنْهُمْ فِي كِتَابه , وَلَا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالِاخْتِلَاف فِيهِ مَوْجُود عَلَى مَا بَيَّنْت .
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ↓
وَقَوْله : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَهَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ : لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم يَا مُحَمَّد , يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك بَيْن خَلْقه , فَيَجْعَلُونَ كَرَامَته لِمَنْ شَاءُوا , وَفَضْله لِمَنْ أَرَادُوا , أَمْ اللَّه الَّذِي يَقْسِم ذَلِكَ , فَيُعْطِيه مَنْ أَحَبَّ , وَيَحْرُمهُ مَنْ شَاءَ ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23843 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا رَسُولًا , أَنْكَرَتِ الْعَرَب ذَلِكَ , وَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ , فَقَالُوا : اللَّه أَعْظَم مِنْ أَنْ يَكُون رَسُوله بَشَرًا مِثْل مُحَمَّد , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُل مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِر النَّاس } 10 2 وَقَالَ { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْر } 16 43 يَعْنِي : أَهْل الْكُتُب الْمَاضِيَة , أَبَشَرًا كَانَتْ الرُّسُل الَّتِي أَتَتْكُمْ أَمْ مَلَائِكَة ؟ فَإِنْ كَانُوا مَلَائِكَة أَتَتْكُمْ , وَإِنْ كَانُوا بَشَرًا فَلَا تُنْكِرُونَ أَنْ يَكُون مُحَمَّد رَسُولًا : قَالَ : ثُمَّ قَالَ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى } 12 109 أَيْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل السَّمَاء كَمَا قُلْتُمْ ; قَالَ : فَلَمَّا كَرَّرَ اللَّه عَلَيْهِمُ الْحُجَج قَالُوا , وَإِذَا كَانَ بَشَرًا فَغَيْر مُحَمَّد كَانَ أَحَقّ بِالرِّسَالَةِ ف { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم } يَقُولُونَ : أَشْرَف مِنْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَعْنُونَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ , وَكَانَ يُسَمَّى رَيْحَانَة قُرَيْش , هَذَا مِنْ مَكَّة , وَمَسْعُود بْن عَمْرو بْن عُبَيْد اللَّه الثَّقَفِيّ مِنْ أَهْل الطَّائِف , قَالَ : يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رَدًّا عَلَيْهِمْ { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك } أَنَا أَفْعَل مَا شِئْت .
وَقَوْله : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بَلْ نَحْنُ نَقْسِم رَحْمَتنَا وَكَرَامَتنَا بَيْن مَنْ شِئْنَا مِنْ خَلْقنَا , فَنَجْعَل مَنْ شِئْنَا رَسُولًا , وَمَنْ أَرَدْنَا صِدِّيقًا , وَنَتَّخِذ مَنْ أَرَدْنَا خَلِيلًا , كَمَا قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ الَّتِي يَعِيشُونَ بِهَا فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا مِنَ الْأَرْزَاق وَالْأَقْوَات , فَجَعَلْنَا بَعْضهمْ فِيهَا أَرْفَع مِنْ بَعْض دَرَجَة , بَلْ جَعَلْنَا هَذَا غَنِيًّا , وَهَذَا فَقِيرًا , وَهَذَا مَلِكًا , وَهَذَا مَمْلُوكًا { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23844 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَتَلْقَاهُ ضَعِيف الْحِيلَة , عَيِيّ اللِّسَان , وَهُوَ مَبْسُوط لَهُ فِي الرِّزْق , وَتَلْقَاهُ شَدِيد الْحِيلَة , سَلِيط اللِّسَان , وَهُوَ مَقْتُور عَلَيْهِ , قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } كَمَا قَسَّمَ بَيْنهمْ صُوَرهمْ وَأَخْلَاقهمْ تَبَارَكَ رَبّنَا وَتَعَالَى .
وَقَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } يَقُول : لِيَسْتَسْخِر هَذَا هَذَا فِي خِدْمَته إِيَّاهُ , وَفِي عَوْد هَذَا عَلَى هَذَا بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ فَضْل , يَقُول : جَعَلَ تَعَالَى ذِكْره بَعْضًا لِبَعْضٍ سَبَبًا فِي الْمَعَاش فِي الدُّنْيَا . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } قَالَ : يَسْتَخْدِم بَعْضهمْ بَعْضًا فِي السُّخْرَة . 23846 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } قَالَ : هُمْ بَنُو آدَم جَمِيعًا , قَالَ : وَهَذَا عَبْد هَذَا , وَرَفَعَ هَذَا عَلَى هَذَا دَرَجَة , فَهُوَ يُسَخِّرهُ بِالْعَمَلِ , يَسْتَعْمِلهُ بِهِ , كَمَا يُقَال : سَخَّرَ فُلَان فُلَانًا . وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : لِيَمْلِكَ بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23847 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } يَعْنِي بِذَلِكَ : الْعَبِيد وَالْخَدَم سُخِّرَ لَهُمْ . 23848 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } مِلْكَة .
وَقَوْله : { وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَحْمَة رَبّك يَا مُحَمَّد بِإِدْخَالِهِمُ الْجَنَّة خَيْر لَهُمْ مِمَّا يَجْمَعُونَ مِنَ الْأَمْوَال فِي الدُّنْيَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَعْنِي الْجَنَّة . 23849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَرَحْمَة رَبّك } يَقُول : الْجَنَّة خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ فِي الدُّنْيَا .
وَقَوْله : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بَلْ نَحْنُ نَقْسِم رَحْمَتنَا وَكَرَامَتنَا بَيْن مَنْ شِئْنَا مِنْ خَلْقنَا , فَنَجْعَل مَنْ شِئْنَا رَسُولًا , وَمَنْ أَرَدْنَا صِدِّيقًا , وَنَتَّخِذ مَنْ أَرَدْنَا خَلِيلًا , كَمَا قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ الَّتِي يَعِيشُونَ بِهَا فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا مِنَ الْأَرْزَاق وَالْأَقْوَات , فَجَعَلْنَا بَعْضهمْ فِيهَا أَرْفَع مِنْ بَعْض دَرَجَة , بَلْ جَعَلْنَا هَذَا غَنِيًّا , وَهَذَا فَقِيرًا , وَهَذَا مَلِكًا , وَهَذَا مَمْلُوكًا { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23844 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَتَلْقَاهُ ضَعِيف الْحِيلَة , عَيِيّ اللِّسَان , وَهُوَ مَبْسُوط لَهُ فِي الرِّزْق , وَتَلْقَاهُ شَدِيد الْحِيلَة , سَلِيط اللِّسَان , وَهُوَ مَقْتُور عَلَيْهِ , قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنهمْ مَعِيشَتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } كَمَا قَسَّمَ بَيْنهمْ صُوَرهمْ وَأَخْلَاقهمْ تَبَارَكَ رَبّنَا وَتَعَالَى .
وَقَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } يَقُول : لِيَسْتَسْخِر هَذَا هَذَا فِي خِدْمَته إِيَّاهُ , وَفِي عَوْد هَذَا عَلَى هَذَا بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ فَضْل , يَقُول : جَعَلَ تَعَالَى ذِكْره بَعْضًا لِبَعْضٍ سَبَبًا فِي الْمَعَاش فِي الدُّنْيَا . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } قَالَ : يَسْتَخْدِم بَعْضهمْ بَعْضًا فِي السُّخْرَة . 23846 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } قَالَ : هُمْ بَنُو آدَم جَمِيعًا , قَالَ : وَهَذَا عَبْد هَذَا , وَرَفَعَ هَذَا عَلَى هَذَا دَرَجَة , فَهُوَ يُسَخِّرهُ بِالْعَمَلِ , يَسْتَعْمِلهُ بِهِ , كَمَا يُقَال : سَخَّرَ فُلَان فُلَانًا . وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : لِيَمْلِكَ بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23847 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } يَعْنِي بِذَلِكَ : الْعَبِيد وَالْخَدَم سُخِّرَ لَهُمْ . 23848 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِيَتَّخِذ بَعْضهمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا } مِلْكَة .
وَقَوْله : { وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَحْمَة رَبّك يَا مُحَمَّد بِإِدْخَالِهِمُ الْجَنَّة خَيْر لَهُمْ مِمَّا يَجْمَعُونَ مِنَ الْأَمْوَال فِي الدُّنْيَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : * -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَرَحْمَة رَبّك خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَعْنِي الْجَنَّة . 23849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَرَحْمَة رَبّك } يَقُول : الْجَنَّة خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ فِي الدُّنْيَا .
وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة } : جَمَاعَة وَاحِدَة . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يُؤْمِن اجْتِمَاعهمْ عَلَيْهِ , لَوْ فَعَلَ مَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , وَمَا بِهِ لَمْ يَفْعَلهُ مِنْ أَجْله , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ اجْتِمَاعهمْ عَلَى الْكُفْر , وَقَالَ : مَعْنَى الْكَلَام : وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة عَلَى الْكُفْر , فَيَصِير جَمِيعهمْ كُفَّارًا { جَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 23850 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول اللَّه سُبْحَانه : لَوْلَا أَنْ أَجْعَل النَّاس كُلّهمْ كُفَّارًا , لَجَعَلْت لِلْكُفَّارِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة . 23851 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا هَوْذَة بْن خَلِيفَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : لَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس كُفَّارًا أَجْمَعُونَ , يَمِيلُونَ إِلَى الدُّنْيَا , لَجَعَلَ اللَّه تَبَارَك وَتَعَالَى الَّذِي قَالَ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّه لَقَدْ مَالَتْ الدُّنْيَا بِأَكْثَر أَهْلهَا , وَمَا فَعَلَ ذَلِكَ , فَكَيْفَ لَوْ فَعَلَهُ. 23852 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } : أَيْ كُفَّارًا كُلّهمْ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : لَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس كُفَّارًا. 23853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ. ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول : كُفَّارًا عَلَى دِين وَاحِد . وَقَالَ آخَرُونَ : اجْتِمَاعهمْ عَلَى طَلَب الدُّنْيَا وَتَرْك طَلَب الْآخِرَة . وَقَالَ : مَعْنَى الْكَلَام : وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة عَلَى طَلَب الدُّنْيَا وَرَفْض الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23854 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَا : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُون النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : لَوْلَا أَنْ يَخْتَار النَّاس دُنْيَاهُمْ عَلَى دِينهمْ , لَجَعَلْنَا هَذَا لِأَهْلِ الْكُفْر .
وَقَوْله : { لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ فِي الدُّنْيَا سُقُفًا , يَعْنِي أَعَالِي بُيُوتهمْ , وَهِيَ السُّطُوح فِضَّة كَمَا : 23855 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة } السَّقْف : أَعْلَى الْبُيُوت . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي تَكْرِير اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { لِمَنْ يَكْفُر } وَفِي قَوْله : { لِبُيُوتِهِمْ } , فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَزْعُم أَنَّهَا أُدْخِلَتْ فِي الْبُيُوت عَلَى الْبَدَل , وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : إِنْ شِئْت حَمَلْتهَا فِي { لِبُيُوتِهِمْ } مُكَرَّرَة , كَمَا فِي { يَسْأَلُونَك عَنِ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } 2 217 وَإِنْ شِئْت جَعَلْت اللَّامَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ , كَأَنَّ الثَّانِيَة فِي مَعْنَى عَلَى , كَأَنَّهُ قَالَ : جَعَلْنَا لَهُمْ عَلَى بُيُوتهمْ سُقُفًا . قَالَ : وَتَقُول الْعَرَب لِلرَّجُلِ فِي وَجْهه : جَعَلْت لَك لِقَوْمِك الْأَعْطِيَة : أَيْ جَعَلْته مِنْ أَجْلك لَهُمْ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " سُقُفًا " فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّة الْبَصْرِيِّينَ { سُقُفًا } بِفَتْحِ السِّين وَسُكُون الْقَاف اعْتِبَارًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقهمْ } 16 26 وَتَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ بِلَفْظٍ وَاحِد مَعْنَاهُ الْجَمْع , وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { سُقُفًا } بِضَمِّ السِّين وَالْقَاف , وَوَجَّهُوهَا إِلَى أَنَّهَا جَمْع سَقِيفَة أَوْ سُقُوف , وَإِذَا وُجِّهَتْ إِلَى أَنَّهَا جَمْع سُقُوف كَانَتْ جَمْع الْجَمْع , لِأَنَّ السُّقُوف : جَمْع سَقْف , ثُمَّ تُجْمَع السُّقُوف سُقُفًا , فَيَكُون ذَلِكَ نَظِير قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ " فَرُهُنٌ مَقْبُوضَة " بِضَمِّ الرَّاء وَالْهَاء , وَهِيَ الْجَمْع , وَاحِدهَا رِهَان وَرُهُون , وَوَاحِد الرُّهُون وَالرِّهَان : رَهْن , وَكَذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " كُلُوا مِنْ ثَمَره " بِضَمِّ الثَّاء وَالْمِيم , وَنَظِير قَوْل الرَّاجِز : حَتَّى إِذَا ابْتَلَّتْ حَلَاقِيم الْحُلُق وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ السُّقُف بِضَمِّ السِّين وَالْقَاف جَمْع سَقْف , وَالرُّهُن بِضَمِّ الرَّاء وَالْهَاء جَمْع رَهْن , فَأَغْفَلَ وَجْه الصَّوَاب فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب اسْم عَلَى تَقْدِير فَعْل بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْعَيْن مَجْمُوعًا عَلَى فِعْل , فَيُجْعَل السُّقُف وَالرَّهْنُ مِثْله . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب.
وَقَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } يَقُول : وَمَرَاقِي وَدَرَجًا عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ , فَيَظْهَرُونَ عَلَى السَّقْف وَالْمَعَارِج : هِيَ الدَّرَج نَفْسهَا , كَمَا قَالَ الْمُثَنَّى بْن جَنْدَل : يَا رَبّ الْبَيْت ذِي الْمَعَارِج وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23856 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَمَعَارِج } قَالَ : مَعَارِج مِنْ فِضَّة , وَهِيَ دَرَج . 23857 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } : أَيْ دَرَجًا عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ . 23858 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : الْمَعَارِج : الْمَرَاقِي . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : دُرُج عَلَيْهَا يُرْفَعُونَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : دُرُج عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ إِلَى الْغُرَف . 23859 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : الْمَعَارِج : دُرُج مِنْ فِضَّة .
وَقَوْله : { لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ فِي الدُّنْيَا سُقُفًا , يَعْنِي أَعَالِي بُيُوتهمْ , وَهِيَ السُّطُوح فِضَّة كَمَا : 23855 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة } السَّقْف : أَعْلَى الْبُيُوت . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي تَكْرِير اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { لِمَنْ يَكْفُر } وَفِي قَوْله : { لِبُيُوتِهِمْ } , فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَزْعُم أَنَّهَا أُدْخِلَتْ فِي الْبُيُوت عَلَى الْبَدَل , وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : إِنْ شِئْت حَمَلْتهَا فِي { لِبُيُوتِهِمْ } مُكَرَّرَة , كَمَا فِي { يَسْأَلُونَك عَنِ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } 2 217 وَإِنْ شِئْت جَعَلْت اللَّامَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ , كَأَنَّ الثَّانِيَة فِي مَعْنَى عَلَى , كَأَنَّهُ قَالَ : جَعَلْنَا لَهُمْ عَلَى بُيُوتهمْ سُقُفًا . قَالَ : وَتَقُول الْعَرَب لِلرَّجُلِ فِي وَجْهه : جَعَلْت لَك لِقَوْمِك الْأَعْطِيَة : أَيْ جَعَلْته مِنْ أَجْلك لَهُمْ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " سُقُفًا " فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَعَامَّة الْبَصْرِيِّينَ { سُقُفًا } بِفَتْحِ السِّين وَسُكُون الْقَاف اعْتِبَارًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقهمْ } 16 26 وَتَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ بِلَفْظٍ وَاحِد مَعْنَاهُ الْجَمْع , وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { سُقُفًا } بِضَمِّ السِّين وَالْقَاف , وَوَجَّهُوهَا إِلَى أَنَّهَا جَمْع سَقِيفَة أَوْ سُقُوف , وَإِذَا وُجِّهَتْ إِلَى أَنَّهَا جَمْع سُقُوف كَانَتْ جَمْع الْجَمْع , لِأَنَّ السُّقُوف : جَمْع سَقْف , ثُمَّ تُجْمَع السُّقُوف سُقُفًا , فَيَكُون ذَلِكَ نَظِير قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ " فَرُهُنٌ مَقْبُوضَة " بِضَمِّ الرَّاء وَالْهَاء , وَهِيَ الْجَمْع , وَاحِدهَا رِهَان وَرُهُون , وَوَاحِد الرُّهُون وَالرِّهَان : رَهْن , وَكَذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " كُلُوا مِنْ ثَمَره " بِضَمِّ الثَّاء وَالْمِيم , وَنَظِير قَوْل الرَّاجِز : حَتَّى إِذَا ابْتَلَّتْ حَلَاقِيم الْحُلُق وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ السُّقُف بِضَمِّ السِّين وَالْقَاف جَمْع سَقْف , وَالرُّهُن بِضَمِّ الرَّاء وَالْهَاء جَمْع رَهْن , فَأَغْفَلَ وَجْه الصَّوَاب فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب اسْم عَلَى تَقْدِير فَعْل بِفَتْحِ الْفَاء وَسُكُون الْعَيْن مَجْمُوعًا عَلَى فِعْل , فَيُجْعَل السُّقُف وَالرَّهْنُ مِثْله . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب.
وَقَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } يَقُول : وَمَرَاقِي وَدَرَجًا عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ , فَيَظْهَرُونَ عَلَى السَّقْف وَالْمَعَارِج : هِيَ الدَّرَج نَفْسهَا , كَمَا قَالَ الْمُثَنَّى بْن جَنْدَل : يَا رَبّ الْبَيْت ذِي الْمَعَارِج وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23856 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَمَعَارِج } قَالَ : مَعَارِج مِنْ فِضَّة , وَهِيَ دَرَج . 23857 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } : أَيْ دَرَجًا عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ . 23858 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : الْمَعَارِج : الْمَرَاقِي . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : دُرُج عَلَيْهَا يُرْفَعُونَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : دُرُج عَلَيْهَا يَصْعَدُونَ إِلَى الْغُرَف . 23859 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَعَارِج عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } قَالَ : الْمَعَارِج : دُرُج مِنْ فِضَّة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرَرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا لِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا مِنْ فِضَّة , وَسُرَرًا مِنْ فِضَّة . كَمَا : 23860 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَسُرَرًا قَالَ : سُرَر فِضَّة . 23861 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرَرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } قَالَ : الْأَبْوَاب مِنْ فِضَّة , وَالسُّرَر مِنْ فِضَّة عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ , يَقُول : عَلَى السُّرَر يَتَّكِئُونَ.
وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ↓
وَقَوْله : { وَزُخْرُفًا } يَقُول : وَلَجَعَلْنَا لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ زُخْرُفًا , وَهُوَ الذَّهَب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23862 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس { وَزُخْرُفًا } وَهُوَ الذَّهَب . 23863 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَزُخْرُفًا } قَالَ : الذَّهَب , وَقَالَ الْحَسَن : بَيْت مِنْ زُخْرُف , قَالَ : ذَهَب . 23864 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَزُخْرُفًا } الزُّخْرُف : الذَّهَب , قَالَ : قَدْ وَاللَّه كَانَتْ تُكْرَه ثِيَاب الشُّهْرَة . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " إِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَة فَإِنَّهَا مِنْ أَحَبّ الزِّينَة إِلَى الشَّيْطَان " . 23865 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَزُخْرُفًا } قَالَ : الذَّهَب . * -حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَزُخْرُفًا } قَالَ : الذَّهَب . 23866 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَزُخْرُفًا } لَجَعَلْنَا هَذَا لِأَهْلِ الْكُفْر , يَعْنِي لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا , وَالزُّخْرُف سُمِّيَ هَذَا الَّذِي سُمِّيَ السَّقْف , وَالْمَعَارِج وَالْأَبْوَاب وَالسُّرَر مِنَ الْأَثَاث وَالْفُرُش وَالْمَتَاع. 23867 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَزُخْرُفًا } يَقُول : ذَهَبًا , وَالزُّخْرُف عَلَى قَوْل ابْن زَيْد : هَذَا هُوَ مَا تَتَّخِذهُ النَّاس مِنْ مَنَازِلهمْ مِنَ الْفُرُش وَالْأَمْتِعَة وَالْآلَات. وَفِي نَصْب الزُّخْرُف وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة وَمِنْ زُخْرُف , فَلَمَّا لَمْ يُكَرَّر عَلَيْهِ مِنْ نُصِبَ عَلَى إِعْمَال الْفِعْل فِيهِ ذَلِكَ , وَالْمَعْنَى فِيهِ : فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَزُخْرُفًا يُجْعَل ذَلِكَ لَهُمْ مِنْهُ , وَالْوَجْه الثَّانِي : أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى السُّرَر , فَيَكُون مَعْنَاهُ : لَجَعَلْنَا لَهُمْ هَذِهِ الْأَشْيَاء مِنْ فِضَّة , وَجَعَلْنَا لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ ذَهَبًا يَكُون لَهُمْ غِنًى يَسْتَغْنُونَ بِهَا , وَلَوْ كَانَ التَّنْزِيل جَاءَ بِخَفْضِ الزُّخْرُف لَكَانَ : لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُر بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة وَمِنْ زُخْرُف , فَكَانَ الزُّخْرُف يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى الْفِضَّة , وَأَمَّا الْمَعَارِج فَإِنَّهَا جُمِعَتْ عَلَى مَفَاعِل , وَوَاحِدهَا مِعْرَاج , عَلَى جَمْع مِعْرَج , كَمَا يُجْمَع الْمِفْتَاح مَفَاتِح عَلَى جَمْع مِفْتَح ; لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ : مِعْرَج , وَمِفْتَح , وَلَوْ جُمِعَ مَعَارِيج كَانَ صَوَابًا , كَمَا يُجْمَع الْمِفْتَاح مَفَاتِيح , إِذْ كَانَ وَاحِدُهُ مِعْرَاج .
وَقَوْله : { وَإِنْ كُلّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُلّ هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي ذُكِرَتْ مِنْ السُّقُف مِنْ الْفِضَّة وَالْمَعَارِج وَالْأَبْوَاب وَالسُّرُر مِنَ الْفِضَّة وَالزُّخْرُف , إِلَّا مَتَاع يَسْتَمْتِع بِهِ أَهْل الدُّنْيَا فِي الدُّنْيَا.
{ وَالْآخِرَة عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَزَيْن الدَّار الْآخِرَة وَبَهَاؤُهَا عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ اتَّقَوْا اللَّه فَخَافُوا عِقَابه , فَجَدُّوا فِي طَاعَته , وَحَذِرُوا مَعَاصِيه خَاصَّة دُون غَيْرهمْ مِنْ خَلْق اللَّه . كَمَا : 23868 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالْآخِرَة عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ } خُصُوصًا .
وَقَوْله : { وَإِنْ كُلّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُلّ هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي ذُكِرَتْ مِنْ السُّقُف مِنْ الْفِضَّة وَالْمَعَارِج وَالْأَبْوَاب وَالسُّرُر مِنَ الْفِضَّة وَالزُّخْرُف , إِلَّا مَتَاع يَسْتَمْتِع بِهِ أَهْل الدُّنْيَا فِي الدُّنْيَا.
{ وَالْآخِرَة عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَزَيْن الدَّار الْآخِرَة وَبَهَاؤُهَا عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ اتَّقَوْا اللَّه فَخَافُوا عِقَابه , فَجَدُّوا فِي طَاعَته , وَحَذِرُوا مَعَاصِيه خَاصَّة دُون غَيْرهمْ مِنْ خَلْق اللَّه . كَمَا : 23868 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَالْآخِرَة عِنْد رَبّك لِلْمُتَّقِينَ } خُصُوصًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُعَوِّض عَنْ ذِكْر اللَّه فَلَمْ يَخَفْ سَطْوَته , وَلَمْ يَخْشَ عِقَابه { نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين } يَقُول : نَجْعَل لَهُ شَيْطَانًا يُغْوِيه فَهُوَ لَهُ قَرِين : يَقُول : فَهُوَ لِلشَّيْطَانِ قَرِين , أَيْ يَصِير كَذَلِكَ , وَأَصْل الْعَشْو : النَّظَر بِغَيْرِ ثَبْت لِعِلَّةٍ فِي الْعَيْن , يُقَال مِنْهُ : عَشَا فُلَان يَعْشُو عَشْوًا وَعُشُوًّا : إِذَا ضَعُفَ بَصَره , وَأَظْلَمَتْ عَيْنه , كَأَنَّ عَلَيْهِ غِشَاوَة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْء نَاره تَجِد حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا يَعْنِي : مَتَى تَفْتَقِر فَتَأْتِهِ يُعِنْك , وَأَمَّا إِذَا ذَهَبَ الْبَصَر وَلَمْ يُبْصِر , فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ : عَشِيَ فُلَان يَعْشَى عَشًى مَنْقُوص , وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : رَأَتْ رَجُلًا عَائِب الْوَافِدَيْنِ مُخْتَلِف الْخَلْق أَعْشَى ضَرِيرَا يُقَال مِنْهُ : رَجُل أَعْشَى وَامْرَأَة عَشْوَاء , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَمَنْ لَا يَنْظُر فِي حُجَج اللَّه بِالْإِعْرَاضِ مِنْهُ عَنْهُ إِلَّا نَظَرًا ضَعِيفًا , كَنَظَرِ مَنْ قَدْ عَشِيَ بَصَره { نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23869 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا } يَقُول : إِذَا أَعْرَضَ عَنْ ذِكْر اللَّه نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا { فَهُوَ لَهُ قَرِين } . 23870 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن } قَالَ : يُعْرِض . وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ بِمَعْنَى , وَمَنْ يَعْمَ , وَمَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَيَجِب أَنْ تَكُون قِرَاءَته { وَمَنْ يَعْشَ } بِفَتْحِ الشِّين عَلَى مَا بَيَّنْت قِيلَ . ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ : 23871 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن } قَالَ : مَنْ يَعْمَ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن .
وَقَوْله : { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ الشَّيَاطِين لَيَصُدُّونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْشُونَ عَنْ ذِكْر اللَّه , عَنْ سَبِيل الْحَقّ , فَيُزَيِّنُونَ لَهُمْ الضَّلَالَة , وَيُكَرِّهُونَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَان بِاللَّهِ , وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } يَقُول : وَيَظُنّ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ بِتَحْسِينِ الشَّيَاطِين لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة , أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقّ وَالصَّوَاب , يُخْبِر تَعَالَى ذِكْره عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْك عَلَى شَكّ وَعَلَى غَيْر بَصِيرَة , وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيل } فَأَخْرَجَ ذِكْرهمْ مَخْرَج ذِكْر الْجَمِيع , وَإِنَّمَا ذُكِرَ قَبْلُ وَاحِدًا , فَقَالَ : { نُقَيِّض لَهُ شَيْطَانًا } لِأَنَّ الشَّيْطَان وَإِنْ كَانَ لَفْظه وَاحِدًا , فَفِي مَعْنَى جَمْع .
حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا جَاءَنَا } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { حَتَّى إِذَا جَاءَنَا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز سِوَى ابْن مُحَيْصِن , وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ وَبَعْض الشَّامِيِّينَ " حَتَّى إِذَا جَاءَنَا " عَلَى التَّوْحِيد بِمَعْنَى : حَتَّى إِذَا جَاءَنَا هَذَا الَّذِي عَشِيَ عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن , وَقَرِينه الَّذِي قُيِّضَ لَهُ مِنَ الشَّيَاطِين , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَابْن مُحَيْصِن : { حَتَّى إِذَا جَاءَنَا } عَلَى التَّوْحِيد , بِمَعْنَى : حَتَّى إِذَا جَاءَنَا هَذَا الْعَاشِي مِنْ بَنِي آدَم عَنْ ذِكْر الرَّحْمَن . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ فِي خَبَر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ حَال أَحَد الْفَرِيقَيْنِ عِنْد مَقْدَمه عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّنَا فِيهِ فِي الدُّنْيَا , الْكِفَايَة لِلسَّامِعِ عَنْ خَبَر الْآخَر , إِذْ كَانَ الْخَبَر عَنْ حَال أَحَدهمَا مَعْلُومًا بِهِ خَبَر حَال الْآخَر , وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23872 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : حَتَّى إِذَا جَاءَانَا هُوَ وَقَرِينه جَمِيعًا .
وَقَوْله : { يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ أَحَد هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِصَاحِبِهِ الْآخَر : وَدِدْت أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ : أَيْ بُعْد مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب , فَغَلَّبَ اسْم أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , كَمَا قِيلَ : شَبَه الْقَمَرَيْنِ , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَخَذْنَا بِآفَاقِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُوم الطَّوَالِع وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فَبَصْرَة الْأَزْد مِنَّا وَالْعِرَاق لَنَا وَالْمَوْصِلَانِ وَمِنَّا مِصْر وَالْحَرَم يَعْنِي : الْمَوْصِل وَالْجَزِيرَة , فَقَالَ : الْمَوْصِلَانِ , فَغَلَّبَ الْمَوْصِل . وَقَدْ قِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ { بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ } : مَشْرِق الشِّتَاء , وَمَشْرِق الصَّيْف , وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع فِي الشِّتَاء مِنْ مَشْرِق , وَفِي الصَّيْف مِنْ مَشْرِق غَيْره ; وَكَذَلِكَ الْمَغْرِب تَغْرُب فِي مَغْرِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبّ الْمَغْرِبَيْنِ } 55 17 وَذُكِرَ أَنَّ هَذَا قَوْل أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ عِنْد لُزُوم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه حَتَّى يُورِدهُ جَهَنَّم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23873 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ سَعِيد الْجَرِيرِيّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الْكَافِر إِذَا بَعَثَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ قَبْره , سَفَعَ بِيَدِهِ الشَّيْطَان , فَلَمْ يُفَارِقهُ حَتَّى يُصَيِّرهُمَا اللَّهُ إِلَى النَّار , فَذَلِكَ حِين يَقُول : يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ , فَبِئْسَ الْقَرِين , وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيُوَكَّل بِهِ مَلَك فَهُوَ مَعَهُ حَتَّى قَالَ : إِمَّا يَفْصِل بَيْن النَّاس , أَوْ نَصِير إِلَى مَا شَاءَ اللَّه .
وَقَوْله : { يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ أَحَد هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِصَاحِبِهِ الْآخَر : وَدِدْت أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ : أَيْ بُعْد مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب , فَغَلَّبَ اسْم أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , كَمَا قِيلَ : شَبَه الْقَمَرَيْنِ , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَخَذْنَا بِآفَاقِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُوم الطَّوَالِع وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فَبَصْرَة الْأَزْد مِنَّا وَالْعِرَاق لَنَا وَالْمَوْصِلَانِ وَمِنَّا مِصْر وَالْحَرَم يَعْنِي : الْمَوْصِل وَالْجَزِيرَة , فَقَالَ : الْمَوْصِلَانِ , فَغَلَّبَ الْمَوْصِل . وَقَدْ قِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ { بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ } : مَشْرِق الشِّتَاء , وَمَشْرِق الصَّيْف , وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع فِي الشِّتَاء مِنْ مَشْرِق , وَفِي الصَّيْف مِنْ مَشْرِق غَيْره ; وَكَذَلِكَ الْمَغْرِب تَغْرُب فِي مَغْرِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبّ الْمَغْرِبَيْنِ } 55 17 وَذُكِرَ أَنَّ هَذَا قَوْل أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ عِنْد لُزُوم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه حَتَّى يُورِدهُ جَهَنَّم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23873 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ سَعِيد الْجَرِيرِيّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الْكَافِر إِذَا بَعَثَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ قَبْره , سَفَعَ بِيَدِهِ الشَّيْطَان , فَلَمْ يُفَارِقهُ حَتَّى يُصَيِّرهُمَا اللَّهُ إِلَى النَّار , فَذَلِكَ حِين يَقُول : يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنك بُعْد الْمَشْرِقَيْنِ , فَبِئْسَ الْقَرِين , وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيُوَكَّل بِهِ مَلَك فَهُوَ مَعَهُ حَتَّى قَالَ : إِمَّا يَفْصِل بَيْن النَّاس , أَوْ نَصِير إِلَى مَا شَاءَ اللَّه .
وَقَوْله : { وَلَنْ يَنْفَعكُمُ الْيَوْم } أَيّهَا الْعَاشُونَ عَنْ ذِكْر اللَّه فِي الدُّنْيَا { إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَاب مُشْتَرِكُونَ } يَقُول : لَنْ يُخَفِّف عَنْكُمُ الْيَوْم مِنْ عَذَاب اللَّه اشْتِرَاككُمْ فِيهِ ; لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنْكُمْ نَصِيبه مِنْهُ , و " أَنَّ " مِنْ قَوْله { أَنَّكُمْ } فِي مَوْضِع رَفْع لِمَا ذَكَرْت أَنَّ مَعْنَاهُ : لَنْ يَنْفَعكُمْ اشْتِرَاككُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَأَنْتَ تُسْمِع الصُّمّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْي وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَال مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَفَأَنْتَ تُسْمِع الصُّمّ } : مَنْ قَدْ سَلَبَهُ اللَّه اسْتِمَاع حُجَجه الَّتِي احْتَجَّ بِهَا فِي هَذَا الْكِتَاب فَأَصَمَّهُ عَنْهُ , أَوْ تَهْدِي إِلَى طَرِيق الْهُدَى مَنْ أَعْمَى اللَّه قَلْبه عَنْ إِبْصَاره , وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَان , فَزَيَّنَ لَهُ الرَّدَى { وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَال مُبِين } يَقُول : أَوْ تَهْدِي مَنْ كَانَ فِي جَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل , سَالِك غَيْر سَبِيل الْحَقّ , قَدْ أَبَانَ ضَلَاله أَنَّهُ عَنْ الْحَقّ زَائِل , وَعَنْ قَصْد السَّبِيل جَائِر : يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْك , إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّه الَّذِي بِيَدِهِ صَرْف قُلُوب خَلْقه كَيْفَ شَاءَ , وَإِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر , فَبَلِّغْهُمْ النِّذَارَة .
وَقَوْله : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِك فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيِّينَ بِهَذَا الْوَعِيد , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ أَهْل الْإِسْلَام مِنْ أُمَّة نَبِيّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23874 - حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِك فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } قَالَ : لَقَدْ كَانَتْ بَعْد نَبِيّ اللَّه نِقْمَة شَدِيدَة , فَأَكْرَمَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُ فِي أُمَّته مَا كَانَ مِنْ النِّقْمَة بَعْده . 23875 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِك فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } فَذَهَبَ اللَّه بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَرَ فِي أُمَّته إِلَّا الَّذِي تَقَرّ بِهِ عَيْنه , وَأَبْقَى اللَّه النِّقْمَة بَعْده , وَلَيْسَ مِنْ نَبِيّ إِلَّا وَقَدْ رَأَى فِي أُمَّته الْعُقُوبَة , أَوْ قَالَ مَا لَا يَشْتَهِي . ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ الَّذِي لَقِيَتْ أُمَّته بَعْده , فَمَا زَالَ مُنْقَبِضًا مَا انْبَسَطَ ضَاحِكًا حَتَّى لَقِيَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : تَلَا قَتَادَة { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِك فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } فَقَالَ : ذَهَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَتْ النِّقْمَة , وَلَمْ يُرِ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّته شَيْئًا يَكْرَههُ حَتَّى مَضَى , وَلَمْ يَكُنْ نَبِيّ قَطُّ إِلَّا رَأَى الْعُقُوبَة فِي أُمَّته , إِلَّا نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ مَا يُصِيب أُمَّته بَعْده , فَمَا رُئِيَ ضَاحِكًا مُنْبَسِطًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهِ أَهْل الشِّرْك مِنْ قُرَيْش , وَقَالُوا : قَدْ أَرَى اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِيهِمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِك فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } كَمَا انْتَقَمْنَا مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة . { أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ } فَقَدْ أَرَاهُ اللَّه ذَلِكَ وَأَظْهَرَهُ عَلَيْهِ وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاق خَبَر اللَّه عَنِ الْمُشْرِكِينَ فَلَأَنْ يَكُون ذَلِكَ تَهْدِيدًا لَهُمْ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون وَعِيدًا لِمَنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : فَإِنْ نَذْهَب بِك يَا مُحَمَّد مِنْ بَيْن أَظْهُر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , فَنُخْرِجك مِنْ بَيْنهمْ { فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ } , كَمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا.
{ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ } يَا مُحَمَّد مِنْ الظَّفَر بِهِمْ , وَإِعْلَائِك عَلَيْهِمْ { فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ } إِنْ نُظْهِرك عَلَيْهِمْ , وَنُخْزِيهِمْ بِيَدِك وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ بِك .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْك إِنَّك عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَتَمَسَّكْ يَا مُحَمَّد بِمَا يَأْمُرك بِهِ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْك رَبّك , { إِنَّك عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } و مِنْهَاج سَدِيد , وَذَلِكَ هُوَ دِين اللَّه الَّذِي أَمَرَ بِهِ , وَهُوَ الْإِسْلَام . كَمَا : 23877 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْك إِنَّك عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } : أَيْ الْإِسْلَام. 23878 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْك إِنَّك عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } .
وَقَوْله : { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْك يَا مُحَمَّد الَّذِي أَمَرْنَاك أَنْ تَسْتَمْسِك بِهِ لَشَرَف لَك وَلِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } يَقُول : وَسَوْفَ يَسْأَلك رَبّك وَإِيَّاهُمْ عَمَّا عَمِلْتُمْ فِيهِ , وَهَلْ عَمِلْتُمْ بِمَا أَمَرَكُمْ رَبّكُمْ فِيهِ , وَانْتَهَيْتُمْ عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ فِيهِ ؟. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23879 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } يَقُول : إِنَّ الْقُرْآن شَرَف لَك . 23880 - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن مَالِك , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } قَالَ : يَقُول لِلرَّجُلِ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُول : مِنْ الْعَرَب , فَيُقَال : مِنْ أَيّ الْعَرَب ؟ فَيَقُول : مِنْ قُرَيْش . 23881 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } وَهُوَ هَذَا الْقُرْآن . 23882 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } قَالَ : شَرَف لَك وَلِقَوْمِك , يَعْنِي الْقُرْآن . 23883 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك } قَالَ : أَوَلَمْ تَكُنْ النُّبُوَّة وَالْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرًا لَهُ وَلِقَوْمِهِ .
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } وَمَنْ الَّذِينَ أُمِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَسْأَلَتِهِمْ ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ الَّذِينَ أُمِرَ بِمَسْأَلَتِهِمْ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مُؤْمِنُو أَهْل الْكِتَابَيْنِ : التَّوْرَاة , وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23884 - حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنِ ابْن عُيَيْنَة , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود " وَاسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلك رُسُلنَا " . 23885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } إِنَّهَا قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " سَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلك رُسُلنَا " . 23886 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } يَقُول : سَلْ أَهْل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل : هَلْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُل إِلَّا بِالتَّوْحِيدِ أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّه وَحْده ؟ قَالَ : وَفِي بَعْض الْقِرَاءَة : " وَاسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلنَا قَبْلك " . { أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبُدُونَ } . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي بَعْض الْحُرُوف " وَاسْأَلْ الَّذِينَ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا " سَلْ أَهْل الْكِتَاب : أَمَا كَانَتْ الرُّسُل تَأْتِيهِمْ بِالتَّوْحِيدِ ؟ أَمَا كَانَتْ تَأْتِي بِالْإِخْلَاصِ ؟ . 23887 -حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فِي قَوْله : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود " سَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلك " يَعْنِي : مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَاب. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي أُمِرَ بِمَسْأَلَتِهِمْ ذَلِكَ الْأَنْبِيَاء الَّذِينَ جُمِعُوا لَهُ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ بِبَيْتِ الْمَقْدِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23888 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك } . .. الْآيَة , قَالَ : جُمِعُوا لَهُ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ بِبَيْتِ الْمَقْدِس , فَأَمَّهُمْ , وَصَلَّى بِهِمْ , فَقَالَ اللَّه لَهُ : سَلْهُمْ , قَالَ : فَكَانَ أَشَدّ إِيمَانًا وَيَقِينًا بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ مِنَ اللَّه أَنْ يَسْأَلهُمْ , وَقَرَأَ { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلك } 10 94 قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ فِي شَكّ , وَلَمْ يَسْأَل الْأَنْبِيَاء , وَلَا الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب . قَالَ : وَنَادَى جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت فِي نَفْسِي : " الْآن يَؤُمّنَا أَبُونَا إِبْرَاهِيم " ; قَالَ : " فَدَفَعَ جَبْرَائِيل فِي ظَهْرِي " , قَالَ : تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّد فَصَلِّ , وَقَرَأَ { سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِد الْحَرَام } . .. 17 1 حَتَّى بَلَغَ { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتنَا } 17 1 وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ : سَلْ مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَابَيْنِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُقَال : سَلْ الرُّسُل , فَيَكُون مَعْنَاهُ : سَلْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَبِكِتَابِهِمْ ؟ قِيلَ : جَازَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَبِكُتُبِهِمْ أَهْل بَلَاغ عَنْهُمْ مَا أَتَوْهُمْ بِهِ عَنْ رَبّهمْ , فَالْخَبَر عَنْهُمْ وَعَمَّا جَاءُوا بِهِ مِنْ رَبّهمْ إِذَا صَحَّ بِمَعْنَى خَبَرهمْ , وَالْمَسْأَلَة عَمَّا جَاءُوا بِهِ بِمَعْنَى مَسْأَلَتهمْ إِذَا كَانَ الْمَسْئُول مِنْ أَهْل الْعِلْم بِهِمْ وَالصِّدْق عَلَيْهِمْ , وَذَلِكَ نَظِير أَمْر اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِيَّانَا بِرَدِّ مَا تَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى اللَّه وَإِلَى الرَّسُول , يَقُول : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } 4 59 وَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : فَرُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله ; لِأَنَّ الرَّدّ إِلَى ذَلِكَ رَدّ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , وَكَذَلِكَ قَوْله : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا } إِنَّمَا مَعْنَاهُ : فَاسْأَلْ كُتُب الَّذِينَ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ الرُّسُل , فَإِنَّك تَعْلَم صِحَّة ذَلِكَ مِنْ قَبْلنَا , فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّسُل مِنْ ذِكْر الْكُتُب , إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَا مَعْنَاهُ .
وَقَوْله : { أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبَدُونَ } يَقُول : أَمَرْنَاهُمْ بِعِبَادَةِ الْآلِهَة مِنْ دُون اللَّه فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ , أَوْ أَتَوْهُمْ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ مِنْ عِنْدنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبَدُونَ } ؟ أَتَتْهُمُ الرُّسُل يَأْمُرُونَهُمْ بِعِبَادَةِ الْآلِهَة مِنْ دُون اللَّه ؟ وَقِيلَ : { آلِهَة يُعْبَدُونَ } , فَأَخْرَجَ الْخَبَر عَنِ الْآلِهَة مَخْرَج الْخَبَر عَنْ ذُكُور بَنِي آدَم , وَلَمْ يَقُلْ : تُعْبَد , وَلَا يُعْبَدْنَ , فَتُؤَنَّث وَهِيَ حِجَارَة , أَوْ بَعْض الْجَمَاد كَمَا يَفْعَل فِي الْخَبَر عَنْ بَعْض الْجَمَاد , وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , إِذْ كَانَتْ تُعْبَد وَتُعَظَّم تَعْظِيم النَّاس مُلُوكهمْ وَسَرَاتهمْ , فَأُجْرِيَ الْخَبَر عَنْهَا مَجْرَى الْخَبَر عَنْ الْمُلُوك وَالْأَشْرَاف مِنْ بَنِي آدَم . " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْن وَمَلَإِيهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ "
وَقَوْله : { أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبَدُونَ } يَقُول : أَمَرْنَاهُمْ بِعِبَادَةِ الْآلِهَة مِنْ دُون اللَّه فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ , أَوْ أَتَوْهُمْ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ مِنْ عِنْدنَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبَدُونَ } ؟ أَتَتْهُمُ الرُّسُل يَأْمُرُونَهُمْ بِعِبَادَةِ الْآلِهَة مِنْ دُون اللَّه ؟ وَقِيلَ : { آلِهَة يُعْبَدُونَ } , فَأَخْرَجَ الْخَبَر عَنِ الْآلِهَة مَخْرَج الْخَبَر عَنْ ذُكُور بَنِي آدَم , وَلَمْ يَقُلْ : تُعْبَد , وَلَا يُعْبَدْنَ , فَتُؤَنَّث وَهِيَ حِجَارَة , أَوْ بَعْض الْجَمَاد كَمَا يَفْعَل فِي الْخَبَر عَنْ بَعْض الْجَمَاد , وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , إِذْ كَانَتْ تُعْبَد وَتُعَظَّم تَعْظِيم النَّاس مُلُوكهمْ وَسَرَاتهمْ , فَأُجْرِيَ الْخَبَر عَنْهَا مَجْرَى الْخَبَر عَنْ الْمُلُوك وَالْأَشْرَاف مِنْ بَنِي آدَم . " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْن وَمَلَإِيهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ "
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْن وَمَلَإِيهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا يَا مُحَمَّد مُوسَى بِحُجَجِنَا إِلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَاف قَوْمه , كَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك , فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى : إِنِّي رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ , كَمَا قُلْت أَنْتَ لِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش : إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ .
{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ } يَقُول : فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ بِحُجَجِنَا وَأَدِلَّتنَا عَلَى صِدْق قَوْله , فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَالْبَرَاءَة مِنْ عِبَادَة الْآلِهَة , إِذَا فِرْعَوْن وَقَوْمه مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ الْآيَات وَالْعِبَر يَضْحَكُونَ ; كَمَا أَنَّ قَوْمك مِمَّا جِئْتهمْ بِهِ مِنَ الْآيَات وَالْعِبَر يَسْخَرُونَ , وَهَذَا تَسْلِيَة مِنَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا كَانَ يَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمه , وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُ , أَنَّ قَوْمه مِنْ أَهْل الشِّرْك لَنْ يَعْدُو أَنْ يَكُونُوا كَسَائِرِ الْأُمَم الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مِنْهَاجهمْ فِي الْكُفْر بِاللَّهِ وَتَكْذِيب رُسُله , وَنَدْب مِنْهُ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الِاسْتِنَان فِي الصَّبْر عَلَيْهِمْ بِسُنَنِ أُولِي الْعَزْم مِنْ الرُّسُل , وَإِخْبَار مِنْهُ لَهُ أَنَّ عُقْبَى مَرَدَّتهمْ إِلَى الْبَوَار وَالْهَلَاك كَسُنَّتِهِ فِي الْمُتَمَرِّدِينَ عَلَيْهِ قَبْلهمْ , وَإِظْفَاره بِهِمْ , وَإِعْلَائِهِ أَمْره , كَالَّذِي فَعَلَ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , وَقَوْمه الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مِنْ إِظْهَارهمْ عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ.
وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَة إِلَّا هِيَ أَكْبَر مِنْ أُخْتهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا نُرِي فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ آيَة , يَعْنِي : حُجَّته لَنَا عَلَيْهِ بِحَقِيقَةِ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ رَسُولنَا مُوسَى { إِلَّا هِيَ أَكْبَر مِنْ أُخْتهَا } يَقُول : إِلَّا الَّتِي نُرِيه مِنْ ذَلِكَ أَعْظَم فِي الْحُجَّة عَلَيْهِمْ وَأَوْكَد مِنْ الَّتِي مَضَتْ قَبْلهَا مِنَ الْآيَات , وَأَدَلّ عَلَى صِحَّة مَا يَأْمُرهُ بِهِ مُوسَى مِنْ تَوْحِيد اللَّه .
وَقَوْله : { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ } يَقُول : وَأَنْزَلْنَا بِهِمْ الْعَذَاب , وَذَلِكَ كَأَخْذِهِ تَعَالَى ذِكْره إِيَّاهُمْ بِالسِّنِينَ , وَنَقْص مِنْ الثَّمَرَات , وَبِالْجَرَادِ , وَالْقُمَّل , وَالضَّفَادِع , وَالدَّم . وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يَقُول : لِيَرْجِعُوا عَنْ كُفْرهمْ بِاللَّهِ إِلَى تَوْحِيده وَطَاعَته , وَالتَّوْبَة مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ مَعَاصِيهمْ . كَمَا : 23890 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أَيْ يَتُوبُونَ , أَوْ يَذَّكَّرُونَ .
وَقَوْله : { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ } يَقُول : وَأَنْزَلْنَا بِهِمْ الْعَذَاب , وَذَلِكَ كَأَخْذِهِ تَعَالَى ذِكْره إِيَّاهُمْ بِالسِّنِينَ , وَنَقْص مِنْ الثَّمَرَات , وَبِالْجَرَادِ , وَالْقُمَّل , وَالضَّفَادِع , وَالدَّم . وَقَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يَقُول : لِيَرْجِعُوا عَنْ كُفْرهمْ بِاللَّهِ إِلَى تَوْحِيده وَطَاعَته , وَالتَّوْبَة مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ مَعَاصِيهمْ . كَمَا : 23890 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أَيْ يَتُوبُونَ , أَوْ يَذَّكَّرُونَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا يَا أَيّهَا السَّاحِر ادْعُ لَنَا رَبّك بِمَا عَهِدَ عِنْدك إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ لِمُوسَى : { يَا أَيّهَا السَّاحِر ادْعُ لَنَا رَبّك بِمَا عَهِدَ عِنْدك } وَعَنَوْا بِقَوْلِهِمْ " بِمَا عَهِدَ عِنْدك " : بِعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْك أَنَّا إِنْ آمَنَّا بِك وَاتَّبَعْنَاك , كَشَفَ عَنَّا الرِّجْز . كَمَا : 23891 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { بِمَا عَهِدَ عِنْدك } قَالَ لَئِنْ آمَنَّا لَيَكْشِفَن عَنَّا الْعَذَاب . إِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا وَجْه قِيلهمْ يَا أَيّهَا السَّاحِر ادْعُ لَنَا رَبّك بِمَا عَهِدَ عِنْدك , وَكَيْفَ سَمَّوْهُ سَاحِرًا وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَدْعُو لَهُمْ رَبّه لِيَكْشِفَ عَنْهُمُ الْعَذَاب ؟ قِيلَ : إِنَّ السَّاحِر كَانَ عِنْدهمْ مَعْنَاهُ : الْعَالِم , وَلَمْ يَكُنْ السِّحْر عِنْدهمْ ذَمًّا , وَإِنَّمَا دَعَوْهُ بِهَذَا الِاسْم , لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدهمْ كَانَ : يَا أَيّهَا الْعَالِم. وَقَوْله : { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } يَقُول : قَالُوا : إِنَّا لَمُتَّبِعُوك فَمُصَدِّقُوك فِيمَا جِئْتنَا بِهِ , وَمُوَحِّدُو اللَّه فَمُبْصِرُو سَبِيل الرَّشَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23892 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا السَّاحِر ادْعُ لَنَا رَبّك بِمَا عَهِدَ عِنْدك إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } قَالَ : قَالُوا يَا مُوسَى : ادْعُ لَنَا رَبّك لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْز لَنُؤْمِنَنَّ لَك .
وَقَوْله : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَاب إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا رَفَعْنَا عَنْهُمُ الْعَذَاب الَّذِي أَنْزَلْنَا بِهِمْ , الَّذِي وَعَدُوا أَنَّهُمْ إِنْ كُشِفَ عَنْهُمْ اهْتَدَوْا لِسَبِيلِ الْحَقّ , إِذَا هُمْ بَعْد كَشْفنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ يَنْكُثُونَ الْعَهْد الَّذِي عَاهَدُونَا : يَقُول : يَغْدِرُونَ وَيُصِرُّونَ عَلَى ضَلَالهمْ , وَيَتَمَادَوْنَ فِي غَيّهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23893 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ } : أَيْ يَغْدِرُونَ.
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنَادَى فِرْعَوْن فِي قَوْمه قَالَ يَا قَوْم أَلَيْسَ لِي مُلْك مِصْر وَهَذِهِ الْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَنَادَى فِرْعَوْن فِي قَوْمه } مِنَ الْقِبْط , فَ { قَالَ يَا قَوْم أَلَيْسَ لِي مُلْك مِصْر وَهَذِهِ الْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِنْ تَحْتِي } : مِنْ بَيْن يَدَيَّ فِي الْجِنَان . كَمَا : 23894 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهَذِهِ الْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } قَالَ : كَانَتْ لَهُمْ جَنَّات وَأَنْهَار مَاء .
وَقَوْله : { أَفَلَا تُبْصِرُونَ } يَقُول : أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَيّهَا الْقَوْم مَا أَنَا فِيهِ مِنَ النَّعِيم وَالْخَيْر , وَمَا فِيهِ مُوسَى مِنَ الْفَقْر وَعِيّ اللِّسَان , افْتَخَرَ بِمُلْكِهِ مِصْر عَدُوّ اللَّه , وَمَا قَدْ مُكِّنَ لَهُ مِنْ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجًا مِنْ اللَّه لَهُ , وَحَسِبَ أَنَّ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَالَهُ بِيَدِهِ وَحَوْله , وَأَنَّ مُوسَى إِنَّمَا لَمْ يَصِل إِلَى الَّذِي يَصِفهُ , فَنَسَبَهُ مِنْ أَجْل ذَلِكَ إِلَى الْمَهَانَة مُحْتَجًّا عَلَى جَهَلَة قَوْمه بِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَوْ كَانَ مُحِقًّا فِيمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْآيَات وَالْعِبَر , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سِحْرًا , لَأَكْسَبَ نَفْسه مِنْ الْمُلْك وَالنِّعْمَة , مِثْل الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ جَهْلًا بِاللَّهِ وَاغْتِرَارًا مِنْهُ بِإِمْلَائِهِ إِيَّاهُ .
وَقَوْله : { أَفَلَا تُبْصِرُونَ } يَقُول : أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَيّهَا الْقَوْم مَا أَنَا فِيهِ مِنَ النَّعِيم وَالْخَيْر , وَمَا فِيهِ مُوسَى مِنَ الْفَقْر وَعِيّ اللِّسَان , افْتَخَرَ بِمُلْكِهِ مِصْر عَدُوّ اللَّه , وَمَا قَدْ مُكِّنَ لَهُ مِنْ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجًا مِنْ اللَّه لَهُ , وَحَسِبَ أَنَّ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَالَهُ بِيَدِهِ وَحَوْله , وَأَنَّ مُوسَى إِنَّمَا لَمْ يَصِل إِلَى الَّذِي يَصِفهُ , فَنَسَبَهُ مِنْ أَجْل ذَلِكَ إِلَى الْمَهَانَة مُحْتَجًّا عَلَى جَهَلَة قَوْمه بِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَوْ كَانَ مُحِقًّا فِيمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْآيَات وَالْعِبَر , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سِحْرًا , لَأَكْسَبَ نَفْسه مِنْ الْمُلْك وَالنِّعْمَة , مِثْل الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ جَهْلًا بِاللَّهِ وَاغْتِرَارًا مِنْهُ بِإِمْلَائِهِ إِيَّاهُ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ أَنَا خَيْر مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } يَقُولهُ تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ بَعْد احْتِجَاجه عَلَيْهِمْ بِمُلْكِهِ وَسُلْطَانه , وَبَيَان لِسَانه وَتَمَام خَلْقه , وَفَضْل مَا بَيْنه وَبَيْن مُوسَى بِالصِّفَاتِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسه وَمُوسَى : أَنَا خَيْر أَيّهَا الْقَوْم , وَصِفَتِي هَذِهِ الصِّفَة الَّتِي وَصَفْت لَكُمْ , { أَمْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } لَا شَيْء لَهُ مِنَ الْمُلْك وَالْأَمْوَال مَعَ الْعِلَّة الَّتِي فِي جَسَده , وَالْآفَة الَّتِي بِلِسَانِهِ , فَلَا يَكَاد مِنْ أَجْلهَا يُبِين كَلَامه ؟ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { أَمْ } فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهَا : بَلْ أَنَا خَيْر , وَقَالُوا . ذَلِكَ خَيْر , لَا اسْتِفْهَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد : قَالَ : ثنا أَحْمَد قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَوْله : { أَمْ أَنَا خَيْر مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } قَالَ : بَلْ أَنَا خَيْر مِنْ هَذَا , وَبِنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ يَقُول بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة. وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة , هُوَ مِنْ الِاسْتِفْهَام الَّذِي جُعِلَ بِأَمْ لِاتِّصَالِهِ بِكَلَامٍ قَبْله . قَالَ : وَإِنْ شِئْت رَدَدْته عَلَى قَوْله : { أَلَيْسَ لِي مُلْك مِصْر } ؟ وَإِذَا وُجِّهَ الْكَلَام إِلَى أَنَّهُ اسْتِفْهَام , وَجَبَ أَنْ يَكُون فِي الْكَلَام مَحْذُوف اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تُرِكَ ذِكْره , وَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : أَنَا خَيْر أَيّهَا الْقَوْم مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين , أَمْ هُوَ ؟ . وَذُكِرَ عَنْ بَعْض الْقُرَّاء أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ " أَمَا أَنَا خَيْر " . 23896 - حُدِّثْت بِذَلِكَ عَنِ الْفَرَّاء قَالَ : أَخْبَرَنِي بَعْض الْمَشْيَخَة أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بَعْض الْقُرَّاء قَرَأَ كَذَلِكَ , وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَة قِرَاءَة مُسْتَفِيضَة فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار لَكَانَتْ صَحِيحَة , وَكَانَ مَعْنَاهَا حَسَنًا , غَيْر أَنَّهَا خِلَاف مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , فَلَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَة بِهَا , وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة لَوْ صَحَّتْ لَا كُلْفَة لَهُ فِي مَعْنَاهَا وَلَا مَئُونَة . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِالْكَلَامِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , تَأْوِيل مَنْ جَعَلَ : أَمْ أَنَا { خَيْر } ؟ مِنْ الِاسْتِفْهَام الَّذِي جُعِلَ بِأَمْ ; لِاتِّصَالِهِ بِمَا قَبْله مِنَ الْكَلَام , وَوَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : أَأَنَا خَيْر مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين ؟ أَمْ هُوَ ؟ ثُمَّ تَرَكَ ذِكْر أَمْ هُوَ , لِمَا فِي الْكَلَام مِنْ الدَّلِيل عَلَيْهِ. وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } : مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ ضَعِيف لِقِلَّةِ مَاله , وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْمُلْك وَالسُّلْطَان مَا لَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23897 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَمْ أَنَا خَيْر مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } قَالَ : ضَعِيف . 23898 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِين } قَالَ : الْمَهِين : الضَّعِيف .
وَقَوْله : { وَلَا يَكَاد يُبِين } يَقُول : وَلَا يَكَاد يُبِين الْكَلَام مِنْ عِيّ لِسَانه , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23899 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا يَكَاد يُبِين } : أَيْ عَيِيّ اللِّسَان . 23900 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَلَا يَكَاد يُبِين } الْكَلَام .
وَقَوْله : { وَلَا يَكَاد يُبِين } يَقُول : وَلَا يَكَاد يُبِين الْكَلَام مِنْ عِيّ لِسَانه , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23899 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَا يَكَاد يُبِين } : أَيْ عَيِيّ اللِّسَان . 23900 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَلَا يَكَاد يُبِين } الْكَلَام .
وَقَوْله : { فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب } يَقُول : فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَى مُوسَى إِنْ كَانَ صَادِقًا أَنَّهُ رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب , وَهُوَ جَمْع سِوَار , وَهُوَ الْقُلْب الَّذِي يُجْعَل فِي الْيَد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23901 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب } يَقُول : أَقْلِبَة مِنْ ذَهَب . 23902 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب } : أَيْ أَقْلِبَة مِنْ ذَهَب . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَالْكُوفَة " فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَة مِنْ ذَهَب " , وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ { أَسْوِرَة مِنْ ذَهَب } . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي مَا عَلَيْهِ قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى صَحِيحَة الْمَعْنَى . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَاحِد الْأَسَاوِرَة , وَالْأَسْوِرَة , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : الْأَسْوِرَة جَمْع إِسْوَار قَالَ : وَالْأَسَاوِرَة جَمْع الْأَسْوِرَة ; وَقَالَ : وَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ أَسَاوِرَة , فَإِنَّهُ أَرَادَ أَسَاوِير وَاللَّه أَعْلَم , فَجَعَلَ الْهَاء عِوَضًا مِنْ الْيَاء , مِثْل الزَّنَادِقَة صَارَتِ الْهَاء فِيهَا عِوَضًا مِنَ الْيَاء الَّتِي فِي زَنَادِيق , وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَنْ قَرَأَ أَسَاوِرَة جَعَلَ وَاحِدهَا إِسْوَار ; وَمَنْ قَرَأَ أَسْوِرَة جَعَلَ وَاحِدهَا سِوَار ; وَقَالَ : قَدْ تَكُون الْأَسَاوِرَة جَمْع أَسْوِرَة كَمَا يُقَال فِي جَمْع الْأَسْقِيَة الْأَسَاقِي , وَفِي جَمْع الْأَكْرُع الْأَكَارِع , وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ قَدْ قِيل فِي سِوَار الْيَد : يَجُوز فِيهِ أَسْوَار وَإِسْوَار ; قَالَ : فَيَجُوز عَلَى هَذِهِ اللُّغَة أَنْ يَكُون أَسَاوِرَة جَمْعه , وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء أَنَّهُ كَانَ يَقُول : وَاحِد الْأَسَاوِرَة إِسْوَار ; قَالَ : وَتَصْدِيقه فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب " فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَة مِنْ ذَهَب " فَإِنْ كَانَ مَا حُكِيَ مِنْ الرِّوَايَة مِنْ أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يُقَال فِي سِوَار الْيَد إِسْوَار , فَلَا مَئُونَة فِي جَمْعه أَسَاوِرَة , وَلَسْت أَعْلَم ذَلِكَ صَحِيحًا عَنِ الْعَرَب بِرِوَايَةٍ عَنْهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرُوف فِي كَلَامهمْ مِنْ مَعْنَى الْإِسْوَار : الرَّجُل الرَّامِي , الْحَاذِق بِالرَّمْيِ مِنْ رِجَال الْعَجَم . وَأَمَّا الَّذِي يُلْبَس فِي الْيَد , فَإِنَّ الْمَعْرُوف مِنْ أَسْمَائِهِ عِنْدهمْ سِوَارًا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْأَسَاوِرَةِ أَنْ يَكُون جَمْع أَسْوِرَة عَلَى مَا قَالَهُ الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْله فِي ذَلِكَ .
وَقَوْله : { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } يَقُول : أَوْ هَلَّا إِنْ كَانَ صَادِقًا جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ قَدْ اقْتَرَنَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَتَتَابَعُوا يَشْهَدُونَ لَهُ بِأَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول إِلَيْهِمْ , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي الْعِبَارَة عَلَى تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَمْشُونَ مَعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23903 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } قَالَ : يَمْشُونَ مَعًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مُتَتَابِعِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23904 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا زَيْد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } : أَيْ مُتَتَابِعِينَ . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : يُقَارِن بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } قَالَ : يُقَارِن بَعْضهمْ بَعْضًا .
وَقَوْله : { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } يَقُول : أَوْ هَلَّا إِنْ كَانَ صَادِقًا جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ قَدْ اقْتَرَنَ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , فَتَتَابَعُوا يَشْهَدُونَ لَهُ بِأَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول إِلَيْهِمْ , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي الْعِبَارَة عَلَى تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَمْشُونَ مَعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23903 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } قَالَ : يَمْشُونَ مَعًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مُتَتَابِعِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23904 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا زَيْد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } : أَيْ مُتَتَابِعِينَ . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : يُقَارِن بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَة مُقْتَرِنِينَ } قَالَ : يُقَارِن بَعْضهمْ بَعْضًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمه فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاسْتَخَفَّ فِرْعَوْن خَلْقًا مِنْ قَوْمه مِنَ الْقِبْط , بِقَوْلِهِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ , فَقَبِلُوا ذَلِكَ مِنْهُ فَأَطَاعُوهُ , وَكَذَّبُوا مُوسَى , قَالَ اللَّه : وَإِنَّمَا أَطَاعُوا فَاسْتَجَابُوا لِمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ عَدُوّ اللَّه مِنْ تَصْدِيقه , وَتَكْذِيب مُوسَى ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَنْ طَاعَة اللَّه خَارِجِينَ بِخِذْلَانِهِ إِيَّاهُمْ , وَطَبْعه عَلَى قُلُوبهمْ .
يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَلَمَّا آسَفُونَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : آسَفُونَا : أَغْضَبُونَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23906 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { فَلَمَّا آسَفُونَا } يَقُول : أَسْخَطُونَا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , { فَلَمَّا آسَفُونَا } يَقُول : لَمَّا أَغْضَبُونَا . 23907 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فَلَمَّا آسَفُونَا } : أَغْضَبُونَا . 23908 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَمَّا آسَفُونَا } قَالَ : أَغْضَبُوا رَبّهمْ . * -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَلَمَّا آسَفُونَا } قَالَ : أَغْضَبُونَا . 23909 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { فَلَمَّا آسَفُونَا } قَالَ : أَغْضَبُونَا , وَهُوَ عَلَى قَوْل يَعْقُوب : { يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف } 11 84 قَالَ : يَا حُزْنِي عَلَى يُوسُف . 23910 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } قَالَ : أَغْضَبُونَا , وَقَوْله : { انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } يَقُول : انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ بِعَاجِلِ الْعَذَاب الَّذِي عَجَّلْنَاهُ لَهُمْ , فَأَغْرَقْنَاهُمْ جَمِيعًا فِي الْبَحْر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة غَيْر عَاصِم " فَجَعَلْنَاهُمْ سُلُفًا " بِضَمِّ السِّين وَاللَّام , تَوْجِيهًا ذَلِكَ مِنْهُمْ إِلَى جَمْع سَلِيف مِنَ النَّاس , وَهُوَ الْمُتَقَدِّم أَمَام الْقَوْم . وَحَكَى الْفَرَّاء أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِم بْن مَعْن يَذْكُر أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَب تَقُول : مَضَى سَلِيف مِنَ النَّاس , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَعَاصِم : { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا } بِفَتْحِ السِّين وَاللَّام . وَإِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ الْجَمَاعَة وَالْوَاحِد وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى ; لِأَنَّهُ يُقَال لِلْقَوْمِ : أَنْتُمْ لَنَا سَلَف , وَقَدْ يُجْمَع فَيُقَال : هُمْ أَسْلَاف ; وَمِنْهُ الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " يَذْهَب الصَّالِحُونَ أَسْلَافًا " . وَكَانَ حُمَيْد الْأَعْرَج يَقْرَأ ذَلِكَ : " فَجَعَلْنَاهُ سُلَفًا " بِضَمِّ السِّين وَفَتْح اللَّام , تَوْجِيهًا مِنْهُ ذَلِكَ إِلَى جَمْع سُلْفَة مِنَ النَّاس , مِثْل أُمَّة مِنْهُمْ وَقِطْعَة . وَأَوْلَى الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِفَتْحِ السِّين وَاللَّام ; لِأَنَّهَا اللُّغَة الْجَوْدَاء , وَالْكَلَام الْمَعْرُوف عِنْد الْعَرَب , وَأَحَقّ اللُّغَات أَنْ يُقْرَأ بِهَا كِتَاب اللَّه مِنْ لُغَات الْعَرَب أَفْصَحهَا وَأَشْهَرهَا فِيهِمْ , فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ , فَجَعَلْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْرَقْنَاهُمْ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن فِي الْبَحْر مُقَدِّمَة يَتَقَدَّمُونَ إِلَى النَّار كُفَّار قَوْمك يَا مُحَمَّد مِنْ قُرَيْش , وَكُفَّار قَوْمك لَهُمْ بِالْأَثَرِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } قَالَ : قَوْم فِرْعَوْن كُفَّارهمْ سَلَفًا لِكُفَّارِ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 23912 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا } فِي النَّار . 23913 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر : { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا } قَالَ : سَلَفًا إِلَى النَّار.
وَقَوْله : { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } يَقُول : وَعِبْرَة وَعِظَة يَتَّعِظ بِهِمْ مَنْ بَعْدهمْ مِنَ الْأُمَم , فَيَنْتَهُوا عَنْ الْكُفْر بِاللَّهِ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23914 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , مُجَاهِد { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } قَالَ : عِبْرَة لِمَنْ بَعْدهمْ . 23915 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا أَبُو ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } : أَيْ عِظَة لِلْآخَرِينَ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } : أَيْ عِظَة لِمَنْ بَعْدهمْ . 23916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { جَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا } قَالَ : عِبْرَة .
وَقَوْله : { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } يَقُول : وَعِبْرَة وَعِظَة يَتَّعِظ بِهِمْ مَنْ بَعْدهمْ مِنَ الْأُمَم , فَيَنْتَهُوا عَنْ الْكُفْر بِاللَّهِ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23914 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , مُجَاهِد { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } قَالَ : عِبْرَة لِمَنْ بَعْدهمْ . 23915 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا أَبُو ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } : أَيْ عِظَة لِلْآخَرِينَ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَثَلًا لِلْآخَرِينَ } : أَيْ عِظَة لِمَنْ بَعْدهمْ . 23916 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { جَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا } قَالَ : عِبْرَة .
وَقَوْله : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْن مَرْيَم مَثَلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا شَبَّهَ اللَّه عِيسَى فِي إِحْدَاثه وَإِنْشَائِهِ إِيَّاهُ مِنْ غَيْر فَحْل بِآدَم , فَمَثَّلَهُ بِهِ بِأَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب مِنْ غَيْر فَحْل , إِذَا قَوْمك يَا مُحَمَّد مِنْ ذَلِكَ يَضِجُّونَ وَيَقُولُونَ : مَا يُرِيد مُحَمَّد مِنَّا إِلَّا أَنْ نَتَّخِذهُ إِلَهًا نَعْبُدهُ , كَمَا عَبَدَتْ النَّصَارَى الْمَسِيح . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23917 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّون } قَالَ : يَضِجُّونَ ; قَالَ : قَالَتْ قُرَيْش : إِنَّمَا يُرِيد مُحَمَّد أَنْ نَعْبُدهُ كَمَا عَبَدَ قَوْم عِيسَى عِيسَى . 23918 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا ذُكِرَ عِيسَى ابْن مَرْيَم جَزِعَتْ قُرَيْش مِنْ ذَلِكَ , وَقَالُوا : يَا مُحَمَّد مَا ذَكَرْت عِيسَى ابْن مَرْيَم , وَقَالُوا : مَا يُرِيد مُحَمَّد إِلَّا أَنْ نَصْنَع بِهِ كَمَا صَنَعَتْ النَّصَارَى بِعِيسَى ابْن مَرْيَم , فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا } 43 58 * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا ذُكِرَ عِيسَى فِي الْقُرْآن قَالَ مُشْرِكُو قُرَيْش : يَا مُحَمَّد مَا أَرَدْت إِلَى ذِكْر عِيسَى ؟ قَالَ : وَقَالُوا : إِنَّمَا يُرِيد أَنْ نُحِبّهُ كَمَا أَحَبَّتْ النَّصَارَى عِيسَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } 21 89 قِيلَ الْمُشْرِكِينَ عِنْد نُزُولهَا : قَدْ رَضِينَا بِأَنْ تَكُون آلِهَتنَا مَعَ عِيسَى وَعُزَيْر وَالْمَلَائِكَة ; لِأَنَّ كُلّ هَؤُلَاءِ مِمَّا يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } وَقَالُوا : أَآلِهَتنَا خَيْر أَمْ هُوَ ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23919 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , ثنا أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَعْنِي قُرَيْشًا لَمَّا قِيلَ لَهُمْ { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } 21 89 فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْش : فَمَا ابْن مَرْيَم ؟ قَالَ : ذَاكَ عَبْد اللَّه وَرَسُوله , فَقَالُوا : وَاللَّه مَا يُرِيد هَذَا إِلَّا أَنْ نَتَّخِذهُ رَبًّا كَمَا اتَّخَذَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْن مَرْيَم رَبًّا , فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { يَصُدُّونَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة , وَجَمَاعَة مِنْ قُرَّاء الْكُوفَة : " يَصُدُّونَ " بِضَمِّ الصَّاد . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة { يَصِدُّونَ } بِكَسْرِ الصَّاد . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب فِي فَرْق مَا بَيْن ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِضَمِّ الصَّاد , وَإِذَا قُرِئَ بِكَسْرِهَا , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة , وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , مِثْل يَشُدّ وَيَشِدّ , وَيَنُمّ وَيَنِمّ مِنَ النَّمِيمَة , وَقَالَ آخَر : مِنْهُمْ مَنْ كَسَرَ الصَّاد فَمَجَازهَا يَضِجُّونَ , وَمَنْ ضَمَّهَا فَمَجَازهَا يَعْدِلُونَ , وَقَالَ بَعْض مَنْ كَسَرَهَا : فَإِنَّهُ أَرَادَ يَضِجُّونَ , وَمَنْ ضَمَّهَا فَإِنَّهُ أَرَادَ الصُّدُود عَنِ الْحَقّ . 23920 - وَحُدِّثْت عَنِ الْفَرَّاء قَالَ : ثني أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , أَنَّ عَاصِمًا تَرَكَ يَصِدُّونَ مِنْ قِرَاءَة أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , وَقَرَأَ يَصُدُّونَ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر . حَدَّثَنِي عَاصِم , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنْ أَبِي يَحْيَى , أَنَّ ابْن عَبَّاس لَقِيَ ابْن أَخِي عُبَيْد بْن عُمَيْر , فَقَالَ : إِنَّ عَمّك لَعَرَبِيّ , فَمَا لَهُ يُلْحِن فِي قَوْله : " إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصُدُّونَ " , وَإِنَّمَا هِيَ { يَصِدُّونَ } . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , وَلَمْ نَجِد أَهْل التَّأْوِيل فَرَّقُوا بَيْن مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر , وَلَوْ كَانَ مُخْتَلِفًا مَعْنَاهُ , لَقَدْ كَانَ الِاخْتِلَاف فِي تَأْوِيله بَيْن أَهْله مَوْجُودًا وُجُود اخْتِلَاف الْقِرَاءَة فِيهِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَتَيْنِ , وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُخْتَلِف الْمَعْنَى لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ تَأْوِيله : يَضِجُّونَ وَيَجْزَعُونَ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب. ذِكْر مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ : 23921 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَضِجُّونَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } يَقُول : يَضِجُّونَ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ الْمُغِيرَة الضَّبِّيّ , عَنْ الصَّعْب بْن عُثْمَان قَالَ : كَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأ { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } , وَكَانَ يُفَسِّرهَا يَقُول : يَضِجُّونَ . * - ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ ابْن عَبَّاس { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَضِجُّونَ. * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة عَنْ عَاصِم عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ ابْن عَبَّاس بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَضِجُّونَ. 23922 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } : أَيْ يَجْزَعُونَ وَيَضِجُّونَ . - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَهَا { يَصِدُّونَ } : أَيْ يَضِجُّونَ , وَقَرَأَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ { يَصِدُّونَ } . 23923 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَضِجُّونَ. 23924 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ } قَالَ : يَضِجُّونَ .
وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا أَآلِهَتنَا خَيْر أَمْ هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ مُشْرِكُو قَوْمك يَا مُحَمَّد : آلِهَتنَا الَّتِي نَعْبُدهَا خَيْر ؟ أَمْ مُحَمَّد فَنَعْبُد مُحَمَّدًا ؟ وَنَتْرُك آلِهَتنَا ؟ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : { أَآلِهَتنَا خَيْر أَمْ هَذَا } . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 23925 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّ فِي حَرْف أُبَيّ بْن كَعْب { وَقَالُوا أَآلِهَتنَا خَيْر أَمْ هَذَا } يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : آلِهَتنَا خَيْر أَمْ عِيسَى ؟ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23926 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { وَقَالُوا أَآلِهَتنَا خَيْر أَمْ هُوَ ؟ مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } قَالَ : خَاصَمُوهُ , فَقَالُوا : يَزْعُم أَنَّ كُلّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُون اللَّه فِي النَّار , فَنَحْنُ نَرْضَى أَنْ تَكُون آلِهَتنَا مَعَ عِيسَى وَعُزَيْر وَالْمَلَائِكَة هَؤُلَاءِ قَدْ عُبِدُوا مِنْ دُون اللَّه , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه بَرَاءَة عِيسَى . 23927 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَآلِهَتنَا خَيْر } قَالَ : عَبَدَ هَؤُلَاءِ عِيسَى , وَنَحْنُ نَعْبُد الْمَلَائِكَة.
وَقَوْله : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } .... إِلَى { فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } . وَقَوْله تَعَالَى ذِكْره : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا مَثَّلُوا لَك هَذَا الْمَثَل يَا مُحَمَّد وَلَا قَالُوا لَك هَذَا الْقَوْل إِلَّا جَدَلًا وَخُصُومَة يُخَاصِمُونَك بِهِ { بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا بِقَوْمِك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي مُحَاجَّتهمْ إِيَّاكَ بِمَا يُحَاجُّونَك بِهِ طَلَب الْحَقّ { بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } يَلْتَمِسُونَ الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ . وَذُكِرَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَا ضَلَّ قَوْم عَنْ الْحَقّ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل " . ذِكْر الرِّوَايَة ذَلِكَ : 23928 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَعْلَى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن دِينَار , عَنْ أَبِي غَالِب عَنْ أَبِي أُمَامَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا ضَلَّ قَوْم بَعْد هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل , وَقَرَأَ : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا } . .. الْآيَة. * - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ وَأَبُو كُرَيْب قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن دِينَار , عَنْ أَبِي غَالِب , عَنْ أَبِي أُمَامَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَبَّاد بْن عَبَّاد عَنْ جَعْفَر بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَة " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , خَرَجَ عَلَى النَّاس وَهُمْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآن , فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا , حَتَّى كَأَنَّمَا صُبَّ عَلَى وَجْهه الْخَلّ , ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَضْرِبُوا كِتَاب اللَّه بَعْضه بِبَعْضٍ , فَإِنَّهُ مَا ضَلَّ قَوْم قَطُّ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل " , ثُمَّ تَلَا : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } .
وَقَوْله : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } .... إِلَى { فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } . وَقَوْله تَعَالَى ذِكْره : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا مَثَّلُوا لَك هَذَا الْمَثَل يَا مُحَمَّد وَلَا قَالُوا لَك هَذَا الْقَوْل إِلَّا جَدَلًا وَخُصُومَة يُخَاصِمُونَك بِهِ { بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا بِقَوْمِك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي مُحَاجَّتهمْ إِيَّاكَ بِمَا يُحَاجُّونَك بِهِ طَلَب الْحَقّ { بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } يَلْتَمِسُونَ الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ . وَذُكِرَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَا ضَلَّ قَوْم عَنْ الْحَقّ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل " . ذِكْر الرِّوَايَة ذَلِكَ : 23928 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَعْلَى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن دِينَار , عَنْ أَبِي غَالِب عَنْ أَبِي أُمَامَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا ضَلَّ قَوْم بَعْد هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل , وَقَرَأَ : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا } . .. الْآيَة. * - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ وَأَبُو كُرَيْب قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن دِينَار , عَنْ أَبِي غَالِب , عَنْ أَبِي أُمَامَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَبَّاد بْن عَبَّاد عَنْ جَعْفَر بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَة " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , خَرَجَ عَلَى النَّاس وَهُمْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآن , فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا , حَتَّى كَأَنَّمَا صُبَّ عَلَى وَجْهه الْخَلّ , ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَضْرِبُوا كِتَاب اللَّه بَعْضه بِبَعْضٍ , فَإِنَّهُ مَا ضَلَّ قَوْم قَطُّ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَل " , ثُمَّ تَلَا : { مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ } .
وَقَوْله : { إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْد أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمَا عِيسَى إِلَّا عَبْد مِنْ عِبَادنَا , أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ بِالتَّوْفِيقِ وَالْإِيمَان , وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيل , يَقُول : وَجَعَلْنَاهُ آيَة لِبَنِي إِسْرَائِيل , وَحُجَّة لَنَا عَلَيْهِمْ بِإِرْسَالِنَاهُ إِلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ إِلَيْنَا , وَلَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُول النَّصَارَى مِنْ أَنَّهُ ابْن اللَّه تَعَالَى , تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23929 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْد أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ عِيسَى ابْن مَرْيَم , مَا عَدَا ذَلِكَ عِيسَى ابْن مَرْيَم , إِنْ كَانَ إِلَّا عَبْدًا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا أَيْضًا فِي قَوْله : { وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيل } قَالُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23930 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ قَتَادَة { مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيل } أَحْسِبهُ قَالَ : آيَة لِبَنِي إِسْرَائِيل . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيل } أَيْ آيَة .
قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ نَشَاء مَعْشَر بَنِي آدَم أَهْلَكْنَاكُمْ , فَأَفْنَيْنَا جَمِيعكُمْ , وَجَعَلْنَا بَدَلًا مِنْكُمْ فِي الْأَرْض مَلَائِكَة يَخْلُفُونُكُمْ فِيهَا يَعْبُدُونَنِي وَذَلِكَ نَحْو قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبكُمْ أَيّهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا } 4 133 وَكَمَا قَالَ : { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبكُمْ وَيَسْتَخْلِف مِنْ بَعْدكُمْ مَا يَشَاء } 6 133 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23931 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } يَقُول : يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا . 23932 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } قَالَ : يَعْمُرُونَ الْأَرْض بَدَلًا مِنْكُمْ . 23933 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } قَالَ : يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا , مَكَان بَنِي آدَم . * -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } لَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَ فِي الْأَرْض مَلَائِكَة يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا . 23934 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ } قَالَ : خَلَفًا مِنْكُمْ .