الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْوَادِي الَّذِي يَسِيل مِنْ صَدِيد أَهْل جَهَنَّم فِي أَسْفَلهَا لِلَّذِينَ يُطَفِّفُونَ , يَعْنِي : لِلَّذِينَ يَنْقُصُونَ النَّاس , وَيَبْخَسُونَهُمْ حُقُوقهمْ فِي مَكَايِيلهمْ إِذَا كَالُوهُمْ , أَوْ مَوَازِينهمْ إِذَا وَزَنُوا لَهُمْ عَنْ الْوَاجِب لَهُمْ مِنْ الْوَفَاء ; وَأَصْل ذَلِكَ مِنْ الشَّيْء الطَّفِيف , وَهُوَ الْقَلِيل النَّزْر , وَالْمُطَفِّف : الْمُقَلِّل حَقّ صَاحِب الْحَقّ عَمَّا لَهُ مِنْ الْوَفَاء وَالتَّمَام فِي كَيْل أَوْ وَزْن ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَوْمِ الَّذِي يَكُونُونَ سَوَاء فِي حِسْبَة أَوْ عَدَد : هُمْ سَوَاء كَطَفِّ الصَّاع , يَعْنِي بِذَلِكَ : كَقُرْبِ الْمُمْتَلِئ مِنْهُ نَاقِص عَنْ الْمِلْء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28349 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ ضِرَار , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ لَهُ رَجُل : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن , إِنَّ أَهْل الْمَدِينَة لَيُوفُونَ الْكَيْل , قَالَ : وَمَا يَمْنَعهُمْ مِنْ أَنْ يُوفُوا الْكَيْل , وَقَدْ قَالَ اللَّه : { وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ } حَتَّى بَلَغَ : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } . 28350 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة كَانُوا مِنْ أَخْبَث النَّاس كَيْلًا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ } فَأَحْسَنُوا الْكَيْل . 28351 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش , قَالَ : ثَنَا سَلَم بْن قُتَيْبَة , عَنْ قَسَّام الصَّيْرَفِيّ , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : أَشْهَد أَنَّ كُلّ كَيَّال وَوَزَّان فِي النَّار , فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَد يَزِن كَمَا يَتَّزِن , وَلَا يَكِيل كَمَا يَكْتَال , وَقَدْ قَالَ اللَّه : { وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ } .
وَقَوْله : { الَّذِينَ إِذَا اِكْتَالُوا عَلَى النَّاس يَسْتَوْفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ إِذَا اِكْتَالُوا مِنْ النَّاس مَا لَهُمْ قَبْلهمْ مِنْ حَقّ , يَسْتَوْفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَيَكْتَالُونَهُ مِنْهُمْ وَافِيًا ; " وَعَلَى " " وَمِنْ " فِي هَذَا الْمَوْضِع يَتَعَاقَبَانِ غَيْر أَنَّهُ إِذَا قِيلَ : اِكْتَلْت مِنْك , يُرَاد : اِسْتَوْفَيْت مِنْك .
وَقَوْله : { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } يَقُول : وَإِذَا هُمْ كَالُوا لِلنَّاسِ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ . وَمِنْ لُغَة أَهْل الْحِجَاز أَنْ يَقُولُوا : وَزَنَتْك حَقّك , وَكِلْتُك طَعَامك , بِمَعْنَى : وَزَنْت لَك وَكِلْت لَك . وَمَنْ وَجَّهَ الْكَلَام إِلَى هَذَا الْمَعْنَى , جَعَلَ الْوَقْف عَلَى هُمْ , وَجَعَلَ هُمْ فِي مَوْضِع نَصْب . وَكَانَ عِيسَى بْن عُمَر فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَجْعَلهُمَا حَرْفَيْنِ , وَيَقِف عَلَى كَالُوا , وَعَلَى وَزَنُوا , ثُمَّ يَبْتَدِئ : هُمْ يُخْسِرُونَ . فَمَنْ وَجَّهَ الْكَلَام إِلَى هَذَا الْمَعْنَى , جَعَلَ هُمْ فِي مَوْضِع رَفْع , وَجَعَلَ كَالُوا وَوَزَنُوا مُكْتَفِيَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا . وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ عِنْدِي : الْوَقْف عَلَى هُمْ , لِأَنَّ كَالُوا وَوَزَنُوا لَوْ كَانَا مُكْتَفِيَيْنِ , وَكَانَتْ هُمْ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا , كَانَتْ كِتَابَة كَالُوا وَوَزَنُوا بِأَلِفٍ فَاصِلَة بَيْنهَا وَبَيْن هُمْ مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا , إِذْ كَانَ بِذَلِكَ جَرَى الْكِتَاب فِي نَظَائِر ذَلِكَ , إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِهِ شَيْء مِنْ كِنَايَات الْمَفْعُول , فَكِتَابهمْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِع بِغَيْرِ أَلِف أَوْضَحَ الدَّلِيل عَلَى أَنَّ قَوْله : { هُمْ } إِنَّمَا هُوَ كِنَايَة أَسْمَاء الْمَفْعُول بِهِمْ . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا , عَلَى مَا بَيَّنَّا .
وَقَوْله : { يُخْسِرُونَ } يَقُول : يَنْقُصُونَهُمْ .
وَقَوْله : { يُخْسِرُونَ } يَقُول : يَنْقُصُونَهُمْ .
وَقَوْله : { أَلَا يَظُنّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَا يَظُنّ هَؤُلَاءِ الْمُطَفِّفُونَ النَّاس فِي مَكَايِيلهمْ وَمَوَازِينهمْ , أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورهمْ بَعْد مَمَاتهمْ ,
لِيَوْمٍ عَظِيم شَأْنه , هَائِل أَمْره , فَظِيع هَوْله .
وَقَوْله : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فَيَوْم يَقُوم تَفْسِير عَنْ الْيَوْم الْأَوَّل الْمَخْفُوض , وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِ اللَّام , رُدَّ إِلَى " مَبْعُوثُونَ " , فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَلَا يَظُنّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ يَوْم يَقُوم النَّاس ؟ وَقَدْ يَجُوز نَصْبه وَهُوَ بِمَعْنَى الْخَفْض , لِأَنَّهَا إِضَافَة غَيْر مَحْضَة , وَلَوْ خُفِضَ رَدًّا عَلَى الْيَوْم الْأَوَّل لَمْ يَكُنْ لَحْنًا , وَلَوْ رُفِعَ جَازَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَكُنْت كَذِي رِجْلَيْنِ : رِجْل صَحِيحَة وَرِجْل رَمَى فِيهَا الزَّمَان فَشُلَّتْ وَذُكِرَ أَنَّ النَّاس يَقُومُونَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى يُلْجِمهُمْ الْعَرَق , فَبَعْض يَقُول : مِقْدَار ثَلَاث مِائَة عَام , وَبَعْض يَقُول : مِقْدَار أَرْبَعِينَ عَامًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28352 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : " يَقُوم أَحَدكُمْ فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : يَغِيب أَحَدهمْ فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَوْن , عَنْ نَافِع , قَالَ : قَالَ اِبْن عُمَر : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } حَتَّى يَقُوم أَحَدهمْ فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ . 28353 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ النَّاس يُوقَفُونَ يَوْم الْقِيَامَة لِعَظَمَةِ اللَّه , حَتَّى إِنَّ الْعَرَق لَيُلْجِمهُمْ إِلَى أَنْصَاف آذَانهمْ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } " يَوْم الْقِيَامَة لِعَظَمَةِ الرَّحْمَن " , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا آدَم , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } " يَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى يَغِيب أَحَدهمْ إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ فِي رَشْحه " . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَبِيب , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ صَالِح , قَالَ : ثَنَا نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } " وَيَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى يَتَغَيَّب أَحَدهمْ إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ فِي رَشْحه " . 28354 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة بْن سَعِيد , عَنْ مُحَارِب بْن دِثَار , عَنْ اِبْن عُمَر , فِي قَوْله : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : يَقُومُونَ مِائَة سَنَة . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } " يَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى إِنَّ الْعَرَق لَيُلْجِم الرَّجُل إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا يَحْيَى , عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَقُوم أَحَدهمْ فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ " . 28355 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم السِّلِيْمِيّ الْمَعْرُوف بِابْنِ صُدْرَان , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد السَّلَام بْن عَجْلَان , قَالَ : ثَنَا يَزِيد الْمَدَنِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَشِيرِ الْغِفَارِيّ : " كَيْف أَنْتَ صَانِع فِي يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِقْدَار ثَلَاث مِائَة سَنَة مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا , لَا يَأْتِيهِمْ خَبَر مِنْ السَّمَاء , وَلَا يُؤْمَر فِيهِمْ بِأَمْرٍ ؟ " قَالَ بَشِير : الْمُسْتَعَان اللَّه يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : " وَإِذَا أَنْتَ أَتَيْت إِلَى فِرَاشك فَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ كَرْب يَوْم الْقِيَامَة , وَسُوء الْحِسَاب " . 28356 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي قَوْله : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : يَمْكُثُونَ أَرْبَعِينَ عَامًا رَافِعِي رُءُوسهمْ إِلَى السَّمَاء , لَا يُكَلِّمهُمْ أَحَد , قَدْ أَلْجَمَ الْعَرَق كُلّ بَرّ وَفَاجِر , قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ : أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبّكُمْ أَنْ خَلَقَكُمْ ثُمَّ صَوَّرَكُمْ , ثُمَّ رَزَقَكُمْ , ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْره , أَنْ يُوَلِّي كُلّ عَبْد مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى فِي الدُّنْيَا ؟ قَالُوا : بَلَى . ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث بِطُولِهِ . 28357 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ قَيْس بْن سَكَن , قَالَ : حَدَّثَ عَبْد اللَّه , وَهُوَ عِنْد عُمَر { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُوم النَّاس بَيْن يَدَيْ رَبّ الْعَالَمِينَ أَرْبَعِينَ عَامًا , شَاخِصَة أَبْصَارهمْ إِلَى السَّمَاء , حُفَاة عُرَاة يُلْجِمهُمْ الْعَرَق , وَلَا يُكَلِّمهُمْ بَشَر أَرْبَعِينَ عَامًا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 28358 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول : يَقُومُونَ ثَلَاث مِائَة سَنَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان وَسَعِيد , عَنْ قَتَادَة { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : كَانَ كَعْب يَقُول : يَقُومُونَ مِقْدَار ثَلَاث مِائَة سَنَة . 28359 - قَالَ : قَتَادَة : وَحَدَّثَنَا الْعَلَاء بْن زِيَاد الْعَدَوِيّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ يَوْم الْقِيَامَة يَقْصُر عَلَى الْمُومِن , حَتَّى يَكُون كَإِحْدَى صَلَاته الْمَكْتُوبَة . * - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , قَالَ : ثَنَا الْعُمَرِيّ , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : " يَقُوم الرَّجُل فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ " . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : { يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } حَتَّى يَقُوم أَحَدهمْ فِي رَشْحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ . 28360 - قَالَ يَعْقُوب , قَالَ إِسْمَاعِيل , قُلْت لِابْنِ عَوْن : ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّه . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِك بْن أَنَس , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ , حَتَّى إِنَّ أَحَدهمْ لَيَغِيب فِي رَشْحه إِلَى نِصْف أُذُنَيْهِ " .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَلَّا , أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَمَا يَظُنّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار , أَنَّهُمْ غَيْر مَبْعُوثِينَ وَلَا مُعَذَّبِينَ , إِنَّ كِتَابهمْ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ أَعْمَالهمْ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا { لَفِي سِجِّين } وَهِيَ الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى , وَهُوَ " فِعِّيل " مِنْ السِّجْن , كَمَا قِيلَ : رَجُل سِكِّير مِنْ السُّكْر , وَفِسِّيق مِنْ الْفِسْق . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28361 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مُغِيث بْن سُمَيّ : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : فِي الْأَرْض السَّابِعَة . 28362 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مُغِيث بْن سُمَيّ , قَالَ : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : الْأَرْض السُّفْلَى , قَالَ : إِبْلِيس مُوثَق بِالْحَدِيدِ وَالسَّلَاسِل فِي الْأَرْض السُّفْلَى . 28363 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِير بْن حَازِم , عَنْ سُلَيْمَان الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا إِلَى كَعْب أَنَا وَرَبِيع بْن خَيْثَم وَخَالِد بْن عَرْعَرَة , وَرَهْط مِنْ أَصْحَابنَا , فَأَقْبَلَ اِبْن عَبَّاس , فَجَلَسَ إِلَى جَنْب كَعْب , فَقَالَ : يَا كَعْب , أَخْبِرْنِي عَنْ سِجِّين , فَقَالَ كَعْب : أَمَّا سِجِّين : فَإِنَّهَا الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى , وَفِيهَا أَرْوَاح الْكُفَّار تَحْت حَدّ إِبْلِيس . 28364 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } ذُكِرَ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو كَانَ يَقُول : هِيَ الْأَرْض السُّفْلَى , فِيهَا أَرْوَاح الْكُفَّار , وَأَعْمَالهمْ أَعْمَال السُّوء . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فِي سِجِّين } قَالَ : فِي أَسْفَل الْأَرْض السَّابِعَة . 28365 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } يَقُول : أَعْمَالهمْ فِي كِتَاب فِي الْأَرْض السُّفْلَى . 28366 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فِي سِجِّين } قَالَ : عَمَلهمْ فِي الْأَرْض السَّابِعَة لَا يَصْعَد . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِد , قَالَ : ثَنَا مُطَرِّف بْن مَازِن : قَاضِي الْيَمَن , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : { سِجِّين } الْأَرْض السَّابِعَة . 28367 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَفِي سِجِّين } يَقُول : فِي الْأَرْض السُّفْلَى . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى . 28368 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : يُقَال سِجِّين : الْأَرْض السَّافِلَة , وَسِجِّين : بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ حَدّ إِبْلِيس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28369 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ حَفْص بْن حُمَيْد , عَنْ شِمْر , قَالَ : جَاءَ اِبْن عَبَّاس إِلَى كَعْب الْأَحْبَار , فَقَالَ لَهُ اِبْن عَبَّاس : حَدَّثَنِي عَنْ قَوْل اللَّه : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } . الْآيَة , قَالَ كَعْب : إِنَّ رُوح الْفَاجِر يُصْعَد بِهَا إِلَى السَّمَاء , فَتَأْبَى السَّمَاء أَنْ تَقْبَلهَا , وَيُهْبَط بِهَا إِلَى الْأَرْض , فَتَأْبَى الْأَرْض أَنْ تَقْبَلهَا , فَتَهْبِط فَتَدْخُل تَحْت سَبْع أَرْضِينَ , حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى سِجِّين , وَهُوَ حَدّ إِبْلِيس , فَيَخْرُج لَهَا مِنْ سِجِّين مِنْ تَحْت حَدّ إِبْلِيس رَقّ , فَيُرْقَم وَيُخْتَم , يُوضَع تَحْت حَدّ إِبْلِيس بِمَعْرِفَتِهَا الْهَلَاك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . 28370 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : تَحْت حَدّ إِبْلِيس . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ جُبّ فِي جَهَنَّم مَفْتُوح , وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 28371 - حَدَّثَنَا بِهِ إِسْحَاق بْن وَهْب الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا مَسْعُود بْن مُوسَى بْن مُشْكَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا نَضْر بْن خُزَيْمَة الْوَاسِطِيّ , عَنْ شُعَيْب بْن صَفْوَان , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْله : قَالَ : " الْفَلَق جُبّ فِي جَهَنَّم مُغَطَّى , وَأَمَّا سِجِّين فَمَفْتُوح " . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : ذَكَرُوا أَنَّ سِجِّين : الصَّخْرَة الَّتِي تَحْت الْأَرْض , قَالَ : وَيَرَى أَنَّ سِجِّين صِفَة مِنْ صِفَاتهَا , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا اِسْمًا لَمْ يُجَرّ , قَالَ : وَإِنْ قُلْت أَجْرَيْته لِأَنِّي ذَهَبْت بِالصَّخْرَةِ إِلَى أَنَّهَا الْحَجَر الَّذِي فِيهِ الْكِتَاب كَانَ وَجْهًا . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْت فِي مَعْنَى قَوْله : { سِجِّين } لِمَا : 28372 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , قَالَ : ثَنَا الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ زَادَانِ أَبِي عَمْرو , عَنْ الْبَرَاء , قَالَ : { سِجِّين } الْأَرْض السُّفْلَى . 28373 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ زَادَانِ , عَنْ الْبَرَاء , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " وَذَكَرَ نَفْس الْفَاجِر , وَأَنَّهُ يُغْمَد بِهَا إِلَى السَّمَاء قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوح الْخَبِيث ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ فُلَان بِأَقْبَح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا , فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ , فَلَا يُفْتَح لَهُ " ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " { لَا تُفَتَّح لَهُمْ أَبْوَاب السَّمَاء وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة حَتَّى يَلِج الْجَمَل فِي سَمِّ الْخِيَاط } فَيَقُول اللَّه : اُكْتُبُوا كِتَابه فِي أَسْفَل الْأَرْض فِي سِجِّين فِي الْأَرْض السُّفْلَى " . 28374 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْم , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْفُجَّار لَفِي سِجِّين } قَالَ : سِجِّين : صَخْرَة فِي الْأَرْض السَّابِعَة , فَيُجْعَل كِتَاب الْفُجَّار تَحْتهَا .
وَقَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَيّ شَيْء أَدْرَاك يَا مُحَمَّد , أَيّ شَيْء ذَلِكَ الْكِتَاب .
ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره , فَقَالَ : { كِتَاب مَرْقُوم } وَعُنِيَ بِالْمَرْقُومِ : الْمَكْتُوب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28375 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فِي كِتَاب مَرْقُوم } قَالَ : كِتَاب مَكْتُوب . 28376 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين كِتَاب مَرْقُوم } قَالَ : رُقِّمَ لَهُمْ بِشَرٍّ . 28377 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كِتَاب مَرْقُوم } قَالَ : الْمَرْقُوم : الْمَكْتُوب .
وَقَوْله : { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِهَذِهِ الْآيَات ,
يَقُول : الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الْحِسَاب وَالْمُجَازَاة . 28378 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّين } قَالَ أَهْل الشِّرْك يُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ , وَقَرَأَ : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلّكُمْ عَلَى رَجُل يُنَبِّئكُمْ } 34 7 إِلَى آخِر الْآيَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يُكَذِّب بِهِ إِلَّا كُلّ مُعْتَدٍ أَثِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُكَذِّب بِيَوْمِ الدِّين { إِلَّا كُلّ مُعْتَدٍ } اِعْتَدَى عَلَى اللَّه فِي قَوْله , فَخَالَفَ أَمْره , { أَثِيم } بِرَبِّهِ , كَمَا : 28379 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ } قَالَ اللَّه : { وَمَا يُكَذِّب بِهِ إِلَّا كُلّ مُعْتَدٍ أَثِيم } أَيْ بِيَوْمِ الدِّين , إِلَّا كُلّ مُعْتَدٍ فِي قَوْله , أَثِيم بِرَبِّهِ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِ حُجَجنَا وَأَدِلَّتنَا الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابنَا الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
يَقُول : قَالَ : هَذَا مَا سَطَرَهُ الْأَوَّلُونَ فَكَتَبُوهُ , مِنْ الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار .
يَقُول : قَالَ : هَذَا مَا سَطَرَهُ الْأَوَّلُونَ فَكَتَبُوهُ , مِنْ الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار .
وَقَوْله : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُكَذِّبًا لَهُمْ فِي قِيلهمْ ذَلِكَ : كَلَّا , مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ يَقُول : غَلَبَ عَلَى قُلُوبهمْ وَغَمَرَهَا , وَأَحَاطَتْ بِهَا الذُّنُوب فَغَطَّتْهَا ; يُقَال مِنْهُ : رَانَتْ الْخَمْر عَلَى عَقْله , فَهِيَ تَرِين عَلَيْهِ رَيْنًا , وَذَلِكَ إِذَا سَكِرَ , فَغَلَبَتْ عَلَى عَقْله , وَمِنْهُ قَوْل أَبِي زُبَيْد الطَّائِيّ : ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْر وَأَنْ لَا تَرِينهُ بِاتِّقَاءِ يَعْنِي تَرِينهُ بِمَخَافَةٍ , يَقُول : سَكِرَ فَهُوَ لَا يَنْتَبِه ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : لَمْ نَرْوَ حَتَّى هَجَّرَتْ وَرِينَ بِي وَرِينَ بِالسَّاقِي الَّذِي أَمْسَى مَعِي وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَجَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28380 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِد , عَنْ اِبْن عَجْلَان , عَنْ الْقَعْقَاع بْن حَكِيم , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْد نُكِتَ فِي قَلْبه نُكْتَة سَوْدَاء , فَإِنْ تَابَ صُقِلَ مِنْهَا , فَإِنْ عَادَ عَادَتْ حَتَّى تَعْظُم فِي قَلْبه , فَذَلِكَ الرَّان الَّذِي قَالَ اللَّه { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } " . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا صَفْوَان بْن عِيسَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَجْلَان , عَنْ الْقَعْقَاع , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَة سَوْدَاء فِي قَلْبه , فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفِرْ صَقَلَتْ قَلْبه فَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُو قَلْبًا , فَذَلِكَ الرَّان الَّذِي قَالَ اللَّه : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } " * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سُهَيْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان , عَنْ الْقَعْقَاع بْن حَكِيم , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ الْعَبْد إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَة سَوْدَاء فِي قَلْبه , فَإِنْ تَابَ مِنْهَا صُقِلَ قَلْبه , فَإِنْ زَادَ زَادَتْ , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } " . * - حَدَّثَنِي أَبُو صَالِح الضَّرَارِيّ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : أَخْبَرَنِي طَارِق بْن عَبْد الْعَزِيز , عَنْ اِبْن عَجْلَان , عَنْ الْقَعْقَاع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول إِلَله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْعَبْد إِذَا أَخْطَأَ كَانَتْ نُكْتَة فِي قَلْبه , فَإِنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ وَنَزَعَ صَقَلَتْ قَلْبه , وَذَلِكَ الرَّان الَّذِي ذَكَرَ اللَّه { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ أَبُو صَالِح : كَذَا قَالَ : صَقَلَتْ , وَقَالَ غَيْره : سَقَلَتْ . 28381 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد , عَنْ خُلَيْد , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : وَقَرَأَ { بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : الذَّنْب عَلَى الذَّنْب حَتَّى يَمُوت قَلْبه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : الذَّنْب عَلَى الذَّنْب حَتَّى يَعْمَى الْقَلْب فَيَمُوت . 28382 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : الْعَبْد يَعْمَل بِالذُّنُوبِ , فَتُحِيط بِالْقَلْبِ , ثُمَّ تَرْتَفِع , حَتَّى تَغْشَى الْقَلْب . 28383 - حَدَّثَنِي عِيسَى بْن عُثْمَان بْن عِيسَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : أَرَانَا مُجَاهِد بِيَدِهِ , قَالَ , كَانُوا يَرَوْنَ الْقَلْب فِي مِثْل هَذَا , يَعْنِي الْكَفّ , فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْد ذَنْبًا ضَمَّ مِنْهُ , وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ الْخِنْصَر هَكَذَا , فَإِذَا أَذْنَبَ ضَمَّ أُصْبُعًا أُخْرَى , فَإِذَا أَذْنَبَ ضَمَّ أُصْبُعًا أُخْرَى , حَتَّى ضَمَّ أَصَابِعه كُلّهَا , ثُمَّ يُطْبَع عَلَيْهِ بِطَابَعٍ , قَالَ مُجَاهِد : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّيْن . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْقَلْب مِثْل الْكَفّ , فَإِذَا أَذْنَبَ الذَّنْب قَبَضَ أُصْبُعًا , حَتَّى يَقْبِض أَصَابِعه كُلّهَا , وَإِنَّ أَصْحَابنَا يَرَوْنَ أَنَّهُ الرَّان . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب مَرَّة أُخْرَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْقَلْب مِثْل الْكَفّ , وَإِذَا أَذْنَبَ اِنْقَبَضَ , وَقَبَضَ أُصْبُعه , فَإِذَا أَذْنَبَ اِنْقَبَضَ , حَتَّى يَنْقَبِض كُلّه , ثُمَّ يُطْبَع عَلَيْهِ , فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّان { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } قَالَ : الْخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهُ . * - حَدَّثَنَا الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } اِنْبَثَّتْ عَلَى قَلْبه الْخَطَايَا حَتَّى غَمَرَتْهُ . 28384 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } يَقُول : يُطْبَع . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : طُبِعَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَسَبُوا . 28385 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ طَلْحَة , عَنْ عَطَاء { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : غَشِيَتْ عَلَى قُلُوبهمْ فَهَوَتْ بِهَا , فَلَا يُفْزَعُونَ , وَلَا يَتَحَاشَوْنَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْحَسَن { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : هُوَ الذَّنْب حَتَّى يَمُوت الْقَلْب . * - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } قَالَ : الرَّان : الطَّبْع يَطْبَع الْقَلْب مِثْل الرَّاحَة , فَيُذْنِب الذَّنْب , فَيَصِير هَكَذَا , وَعَقَدَ سُفْيَان الْخِنْصَر , ثُمَّ يُذْنِب الذَّنْب فَيَصِير هَكَذَا , وَقَبَضَ سُفْيَان كَفّه , فَيُطْبَع عَلَيْهِ . 28386 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أَعْمَال السُّوء , إِي وَاَللَّه ذَنْب عَلَى ذَنْب , وَذَنْب عَلَى ذَنْب حَتَّى مَاتَ قَلْبه وَاسْوَدَّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } قَالَ : هَذَا الذَّنْب عَلَى الذَّنْب , حَتَّى يَرِين عَلَى الْقَلْب فَيَسْوَدّ . 28387 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ } قَالَ : غَلَبَ عَلَى قُلُوبهمْ ذُنُوبهمْ , فَلَا يَخْلُص إِلَيْهَا مَعَهَا خَيْر . 28388 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } قَالَ : الرَّجُل يُذْنِب الذَّنْب , فَيُحِيط الذَّنْب بِقَلْبِهِ , حَتَّى تَغْشَى الذُّنُوب عَلَيْهِ . قَالَ مُجَاهِد : وَهِيَ مِثْل الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة { بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَة وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَته فَأُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } 2 81
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا الْأَمْر كَمَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّين , مِنْ أَنَّ لَهُمْ عِنْد اللَّه زُلْفَة , إِنَّهُمْ يَوْمئِذٍ عَنْ رَبّهمْ لَمَحْجُوبُونَ , فَلَا يَرَوْنَهُ , وَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ كَرَامَته يَصِل إِلَيْهِمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرَامَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28389 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد مُسْلِم , عَنْ خُلَيْد , عَنْ قَتَادَة { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } هُوَ لَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ , وَلَا يُزَكِّيهِمْ , وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم . 28390 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , قَالَ : ثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , قَالَ : ثَنِي نِمْرَان أَبُو الْحَسَن الذِّمَارِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } قَالَ : الْمَنَّان , وَالْمُخْتَال , وَاَلَّذِي يَقْتَطِع أَمْوَال النَّاس بِيَمِينِهِ بِالْبَاطِلِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَة رَبّهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28391 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمَّار الرَّازِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو مَعْمَر الْمِنْقَرِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبّهمْ يَوْمئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } قَالَ : يَكْشِف الْحِجَاب فَيَنْظُر إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ كُلّ يَوْم غَدْوَة وَعَشِيَّة , أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَنَّهُمْ عَنْ رُؤْيَته مَحْجُوبُونَ . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ الْحِجَاب عَنْ كَرَامَته , وَأَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ الْحِجَاب عَنْ ذَلِكَ كُلّه , وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مُرَاد بِذَلِكَ الْحِجَاب عَنْ مَعْنًى مِنْهُ دُون مَعْنًى , وَلَا خَبَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَتْ حُجَّته . فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال : هُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَته , وَعَنْ كَرَامَته , إِذْ كَانَ الْخَبَر عَامًّا , لَا دَلَالَة عَلَى خُصُوصه .
وَقَوْله : { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ إِنَّهُمْ لَوَارِدُو الْجَحِيم , فَمَشْوِيُّونَ فِيهَا .
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ثُمَّ يُقَال لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّين : هَذَا الْعَذَاب الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ الْيَوْم , هُوَ الْعَذَاب الَّذِي كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تُخْبِرُونَ أَنَّكُمْ ذَائِقُوهُ , فَتَكْذِبُونَ بِهِ , وَتُنْكِرُونَهُ , فَذُوقُوهُ الْآن , فَقَدْ صُلِيتُمْ بِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } وَالْأَبْرَار : جَمْع بَرّ , وَهُمْ الَّذِينَ بَرُّوا اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَحَارِمه . وَقَدْ كَانَ الْحَسَن يَقُول : هُمْ الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ شَيْئًا حَتَّى الذَّرّ . 28392 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ شَيْخ , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : سُئِلَ عَنْ الْأَبْرَار , قَالَ : الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ الذَّرّ . * - حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن زَيْد الْخَطَّابِيّ , قَالَ : ثَنَا الْفِرْيَابِيّ , عَنْ السَّرِيّ بْن يَحْيَى , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْأَبْرَار : هُمْ الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ الذَّرّ .
وَقَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى عِلِّيِّينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ السَّمَاء السَّابِعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28393 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِير بْن حَازِم , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , قَالَ : سَأَلَ اِبْن عَبَّاس كَعْبًا وَأَنَا حَاضِر عَنْ الْعِلِّيِّينَ , فَقَالَ كَعْب : هِيَ السَّمَاء السَّابِعَة , وَفِيهَا أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ . 28394 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , يَعْنِي الْعَتَكِيّ , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : فِي السَّمَاء الْعُلْيَا . 28395 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ أَبِيهِ , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : فِي السَّمَاء السَّابِعَة . 28396 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عِلِّيِّينَ } قَالَ : السَّمَاء السَّابِعَة . 28397 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } فِي السَّمَاء عِنْد اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْعِلِّيُّونَ : قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28398 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول : هِيَ قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . * - حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِد , قَالَ : ثَنَا مُطَرِّف بْن مَازِن , قَاضِي الْيَمَن , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : عِلِّيُّونَ : قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فِي عِلِّيِّينَ } فَوْق السَّمَاء السَّابِعَة , عِنْد قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . 28399 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : لَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ حَفْص , عَنْ شِمْر , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : جَاءَ اِبْن عَبَّاس إِلَى كَعْب الْأَحْبَار , فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَنْ قَوْل اللَّه { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } . .. الْآيَة , فَقَالَ كَعْب : إِنَّ الرُّوح الْمُؤْمِنَة إِذَا قُبِضَتْ , صُعِدَ بِهَا , فَفُتِحَتْ لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء , وَتَلَقَّتْهَا الْمَلَائِكَة بِالْبُشْرَى , ثُمَّ عَرَجُوا مَعَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْش , فَيُخْرَج لَهَا مِنْ عِنْد الْعَرْش رَقّ , فَيُرْقَم , ثُمَّ يُخْتَم بِمَعْرِفَتِهَا النَّجَاة بِحِسَابِ يَوْم الْقِيَامَة , وَتَشْهَد الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ : الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28400 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : الْجَنَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28401 - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْبُزُورِيّ مِنْ أَهْل الْكُوفَة , قَالَ : ثَنَا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَجْلَح , عَنْ الضَّحَّاك قَالَ : إِذَا قُبِضَ رُوح الْعَبْد الْمُؤْمِن عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء , فَتَنْطَلِق مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة , قَالَ الْأَجْلَح : قُلْت : وَمَا الْمُقَرَّبُونَ ؟ قَالَ : أَقْرَبهمْ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة , فَتَنْطَلِق مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة , ثُمَّ الرَّابِعَة , ثُمَّ الْخَامِسَة , ثُمَّ السَّادِسَة , ثُمَّ السَّابِعَة , حَتَّى تَنْتَهِي بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى . قَالَ الْأَجْلَح : قُلْت لِلضَّحَّاكِ : لِمَ تُسَمَّى سِدْرَة الْمُنْتَهَى ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يُنْتَهَى إِلَيْهَا كُلّ شَيْء مِنْ أَمْر اللَّه لَا يَعْدُوهَا , فَتَقُول : رَبّ عَبْدك فُلَان , وَهُوَ أَعْلَم بِهِ مِنْهُمْ , فَيَبْعَث اللَّه إِلَيْهِمْ بِصَكٍّ مَخْتُوم يُؤَمِّنهُ مِنْ الْعَذَاب , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عَلِيِّينَ وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ كِتَاب مَرْقُوم يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ : فِي السَّمَاء عِنْد اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28402 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } يَقُول : أَعْمَالهمْ فِي كِتَاب عِنْد اللَّه فِي السَّمَاء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ كِتَاب الْأَبْرَار فِي عِلِّيِّينَ ; وَالْعِلِّيُّونَ : جَمْع , مَعْنَاهُ : شَيْء فَوْق شَيْء , وَعُلُوّ فَوْق عُلُوّ , وَارْتِفَاع بَعْد اِرْتِفَاع , فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ بِالْيَاءِ وَالنُّون , كَجَمْعِ الرِّجَال , إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنَاء مِنْ وَاحِده وَاثْنَيْهِ , كَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْض الْعَرَب سَمَاعًا : أَطْعَمَنَا مَرَقَة مَرَقِين : يَعْنِي اللَّحْم الْمَطْبُوخ كَمَا قَالَ الشَّاعِر : قَدْ رَوِيَتْ إِلَّا الدُّهَيْد هِينَا قُلَيِّصَات وَأُبَيْكِرِينَا فَقَالَ : وَأُبَيْكِرِينَا , فَجَمَعَهَا بِالنُّونِ إِذْ لَمْ يَقْصِد عَدَدًا مَعْلُومًا مِنْ الْبَكَارَة , بَلْ أَرَادَ عَدَدًا لَا يُحَدّ آخِره , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فَأَصْبَحَتْ الْمَذَاهِب قَدْ أَذَاعَتْ بِهَا الْإِعْصَار بَعْد الْوَابِلِينَا يَعْنِي : مَطَرًا بَعْد مَطَر غَيْر مَحْدُود الْعَدَد , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِي كُلّ جَمْع لَمْ يَكُنْ بِنَاء لَهُ مِنْ وَاحِده وَاثْنَيْهِ , فَجَمْعه فِي جَمِيع الْإِنَاث , وَالذُّكْرَان بِالنُّونِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلهمْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاء : عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَاَلَّذِي ذَكَرْنَا , فَبَيِّن أَنَّ قَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } مَعْنَاهُ : فِي عُلُوّ وَارْتِفَاع , فِي سَمَاء فَوْق سَمَاء , وَعُلُوّ فَوْق عُلُوّ , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , وَإِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى , وَإِلَى قَائِمَة الْعَرْش , وَلَا خَبَر يَقْطَع الْعُذْر بِأَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ بَعْض ذَلِكَ دُون بَعْض . وَالصَّوَاب أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ كِتَاب أَعْمَال الْأَبْرَار لَفِي اِرْتِفَاع إِلَى حَدّ قَدْ عَلِمَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ مُنْتَهَاهُ , وَلَا عِلْم عِنْدنَا بِغَايَتِهِ , غَيْر أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْصُر عَنْ السَّمَاء السَّابِعَة , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى ذَلِكَ .
وَقَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى عِلِّيِّينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ السَّمَاء السَّابِعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28393 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِير بْن حَازِم , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , قَالَ : سَأَلَ اِبْن عَبَّاس كَعْبًا وَأَنَا حَاضِر عَنْ الْعِلِّيِّينَ , فَقَالَ كَعْب : هِيَ السَّمَاء السَّابِعَة , وَفِيهَا أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ . 28394 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , يَعْنِي الْعَتَكِيّ , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : فِي السَّمَاء الْعُلْيَا . 28395 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ أَبِيهِ , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : فِي السَّمَاء السَّابِعَة . 28396 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عِلِّيِّينَ } قَالَ : السَّمَاء السَّابِعَة . 28397 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } فِي السَّمَاء عِنْد اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْعِلِّيُّونَ : قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28398 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُول : هِيَ قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . * - حَدَّثَنِي عُمَر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِد , قَالَ : ثَنَا مُطَرِّف بْن مَازِن , قَاضِي الْيَمَن , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : عِلِّيُّونَ : قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فِي عِلِّيِّينَ } فَوْق السَّمَاء السَّابِعَة , عِنْد قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى . 28399 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : لَنَا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ حَفْص , عَنْ شِمْر , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : جَاءَ اِبْن عَبَّاس إِلَى كَعْب الْأَحْبَار , فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَنْ قَوْل اللَّه { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } . .. الْآيَة , فَقَالَ كَعْب : إِنَّ الرُّوح الْمُؤْمِنَة إِذَا قُبِضَتْ , صُعِدَ بِهَا , فَفُتِحَتْ لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء , وَتَلَقَّتْهَا الْمَلَائِكَة بِالْبُشْرَى , ثُمَّ عَرَجُوا مَعَهَا حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْش , فَيُخْرَج لَهَا مِنْ عِنْد الْعَرْش رَقّ , فَيُرْقَم , ثُمَّ يُخْتَم بِمَعْرِفَتِهَا النَّجَاة بِحِسَابِ يَوْم الْقِيَامَة , وَتَشْهَد الْمَلَائِكَة الْمُقَرَّبُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ : الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28400 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } قَالَ : الْجَنَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28401 - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْبُزُورِيّ مِنْ أَهْل الْكُوفَة , قَالَ : ثَنَا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَجْلَح , عَنْ الضَّحَّاك قَالَ : إِذَا قُبِضَ رُوح الْعَبْد الْمُؤْمِن عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء , فَتَنْطَلِق مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة , قَالَ الْأَجْلَح : قُلْت : وَمَا الْمُقَرَّبُونَ ؟ قَالَ : أَقْرَبهمْ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة , فَتَنْطَلِق مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة , ثُمَّ الرَّابِعَة , ثُمَّ الْخَامِسَة , ثُمَّ السَّادِسَة , ثُمَّ السَّابِعَة , حَتَّى تَنْتَهِي بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى . قَالَ الْأَجْلَح : قُلْت لِلضَّحَّاكِ : لِمَ تُسَمَّى سِدْرَة الْمُنْتَهَى ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يُنْتَهَى إِلَيْهَا كُلّ شَيْء مِنْ أَمْر اللَّه لَا يَعْدُوهَا , فَتَقُول : رَبّ عَبْدك فُلَان , وَهُوَ أَعْلَم بِهِ مِنْهُمْ , فَيَبْعَث اللَّه إِلَيْهِمْ بِصَكٍّ مَخْتُوم يُؤَمِّنهُ مِنْ الْعَذَاب , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { كَلَّا إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عَلِيِّينَ وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ كِتَاب مَرْقُوم يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِالْعِلِّيِّينَ : فِي السَّمَاء عِنْد اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28402 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ } يَقُول : أَعْمَالهمْ فِي كِتَاب عِنْد اللَّه فِي السَّمَاء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ كِتَاب الْأَبْرَار فِي عِلِّيِّينَ ; وَالْعِلِّيُّونَ : جَمْع , مَعْنَاهُ : شَيْء فَوْق شَيْء , وَعُلُوّ فَوْق عُلُوّ , وَارْتِفَاع بَعْد اِرْتِفَاع , فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ بِالْيَاءِ وَالنُّون , كَجَمْعِ الرِّجَال , إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِنَاء مِنْ وَاحِده وَاثْنَيْهِ , كَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْض الْعَرَب سَمَاعًا : أَطْعَمَنَا مَرَقَة مَرَقِين : يَعْنِي اللَّحْم الْمَطْبُوخ كَمَا قَالَ الشَّاعِر : قَدْ رَوِيَتْ إِلَّا الدُّهَيْد هِينَا قُلَيِّصَات وَأُبَيْكِرِينَا فَقَالَ : وَأُبَيْكِرِينَا , فَجَمَعَهَا بِالنُّونِ إِذْ لَمْ يَقْصِد عَدَدًا مَعْلُومًا مِنْ الْبَكَارَة , بَلْ أَرَادَ عَدَدًا لَا يُحَدّ آخِره , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فَأَصْبَحَتْ الْمَذَاهِب قَدْ أَذَاعَتْ بِهَا الْإِعْصَار بَعْد الْوَابِلِينَا يَعْنِي : مَطَرًا بَعْد مَطَر غَيْر مَحْدُود الْعَدَد , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِي كُلّ جَمْع لَمْ يَكُنْ بِنَاء لَهُ مِنْ وَاحِده وَاثْنَيْهِ , فَجَمْعه فِي جَمِيع الْإِنَاث , وَالذُّكْرَان بِالنُّونِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلهمْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاء : عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَاَلَّذِي ذَكَرْنَا , فَبَيِّن أَنَّ قَوْله : { لَفِي عِلِّيِّينَ } مَعْنَاهُ : فِي عُلُوّ وَارْتِفَاع , فِي سَمَاء فَوْق سَمَاء , وَعُلُوّ فَوْق عُلُوّ , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , وَإِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى , وَإِلَى قَائِمَة الْعَرْش , وَلَا خَبَر يَقْطَع الْعُذْر بِأَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ بَعْض ذَلِكَ دُون بَعْض . وَالصَّوَاب أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ كِتَاب أَعْمَال الْأَبْرَار لَفِي اِرْتِفَاع إِلَى حَدّ قَدْ عَلِمَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ مُنْتَهَاهُ , وَلَا عِلْم عِنْدنَا بِغَايَتِهِ , غَيْر أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْصُر عَنْ السَّمَاء السَّابِعَة , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى ذَلِكَ .
وَقَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مُعَجِّبه مِنْ عِلِّيِّينَ : وَأَيّ شَيْء أَشْعَرَك يَا مُحَمَّد مَا عِلِّيُّونَ ؟ .
وَقَوْله : { كِتَاب مَرْقُوم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ كِتَاب الْأَبْرَار لَفِي عِلِّيِّينَ , كِتَاب مَرْقُوم : أَيْ مَكْتُوب بِأَمَانٍ مِنْ اللَّه إِيَّاهُ مِنْ النَّار يَوْم الْقِيَامَة , وَالْفَوْز بِالْجَنَّةِ , كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْل عَنْ كَعْب الْأَحْبَار وَالضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , وَكَمَا : 28403 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { كِتَاب مَرْقُوم } رُقِمَ .
وَقَوْله : { يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } يَقُول : يَشْهَد ذَلِكَ الْكِتَاب الْمَكْتُوب بِأَمَانِ اللَّه لِلْبَرِّ مِنْ عِبَاده مِنْ النَّار , وَفَوْزه بِالْجَنَّةِ , الْمُقَرَّبُونَ مِنْ مَلَائِكَته مِنْ كُلّ سَمَاء مِنْ السَّمَوَات السَّبْع وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28404 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : كُلّ أَهْل السَّمَاء . 28405 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } مِنْ مَلَائِكَة اللَّه . 28406 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : يَشْهَدهُ مُقَرَّبُو أَهْل كُلّ سَمَاء . 28407 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يَشْهَدهُ الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : الْمَلَائِكَة .
وَقَوْله : { إِنَّ الْأَبْرَار لَفِي نَعِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْأَبْرَار الَّذِينَ بَرُّوا بِاتِّقَاءِ اللَّه , وَأَدَاء فَرَائِضه , لَفِي نَعِيم دَائِم , لَا يَزُول يَوْم الْقِيَامَة , وَذَلِكَ نَعِيمهمْ فِي الْجِنَان .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَلَى الْأَرَائِك يَنْظُرُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { عَلَى الْأَرَائِك يَنْظُرُونَ } عَلَى السُّرُر فِي الْحِجَال , مِنْ اللُّؤْلُؤ وَالْيَاقُوت , يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعْطَاهُمْ اللَّه مِنْ الْكَرَامَة وَالنَّعِيم , وَالْحَبَرَة فِي الْجِنَان . 28408 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : مِنْ اللُّؤْلُؤ وَالْيَاقُوت . 28409 - قَالَ : ثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس { الْأَرَائِك } السُّرُر فِي الْحِجَال .
وَقَوْله : { تَعْرِف فِي وُجُوههمْ نَضْرَة النَّعِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تَعْرِف فِي الْأَبْرَار الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ نَضْرَة النَّعِيم , يَعْنِي حُسْنه وَبِرِيقِهِ وَتَلَأْلُؤُهُ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { تَعْرِف } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى أَبِي جَعْفَر الْقَارِئ { تَعْرِف فِي وُجُوههمْ } بِفَتْحِ التَّاء مِنْ تَعْرِف عَلَى وَجْه الْخِطَاب { نَضْرَة النَّعِيم } بِنَصْبِ نَضْرَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر : " تُعْرَف " بِضَمِّ التَّاء عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , فِي وُجُوههمْ نَضْرَة النَّعِيم , بِرَفْعِ نَضْرَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار , وَذَلِكَ فَتْح التَّاء مِنْ { تَعْرِف } وَنَصْب { نَضْرَة } .
وَقَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } يَقُول : يُسْقَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار مِنْ خَمْر صِرْف لَا غِشّ فِيهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28410 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } قَالَ : مِنْ الْخَمْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } يَعْنِي بِالرَّحِيقِ : الْخَمْر . 28411 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } قَالَ : خَمْر . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الرَّحِيق : الْخَمْر . 28412 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { رَحِيق } قَالَ : هُوَ الْخَمْر . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } يَقُول : الْخَمْر . 28413 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } الرَّحِيق الْمَخْتُوم : الْخَمْر ; قَالَ حَسَّان : يَسْقُونَ مِنْ وَرَد الْبَرِيص عَلَيْهِمْ بَرَدَى يُصَفَّق بِالرَّحِيقِ السَّلْسَل 28414 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم } قَالَ : هُوَ الْخَمْر . 28415 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : الرَّحِيق : الْخَمْر .
وَأَمَّا قَوْله : { خِتَامه مِسْك } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَمْزُوج مَخْلُوط , مِزَاجه وَخَلْطه مِسْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28416 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث بْن أَبِي * الشَّعْثَاء , عَنْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , وَعَلْقَمَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود { خِتَامه مِسْك } قَالَ : لَيْسَ بِخَاتَمٍ , وَلَكِنْ خُلِطَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث بْن سُلَيْم , عَنْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود { خِتَامه مِسْك } قَالَ : أَمَّا إِنَّهُ لَيْسَ بِالْخَاتَمِ الَّذِي يُخْتَم , أَمَا سَمِعْتُمْ الْمَرْأَة مِنْ نِسَائِكُمْ تَقُول : طَيَّبَ كَذَا وَكَذَا خِلْطه مِسْك . 28417 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثَنَا أَيُّوب , عَنْ أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاء , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ عَلْقَمَة , فِي قَوْله : { خِتَامه مِسْك } قَالَ : خِلْطه مِسْك . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { مَخْتُوم } قَالَ : مَمْزُوج { خِتَامه مِسْك } قَالَ : طَعْمه وَرِيحه . * - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاء , عَنْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , عَنْ عَلْقَمَة { خِتَامه مِسْك } قَالَ : طَعْمه وَرِيحه مِسْك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ آخِر شَرَابهمْ يُخْتَم بِمِسْكٍ يُجْعَل فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28418 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { رَحِيق مَخْتُوم خِتَامه مِسْك } يَقُول : الْخَمْر : خُتِمَ بِالْمِسْكِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { خِتَامه مِسْك } قَالَ : طَيَّبَ اللَّه لَهُمْ الْخَمْر , فَكَانَ آخِر شَيْء جُعِلَ فِيهَا حَتَّى تُخْتَم , الْمِسْك . 28419 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { خِتَامه مِسْك } قَالَ : عَاقِبَته مِسْك , قَوْم تُمْزَج لَهُمْ بِالْكَافُورِ , وَتُخْتَم بِالْمِسْكِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { خِتَامه مِسْك } قَالَ : عَاقِبَته مِسْك . 28420 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { خِتَامه مِسْك } قَالَ طَيَّبَ اللَّه لَهُمْ الْخَمْر , فَوَجَدُوا فِيهَا فِي آخِر شَيْء مِنْهَا , رِيح الْمِسْك . 28421 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا حَاتِم بْن وَرْدَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة : { خِتَامه مِسْك } قَالَ : عَاقِبَته مِسْك . 28422 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة ; عَنْ جَابِر عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء { خِتَامه مِسْك } فَالشَّرَاب أَبْيَض مِثْل الْفِضَّة , يَخْتِمُونَ بِهِ شَرَابهمْ , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الدُّنْيَا أَدْخَلَ أُصْبُعه فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا , لَمْ يَبْقَ ذُو رُوح إِلَّا وَجَدَ طِيبهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { مَخْتُوم } مُطَيَّن { خِتَامه مِسْك } طِينه مِسْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28423 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَخْتُوم خِتَامه مِسْك } قَالَ : طِينه مِسْك . 28424 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مَخْتُوم } الْخَمْر { خِتَامه مِسْك } خِتَامه عِنْد اللَّه مِسْك , وَخِتَامهَا الْيَوْم فِي الدُّنْيَا طِين . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : آخِره وَعَاقِبَته مِسْك : أَيْ هِيَ طَيِّبَة الرِّيح , إِنَّ رِيحهَا فِي آخِر شُرْبهمْ , يُخْتَم لَهَا بِرِيحِ الْمِسْك . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ , لِأَنَّهُ لَا وَجْه لِلْخَتْمِ فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا الطَّبْع , وَالْفَرَاغ كَقَوْلِهِمْ : خَتَمَ فُلَان الْقُرْآن : إِذَا أَتَى عَلَى آخِره , فَإِذَا كَانَ لَا وَجْه لِلطَّبْعِ عَلَى شَرَاب أَهْل الْجَنَّة , يُفْهَم إِذَا كَانَ شَرَابهمْ جَارِيًا جَرْي الْمَاء فِي الْأَنْهَار , وَلَمْ يَكُنْ مُعَتَّقًا فِي الدِّنَان , فَيُطَيَّن عَلَيْهَا وَتُخْتَم , تَعَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيح مِنْ ذَلِكَ الْوَجْه الْآخَر , وَهُوَ الْعَاقِبَة وَالْمَشْرُوب آخِرًا , وَهُوَ الَّذِي خُتِمَ بِهِ الشَّرَاب . وَأَمَّا الْخَتْم بِمَعْنَى الْمَزْج , فَلَا نَعْلَمهُ مَسْمُوعًا مِنْ كَلَام الْعَرَب . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { خِتَامه مِسْك } سِوَى الْكِسَائِيّ , فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ : " خَاتِمه مِسْك " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل عِنْدنَا فِي ذَلِكَ : مَا عَلَيْهِ قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَهُوَ { خِتَامه } لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَالْخِتَام وَالْخَاتَم , وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي اللَّفْظ , فَإِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , غَيْر أَنَّ الْخَاتَم اِسْم , وَالْخِتَام مَصْدَر ; وَمِنْهُ قَوْل الْفَرَزْدَق : فَبِتْنَ بِجَانِبَيَّ مُصَرَّعَات وَبِتّ أَفُضّ أَغْلَاق الْخِتَام وَنَظِير ذَلِكَ قَوْلهمْ : هُوَ كَرِيم الطَّبَائِع وَالطِّبَاع .
وَقَوْله : { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفِي هَذَا النَّعِيم الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَعْطَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار فِي الْقِيَامَة , فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ . وَالتَّنَافُس : أَنْ يَنْفَس الرَّجُل عَلَى الرَّجُل بِالشَّيْءِ يَكُون لَهُ , وَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَهُ دُونه , وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ الشَّيْء النَّفِيس , وَهُوَ الَّذِي تَحْرِص عَلَيْهِ نُفُوس النَّاس , وَتَطْلُبهُ وَتَشْتَهِيه , وَكَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ : فَلْيَجِدْ النَّاس فِيهِ , وَإِلَيْهِ فَلْيَسْتَبِقُوا فِي طَلَبه , وَلْتَحْرِصْ عَلَيْهِ نُفُوسهمْ .
وَقَوْله : { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَفِي هَذَا النَّعِيم الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَعْطَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار فِي الْقِيَامَة , فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ . وَالتَّنَافُس : أَنْ يَنْفَس الرَّجُل عَلَى الرَّجُل بِالشَّيْءِ يَكُون لَهُ , وَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَهُ دُونه , وَهُوَ مَأْخُوذ مِنْ الشَّيْء النَّفِيس , وَهُوَ الَّذِي تَحْرِص عَلَيْهِ نُفُوس النَّاس , وَتَطْلُبهُ وَتَشْتَهِيه , وَكَانَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ : فَلْيَجِدْ النَّاس فِيهِ , وَإِلَيْهِ فَلْيَسْتَبِقُوا فِي طَلَبه , وَلْتَحْرِصْ عَلَيْهِ نُفُوسهمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِزَاج هَذَا الرَّحِيق مِنْ تَسْنِيم ; وَالتَّسْنِيم : التَّفْعِيل مِنْ قَوْل الْقَائِل : سَنَمَتهمْ الْعَيْن تَسْنِيمًا : إِذَا أَجْرَيْتهَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , فَكَانَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع : وَمِزَاجه مِنْ مَاء يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ فَيَنْحَدِر عَلَيْهِمْ . وَقَدْ كَانَ مُجَاهِد وَالْكَلْبِيّ يَقُولَانِ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ . 28425 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { تَسْنِيم } قَالَ : تَسْنِيم : يَعْلُو . 28426 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْكَلْبِيّ , فِي قَوْله : { تَسْنِيم } قَالَ : تَسْنِيم يَنْصَبّ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَهُوَ شَرَاب الْمُقَرَّبِينَ . وَأَمَّا سَائِر أَهْل التَّأْوِيل , فَقَالُوا : هُوَ عَيْن يُمْزَج بِهَا الرَّحِيق لِأَصْحَابِ الْيَمِين , وَأَمَّا الْمُقَرَّبُونَ , فَيَشْرَبُونَهَا صِرْفًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28427 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : يَشْرَبهُ الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَيُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . 28428 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , عَنْ مَسْرُوق , { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . * - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق { عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . 28429 - حَدَّثَنِي طَلْحَة بْن يَحْيَى الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : فِي الْجَنَّة عَيْن يَشْرَب مِنْهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . 28430 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } صِرْفًا , وَيُمْزَج فِيهَا لِمَنْ دُونهمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : التَّسْنِيم عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ , وَيُمْزَج فِيهَا لِمَنْ دُونهمْ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد . قَالَ . ثَنِي أَبِي . قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس . قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } عَيْنًا مِنْ مَاء الْجَنَّة , تُمْزَج بِهِ الْخَمْر . 28431 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّه لِأَهْلِ الْجَنَّة . 28432 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : هُوَ أَشْرَف شَرَاب فِي الْجَنَّة , هُوَ لِلْمُقَرَّبِينَ صِرْف , وَهُوَ لِأَهْلِ الْجَنَّة مِزَاج . 28432 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } شَرَاب شَرِيف , عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . 28434 - حَدَّثَنِي يُونُس . قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب . قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهَا عَيْن تَخْرُج مِنْ تَحْت الْعَرْش , وَهِيَ مِزَاج هَذِهِ الْخَمْر : يَعْنِي مِزَاج الرَّحِيق . 28435 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم } شَرَاب اِسْمه تَسْنِيم , وَهُوَ مِنْ أَشْرَف الشَّرَاب . فَتَأْوِيل الْكَلَام وَمِزَاج الرَّحِيق مِنْ عَيْن تُسْنَم عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , فَتَنْصَبّ عَلَيْهِمْ { يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } مِنْ اللَّه صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَهْلِ الْجَنَّة . وَاخْتَلَفَتْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب قَوْله : { عَيْنًا } قَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنْ شِئْت جَعَلْت نَصْبه عَلَى يُسْقَوْنَ عَيْنًا . وَإِنْ شِئْت جَعَلْته مَدْحًا , فَيُقْطَع مِنْ أَوَّل الْكَلَام , فَكَأَنَّك تَقُول : أَعْنِي عَيْنًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : نَصْب الْعَيْن عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَنْوِي مِنْ تَسْنِيم عَيْن , فَإِذَا نَوَّنْت نَصَبْت , كَمَا قَالَ : { أَوْ إِطْعَام فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة يَتِيمًا } 90 14 : 15 وَكَمَا قَالَ : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء } 77 25 : 26 وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَنْوِي مِنْ مَاء سَنَّمَ عَيْنًا , كَقَوْلِك : رَفَعَ عَيْنًا يَشْرَب بِهَا . قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّسْنِيم اِسْمًا لِلْمَاءِ , فَالْعَيْن نَكِرَة , وَالتَّسْنِيم مَعْرِفَة , وَإِنْ كَانَ اِسْمًا لِلْمَاءِ , فَالْعَيْن نَكِرَة فَخَرَجَتْ نَصْبًا . وَقَالَ آخَر مِنْ الْبَصْرِيِّينَ : { مِنْ تَسْنِيم } مَعْرِفَة , ثُمَّ قَالَ { عَيْنًا } فَجَاءَتْ نَكِرَة , فَنَصَبَتْهَا صِفَة لَهَا . وَقَالَ آخَر نُصِبَتْ بِمَعْنَى : مِنْ مَاء يَتَسَنَّم عَيْنًا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّ التَّسْنِيم اِسْم مَعْرِفَة , وَالْعَيْن نَكِرَة , فَنُصِبَتْ لِذَلِكَ إِذْ كَانَتْ صِفَة لَهُ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب لِمَا قَدْ قَدَّمْنَا مِنْ الرِّوَايَة عَنْ أَهْل التَّأْوِيل , أَنَّ التَّسْنِيم هُوَ الْعَيْن , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْن إِذْ كَانَتْ مَنْصُوبَة وَهِيَ نَكِرَة , أَنَّ التَّسْنِيم مَعْرِفَة .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِزَاج هَذَا الرَّحِيق مِنْ تَسْنِيم ; وَالتَّسْنِيم : التَّفْعِيل مِنْ قَوْل الْقَائِل : سَنَمَتهمْ الْعَيْن تَسْنِيمًا : إِذَا أَجْرَيْتهَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , فَكَانَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع : وَمِزَاجه مِنْ مَاء يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ فَيَنْحَدِر عَلَيْهِمْ . وَقَدْ كَانَ مُجَاهِد وَالْكَلْبِيّ يَقُولَانِ فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ . 28425 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { تَسْنِيم } قَالَ : تَسْنِيم : يَعْلُو . 28426 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْكَلْبِيّ , فِي قَوْله : { تَسْنِيم } قَالَ : تَسْنِيم يَنْصَبّ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَهُوَ شَرَاب الْمُقَرَّبِينَ . وَأَمَّا سَائِر أَهْل التَّأْوِيل , فَقَالُوا : هُوَ عَيْن يُمْزَج بِهَا الرَّحِيق لِأَصْحَابِ الْيَمِين , وَأَمَّا الْمُقَرَّبُونَ , فَيَشْرَبُونَهَا صِرْفًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28427 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : يَشْرَبهُ الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَيُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . 28428 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , عَنْ مَسْرُوق , { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . * - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُرَّة , عَنْ مَسْرُوق { عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَصْحَابِ الْيَمِين . 28429 - حَدَّثَنِي طَلْحَة بْن يَحْيَى الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : فِي الْجَنَّة عَيْن يَشْرَب مِنْهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . 28430 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } صِرْفًا , وَيُمْزَج فِيهَا لِمَنْ دُونهمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : التَّسْنِيم عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : عَيْن يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ , وَيُمْزَج فِيهَا لِمَنْ دُونهمْ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد . قَالَ . ثَنِي أَبِي . قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس . قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } عَيْنًا مِنْ مَاء الْجَنَّة , تُمْزَج بِهِ الْخَمْر . 28431 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : خَفَايَا أَخْفَاهَا اللَّه لِأَهْلِ الْجَنَّة . 28432 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } قَالَ : هُوَ أَشْرَف شَرَاب فِي الْجَنَّة , هُوَ لِلْمُقَرَّبِينَ صِرْف , وَهُوَ لِأَهْلِ الْجَنَّة مِزَاج . 28432 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم } شَرَاب شَرِيف , عَيْن فِي الْجَنَّة يَشْرَبهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا , وَتُمْزَج لِسَائِرِ أَهْل الْجَنَّة . 28434 - حَدَّثَنِي يُونُس . قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب . قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهَا عَيْن تَخْرُج مِنْ تَحْت الْعَرْش , وَهِيَ مِزَاج هَذِهِ الْخَمْر : يَعْنِي مِزَاج الرَّحِيق . 28435 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ تَسْنِيم } شَرَاب اِسْمه تَسْنِيم , وَهُوَ مِنْ أَشْرَف الشَّرَاب . فَتَأْوِيل الْكَلَام وَمِزَاج الرَّحِيق مِنْ عَيْن تُسْنَم عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقهمْ , فَتَنْصَبّ عَلَيْهِمْ { يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } مِنْ اللَّه صِرْفًا , وَتُمْزَج لِأَهْلِ الْجَنَّة . وَاخْتَلَفَتْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب قَوْله : { عَيْنًا } قَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنْ شِئْت جَعَلْت نَصْبه عَلَى يُسْقَوْنَ عَيْنًا . وَإِنْ شِئْت جَعَلْته مَدْحًا , فَيُقْطَع مِنْ أَوَّل الْكَلَام , فَكَأَنَّك تَقُول : أَعْنِي عَيْنًا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : نَصْب الْعَيْن عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَنْوِي مِنْ تَسْنِيم عَيْن , فَإِذَا نَوَّنْت نَصَبْت , كَمَا قَالَ : { أَوْ إِطْعَام فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة يَتِيمًا } 90 14 : 15 وَكَمَا قَالَ : { أَلَمْ نَجْعَل الْأَرْض كِفَاتًا أَحْيَاء } 77 25 : 26 وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَنْوِي مِنْ مَاء سَنَّمَ عَيْنًا , كَقَوْلِك : رَفَعَ عَيْنًا يَشْرَب بِهَا . قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّسْنِيم اِسْمًا لِلْمَاءِ , فَالْعَيْن نَكِرَة , وَالتَّسْنِيم مَعْرِفَة , وَإِنْ كَانَ اِسْمًا لِلْمَاءِ , فَالْعَيْن نَكِرَة فَخَرَجَتْ نَصْبًا . وَقَالَ آخَر مِنْ الْبَصْرِيِّينَ : { مِنْ تَسْنِيم } مَعْرِفَة , ثُمَّ قَالَ { عَيْنًا } فَجَاءَتْ نَكِرَة , فَنَصَبَتْهَا صِفَة لَهَا . وَقَالَ آخَر نُصِبَتْ بِمَعْنَى : مِنْ مَاء يَتَسَنَّم عَيْنًا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّ التَّسْنِيم اِسْم مَعْرِفَة , وَالْعَيْن نَكِرَة , فَنُصِبَتْ لِذَلِكَ إِذْ كَانَتْ صِفَة لَهُ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب لِمَا قَدْ قَدَّمْنَا مِنْ الرِّوَايَة عَنْ أَهْل التَّأْوِيل , أَنَّ التَّسْنِيم هُوَ الْعَيْن , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْن إِذْ كَانَتْ مَنْصُوبَة وَهِيَ نَكِرَة , أَنَّ التَّسْنِيم مَعْرِفَة .
وَقَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ اِكْتَسَبُوا الْمَآثِم , فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , كَانُوا فِيهَا مِنْ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه , وَصَدَّقُوا بِهِ , يَضْحَكُونَ , اِسْتِهْزَاء مِنْهُمْ بِهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28436 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ } فِي الدُّنْيَا , يَقُولُونَ : وَاَللَّه إِنَّ هَؤُلَاءِ لَكَذَبَة , وَمَا هُمْ عَلَى شَيْء , اِسْتِهْزَاء بِهِمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إِذَا مَرَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ; يَقُول : كَانَ بَعْضهمْ يَغْمِز بَعْضًا بِالْمُؤْمِنِ , اِسْتِهْزَاء بِهِ وَسُخْرِيَة .