" وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ " أي: برزت, واستعدت بجميع ما فيها من العذاب.
" لِلْغَاوِينَ " الذين أوضعوا في معاصي الله, وتجرأوا على محارمه, وكذبوا رسله, وردوا ما جاءوهم به من الحق " وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ " بأنفسهم أي: فلم يكن من ذلك من شيء.
وظهر كذبهم وخزيهم, ولاحت خسارتهم وفضيحتهم, وبان ندمهم, وضل سعيهم.
" لِلْغَاوِينَ " الذين أوضعوا في معاصي الله, وتجرأوا على محارمه, وكذبوا رسله, وردوا ما جاءوهم به من الحق " وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ " بأنفسهم أي: فلم يكن من ذلك من شيء.
وظهر كذبهم وخزيهم, ولاحت خسارتهم وفضيحتهم, وبان ندمهم, وضل سعيهم.
" فَكُبْكِبُوا فِيهَا " أي: ألقوا في النار " هُمْ " أي: ما كانوا يعبدون.
" وَالْغَاوُونَ " العابدون لها.
" وَالْغَاوُونَ " العابدون لها.
" وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ " من الإنس والجن, الذين أزهم إلى المعاصي أزا, وتسلط عليهم بشركهم وعدم إيمانهم, فصاروا من دعاته, والساعين في مرضاته.
وهم ما بين داع لطاعته, ومجيب لهم, ومقلد لهم على شركهم.
وهم ما بين داع لطاعته, ومجيب لهم, ومقلد لهم على شركهم.
" قَالُوا " أي: جنود إبليس الغاوون, لأصنامهم, وأوثانهم التي عبدوها:
" تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ " في العبادة والمحبة, والخوف, والرجاء, وندعوكم كما ندعوه.
فتبين لهم حينئذ, ضلالهم, وأقروا بعدل الله في عقوبتهم, وأنها في محلها.
وهم لم يسووهم برب العالمين, إلا في العبادة, لا في الخلق بدليل قولهم " برب العالمين " إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم, الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم.
فتبين لهم حينئذ, ضلالهم, وأقروا بعدل الله في عقوبتهم, وأنها في محلها.
وهم لم يسووهم برب العالمين, إلا في العبادة, لا في الخلق بدليل قولهم " برب العالمين " إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم, الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم.
" وَمَا أَضَلَّنَا " عن طريق الهدى والرشد, ودعانا إلى طريق الغي والفسق, " إِلَّا الْمُجْرِمُونَ " وهم الأئمة الذين يدعون إلى النار.
" فَمَا لَنَا " حينئذ " مِنْ شَافِعِينَ " يشفعون لنا, لينقذونا من عذابه.
" وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ " أي: قريب مصاف, ينفعنا بأدنى نفع, كما جرت العادة بذلك في الدنيا.
فأيسوا من كل خير, وأبلوا بما كسبوا, وتمنوا العودة إلى الدنيا, ليعملوا صالحا.
فأيسوا من كل خير, وأبلوا بما كسبوا, وتمنوا العودة إلى الدنيا, ليعملوا صالحا.
" فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً " أي: رجعة إلى الدنيا, وإعادة إليها " فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " لنسلم من العقاب, ونستحق الثواب.
هيهات هيهات, قد حيل بينهم وبين ما يشتهون, وقد غلقت منهم الرهون.
هيهات هيهات, قد حيل بينهم وبين ما يشتهون, وقد غلقت منهم الرهون.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ " الذي ذكرنا لكم ووصفنا " لَآيَةً " لكم " وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " مع نزول الآيات.
يذكر تعالى, تكذيب قوم نوح لرسولهم نوح, وما رد عليهم وردوا عليه, وعاقبة الجميع فقال: " كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ " جميعهم, لأن تكذيب نوح, كتكذيب جميع المرسلين.
لأنهم كلهم, اتفقوا على دعوة واحدة, وأخبار واحدة.
فتكذيب أحدهم, كتكذيب, بجميع ما جاءوا به من الحق.
كذبوه " إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ " في النسب " نُوحٍ " .
وإنما ابتعث الله الرسل, من نسب من أرسل إليهم, لئلا يشمئزوا من الانقياد له, ولأنهم يعرفون حقيقته, فلا يحتاجون أن يبحثوا عنه.
فقال لهم مخاطبا, بألطف خطاب, كما هي طريقة الرسل, صلوات الله وسلامه عليه.
" أَلَا تَتَّقُونَ " الله, تعالى, فتتركون ما أنتم مقيمون عليه, من عبادة الأوثان, وتخلصون العبادة لله وحده.
لأنهم كلهم, اتفقوا على دعوة واحدة, وأخبار واحدة.
فتكذيب أحدهم, كتكذيب, بجميع ما جاءوا به من الحق.
كذبوه " إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ " في النسب " نُوحٍ " .
وإنما ابتعث الله الرسل, من نسب من أرسل إليهم, لئلا يشمئزوا من الانقياد له, ولأنهم يعرفون حقيقته, فلا يحتاجون أن يبحثوا عنه.
فقال لهم مخاطبا, بألطف خطاب, كما هي طريقة الرسل, صلوات الله وسلامه عليه.
" أَلَا تَتَّقُونَ " الله, تعالى, فتتركون ما أنتم مقيمون عليه, من عبادة الأوثان, وتخلصون العبادة لله وحده.
" إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ " فكونه رسولا إليهم بالخصوص, يوجب لهم تلقي ما أرسل به إليهم, والإيمان به, وأن يشكروا الله تعالى, على أن خصهم بهذا الرسول الكريم.
وكونه أمينا, يقتضي أنه لا يقول على الله, ولا يزيد في وحيه, ولا ينقص.
وهذا يوجب لهم التصديق بخبره والطاعة لأمره.
وكونه أمينا, يقتضي أنه لا يقول على الله, ولا يزيد في وحيه, ولا ينقص.
وهذا يوجب لهم التصديق بخبره والطاعة لأمره.
" فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ " فيما أمركم به, ونهاكم عنه, فإن هذا, هو الذي يترتب على كونه رسولا إليهم, أمينا, فلذلك رتبه بالفاء, الدالة على السبب.
فذكر السبب الموجب, ثم ذكر انتفاء المانع فقال:
فذكر السبب الموجب, ثم ذكر انتفاء المانع فقال:
" وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ " فتتكلفون من المغرم الثقيل.
" إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ " أرجو بذلك, القرب منه, والثواب الجزيل.
وأما أنتم فمنيتي, ومنتهى إرادتي منكم, النصح لكم, وسلوككم الصراط المستقيم.
" إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ " أرجو بذلك, القرب منه, والثواب الجزيل.
وأما أنتم فمنيتي, ومنتهى إرادتي منكم, النصح لكم, وسلوككم الصراط المستقيم.
" فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ " كرر ذلك عليه السلام, لتكريره دعوة قومه, وطول مكثه في ذلك, كما قال تعالى " فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا " .
وقال " رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا " , الآيات.
فقالوا ردا لدعوته, ومعارضة له بما ليس يصلح للمعارضة.
وقال " رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا " , الآيات.
فقالوا ردا لدعوته, ومعارضة له بما ليس يصلح للمعارضة.
" أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ " أي: كيف نتبعك ونحن لا نرى أتباعك إلا أسافل الناس, وأراذلهم, وسقطهم.
بهذا يعرف عن تكبرهم عن الحق, وجهلهم بالحقائق, فإنهم لو كان قصدهم الحق, لقالوا - إن كان عندهم إشكال وشك في دعوته - بين لنا صحة ما جئت به بالطرق الموصلة إلى ذلك.
ولو تأملوا حق التأمل, لعلموا أن أتباعه, هم الأعلون, خيار الخلق, أهل العقول الرزينة, والأخلاق الفاضلة, وأن الأرذل, من سلب خاصية عقله, فاستحن عبادة الأحجار, ورضي أن يسجد لها, ويدعوها, وأبى الانقياد لدعوة الرسل الكمل.
وبمجرد ما يتكلم أحد الخصمين في الكلام الباطل, يعرف فساد ما عنده بقطع النظر عن صحة دعوى خصمه.
فقوم نوح, لما سمعنا عنهم, أنهم قالوا في ردهم دعوة نوح: " أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ " فبنوا على هذا الأصل, الذي كل أحد يعرف فساده, رد دعوته - عرفنا أنهم ضالون مخطئون, ولو لم نشاهد من آيات نوح ودعوته العظيمة, ما يفيد الجزم واليقين, بصدقه وصحة ما جاء به.
بهذا يعرف عن تكبرهم عن الحق, وجهلهم بالحقائق, فإنهم لو كان قصدهم الحق, لقالوا - إن كان عندهم إشكال وشك في دعوته - بين لنا صحة ما جئت به بالطرق الموصلة إلى ذلك.
ولو تأملوا حق التأمل, لعلموا أن أتباعه, هم الأعلون, خيار الخلق, أهل العقول الرزينة, والأخلاق الفاضلة, وأن الأرذل, من سلب خاصية عقله, فاستحن عبادة الأحجار, ورضي أن يسجد لها, ويدعوها, وأبى الانقياد لدعوة الرسل الكمل.
وبمجرد ما يتكلم أحد الخصمين في الكلام الباطل, يعرف فساد ما عنده بقطع النظر عن صحة دعوى خصمه.
فقوم نوح, لما سمعنا عنهم, أنهم قالوا في ردهم دعوة نوح: " أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ " فبنوا على هذا الأصل, الذي كل أحد يعرف فساده, رد دعوته - عرفنا أنهم ضالون مخطئون, ولو لم نشاهد من آيات نوح ودعوته العظيمة, ما يفيد الجزم واليقين, بصدقه وصحة ما جاء به.
فقال نوح عليه السلام: " وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ " أي: أعمالهم وحسابهم على الله, إنما علي التبليغ, وأنتم دعوهم عنكم, إن كان ما جئتكم به الحق, فانقادوا له, وكل له عمله.
" وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ " كأنهم - قبحهم الله - طلبوا منه أن يطردهم عنه, تكبرا, وتجبرا, ليؤمنوا.
فقال " وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ " فإنهم لا يستحقون الطرد والإهانة, وإنما يستحقون الإكرام القولي, والفعلي, كما قال تعالى " وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " .
فقال " وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ " فإنهم لا يستحقون الطرد والإهانة, وإنما يستحقون الإكرام القولي, والفعلي, كما قال تعالى " وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " .
" إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ " أي: ما أنا إلا منذر, ومبلغ عن الله, ومجتهد في نصح العباد, وليس لي من الأمر شيء, إن الأمر إلا لله.
فاستمر نوح, عليه الصلاة والسلام, على دعوتهم ليلا ونهارا, سرا وجهارا, فلم يزدادوا إلا نفورا, و " قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ " من دعوتك إيانا, إلى الله وحده " لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ " أي لنقتلك شر قتلة, بالرمي بالحجارة, كما يقتل الكلب.
فتبا لهم, ما أقبح هذه المقابلة, يقابلون الناصح الأمين الذي هو أشفق عليهم من أنفسهم, بشر مقابلة.
لا جرم لما انتهى ظلمهم, واشتد كفرهم, دعا عليهم نبيهم, بدعوة أحاطت بهم فقال: " رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " الآيات.
فتبا لهم, ما أقبح هذه المقابلة, يقابلون الناصح الأمين الذي هو أشفق عليهم من أنفسهم, بشر مقابلة.
لا جرم لما انتهى ظلمهم, واشتد كفرهم, دعا عليهم نبيهم, بدعوة أحاطت بهم فقال: " رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " الآيات.
وهنا " قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا " .
أي: أهلك الباغي منا, وهو يعلم أنهم البغاة الظلمة, ولهذا قال: " وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " .
أي: أهلك الباغي منا, وهو يعلم أنهم البغاة الظلمة, ولهذا قال: " وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " .
" فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ " أي: السفينة " الْمَشْحُونِ " من الخلق والحيوانات.
" ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ " أي: بعد نوح, ومن معه من المؤمنين " الْبَاقِينَ " أي: جميع قومه.