يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ↓
يقول تعالى - بعد ما أنزل على بني آدم لباسا يواري سوءاتهم وريشا -: " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ " أي: استروا عوراتكم عند الصلاة كلها, فرضها ونفلها, فإن سترها زينة للبدن, كما أن كشفها, يدع البدن قبيحا مشوها.
ويحتمل أن المراد بالزينة هنا, ما فوق ذلك, من اللباس النظيف الحسن.
ففي هذا, الأمر بستر العورة في الصلاة, وباستعمال التجميل فيها, ونظافة السترة من الأدناس والأنجاس.
ثم قال " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا " أي: مما رزقكم اللّه من الطيبات " وَلَا تُسْرِفُوا " في ذلك.
والإسراف, إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي, ولشره في المأكولات التي تضر بالجسم.
وإما أن تكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل, والمشارب, واللباس وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.
" إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " فإن السرف يبغضه اللّه, ويضر بدن الإنسان ومعيشته, حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات.
ففي هذه الآية الكريمة, الأمر بتناول الأكل والشرب, والنهي عن تركهما, وعن الإسراف فيهما.
ويحتمل أن المراد بالزينة هنا, ما فوق ذلك, من اللباس النظيف الحسن.
ففي هذا, الأمر بستر العورة في الصلاة, وباستعمال التجميل فيها, ونظافة السترة من الأدناس والأنجاس.
ثم قال " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا " أي: مما رزقكم اللّه من الطيبات " وَلَا تُسْرِفُوا " في ذلك.
والإسراف, إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي, ولشره في المأكولات التي تضر بالجسم.
وإما أن تكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل, والمشارب, واللباس وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.
" إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " فإن السرف يبغضه اللّه, ويضر بدن الإنسان ومعيشته, حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات.
ففي هذه الآية الكريمة, الأمر بتناول الأكل والشرب, والنهي عن تركهما, وعن الإسراف فيهما.
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ↓
يقول تعالى - منكرا على من تعنت, وحرم ما أحل اللّه من الطيبات:- " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ " من أنواع اللباس, على اختلاف أصنافه, والطيبات من الرزق, من مأكل, ومشرب, بجميع أنواعه.
أي: من هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه على العباد, ومن ذا الذي يضيق عليهم, ما وسعه اللّه؟!!.
وهذا التوسيع من اللّه لعباده, بالطيبات, جعله لهم ليستعينوا به على عبادته, فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين, ولهذا قال: " قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي لا تبعة عليهم فيها.
ومفهوم الآية, أن من لم يؤمن باللّه, بل استعان بها على معاصيه, فإنها غير خالصة له ولا مباحة, بل يعاقب عليها, وعلى التنعم بها, ويسأل عن النعيم يوم القيامة.
" كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ " أي: نوضحها ونبينها " لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " لأنهم الذين ينتفعون بما فصله اللّه من الآيات, ويعلمون أنها من عند اللّه, فيعقلونها ويفهمونها.
أي: من هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه على العباد, ومن ذا الذي يضيق عليهم, ما وسعه اللّه؟!!.
وهذا التوسيع من اللّه لعباده, بالطيبات, جعله لهم ليستعينوا به على عبادته, فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين, ولهذا قال: " قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي لا تبعة عليهم فيها.
ومفهوم الآية, أن من لم يؤمن باللّه, بل استعان بها على معاصيه, فإنها غير خالصة له ولا مباحة, بل يعاقب عليها, وعلى التنعم بها, ويسأل عن النعيم يوم القيامة.
" كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ " أي: نوضحها ونبينها " لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " لأنهم الذين ينتفعون بما فصله اللّه من الآيات, ويعلمون أنها من عند اللّه, فيعقلونها ويفهمونها.
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ↓
ثم ذكر المحرمات, التي حرمها اللّه في كل شريعة من الشرائع فقال: " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ " أي: الذنوب الكبار, التي تستفحش وتستقبح, لشناعتها وقبحها, وذلك, كالزنا, واللواط, ونحوهما.
وقوله " مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن, والتي تتعلق بحركات القلوب, كالكبر, والعجب والرياء, والنفاق, ونحو ذلك.
" وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ " أي: الذنوب التي تؤثم, وتوجب العقوبة في حقوق اللّه.
والبغي على الناس, في دمائهم, وأموالهم, وأعراضهم.
فدخل في هذا, الذنوب المتعلقة بحق اللّه, والمتعلقة بحق العباد.
" وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا " أي: حجة, بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد.
والشرك, هو: أن يشرك مع اللّه في عبادته, أحد من الخلق.
وربما دخل في هذا, الشرك الأصغر, كالرياء, والحلف بغير اللّه, ونحو ذلك.
" وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " في أسمائه وصفاته وأفعاله, وشرعه.
فكل هذه قد حرمها اللّه, ونهى العباد عن تعاطيها, لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة, ولما فيها من الظلم والتجرؤ على اللّه, والاستطالة على عباد اللّه.
وتغيير دين اللّه وشرعه.
وقوله " مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن, والتي تتعلق بحركات القلوب, كالكبر, والعجب والرياء, والنفاق, ونحو ذلك.
" وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ " أي: الذنوب التي تؤثم, وتوجب العقوبة في حقوق اللّه.
والبغي على الناس, في دمائهم, وأموالهم, وأعراضهم.
فدخل في هذا, الذنوب المتعلقة بحق اللّه, والمتعلقة بحق العباد.
" وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا " أي: حجة, بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد.
والشرك, هو: أن يشرك مع اللّه في عبادته, أحد من الخلق.
وربما دخل في هذا, الشرك الأصغر, كالرياء, والحلف بغير اللّه, ونحو ذلك.
" وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " في أسمائه وصفاته وأفعاله, وشرعه.
فكل هذه قد حرمها اللّه, ونهى العباد عن تعاطيها, لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة, ولما فيها من الظلم والتجرؤ على اللّه, والاستطالة على عباد اللّه.
وتغيير دين اللّه وشرعه.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ↓
أي: وقد أخرج اللّه بني آدم إلى الأرض, وأسكنهم فيها, وجعل لهم أجلا مسمى, لا تتقدم أمة من الأمم على وقتها المسمى, ولا تتأخر, لا الأمم المجتمعة, ولا أفرادها.
يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ↓
لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة, ابتلاهم بإرسال الرسل, وإنزال الكتب عليهم, يقصون عليهم آيات اللّه, ويبينون لهم أحكامه.
ثم ذكر فضل من استجاب لهم, وخسار من لم يستجب لهم فقال: " فَمَنِ اتَّقَى " ما حرم اللّه, من الشرك, والكبائر, والصغائر.
" وَأَصْلَحَ " أعماله الظاهرة والباطنة " فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ " من الشر الذي قد يخافه غيرهم " وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " على ما مضى.
وإذا انتفى الخوف والحزن, حصل الأمن التام, والسعادة, والفلاح الأبدي.
ثم ذكر فضل من استجاب لهم, وخسار من لم يستجب لهم فقال: " فَمَنِ اتَّقَى " ما حرم اللّه, من الشرك, والكبائر, والصغائر.
" وَأَصْلَحَ " أعماله الظاهرة والباطنة " فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ " من الشر الذي قد يخافه غيرهم " وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " على ما مضى.
وإذا انتفى الخوف والحزن, حصل الأمن التام, والسعادة, والفلاح الأبدي.
وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ↓
" وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا " أي: لا آمنت بها قلوبهم, ولا انقادت لها جوارحهم.
" أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " كما استهانوا بآياته, ولازموا التكذيب بها, أهينوا بالعذاب الدائم الملازم.
" أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " كما استهانوا بآياته, ولازموا التكذيب بها, أهينوا بالعذاب الدائم الملازم.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ↓
أي: لا أحد أظلم " مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " بنسبة الشريك له, والنقص له, والتقول عليه ما لم يقل.
" أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ " الواضحة المبينة للحق المبين, الهادية إلى الصراط المستقيم.
فهؤلاء, وإن تمتعوا بالدنيا, ونالهم نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحفوظ - فليس ذلك بمغن عنهم شيئا, يتمتعون قليلا, ثم يعذبون طويلا.
" حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ " أي: الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم, واستيفاء آجالهم.
" قَالُوا " لهم في تلك الحالة- توبيخا وعتابا - " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأصنام والأوثان, فقد جاء وقت الحاجة, إن كان فيها منفعة لكم, أو دفع مضرة.
" قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا " أي: اضمحلوا وبطلوا, وليسوا مغنين عنا من عذاب اللّه من شيء.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " مستحقين للعذاب المهين الدائم.
" أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ " الواضحة المبينة للحق المبين, الهادية إلى الصراط المستقيم.
فهؤلاء, وإن تمتعوا بالدنيا, ونالهم نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحفوظ - فليس ذلك بمغن عنهم شيئا, يتمتعون قليلا, ثم يعذبون طويلا.
" حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ " أي: الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم, واستيفاء آجالهم.
" قَالُوا " لهم في تلك الحالة- توبيخا وعتابا - " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأصنام والأوثان, فقد جاء وقت الحاجة, إن كان فيها منفعة لكم, أو دفع مضرة.
" قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا " أي: اضمحلوا وبطلوا, وليسوا مغنين عنا من عذاب اللّه من شيء.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " مستحقين للعذاب المهين الدائم.
قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ↓
فقالت لهم الملائكة " ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ " أي: في جملة أمم.
" قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " أي: مضوا على ما مضيتم عليه, من الكفر والاستكبار, فاستحق الجميع الخزي والبوار, والخلود " فِي النَّارِ " .
كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار " لَعَنَتْ أُخْتَهَا " كما قال تعالى " ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا " .
" حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا " أي: اجتمع في النار, جميع أهلها, من الأولين والآخرين, والقادة, والرؤساء, والمقلدين الأتباع.
" قَالَتْ أُخْرَاهُمْ " أي متأخروهم, المتبعون الرؤساء " لِأُولَاهُمْ " أي: لرؤسائهم, شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: " رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ " أي: عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا, وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
" قَالَ " اللّه " لِكُلِّ " منكم " ضِعْفٌ " ونصيب من العذاب
" قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " أي: مضوا على ما مضيتم عليه, من الكفر والاستكبار, فاستحق الجميع الخزي والبوار, والخلود " فِي النَّارِ " .
كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار " لَعَنَتْ أُخْتَهَا " كما قال تعالى " ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا " .
" حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا " أي: اجتمع في النار, جميع أهلها, من الأولين والآخرين, والقادة, والرؤساء, والمقلدين الأتباع.
" قَالَتْ أُخْرَاهُمْ " أي متأخروهم, المتبعون الرؤساء " لِأُولَاهُمْ " أي: لرؤسائهم, شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: " رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ " أي: عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا, وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
" قَالَ " اللّه " لِكُلِّ " منكم " ضِعْفٌ " ونصيب من العذاب
وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ↓
" وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ " أي: الرؤساء, قالوا لأتباعهم: " فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ " أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال, وفي فعل أسباب العذاب, فأي فضل لكم علينا؟.
" فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " .
ولكنه من المعلوم, أن عذاب الرؤساء, وأئمة الضلال, أبلغ وأشنع, من عذاب الأتباع.
كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع.
قال تعالى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ " .
فهذه الآيات ونحوها, دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه, مخلدون في العذاب, مشتركون فيه وفي أصله, وإن كانوا متفاوتين في مقداره, بحسب أعمالهم, وعنادهم, وظلمهم, وافترائهم, وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا, تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة.
" فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " .
ولكنه من المعلوم, أن عذاب الرؤساء, وأئمة الضلال, أبلغ وأشنع, من عذاب الأتباع.
كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع.
قال تعالى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ " .
فهذه الآيات ونحوها, دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه, مخلدون في العذاب, مشتركون فيه وفي أصله, وإن كانوا متفاوتين في مقداره, بحسب أعمالهم, وعنادهم, وظلمهم, وافترائهم, وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا, تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة.
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ↓
يخبر تعالى, عن عقاب من كذب بآياته, فلم يؤمن بها, مع أنها آيات بينات, واستكبر عنها, فلم ينقد لأحكامها, بل كذب وتولى - أنهم آيسون من كل خير, فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم, إذا ماتوا, وصعدت تريد العروج إلى اللّه, فتستأذن, فلا يؤذن لها.
كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه,, ومعرفته, ومحبته, كذلك لا تصعد بعد الموت, فإن الجزاء من جنس العمل.
ومفهوم الآية, أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه, المصدقين بآياته, تفتح لها أبواب السماء, حتى تعرج إلى اللّه, وتصل إلى حيث أراد اللّه, في العالم العلوي, وتبتهج بالقرب من ربها, والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار " وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ " وهو البعير المعروف " فِي سَمِّ الْخِيَاطِ " أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما, في خرق الإبرة, الذي هو من أضيق الأشياء.
وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال.
أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط, فكذلك المكذبون بآيات اللّه, محال دخوله الجنة.
قال تعالى " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وقال هنا " وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه,, ومعرفته, ومحبته, كذلك لا تصعد بعد الموت, فإن الجزاء من جنس العمل.
ومفهوم الآية, أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه, المصدقين بآياته, تفتح لها أبواب السماء, حتى تعرج إلى اللّه, وتصل إلى حيث أراد اللّه, في العالم العلوي, وتبتهج بالقرب من ربها, والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار " وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ " وهو البعير المعروف " فِي سَمِّ الْخِيَاطِ " أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما, في خرق الإبرة, الذي هو من أضيق الأشياء.
وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال.
أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط, فكذلك المكذبون بآيات اللّه, محال دخوله الجنة.
قال تعالى " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وقال هنا " وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.
" لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ " أي: فراش من تحتهم " وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ " أي: ظلل من العذاب, تغشاهم.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " لأنفسهم, جزاء وفاقا, وما ربك بظلام للعبيد.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " لأنفسهم, جزاء وفاقا, وما ربك بظلام للعبيد.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ↓
لما ذكر تعالى عقاب العاصين الظالمين, ذكر ثواب المطيعين فقال: " وَالَّذِينَ آمَنُوا " بقلوبهم " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " بجوارحهم, فجمعوا بين الإيمان والعمل, بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة, بين فعل الواجبات وترك المحرمات.
ولما كان قوله " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " لفظا عاما يشمل جميع الصالحات, الواجبة والمستحبة, وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد, قال تعالى: " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بمقدار ما تسعه طاقتها, ولا يعسر على قدرتها, فعليها في هذه الحال, أن تتقي اللّه, بحسب استطاعتها.
وإذا عجزت عن بعض الواجبات, التي يقدر عليها غيرها, سقطت عنها, كما قال تعالى: " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا " " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " .
فلا واجب مع العجز, ولا محرم مع الضرورة.
" أُولَئِكَ " أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح " أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " أي: لا يحولون عنها, ولا يبغون بها بدلا, لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات, وأصناف المشتهيات, ما تقف عنده الغايات, ولا يطلب أعلى منه.
ولما كان قوله " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " لفظا عاما يشمل جميع الصالحات, الواجبة والمستحبة, وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد, قال تعالى: " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بمقدار ما تسعه طاقتها, ولا يعسر على قدرتها, فعليها في هذه الحال, أن تتقي اللّه, بحسب استطاعتها.
وإذا عجزت عن بعض الواجبات, التي يقدر عليها غيرها, سقطت عنها, كما قال تعالى: " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا " " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " .
فلا واجب مع العجز, ولا محرم مع الضرورة.
" أُولَئِكَ " أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح " أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " أي: لا يحولون عنها, ولا يبغون بها بدلا, لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات, وأصناف المشتهيات, ما تقف عنده الغايات, ولا يطلب أعلى منه.
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ↓
" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ " وهذا من كرمه وإحسانه, على أهل الجنة, أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم, والتنافس الذي كان بينهم, أن اللّه يقلعه ويزيله, حتى يكونوا إخوانا متحابين, وأخلاء متصافين.
قال تعالى: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " ويخلق اللّه لهم من الكرامة, ما به يحصل لكل واحد منهم, الغبطة والسرور ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم, نعيم.
فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض, لأنه قد فقدت أسبابه.
قوله " تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " أي يفجرونها تفجيرا, حيث شاءوا, وأين أرادوا.
إن شاءوا في خلال القصور, أو في تلك الغرف العاليات, أو في رياض الجنات, من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود, وخيرات, ليس لها حد محدود.
لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به " وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا " بأن من علينا, وأوحى إلى قلوبنا, فآمنت به, وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار, وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا, حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار.
فنعم الرب الكريم, الذي ابتدأنا بالنعم, وأسدى من النعم الظاهرة.
والباطنة, ما لا يحصيه المحصون, ولا يعده العادون.
" وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ " أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى, لولا أنه تعالى منَّ علينا بهدايته واتباع رسله.
" لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ " أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم, الذي أخبرت به الرسل, وصار حق يقين لهم, بعد أن كان علم يقين لهم - قالوا لقد تحققنا, ورأينا ما وعدتنا به الرسل, وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين, لا مرية فيه ولا إشكال.
" وَنُودُوا " تهنئة لهم, وإكراما, وتحية, واحتراما.
" أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا " أي كنتم الوارثين لها, وصارت إقطاعا لكم, إذ كان إقطاع الكفار النار.
أورثتموها " بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه, وأدخلوا الجنة برحمة اللّه, واقتسموا المنازل, وورثوها, بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته, بل من أعلى أنواع رحمته.
قال تعالى: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " ويخلق اللّه لهم من الكرامة, ما به يحصل لكل واحد منهم, الغبطة والسرور ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم, نعيم.
فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض, لأنه قد فقدت أسبابه.
قوله " تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " أي يفجرونها تفجيرا, حيث شاءوا, وأين أرادوا.
إن شاءوا في خلال القصور, أو في تلك الغرف العاليات, أو في رياض الجنات, من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود, وخيرات, ليس لها حد محدود.
لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به " وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا " بأن من علينا, وأوحى إلى قلوبنا, فآمنت به, وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار, وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا, حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار.
فنعم الرب الكريم, الذي ابتدأنا بالنعم, وأسدى من النعم الظاهرة.
والباطنة, ما لا يحصيه المحصون, ولا يعده العادون.
" وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ " أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى, لولا أنه تعالى منَّ علينا بهدايته واتباع رسله.
" لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ " أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم, الذي أخبرت به الرسل, وصار حق يقين لهم, بعد أن كان علم يقين لهم - قالوا لقد تحققنا, ورأينا ما وعدتنا به الرسل, وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين, لا مرية فيه ولا إشكال.
" وَنُودُوا " تهنئة لهم, وإكراما, وتحية, واحتراما.
" أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا " أي كنتم الوارثين لها, وصارت إقطاعا لكم, إذ كان إقطاع الكفار النار.
أورثتموها " بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه, وأدخلوا الجنة برحمة اللّه, واقتسموا المنازل, وورثوها, بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته, بل من أعلى أنواع رحمته.
وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ↓
يقول تعالى - بعد ما ذكر استقرار كل من الفريقين في الدارين, ووجدا ما أخبرت به الرسل, ونطقت به الكتب, من الثواب والعقاب, أن أهل الجنة نادوا أصحاب النار بأن قالوا: " أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا " حين وعدنا على الإيمان والعمل الصالح, الجنة, فأدخلناها, ورأينا ما وصفه لنا.
" فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ " على الكفر والمعاصي " حَقًّا " .
" قَالُوا نَعَمْ " قد وجدناه حقا, فبين للخلق كلهم, بيانا لا شك فيه, صدق وعد اللّه, ومن أصدق من اللّه قيلا, وذهبت عنهم الشكوك والشبه, وصار الأمر حق اليقين.
وفرح المؤمنون بوعد اللّه, واغتبطوا, وأيس الكفار من الخير, وأقروا على أنفسهم بأنهم مستحقون للعذاب.
" فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ " أي: بين أهل النار وأهل الجنة, بأن قال " أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ " أي: بعده وإقصاؤه, عن كل خير " عَلَى الظَّالِمِينَ " إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته, فصدفوا أنفسهم عنها, ظلما, وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم, وصدوا غيرهم, فضلوا وأضلوا.
" فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ " على الكفر والمعاصي " حَقًّا " .
" قَالُوا نَعَمْ " قد وجدناه حقا, فبين للخلق كلهم, بيانا لا شك فيه, صدق وعد اللّه, ومن أصدق من اللّه قيلا, وذهبت عنهم الشكوك والشبه, وصار الأمر حق اليقين.
وفرح المؤمنون بوعد اللّه, واغتبطوا, وأيس الكفار من الخير, وأقروا على أنفسهم بأنهم مستحقون للعذاب.
" فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ " أي: بين أهل النار وأهل الجنة, بأن قال " أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ " أي: بعده وإقصاؤه, عن كل خير " عَلَى الظَّالِمِينَ " إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته, فصدفوا أنفسهم عنها, ظلما, وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم, وصدوا غيرهم, فضلوا وأضلوا.
واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة, ويعتدل سير السالكين إليه.
وهؤلاء " وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا " أي: منحرفة صادة عن سواء السبيل.
" وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ " .
وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط, والإقبال على شهوات النفوس المحرمة, عدم إيمانهم بالبعث, وعدم خوفهم من العقاب, ورجائهم للثواب.
ومفهوم هذا, أن رحمة اللّه على المؤمنين, وبره شامل لهم, وإحسانه, متواتر عليهم.
وهؤلاء " وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا " أي: منحرفة صادة عن سواء السبيل.
" وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ " .
وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط, والإقبال على شهوات النفوس المحرمة, عدم إيمانهم بالبعث, وعدم خوفهم من العقاب, ورجائهم للثواب.
ومفهوم هذا, أن رحمة اللّه على المؤمنين, وبره شامل لهم, وإحسانه, متواتر عليهم.
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ↓
أي: وبين أصحاب الجنة, وأصحاب النار, حجاب يقال له " الأعراف " لا من الجنة, ولا من النار, يشرف على الدارين, وينظر من عليه, حال الفريقين.
وعلى هذا الحجاب, رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار, بسيماهم, أي: علاماتهم, التي بها يعرفون ويميزون.
فإذا نظروا إلى أهل الجنة, نادوهم " أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أي: يحيونهم, ويسلمون عليهم.
وهم - إلى الآن - لم يدخلوا الجنة, ولكنهم يطمعون في دخولها ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم, إلا لما يريد بهم من كرامته.
وعلى هذا الحجاب, رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار, بسيماهم, أي: علاماتهم, التي بها يعرفون ويميزون.
فإذا نظروا إلى أهل الجنة, نادوهم " أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أي: يحيونهم, ويسلمون عليهم.
وهم - إلى الآن - لم يدخلوا الجنة, ولكنهم يطمعون في دخولها ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم, إلا لما يريد بهم من كرامته.
وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ↓
" وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ " ورأوا منظرا شنيعا, وهولا فظيعا " قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " .
فأهل الجنة - إذا رآهم أهل الأعراف - يطمعون أن يكونوا معهم في الجنة, ويحيونهم, ويسلمون عليهم.
وعند انصراف أبصارهم, بغير اختيارهم, لأهل النار, يستجيرون من حالهم هذا, على وجه العموم.
فأهل الجنة - إذا رآهم أهل الأعراف - يطمعون أن يكونوا معهم في الجنة, ويحيونهم, ويسلمون عليهم.
وعند انصراف أبصارهم, بغير اختيارهم, لأهل النار, يستجيرون من حالهم هذا, على وجه العموم.
وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ↓
ثم ذكر الخصوص بعد العموم فقال: " وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ " وهم من أهل النار, وقد كانوا في الدنيا لهم أبهة وشرف, وأموال, وأولاد.
فقال لهم أصحاب الأعراف - حين رأوهم منفردين في العذاب, بلا ناصر ولا مغيث: " مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ " في الدنيا, الذي كنتم تستدفعون به المكاره, وتتوسلون به إلى مطالبكم في الدنيا, فاليوم اضمحل, ولم يغن عنكم شيئا.
وكذلك, أي شيء نفعكم استكباركم على الحق, وعلى ما جاء به, وعلى من اتبعه.
فقال لهم أصحاب الأعراف - حين رأوهم منفردين في العذاب, بلا ناصر ولا مغيث: " مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ " في الدنيا, الذي كنتم تستدفعون به المكاره, وتتوسلون به إلى مطالبكم في الدنيا, فاليوم اضمحل, ولم يغن عنكم شيئا.
وكذلك, أي شيء نفعكم استكباركم على الحق, وعلى ما جاء به, وعلى من اتبعه.
أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ↓
ثم أشاروا لهم, إلى أناس من أهل الجنة, كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزئ بهم أهل النار, فقالوا لأهل النار: " أَهَؤُلَاءِ " الذين أدخلهم اللّه الجنة " الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ " احتقارا لهم, وازدراء, وإعجابا بأنفسكم, قد حنثتم في أيمانكم, وبدا لكم من اللّه, ما لم يكن لكم في حساب.
" ادْخُلُوا الْجَنَّةَ " بما كنتم تعملون, أي: قيل لهؤلاء الضعفاء, إكراما واحتراما: ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة.
" لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ " فيما يستقبل من المكاره " وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ " على ما مضى, بل آمنون مطمئنون, فرحون بكل خير.
وهذا كقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " إلى أن قال " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ " .
واختلف أهل العلم والمفسرون, من هم أصحاب الأعراف, وما أعمالهم؟.
والصحيح من ذلك, أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلا رجحت سيئاتهم, فدخلوا النار, ولا رجحت حسناتهم, فدخلوا الجنة فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه.
ثم إن اللّه تعالى يدخلهم - برحمته - الجنة, فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه, ورحمته وسعت كل شيء.
" ادْخُلُوا الْجَنَّةَ " بما كنتم تعملون, أي: قيل لهؤلاء الضعفاء, إكراما واحتراما: ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة.
" لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ " فيما يستقبل من المكاره " وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ " على ما مضى, بل آمنون مطمئنون, فرحون بكل خير.
وهذا كقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " إلى أن قال " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ " .
واختلف أهل العلم والمفسرون, من هم أصحاب الأعراف, وما أعمالهم؟.
والصحيح من ذلك, أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلا رجحت سيئاتهم, فدخلوا النار, ولا رجحت حسناتهم, فدخلوا الجنة فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه.
ثم إن اللّه تعالى يدخلهم - برحمته - الجنة, فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه, ورحمته وسعت كل شيء.
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ↓
أي: ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة, حين يبلغ منهم العذاب كل مبلغ, وحين يمسهم الجوع المفرط, والظمأ الموجع, يستغيثون بهم, فيقولون: " أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ " من الطعام.
فأجابهم أهل الجنة بقولهم: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا " أي: ماء الجنة وطعامها " عَلَى الْكَافِرِينَ " .
وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات اللّه, واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه, ووعدوا بالجزاء الجزيل عليه.
فأجابهم أهل الجنة بقولهم: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا " أي: ماء الجنة وطعامها " عَلَى الْكَافِرِينَ " .
وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات اللّه, واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه, ووعدوا بالجزاء الجزيل عليه.
الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ↓
" لَهْوًا وَلَعِبًا " أي: لهت قلوبهم, وأعرضت عنه, ولعبوا, واتخذوه سخريا.
أو أنهم جعلوا بدل دينهم, اللهو واللعب, واستعاضوا بذلك عن الدين القيم.
" وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها وزخرفها, وكثرة دعاتها, فاطمأنوا إليها, ورضوا بها, وفرحوا, وأعرضوا عن الآخرة ونسوها.
" فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ " أي: نتركهم في العذاب " كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا " فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا, وليس أمامهم عرض ولا جزاء.
" وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " والحال أن جحودهم هذا, لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته,
أو أنهم جعلوا بدل دينهم, اللهو واللعب, واستعاضوا بذلك عن الدين القيم.
" وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها وزخرفها, وكثرة دعاتها, فاطمأنوا إليها, ورضوا بها, وفرحوا, وأعرضوا عن الآخرة ونسوها.
" فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ " أي: نتركهم في العذاب " كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا " فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا, وليس أمامهم عرض ولا جزاء.
" وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " والحال أن جحودهم هذا, لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته,
بل قد " جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ " أي بينا فيه جميع المطالب, التي يحتاج إليها الخلق " عَلَى عِلْمٍ " من اللّه بأحوال العباد في كل زمان ومكان, وما يصلح لهم وما لا يصلح.
ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور, فيجهل بعض الأحوال, فيحكم حكما غير مناسب.
بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء, ووسعت رحمته كل شيء.
" هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " أي: تحصل للمؤمنين بهذا الكتاب, الهداية من الضلال, وبيان الحق والباطل, والغيّ والرشد.
ويحصل أيضا لهم به الرحمة, وهي: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة فينتفى عنهم بذلك, الضلال والشقاء.
وهؤلاء الذين حق عليهم العذاب, لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم, ولا انقادوا لأوامره ونواهيه, فلم يبق فيهم حيلة, إلا استحقاقهم أن يحل بهم, ما أخبر به القرآن.
ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور, فيجهل بعض الأحوال, فيحكم حكما غير مناسب.
بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء, ووسعت رحمته كل شيء.
" هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " أي: تحصل للمؤمنين بهذا الكتاب, الهداية من الضلال, وبيان الحق والباطل, والغيّ والرشد.
ويحصل أيضا لهم به الرحمة, وهي: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة فينتفى عنهم بذلك, الضلال والشقاء.
وهؤلاء الذين حق عليهم العذاب, لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم, ولا انقادوا لأوامره ونواهيه, فلم يبق فيهم حيلة, إلا استحقاقهم أن يحل بهم, ما أخبر به القرآن.
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ↓
ولهذا قال: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ " أي: وقوع ما أخبر به, كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه: " هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ " .
" يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ " متندمين متأسفين على ما مضى, متشفعين في مغفرة ذنوبهم.
مقرين بما أخبرت به الرسل: " قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ " إلى الدنيا " فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ " وقد فات الوقت عن الرجوع إلى الدنيا.
" فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " .
وسؤالهم الرجوع إلى الدنيا, ليعملوا غير عملهم, كذب منهم, مقصودهم به, دفع ما حل بهم, قال تعالى: " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " .
" قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " حين فوتوها الأرباح, وسلكوا بها سبيل الهلاك.
وليس ذلك كخسران الأموال والأثاث, أو الأولاد, إنما هذا خسران, لا جبران لمصابه.
" وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " في الدنيا, مما تمنيهم أنفسهم به, ويعدهم به الشيطان.
قدموا على ما لم يكن لهم في حساب, وتبين لهم باطلهم وضلالهم, وصدق ما جاءتهم به الرسل.
" يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ " متندمين متأسفين على ما مضى, متشفعين في مغفرة ذنوبهم.
مقرين بما أخبرت به الرسل: " قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ " إلى الدنيا " فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ " وقد فات الوقت عن الرجوع إلى الدنيا.
" فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " .
وسؤالهم الرجوع إلى الدنيا, ليعملوا غير عملهم, كذب منهم, مقصودهم به, دفع ما حل بهم, قال تعالى: " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " .
" قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " حين فوتوها الأرباح, وسلكوا بها سبيل الهلاك.
وليس ذلك كخسران الأموال والأثاث, أو الأولاد, إنما هذا خسران, لا جبران لمصابه.
" وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " في الدنيا, مما تمنيهم أنفسهم به, ويعدهم به الشيطان.
قدموا على ما لم يكن لهم في حساب, وتبين لهم باطلهم وضلالهم, وصدق ما جاءتهم به الرسل.
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ↓
يقول تعالى, مبينا أنه الرب المعبود وحده لا شريك له " إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " وما فيهما, على عظمهما وسعتهما, وإحكامهما, وإتقانهما, وبديع خلقهما.
" فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ " أولها: يوم الأحد, وآخرها, يوم الجمعة.
فلما قضاهما, وأودع فيهما من أمره ما أودع " اسْتَوَى " تبارك وتعالى " عَلَى الْعَرْشِ " العظيم, الذي يسع السماوات والأرض, وما فيهما, وما بينهما.
استوى, استواء يليق بجلاله, وعظمته, وسلطانه.
فاستوى على العرش, واحتوى على الممالك, وأجرى عليهم أحكامه الكونية, وأحكامه الدينية, ولهذا قال: " يُغْشِي اللَّيْلَ " المظلم " النَّهَارِ " المضيء, فيظلم ما على وجه الأرض, ويسكن الآدميون, وتأوى المخلوقات إلى مساكنها, ويستريحون من التعب, والذهاب والإياب, الذي حصل لهم في النهار.
" يَطْلُبُهُ حَثِيثًا " كلما جاء الليل, ذهب النهار; وكلما جاء النهار, ذهب الليل, وهكذا أبدا, على الدوام, حتى يطوي اللّه هذا العالم, وينتقل العباد إلى دار غير هذه الدار.
" وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ " أي بتسخيره وتدبيره, الدال على ما له من أوصاف الكمال.
فخلقها وعظمها, دال على كمال قدرته.
وما فيها من الإحكام والانتظام والإتقان, دال على كمال حكمته.
وما فيها من المنافع والمصالح الضرورية وما دونها, دال على سعة رحمته وعلمه, وأنه الإله الحق, الذي لا تنبغي العبادة إلا له.
" أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ " أي: له الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها, وسفليها, أعيانها, وأوصافها, وأفعالها, والأمر المتضمن للشرائع والنبوات.
فالخلق: يتضمن أحكامه الكونية القدرية.
والأمر: يتضمن أحكامه الدينية الشرعية.
وثم أحكام الجزاء, وذلك يكون في دار البقاء.
" تَبَارَكَ اللَّهُ " أي: عظم وتعالى, وكثر خيره وإحسانه.
فتبارك في نفسه, لعظمة أوصافه وكمالها.
وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل, والبر الكثير.
فكل بركة في الكون, فمن آثار رحمته, ولهذا قال: " تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " .
ولما ذكر من عظمته وجلاله, ما يدل ذوي الألباب على أنه وحده, المعبود المقصود في الحوائج كلها, أمر بما يترتب على ذلك فقال: " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا " إلى " مِنَ الْمُحْسِنِينَ " .
" فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ " أولها: يوم الأحد, وآخرها, يوم الجمعة.
فلما قضاهما, وأودع فيهما من أمره ما أودع " اسْتَوَى " تبارك وتعالى " عَلَى الْعَرْشِ " العظيم, الذي يسع السماوات والأرض, وما فيهما, وما بينهما.
استوى, استواء يليق بجلاله, وعظمته, وسلطانه.
فاستوى على العرش, واحتوى على الممالك, وأجرى عليهم أحكامه الكونية, وأحكامه الدينية, ولهذا قال: " يُغْشِي اللَّيْلَ " المظلم " النَّهَارِ " المضيء, فيظلم ما على وجه الأرض, ويسكن الآدميون, وتأوى المخلوقات إلى مساكنها, ويستريحون من التعب, والذهاب والإياب, الذي حصل لهم في النهار.
" يَطْلُبُهُ حَثِيثًا " كلما جاء الليل, ذهب النهار; وكلما جاء النهار, ذهب الليل, وهكذا أبدا, على الدوام, حتى يطوي اللّه هذا العالم, وينتقل العباد إلى دار غير هذه الدار.
" وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ " أي بتسخيره وتدبيره, الدال على ما له من أوصاف الكمال.
فخلقها وعظمها, دال على كمال قدرته.
وما فيها من الإحكام والانتظام والإتقان, دال على كمال حكمته.
وما فيها من المنافع والمصالح الضرورية وما دونها, دال على سعة رحمته وعلمه, وأنه الإله الحق, الذي لا تنبغي العبادة إلا له.
" أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ " أي: له الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها, وسفليها, أعيانها, وأوصافها, وأفعالها, والأمر المتضمن للشرائع والنبوات.
فالخلق: يتضمن أحكامه الكونية القدرية.
والأمر: يتضمن أحكامه الدينية الشرعية.
وثم أحكام الجزاء, وذلك يكون في دار البقاء.
" تَبَارَكَ اللَّهُ " أي: عظم وتعالى, وكثر خيره وإحسانه.
فتبارك في نفسه, لعظمة أوصافه وكمالها.
وبارك في غيره بإحلال الخير الجزيل, والبر الكثير.
فكل بركة في الكون, فمن آثار رحمته, ولهذا قال: " تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " .
ولما ذكر من عظمته وجلاله, ما يدل ذوي الألباب على أنه وحده, المعبود المقصود في الحوائج كلها, أمر بما يترتب على ذلك فقال: " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا " إلى " مِنَ الْمُحْسِنِينَ " .
الدعاء: يدخل فيه, دعاء المسألة, ودعاء العبادة.
فأمر بدعائه " تَضَرُّعًا " أي: إلحاحا في المسألة, ودءوبا في العبادة.
" وَخُفْيَةً " أي: لا جهر أو علانية, يخاف منه الرياء, بل خفية, وإخلاصا للّه تعالى.
" إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " أي: المتجاوزين للحد في كل الأمور.
ومن الاعتداء: كون العبد يسأل اللّه مسائل, لا تصلح له, أو ينقطع في السؤال, أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء, فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.
فأمر بدعائه " تَضَرُّعًا " أي: إلحاحا في المسألة, ودءوبا في العبادة.
" وَخُفْيَةً " أي: لا جهر أو علانية, يخاف منه الرياء, بل خفية, وإخلاصا للّه تعالى.
" إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " أي: المتجاوزين للحد في كل الأمور.
ومن الاعتداء: كون العبد يسأل اللّه مسائل, لا تصلح له, أو ينقطع في السؤال, أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء, فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ↓
" وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ " بعمل المعاصي " بَعْدَ إِصْلَاحِهَا " بالطاعات, فإن المعاصي, تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق, كما قال تعالى: " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ " كما أن الطاعات, تصلح بها, الأخلاق, والأعمال, والأرزاق, وأموال الدنيا والآخرة.
" وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا " أي: خوفا من عقابه, وطمعا في ثوابه.
طمعا في قبولها, وخوفا من ردها, لا دعاء عبد مدل على ربه, قد أعجبته نفسه, ونزل نفسه فوق منزلته, أو دعاء من هو غافل لاه.
وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء: الإخلاص فيه للّه وحده, لأن ذلك يتضمنه الخفية.
وإخفاؤه وإسراره, أن يكون القلب خائفا طامعا, لا غافلا, ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة, وهذا من إحسان الدعاء فإن الإحسان في كل عبادة, بذل الجهد فيها, وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه, ولهذا قال: " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " في عبادة اللّه, المحسنين إلى عباد اللّه.
فكلما كان العبد أكثر إحسانا, كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريبا منه برحمته.
وفي هذا من الحث على الإحسان, ما لا يخفى.
" وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا " أي: خوفا من عقابه, وطمعا في ثوابه.
طمعا في قبولها, وخوفا من ردها, لا دعاء عبد مدل على ربه, قد أعجبته نفسه, ونزل نفسه فوق منزلته, أو دعاء من هو غافل لاه.
وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء: الإخلاص فيه للّه وحده, لأن ذلك يتضمنه الخفية.
وإخفاؤه وإسراره, أن يكون القلب خائفا طامعا, لا غافلا, ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة, وهذا من إحسان الدعاء فإن الإحسان في كل عبادة, بذل الجهد فيها, وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه, ولهذا قال: " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " في عبادة اللّه, المحسنين إلى عباد اللّه.
فكلما كان العبد أكثر إحسانا, كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريبا منه برحمته.
وفي هذا من الحث على الإحسان, ما لا يخفى.
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ↓
بين تعالى, أثرا من آثار قدرته, ونفحة من نفحات رحمته فقال: " وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ " أي: الرياح المبشرات بالغيث, التي تثيره بإذن اللّه, من الأرض, فيستبشر الخلق برحمة اللّه, وترتاح لها قلوبهم قبل نزوله.
" حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ " الرياح " سَحَابًا ثِقَالًا " قد أثاره بعضها, وألفته ريح أخرى, وألحقته ريح أخرى " سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ " قد كادت تهلك حيواناته, وكاد أهله أن ييأسوا من رحمة اللّه.
" فَأَنْزَلْنَا بِهِ " أي: بذلك البلد الميت " الْمَاءُ " الغزير من ذلك السحاب وسخر اللّه له ريحا تدره, وريحا تفرقه بإذن اللّه.
" فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ " فأصبحوا مستبشرين برحمة اللّه, راتعين بخير اللّه.
وقوله " كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها بالنبات, كذلك نخرج الموتى من قبورهم, بعد ما كانوا رفاتا متمزقين.
وهذا استدلال واضح, فإنه لا فرق بين الأمرين.
فمنكر البعث, استبعادا له - مع أنه يرى ما هو نظيره - من باب العناد, وإنكار المحسوسات.
وفي هذا, الحث على التذكر والتفكر في آلاء اللّه, والنظر إليها بعين الاعتبار والاستدلال, لا بعين الغفلة والإهمال.
" حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ " الرياح " سَحَابًا ثِقَالًا " قد أثاره بعضها, وألفته ريح أخرى, وألحقته ريح أخرى " سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ " قد كادت تهلك حيواناته, وكاد أهله أن ييأسوا من رحمة اللّه.
" فَأَنْزَلْنَا بِهِ " أي: بذلك البلد الميت " الْمَاءُ " الغزير من ذلك السحاب وسخر اللّه له ريحا تدره, وريحا تفرقه بإذن اللّه.
" فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ " فأصبحوا مستبشرين برحمة اللّه, راتعين بخير اللّه.
وقوله " كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " أي: كما أحيينا الأرض بعد موتها بالنبات, كذلك نخرج الموتى من قبورهم, بعد ما كانوا رفاتا متمزقين.
وهذا استدلال واضح, فإنه لا فرق بين الأمرين.
فمنكر البعث, استبعادا له - مع أنه يرى ما هو نظيره - من باب العناد, وإنكار المحسوسات.
وفي هذا, الحث على التذكر والتفكر في آلاء اللّه, والنظر إليها بعين الاعتبار والاستدلال, لا بعين الغفلة والإهمال.
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ↓
ثم ذكر تفاوت الأراضي, التي ينزل عليها المطر فقال: " وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ " أي: طيب التربة والمادة, إذا نزل عليه مطر " يَخْرُجُ نَبَاتُهُ " الذي هو مستعد له " بِإِذْنِ رَبِّهِ " أي: بإرادة اللّه ومشيئته, فليست الأسباب مستقلة بوجود الأشياء, حتى يأذن اللّه بذلك.
" وَالَّذِي خَبُثَ " من الأراضي " لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا " أي: إلا نباتا خاسا لا نفع فيه ولا بركة.
" كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ " أي: ننوعها ونبينها ونضرب فيها الأمثال ونسوقها لقوم يشكرون اللّه بالاعتراف بنعمه, والإقرار بها, وصرفها في مرضاة اللّه.
فهم الذين ينتفعون بما فصل اللّه في كتابه, من الأحكام, والمطالب الإلهية لأنهم يرونها من أكبر النعم الواصلة إليهم من ربهم.
فيتلقونها مفتقرين إليها فرحين بها, فيتدبرونها, ويتأملونها, فيبين لهم من معانيها, بحسب استعدادهم.
وهذا مثال للقلوب, حين ينزل عليها الوحي الذي هو مادة الحياة, كما أن الغيث, مادة الحيا.
فإن القلوب الطيبة, حين يجيئها الوحي, تقبله وتعلمه, وتنبت بحسب, طيب أصلها, وحسن عنصرها.
وأما القلوب الخبيثة, التي لا خير فيها, فإذا جاءها الوحي, لم يجد محلا قابلا, بل يجدها غافلة معرضة, أو معارضة, فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور, فلا: يؤثر فيها شيئا, وهذا كقوله تعالى " أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا " الآيات.
" وَالَّذِي خَبُثَ " من الأراضي " لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا " أي: إلا نباتا خاسا لا نفع فيه ولا بركة.
" كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ " أي: ننوعها ونبينها ونضرب فيها الأمثال ونسوقها لقوم يشكرون اللّه بالاعتراف بنعمه, والإقرار بها, وصرفها في مرضاة اللّه.
فهم الذين ينتفعون بما فصل اللّه في كتابه, من الأحكام, والمطالب الإلهية لأنهم يرونها من أكبر النعم الواصلة إليهم من ربهم.
فيتلقونها مفتقرين إليها فرحين بها, فيتدبرونها, ويتأملونها, فيبين لهم من معانيها, بحسب استعدادهم.
وهذا مثال للقلوب, حين ينزل عليها الوحي الذي هو مادة الحياة, كما أن الغيث, مادة الحيا.
فإن القلوب الطيبة, حين يجيئها الوحي, تقبله وتعلمه, وتنبت بحسب, طيب أصلها, وحسن عنصرها.
وأما القلوب الخبيثة, التي لا خير فيها, فإذا جاءها الوحي, لم يجد محلا قابلا, بل يجدها غافلة معرضة, أو معارضة, فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور, فلا: يؤثر فيها شيئا, وهذا كقوله تعالى " أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا " الآيات.
لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ↓
لما ذكر تعالى, من أدلة توحيده, جملة صالحة, أيد ذلك بذكر ما جرى للأنبياء الداعين إلى توحيده, مع أممهم المنكرين لذلك.
وكيف أيد اللّه أهل التوحيد, وأهلك من عاندهم ولم ينقد لهم.
وكيف اتفقت دعوة المرسلين على دين واحد, ومعتقد واحد.
فقال عن نوح - أول المرسلين -: " لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ " يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده, حين كانوا يعبدون الأوثان.
" فَقَالَ " لهم: " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ " أي: وحده " مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " لأنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور, وما سواه مخلوق مدبر, ليس له من الأمر شيء.
ثم خوفهم إن لم يطيعوه عذاب اللّه فقال: " إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " .
وهذا من نصحه عليه الصلاة والسلام, وشفقته عليهم, حيث خاف عليهم العذاب الأبدي, والشقاء السرمدي, كإخوانه من المرسلين الذين يشفقون على الخلق أعظم من شفقة آبائهم وأمهاتهم.
فلما قال لهم هذه المقالة, ردوا عليه أقبح رد.
وكيف أيد اللّه أهل التوحيد, وأهلك من عاندهم ولم ينقد لهم.
وكيف اتفقت دعوة المرسلين على دين واحد, ومعتقد واحد.
فقال عن نوح - أول المرسلين -: " لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ " يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده, حين كانوا يعبدون الأوثان.
" فَقَالَ " لهم: " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ " أي: وحده " مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " لأنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور, وما سواه مخلوق مدبر, ليس له من الأمر شيء.
ثم خوفهم إن لم يطيعوه عذاب اللّه فقال: " إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " .
وهذا من نصحه عليه الصلاة والسلام, وشفقته عليهم, حيث خاف عليهم العذاب الأبدي, والشقاء السرمدي, كإخوانه من المرسلين الذين يشفقون على الخلق أعظم من شفقة آبائهم وأمهاتهم.
فلما قال لهم هذه المقالة, ردوا عليه أقبح رد.
" قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ " أي: الرؤساء الأغنياء المتبوعون الذين قد جرت العادة باستكبارهم على الحق, وعدم انقيادهم للرسل.
" إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " فلم يكفهم - قبحهم اللّه - أنهم لم ينقادوا له, بل استكبروا عن الأنقياد له, وقدحوا فيه أعظم قدح, ونسبوه إلى الضلال.
ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه, ضلالا مبينا, واضحا لكل أحد.
وهذا من أعظم أنواع المكابرة, التي لا تروج على أضعف الناس عقلا.
وإنما هذا الوصف, منطبق على قوم نوح, الذين جاءوا إلى أصنام, قد صوروها ونحتوها بأيديهم, من الجمادات التي لا تسمع ولا تبصر, ولا تغني عنهم شيئا.
فنزلوها منزلة فاطر السماوات, وصرفوا لها ما أمكنهم, من أنواع القربات.
فلولا أن لهم أذهانا تقوم بها حجة اللّه عليهم لحكم عليهم بأن المجانين أهدى منهم, بل هم أهدى منهم وأعقل.
فرد نوح عليهم ردا لطيفا, وترقق لهم, لعلهم ينقادون له فقال:
" إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " فلم يكفهم - قبحهم اللّه - أنهم لم ينقادوا له, بل استكبروا عن الأنقياد له, وقدحوا فيه أعظم قدح, ونسبوه إلى الضلال.
ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه, ضلالا مبينا, واضحا لكل أحد.
وهذا من أعظم أنواع المكابرة, التي لا تروج على أضعف الناس عقلا.
وإنما هذا الوصف, منطبق على قوم نوح, الذين جاءوا إلى أصنام, قد صوروها ونحتوها بأيديهم, من الجمادات التي لا تسمع ولا تبصر, ولا تغني عنهم شيئا.
فنزلوها منزلة فاطر السماوات, وصرفوا لها ما أمكنهم, من أنواع القربات.
فلولا أن لهم أذهانا تقوم بها حجة اللّه عليهم لحكم عليهم بأن المجانين أهدى منهم, بل هم أهدى منهم وأعقل.
فرد نوح عليهم ردا لطيفا, وترقق لهم, لعلهم ينقادون له فقال: