الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُطِيعُوا أَمْر الْمُسْرِفِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل صَالِح لِقَوْمِهِ مِنْ ثَمُود : لَا تُطِيعُوا أَيّهَا الْقَوْم أَمْر الْمُسْرِفِينَ عَلَى أَنْفُسهمْ فِي تَمَادِيهِمْ فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى سُخْطه .
وَهُمْ الرَّهْط التِّسْعَة الَّذِينَ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ مِنْ ثَمُود الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } 27 48 يَقُول : الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي أَرْض اللَّه بِمَعَاصِيهِ , وَلَا يُصْلِحُونَ , يَقُول : وَلَا يُصْلِحُونَ أَنْفُسهمْ بِالْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّه .
وَقَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَسْحُورِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : مِنْ الْمَسْحُورِينَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20319 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَسْحُورِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : مِنْ الْمَخْلُوقِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20320 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ } قَالَ : مِنْ الْمَخْلُوقِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَكَانَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : كُلّ مَنْ أَكَلَ مِنْ إِنْس أَوْ دَابَّة فَهُوَ مُسَحَّر , وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سَحْرًا يَقْرِي مَا أَكَلَ فِيهِ , وَاسْتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ لَبِيد : فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا عَصَافِير مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ نَحْو هَذَا , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : أُخِذَ مِنْ قَوْلك : اِنْتَفَخَ سَحْرك : أَيْ أَنَّك تَأْكُل الطَّعَام وَالشَّرَاب , فَتُسَحَّر بِهِ وَتُعَلَّل . وَقَالَ : مَعْنَى قَوْل لَبِيد : " مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر " : مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُعَلَّل الْمَخْدُوع . قَالَ : وَيُرْوَى أَنَّ السِّحْر مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُ كَالْخَدِيعَةِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ يُعَلَّلُونَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب مِثْلنَا , وَلَسْت رَبًّا وَلَا مَلَكًا فَنُطِيعك , وَنَعْلَم أَنَّك صَادِق فِيمَا تَقُول . وَالْمُسَحَّر : الْمُفَعَّل مِنْ السَّحَرَة , وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَحَرَة
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل ثَمُود لِنَبِيِّهَا صَالِح : { مَا أَنْتَ } يَا صَالِح { إِلَّا بَشَر مِثْلنَا } مِنْ بَنِي آدَم , تَأْكُل مَا نَأْكُل , وَتَشْرَب مَا نَشْرَب , وَلَسْت بِرَبٍّ وَلَا مَلَك , فَعَلَّام نَتَّبِعك ؟ فَإِنْ كُنْت صَادِقًا فِي قِيلك , وَأَنَّ اللَّه أَرْسَلَك إِلَيْنَا { فَأْتِ بِآيَةٍ } يَعْنِي : بِدَلَالَةٍ وَحُجَّة عَلَى أَنَّك مُحِقّ فِيمَا تَقُول , إِنْ كُنْت مِمَّنْ صَدَقَنَا فِي دَعْوَاهُ أَنَّ اللَّه أَرْسَلَهُ إِلَيْنَا. وَقَدْ : 20321 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَاصِم الْكِلَابِيّ , قَالَ : ثَنَا دَاوُد بْن أَبِي الْفُرَات , قَالَ : ثَنَا عِلْبَاء بْن أَحْمَر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ صَالِحًا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ اللَّه إِلَى قَوْمه , فَآمَنُوا بِهِ وَاتَّبَعُوهُ , فَمَاتَ صَالِح , فَرَجَعُوا عَنْ الْإِسْلَام , فَأَتَاهُمْ صَالِح , فَقَالَ لَهُمْ : أَنَا صَالِح , قَالُوا : إِنْ كُنْت صَادِقًا فَأْتِنَا بِآيَةٍ , فَأَتَاهُمْ بِالنَّاقَةِ , فَكَذَّبُوهُ وَعَقَرُوهَا , فَعَذَّبَهُمْ اللَّه .
وَقَوْله : { قَالَ هَذِهِ نَاقَة لَهَا شِرْب وَلَكُمْ شِرْب يَوْم مَعْلُوم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ صَالِح لِثَمُود لَمَّا سَأَلُوهُ آيَة يَعْلَمُونَ بِهَا صِدْقه , فَأَتَاهُمْ بِنَاقَةٍ أَخْرَجَهَا مِنْ صَخْرَة أَوْ هَضْبَة : هَذِهِ نَاقَة يَا قَوْم , لَهَا شِرْب وَلَكُمْ مِثْله شِرْب يَوْم آخَر مَعْلُوم , مَا لَكُمْ مِنْ الشِّرْب , لَيْسَ لَكُمْ فِي يَوْم وِرْدهَا أَنْ تَشْرَبُوا مِنْ شِرْبهَا شَيْئًا , وَلَا لَهَا أَنْ تَشْرَب فِي يَوْمكُمْ مِمَّا لَكُمْ شَيْئًا . وَيَعْنِي بِالشِّرْبِ : الْحَظّ وَالنَّصِيب مِنْ الْمَاء , يَقُول : لَهَا حَظّ مِنْ الْمَاء , وَلَكُمْ مِثْله , وَالشُّرْب وَالشَّرْب وَالشِّرْب مَصَادِر كُلّهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَالْكَسْر. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : آخِرهَا أَقَلّهَا شُرْبًا وَشِرْبًا .
وَقَوْله : { وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } يَقُول : لَا تَمَسُّوهَا بِمَا يُؤْذِيهَا مِنْ عَقْر وَقَتْل وَنَحْو ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20322 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } لَا تَعْقِرُوهَا.
وَقَوْله : { فَيَأْخُذكُمْ عَذَاب يَوْم عَظِيم } يَقُول : فَيَحِلّ بِكُمْ مِنْ اللَّه عَذَاب يَوْم عَظِيم عَذَابه .
وَقَوْله : { فَيَأْخُذكُمْ عَذَاب يَوْم عَظِيم } يَقُول : فَيَحِلّ بِكُمْ مِنْ اللَّه عَذَاب يَوْم عَظِيم عَذَابه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره , فَخَالَفَتْ ثَمُود أَمْر نَبِيّهَا صَالِح صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَقَرُوا النَّاقَة الَّتِي قَالَ لَهُمْ صَالِح : لَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ , فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ عَلَى عَقْرهَا , فَلَمْ يَنْفَعهُمْ نَدَمهمْ ,
وَأَخَذَهُمْ عَذَاب اللَّه الَّذِي كَانَ صَالِح تَوَعَّدَهُمْ بِهِ فَأَهْلَكَهُمْ .
يَقُول : إِنَّ فِي إِهْلَاك ثَمُود بِمَا فَعَلَتْ مِنْ عَقْرهَا نَاقَة اللَّه وَخِلَافهَا أَمْر نَبِيّ اللَّه صَالِح لَعِبْرَة لِمَنْ اِعْتَبَرَ بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ قَوْمك.
يَقُول : وَلَنْ يُؤْمِن أَكْثَرهمْ فِي سَابِق عِلْم اللَّه.
يَقُول : إِنَّ فِي إِهْلَاك ثَمُود بِمَا فَعَلَتْ مِنْ عَقْرهَا نَاقَة اللَّه وَخِلَافهَا أَمْر نَبِيّ اللَّه صَالِح لَعِبْرَة لِمَنْ اِعْتَبَرَ بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ قَوْمك.
يَقُول : وَلَنْ يُؤْمِن أَكْثَرهمْ فِي سَابِق عِلْم اللَّه.
{ وَإِنَّ رَبّك } يَا مُحَمَّد { لَهُوَ الْعَزِيز } فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ { الرَّحِيم } بِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ خَلْقه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَتْ قَوْم لُوط الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَتْ قَوْم لُوط } مَنْ أَرْسَلَهُ اللَّه إِلَيْهِمْ مِنْ الرُّسُل حِين
أَلَا تَتَّقُونَ اللَّه أَيّهَا الْقَوْم .
رَسُول مِنْ رَبّكُمْ { أَمِين } عَلَى وَحْيه , وَتَبْلِيغ رِسَالَته .
فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ , أَنْ يَحِلّ بِكُمْ عِقَابه عَلَى تَكْذِيبكُمْ رَسُوله { وَأَطِيعُونِ } فِيمَا دَعْوَتكُمْ إِلَيْهِ أَهْدِكُمْ سَبِيل الرَّشَاد .
يَقُول : وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَى نَصِيحَتِي لَكُمْ وَدِعَايَتكُمْ إِلَى رَبِّي جَزَاء وَلَا ثَوَابًا.
يَقُول : مَا جَزَائِي عَلَى دِعَايَتكُمْ إِلَى اللَّه , وَعَلَى نُصْحِي لَكُمْ وَتَبْلِيغ رِسَالَات اللَّه إِلَيْكُمْ , إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ .
يَقُول : مَا جَزَائِي عَلَى دِعَايَتكُمْ إِلَى اللَّه , وَعَلَى نُصْحِي لَكُمْ وَتَبْلِيغ رِسَالَات اللَّه إِلَيْكُمْ , إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَان مِنْ الْعَالَمِينَ } : أَتَنْكِحُونَ الذُّكْرَان مِنْ بَنِي آدَم فِي أَدْبَارهمْ.
وَقَوْله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ } يَقُول : وَتَدَعُونَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ مِنْ فُرُوجهنَّ , فَأَحَلَّهُ لَكُمْ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَتَذَرُونَ مَا أَصْلَحَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ ". وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20323 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ أَزْوَاجكُمْ } قَالَ : تَرَكْتُمْ أَقْبَال النِّسَاء إِلَى أَدْبَار الرِّجَال وَأَدْبَار النِّسَاء . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَتَجَاوَزُونَ مَا أَبَاحَ لَكُمْ رَبّكُمْ , وَأَحَلَّهُ لَكُمْ مِنْ الْفُرُوج إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا. كَمَا : 20324 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } قَالَ : قَوْم مُعْتَدُونَ .
وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَتَجَاوَزُونَ مَا أَبَاحَ لَكُمْ رَبّكُمْ , وَأَحَلَّهُ لَكُمْ مِنْ الْفُرُوج إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهَا. كَمَا : 20324 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم عَادُونَ } قَالَ : قَوْم مُعْتَدُونَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوط لَتَكُونَن مِنْ الْمُخْرَجِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم لُوط : { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوط } عَنْ نَهْينَا عَنْ إِتْيَان الذُّكْرَان { لَتَكُونَن مِنْ الْمُخْرَجِينَ } مِنْ بَيْن أَظْهُرنَا وَبَلَدنَا .
يَقُول لَهُمْ لُوط : إِنِّي لِعَمَلِكُمْ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان فِي أَدْبَارهمْ مِنْ الْقَالِينَ , يَعْنِي مِنْ الْمُبْغِضِينَ , الْمُنْكِرِينَ فِعْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاسْتَغَاثَ لُوط حِين تَوَعَّدَهُ قَوْمه بِالْإِخْرَاجِ مِنْ بَلَدهمْ إِنْ هُوَ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ نَهْيهمْ عَنْ رُكُوب الْفَاحِشَة , فَقَالَ { رَبّ نَجِّنِي وَأَهْلِي } مِنْ عُقُوبَتك إِيَّاهُمْ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان .
فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْله مِنْ عُقُوبَتنَا الَّتِي عَاقَبْنَا بِهَا قَوْم لُوط
يَعْنِي فِي الْبَاقِينَ , لِطُولِ مُرُور السِّنِينَ عَلَيْهَا , فَصَارَتْ هَرِمَة , فَإِنَّهَا أُهْلِكَتْ مِنْ بَيْن أَهْل لُوط , لِأَنَّهَا كَانَتْ تَدُلّ قَوْمهَا عَلَى الْأَضْيَاف . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ مِنْ الْغَابِرِينَ لِأَنَّهَا لَمْ تَهْلِك مَعَ قَوْمهَا فِي قَرْيَتهمْ , وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَصَابَهَا الْحَجَر بَعْد مَا خَرَجَتْ عَنْ قَرْيَتهمْ مَعَ لُوط وَابْنَتَيْهِ , فَكَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ بَعْد قَوْمهَا , ثُمَّ أَهْلَكَهَا اللَّه بِمَا أَمْطَرَ عَلَى بَقَايَا قَوْم لُوط مِنْ الْحِجَارَة , وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ أَهْلَكْنَا الْآخَرِينَ مِنْ قَوْم لُوط بِالتَّدْمِيرِ .
وَذَلِكَ إِرْسَال اللَّه عَلَيْهِمْ حِجَارَة مِنْ سِجِّيل مِنْ السَّمَاء .
يَقُول : فَبِئْسَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نَبِيّهمْ فَكَذَّبُوهُ .
يَقُول : فَبِئْسَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نَبِيّهمْ فَكَذَّبُوهُ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِهْلَاكنَا قَوْم لُوط الْهَلَاك الَّذِي وَصَفْنَا بِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولنَا , لَعِبْرَة وَمَوْعِظَة لِقَوْمِك يَا مُحَمَّد , يَتَّعِظُونَ بِهَا فِي تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ , وَرَدّهمْ عَلَيْك مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك مِنْ الْحَقّ
فِي سَابِق عِلْم اللَّه
فِي سَابِق عِلْم اللَّه
بِمَنْ آمَنَ بِهِ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة } . وَالْأَيْكَة : الشَّجَر الْمُلْتَفّ , وَهِيَ وَاحِدَة الْأَيْك , وَكُلّ شَجَر مُلْتَفّ فَهُوَ عِنْد الْعَرَب أَيْكَة ; وَمِنْهُ قَوْل نَابِغَة بَنِي ذُبْيَان : تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُهُ بِالْإِثْمِدِ وَأَصْحَاب الْأَيْكَة : هُمْ أَهْل مَدْيَن فِيمَا ذُكِرَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20325 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } يَقُول : أَصْحَاب الْغَيْضَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : الْأَيْكَة : مَجْمَع الشَّجَر . 20326 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : أَهْل مَدْيَن , وَالْأَيْكَة : الْمُلْتَفّ مِنْ الشَّجَر . 20327 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كَذَّبَ أَصْحَاب الْأَيْكَة الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : الْأَيْكَة : الشَّجَر , بَعَثَ اللَّه شُعَيْبًا إِلَى قَوْمه مِنْ أَهْل مَدْيَن , وَإِلَى أَهْل الْبَادِيَة , قَالَ : وَهُمْ أَصْحَاب لَيْكَة , وَلَيْكَة وَالْأَيْكَة : وَاحِد .
وَقَوْله { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْب أَلَا تَتَّقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ لَهُمْ شُعَيْب : أَلَا تَتَّقُونَ عِقَاب اللَّه عَلَى مَعْصِيَتكُمْ رَبّكُمْ .
{ إِنِّي لَكُمْ } مِنْ اللَّه { رَسُول أَمِين } عَلَى وَحْيه.
{ فَاتَّقُوا } عِقَاب { اللَّه } عَلَى خِلَافكُمْ أَمْره { وَأَطِيعُونِ } تَرْشَدُوا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَسْأَلكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : { وَمَا أَسْأَلكُمْ } عَلَى نُصْحِي لَكُمْ مِنْ جَزَاء وَثَوَاب , مَا جَزَائِي وَثَوَابِي عَلَى ذَلِكَ { إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ } .