إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْكَبَائِر الَّتِي وَعَدَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده بِاجْتِنَابِهَا تَكْفِير سَائِر سَيِّئَاتهمْ عَنْهُمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْكَبَائِر الَّتِي قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } هِيَ مَا تَقَدَّمَ اللَّه إِلَى عِبَاده بِالنَّهْيِ عَنْهُ مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن مَسْعُود , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثني عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء , إِلَى قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } * - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو خَالِد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء , إِلَى قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : سُئِلَ عَبْد اللَّه عَنْ الْكَبَائِر , قَالَ : مَا بَيْن فَاتِحَة سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : الْكَبَائِر : مَا بَيْن فَاتِحَة سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ : الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى الثَّلَاثِينَ مِنْهَا . { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } 7282 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْكَبَائِر فِيمَا بَيْن أَوَّل هَذِهِ السُّورَة , سُورَة النِّسَاء , إِلَى هَذَا الْمَوْضِع. { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : الْكَبَائِر مِنْ أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا. ثُمَّ تَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : الْكَبَائِر : مَا بَيْن أَوَّل سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأْس الثَّلَاثِينَ. وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَبَائِر سَبْع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7283 - حَدَّثَنِي تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : إِنِّي لَفِي هَذَا الْمَسْجِد مَسْجِد الْكُوفَة , وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَخْطُب النَّاس عَلَى الْمِنْبَر , فَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ الْكَبَائِر سَبْع ! فَأَصَاخَ النَّاس , فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات , ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْهَا ؟ قَالُوا : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا هِيَ ؟ قَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَأَكْل الرِّبَا , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف , وَالتَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة. فَقُلْت لِأَبِي : يَا أَبَتِ التَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة , كَيْفَ لَحِقَ هَهُنَا ؟ فَقَالَ : يَا بُنَيّ , وَمَا أَعْظَم مِنْ أَنْ يُهَاجِر الرَّجُل , حَتَّى إِذَا وَقَعَ سَهْمه فِي الْفَيْء وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجِهَاد , خَلَعَ ذَلِكَ مِنْ عُنُقه فَرَجَعَ أَعْرَابِيًّا كَمَا كَانَ . 7284 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص سَلَام بْن سُلَيْم , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , قَالَ : الْكَبَائِر سَبْع لَيْسَ مِنْهُنَّ كَبِيرَة إِلَّا وَفِيهَا آيَة مِنْ كِتَاب اللَّه , الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ مِنْهُنَّ : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاء } 22 31 و { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } 4 10 و { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُوم الَّذِي يَتَخَبَّطهُ الشَّيْطَان مِنْ الْمَسّ } 2 275 و { الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات } 24 23 وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَار } 8 15 وَالتَّعَرُّب بَعْد الْهِجْرَة : { إِنَّ الَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى } 47 25 وَقَتْل النَّفْس . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ , قَالَ : الْكَبَائِر سَبْع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاء فَتَخْطَفهُ الطَّيْر أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق } 22 31 وَقَتْل النَّفْس : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم } . .. 4 93 الْآيَة , وَأَكْل الرِّبَا : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُوم الَّذِي يَتَخَبَّطهُ الشَّيْطَان مِنْ الْمَسّ } . .. 2 275 الْآيَة , وَأَكْل أَمْوَال الْيَتَامَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا }. .. 4 10 الْآيَة , وَقَذْف الْمُحْصَنَة : { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات } . .. 24 23 الْآيَة , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف : { وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمئِذٍ دُبُره إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَة } . .. 8 16 الْآيَة . وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًّا بَعْد هِجْرَته : { إِنَّ الَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى } 47 25 الْآيَة . 7285 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ الْكَبَائِر , فَقَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه بِغَيْرِ حَقّهَا , وَفِرَار يَوْم الزَّحْف , وَأَكْل مَال الْيَتِيم بِغَيْرِ حَقّه , وَأَكْل الرِّبَا , وَالْبُهْتَان . قَالَ : وَيَقُولُونَ أَعْرَابِيَّة بَعْد هِجْرَة . قَالَ اِبْن عَوْن : فَقُلْت لِمُحَمَّدٍ فَالسِّحْر ؟ قَالَ : إِنَّ الْبُهْتَان يَجْمَع شَرًّا كَثِيرًا. 7286 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَهِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة أَنَّهُ قَالَ : الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك , وَقَتْل النَّفْس الْحَرَام , وَأَكْل الرِّبَا , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًّا بَعْد هِجْرَته . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , بِنَحْوِهِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَا : 7287 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : أَخْبَرَنِي اللَّيْث , قَالَ : ثني خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال , عَنْ نُعَيْم الْمُجْمِر , قَالَ : أَخْبَرَنِي صُهَيْب مَوْلَى الْعُتْوَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُولَانِ : خَطَبَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا , فَقَالَ : " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ؟ " ثَلَاث مَرَّات , ثُمَّ أَكَبَّ , فَأَكَبَّ كُلّ رَجُل مِنَّا يَبْكِي لَا يَدْرِي عَلَى مَاذَا حَلَفَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه وَفِي وَجْهه الْبِشْر , فَكَانَ أَحَبّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْر النَّعَم , فَقَالَ : " مَا مِنْ عَبْد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخَمْس , وَيَصُوم رَمَضَان , وَيُخْرِج الزَّكَاة , وَيَجْتَنِب الْكَبَائِر السَّبْع , إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة , ثُمَّ قِيلَ : اُدْخُلْ بِسَلَامٍ " . 7288 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء , قَالَ : الْكَبَائِر سَبْع : قَتْل النَّفْس , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَرَمْي الْمُحْصَنَة , وَشَهَادَة الزُّور , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ تِسْع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7289 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا زِيَاد بْن مِخْرَاق , عَنْ طَيْسَلَة بْن مَيَّاس , قَالَ : كُنْت مَعَ الْحِدْثَانِ , فَأَصَبْت ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنْ الْكَبَائِر , فَلَقِيت اِبْن عُمَر , فَقُلْت : إِنِّي أُصِيب ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنْ الْكَبَائِر , قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْت : كَذَا وَكَذَا , قَالَ : لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِر - قَالَ : لِشَيْءٍ لَمْ يَسْمَعهُ طَيْسَلَة - قَالَ : هِيَ تِسْع , وَسَأَعُدُّهُنَّ عَلَيْك : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّسَمَة بِغَيْرِ حِلّهَا , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم ظُلْمًا , وَإِلْحَاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام , وَاَلَّذِي يَسْتَسْحِر وَبُكَاء الْوَالِدَيْنِ مِنْ الْعُقُوق. قَالَ اِبْن زِيَاد : وَقَالَ طَيْسَلَة : لَمَّا رَأَى اِبْن عُمَر فَرَقِي , قَالَ : أَتَخَافُ النَّار أَنْ تَدْخُلهَا ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : وَتُحِبّ أَنْ تَدْخُل الْجَنَّة ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : أَحَيّ وَالِدك ؟ قُلْت : عِنْدِي أُمِّي . قَالَ : فَوَاَللَّهِ لَئِنْ أَنْتَ أَلَنْت لَهَا الْكَلَام , وَأَطْعَمْتهَا الطَّعَام , لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّة مَا اِجْتَنَبْت الْمُوجِبَات . * - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن ثَابِت الْخَرَّاز الْوَاسِطِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلْم بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب بْن عُتْبَة , عَنْ طَيْسَلَة بْن عَلِيّ النَّهْدِيّ , قَالَ : أَتَيْت اِبْن عُمَر , وَهُوَ فِي ظِلّ أَرَاك يَوْم عَرَفَة , وَهُوَ يَصُبّ الْمَاء عَلَى رَأْسه وَوَجْهه . قَالَ : قُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ الْكَبَائِر ! قَالَ : هِيَ تِسْع , قُلْت : مَا هُنَّ ؟ قَالَ : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَذْف الْمُحْصَنَة - قَالَ : قُلْت قَبْل الْقَتْل ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَرَغْمًا - وَقَتْل النَّفْس الْمُؤْمِنَة , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالسِّحْر , وَأَكْل الرِّبَا , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ , وَالْإِلْحَاد بِالْبَيْتِ الْحَرَام قِبْلَتكُمْ أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا. 7290 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن ثَابِت الْخَرَّاز , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَلْم بْن سَلَّام , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب بْن عُتْبَة , عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : بَدَأَ بِالْقَتْلِ قَبْل الْقَذْف. وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَرْبَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7291 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلْم , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ وَبَرَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم . قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّف , عَنْ وَبَرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه. * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ وَبَرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : إِنَّ الْكَبَائِر : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت مُطَرِّفًا عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْيَأْس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . 7292 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَيْبَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : سَمِعْت اِبْن مَسْعُود يَقُول : أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ وَبَرَة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه. * - وَبِهِ قَالَ : شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , بِنَحْوِهِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : الْكَبَائِر أَرْبَع : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه , وَالْأَمْن لِمَكْرِ اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ فُرَات الْقَزَّاز , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْكَبَائِر : الْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْإِيَاس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْأَمْن لِمَكْرِ اللَّه , وَالشِّرْك بِاَللَّهِ. وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7293 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ذُكِرَتْ عِنْده الْكَبَائِر , فَقَالَ : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ فَهُوَ كَبِيرَة . 7294 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : أُنْبِئْت أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : كُلّ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ كَبِيرَة , وَقَدْ ذَكَرْت الطَّرْفَة , قَالَ : هِيَ النَّظْرَة . 7295 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : قَالَ رَجُل لِعَبْدِ اللَّه بْن عَبَّاس : أَخْبِرْنِي بِالْكَبَائِرِ السَّبْع , قَالَ : فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هِيَ أَكْثَر مِنْ سَبْع وَتِسْع . فَمَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّة . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : ذَكَرُوا عِنْد اِبْن عَبَّاس الْكَبَائِر , فَقَالُوا : هِيَ سَبْع , قَالَ : هِيَ أَكْثَر مِنْ سَبْع وَتِسْع . قَالَ سُلَيْمَان : فَلَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّة . 7296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , قَالَ : قَامَ أَبُو الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ عَلَى حَلْقَة أَنَا فِيهَا , فَقَالَ : إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ : الْكَبَائِر سَبْع , وَقَدْ خِفْت أَنْ تَكُون الْكَبَائِر سَبْعِينَ , أَوْ يَزِدْنَ عَلَى ذَلِكَ . 7297 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَمْرو يُخْبِر عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر سَبْع هِيَ ؟ قَالَ : هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَب . 7298 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس : كَمْ الْكَبَائِر أَسَبْع هِيَ ؟ قَالَ : إِلَى سَبْعمِائَةٍ أَقْرَب مِنْهَا إِلَى سَبْع , غَيْر أَنَّهُ لَا كَبِيرَة مَعَ اِسْتِغْفَار , وَلَا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ طَاوُس , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : أَرَأَيْت الْكَبَائِر السَّبْع الَّتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّه مَا هُنَّ ؟ قَالَ : هُنَّ إِلَى السَّبْعِينَ أَدْنَى مِنْهَا إِلَى السَّبْع. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عَبَّاس : الْكَبَائِر سَبْع ؟ قَالَ : هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَب. 7299 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن سَعْدَان , عَنْ أَبِي الْوَلِيد , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ الْكَبَائِر , قَالَ : كُلّ شَيْء عُصِيَ اللَّه فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ ثَلَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7300 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : الْكَبَائِر : ثَلَاث : الْيَأْس مِنْ رَوْح اللَّه , وَالْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه , وَالْأَمْن مِنْ مَكْر اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ مُوجِبَة وَكُلّ مَا أَوْعَدَ اللَّه أَهْله عَلَيْهِ النَّاس فَكَبِيرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7301 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } قَالَ : الْكَبَائِر : كُلّ ذَنْب خَتَمَهُ اللَّه بِنَارٍ أَوْ غَضَب , أَوْ لَعْنَة , أَوْ عَذَاب . 7302 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد بْن وَاسِع , قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : كُلّ مُوجِبَة فِي الْقُرْآن كَبِيرَة. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ مُحَمَّد بْن مِهْزَم الشَّعَّاب , عَنْ مُحَمَّد بْن وَاسِع الْأَزْدِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كُلّ ذَنْب نَسَبَهُ اللَّه إِلَى النَّار , فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر . 7303 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَالِم أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَن , يَقُول : كُلّ مُوجِبَة فِي الْقُرْآن كَبِيرَة. 7304 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } قَالَ : الْمُوجِبَات . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7305 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الْكَبَائِر : كُلّ مُوجِبَة أَوْجَبَ اللَّه لِأَهْلِهَا النَّار , وَكُلّ عَمَل يُقَام بِهِ الْحَدّ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول بِهِ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَلِكَ 7306 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك قَالَ : ذَكَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِر , أَوْ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر , فَقَالَ : " الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ " فَقَالَ : " أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِأَكْبَر الْكَبَائِر ؟ " قَالَ : " قَوْل الزُّور " , أَوْ قَالَ : " شَهَادَة الزُّور " , قَالَ شُعْبَة : وَأَكْبَر ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ : " شَهَادَة الزُّور " . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن حَبِيب بْن عَرَبِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِد بْن الْحَارِث , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أَنَس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِر , قَالَ : " الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس , وَقَوْل الزُّور " . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن كَثِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أَنَس , قَالَ : ذَكَرُوا الْكَبَائِر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس . أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِأَكْبَر الْكَبَائِر ؟ قَوْل الزُّور " . 7307 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " أَكْبَر الْكَبَائِر : الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , أَوْ قَتْل النَّفْس " شُعْبَة الشَّاكّ " وَالْيَمِين الْغَمُوس " . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا شَيْبَان , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : مَا الْكَبَائِر , قَالَ : " الشِّرْك بِاَللَّهِ " قَالَ : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : " وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ ". قَالَ : ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : " وَالْيَمِين الْغَمُوس " . قُلْت لِلشَّعْبِيِّ : مَا الْيَمِين الْغَمُوس ؟ قَالَ : الَّذِي يَقْتَطِع مَال اِمْرِئٍ مُسْلِم بِيَمِينِهِ وَهُوَ فِيهَا كَاذِب . 7308 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي السَّرِيّ مُحَمَّد بْن الْمُتَوَكِّل الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَعْد , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان , عَنْ أَبِي رُهْم , عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَقَامَ الصَّلَاة , وَآتَى الزَّكَاة وَصَامَ رَمَضَان , وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِر , فَلَهُ الْجَنَّة " , قِيلَ : وَمَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : " الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف " . * - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا سَعْد بْن عَبْد الْحَمِيد , عَنْ جَعْفَر , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ اِبْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلْمَان الْأَغَرّ , عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَبْد اللَّه سَلْمَان الْأَغَرّ , قَالَ : قَالَ أَبُو أَيُّوب خَالِد بْن أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ , عَقَبِيّ بَدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ عَبْد يَعْبُد اللَّه لَا يُشْرِك بِهِ شَيْئًا , وَيُقِيم الصَّلَاة , وَيُؤْتِي الزَّكَاة , وَيَصُوم رَمَضَان وَيَجْتَنِب الْكَبَائِر , إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّة ". فَسَأَلُوهُ : مَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : " الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَتْل النَّفْس " . 7309 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن عَبَّاد , عَنْ جَعْفَر بْن الزُّبَيْر , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ أَبِي أُمَامَة : أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا الْكَبَائِر , وَهُوَ مُتَّكِئ , فَقَالُوا : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَأَكْل مَال الْيَتِيم , وَفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْل الزُّور , وَالْغُلُول , وَالسِّحْر , وَأَكْل الرِّبَا . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانهمْ ثَمَنًا قَلِيلًا " . .. إِلَى آخِر الْآيَة . 7310 - حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي مُعَاوِية , عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا الْكَبَائِر ؟ قَالَ : " أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك , وَأَنْ تَقْتُل وَلَدك مِنْ أَجْل أَنْ يَأْكُل مَعَك , وَأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارك " . وَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر , وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } 7311 - حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيث عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ , فَقَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة النَّخَعِيّ , وَكَانَ عَلَى السِّجْن سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عَمْرو عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : أَيّ الْعَمَل شَرّ ؟ قَالَ : " أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك , وَأَنْ تَقْتُل وَلَدك خَشْيَة أَنْ يَأْكُل مَعَك , وَأَنْ تَزْنِي بِجَارَتِك " وَقَرَأَ عَلِيّ : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَأْوِيل الْكَبَائِر بِالصِّحَّةِ , مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون مَا قَالَهُ غَيْره , وَإِنْ كَانَ كُلّ قَائِل فِيهَا قَوْلًا مِنْ الَّذِينَ ذَكَرْنَا أَقْوَالهمْ , قَدْ اِجْتَهَدَ وَبَالَغَ فِي نَفْسه , وَلِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّة مَذْهَب . فَالْكَبَائِر إِذَنْ : الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا , وَقَوْل الزُّور . وَقَدْ يَدْخُل فِي قَوْل الزُّور شَهَادَة الزُّور , وَقَذْف الْمُحْصَنَة , وَالْيَمِين الْغَمُوس , وَالسِّحْر . وَيَدْخُل فِي قَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا : قَتْل الرَّجُل وَلَده مِنْ أَجْل أَنْ يَطْعَم مَعَهُ , وَالْفِرَار مِنْ الزَّحْف , وَالزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَار وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ كُلّ خَبَر رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَى الْكَبَائِر , وَكَانَ بَعْضه مُصَدِّقًا بَعْضًا , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " هِيَ سَبْع " يَكُون مَعْنَى قَوْله حِينَئِذٍ " هِيَ سَبْع " عَلَى التَّفْصِيل , وَيَكُون مَعْنَى قَوْله فِي الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " هِيَ الْإِشْرَاك بِاَللَّهِ , وَقَتْل النَّفْس , وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ , وَقَوْل الزُّور " عَلَى الْإِجْمَال , إِذْ كَانَ قَوْله : " وَقَوْل الزُّور " يَحْتَمِل مَعَانِيَ شَتَّى , وَأَنْ يَجْمَع جَمِيع ذَلِكَ : قَوْل الزُّور . وَأَمَّا خَبَر اِبْن مَسْعُود الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ الْفِرْيَابِيّ عَلَى مَا ذَكَرْت , فَإِنَّهُ عِنْدِي غَلَط مِنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد , لِأَنَّ الْأَخْبَار الْمُتَظَاهِرَة مِنْ الْأَوْجُه الصَّحِيحَة عَنْ اِبْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهَا الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن عُيَيْنَة , وَلَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْهُمْ فِي حَدِيثه عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَبَائِر ; فَنَقْلُهُمْ مَا نَقَلُوا مِنْ ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ نَقْل الْفِرْيَابِيّ . فَمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر الَّتِي وَعَدَ اللَّه مُجْتَنِبَهَا تَكْفِير مَا عَدَاهَا مِنْ سَيِّئَاته , وَإِدْخَاله مُدْخَلًا كَرِيمًا , وَأَدَّى فَرَائِضه الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْهِ , وَجَدَ اللَّه لِمَا وَعَدَهُ مِنْ وَعْد مُنْجِزًا , وَعَلَى الْوَفَاء بِهِ دَائِبًا .
وَأَمَّا قَوْله : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : نُكَفِّر عَنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاجْتِنَابِكُمْ كَبَائِر مَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ رَبّكُمْ صَغَائِر سَيِّئَاتكُمْ , يَعْنِي : صَغَائِر ذُنُوبكُمْ. كَمَا : 7312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } الصَّغَائِر . 7313 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ نَاسًا لَقُوا عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا , لَا يُعْمَل بِهَا , فَأَرَدْنَا أَنْ نَلْقَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَدِمَ وَقَدِمُوا مَعَهُ , فَلَقِيَهُ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : مَتَى قَدِمْت ؟ قَالَ : مُنْذُ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : أَبِإِذْنٍ قَدِمْت ؟ قَالَ : فَلَا أَدْرِي كَيْفَ رَدَّ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ نَاسًا لَقُونِي بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : إِنَّا نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا وَلَا يُعْمَل بِهَا , فَأَحَبُّوا أَنْ يَلْقَوْك فِي ذَلِكَ . فَقَالَ : اجْمَعْهُمْ لِي ! قَالَ : فَجَمَعْتهُمْ لَهُ - قَالَ اِبْن عَوْن : أَظُنّهُ قَالَ فِي نَهَر - فَأَخَذَ أَدْنَاهُمْ رَجُلًا , فَقَالَ : أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ وَبِحَقِّ الْإِسْلَام عَلَيْك , أَقَرَأْت الْقُرْآن كُلّه ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي نَفْسك ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا. قَالَ : وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَخَصَمَهُ . قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي بَصَرك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي لَفْظك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي أَثَرك ؟ قَالَ : ثُمَّ تَتَبَّعَهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرهمْ , فَقَالَ : ثَكِلَتْ عُمَر أُمّه ! أَتُكَلِّفُونَهُ أَنْ يُقِيم النَّاس عَلَى كِتَاب اللَّه ؟ قَدْ عَلِمَ رَبّنَا أَنْ سَتَكُونُ لَنَا سَيِّئَات ! قَالَ : وَتَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } هَلْ عَلِمَ أَهْل الْمَدِينَة ؟ أَوْ قَالَ : هَلْ عَلِمَ أَحَد بِمَا قَدِمْتُمْ ؟ قَالُوا : لَا , قَالَ : لَوْ عَلِمُوا لَوَعَظْت بِكُمْ . 7314 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا زِيَاد بْن مِخْرَاق , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة قَالَ : أَتَيْنَا أَنَس بْن مَالِك , فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ : لَمْ نَرَ مِثْل الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبّنَا , ثُمَّ لَمْ نُخْرِج لَهُ عَنْ كُلّ أَهْل وَمَال . ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَة , ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ كَلَّفَنَا رَبّنَا أَهْوَن مِنْ ذَلِكَ , لَقَدْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُون الْكَبَائِر , فَمَا لَنَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ تَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } ... الْآيَة . 7315 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } . .. الْآيَة , إِنَّمَا وَعَدَ اللَّه الْمَغْفِرَة لِمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " اِجْتَنِبُوا الْكَبَائِر , وَسَدِّدُوا , وَأَبْشِرُوا " 7316 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : فِي خَمْس آيَات مِنْ سُورَة النِّسَاء لَهُنَّ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا } 4 40 وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } 4 48 وَقَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } 4 110 وَقَوْله : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَحَد مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورهمْ وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } 4 152 7317 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو النَّضْر , عَنْ صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ثَمَان آيَات نَزَلَتْ فِي سُورَة النِّسَاء , هِيَ خَيْر لِهَذِهِ الْأُمَّة مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس وَغَرَبَتْ , أُولَاهُنَّ : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } 4 26 وَالثَّانِيَة : { وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } 4 27 وَالثَّالِثَة : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } 4 28 ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل قَوْل اِبْن مَسْعُود سَوَاء , وَزَادَ فِيهِ : ثُمَّ أَقْبَلَ يُفَسِّرهَا فِي آخِر الْآيَة : { وَكَانَ اللَّه } لِلَّذِينَ عَمِلُوا الذُّنُوب { غَفُورًا رَحِيمًا }
وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا " بِفَتْحِ الْمِيم , وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي الْحَجّ : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } 22 59 فَمَعْنَى : " وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا " فَيَدْخُلُونَ دُخُولًا كَرِيمًا . وَقَدْ يَحْتَمِل عَلَى مَذْهَب مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَة أَنْ يَكُون الْمَعْنَى فِي الْمَدْخَل : الْمَكَان وَالْمَوْضِع , لِأَنَّ الْعَرَب رُبَّمَا فَتَحَتْ الْمِيم مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : بِمَصْبَحِ الْحَمْد وَحَيْثُ يُمْسِي وَقَدْ أَنْشَدَنِي بَعْضهمْ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب : الْحَمْد لِلَّهِ مَمْسَانَا وَمَصْبَحنَا بِالْخَيْرِ صَبَّحَنَا رَبِّي وَمَسَّانَا وَأَنْشَدَنِي آخَر غَيْره : الْحَمْد لِلَّهِ مُمْسَانَا وَمُصْبَحنَا لِأَنَّهُ مِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى . وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِيمَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة تُضَمّ مِيمه فِي مِثْل هَذَا , فَتَقُول : دَحْرَجْته مُدَحْرَجًا فَهُوَ مُدَحْرَج , ثُمَّ تَحْمِل مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَل يُفْعِل عَلَى ذَلِكَ , لِأَنَّ يُفْعِل مِنْ يُدْخِل , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَة , فَإِنَّ أَصْله أَنْ يَكُون عَلَى يُؤَفْعِل : يُؤَدْخِل , وَيُؤَخْرِج , فَهُوَ نَظِير يُدَحْرِج . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { مُدْخَلًا } بِضَمِّ الْمِيم , يَعْنِي : وَنُدْخِلكُمْ إِدْخَالًا كَرِيمًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } بِضَمِّ الْمِيم لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة فِي فِعْل فَالْمَصْدَر مِنْهُ مُفْعَل , وَأَنَّ أَدْخَلَ وَدَحْرَجَ فِعْل مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَة , فَالْمُدْخَل مَصْدَره أَوْلَى مِنْ مَفْعَل مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب فِي مَصَادِر مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ , كَمَا يُقَال : أَقَامَ بِمَكَانٍ فَطَابَ لَهُ الْمُقَام , إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة , وَقَامَ فِي مَوْضِعه فَهُوَ فِي مُقَام وَاسِع , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَام أَمِين } 44 51 مِنْ قَامَ يَقُوم , وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة لَقُرِئَ : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مُقَام أَمِين " كَمَا قُرِئَ : { وَقُلْ رَبّ أَدْخِلْنِي مُدْخَل صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَج صِدْق } 17 80 بِمَعْنَى الْإِدْخَال وَالْإِخْرَاج , وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أَحَد أَنَّهُ قَرَأَ : مَدْخَل صِدْق , وَلَا مَخْرَج صِدْق , بِفَتْحِ الْمِيم . وَأَمَّا الْمُدْخَل الْكَرِيم : فَهُوَ الطَّيِّب الْحَسَن , الْمُكَرَّم بِنَفْيِ الْآفَات وَالْعَاهَات عَنْهُ , وَبِارْتِفَاعِ الْهُمُوم وَالْأَحْزَان وَدُخُول الْكَدَر فِي عَيْش مَنْ دَخَلَهُ , فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّه كَرِيمًا . كَمَا : 7318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } قَالَ : الْكَرِيم : هُوَ الْحَسَن فِي الْجَنَّة . .
وَأَمَّا قَوْله : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : نُكَفِّر عَنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاجْتِنَابِكُمْ كَبَائِر مَا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ رَبّكُمْ صَغَائِر سَيِّئَاتكُمْ , يَعْنِي : صَغَائِر ذُنُوبكُمْ. كَمَا : 7312 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } الصَّغَائِر . 7313 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ نَاسًا لَقُوا عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا , لَا يُعْمَل بِهَا , فَأَرَدْنَا أَنْ نَلْقَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَدِمَ وَقَدِمُوا مَعَهُ , فَلَقِيَهُ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : مَتَى قَدِمْت ؟ قَالَ : مُنْذُ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : أَبِإِذْنٍ قَدِمْت ؟ قَالَ : فَلَا أَدْرِي كَيْفَ رَدَّ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ نَاسًا لَقُونِي بِمِصْرٍ , فَقَالُوا : إِنَّا نَرَى أَشْيَاء مِنْ كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُعْمَل بِهَا وَلَا يُعْمَل بِهَا , فَأَحَبُّوا أَنْ يَلْقَوْك فِي ذَلِكَ . فَقَالَ : اجْمَعْهُمْ لِي ! قَالَ : فَجَمَعْتهُمْ لَهُ - قَالَ اِبْن عَوْن : أَظُنّهُ قَالَ فِي نَهَر - فَأَخَذَ أَدْنَاهُمْ رَجُلًا , فَقَالَ : أَنْشُدكُمْ بِاَللَّهِ وَبِحَقِّ الْإِسْلَام عَلَيْك , أَقَرَأْت الْقُرْآن كُلّه ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي نَفْسك ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا. قَالَ : وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَخَصَمَهُ . قَالَ : فَهَلْ أَحْصَيْته فِي بَصَرك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي لَفْظك ؟ هَلْ أَحْصَيْته فِي أَثَرك ؟ قَالَ : ثُمَّ تَتَبَّعَهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرهمْ , فَقَالَ : ثَكِلَتْ عُمَر أُمّه ! أَتُكَلِّفُونَهُ أَنْ يُقِيم النَّاس عَلَى كِتَاب اللَّه ؟ قَدْ عَلِمَ رَبّنَا أَنْ سَتَكُونُ لَنَا سَيِّئَات ! قَالَ : وَتَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } هَلْ عَلِمَ أَهْل الْمَدِينَة ؟ أَوْ قَالَ : هَلْ عَلِمَ أَحَد بِمَا قَدِمْتُمْ ؟ قَالُوا : لَا , قَالَ : لَوْ عَلِمُوا لَوَعَظْت بِكُمْ . 7314 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا زِيَاد بْن مِخْرَاق , عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة قَالَ : أَتَيْنَا أَنَس بْن مَالِك , فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ : لَمْ نَرَ مِثْل الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبّنَا , ثُمَّ لَمْ نُخْرِج لَهُ عَنْ كُلّ أَهْل وَمَال . ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَة , ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ كَلَّفَنَا رَبّنَا أَهْوَن مِنْ ذَلِكَ , لَقَدْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُون الْكَبَائِر , فَمَا لَنَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ تَلَا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } ... الْآيَة . 7315 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } . .. الْآيَة , إِنَّمَا وَعَدَ اللَّه الْمَغْفِرَة لِمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " اِجْتَنِبُوا الْكَبَائِر , وَسَدِّدُوا , وَأَبْشِرُوا " 7316 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : فِي خَمْس آيَات مِنْ سُورَة النِّسَاء لَهُنَّ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ } وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا } 4 40 وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } 4 48 وَقَوْله : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } 4 110 وَقَوْله : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن أَحَد مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورهمْ وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا } 4 152 7317 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو النَّضْر , عَنْ صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : ثَمَان آيَات نَزَلَتْ فِي سُورَة النِّسَاء , هِيَ خَيْر لِهَذِهِ الْأُمَّة مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس وَغَرَبَتْ , أُولَاهُنَّ : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } 4 26 وَالثَّانِيَة : { وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } 4 27 وَالثَّالِثَة : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } 4 28 ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل قَوْل اِبْن مَسْعُود سَوَاء , وَزَادَ فِيهِ : ثُمَّ أَقْبَلَ يُفَسِّرهَا فِي آخِر الْآيَة : { وَكَانَ اللَّه } لِلَّذِينَ عَمِلُوا الذُّنُوب { غَفُورًا رَحِيمًا }
وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا " بِفَتْحِ الْمِيم , وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي الْحَجّ : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } 22 59 فَمَعْنَى : " وَنُدْخِلكُمْ مَدْخَلًا " فَيَدْخُلُونَ دُخُولًا كَرِيمًا . وَقَدْ يَحْتَمِل عَلَى مَذْهَب مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَة أَنْ يَكُون الْمَعْنَى فِي الْمَدْخَل : الْمَكَان وَالْمَوْضِع , لِأَنَّ الْعَرَب رُبَّمَا فَتَحَتْ الْمِيم مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : بِمَصْبَحِ الْحَمْد وَحَيْثُ يُمْسِي وَقَدْ أَنْشَدَنِي بَعْضهمْ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب : الْحَمْد لِلَّهِ مَمْسَانَا وَمَصْبَحنَا بِالْخَيْرِ صَبَّحَنَا رَبِّي وَمَسَّانَا وَأَنْشَدَنِي آخَر غَيْره : الْحَمْد لِلَّهِ مُمْسَانَا وَمُصْبَحنَا لِأَنَّهُ مِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى . وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِيمَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة تُضَمّ مِيمه فِي مِثْل هَذَا , فَتَقُول : دَحْرَجْته مُدَحْرَجًا فَهُوَ مُدَحْرَج , ثُمَّ تَحْمِل مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَل يُفْعِل عَلَى ذَلِكَ , لِأَنَّ يُفْعِل مِنْ يُدْخِل , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَة , فَإِنَّ أَصْله أَنْ يَكُون عَلَى يُؤَفْعِل : يُؤَدْخِل , وَيُؤَخْرِج , فَهُوَ نَظِير يُدَحْرِج . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { مُدْخَلًا } بِضَمِّ الْمِيم , يَعْنِي : وَنُدْخِلكُمْ إِدْخَالًا كَرِيمًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } بِضَمِّ الْمِيم لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْفِعْل بِنَاؤُهُ عَلَى أَرْبَعَة فِي فِعْل فَالْمَصْدَر مِنْهُ مُفْعَل , وَأَنَّ أَدْخَلَ وَدَحْرَجَ فِعْل مِنْهُ عَلَى أَرْبَعَة , فَالْمُدْخَل مَصْدَره أَوْلَى مِنْ مَفْعَل مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب فِي مَصَادِر مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ , كَمَا يُقَال : أَقَامَ بِمَكَانٍ فَطَابَ لَهُ الْمُقَام , إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة , وَقَامَ فِي مَوْضِعه فَهُوَ فِي مُقَام وَاسِع , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَام أَمِين } 44 51 مِنْ قَامَ يَقُوم , وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْإِقَامَة لَقُرِئَ : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مُقَام أَمِين " كَمَا قُرِئَ : { وَقُلْ رَبّ أَدْخِلْنِي مُدْخَل صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَج صِدْق } 17 80 بِمَعْنَى الْإِدْخَال وَالْإِخْرَاج , وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أَحَد أَنَّهُ قَرَأَ : مَدْخَل صِدْق , وَلَا مَخْرَج صِدْق , بِفَتْحِ الْمِيم . وَأَمَّا الْمُدْخَل الْكَرِيم : فَهُوَ الطَّيِّب الْحَسَن , الْمُكَرَّم بِنَفْيِ الْآفَات وَالْعَاهَات عَنْهُ , وَبِارْتِفَاعِ الْهُمُوم وَالْأَحْزَان وَدُخُول الْكَدَر فِي عَيْش مَنْ دَخَلَهُ , فَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّه كَرِيمًا . كَمَا : 7318 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } قَالَ : الْكَرِيم : هُوَ الْحَسَن فِي الْجَنَّة . .
وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا تَشْتَهُوا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي نِسَاء تَمَنَّيْنَ مَنَازِل الرِّجَال , وَأَنْ يَكُون لَهُمْ مَا لَهُمْ , فَنَهَى اللَّه عِبَاده عَنْ الْأَمَانِيّ الْبَاطِلَة , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوهُ مِنْ فَضْله , إِذْ كَانَتْ الْأَمَانِيّ تُورِث أَهْلهَا الْحَسَد وَالْبَغْي بِغَيْرِ الْحَقّ . ذِكْر الْأَخْبَار بِمَا ذَكَرْنَا : 7319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا رَسُول اللَّه لَا نُعْطِي الْمِيرَاث , وَلَا نَغْزُو فِي سَبِيل اللَّه فَنُقْتَل ؟ فَنَزَلَتْ : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا رَسُول اللَّه : تَغْزُو الرِّجَال وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْف الْمِيرَاث ؟ فَنَزَلَتْ : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } وَنَزَلَتْ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } 7320 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } يَقُول : لَا يَتَمَنَّى الرَّجُل يَقُول : لَيْتَ أَنَّ لِي مَال فُلَان وَأَهْله , فَنَهَى اللَّه سُبْحَانه عَنْ ذَلِكَ , وَلَكِنْ لِيَسْأَل اللَّه مِنْ فَضْله . 7321 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : قَوْل النِّسَاء : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو , وَنَبْلُغ مَا يَبْلُغ الرِّجَال . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَوْل النِّسَاء يَتَمَنَّيْنَ : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو ; ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : أَيْ رَسُول اللَّه أَتَغْزُو الرِّجَال وَلَا نَغْزُو , وَإِنَّمَا لَنَا نِصْف الْمِيرَاث ؟ فَنَزَلَتْ { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه } 33 35 7322 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ شَيْخ مِنْ أَهْل مَكَّة , قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : كَانَ النِّسَاء يَقُلْنَ : لَيْتَنَا رِجَال فَنُجَاهِد كَمَا يُجَاهِد الرِّجَال , وَنَغْزُو فِي سَبِيل اللَّه ! فَقَالَ اللَّه : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } 7323 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : تَتَمَنَّى مَال فُلَان وَمَال فُلَان , وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّ هَلَاكه فِي ذَلِكَ الْمَال . 7324 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد أَنَّهُمَا قَالَا : نَزَلَتْ فِي أُمّ سَلَمَة اِبْنَة أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة . 7325 - وَبِهِ قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : هُوَ الْإِنْسَان يَقُول : وَدِدْت أَنَّ لِي مَال فُلَان ! قَالَ : وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله , وَقَوْل النِّسَاء : لَيْتَنَا رِجَال فَنَغْزُو , وَنَبْلُغ مَا يَبْلُغ الرِّجَال . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَتَمَنَّ بَعْضكُمْ مَا خَصَّ اللَّه بَعْضًا مِنْ مَنَازِل الْفَضْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } فَإِنَّ الرِّجَال قَالُوا : نُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا مِنْ الْأَجْر الضِّعْف عَلَى أَجْر النِّسَاء , كَمَا لَنَا فِي السِّهَام سَهْمَانِ , فَنُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا فِي الْأَجْر أَجْرَانِ , وَقَالَتْ النِّسَاء : نُرِيد أَنْ يَكُون لَنَا أَجْر مِثْل الرِّجَال , فَإِنَّا لَا نَسْتَطِيع أَنْ نُقَاتِل , وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْنَا الْقِتَال لَقَاتَلْنَا . فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى الْآيَة , وَقَالَ لَهُمْ : سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله , يَرْزُقكُمْ الْأَعْمَال , وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . 7327 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : نُهِيتُمْ عَنْ الْأَمَانِيّ , وَدُلِلْتُمْ عَلَى مَا هُوَ خَيْر مِنْهُ , وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله . 7328 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَارِم , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : كَانَ مُحَمَّد إِذَا سَمِعَ الرَّجُل يَتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا , قَالَ : قَدْ نَهَاكُمْ اللَّه عَنْ هَذَا , { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض } وَدَلَّكُمْ عَلَى خَيْر مِنْهُ , وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : وَلَا تَتَمَنَّوْا أَيّهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء الَّذِي فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض مِنْ مَنَازِل الْفَضْل , وَدَرَجَات الْخَيْر وَلْيَرْضَ أَحَدكُمْ بِمَا قَسَمَ اللَّه لَهُ مِنْ نَصِيب , وَلَكِنْ سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ الثَّوَاب عَلَى الطَّاعَة وَالْعِقَاب عَلَى الْمَعْصِيَة , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْ ذَلِكَ مِثْل ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7329 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَة شَيْئًا وَلَا الصَّبِيّ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يَحْمِلُونَ الْمِيرَاث لِمَنْ يَحْتَرِف وَيَنْفَع وَيَدْفَع , فَلَمَّا لَحِقَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبهَا وَلِلصَّبِيِّ نَصِيبه , وَحُمِلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , قَالَ النِّسَاء : لَوْ كَانَ جَعَلَ أَنْصِبَاءَنَا فِي الْمِيرَاث كَأَنْصِبَاءِ الرِّجَال ! وَقَالَ الرِّجَال : إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ نَفْضُل عَلَى النِّسَاء بِحَسَنَاتِنَا فِي الْآخِرَة , كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَقُول : الْمَرْأَة تُجْزَى بِحَسَنَتِهَا عَشْر أَمْثَالهَا كَمَا يُجْزَى الرَّجُل , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } 7330 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثني أَبُو لَيْلَى , قَالَ : سَمِعْت أَبَا جَرِير يَقُول : لَمَّا نَزَلَ : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } قَالَتْ النِّسَاء : كَذَلِكَ عَلَيْهِمْ نَصِيبَانِ مِنْ الذُّنُوب , كَمَا لَهُمْ نَصِيبَانِ مِنْ الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي الذُّنُوب , وَاسْأَلُوا اللَّه يَا مَعْشَر النِّسَاء مِنْ فَضْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ مِيرَاث مَوْتَاهُمْ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7331 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي : مَا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ , يَقُول : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } 7332 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ غَيْره , فِي قَوْله : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } قَالَ : فِي الْمِيرَاث كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ ثَوَاب اللَّه وَعِقَابه مِمَّا اكْتَسَبُوا , فَعَمِلُوهُ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لِلرِّجَالِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ تَأْوِيله : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ الْمِيرَاث , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلِّ فَرِيق مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء نَصِيبًا مِمَّا اِكْتَسَبَ , وَلَيْسَ الْمِيرَاث مِمَّا اِكْتَسَبَهُ الْوَارِث , وَإِنَّمَا هُوَ مَال أَوْرَثَهُ اللَّه عَنْ مَيِّته بِغَيْرِ اِكْتِسَاب , وَإِنَّمَا الْكَسْب الْعَمَل , وَالْمُكْتَسِب : الْمُحْتَرِف , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَعْنَى الْآيَة , وَقَدْ قَالَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا وَرِثُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا وَرِثْنَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبْنَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ عَوْنه وَتَوْفِيقه لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيه عَنْكُمْ مِنْ طَاعَته , فَفَضْله فِي هَذَا الْمَوْضِع : تَوْفِيقه وَمَعُونَته . كَمَا : 7333 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ سَعِيد : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : الْعِبَادَة لَيْسَتْ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . 7334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثني أَبُو جَعْفَر , قَالَ : ثنا مُوسَى , عَنْ لَيْث , قَالَ : فَضْله الْعِبَادَة لَيْسَ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . 7335 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : لَيْسَ بِعَرَضِ الدُّنْيَا . 7336 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأَسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } يَرْزُقكُمْ الْأَعْمَال , وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . 7337 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ حَكِيم بْن جُبَيْر , عَنْ رَجُل لَمْ يُسَمِّهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله فَإِنَّهُ يُحِبّ أَنْ يُسْأَل , وَإِنَّ مِنْ أَفْضَل الْعِبَادَة اِنْتِظَار الْفَرَج " .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا يُصْلِح عِبَاده فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ خَيْر , وَرَفَعَ بَعْضهمْ فَوْق بَعْض فِي الدِّين وَالدُّنْيَا , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَائِهِ وَأَحْكَامه فِيهِمْ { عَلِيمًا } يَقُول : ذَا عِلْم , وَلَا تَتَمَنَّوْا غَيْر الَّذِي قَضَى لَكُمْ , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ وَالتَّسْلِيم لِأَمْرِهِ , وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَمَسْأَلَته مِنْ فَضْله.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ الثَّوَاب عَلَى الطَّاعَة وَالْعِقَاب عَلَى الْمَعْصِيَة , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْ ذَلِكَ مِثْل ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7329 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَة شَيْئًا وَلَا الصَّبِيّ شَيْئًا , وَإِنَّمَا يَحْمِلُونَ الْمِيرَاث لِمَنْ يَحْتَرِف وَيَنْفَع وَيَدْفَع , فَلَمَّا لَحِقَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبهَا وَلِلصَّبِيِّ نَصِيبه , وَحُمِلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , قَالَ النِّسَاء : لَوْ كَانَ جَعَلَ أَنْصِبَاءَنَا فِي الْمِيرَاث كَأَنْصِبَاءِ الرِّجَال ! وَقَالَ الرِّجَال : إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ نَفْضُل عَلَى النِّسَاء بِحَسَنَاتِنَا فِي الْآخِرَة , كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَقُول : الْمَرْأَة تُجْزَى بِحَسَنَتِهَا عَشْر أَمْثَالهَا كَمَا يُجْزَى الرَّجُل , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } 7330 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثني أَبُو لَيْلَى , قَالَ : سَمِعْت أَبَا جَرِير يَقُول : لَمَّا نَزَلَ : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } قَالَتْ النِّسَاء : كَذَلِكَ عَلَيْهِمْ نَصِيبَانِ مِنْ الذُّنُوب , كَمَا لَهُمْ نَصِيبَانِ مِنْ الْمِيرَاث ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي الذُّنُوب , وَاسْأَلُوا اللَّه يَا مَعْشَر النِّسَاء مِنْ فَضْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا مِنْ مِيرَاث مَوْتَاهُمْ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7331 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } يَعْنِي : مَا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ , يَقُول : { لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } 7332 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ غَيْره , فِي قَوْله : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } قَالَ : فِي الْمِيرَاث كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ ثَوَاب اللَّه وَعِقَابه مِمَّا اكْتَسَبُوا , فَعَمِلُوهُ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لِلرِّجَالِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ تَأْوِيله : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِنْ الْمِيرَاث , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِنْهُ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلِّ فَرِيق مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء نَصِيبًا مِمَّا اِكْتَسَبَ , وَلَيْسَ الْمِيرَاث مِمَّا اِكْتَسَبَهُ الْوَارِث , وَإِنَّمَا هُوَ مَال أَوْرَثَهُ اللَّه عَنْ مَيِّته بِغَيْرِ اِكْتِسَاب , وَإِنَّمَا الْكَسْب الْعَمَل , وَالْمُكْتَسِب : الْمُحْتَرِف , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَعْنَى الْآيَة , وَقَدْ قَالَ اللَّه : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اِكْتَسَبْنَ } لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا وَرِثُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا وَرِثْنَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ : لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبْنَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ عَوْنه وَتَوْفِيقه لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيه عَنْكُمْ مِنْ طَاعَته , فَفَضْله فِي هَذَا الْمَوْضِع : تَوْفِيقه وَمَعُونَته . كَمَا : 7333 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ سَعِيد : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : الْعِبَادَة لَيْسَتْ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . 7334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثني أَبُو جَعْفَر , قَالَ : ثنا مُوسَى , عَنْ لَيْث , قَالَ : فَضْله الْعِبَادَة لَيْسَ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا . 7335 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَاسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : لَيْسَ بِعَرَضِ الدُّنْيَا . 7336 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأَسْأَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله } يَرْزُقكُمْ الْأَعْمَال , وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . 7337 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ حَكِيم بْن جُبَيْر , عَنْ رَجُل لَمْ يُسَمِّهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَلُوا اللَّه مِنْ فَضْله فَإِنَّهُ يُحِبّ أَنْ يُسْأَل , وَإِنَّ مِنْ أَفْضَل الْعِبَادَة اِنْتِظَار الْفَرَج " .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا يُصْلِح عِبَاده فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ خَيْر , وَرَفَعَ بَعْضهمْ فَوْق بَعْض فِي الدِّين وَالدُّنْيَا , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَائِهِ وَأَحْكَامه فِيهِمْ { عَلِيمًا } يَقُول : ذَا عِلْم , وَلَا تَتَمَنَّوْا غَيْر الَّذِي قَضَى لَكُمْ , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ وَالتَّسْلِيم لِأَمْرِهِ , وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ وَمَسْأَلَته مِنْ فَضْله.
وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَلِكُلِّكُمْ أَيّهَا النَّاس جَعَلْنَا مَوَالِيَ , يَقُول : وَرَثَة مِنْ بَنِي عَمّه وَإِخْوَته وَسَائِر عَصَبَته غَيْرهمْ. وَالْعَرَب تُسَمِّي اِبْن الْعَمّ الْمَوْلَى , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَمَوْلًى رَمَيْنَا حَوْله وَهْوَ مُدْغِل بِأَعْرَاضِنَا وَالْمُنْدِيَات سُرُوع يَعْنِي بِذَلِكَ : وَابْن عَمّ رَمَيْنَا حَوْله. وَمِنْهُ قَوْل الْفَضْل بْن الْعَبَّاس : مَهْلًا بَنِي عَمّنَا مَهْلًا مَوَالِينَا لَا تُظْهِرَنَّ لَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7338 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف . عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : وَرَثَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة . عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة , يَعْنِي : الْوَرَثَة . 7339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور . عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : هُمْ الْأَوْلِيَاء . 7340 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } يَقُول : عَصَبَة . 7341 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } قَالَ : الْمَوَالِي : أَوْلِيَاء الْأَب [ أَوْ ] الْأَخ أَوْ اِبْن الْأَخ أَوْ غَيْرهمَا مِنْ الْعَصَبَة. 7342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَهُ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } أَمَّا مَوَالِي : فَهُمْ أَهْل الْمِيرَاث . 7343 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } قَالَ : الْمَوَالِي : الْعَصَبَة هُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الْمَوَالِي , فَلَمَّا دَخَلَتْ الْعَجَم عَلَى الْعَرَب لَمْ يَجِدُوا لَهُمْ اِسْمًا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ } 33 5 فَسُمُّوا الْمَوَالِيَ. قَالَ : وَالْمَوْلَى الْيَوْم مَوْلَيَانِ : مَوْلًى يَرِث وَيُورَث فَهَؤُلَاءِ ذَوُو الْأَرْحَام , وَمَوْلًى يُورَث وَلَا يَرِث فَهَؤُلَاءِ الْعَتَاقَة ; وَقَالَ : أَلَا تَرَوْنَ قَوْل زَكَرِيَّاء : { وَإِنِّي خِفْت الْمَوَالِي مِنْ وَرَائِي } ؟ 19 5 فَالْمَوَالِي هَهُنَا : الْوَرَثَة وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } مِمَّا تَرَكَهُ وَالِده وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ الْمِيرَاث . فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلِكُلِّكُمْ أَيّهَا النَّاس جَعَلْنَا عَصَبَة يَرِثُونَ بِهِ مِمَّا تَرَكَ وَالِده وَأَقْرِبَاؤُهُ مِنْ مِيرَاثهمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } اِخْتَلَفَتْ الْقِرَاءَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَانهمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول بِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِد وَفِي دَلَالَة قَوْله : { أَيْمَانكُمْ } عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْعَاقِدِينَ وَالْمَعْقُود عَلَيْهِمْ الْحِلْف , مُسْتَغْنًى عَنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ قَوْله " عَقَدَتْ " , " عَاقَدَتْ " , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ " عَاقَدَتْ " , قَالُوا : لَا يَكُون عَقْد الْحِلْف إِلَّا مِنْ فَرِيقَيْنِ , وَلَا بُدّ لَنَا مِنْ دَلَالَة فِي الْكَلَام عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَغْفَلُوا مَوْضِع دَلَالَة قَوْله : " أَيْمَانكُمْ " , عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَان الْمَعْقُود عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْعَقْد إِنَّمَا هُوَ صِفَة لِلْأَيْمَانِ دُون الْعَاقِدِينَ الْحِلْف , حَتَّى زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَالْكَلَام مُحْتَاج إِلَى ضَمِير صِلَة فِي الْكَلَام حَتَّى يَكُون الْكَلَام مَعْنَاهُ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ لَهُمْ أَيْمَانكُمْ ذَهَابًا مِنْهُ عَنْ الْوَجْه الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَيْمَان مَعْنِيّ بِهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا وَعَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " , فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيل : عَاقَدَتْ أَيْمَان هَؤُلَاءِ أَيْمَان هَؤُلَاءِ الْحِلْف , فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِغَيْرِ أَلِف , أَصَحّ مَعْنًى مِنْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " عَاقَدَتْ " لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى الْمَعْنِيّ فِي صِفَة الْأَيْمَان بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهِ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَإِنَّهُ وَصَّلَتْ وَشَدَّتْ وَوَكَّدَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : مَوَاثِيقكُمْ الَّتِي وَاثَقَ بَعْضهمْ بَعْضًا , فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّصِيب الَّذِي أَمَرَ اللَّه أَهْل الْحِلْف أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْإِسْلَام , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ نَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَتَوَارَثُونَ , فَأَوْجَبَ اللَّه فِي الْإِسْلَام مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ الْحِلْف , وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَام مِنْ التَّوَارُث مِثْل الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا فُرِضَ مِنْ الْفَرَائِض لِذَوِي الْأَرْحَام وَالْقَرَابَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا " قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُحَالِف الرَّجُل , لَيْسَ بَيْنهمَا نَسَب , فَيَرِث أَحَدهمَا الْآخَر , فَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } 8 75 7345 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فَيَرِثهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَوْلًى فَوَرِثَهُ . 7346 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَكَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل أَيّهمَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } 33 6 يَقُول : إِلَّا أَنْ يُوصُوا لِأَوْلِيَائِهِمْ الَّذِينَ عَاقَدُوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُمْ جَائِز مِنْ ثُلُث مَال الْمَيِّت , وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف . 7347 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا " كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَهَدْمِي هَدْمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال فِي الْإِسْلَام , ثُمَّ يَقْسِم أَهْل الْمِيرَات مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي سُورَة الْأَنْفَال , فَقَالَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَاقِد الرَّجُل فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَطْلُب بِي وَأَطْلُب بِك ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام , بَقِيَ مِنْهُمْ نَاس , فَأُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَهُوَ السُّدُس , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } 8 75 * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يَقُول فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : هَدْمِي هَدْمك , وَدَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال , ثُمَّ يَقْتَسِم أَهْل الْمِيرَاث مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } فَصَارَتْ الْمَوَارِيث لِذَوِي الْأَرْحَام . 7348 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : هَذَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة , كَانَ الرَّجُل يَقُول لِلرَّجُلِ : تَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَنْصُرنِي وَأَنْصُرك , وَتَعْقِل عَنِّي وَأَعْقِل عَنْك . 7349 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " كَانَ الرَّجُل يَتْبَع الرَّجُل فَيُعَاقِدهُ : إِنْ مُتّ فَلَك مِثْل مَا يَرِث بَعْض وَلَدِي وَهَذَا مَنْسُوخ . 7350 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَإِنَّ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة قَدْ كَانَ يَلْحَق بِهِ الرَّجُل , فَيَكُون تَابِعه , فَإِذَا مَاتَ الرَّجُل صَارَ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبه الْمِيرَاث , وَبَقِيَ تَابِعه لَيْسَ لَهُ شَيْء , فَأَنْزَلَ اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَكَانَ يُعْطَى مِنْ مِيرَاثه , فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد ذَلِكَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } 8 75 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , فَكَانَ بَعْضهمْ يَرِث بَعْضًا بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاة ثُمَّ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِالْفَرَائِضِ , وَبِقَوْلِهِ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7351 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " قَالَ : كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِين قَدِمُوا الْمَدِينَة يَرِث الْمُهَاجِرِيّ الْأَنْصَارِيّ دُون ذَوِي رَحِمه , لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمْ , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } نُسِخَتْ. 7352 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " الَّذِينَ عَقَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِم يَحُول بَيْنهمْ , قَالَ : وَهُوَ لَا يَكُون الْيَوْم , إِنَّمَا كَانَ فِي نَفَر آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْقَطَعَ ذَلِكَ , وَلَا يَكُون هَذَا لِأَحَدٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يُؤَاخَى بَيْن أَحَد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَهْل الْعَقْد بِالْحِلْفِ , وَلَكِنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُون الْمِيرَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7353 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النَّصْر وَالنَّصِيحَة وَالرِّفَادَة , وَيُوصِي لَهُمْ , وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث . 7354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كَانَ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُعْطُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْعَقْل وَالنُّصْرَة وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " مِنْ الْعَوْن وَالنَّصْر وَالْحِلْف . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ هَذَا حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالْوَلَاء وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . 7355 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : اِبْن جُرَيْج : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : هُوَ الْحِلْف عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ , قَالَ : وَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ , قَالَ : النَّصْر . 7356 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ اِبْن جُرَيْج. أَخْبَرَنِي عَطَاء , قَالَ : هُوَ الْحِلْف , قَالَ : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } قَالَ : الْعَقْل وَالنَّصْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : لَهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالرِّفَادَة وَالْعَقْل . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه. 7357 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : هُمْ الْحُلَفَاء. 7358 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " أَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَالْحِلْف كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَنْزِل فِي الْقَوْم فَيُحَالِفُونَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ يُوَاسُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ , فَإِذَا كَانَ لَهُمْ حَقّ أَوْ قِتَال كَانَ مِثْلهمْ , وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقّ أَوْ نُصْرَة خَذَلُوهُ ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا عَنْهُ , وَأَبَى اللَّه إِلَّا أَنْ يُشَدِّدهُ , وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ يَزِدْ الْإِسْلَام الْحُلَفَاء إِلَّا شِدَّة " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ أَبْنَاء غَيْرهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُوصُوا لَهُمْ عِنْد الْمَوْت وَصِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7360 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : إِنَّ اللَّه قَالَ : " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ رِجَالًا غَيْر أَبْنَائِهِمْ وَيُوَرِّثُونَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ , فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة , وَرَدَّ الْمِيرَاث إِلَى الْمَوَالِي فِي ذَوِي الرَّحِم وَالْعَصَبَة , وَأَبَى اللَّه لِلْمُدَّعِينَ مِيرَاثًا مِمَّنْ اِدَّعَاهُمْ وَتَبَنَّاهُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَوْل مَنْ قَالَ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ عَلَى الْمُحَالَفَة , وَهُمْ الْحُلَفَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد جَمِيع أَهْل الْعِلْم بِأَيَّامِ الْعَرَب وَأَخْبَارهَا أَنَّ عَقْد الْحِلْف بَيْنهَا كَانَ يَكُون بِالْأَيْمَانِ وَالْعُهُود وَالْمَوَاثِيق , عَلَى نَحْو مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ . فَإِذْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا وَصَفَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانهمْ مَا عَقَدُوهُ بِهَا بَيْنهمْ دُون مَنْ لَمْ يَعْقِد عَقْد مَا بَيْنهمْ أَيْمَانهُمْ , وَكَانَتْ مُؤَاخَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن مَنْ آخَى بَيْنه وَبَيْنه مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , لَمْ تَكُنْ بَيْنهمْ بِأَيْمَانِهِمْ , وَكَذَلِكَ التَّبَنِّي ; كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ الْحِلْف دُون غَيْره لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . وَأَمَّا قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } فَإِنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهِ , مَا عَلَيْهِ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ مِنْ حُكْمه الثَّابِت , وَذَلِكَ إِيتَاء أَهْل الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة دُون الْإِسْلَام بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي دُون الْمِيرَاث , وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " . 7361 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7362 - وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , عَنْ إِسْرَائِيل بْن يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن مَوْلَى آل طَلْحَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَكُلّ حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَمَا يَسُرّنِي أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي نَقَضْت الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي دَار النَّدْوَة " . 7363 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم الضَّبِّيّ : أَنَّ قَيْس بْن عَاصِم سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف , فَقَالَ : وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّة ". * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم , عَنْ قَيْس بْن عَاصِم أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف قَالَ : فَقَالَ : " مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَتَمَسَّكُوا بِهِ وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام ". 7364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن جُدْعَان , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " 7365 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم . وَحَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم. وَحَدَّثَنَا حَاتِم بْن بَكْر الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ حُسَيْن الْمُعَلَّم , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَته يَوْم فَتْح مَكَّة : " فُوا بِحِلْفٍ , فَإِنَّهُ لَا يَزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَلَا تُحْدِثُوا حِلْفًا فِي الْإِسْلَام " . 7366 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَعَبْدَة بْن عَبْد اللَّه الصَّفَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة قَالَ : ثني سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَأَيّمَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة ". 7367 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " شَهِدْت حِلْف الْمُطَيَّبِينَ وَأَنَا غُلَام مَعَ عُمُومَتِي , فَمَا أُحِبّ أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي أَنْكُثهُ " زَادَ يَعْقُوب فِي حَدِيثه عَنْ اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : وَقَالَ الزُّهْرِيّ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَمْ يُصِبْ الْإِسْلَام حِلْفًا إِلَّا زَادَهُ شِدَّة " قَالَ : " وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام " , قَالَ : وَقَدْ أَلَّفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن قُرَيْش وَالْأَنْصَار . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه , قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة عَام الْفَتْح , قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاس , فَقَالَ : " يَا أَيّهَا النَّاس مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّ الْإِسْلَام لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّة , وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه. فَإِذْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا , وَكَانَتْ الْآيَة إِذَا اُخْتُلِفَ فِي حُكْمهَا مَنْسُوخ هُوَ أَمْ غَيْر مَنْسُوخ , غَيْر جَائِز الْقَضَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ - مَعَ اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , وَلِوُجُوبِ حُكْمهَا وَنَفْي النَّسْخ عَنْهُ وَجْه صَحِيح - إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كُتُبنَا الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِذَلِكَ , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْ الْحِلْف , وَقَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النُّصْرَة وَالْمَعُونَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ , دُون قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ الْمِيرَاث , وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا , ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } دُون مَا سِوَى الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ . وَإِذَا صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَكُون الْآيَة مُحْكَمَة لَا مَنْسُوخَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَآتُوا الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي , فَإِنَّ اللَّه شَاهِد عَلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى غَيْره مِنْ أَفْعَالكُمْ , مُرَاعٍ لِكُلِّ ذَلِكَ حَافِظ , حَتَّى يُجَازِي جَمِيعكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ جَزَاءَهُ , أَمَّا الْمُحْسِن مِنْكُمْ الْمُتَّبِع أَمْرِي وَطَاعَتِي فَبِالْحُسْنَى , وَأَمَّا الْمُسِيء مِنْكُمْ الْمُخَالِف أَمْرِي وَنَهْيِي فَبِالسُّوأَى. وَمَعْنَى قَوْله : { شَهِيدًا } ذُو شَهَادَة عَلَى ذَلِكَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } اِخْتَلَفَتْ الْقِرَاءَة فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " بِمَعْنَى : وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَانهمْ الْحِلْف بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول بِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِد وَفِي دَلَالَة قَوْله : { أَيْمَانكُمْ } عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْعَاقِدِينَ وَالْمَعْقُود عَلَيْهِمْ الْحِلْف , مُسْتَغْنًى عَنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ قَوْله " عَقَدَتْ " , " عَاقَدَتْ " , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ " عَاقَدَتْ " , قَالُوا : لَا يَكُون عَقْد الْحِلْف إِلَّا مِنْ فَرِيقَيْنِ , وَلَا بُدّ لَنَا مِنْ دَلَالَة فِي الْكَلَام عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَغْفَلُوا مَوْضِع دَلَالَة قَوْله : " أَيْمَانكُمْ " , عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَيْمَانكُمْ وَأَيْمَان الْمَعْقُود عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْعَقْد إِنَّمَا هُوَ صِفَة لِلْأَيْمَانِ دُون الْعَاقِدِينَ الْحِلْف , حَتَّى زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَالْكَلَام مُحْتَاج إِلَى ضَمِير صِلَة فِي الْكَلَام حَتَّى يَكُون الْكَلَام مَعْنَاهُ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ لَهُمْ أَيْمَانكُمْ ذَهَابًا مِنْهُ عَنْ الْوَجْه الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَيْمَان مَعْنِيّ بِهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا وَعَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " , فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيل : عَاقَدَتْ أَيْمَان هَؤُلَاءِ أَيْمَان هَؤُلَاءِ الْحِلْف , فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بِغَيْرِ أَلِف , أَصَحّ مَعْنًى مِنْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " عَاقَدَتْ " لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى الْمَعْنِيّ فِي صِفَة الْأَيْمَان بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّهَا أَيْمَان الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهِ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَإِنَّهُ وَصَّلَتْ وَشَدَّتْ وَوَكَّدَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : مَوَاثِيقكُمْ الَّتِي وَاثَقَ بَعْضهمْ بَعْضًا , فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّصِيب الَّذِي أَمَرَ اللَّه أَهْل الْحِلْف أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْإِسْلَام , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ نَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَتَوَارَثُونَ , فَأَوْجَبَ اللَّه فِي الْإِسْلَام مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ الْحِلْف , وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَام مِنْ التَّوَارُث مِثْل الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا فُرِضَ مِنْ الْفَرَائِض لِذَوِي الْأَرْحَام وَالْقَرَابَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا " قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُحَالِف الرَّجُل , لَيْسَ بَيْنهمَا نَسَب , فَيَرِث أَحَدهمَا الْآخَر , فَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } 8 75 7345 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فَيَرِثهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَوْلًى فَوَرِثَهُ . 7346 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَكَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل أَيّهمَا مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } 33 6 يَقُول : إِلَّا أَنْ يُوصُوا لِأَوْلِيَائِهِمْ الَّذِينَ عَاقَدُوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُمْ جَائِز مِنْ ثُلُث مَال الْمَيِّت , وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف . 7347 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا " كَانَ الرَّجُل يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَهَدْمِي هَدْمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال فِي الْإِسْلَام , ثُمَّ يَقْسِم أَهْل الْمِيرَات مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي سُورَة الْأَنْفَال , فَقَالَ اللَّه : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَاقِد الرَّجُل فَيَقُول : دَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَطْلُب بِي وَأَطْلُب بِك ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام , بَقِيَ مِنْهُمْ نَاس , فَأُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَهُوَ السُّدُس , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } 8 75 * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يَقُول فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يُعَاقِد الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة , فَيَقُول : هَدْمِي هَدْمك , وَدَمِي دَمك , وَتَرِثنِي وَأَرِثك , وَتُطْلَب بِي وَأُطْلَب بِك . فَجَعَلَ لَهُ السُّدُس مِنْ جَمِيع الْمَال , ثُمَّ يَقْتَسِم أَهْل الْمِيرَاث مِيرَاثهمْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي الْأَنْفَال , فَقَالَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } فَصَارَتْ الْمَوَارِيث لِذَوِي الْأَرْحَام . 7348 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : هَذَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة , كَانَ الرَّجُل يَقُول لِلرَّجُلِ : تَرِثنِي وَأَرِثك , وَتَنْصُرنِي وَأَنْصُرك , وَتَعْقِل عَنِّي وَأَعْقِل عَنْك . 7349 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " كَانَ الرَّجُل يَتْبَع الرَّجُل فَيُعَاقِدهُ : إِنْ مُتّ فَلَك مِثْل مَا يَرِث بَعْض وَلَدِي وَهَذَا مَنْسُوخ . 7350 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَإِنَّ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة قَدْ كَانَ يَلْحَق بِهِ الرَّجُل , فَيَكُون تَابِعه , فَإِذَا مَاتَ الرَّجُل صَارَ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبه الْمِيرَاث , وَبَقِيَ تَابِعه لَيْسَ لَهُ شَيْء , فَأَنْزَلَ اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " فَكَانَ يُعْطَى مِنْ مِيرَاثه , فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد ذَلِكَ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } 8 75 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , فَكَانَ بَعْضهمْ يَرِث بَعْضًا بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاة ثُمَّ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِالْفَرَائِضِ , وَبِقَوْلِهِ : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7351 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " قَالَ : كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِين قَدِمُوا الْمَدِينَة يَرِث الْمُهَاجِرِيّ الْأَنْصَارِيّ دُون ذَوِي رَحِمه , لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمْ , فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي } نُسِخَتْ. 7352 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " الَّذِينَ عَقَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } إِذَا لَمْ يَأْتِ رَحِم يَحُول بَيْنهمْ , قَالَ : وَهُوَ لَا يَكُون الْيَوْم , إِنَّمَا كَانَ فِي نَفَر آخَى بَيْنهمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْقَطَعَ ذَلِكَ , وَلَا يَكُون هَذَا لِأَحَدٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يُؤَاخَى بَيْن أَحَد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَهْل الْعَقْد بِالْحِلْفِ , وَلَكِنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يُؤْتِي بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ دُون الْمِيرَاث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7353 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا إِدْرِيس الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا طَلْحَة بْن مُصَرِّف , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النَّصْر وَالنَّصِيحَة وَالرِّفَادَة , وَيُوصِي لَهُمْ , وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث . 7354 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كَانَ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُعْطُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ الْعَقْل وَالنُّصْرَة وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " مِنْ الْعَوْن وَالنَّصْر وَالْحِلْف . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : كَانَ هَذَا حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام أُمِرُوا أَنْ يُؤْتُوهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالْوَلَاء وَالْمَشُورَة , وَلَا مِيرَاث . 7355 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : اِبْن جُرَيْج : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : هُوَ الْحِلْف عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ , قَالَ : وَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ , قَالَ : النَّصْر . 7356 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ اِبْن جُرَيْج. أَخْبَرَنِي عَطَاء , قَالَ : هُوَ الْحِلْف , قَالَ : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } قَالَ : الْعَقْل وَالنَّصْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : لَهُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النَّصْر وَالرِّفَادَة وَالْعَقْل . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه. 7357 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ " قَالَ : هُمْ الْحُلَفَاء. 7358 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : " وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " أَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَالْحِلْف كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَنْزِل فِي الْقَوْم فَيُحَالِفُونَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ يُوَاسُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ , فَإِذَا كَانَ لَهُمْ حَقّ أَوْ قِتَال كَانَ مِثْلهمْ , وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقّ أَوْ نُصْرَة خَذَلُوهُ ; فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا عَنْهُ , وَأَبَى اللَّه إِلَّا أَنْ يُشَدِّدهُ , وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ يَزِدْ الْإِسْلَام الْحُلَفَاء إِلَّا شِدَّة " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ أَبْنَاء غَيْرهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأُمِرُوا فِي الْإِسْلَام أَنْ يُوصُوا لَهُمْ عِنْد الْمَوْت وَصِيَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7360 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : إِنَّ اللَّه قَالَ : " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ " قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ رِجَالًا غَيْر أَبْنَائِهِمْ وَيُوَرِّثُونَهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ , فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة , وَرَدَّ الْمِيرَاث إِلَى الْمَوَالِي فِي ذَوِي الرَّحِم وَالْعَصَبَة , وَأَبَى اللَّه لِلْمُدَّعِينَ مِيرَاثًا مِمَّنْ اِدَّعَاهُمْ وَتَبَنَّاهُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } قَوْل مَنْ قَالَ : وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ عَلَى الْمُحَالَفَة , وَهُمْ الْحُلَفَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد جَمِيع أَهْل الْعِلْم بِأَيَّامِ الْعَرَب وَأَخْبَارهَا أَنَّ عَقْد الْحِلْف بَيْنهَا كَانَ يَكُون بِالْأَيْمَانِ وَالْعُهُود وَالْمَوَاثِيق , عَلَى نَحْو مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ . فَإِذْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا وَصَفَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانهمْ مَا عَقَدُوهُ بِهَا بَيْنهمْ دُون مَنْ لَمْ يَعْقِد عَقْد مَا بَيْنهمْ أَيْمَانهُمْ , وَكَانَتْ مُؤَاخَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن مَنْ آخَى بَيْنه وَبَيْنه مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , لَمْ تَكُنْ بَيْنهمْ بِأَيْمَانِهِمْ , وَكَذَلِكَ التَّبَنِّي ; كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ الْحِلْف دُون غَيْره لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . وَأَمَّا قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } فَإِنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهِ , مَا عَلَيْهِ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ مِنْ حُكْمه الثَّابِت , وَذَلِكَ إِيتَاء أَهْل الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة دُون الْإِسْلَام بَعْضهمْ بَعْضًا أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي دُون الْمِيرَاث , وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " . 7361 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7362 - وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن الْمِقْدَام , عَنْ إِسْرَائِيل بْن يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن مَوْلَى آل طَلْحَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَكُلّ حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَمَا يَسُرّنِي أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي نَقَضْت الْحِلْف الَّذِي كَانَ فِي دَار النَّدْوَة " . 7363 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم الضَّبِّيّ : أَنَّ قَيْس بْن عَاصِم سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف , فَقَالَ : وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّة ". * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ شُعْبَة بْن التَّوْأَم , عَنْ قَيْس بْن عَاصِم أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف قَالَ : فَقَالَ : " مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَتَمَسَّكُوا بِهِ وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام ". 7364 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن جُدْعَان , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَمَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " 7365 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم . وَحَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون قَالَ : ثنا حُسَيْن الْمُعَلَّم. وَحَدَّثَنَا حَاتِم بْن بَكْر الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ حُسَيْن الْمُعَلَّم , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَته يَوْم فَتْح مَكَّة : " فُوا بِحِلْفٍ , فَإِنَّهُ لَا يَزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة , وَلَا تُحْدِثُوا حِلْفًا فِي الْإِسْلَام " . 7366 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَعَبْدَة بْن عَبْد اللَّه الصَّفَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة قَالَ : ثني سَعْد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَأَيّمَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة ". 7367 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة وَمُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " شَهِدْت حِلْف الْمُطَيَّبِينَ وَأَنَا غُلَام مَعَ عُمُومَتِي , فَمَا أُحِبّ أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي أَنْكُثهُ " زَادَ يَعْقُوب فِي حَدِيثه عَنْ اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : وَقَالَ الزُّهْرِيّ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَمْ يُصِبْ الْإِسْلَام حِلْفًا إِلَّا زَادَهُ شِدَّة " قَالَ : " وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام " , قَالَ : وَقَدْ أَلَّفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن قُرَيْش وَالْأَنْصَار . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه , قَالَ : لَمَّا دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة عَام الْفَتْح , قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاس , فَقَالَ : " يَا أَيّهَا النَّاس مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّ الْإِسْلَام لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّة , وَلَا حِلْف فِي الْإِسْلَام " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن بِلَال , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه. فَإِذْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا , وَكَانَتْ الْآيَة إِذَا اُخْتُلِفَ فِي حُكْمهَا مَنْسُوخ هُوَ أَمْ غَيْر مَنْسُوخ , غَيْر جَائِز الْقَضَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ - مَعَ اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , وَلِوُجُوبِ حُكْمهَا وَنَفْي النَّسْخ عَنْهُ وَجْه صَحِيح - إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كُتُبنَا الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِذَلِكَ , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْ الْحِلْف , وَقَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ النُّصْرَة وَالْمَعُونَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ , دُون قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } مِنْ الْمِيرَاث , وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا , ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ : { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } دُون مَا سِوَى الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ . وَإِذَا صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَكُون الْآيَة مُحْكَمَة لَا مَنْسُوخَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَآتُوا الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانكُمْ نَصِيبهمْ مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالرَّأْي , فَإِنَّ اللَّه شَاهِد عَلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى غَيْره مِنْ أَفْعَالكُمْ , مُرَاعٍ لِكُلِّ ذَلِكَ حَافِظ , حَتَّى يُجَازِي جَمِيعكُمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ جَزَاءَهُ , أَمَّا الْمُحْسِن مِنْكُمْ الْمُتَّبِع أَمْرِي وَطَاعَتِي فَبِالْحُسْنَى , وَأَمَّا الْمُسِيء مِنْكُمْ الْمُخَالِف أَمْرِي وَنَهْيِي فَبِالسُّوأَى. وَمَعْنَى قَوْله : { شَهِيدًا } ذُو شَهَادَة عَلَى ذَلِكَ .
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } الرِّجَال أَهْل قِيَام عَلَى نِسَائِهِمْ فِي تَأْدِيبهنَّ وَالْأَخْذ عَلَى أَيْدِيهنَّ , فِيمَا يَجِب عَلَيْهِنَّ لِلَّهِ وَلِأَنْفُسِهِمْ ; { بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } يَعْنِي بِمَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ الرِّجَال عَلَى أَزْوَاجهمْ مِنْ سَوْقهمْ إِلَيْهِنَّ مُهُورهنَّ , وَإِنْفَاقهمْ عَلَيْهِنَّ أَمْوَالهمْ , وَكِفَايَتهمْ إِيَّاهُنَّ مُؤَنهنَّ. وَذَلِكَ تَفْضِيل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِيَّاهُنَّ عَلَيْهِنَّ , وَلِذَلِكَ صَارُوا قُوَّامًا عَلَيْهِنَّ , نَافِذِي الْأَمْر عَلَيْهِنَّ فِيمَا جَعَلَ اللَّه إِلَيْهِمْ مِنْ أُمُورهنَّ . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7368 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَا : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } يَعْنِي : أُمَرَاء عَلَيْهَا أَنْ تُطِيعهُ فِيمَا أَمَرَهَا اللَّه بِهِ مِنْ طَاعَته , وَطَاعَته أَنْ تَكُون مُحْسِنَة إِلَى أَهْله حَافِظَة لِمَالِهِ وَفَضْله عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . 7369 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } يَقُول : الرَّجُل قَائِم عَلَى الْمَرْأَة يَأْمُرهَا بِطَاعَةِ اللَّه , فَإِنْ أَبَتْ , فَلَهُ أَنْ يَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , وَلَهُ عَلَيْهَا الْفَضْل بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . 7370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } قَالَ : يَأْخُذُونَ عَلَى أَيْدِيهنَّ وَيُؤَدِّبُونَهُنَّ . 7371 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان , يَقُول : { بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } قَالَ : بِتَفْضِيلِ اللَّه الرِّجَال عَلَى النِّسَاء . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل لَطَمَ اِمْرَأَته , فَخُوصِمَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , فَقَضَى لَهَا بِالْقِصَاصِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7372 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثنا الْحَسَن : أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرَادَ أَنْ يَقُصّهَا مِنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } فَدَعَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقَالَ : " أَرَدْت أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّه غَيْره " . 7373 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } قَالَ : صَكَّ رَجُل اِمْرَأَته , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَرَادَ أَنْ يُقِيدهَا مِنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } 7374 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار لَطَمَ اِمْرَأَته , فَجَاءَتْ تَلْتَمِس الْقِصَاص , فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا الْقِصَاص , فَنَزَلَتْ : قَوْله : { وَلَا تَعْجَل بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْل أَنْ يُقْضَى إِلَيْك وَحْيه } 20 114 وَنَزَلَتْ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض } 7375 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : لَطَمَ رَجُل اِمْرَأَته , فَأَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاص , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , نَزَلَتْ الْآيَة . 7376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار كَانَ بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته كَلَام , فَلَطَمَهَا , فَانْطَلَقَ أَهْلهَا , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرَهُمْ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } . .. الْآيَة . وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول : لَيْسَ بَيْن الرَّجُل وَامْرَأَته قِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس. 7377 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , سَمِعْت الزُّهْرِيّ , يَقُول : لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَجَّ اِمْرَأَته , أَوْ جَرَحَهَا , لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوَد وَكَانَ عَلَيْهِ الْعَقْل , إِلَّا أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهَا فَيَقْتُلهَا , فَيُقْتَل بِهَا .
وَأَمَّا قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَبِمَا سَاقُوا إِلَيْهِنَّ مِنْ صَدَاق , وَأَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ نَفَقَة . كَمَا : 7378 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : فَضَّلَهُ عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . 7379 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 7380 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } بِمَا سَاقُوا مِنْ الْمَهْر. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ بِتَفْضِيلِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَيْهِنَّ وَبِإِنْفَاقِهِمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَمْوَالهمْ . و " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { بِمَا فَضَّلَ اللَّه } وَاَلَّتِي فِي قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا } فِي مَعْنَى الْمَصْدَر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالصَّالِحَات } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَالصَّالِحَات } الْمُسْتَقِيمَات الدِّين , الْعَامِلَات بِالْخَيْرِ . كَمَا : 7381 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان , يَقُول : فَالصَّالِحَات يَعْمَلْنَ بِالْخَيْرِ .
وَقَوْله : { قَانِتَات } يَعْنِي : مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . كَمَا : 7382 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : قَوْله : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . 7383 - حَدَّثَنِي عَلِيّ عَنْ دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَانِتَات } مُطِيعَات . 7384 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قَانِتَات } أَيْ مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : . أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : مُطِيعَات . 7385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : الْقَانِتَات : الْمُطِيعَات. 7386 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْقُنُوت فِيمَا مَضَى وَأَنَّهُ الطَّاعَة , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته.
قَوْله : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : حَافِظَات لِأَنْفُسِهِنَّ عِنْد غَيْبَة أَزْوَاجهنَّ عَنْهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ وَأَمْوَالهمْ , وَلِلْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقّ اللَّه فِي ذَلِكَ وَغَيْره. كَمَا : 7387 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } يَقُول : حَافِظَات لِمَا اِسْتَوْدَعَهُنَّ اللَّه مِنْ حَقّه , وَحَافِظَات لِغَيْبِ أَزْوَاجهنَّ . 7388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَقُول : تَحْفَظ عَلَى زَوْجهَا مَاله وَفَرْجهَا , حَتَّى يَرْجِع كَمَا أَمَرَهَا اللَّه . 7389 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } ؟ قَالَ : حَافِظَات لِلزَّوْجِ. * - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } قَالَ : حَافِظَات لِلْأَزْوَاجِ . 7390 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } حَافِظَات لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا غَابَ مِنْ شَأْنهنَّ . 7391 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْر النِّسَاء اِمْرَأَة إِذَا نَظَرْت إِلَيْهَا سَرَّتْك , وَإِذَا أَمَرْتهَا أَطَاعَتْك , وَإِذَا غِبْت عَنْهَا حَفِظَتْك فِي نَفْسهَا وَمَالك " قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } . .. الْآيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلّ عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : صَالِحَات فِي أَدْيَانهنَّ , مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ , حَافِظَات لَهُمْ فِي أَنْفُسهنَّ وَأَمْوَالهمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة الْقُرَّاء فِي جَمِيع أَمْصَار الْإِسْلَام : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } بِرَفْعِ اِسْم اللَّه عَلَى مَعْنَى : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهُنَّ إِذْ صَيَّرَهُنَّ كَذَلِكَ . كَمَا : 7392 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : يَقُول : حِفْظهنَّ اللَّه . 7393 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهَا أَنَّهُ جَعَلَهَا كَذَلِكَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر يَزِيد بْن الْقَعْقَاع الْمَدَنِيّ : " بِمَا حَفِظَ اللَّه " يَعْنِي : بِحِفْظِهِنَّ اللَّه فِي طَاعَته , وَأَدَاء حَقّه بِمَا أَمَرَهُنَّ مِنْ حِفْظ غَيْب أَزْوَاجهنَّ , كَقَوْلِ الرَّجُل لِلرَّجُلِ : مَا حَفِظْت اللَّه فِي كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى : رَاقَبْته وَلَاحَظْته . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا جَاءَتْ بِهِ قِرَاءَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقِرَاءَة مَجِيئًا يَقْطَع عُذْر مَنْ بَلَغَهُ وَيُثْبِت عَلَيْهِ حُجَّته , دُون مَا اِنْفَرَدَ بِهِ أَبُو جَعْفَر فَشَذَّ عَنْهُمْ , وَتِلْكَ الْقِرَاءَة تَرْفَع اِسْم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } مَعَ صِحَّة ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّة وَكَلَام الْعَرَب , وَقُبْح نَصْبه فِي الْعَرَبِيَّة لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَعْرُوف مِنْ مَنْطِق الْعَرَب . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَحْذِف الْفَاعِل مَعَ الْمَصَادِر مِنْ أَجْل أَنَّ الْفَاعِل إِذَا حُذِفَ مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْفِعْلِ صَاحِب مَعْرُوف. وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الظَّاهِر مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره وَمَعْنَاهُ : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ وَأَصْلِحُوا , وَكَذَلِكَ هُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . 7394 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا عِيسَى الْأَعْمَى , عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف , قَالَ : فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَالصَّالِحَات قَانِتَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ " . 7395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ . 7396 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ. * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَعْنِي إِذَا كُنَّ هَكَذَا , فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاَللَّاتِي تَعْلَمُونَ نُشُوزهنَّ . وَوَجْه صَرْف الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَى الْعِلْم فِي قَوْل هَؤُلَاءِ نَظِير صَرْف الظَّنّ إِلَى الْعِلْم لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا , إِذْ كَانَ الظَّنّ شَكًّا , وَكَانَ الْخَوْف مَقْرُونًا بِرَجَاءٍ , وَكَانَا جَمِيعًا مِنْ فِعْل الْمَرْء بِقَلْبِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاة فَإِنَّنِي أَخَاف إِذَا مَا مِتّ أَنْ لَا أَذُوقهَا مَعْنَاهُ : فَإِنَّنِي أَعْلَم , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : أَتَانِي كَلَام عَنْ نَصِيب يَقُولهُ وَمَا خِفْت يَا سَلَّام أَنَّك عَائِبِي بِمَعْنَى : وَمَا ظَنَنْت. وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : مَعْنَى الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَوْف الَّذِي هُوَ خِلَاف الرَّجَاء . قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ مَا تَخَافُونَ أَنْ يَنْشِزْنَ عَلَيْكُمْ مِنْ نَظَر إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ , وَيَدْخُلْنَ وَيَخْرُجْنَ , وَاسْتَرَبْتُمْ بِأَمْرِهِنَّ , فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّد بْن كَعْب. وَأَمَّا قَوْله : { نُشُوزهنَّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : اِسْتِعْلَاءَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , وَارْتِفَاعهنَّ عَنْ فُرُشهمْ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْهُنَّ , وَالْخِلَاف عَلَيْهِمْ فِيمَا لَزِمَهُنَّ طَاعَتهمْ فِيهِ , بُغْضًا مِنْهُنَّ وَإِعْرَاضًا عَنْهُمْ وَأَصْل النُّشُوز الِارْتِفَاع , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض نَشَز وَنَشَاز . { فَعِظُوهُنَّ } يَقُول : ذَكِّرُوهُنَّ اللَّه , وَخَوِّفُوهُنَّ وَعِيده فِي رُكُوبهَا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهَا مِنْ مَعْصِيَة زَوْجهَا فِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا طَاعَته فِيهِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : النُّشُوز : الْبُغْض وَمَعْصِيَة الزَّوْج : 7397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : بُغْضهنَّ . 7398 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : الَّتِي تَخَاف مَعْصِيَتهَا . قَالَ : النُّشُوز : مَعْصِيَته وَخِلَافه . 7399 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } تِلْكَ الْمَرْأَة تَنْشِز وَتَسْتَخِفّ بِحَقِّ زَوْجهَا وَلَا تُطِيع أَمْره . 7400 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء : النُّشُوز : أَنْ تُحِبّ فِرَاقه , وَالرَّجُل كَذَلِكَ. ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } 7401 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَعِظُوهُنَّ } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ بِكِتَابِ اللَّه , قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه إِذَا نَشَزَتْ أَنْ يَعِظهَا وَيُذَكِّرهَا اللَّه وَيُعَظِّم حَقّه عَلَيْهَا . 7402 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي إِلَى فِرَاشك , فَإِنْ أَطَاعَتْهُ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا . 7403 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , يَقُول : يَأْمُرهَا بِتَقْوَى اللَّه وَطَاعَته . 7404 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : إِذَا رَأَى الرَّجُل خِفَّة فِي صَرّهَا فِي مَدْخَلهَا وَمَخْرَجهَا , قَالَ : يَقُول لَهَا بِلِسَانِهِ : قَدْ رَأَيْت مِنْك كَذَا وَكَذَا فَانْتَهِي ! فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا , فَإِنَّهُ يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي . 7405 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : بِالْكَلَامِ . 7406 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ بِالْأَلْسِنَةِ. 7407 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : عِظُوهُنَّ بِاللِّسَانِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَزْوَاج , فَإِنْ أَبَيْنَ مُرَاجَعَة الْحَقّ فِي ذَلِكَ وَالْوَاجِب عَلَيْهِمْ لَكُمْ , فَاهْجُرُوهُنَّ بِتَرْكِ جِمَاعهنَّ فِي مُضَاجَعَتكُمْ إِيَّاهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7408 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ , فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ وَإِلَّا فَاهْجُرُوهُنَّ. 7409 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي بِالْهِجْرَانِ أَنْ يَكُون الرَّجُل وَامْرَأَته عَلَى فِرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا. 7410 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْهَجْر : هَجْر الْجِمَاع . 7411 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا { تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَإِنَّ عَلَى زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا , فَإِنْ لَمْ تَقْبَل فَلْيَهْجُرْهَا فِي الْمَضْجَع . يَقُول : يَرْقُد عِنْدهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره , وَيَطَأ وَلَا يُكَلِّمهَا. هَكَذَا فِي كِتَابِي : " وَيَطَؤُهَا وَلَا يُكَلِّمهَا " . 7412 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يُضَاجِعهَا وَيَهْجُر كَلَامهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا يُجَامِعهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَاهْجُرُوهُنَّ وَاهْجُرُوا كَلَامهنَّ فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ , حَتَّى يَرْجِعْنَ إِلَى مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7413 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } أَنَّهَا لَا تُتْرَك فِي الْكَلَام , وَلَكِنَّ الْهِجْرَان فِي أَمْر الْمَضْجَع. 7414 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَقُول : حَتَّى يَأْتِينَ مَضَاجِعكُمْ . 7415 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } فِي الْجِمَاع . 7416 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَعِظهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَلَا يُكَلِّمهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَذَر نِكَاحهَا , وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد . 7417 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } الْكَلَام وَالْحَدِيث . ................. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7418 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن زُرَيْق الطَّهْوِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا تُضَاجِعُوهُنَّ . 7419 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الْهِجْرَان أَنْ لَا يُضَاجِعهَا . 7420 - وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عَامِر وَإِبْرَاهِيم , قَالَا : الْهِجْرَان فِي الْمَضْجَع أَنْ لَا يُضَاجِعهَا عَلَى فِرَاشه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَا : يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُحِبّ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع . 7421 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مِقْسَم : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : هَجْرهَا فِي مَضْجَعهَا : أَنْ لَا يَقْرَب فِرَاشهَا . 7422 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : اُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع , قَالَ : يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا . 7423 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ } قَالَا : إِذَا خَافَ نُشُوزهَا وَعَظَهَا , فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَ مَضْجَعهَا . 7424 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : تَبْدَأ يَا اِبْن آدَم فَتَعِظهَا , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاهْجُرْهَا , يَعْنِي بِهِ : فِرَاشهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قُولُوا لَهُنَّ مِنْ الْقَوْل هُجْرًا فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7425 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا بِلِسَانِهِ , وَيُغْلِظ لَهَا بِالْقَوْلِ , وَلَا يَدَع جِمَاعهَا. 7426 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : إِنَّمَا الْهِجْرَان بِالْمَنْطِقِ أَنْ يُغْلِظ لَهَا , وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ . 7427 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِي الضُّحَى , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُر بِالْقَوْلِ , وَلَا يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُرِيد . 7428 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَا يَهْجُرهَا إِلَّا فِي الْمَبِيت فِي الْمَضْجَع , لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْجُر فِي كَلَام وَلَا شَيْء إِلَّا فِي الْفِرَاش. 7429 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَعْلَى , عَنْ سُفْيَان , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : فِي مُجَامَعَتهَا , وَلَكِنْ يَقُول لَهَا : تَعَالَيْ وَافْعَلِي ! كَلَامًا فِيهِ غِلْظَة , فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفهَا أَنْ تُحِبّهُ , فَإِنَّ قَلْبهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا . وَلَا مَعْنَى لِلْهَجْرِ فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا عَلَى أَحَد ثَلَاثَة أَوْجُه : أَحَدهَا هَجْر الرَّجُل كَلَام الرَّجُل وَحَدِيثه , وَذَلِكَ رَفْضه وَتَرْكه , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان أَهْله يَهْجُرهَا هَجْرًا وَهِجْرَانًا . وَالْآخَر : الْإِكْثَار مِنْ الْكَلَام بِتَرْدِيدٍ كَهَيْئَةِ كَلَام الْهَازِئ , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه يَهْجُر هَجْرًا إِذَا هَذَى وَمَدَّدَ الْكَلِمَة , وَمَا زَالَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ وَإِهْجِيرَاهُ , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرُّمَّة : رَمَى فَأَخْطَأَ وَالْأَقْدَار غَالِبَة فَانْصَعْنَ وَالْوَيْل هِجِّيرَاهُ وَالْحَرَب وَالثَّالِث : هَجَرَ الْبَعِير إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِالْهِجَارِ , وَهُوَ حَبْل يُرْبَط فِي حِقْوَيْهَا وَرُسْغهَا , وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : رَأَتْ هَلَكًا بِنِجَافِ الْغَبِيط فَكَادَتْ تَجُدّ لِذَاكَ الْهِجَارَا فَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي فِيهِ الْغِلْظَة وَالْأَذَى فَإِنَّمَا هُوَ الْإِهْجَار , وَيُقَال مِنْهُ : أَهْجَرَ فُلَان فِي مَنْطِقه : إِذَا قَالَ الْهُجْر وَهُوَ الْفُحْش مِنْ الْكَلَام , يُهْجِر إِهْجَارًا وَهَجْرًا . فَإِذْ كَانَ لَا وَجْه لِلْهَجْرِ فِي الْكَلَام إِلَّا أَحَد الْمَعَانِي الثَّلَاثَة , وَكَانَتْ الْمَرْأَة الْمَخُوف نُشُوزهَا إِنَّمَا أُمِرَ زَوْجهَا بِوَعْظِهَا لِتُنِيبَ إِلَى طَاعَته فِيمَا يَجِب عَلَيْهَا لَهُ مِنْ مُوَافَاته عِنْد دُعَائِهِ إِيَّاهَا إِلَى فِرَاشه , فَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون عِظَته لِذَلِكَ , ثُمَّ تَصِير الْمَرْأَة إِلَى أَمْر اللَّه وَطَاعَة زَوْجهَا فِي ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُون الزَّوْج مَأْمُورًا بِهَجْرِهَا فِي الْأَمْر الَّذِي كَانَتْ عِظَته إِيَّاهَا عَلَيْهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاهْجُرُوا جِمَاعهنَّ . أَوْ يَكُون إِذْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى . بِمَعْنَى : وَأَهْجِرُوا كَلَامهنَّ بِسَبَبِ هَجْرهنَّ مَضَاجِعكُمْ , وَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْه لَهُ مَفْهُوم لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ عَلَى لِسَان نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُر أَخَاهُ فَوْق ثَلَاث . عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ لِهَجْرِهَا فِي الْكَلَام مَعْنًى مَفْهُوم , لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ عَنْهُ مُنْصَرِفَة وَعَلَيْهِ نَاشِزًا فَمِنْ سُرُورهَا أَنْ لَا يُكَلِّمهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ , فَكَيْفَ يُؤْمَر الرَّجُل فِي حَال بُغْض اِمْرَأَته إِيَّاهُ وَانْصِرَافهَا عَنْهُ بِتَرْكِ مَا فِي تَرْكه سُرُورهَا مِنْ تَرْك جِمَاعهَا وَمُجَاذَبَتهَا وَتَكْلِيمهَا , وَهُوَ يُؤْمَر بِضَرْبِهَا لِتَرْتَدِع عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْك طَاعَته إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشه , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمهَا طَاعَته فِيهِ ؟ أَوْ يَكُون إِذْ فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يَكُون مَعْنَاهُ : وَاهْجُرُوا فِي قَوْلكُمْ لَهُمْ , بِمَعْنَى : رُدُّوا عَلَيْهِنَّ كَلَامكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُنَّ بِالتَّغْلِيظِ لَهُنَّ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , فَلَا وَجْه لِإِعْمَالِ الْهَجْر فِي كِنَايَة أَسْمَاء النِّسَاء النَّاشِزَات , أَعْنِي فِي الْهَاء وَالنُّون مِنْ قَوْله { وَاهْجُرُوهُنَّ } لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى , كَانَ الْفِعْل غَيْر وَاقِع , إِنَّمَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه وَلَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فُلَانًا . فَإِذَا كَانَ فِي كُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَلَل اللَّاحِق , فَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُون قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ } مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الرَّبْط بِالْهِجَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِيل الْعَرَب لِلْبَعِيرِ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِحَبْلٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا : هَجَرَهُ فَهُوَ يَهْجُرهُ هَجْرًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ , فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ , فَإِنْ اِتَّعَظْنَ فَلَا سَبِيل لَكُمْ عَلَيْهِنَّ , وَإِنْ أَبَيْنَ الْأَوْبَة مِنْ نُشُوزهنَّ فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُنَّ رِبَاطًا فِي مَضَاجِعهنَّ , يَعْنِي فِي مَنَازِلهنَّ وَبُيُوتهنَّ الَّتِي يَضْطَجِعْنَ بِهَا وَيُضَاجِعْنَ فِيهَا أَزْوَاجهنَّ . كَمَا : 7430 - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , عَنْ شِبْل , قَالَ : سَمِعْت أَبَا قَزَعَة يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا حَقّ زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : " يُطْعِمهَا وَيَكْسُوهَا , وَلَا يَضْرِب الْوَجْه وَلَا يُقَبِّح وَلَا يَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا يَزِيد , عَنْ شُعْبَة بْن الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي قَزَعَة , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 7431 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا بَهْز بْن حَكِيم , عَنْ جَدّه , قَالَ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَر ؟ قَالَ : " حَرْثك فَأْتِ حَرْثك أَنَّى شِئْت , غَيْر أَنْ لَا تَضْرِب الْوَجْه وَلَا تُقَبِّح وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت وَأَطْعِمْ إِذَا طَعِمْت وَاكْسُ إِذَا اِكْتَسَيْت ; كَيْفَ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض إِلَّا بِمَا حَلَّ عَلَيْهَا ؟ " . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ عِدَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7432 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا , فَلْيَعِظْهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ قَبِلَتْ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , فَإِنْ رَجَعَتْ فَذَاكَ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا وَيُخَلِّيهَا. 7433 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : يَفْعَل بِهَا ذَاكَ وَيَضْرِبهَا حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمَضَاجِع , فَإِذَا أَطَاعَتْهُ فِي الْمَضْجَع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذَا ضَاجَعَتْهُ . 7434 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِضْرِبُوهُنَّ إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ لَمْ يُوجِبُوا لِلْهَجْرِ مَعْنًى غَيْر الضَّرْب , وَلَمْ يُوجِبُوا هَجْرًا إِذَا كَانَ هَيْئَة مِنْ الْهَيْئَات الَّتِي تَكُون بِهَا الْمَضْرُوبَة عِنْد الضَّرْب مَعَ دَلَالَة الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِهِنَّ إِذَا عَصَيْنَ أَزْوَاجهنَّ فِي الْمَعْرُوف مِنْ غَيْر أَمْر مِنْهُ أَزْوَاجهنَّ بِهَجْرِهِنَّ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل الْخَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة , لَيْسَ كَمَا قُلْنَا , وَصَحَّ أَنَّ تَرْك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر الرَّجُل بِهَجْرِ زَوْجَته إِذَا عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوف وَأَمَرَهُ بِضَرْبِهَا قَبْل الْهَجْر , لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْهَجْر هُوَ مَا بَيَّنَّاهُ , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون لَا مَعْنَى لِأَمْرِ اللَّه زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا إِذَا هِيَ نَشَزَتْ , إِذْ كَانَ لَا ذِكْر لِلْعِظَةِ فِي خَبَر عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ ; وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف " دَلَالَة بَيِّنَة أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لِلرَّجُلِ ضَرْب زَوْجَته إِلَّا بَعْد عِظَتهَا مِنْ نُشُوزهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَكُون لَهُ عَاصِيَة , إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ لَهَا أَمْر أَوْ عِظَة بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبُوهُنَّ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَعِظُوهُنَّ أَيّهَا الرِّجَال فِي نُشُوزهنَّ , فَإِنْ أَبَيْنَ الْإِيَاب إِلَى مَا يَلْزَمهُنَّ لَكُمْ فَشِدُّوهُنَّ وَثَاقًا فِي مَنَازِلهنَّ , وَاضْرِبُوهُنَّ لِيَؤُبْنَ إِلَى الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ طَاعَة اللَّه فِي اللَّازِم لَهُنَّ مِنْ حُقُوقكُمْ . وَقَالَ أَهْل التَّأْوِيل : صِفَة الضَّرْب الَّتِي أَبَاحَ اللَّه لِزَوْجِ النَّاشِز أَنْ يَضْرِبهَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7435 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7436 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . 7437 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. 7438 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاضْرِبُوهُنَّ , قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّه لَك أَنْ تَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , وَلَا تَكْسِر لَهَا عَظْمًا , فَإِنْ أَقْبَلَتْ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَك مِنْهَا الْفِدْيَة . 7439 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7440 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7441 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاضْرِبْهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح ; أَيْ غَيْر شَائِن . 7442 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح , قَالَ : السِّوَاك وَشِبْهه يَضْرِبهَا بِهِ . * - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح ؟ قَالَ : بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه . 7443 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَته : " ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " قَالَ : السِّوَاك وَنَحْوه . 7444 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَهْجُرُوا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمَضَاجِع , وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " يَقُول : غَيْر مُؤَثِّر . 7445 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7446 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة مِثْله . 7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : إِنْ أَقْبَلَتْ فِي الْهِجْرَان , وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7448 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَالَ : تَهْجُر مَضْجَعهَا مَا رَأَيْت أَنْ تَنْزِع , فَإِنْ لَمْ تَنْزِع ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7449 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَال : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , غَيْر مُؤَثِّر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ أَيّهَا النَّاس نِسَاؤُكُمْ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ عِنْد وَعْظكُمْ إِيَّاهُنَّ فَلَا تَهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع , فَإِنْ لَمْ يُطِعْنَكُمْ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ , فَإِنْ رَاجَعْنَ طَاعَتكُمْ عِنْد ذَلِكَ وَفِئْنَ إِلَى الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ , فَلَا تَطْلُبُوا طَرِيقًا إِلَى أَذَاهُنَّ وَمَكْرُوههنَّ , وَلَا تَلْتَمِسُوا سَبِيلًا إِلَى مَا لَا يَحِلّ لَكُمْ مِنْ أَبْدَانهنَّ وَأَمْوَالهنَّ بِالْعِلَلِ , وَذَلِكَ أَنْ يَقُول أَحَدكُمْ لِإِحْدَاهُنَّ وَهِيَ لَهُ مُطِيعَة : إِنَّك لَسْت تُحِبِّينِي وَأَنْتِ لِي مُبْغِضَة , فَيَضْرِبهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُؤْذِيهَا , فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لِلرِّجَالِ : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } أَيْ عَلَى بُغْضهنَّ لَكُمْ فَلَا تَجْنُوا عَلَيْهِنَّ , وَلَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَحَبَّتكُمْ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِنَّ فَتَضْرِبُوهُنَّ أَوْ تُؤْذُوهُنَّ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى قَوْله : { فَلَا تَبْغُوا } لَا تَلْتَمِسُوا وَلَا تَطْلُبُوا , مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَغَيْت الضَّالَّة : إِذَا اِلْتَمَسْتهَا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر فِي صِفَة الْمَوْت : بَغَاك وَمَا تَبْغِيه حَتَّى وَجَدْته كَأَنَّك قَدْ وَاعَدْته أَمْس مَوْعِدَا بِمَعْنَى : طَلَبَك وَمَا تَطْلُبهُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7450 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } قَالَ : إِذَا أَطَاعَتْك فَلَا تَتَجَنَّ عَلَيْهَا الْعِلَل . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِذَا أَطَاعَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذَا ضَاجَعَتْهُ . 7451 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْعِلَل . 7452 - وَقَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ الثَّوْرِيّ فِي قَوْله : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } قَالَ : إِنْ أَتَتْ الْفِرَاش وَهِيَ تُبْغِضهُ . 7453 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَا يُكَلِّفهَا أَنْ تُحِبّهُ , لِأَنَّ قَلْبهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا. 7454 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِنْ أَطَاعَتْهُ فَضَاجَعَتْهُ , فَإِنَّ اللَّه يَقُول : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } 7455 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } يَقُول : فَإِنْ أَطَاعَتْك فَلَا تَبْغِي عَلَيْهَا الْعِلَل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه ذُو عُلُوّ عَلَى كُلّ شَيْء , فَلَا تَبْغُوا أَيّهَا النَّاس عَلَى أَزْوَاجكُمْ إِذَا أَطَعْنَكُمْ فِيمَا أَلْزَمَهُنَّ اللَّه لَكُمْ مِنْ حَقّ سَبِيلًا لِعُلُوِّ أَيْدِيكُمْ عَلَى أَيْدِيهنَّ , فَإِنَّ اللَّه أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَعْلَى مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ , وَأَكْبَر مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَنْتُمْ فِي يَده وَقَبْضَته , فَاتَّقُوا اللَّه أَنْ تَظْلِمُوهُنَّ وَتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا وَهُنَّ لَكُمْ مُطِيعَات , فَيَنْتَصِر لَهُنَّ مِنْكُمْ رَبّكُمْ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَكْبَر مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء .
وَأَمَّا قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَبِمَا سَاقُوا إِلَيْهِنَّ مِنْ صَدَاق , وَأَنْفَقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ نَفَقَة . كَمَا : 7378 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : فَضَّلَهُ عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وَسَعْيه . 7379 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 7380 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالهمْ } بِمَا سَاقُوا مِنْ الْمَهْر. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ بِتَفْضِيلِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَيْهِنَّ وَبِإِنْفَاقِهِمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَمْوَالهمْ . و " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { بِمَا فَضَّلَ اللَّه } وَاَلَّتِي فِي قَوْله : { وَبِمَا أَنْفَقُوا } فِي مَعْنَى الْمَصْدَر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالصَّالِحَات } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَالصَّالِحَات } الْمُسْتَقِيمَات الدِّين , الْعَامِلَات بِالْخَيْرِ . كَمَا : 7381 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان , يَقُول : فَالصَّالِحَات يَعْمَلْنَ بِالْخَيْرِ .
وَقَوْله : { قَانِتَات } يَعْنِي : مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . كَمَا : 7382 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : قَوْله : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات . 7383 - حَدَّثَنِي عَلِيّ عَنْ دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَانِتَات } مُطِيعَات . 7384 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قَانِتَات } أَيْ مُطِيعَات لِلَّهِ وَلِأَزْوَاجِهِنَّ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : . أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : مُطِيعَات . 7385 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : الْقَانِتَات : الْمُطِيعَات. 7386 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { قَانِتَات } قَالَ : مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْقُنُوت فِيمَا مَضَى وَأَنَّهُ الطَّاعَة , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة ذَلِكَ مِنْ الشَّوَاهِد بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته.
قَوْله : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : حَافِظَات لِأَنْفُسِهِنَّ عِنْد غَيْبَة أَزْوَاجهنَّ عَنْهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ وَأَمْوَالهمْ , وَلِلْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقّ اللَّه فِي ذَلِكَ وَغَيْره. كَمَا : 7387 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } يَقُول : حَافِظَات لِمَا اِسْتَوْدَعَهُنَّ اللَّه مِنْ حَقّه , وَحَافِظَات لِغَيْبِ أَزْوَاجهنَّ . 7388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَقُول : تَحْفَظ عَلَى زَوْجهَا مَاله وَفَرْجهَا , حَتَّى يَرْجِع كَمَا أَمَرَهَا اللَّه . 7389 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } ؟ قَالَ : حَافِظَات لِلزَّوْجِ. * - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } قَالَ : حَافِظَات لِلْأَزْوَاجِ . 7390 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : { حَافِظَات لِلْغَيْبِ } حَافِظَات لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا غَابَ مِنْ شَأْنهنَّ . 7391 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْر النِّسَاء اِمْرَأَة إِذَا نَظَرْت إِلَيْهَا سَرَّتْك , وَإِذَا أَمَرْتهَا أَطَاعَتْك , وَإِذَا غِبْت عَنْهَا حَفِظَتْك فِي نَفْسهَا وَمَالك " قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء } . .. الْآيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلّ عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : صَالِحَات فِي أَدْيَانهنَّ , مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ , حَافِظَات لَهُمْ فِي أَنْفُسهنَّ وَأَمْوَالهمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَإِنَّ الْقُرَّاء اِخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة الْقُرَّاء فِي جَمِيع أَمْصَار الْإِسْلَام : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } بِرَفْعِ اِسْم اللَّه عَلَى مَعْنَى : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهُنَّ إِذْ صَيَّرَهُنَّ كَذَلِكَ . كَمَا : 7392 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : يَقُول : حِفْظهنَّ اللَّه . 7393 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } قَالَ : بِحِفْظِ اللَّه إِيَّاهَا أَنَّهُ جَعَلَهَا كَذَلِكَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر يَزِيد بْن الْقَعْقَاع الْمَدَنِيّ : " بِمَا حَفِظَ اللَّه " يَعْنِي : بِحِفْظِهِنَّ اللَّه فِي طَاعَته , وَأَدَاء حَقّه بِمَا أَمَرَهُنَّ مِنْ حِفْظ غَيْب أَزْوَاجهنَّ , كَقَوْلِ الرَّجُل لِلرَّجُلِ : مَا حَفِظْت اللَّه فِي كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى : رَاقَبْته وَلَاحَظْته . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا جَاءَتْ بِهِ قِرَاءَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقِرَاءَة مَجِيئًا يَقْطَع عُذْر مَنْ بَلَغَهُ وَيُثْبِت عَلَيْهِ حُجَّته , دُون مَا اِنْفَرَدَ بِهِ أَبُو جَعْفَر فَشَذَّ عَنْهُمْ , وَتِلْكَ الْقِرَاءَة تَرْفَع اِسْم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { بِمَا حَفِظَ اللَّه } مَعَ صِحَّة ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّة وَكَلَام الْعَرَب , وَقُبْح نَصْبه فِي الْعَرَبِيَّة لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَعْرُوف مِنْ مَنْطِق الْعَرَب . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَحْذِف الْفَاعِل مَعَ الْمَصَادِر مِنْ أَجْل أَنَّ الْفَاعِل إِذَا حُذِفَ مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْفِعْلِ صَاحِب مَعْرُوف. وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الظَّاهِر مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره وَمَعْنَاهُ : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ وَأَصْلِحُوا , وَكَذَلِكَ هُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . 7394 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا عِيسَى الْأَعْمَى , عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف , قَالَ : فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَالصَّالِحَات قَانِتَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ " . 7395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ . 7396 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ. * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَالصَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَات لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه } يَعْنِي إِذَا كُنَّ هَكَذَا , فَأَصْلِحُوا إِلَيْهِنَّ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاَللَّاتِي تَعْلَمُونَ نُشُوزهنَّ . وَوَجْه صَرْف الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَى الْعِلْم فِي قَوْل هَؤُلَاءِ نَظِير صَرْف الظَّنّ إِلَى الْعِلْم لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا , إِذْ كَانَ الظَّنّ شَكًّا , وَكَانَ الْخَوْف مَقْرُونًا بِرَجَاءٍ , وَكَانَا جَمِيعًا مِنْ فِعْل الْمَرْء بِقَلْبِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاة فَإِنَّنِي أَخَاف إِذَا مَا مِتّ أَنْ لَا أَذُوقهَا مَعْنَاهُ : فَإِنَّنِي أَعْلَم , وَكَمَا قَالَ الْآخَر : أَتَانِي كَلَام عَنْ نَصِيب يَقُولهُ وَمَا خِفْت يَا سَلَّام أَنَّك عَائِبِي بِمَعْنَى : وَمَا ظَنَنْت. وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : مَعْنَى الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَوْف الَّذِي هُوَ خِلَاف الرَّجَاء . قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ مَا تَخَافُونَ أَنْ يَنْشِزْنَ عَلَيْكُمْ مِنْ نَظَر إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ , وَيَدْخُلْنَ وَيَخْرُجْنَ , وَاسْتَرَبْتُمْ بِأَمْرِهِنَّ , فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّد بْن كَعْب. وَأَمَّا قَوْله : { نُشُوزهنَّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : اِسْتِعْلَاءَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , وَارْتِفَاعهنَّ عَنْ فُرُشهمْ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْهُنَّ , وَالْخِلَاف عَلَيْهِمْ فِيمَا لَزِمَهُنَّ طَاعَتهمْ فِيهِ , بُغْضًا مِنْهُنَّ وَإِعْرَاضًا عَنْهُمْ وَأَصْل النُّشُوز الِارْتِفَاع , وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض نَشَز وَنَشَاز . { فَعِظُوهُنَّ } يَقُول : ذَكِّرُوهُنَّ اللَّه , وَخَوِّفُوهُنَّ وَعِيده فِي رُكُوبهَا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهَا مِنْ مَعْصِيَة زَوْجهَا فِيمَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا طَاعَته فِيهِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ : النُّشُوز : الْبُغْض وَمَعْصِيَة الزَّوْج : 7397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : بُغْضهنَّ . 7398 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } قَالَ : الَّتِي تَخَاف مَعْصِيَتهَا . قَالَ : النُّشُوز : مَعْصِيَته وَخِلَافه . 7399 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } تِلْكَ الْمَرْأَة تَنْشِز وَتَسْتَخِفّ بِحَقِّ زَوْجهَا وَلَا تُطِيع أَمْره . 7400 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء : النُّشُوز : أَنْ تُحِبّ فِرَاقه , وَالرَّجُل كَذَلِكَ. ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } 7401 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَعِظُوهُنَّ } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ بِكِتَابِ اللَّه , قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه إِذَا نَشَزَتْ أَنْ يَعِظهَا وَيُذَكِّرهَا اللَّه وَيُعَظِّم حَقّه عَلَيْهَا . 7402 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي إِلَى فِرَاشك , فَإِنْ أَطَاعَتْهُ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا . 7403 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , يَقُول : يَأْمُرهَا بِتَقْوَى اللَّه وَطَاعَته . 7404 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : إِذَا رَأَى الرَّجُل خِفَّة فِي صَرّهَا فِي مَدْخَلهَا وَمَخْرَجهَا , قَالَ : يَقُول لَهَا بِلِسَانِهِ : قَدْ رَأَيْت مِنْك كَذَا وَكَذَا فَانْتَهِي ! فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَنْ فِرَاش زَوْجهَا , فَإِنَّهُ يَقُول لَهَا : اِتَّقِي اللَّه وَارْجِعِي . 7405 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : بِالْكَلَامِ . 7406 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ بِالْأَلْسِنَةِ. 7407 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : عِظُوهُنَّ بِاللِّسَانِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَزْوَاج , فَإِنْ أَبَيْنَ مُرَاجَعَة الْحَقّ فِي ذَلِكَ وَالْوَاجِب عَلَيْهِمْ لَكُمْ , فَاهْجُرُوهُنَّ بِتَرْكِ جِمَاعهنَّ فِي مُضَاجَعَتكُمْ إِيَّاهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7408 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي : عِظُوهُنَّ , فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ وَإِلَّا فَاهْجُرُوهُنَّ. 7409 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَعْنِي بِالْهِجْرَانِ أَنْ يَكُون الرَّجُل وَامْرَأَته عَلَى فِرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا. 7410 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْهَجْر : هَجْر الْجِمَاع . 7411 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا { تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ } فَإِنَّ عَلَى زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا , فَإِنْ لَمْ تَقْبَل فَلْيَهْجُرْهَا فِي الْمَضْجَع . يَقُول : يَرْقُد عِنْدهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره , وَيَطَأ وَلَا يُكَلِّمهَا. هَكَذَا فِي كِتَابِي : " وَيَطَؤُهَا وَلَا يُكَلِّمهَا " . 7412 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يُضَاجِعهَا وَيَهْجُر كَلَامهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا يُجَامِعهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَاهْجُرُوهُنَّ وَاهْجُرُوا كَلَامهنَّ فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ , حَتَّى يَرْجِعْنَ إِلَى مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7413 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } أَنَّهَا لَا تُتْرَك فِي الْكَلَام , وَلَكِنَّ الْهِجْرَان فِي أَمْر الْمَضْجَع. 7414 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } يَقُول : حَتَّى يَأْتِينَ مَضَاجِعكُمْ . 7415 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } فِي الْجِمَاع . 7416 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَعِظهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَلَا يُكَلِّمهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَذَر نِكَاحهَا , وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد . 7417 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } الْكَلَام وَالْحَدِيث . ................. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7418 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن زُرَيْق الطَّهْوِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : لَا تُضَاجِعُوهُنَّ . 7419 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الْهِجْرَان أَنْ لَا يُضَاجِعهَا . 7420 - وَبِهِ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عَامِر وَإِبْرَاهِيم , قَالَا : الْهِجْرَان فِي الْمَضْجَع أَنْ لَا يُضَاجِعهَا عَلَى فِرَاشه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَا : يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُحِبّ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع . 7421 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مِقْسَم : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : هَجْرهَا فِي مَضْجَعهَا : أَنْ لَا يَقْرَب فِرَاشهَا . 7422 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : اُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع , قَالَ : يَعِظهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ أَعْتَبَتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا , وَإِنْ أَبَتْ هَجَرَ مَضْجَعهَا . 7423 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ } قَالَا : إِذَا خَافَ نُشُوزهَا وَعَظَهَا , فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَ مَضْجَعهَا . 7424 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : تَبْدَأ يَا اِبْن آدَم فَتَعِظهَا , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاهْجُرْهَا , يَعْنِي بِهِ : فِرَاشهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قُولُوا لَهُنَّ مِنْ الْقَوْل هُجْرًا فِي تَرْكهنَّ مُضَاجَعَتكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7425 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُرهَا بِلِسَانِهِ , وَيُغْلِظ لَهَا بِالْقَوْلِ , وَلَا يَدَع جِمَاعهَا. 7426 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : إِنَّمَا الْهِجْرَان بِالْمَنْطِقِ أَنْ يُغْلِظ لَهَا , وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ . 7427 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ أَبِي الضُّحَى , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : يَهْجُر بِالْقَوْلِ , وَلَا يَهْجُر مُضَاجَعَتهَا حَتَّى تَرْجِع إِلَى مَا يُرِيد . 7428 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَا يَهْجُرهَا إِلَّا فِي الْمَبِيت فِي الْمَضْجَع , لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْجُر فِي كَلَام وَلَا شَيْء إِلَّا فِي الْفِرَاش. 7429 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثني يَعْلَى , عَنْ سُفْيَان , فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } قَالَ : فِي مُجَامَعَتهَا , وَلَكِنْ يَقُول لَهَا : تَعَالَيْ وَافْعَلِي ! كَلَامًا فِيهِ غِلْظَة , فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفهَا أَنْ تُحِبّهُ , فَإِنَّ قَلْبهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا . وَلَا مَعْنَى لِلْهَجْرِ فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا عَلَى أَحَد ثَلَاثَة أَوْجُه : أَحَدهَا هَجْر الرَّجُل كَلَام الرَّجُل وَحَدِيثه , وَذَلِكَ رَفْضه وَتَرْكه , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان أَهْله يَهْجُرهَا هَجْرًا وَهِجْرَانًا . وَالْآخَر : الْإِكْثَار مِنْ الْكَلَام بِتَرْدِيدٍ كَهَيْئَةِ كَلَام الْهَازِئ , يُقَال مِنْهُ : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه يَهْجُر هَجْرًا إِذَا هَذَى وَمَدَّدَ الْكَلِمَة , وَمَا زَالَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ وَإِهْجِيرَاهُ , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرُّمَّة : رَمَى فَأَخْطَأَ وَالْأَقْدَار غَالِبَة فَانْصَعْنَ وَالْوَيْل هِجِّيرَاهُ وَالْحَرَب وَالثَّالِث : هَجَرَ الْبَعِير إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِالْهِجَارِ , وَهُوَ حَبْل يُرْبَط فِي حِقْوَيْهَا وَرُسْغهَا , وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : رَأَتْ هَلَكًا بِنِجَافِ الْغَبِيط فَكَادَتْ تَجُدّ لِذَاكَ الْهِجَارَا فَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي فِيهِ الْغِلْظَة وَالْأَذَى فَإِنَّمَا هُوَ الْإِهْجَار , وَيُقَال مِنْهُ : أَهْجَرَ فُلَان فِي مَنْطِقه : إِذَا قَالَ الْهُجْر وَهُوَ الْفُحْش مِنْ الْكَلَام , يُهْجِر إِهْجَارًا وَهَجْرًا . فَإِذْ كَانَ لَا وَجْه لِلْهَجْرِ فِي الْكَلَام إِلَّا أَحَد الْمَعَانِي الثَّلَاثَة , وَكَانَتْ الْمَرْأَة الْمَخُوف نُشُوزهَا إِنَّمَا أُمِرَ زَوْجهَا بِوَعْظِهَا لِتُنِيبَ إِلَى طَاعَته فِيمَا يَجِب عَلَيْهَا لَهُ مِنْ مُوَافَاته عِنْد دُعَائِهِ إِيَّاهَا إِلَى فِرَاشه , فَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون عِظَته لِذَلِكَ , ثُمَّ تَصِير الْمَرْأَة إِلَى أَمْر اللَّه وَطَاعَة زَوْجهَا فِي ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُون الزَّوْج مَأْمُورًا بِهَجْرِهَا فِي الْأَمْر الَّذِي كَانَتْ عِظَته إِيَّاهَا عَلَيْهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَطَلَ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاهْجُرُوا جِمَاعهنَّ . أَوْ يَكُون إِذْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى . بِمَعْنَى : وَأَهْجِرُوا كَلَامهنَّ بِسَبَبِ هَجْرهنَّ مَضَاجِعكُمْ , وَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْه لَهُ مَفْهُوم لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَخْبَرَ عَلَى لِسَان نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُر أَخَاهُ فَوْق ثَلَاث . عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يَكُنْ لِهَجْرِهَا فِي الْكَلَام مَعْنًى مَفْهُوم , لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ عَنْهُ مُنْصَرِفَة وَعَلَيْهِ نَاشِزًا فَمِنْ سُرُورهَا أَنْ لَا يُكَلِّمهَا وَلَا يَرَاهَا وَلَا تَرَاهُ , فَكَيْفَ يُؤْمَر الرَّجُل فِي حَال بُغْض اِمْرَأَته إِيَّاهُ وَانْصِرَافهَا عَنْهُ بِتَرْكِ مَا فِي تَرْكه سُرُورهَا مِنْ تَرْك جِمَاعهَا وَمُجَاذَبَتهَا وَتَكْلِيمهَا , وَهُوَ يُؤْمَر بِضَرْبِهَا لِتَرْتَدِع عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْك طَاعَته إِذَا دَعَاهَا إِلَى فِرَاشه , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمهَا طَاعَته فِيهِ ؟ أَوْ يَكُون إِذْ فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يَكُون مَعْنَاهُ : وَاهْجُرُوا فِي قَوْلكُمْ لَهُمْ , بِمَعْنَى : رُدُّوا عَلَيْهِنَّ كَلَامكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُنَّ بِالتَّغْلِيظِ لَهُنَّ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , فَلَا وَجْه لِإِعْمَالِ الْهَجْر فِي كِنَايَة أَسْمَاء النِّسَاء النَّاشِزَات , أَعْنِي فِي الْهَاء وَالنُّون مِنْ قَوْله { وَاهْجُرُوهُنَّ } لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى , كَانَ الْفِعْل غَيْر وَاقِع , إِنَّمَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فِي كَلَامه وَلَا يُقَال : هَجَرَ فُلَان فُلَانًا . فَإِذَا كَانَ فِي كُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَلَل اللَّاحِق , فَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُون قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ } مُوَجَّهًا مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الرَّبْط بِالْهِجَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِيل الْعَرَب لِلْبَعِيرِ إِذَا رَبَطَهُ صَاحِبه بِحَبْلٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا : هَجَرَهُ فَهُوَ يَهْجُرهُ هَجْرًا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ , فَعِظُوهُنَّ فِي نُشُوزهنَّ عَلَيْكُمْ , فَإِنْ اِتَّعَظْنَ فَلَا سَبِيل لَكُمْ عَلَيْهِنَّ , وَإِنْ أَبَيْنَ الْأَوْبَة مِنْ نُشُوزهنَّ فَاسْتَوْثِقُوا مِنْهُنَّ رِبَاطًا فِي مَضَاجِعهنَّ , يَعْنِي فِي مَنَازِلهنَّ وَبُيُوتهنَّ الَّتِي يَضْطَجِعْنَ بِهَا وَيُضَاجِعْنَ فِيهَا أَزْوَاجهنَّ . كَمَا : 7430 - حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , عَنْ شِبْل , قَالَ : سَمِعْت أَبَا قَزَعَة يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا حَقّ زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : " يُطْعِمهَا وَيَكْسُوهَا , وَلَا يَضْرِب الْوَجْه وَلَا يُقَبِّح وَلَا يَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا يَزِيد , عَنْ شُعْبَة بْن الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي قَزَعَة , عَنْ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة عَنْ أَبِيهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 7431 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا بَهْز بْن حَكِيم , عَنْ جَدّه , قَالَ : قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَر ؟ قَالَ : " حَرْثك فَأْتِ حَرْثك أَنَّى شِئْت , غَيْر أَنْ لَا تَضْرِب الْوَجْه وَلَا تُقَبِّح وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت وَأَطْعِمْ إِذَا طَعِمْت وَاكْسُ إِذَا اِكْتَسَيْت ; كَيْفَ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض إِلَّا بِمَا حَلَّ عَلَيْهَا ؟ " . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ عِدَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7432 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا , فَلْيَعِظْهَا بِلِسَانِهِ , فَإِنْ قَبِلَتْ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , فَإِنْ رَجَعَتْ فَذَاكَ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا وَيُخَلِّيهَا. 7433 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : يَفْعَل بِهَا ذَاكَ وَيَضْرِبهَا حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمَضَاجِع , فَإِذَا أَطَاعَتْهُ فِي الْمَضْجَع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذَا ضَاجَعَتْهُ . 7434 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول فِي قَوْله : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِضْرِبُوهُنَّ إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَكُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلهمْ لَمْ يُوجِبُوا لِلْهَجْرِ مَعْنًى غَيْر الضَّرْب , وَلَمْ يُوجِبُوا هَجْرًا إِذَا كَانَ هَيْئَة مِنْ الْهَيْئَات الَّتِي تَكُون بِهَا الْمَضْرُوبَة عِنْد الضَّرْب مَعَ دَلَالَة الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِهِنَّ إِذَا عَصَيْنَ أَزْوَاجهنَّ فِي الْمَعْرُوف مِنْ غَيْر أَمْر مِنْهُ أَزْوَاجهنَّ بِهَجْرِهِنَّ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل الْخَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَاهُ عِكْرِمَة , لَيْسَ كَمَا قُلْنَا , وَصَحَّ أَنَّ تَرْك النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر الرَّجُل بِهَجْرِ زَوْجَته إِذَا عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوف وَأَمَرَهُ بِضَرْبِهَا قَبْل الْهَجْر , لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْهَجْر هُوَ مَا بَيَّنَّاهُ , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون لَا مَعْنَى لِأَمْرِ اللَّه زَوْجهَا أَنْ يَعِظهَا إِذَا هِيَ نَشَزَتْ , إِذْ كَانَ لَا ذِكْر لِلْعِظَةِ فِي خَبَر عِكْرِمَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ ; وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا عَصَيْنَكُمْ فِي الْمَعْرُوف " دَلَالَة بَيِّنَة أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لِلرَّجُلِ ضَرْب زَوْجَته إِلَّا بَعْد عِظَتهَا مِنْ نُشُوزهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَكُون لَهُ عَاصِيَة , إِلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ لَهَا أَمْر أَوْ عِظَة بِالْمَعْرُوفِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبُوهُنَّ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَعِظُوهُنَّ أَيّهَا الرِّجَال فِي نُشُوزهنَّ , فَإِنْ أَبَيْنَ الْإِيَاب إِلَى مَا يَلْزَمهُنَّ لَكُمْ فَشِدُّوهُنَّ وَثَاقًا فِي مَنَازِلهنَّ , وَاضْرِبُوهُنَّ لِيَؤُبْنَ إِلَى الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ طَاعَة اللَّه فِي اللَّازِم لَهُنَّ مِنْ حُقُوقكُمْ . وَقَالَ أَهْل التَّأْوِيل : صِفَة الضَّرْب الَّتِي أَبَاحَ اللَّه لِزَوْجِ النَّاشِز أَنْ يَضْرِبهَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7435 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7436 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح . 7437 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح. 7438 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } وَاضْرِبُوهُنَّ , قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّه لَك أَنْ تَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , وَلَا تَكْسِر لَهَا عَظْمًا , فَإِنْ أَقْبَلَتْ , وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ لَك مِنْهَا الْفِدْيَة . 7439 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7440 - وَبِهِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7441 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : تَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع , فَإِنْ أَبَتْ عَلَيْك فَاضْرِبْهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح ; أَيْ غَيْر شَائِن . 7442 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح , قَالَ : السِّوَاك وَشِبْهه يَضْرِبهَا بِهِ . * - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قُلْت لِابْنِ عَبَّاس : مَا الضَّرْب غَيْر الْمُبَرِّح ؟ قَالَ : بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه . 7443 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَته : " ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " قَالَ : السِّوَاك وَنَحْوه . 7444 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَهْجُرُوا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمَضَاجِع , وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح " يَقُول : غَيْر مُؤَثِّر . 7445 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7446 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة مِثْله . 7447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَالَ : إِنْ أَقْبَلَتْ فِي الْهِجْرَان , وَإِلَّا ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7448 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَالَ : تَهْجُر مَضْجَعهَا مَا رَأَيْت أَنْ تَنْزِع , فَإِنْ لَمْ تَنْزِع ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . 7449 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن : { وَاضْرِبُوهُنَّ } قَال : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح , غَيْر مُؤَثِّر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ أَيّهَا النَّاس نِسَاؤُكُمْ اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ عِنْد وَعْظكُمْ إِيَّاهُنَّ فَلَا تَهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع , فَإِنْ لَمْ يُطِعْنَكُمْ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُنَّ , فَإِنْ رَاجَعْنَ طَاعَتكُمْ عِنْد ذَلِكَ وَفِئْنَ إِلَى الْوَاجِب عَلَيْهِنَّ , فَلَا تَطْلُبُوا طَرِيقًا إِلَى أَذَاهُنَّ وَمَكْرُوههنَّ , وَلَا تَلْتَمِسُوا سَبِيلًا إِلَى مَا لَا يَحِلّ لَكُمْ مِنْ أَبْدَانهنَّ وَأَمْوَالهنَّ بِالْعِلَلِ , وَذَلِكَ أَنْ يَقُول أَحَدكُمْ لِإِحْدَاهُنَّ وَهِيَ لَهُ مُطِيعَة : إِنَّك لَسْت تُحِبِّينِي وَأَنْتِ لِي مُبْغِضَة , فَيَضْرِبهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُؤْذِيهَا , فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لِلرِّجَالِ : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } أَيْ عَلَى بُغْضهنَّ لَكُمْ فَلَا تَجْنُوا عَلَيْهِنَّ , وَلَا تُكَلِّفُوهُنَّ مَحَبَّتكُمْ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِنَّ فَتَضْرِبُوهُنَّ أَوْ تُؤْذُوهُنَّ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى قَوْله : { فَلَا تَبْغُوا } لَا تَلْتَمِسُوا وَلَا تَطْلُبُوا , مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَغَيْت الضَّالَّة : إِذَا اِلْتَمَسْتهَا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر فِي صِفَة الْمَوْت : بَغَاك وَمَا تَبْغِيه حَتَّى وَجَدْته كَأَنَّك قَدْ وَاعَدْته أَمْس مَوْعِدَا بِمَعْنَى : طَلَبَك وَمَا تَطْلُبهُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7450 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } قَالَ : إِذَا أَطَاعَتْك فَلَا تَتَجَنَّ عَلَيْهَا الْعِلَل . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِير , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِذَا أَطَاعَتْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذَا ضَاجَعَتْهُ . 7451 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْعِلَل . 7452 - وَقَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ الثَّوْرِيّ فِي قَوْله : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } قَالَ : إِنْ أَتَتْ الْفِرَاش وَهِيَ تُبْغِضهُ . 7453 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَا يُكَلِّفهَا أَنْ تُحِبّهُ , لِأَنَّ قَلْبهَا لَيْسَ فِي يَدَيْهَا. 7454 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِنْ أَطَاعَتْهُ فَضَاجَعَتْهُ , فَإِنَّ اللَّه يَقُول : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } 7455 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } يَقُول : فَإِنْ أَطَاعَتْك فَلَا تَبْغِي عَلَيْهَا الْعِلَل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه ذُو عُلُوّ عَلَى كُلّ شَيْء , فَلَا تَبْغُوا أَيّهَا النَّاس عَلَى أَزْوَاجكُمْ إِذَا أَطَعْنَكُمْ فِيمَا أَلْزَمَهُنَّ اللَّه لَكُمْ مِنْ حَقّ سَبِيلًا لِعُلُوِّ أَيْدِيكُمْ عَلَى أَيْدِيهنَّ , فَإِنَّ اللَّه أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَعْلَى مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ , وَأَكْبَر مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَنْتُمْ فِي يَده وَقَبْضَته , فَاتَّقُوا اللَّه أَنْ تَظْلِمُوهُنَّ وَتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا وَهُنَّ لَكُمْ مُطِيعَات , فَيَنْتَصِر لَهُنَّ مِنْكُمْ رَبّكُمْ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء , وَأَكْبَر مِنْكُمْ وَمِنْ كُلّ شَيْء .
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا } وَإِنْ عَلِمْتُمْ أَيّهَا النَّاس شِقَاق بَيْنهمَا , وَذَلِكَ مُشَاقَّة كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , وَهُوَ إِتْيَانه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور , فَأَمَّا مِنْ الْمَرْأَة فَالنُّشُوز , وَتَرْكهَا أَدَاء حَقّ اللَّه عَلَيْهَا الَّذِي أَلْزَمَهَا اللَّه لِزَوْجِهَا ; وَأَمَّا مِنْ الزَّوْج فَتَرْكه إِمْسَاكهَا بِالْمَعْرُوفِ , أَوْ تَسْرِيحهَا بِإِحْسَانٍ . وَالشِّقَاق : مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : شَاقَّ فُلَان فُلَانًا : إِذَا أَتَى كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُور , فَهُوَ يُشَاقّهُ مُشَاقَّة وَشِقَاقًا ; وَذَلِكَ قَدْ يَكُون عَدَاوَة , كَمَا : 7456 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا } قَالَ : إِنْ ضَرَبَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , يَقُول : عَادَتْهُ . وَإِنَّمَا أُضِيفَ الشِّقَاق إِلَى الْبَيْن , لِأَنَّ الْبَيْن قَدْ يَكُون اِسْمًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنكُمْ } 6 94 فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَة مِنْ الْمَأْمُور بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمَأْمُور بِذَلِكَ : السُّلْطَان الَّذِي يُرْفَع ذَلِكَ إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7457 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِعَة : يَعِظهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا ضَرَبَهَا , فَإِنْ اِنْتَهَتْ وَإِلَّا رَفَعَ أَمْرهَا إِلَى السُّلْطَان , فَيَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْلهَا : يَفْعَل بِهَا كَذَا , وَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْله : تَفْعَل بِهِ كَذَا , فَأَيّهمَا كَانَ الظَّالِم رَدَّهُ السُّلْطَان وَأَخَذَ فَوْق يَدَيْهِ , وَإِنْ كَانَتْ نَاشِزًا أَمَرَهُ أَنْ يَخْلَع . 7458 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : بَلْ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَأْمُور بِذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7459 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } إِنْ ضَرَبَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل , فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْله وَتَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْلهَا . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا يُبْعَث لَهُ الْحَكَمَانِ , وَمَا الَّذِي يَجُوز لِلْحَكَمَيْنِ مِنْ الْحُكْم بَيْنهمَا , وَكَيْفَ وَجْه بَعْثهمَا بَيْنهمَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : يَبْعَثهُمَا الزَّوْجَانِ بِتَوْكِيلٍ مِنْهُمَا إِيَّاهُمَا بِالنَّظَرِ بَيْنهمَا , وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَعْمَلَا شَيْئًا فِي أَمْرهمَا إِلَّا مَا وَكَّلَاهُمَا بِهِ , أَوْ وَكَّلَهُ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا إِلَيْهِ , فَيَعْمَلَانِ بِمَا وَكَّلَهُمَا بِهِ مَنْ وَكَّلَهُمَا مِنْ الرَّجُل وَالْمَرْأَة فِيمَا يَجُوز تَوْكِيلهمَا فِيهِ , أَوْ تَوْكِيل مَنْ وُكِّلَ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7460 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : جَاءَ رَجُل وَامْرَأَته بَيْنهمَا شِقَاق إِلَى عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام مِنْ النَّاس , فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ : تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا ؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا أَنْ تَجْمَعَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا أَنْ تُفَرِّقَا . قَالَتْ الْمَرْأَة : رَضِيت بِكِتَابِ اللَّه بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِي . وَقَالَ الرَّجُل : أَمَّا الْفُرْقَة فَلَا . فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَذَبْت , وَاَللَّه لَا تَنْقَلِب حَتَّى تُقِرّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ. * - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , مَال : ثنا هِشَام بْن حَسَّان , وَعَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد : أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَتَاهُ رَجُل وَامْرَأَته , وَمَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام مِنْ النَّاس , فَأَمَرَهُمَا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَبْعَثَا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا لِيَنْظُرَا , فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْحَكَمَانِ , قَالَ لَهُمَا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَتَدْرِيَانِ مَا لَكُمَا ؟ لَكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا . قَالَ هِشَام فِي حَدِيثه : فَقَالَتْ الْمَرْأَة : رَضِيت بِكِتَابِ اللَّه لِي وَعَلَيَّ فَقَالَ الرَّجُل : أَمَّا الْفُرْقَة فَلَا . فَقَالَ عَلِيّ : كَذَبْت وَاَللَّه حَتَّى تَرْضَى مِثْل مَا رَضِيت بِهِ . وَقَالَ اِبْن عَوْن فِي حَدِيثه : كَذَبْت , وَاَللَّه لَا تَبْرَح حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيت بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَهِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : شَهِدْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَذَكَرَ مِثْله . 7461 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : إِذَا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَضَرَبَهَا , فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِع وَشَاقَّتْهُ , فَلْيَبْعَثْ حَكَمًا مِنْ أَهْله وَتَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْلهَا ; تَقُول الْمَرْأَة لِحَكَمِهَا : قَدْ وَلَّيْتُك أَمْرِي , فَإِنْ أَمَرْتنِي أَنْ أَرْجِع رَجَعَتْ , وَإِنْ فَرَّقْت تَفَرَّقْنَا . وَتُخْبِرهُ بِأَمْرِهَا إِنْ كَانَتْ تُرِيد نَفَقَة أَوْ كَرِهَتْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاء , وَتَأْمُرهُ أَنْ يَرْفَع ذَلِكَ عَنْهَا وَتَرْجِع , أَوْ تُخْبِرهُ أَنَّهَا لَا تُرِيد الطَّلَاق . وَيَبْعَث الرَّجُل حَكَمًا مِنْ أَهْله يُوَلِّيه أَمْره , وَيُخْبِرهُ يَقُول لَهُ حَاجَته إِنْ كَانَ يُرِيدهَا أَوْ لَا يُرِيد أَنْ يُطَلِّقهَا , أَعْطَاهَا مَا سَأَلَتْ وَزَادَهَا فِي النَّفَقَة , وَإِلَّا قَالَ لَهُ : خُذْ لِي مِنْهَا مَا لَهَا عَلَيَّ وَطَلِّقْهَا ! فَيُوَلِّيه أَمْره , فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ , وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ . ثُمَّ يَجْتَمِع الْحَكَمَانِ فَيُخْبِر كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُرِيد لِصَاحِبِهِ , وَيُجْهِد كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُرِيد لِصَاحِبِهِ , فَإِنْ اِتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى شَيْء فَهُوَ جَائِز , إِنْ طَلَّقَا وَإِنْ أَمْسَكَا , فَهُوَ قَوْل اللَّه : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } فَإِنْ بَعَثَتْ الْمَرْأَة حَكَمًا وَأَبَى الرَّجُل أَنْ يَبْعَث , فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبهَا حَتَّى يَبْعَث حَكَمًا. وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّ الَّذِي يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ هُوَ السُّلْطَان , غَيْر أَنَّهُ إِنَّمَا يَبْعَثهُمَا لِيَعْرِفَا الظَّالِم مِنْ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا , لِيَحْمِلهُمَا عَلَى الْوَاجِب لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا قَبْل صَاحِبه لَا التَّفْرِيق بَيْنهمَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة , أَنَّهُمَا قَالَا : إِنَّمَا يُبْعَث الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا وَيَشْهَدَا عَلَى الظَّالِم بِظُلْمِهِ ; وَأَمَّا الْفُرْقَة فَلَيْسَتْ فِي أَيْدِيهمَا , وَلَمْ يَمْلِكَا ذَلِكَ , يَعْنِي : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } 7463 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } . .. الْآيَة , إِنَّمَا يُبْعَث الْحَكَمَانِ لِيُصْلِحَا , فَإِنْ أَعْيَاهُمَا أَنْ يُصْلِحَا شَهِدَا عَلَى الظَّالِم وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فُرْقَة , وَلَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ. 7464 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , قَالَ : سَأَلْت عَنْ الْحَكَمَيْنِ , قَالَ : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَمَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز ; يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } قَالَ : يَخْلُو حَكَم الرَّجُل بِالزَّوْجِ , وَحَكَم الْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ , فَيَقُول كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ : اُصْدُقْنِي مَا فِي نَفْسك ! فَإِذَا صَدَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه اِجْتَمَعَ الْحَكَمَانِ وَأَخَذَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبه مِيثَاقًا لِتَصْدُقنِي الَّذِي قَالَ لَك صَاحِبك , وَلَأَصْدُقَنك الَّذِي قَالَ لِي صَاحِبِي ! فَذَاكَ حِين أَرَادَا الْإِصْلَاح يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا , فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ اِطَّلَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْضَى بِهِ صَاحِبه إِلَيْهِ , فَيَعْرِفَانِ عِنْد ذَلِكَ مَنْ الظَّالِم وَالنَّاشِز مِنْهُمَا , فَأَتَيَا عَلَيْهِ , فَحَكَمَا عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة قَالَا : أَنْتِ الظَّالِمَة الْعَاصِيَة , لَا يُنْفِق عَلَيْك حَتَّى تَرْجِعِي إِلَى الْحَقّ وَتُطِيعِي اللَّه فِيهِ . وَإِنْ كَانَ الرَّجُل هُوَ الظَّالِم , قَالَا : أَنْتَ الظَّالِم الْمُضَارّ لَا تَدْخُل لَهَا بَيْتًا حَتَّى تُنْفِق عَلَيْهَا وَتَرْجِع إِلَى الْحَقّ وَالْعَدْل. فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَة الْعَاصِيَة أَخَذَ مِنْهَا مَالهَا , وَهُوَ لَهُ حَلَال طَيِّب , وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم الْمُسِيء إِلَيْهَا الْمُضَارّ لَهَا طَلَّقَهَا , وَلَمْ يَحِلّ لَهُ مِنْ مَالهَا شَيْء , فَإِنْ أَمْسَكَهَا أَمْسَكَهَا بِمَا أَمَرَ اللَّه وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا . 7465 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : كَانَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ : حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَيَقُول الْحَكَم مِنْ أَهْلهَا : يَا فُلَان مَا تَنْقِم مِنْ زَوْجَتك ؟ فَيَقُول : أَنْقِم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا . قَالَ : فَيَقُول : أَفَرَأَيْت إِنْ نَزَعَتْ عَمَّا تَكْرَه إِلَى مَا تُحِبّ , هَلْ أَنْتَ مُتَّقِي اللَّه فِيهَا وَمُعَاشِرهَا بِاَلَّذِي يَحِقّ عَلَيْك فِي نَفَقَتهَا وَكِسْوَتهَا ؟ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ , قَالَ الْحَكَم مِنْ أَهْله : يَا فُلَانَة مَا تَنْقِمِينَ مِنْ زَوْجك فُلَان ؟ فَتَقُول مِثْل ذَلِكَ , فَإِنْ قَالَتْ : نَعَمْ , جَمَعَ بَيْنهمَا . قَالَ : وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الْحَكَمَانِ بِهِمَا يَجْمَع اللَّه وَبِهِمَا يُفَرِّق . 7466 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : الْحَكَمَانِ يَحْكُمَانِ فِي الِاجْتِمَاع , وَلَا يَحْكُمَانِ فِي الْفُرْقَة . 7467 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } وَهِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تَنْشِز عَلَى زَوْجهَا , فَلِزَوْجِهَا أَنْ يَخْلَعهَا حِين يَأْمُر الْحَكَمَانِ بِذَلِكَ , وَهُوَ بَعْد مَا تَقُول لِزَوْحِهَا : وَاَللَّه لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَآذَنَنَّ فِي بَيْتك بِغَيْرِ أَمْرك : وَيَقُول السُّلْطَان : لَا نُجِيز لَك خُلْعًا. حَتَّى تَقُول الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا : وَاَللَّه لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة , وَلَا أُقِيم لَك صَلَاة , فَعِنْد ذَلِكَ يَقُول السُّلْطَان : اِخْلَعْ الْمَرْأَة . 7468 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ } قَالَ : تَعِظهَا , فَإِنْ أَبَتْ وَغَلَبَتْ فَاهْجُرْهَا فِي مَضْجَعهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا فَاضْرِبْهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا , بُعِثَ حَكَم مِنْ أَهْله وَحَكَم مِنْ أَهْلهَا . فَإِنْ غَلَبَتْ هَذَا أَيْضًا وَأَرَادَتْ غَيْره , فَإِنَّ أَبِي كَانَ يَقُول : لَيْسَ بِيَدِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْفُرْقَة شَيْء , إِنْ رَأَيَا الظُّلْم مِنْ نَاحِيَة الزَّوْج قَالَا : أَنْتَ يَا فُلَان ظَالِم , اِنْزِعْ ! فَإِنْ أَبَى رَفَعَا ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَان , لَيْسَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْفِرَاق شَيْء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا يَبْعَث الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَان عَلَى أَنَّ حُكْمهمَا مَاضٍ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي الْجَمْع وَالتَّفْرِيق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7469 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } فَهَذَا الرَّجُل وَالْمَرْأَة إِذَا تَفَاسَدَ الَّذِي بَيْنهمَا , فَأَمَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْل الرَّجُل , وَمِثْله مِنْ أَهْل الْمَرْأَة , فَيَنْظُرَانِ أَيّهمَا الْمُسِيء , فَإِنْ كَانَ الرَّجُل هُوَ الْمُسِيء حَجَبُوا عَنْهُ اِمْرَأَته وَقَصَرُوهُ عَلَى النَّفَقَة , وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة هِيَ الْمُسِيئَة قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجهَا , وَمَنَعُوهَا النَّفَقَة . فَإِنْ اِجْتَمَعَ رَأْيهمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يُجَمِّعَا , فَأَمْرهمَا جَائِز . فَإِنْ رَأَيَا أَنْ يُجَمِّعَا فَرَضِيَ أَحَد الزَّوْجَيْنِ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْآخَر ثُمَّ مَاتَ أَحَدهمَا , فَإِنَّ الَّذِي رَضِيَ يَرِث الَّذِي كَرِهَ , وَلَا يَرِث الْكَارِه الرَّاضِيَ , وَذَلِكَ قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا . 7470 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : أَنَّ الْحَكَم مِنْ أَهْلهَا وَالْحَكَم مِنْ أَهْله يُفَرِّقَانِ وَيُجَمِّعَانِ إِذَا رَأَيَا ذَلِكَ { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } 7471 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر : قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ الْحَكَمَيْنِ , فَقَالَ : لَمْ أُولَد إِذْ ذَاكَ , فَقُلْت : إِنَّمَا أَعْنِي حَكَم الشِّقَاق , قَالَ : يُقْبِلَانِ عَلَى الَّذِي جَاءَ الْأَذَى مِنْ عِنْده , فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أَقْبَلَا عَلَى الْآخَر , فَإِنْ فَعَلَ , وَإِلَّا حَكَمَا , فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز. 7472 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر فِي قَوْله : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : مَا قَضَى الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . 7473 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ دَاوُد , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : مَا حَكَمَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز ; إِنْ فَرَّقَا بَيْنهمَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَات أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَهُوَ جَائِز , وَإِنْ فَرَّقَا بِتَطْلِيقَةٍ فَهُوَ جَائِز . وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِهَذَا مِنْ مَاله فَهُوَ جَائِز , فَإِنْ أَصْلَحَا فَهُوَ جَائِز , وَإِنْ وَضَعَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } قَالَ : مَا صَنَعَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِمَا , إِنْ طَلَّقَا ثَلَاثًا فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِمَا , وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَة أَوْ طَلَّقَاهَا عَلَى جُعْل فَهُوَ جَائِز , وَمَا صَنَعَا مِنْ شَيْء فَهُوَ جَائِز . 7474 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : إِنْ شَاءَ الْحَكَمَانِ أَنْ يُفَرِّقَا فَرَّقَا , وَإِنْ شَاءَا أَنْ يُجَمِّعَا جَمَّعَا . 7475 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ اِمْرَأَة نَشَزَتْ عَلَى زَوْجهَا , فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْح , فَقَالَ شُرَيْح : اِبْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا ! فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرهمَا , فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنهمَا , فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُل , فَقَالَ شُرَيْح : فَفِيمَ كَانَا الْيَوْم ؟ وَأَجَازَ قَوْلهمَا . 7476 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : بُعِثْت أَنَا وَمُعَاوِيَة حَكَمَيْنِ . قَالَ مَعْمَر : بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بَعَثَهُمَا , وَقَالَ لَهُمَا : إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُجَمِّعَا جَمَّعْتُمَا , وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا. 7477 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : أَنَّ عَقِيل بْن أَبِي طَالِب تَزَوَّجَ فَاطِمَة اِبْنَة عُتْبَة , فَكَانَ بَيْنهمَا كَلَام , فَجَاءَتْ عُثْمَان فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ , فَأَرْسَلَ اِبْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنهمَا ! وَقَالَ مُعَاوِيَة : مَا كُنْت لِأُفَرِّق بَيْن شَيْخَيْنِ مِنْ بَنِي عَبْد مَنَاف ! فَأَتَيَاهُمَا وَقَدْ اِصْطَلَحَا. 7478 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاق بَيْنهمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } يَكُونَانِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِمَا وَشَاهِدَيْنِ . وَذَلِكَ إِذَا تَدَارَأَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة وَتَنَازَعَا إِلَى السُّلْطَان , جَعَلَ عَلَيْهِمَا حَكَمَيْنِ : حَكَمًا مِنْ أَهْل الرَّجُل وَحَكَمًا مِنْ أَهْل الْمَرْأَة , يَكُونَانِ أَمِينَيْنِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. وَيَنْظُرَانِ مِنْ أَيّهمَا يَكُون الْفَسَاد , فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَل الْمَرْأَة أُجْبِرَتْ عَلَى طَاعَة زَوْجهَا , وَأُمِرَ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّه وَيُحْسِن صُحْبَتهَا وَيُنْفِق عَلَيْهَا بِقَدْرِ مَا آتَاهُ اللَّه ; إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . وَإِنْ كَانَتْ الْإِسَاءَة مِنْ قِبَل الرَّجُل أُمِرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا , فَإِنْ لَمْ يَفْعَل قِيلَ لَهُ : أَعْطِهَا حَقّهَا , وَخَلِّ سَبِيلهَا ! وَإِنَّمَا يَلِي ذَلِكَ مِنْهُمَا السُّلْطَان. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي قَوْله : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } أَنَّ اللَّه خَاطَبَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ , وَأَمَرَهُمْ بِبَعْثَةِ الْحَكَمَيْنِ عِنْد خَوْف الشِّقَاق بَيْن الزَّوْجَيْنِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرهمَا , وَلَمْ يُخَصِّص بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ بَعْضهمْ دُون بَعْض . وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ بَعْثَة الْحَكَمَيْنِ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَغَيْر السُّلْطَان , الَّذِي هُوَ سَائِس أَمْر الْمُسْلِمِينَ , أَوْ مَنْ أَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مَقَام نَفْسه . وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجَيْنِ وَالسُّلْطَان , وَمَنْ الْمَأْمُور بِالْبَعْثَةِ فِي ذَلِكَ : الزَّوْجَانِ , أَوْ السُّلْطَان ؟ وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّ الْأَمْر بِذَلِكَ مَخْصُوص بِهِ أَحَد الزَّوْجَيْنِ , وَلَا أَثَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْأُمَّة فِيهِ مُخْتَلِفَة. وَإِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا , فَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يَكُون مَخْصُوصًا مِنْ الْآيَة مَا أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوص مِنْهَا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الزَّوْجَانِ وَالسُّلْطَان مِمَّنْ قَدْ شَمِلَهُ حُكْم الْآيَة , وَالْأَمْر بِقَوْلِهِ : { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا } إِذْ كَانَ مُخْتَلِفًا بَيْنهمَا هَلْ هُمَا مَعْنِيَّانِ بِالْأَمْرِ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَكَانَ ظَاهِر الْآيَة قَدْ عَمَّهُمَا ; فَالْوَاجِب مِنْ الْقَوْل إِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا وَصَفْنَا أَنْ يُقَال : إِنْ بَعَثَ الزَّوْجَانِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حَكَمًا مِنْ قِبَله , لِيَنْظُر فِي أَمْرهمَا , وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مِمَّنْ بَعَثَهُ مِنْ قِبَله فِي ذَلِكَ طَاقَة عَلَى صَاحِبه وَلِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ , فَتَوْكِيله بِذَلِكَ مَنْ وَكَّلَ جَائِز لَهُ وَعَلَيْهِ , وَإِنْ وَكَّلَهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ يُوَكِّلهُ بِالْجَمِيعِ , كَانَ مَا فَعَلَهُ الْحَكَم مِمَّا وَكَّلَهُ بِهِ صَاحِبه مَاضِيًا جَائِزًا عَلَى مَا وَكَّلَهُ بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلهُ أَحَدهمَا بِمَا لَهُ دُون مَا عَلَيْهِ , أَوْ لَمْ يُوَكِّل كُلّ وَاحِد مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا لَهُ وَعَلَيْهِ , أَوْ بِمَا لَهُ , أَوْ بِمَا عَلَيْهِ , فَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ كِلَيْهِمَا إِلَّا مَا اِجْتَمَعَا عَلَيْهِ دُون مَا اِنْفَرَدَ بِهِ أَحَدهمَا . وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلهُمَا وَاحِد مِنْهَا بِشَيْءٍ , وَإِنَّمَا بَعَثَاهُمَا لِلنَّظَرِ لِيَعْرِفَا الظَّالِم مِنْ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا لِيَشْهَدَا عَلَيْهِمَا عِنْد السُّلْطَان إِنْ اِحْتَاجَا إِلَى شَهَادَتهمَا , لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يُحْدِثَا بَيْنهمَا شَيْئًا غَيْر ذَلِكَ مِنْ طَلَاق أَوْ أَخْذ مَال أَوْ غَيْر ذَلِكَ , وَلَمْ يَلْزَم الزَّوْجَيْنِ وَلَا وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء مِنْ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا مَعْنَى الْحَكَمَيْنِ إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت ؟ قِيلَ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى الْحَكَم : النَّظَر الْعَدْل , كَمَا قَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم فِي الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , الَّذِي : 7479 - حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , عَنْ يَزِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْهُ : لَا , أَنْتُمَا قَاضِيَانِ تَقْضِيَانِ بَيْنهمَا . عَلَى السَّبِيل الَّتِي بَيَّنَّا مِنْ قَوْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمَا الْقَاضِيَانِ يَقْضِيَانِ بَيْنهمَا مَا فَوَّضَ إِلَيْهِمَا الزَّوْجَانِ . وَأَيّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَلَيْسَ لَهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحُكْم بَيْنهمَا بِالْفُرْقَةِ , وَلَا بِأَخْذِ مَال إِلَّا بِرِضَا الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَإِلَّا مَا لَزِمَ مِنْ حَقّ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَر فِي حُكْم اللَّه , وَذَلِكَ مَا لَزِمَ الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ مِنْ النَّفَقَة وَالْإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم لَهَا . فَأَمَّا غَيْر ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاس غَيْرهمَا , لَا السُّلْطَان , وَلَا غَيْره ; وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْج إِنْ كَانَ هُوَ الظَّالِم لِلْمَرْأَةِ فَلِلْإِمَامِ السَّبِيل إِلَى أَخْذه بِمَا يَجِب لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حَقّ , وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَة هِيَ الظَّالِمَة زَوْجهَا النَّاشِزَة عَلَيْهِ , فَقَدْ أَبَاحَ اللَّه لَهُ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْهَا وَجَعَلَ إِلَيْهِ طَلَاقهَا عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَة الْبَقَرَة . وَإِذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ الْفُرْقَة بَيْن رَجُل وَامْرَأَة بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْج , وَلَا أَخْذ مَال مِنْ الْمَرْأَة بِغَيْرِ رِضَاهَا بِإِعْطَائِهِ , إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَإِنْ بَعَثَ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانُ , فَلَا يَجُوز لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بَيْن الزَّوْجَيْنِ بِفُرْقَةٍ إِلَّا بِتَوْكِيلِ الزَّوْج إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ , وَلَا لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بِأَخْذِ مَال مِنْ الْمَرْأَة إِلَّا بِرِضَا الْمَرْأَة ; يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْل مِنْ فِعْل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِذَلِكَ , وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ , وَلَكِنْ لَهُمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْن الزَّوْجَيْنِ , وَيَتَعَرَّفَا الظَّالِم مِنْهُمَا مِنْ الْمَظْلُوم لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إِنْ اِحْتَاجَ الْمَظْلُوم مِنْهُمَا إِلَى شَهَادَتهمَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا : لَيْسَ لَهُمَا التَّفْرِيق لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا , وَإِنَّمَا يَبْعَث السُّلْطَان الْحَكَمَيْنِ إِذَا بَعَثَهُمَا إِذَا اِرْتَفَعَ إِلَيْهِ الزَّوْجَانِ , فَشَكَا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمُحِقّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُبْطِل , لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْكِل الْمُحِقّ مِنْ الْمُبْطِل , فَلَا وَجْه لِبَعْثِهِ الْحَكَمَيْنِ فِي أَمْر قَدْ عَرَفَ الْحُكْم فِيهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة , أَعْنِي بَيْن الزَّوْجَيْنِ الْمَخُوف شِقَاق بَيْنهمَا , يَقُول : يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ , فَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِصْلَاح بَيْنهمَا , وَذَلِكَ إِذَا صَدَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ بَعْث لِلنَّظَرِ فِي أَمْر الزَّوْجَيْنِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7480 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَة , وَلَكِنَّهُ الْحَكَمَانِ. 7481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ , إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا . 7482 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } وَذَلِكَ الْحَكَمَانِ , وَكَذَلِكَ كُلّ مُصْلِح يُوَفِّقهُ اللَّه لِلْحَقِّ وَالصَّوَاب . 7483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يَعْنِي بِذَلِكَ الْحَكَمَيْنِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا أَصْلَحَا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ . 7484 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ إِذَا نَصَحَا الْمَرْأَة وَالرَّجُل جَمِيعًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا بِمَا أَرَادَ الْحَكَمَانِ مِنْ إِصْلَاح بَيْن الزَّوْجَيْنِ وَغَيْره , خَبِيرًا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُورهمَا وَأُمُور غَيْرهمَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ , حَافِظ عَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِي كُلًّا مِنْهُمْ جَزَاءَهُ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا , وَبِالْإِسَاءَةِ غُفْرَانًا أَوْ عِقَابًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة , أَعْنِي بَيْن الزَّوْجَيْنِ الْمَخُوف شِقَاق بَيْنهمَا , يَقُول : يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ , فَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِصْلَاح بَيْنهمَا , وَذَلِكَ إِذَا صَدَقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ بَعْث لِلنَّظَرِ فِي أَمْر الزَّوْجَيْنِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7480 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَة , وَلَكِنَّهُ الْحَكَمَانِ. 7481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ , إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا . 7482 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } وَذَلِكَ الْحَكَمَانِ , وَكَذَلِكَ كُلّ مُصْلِح يُوَفِّقهُ اللَّه لِلْحَقِّ وَالصَّوَاب . 7483 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يَعْنِي بِذَلِكَ الْحَكَمَيْنِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : إِنْ يُرِدْ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا أَصْلَحَا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي هَاشِم , عَنْ مُجَاهِد : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا } يُوَفِّق اللَّه بَيْن الْحَكَمَيْنِ . 7484 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا } قَالَ : هُمَا الْحَكَمَانِ إِذَا نَصَحَا الْمَرْأَة وَالرَّجُل جَمِيعًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا بِمَا أَرَادَ الْحَكَمَانِ مِنْ إِصْلَاح بَيْن الزَّوْجَيْنِ وَغَيْره , خَبِيرًا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُورهمَا وَأُمُور غَيْرهمَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ , حَافِظ عَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِي كُلًّا مِنْهُمْ جَزَاءَهُ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا , وَبِالْإِسَاءَةِ غُفْرَانًا أَوْ عِقَابًا .
وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْبُدُوا اللَّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَذِلُّوا لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , وَاخْضَعُوا لَهُ بِهَا , وَأَفْرِدُوهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ , وَأَخْلِصُوا لَهُ الْخُضُوع وَالذِّلَّة , بِالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْره , وَالِانْزِجَار عَنْ نَهْيه , وَلَا تَحْمِلُوا لَهُ فِي الرُّبُوبِيَّة وَالْعِبَادَة شَرِيكًا تُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمكُمْ إِيَّاهُ .
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } يَقُول : وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , يَعْنِي بِرًّا بِهِمَا ; وَلِذَلِكَ نَصَبَ الْإِحْسَان , لِأَنَّهُ أَمْر مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِلُزُومِ الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاسْتَوْصُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَبِذِي الْقُرْبَى } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَمَرَ أَيْضًا بِذِي الْقُرْبَى , وَهُمْ ذَوُو قَرَابَة أَحَدنَا مِنْ قِبَل أَبِيهِ أَوْ أُمّه مِمَّنْ قَرُبَتْ مِنْهُ قَرَابَته بِرَحِمِهِ مِنْ أَحَد الطَّرَفَيْنِ إِحْسَانًا بِصِلَةِ رَحِمه .
وَأَمَّا قَوْله : { وَالْيَتَامَى } فَإِنَّهُمْ جَمْع يَتِيم , وَهُوَ الطِّفْل الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِده وَهَلَكَ .
{ وَالْمَسَاكِين } وَهُوَ جَمْع مِسْكِين , وَهُوَ الَّذِي قَدْ رَكِبَهُ ذُلّ الْفَاقَة وَالْحَاجَة , فَتَمَسْكَنَ لِذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اِسْتَوْصُوا بِهَؤُلَاءِ إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَتَعَطَّفُوا عَلَيْهِمْ , وَالْزَمُوا وَصِيَّتِي فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِمْ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ وَالْجَار ذِي الْقَرَابَة وَالرَّحِم مِنْك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7485 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : ذَا الرَّحِم . 7486 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك هُوَ ذُو قَرَابَتك . 7487 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَا : الْقَرَابَة . 7488 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } جَارك ذُو الْقَرَابَة. 7489 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } إِذَا كَانَ لَهُ جَار لَهُ رَحِم , فَلَهُ حَقَّانِ اِثْنَانِ : حَقّ الْقَرَابَة , وَحَقّ الْجَار . 7490 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الْجَار ذُو الْقُرْبَى : ذُو قَرَابَتك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ جَار ذِي قَرَابَتك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7491 - حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الرَّجُل يَتَوَسَّل إِلَيْك بِجِوَارِ ذِي قَرَابَتك . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل قَوْل مُخَالِف الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ ذُو الْقَرَابَة فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْجَار دُون غَيْره , فَجَعَلَهُ قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة جَار ذِي الْقَرَابَة , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام كَمَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان لَقِيلَ : وَجَار ذِي الْقُرْبَى , وَلَمْ يَقُلْ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى , فَكَانَ يَكُون حِينَئِذٍ - إِذَا أُضِيفَ الْجَار إِلَى ذِي الْقَرَابَة - الْوَصِيَّة بِبِرِّ جَار ذِي الْقَرَابَة دُون الْجَار ذِي الْقُرْبَى . وَأَمَّا وَالْجَار بِالْأَلِفِ وَاللَّام فَغَيْر جَائِز أَنْ يُكْوَى " ذِي الْقُرْبَى " إِلَّا مِنْ صِفَة الْجَار . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ الْوَصِيَّة مِنْ اللَّه فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } بِبِرِّ الْجَار ذِي الْقُرْبَى دُون جَار ذِي الْقَرَابَة , وَكَانَ بَيِّنًا خَطَأ مَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان فِي ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى مِنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7492 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ ; ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْمُسْلِم . وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيل كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْر جَائِز صَرْفه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب مِنْ كَلَام الْعَرَب , الَّذِينَ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ الْقُرْآن الْمَعْرُوف فِيهِمْ دُون الْأَنْكَر الَّذِي لَا تَتَعَارَفهُ , إِلَّا أَنْ يَقُوم بِخِلَافِ ذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمُتَعَارَف مِنْ كَلَام الْعَرَب إِذَا قِيلَ فُلَان ذُو قَرَابَة , إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ : إِنَّهُ قَرِيب الرَّحِم مِنْهُ دُون الْقُرْب بِالدِّينِ , كَانَ صَرْفه إِلَى الْقَرَابَة بِالرَّحِمِ أَوْلَى مِنْ صَرْفه إِلَى الْقُرْب بِالدِّينِ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار الْجُنُب } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْبَعِيد الَّذِي لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7493 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . 7494 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار الْجُنُب } يَعْنِي : الْجَار مِنْ قَوْم جُنُب. 7495 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنهمَا قَرَابَة وَهُوَ جَار , فَلَهُ حَقّ الْجِوَار . 7496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْجَار الْجُنُب } الْجَار الْغَرِيب يَكُون مِنْ الْقَوْم . 7497 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك مِنْ قَوْم آخَرِينَ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه , الْبَعِيد فِي النَّسَب وَهُوَ جَار . 7498 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْمُجَانِب . 7499 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه وَجْه وَلَا قَرَابَة . 7500 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : مِنْ قَوْم آخَرِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْجَار الْمُشْرِك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7501 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الْجُنُب فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْغَرِيب الْبَعِيد , مُسْلِمًا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا , يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ; لِمَا بَيَّنَّا قَبْل أَنَّ الْجَار ذَا الْقُرْبَى : هُوَ الْجَار ذُو الْقَرَابَة وَالرَّحِم , وَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الْجَار ذُو الْجَنَابَة الْجَار الْبَعِيد , لِيَكُونَ ذَلِكَ وَصِيَّة بِجَمِيعِ أَصْنَاف الْجِيرَان , قَرِيبهمْ وَبَعِيدهمْ . وَبَعْد فَإِنَّ الْجُنُب فِي كَلَام الْعَرَب الْبَعِيد كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْس : أَتَيْت حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَة فَكَانَ حُرَيْث فِي عَطَائِيَ جَامِدَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " عَنْ جَنَابَة " : عَنْ بُعْد وَغُرْبَة , وَمِنْهُ قِيلَ : اِجْتَنَبَ فُلَان فُلَانًا : إِذَا بَعُدَ مِنْهُ . وَتَجَنَّبَهُ وَجَنَّبَهُ خَيْره : إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ : جُنُب , لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاة حَتَّى يَغْتَسِل . فَمَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْمُجَانِب لِلْقَرَابَةِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ رَفِيق الرَّجُل فِي سَفَره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7502 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7503 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر , يَقُول : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7504 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } صَاحِبك فِي السَّفَر . 7505 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } وَهُوَ الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7506 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر , مَنْزِله مَنْزِلك , وَطَعَامه طَعَامك , وَمَسِيره مَسِيرك . 7507 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7508 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , قَالَ : { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } رَفِيقك فِي السَّفَر الَّذِي يَأْتِيك وَيَده مَعَ يَدك . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَلَى اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } فَذَكَرَ مِثْله . 7509 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب فِي السَّفَر . 7510 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دُكَيْن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7511 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الرَّفِيق فِي السَّفَر . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِمْرَأَة الرَّجُل الَّتِي تَكُون مَعَهُ إِلَى جَنْبه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7512 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر أَوْ الْقَاسِم , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : هِيَ الْمَرْأَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ جَابِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , مِثْله . 7513 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } يَعْنِي الَّذِي مَعَك فِي مَنْزِلك. 7514 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ هِلَال , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة . 7515 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الْمَرْأَة. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ الثَّوْرِيّ , قَالَ أَبُو الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : هِيَ الْمَرْأَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن بَيْذَق , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْزَمك وَيَصْحَبك رَجَاء نَفْعك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7516 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الْمُلَازِم . وَقَالَ أَيْضًا : رَفِيقك الَّذِي يُرَافِقك . 7517 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الَّذِي يَلْصَق بِك وَهُوَ إِلَى جَنْبك , وَيَكُون مَعَك إِلَى جَنْبك رَجَاء خَيْرك وَنَفْعك . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّ مَعْنَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب إِلَى الْجَنْب , كَمَا يُقَال : فُلَان بِجَنْبِ فُلَان وَإِلَى جَنْبه , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : جَنَبَ فُلَان فُلَانًا فَهُوَ يَجْنُبهُ جَنْبًا , إِذَا كَانَ لِجَنْبِهِ , وَمِنْ ذَلِكَ : جَنَبَ الْخَيْلَ , إِذَا قَادَ بَعْضهَا إِلَى جَنْب بَعْض . وَقَدْ يَدْخُل فِي هَذَا الرَّفِيق فِي السَّفَر , وَالْمَرْأَة , وَالْمُنْقَطِع إِلَى الرَّجُل الَّذِي يُلَازِمهُ رَجَاء نَفْعه , لِأَنَّ كُلّهمْ بِجَنْبِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ وَقَرِيب مِنْهُ , وَقَدْ أَوْصَى اللَّه تَعَالَى بِجَمِيعِهِمْ لِوُجُوبِ حَقّ الصَّاحِب عَلَى الْمَصْحُوب . وَقَدْ : 7518 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ فُلَان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ الثِّقَة عِنْده : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعَهُ رَجُل مِنْ أَصْحَابه وَهُمَا عَلَى رَاحِلَتَيْنِ , فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ فِي غَيْضَة طَرْفَاء , فَقَطَعَ قَصِيلَيْنِ أَحَدهمَا مُعْوَجّ وَالْآخَر مُعْتَدِل , فَخَرَجَ بِهِمَا فَأَعْطَى صَاحِبه الْمُعْتَدِل وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ الْمُعْوَجّ , فَقَالَ الرَّجُل : يَا رَسُول اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَنْتَ أَحَقّ بِالْمُعْتَدِلِ مِنِّي ! فَقَالَ : " كَلَّا يَا فُلَان , إِنَّ كُلّ صَاحِب يَصْحَب صَاحِبًا مَسْئُول عَنْ صَحَابَته وَلَوْ سَاعَة مِنْ نَهَار ". 7519 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ حَيْوَة , قَالَ : ثني شُرَحْبِيل بْن شَرِيك , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ خَيْر الْأَصْحَاب عِنْد اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْرهمْ لِصَاحِبِهِ , وَخَيْر الْجِيرَان عِنْد اللَّه خَيْرهمْ لِجَارِهِ " . وَإِنْ كَانَ الصَّاحِب بِالْجَنْبِ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يَكُون دَاخِلًا فِيهِ كُلّ مَنْ جَنَبَ رَجُلًا يَصْحَبهُ فِي سَفَر أَوْ نِكَاح أَوْ اِنْقِطَاع إِلَيْهِ وَاتِّصَال بِهِ , وَلَمْ يَكُنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَصَّ بَعْضهمْ مِمَّا اِحْتَمَلَهُ ظَاهِر التَّنْزِيل ; فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال : جَمِيعهمْ مَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ , وَبِكُلِّهِمْ قَدْ أَوْصَى اللَّه بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْن السَّبِيل } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِبْن السَّبِيل : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي يَجْتَاز مَارًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7520 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَابْن السَّبِيل } هُوَ الَّذِي يَمُرّ عَلَيْك وَهُوَ مُسَافِر . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَقَتَادَة , مِثْله . 7521 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَارّ عَلَيْك وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْل غَنِيًّا . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الضَّيْف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7522 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف لَهُ حَقّ فِي السَّفَر وَالْحَضَر . 7523 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَابْن السَّبِيل } وَهُوَ الضَّيْف. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّ اِبْن السَّبِيل : هُوَ صَاحِب الطَّرِيق , وَالسَّبِيل : هُوَ الطَّرِيق , وَابْنه : صَاحِبه الضَّارِب فِيهِ , فَلَهُ الْحَقّ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ مُحْتَاجًا مُنْقَطِعًا بِهِ إِذَا كَانَ سَفَره فِي غَيْر مَعْصِيَة اللَّه أَنْ يُعِينهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى مَعُونَة , وَيُضَيِّفهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى ضِيَافَة , وَأَنْ يَحْمِلهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى حُمْلَان .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَلَّذِينَ مَلَكْتُمُوهُمْ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. فَأَضَافَ الْمِلْك إِلَى الْيَمِين , كَمَا يُقَال : تَكَلَّمَ فُوك , وَمَشَتْ رِجْلك , وَبَطَشَتْ يَدك , بِمَعْنَى : تَكَلَّمْت , وَمَشَيْت , وَبَطَشْت . غَيْر أَنَّ مَا وَصَفْت بِهِ كُلّ عُضْو مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا وَصَفْت بِهِ , لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُون فِي الْمُتَعَارَف فِي النَّاس دُون سَائِر جَوَارِح الْجَسَد , فَكَانَ مَعْلُومًا بِوَصْفِ ذَلِكَ الْعُضْو بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْ الْكَلَام , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } لِأَنَّ مَمَالِيك أَحَدنَا تَحْت يَده , إِنَّمَا يَطْعَم مَا تَنَاوَلَهُ أَيْمَاننَا وَيَكْتَسِي مَا تَكْسُوهُ وَتُصَرِّفهُ فِيمَا أَحَبَّ صَرْفه فِيهِ بِهَا. فَأُضِيفَ مِلْكهمْ إِلَى الْأَيْمَان لِذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7524 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِمَّا خَوَّلَك اللَّه كُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ . وَإِنَّمَا يَعْنِي مُجَاهِد بِقَوْلِهِ : وَكُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ " الْوَالِدَيْنِ وَذَا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجَار ذَا الْقُرْبَى , وَالْجَار الْجُنُب , وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ , وَابْن السَّبِيل , فَأَوْصَى رَبّنَا جَلَّ جَلَاله بِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ عِبَاده إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَأَمَرَ خَلْقه بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى وَصِيَّته فِيهِمْ , فَحَقَّ عَلَى عِبَاده حِفْظ وَصِيَّة اللَّه فِيهِمْ ثُمَّ حِفْظ وَصِيَّة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ ذَا خُيَلَاء , وَالْمُخْتَال الْمُفْتَعِل مِنْ قَوْلك : خَالَ الرَّجُل فَهُوَ يَخُول خَوْلًا وَخَالًا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : فَإِنْ كُنْت سَيِّدنَا سُدْتَنَا وَإِنْ كُنْت لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج : وَالْخَال ثَوْب مِنْ ثِيَاب الْجُهَّال وَأَمَّا الْفَخُور : فَهُوَ الْمُفْتَخِر عَلَى عِبَاد اللَّه بِمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ آلَائِهِ , وَبَسَطَ لَهُ مِنْ فَضْله , وَلَا يَحْمَد عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ طَوْله , وَلَكِنَّهُ بِهِ مُخْتَال مُسْتَكْبِر , وَعَلَى غَيْره بِهِ مُسْتَطِيل مُفْتَخِر . كَمَا : 7525 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } قَالَ : مُتَكَبِّرًا فَخُورًا , قَالَ : يَعُدَّ مَا أُعْطِيَ , وَهُوَ لَا يَشْكُر اللَّه . 7526 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن كَثِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَاقِد أَبِي رَجَاء الْهَرَوِيّ , قَالَ : لَا تَجِد سَيِّئ الْمَلَكَة إِلَّا وَجَدْته مُخْتَالًا فَخُورًا , وَتَلَا : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } وَلَا عَاقًّا إِلَّا وَجَدْته جَبَّارًا شَقِيًّا , وَتَلَا : { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } 19 32
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } يَقُول : وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , يَعْنِي بِرًّا بِهِمَا ; وَلِذَلِكَ نَصَبَ الْإِحْسَان , لِأَنَّهُ أَمْر مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِلُزُومِ الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاسْتَوْصُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا , وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَبِذِي الْقُرْبَى } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَمَرَ أَيْضًا بِذِي الْقُرْبَى , وَهُمْ ذَوُو قَرَابَة أَحَدنَا مِنْ قِبَل أَبِيهِ أَوْ أُمّه مِمَّنْ قَرُبَتْ مِنْهُ قَرَابَته بِرَحِمِهِ مِنْ أَحَد الطَّرَفَيْنِ إِحْسَانًا بِصِلَةِ رَحِمه .
وَأَمَّا قَوْله : { وَالْيَتَامَى } فَإِنَّهُمْ جَمْع يَتِيم , وَهُوَ الطِّفْل الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِده وَهَلَكَ .
{ وَالْمَسَاكِين } وَهُوَ جَمْع مِسْكِين , وَهُوَ الَّذِي قَدْ رَكِبَهُ ذُلّ الْفَاقَة وَالْحَاجَة , فَتَمَسْكَنَ لِذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اِسْتَوْصُوا بِهَؤُلَاءِ إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَتَعَطَّفُوا عَلَيْهِمْ , وَالْزَمُوا وَصِيَّتِي فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِمْ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ وَالْجَار ذِي الْقَرَابَة وَالرَّحِم مِنْك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7485 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } يَعْنِي : ذَا الرَّحِم . 7486 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك هُوَ ذُو قَرَابَتك . 7487 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَا : الْقَرَابَة . 7488 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : جَارك الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } جَارك ذُو الْقَرَابَة. 7489 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } إِذَا كَانَ لَهُ جَار لَهُ رَحِم , فَلَهُ حَقَّانِ اِثْنَانِ : حَقّ الْقَرَابَة , وَحَقّ الْجَار . 7490 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الْجَار ذُو الْقُرْبَى : ذُو قَرَابَتك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ جَار ذِي قَرَابَتك. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7491 - حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } قَالَ : الرَّجُل يَتَوَسَّل إِلَيْك بِجِوَارِ ذِي قَرَابَتك . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الْقَوْل قَوْل مُخَالِف الْمَعْرُوف مِنْ كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ ذُو الْقَرَابَة فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْجَار دُون غَيْره , فَجَعَلَهُ قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة جَار ذِي الْقَرَابَة , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام كَمَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان لَقِيلَ : وَجَار ذِي الْقُرْبَى , وَلَمْ يَقُلْ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى , فَكَانَ يَكُون حِينَئِذٍ - إِذَا أُضِيفَ الْجَار إِلَى ذِي الْقَرَابَة - الْوَصِيَّة بِبِرِّ جَار ذِي الْقَرَابَة دُون الْجَار ذِي الْقُرْبَى . وَأَمَّا وَالْجَار بِالْأَلِفِ وَاللَّام فَغَيْر جَائِز أَنْ يُكْوَى " ذِي الْقُرْبَى " إِلَّا مِنْ صِفَة الْجَار . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ الْوَصِيَّة مِنْ اللَّه فِي قَوْله : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } بِبِرِّ الْجَار ذِي الْقُرْبَى دُون جَار ذِي الْقَرَابَة , وَكَانَ بَيِّنًا خَطَأ مَا قَالَ مَيْمُون بْن مِهْرَان فِي ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى مِنْكُمْ بِالْإِسْلَامِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7492 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ ; ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ : { وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى } الْمُسْلِم . وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيل كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْر جَائِز صَرْفه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب مِنْ كَلَام الْعَرَب , الَّذِينَ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ الْقُرْآن الْمَعْرُوف فِيهِمْ دُون الْأَنْكَر الَّذِي لَا تَتَعَارَفهُ , إِلَّا أَنْ يَقُوم بِخِلَافِ ذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمُتَعَارَف مِنْ كَلَام الْعَرَب إِذَا قِيلَ فُلَان ذُو قَرَابَة , إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ : إِنَّهُ قَرِيب الرَّحِم مِنْهُ دُون الْقُرْب بِالدِّينِ , كَانَ صَرْفه إِلَى الْقَرَابَة بِالرَّحِمِ أَوْلَى مِنْ صَرْفه إِلَى الْقُرْب بِالدِّينِ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْجَار الْجُنُب } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْبَعِيد الَّذِي لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7493 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه قَرَابَة . 7494 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالْجَار الْجُنُب } يَعْنِي : الْجَار مِنْ قَوْم جُنُب. 7495 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنهمَا قَرَابَة وَهُوَ جَار , فَلَهُ حَقّ الْجِوَار . 7496 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْجَار الْجُنُب } الْجَار الْغَرِيب يَكُون مِنْ الْقَوْم . 7497 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك مِنْ قَوْم آخَرِينَ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْجَار الْجُنُب } جَارك لَا قَرَابَة بَيْنك وَبَيْنه , الْبَعِيد فِي النَّسَب وَهُوَ جَار . 7498 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْمُجَانِب . 7499 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالْجَار الْجُنُب } الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَيْنه وَجْه وَلَا قَرَابَة . 7500 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : مِنْ قَوْم آخَرِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْجَار الْمُشْرِك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7501 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ نَوْف الشَّامِيّ { وَالْجَار الْجُنُب } قَالَ : الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الْجُنُب فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْغَرِيب الْبَعِيد , مُسْلِمًا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا , يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ; لِمَا بَيَّنَّا قَبْل أَنَّ الْجَار ذَا الْقُرْبَى : هُوَ الْجَار ذُو الْقَرَابَة وَالرَّحِم , وَالْوَاجِب أَنْ يَكُون الْجَار ذُو الْجَنَابَة الْجَار الْبَعِيد , لِيَكُونَ ذَلِكَ وَصِيَّة بِجَمِيعِ أَصْنَاف الْجِيرَان , قَرِيبهمْ وَبَعِيدهمْ . وَبَعْد فَإِنَّ الْجُنُب فِي كَلَام الْعَرَب الْبَعِيد كَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْس : أَتَيْت حُرَيْثًا زَائِرًا عَنْ جَنَابَة فَكَانَ حُرَيْث فِي عَطَائِيَ جَامِدَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " عَنْ جَنَابَة " : عَنْ بُعْد وَغُرْبَة , وَمِنْهُ قِيلَ : اِجْتَنَبَ فُلَان فُلَانًا : إِذَا بَعُدَ مِنْهُ . وَتَجَنَّبَهُ وَجَنَّبَهُ خَيْره : إِذَا مَنَعَهُ إِيَّاهُ ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجُنُبِ : جُنُب , لِاعْتِزَالِهِ الصَّلَاة حَتَّى يَغْتَسِل . فَمَعْنَى ذَلِكَ : وَالْجَار الْمُجَانِب لِلْقَرَابَةِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ رَفِيق الرَّجُل فِي سَفَره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7502 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7503 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر , يَقُول : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7504 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } صَاحِبك فِي السَّفَر . 7505 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } وَهُوَ الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7506 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق فِي السَّفَر , مَنْزِله مَنْزِلك , وَطَعَامه طَعَامك , وَمَسِيره مَسِيرك . 7507 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : الرَّفِيق فِي السَّفَر . 7508 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , قَالَ : { الصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } رَفِيقك فِي السَّفَر الَّذِي يَأْتِيك وَيَده مَعَ يَدك . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَلَى اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } فَذَكَرَ مِثْله . 7509 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب فِي السَّفَر . 7510 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دُكَيْن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الرَّفِيق الصَّالِح. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي بُكَيْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 7511 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الرَّفِيق فِي السَّفَر . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ اِمْرَأَة الرَّجُل الَّتِي تَكُون مَعَهُ إِلَى جَنْبه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7512 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر أَوْ الْقَاسِم , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَا : هِيَ الْمَرْأَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ جَابِر , عَنْ عَلِيّ وَعَبْد اللَّه , مِثْله . 7513 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } يَعْنِي الَّذِي مَعَك فِي مَنْزِلك. 7514 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ هِلَال , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : هِيَ الْمَرْأَة . 7515 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } قَالَ : الْمَرْأَة. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ الثَّوْرِيّ , قَالَ أَبُو الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم : هِيَ الْمَرْأَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن بَيْذَق , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سُوقَة , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله. وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْزَمك وَيَصْحَبك رَجَاء نَفْعك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7516 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الْمُلَازِم . وَقَالَ أَيْضًا : رَفِيقك الَّذِي يُرَافِقك . 7517 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الَّذِي يَلْصَق بِك وَهُوَ إِلَى جَنْبك , وَيَكُون مَعَك إِلَى جَنْبك رَجَاء خَيْرك وَنَفْعك . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّ مَعْنَى : { وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ } الصَّاحِب إِلَى الْجَنْب , كَمَا يُقَال : فُلَان بِجَنْبِ فُلَان وَإِلَى جَنْبه , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : جَنَبَ فُلَان فُلَانًا فَهُوَ يَجْنُبهُ جَنْبًا , إِذَا كَانَ لِجَنْبِهِ , وَمِنْ ذَلِكَ : جَنَبَ الْخَيْلَ , إِذَا قَادَ بَعْضهَا إِلَى جَنْب بَعْض . وَقَدْ يَدْخُل فِي هَذَا الرَّفِيق فِي السَّفَر , وَالْمَرْأَة , وَالْمُنْقَطِع إِلَى الرَّجُل الَّذِي يُلَازِمهُ رَجَاء نَفْعه , لِأَنَّ كُلّهمْ بِجَنْبِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ وَقَرِيب مِنْهُ , وَقَدْ أَوْصَى اللَّه تَعَالَى بِجَمِيعِهِمْ لِوُجُوبِ حَقّ الصَّاحِب عَلَى الْمَصْحُوب . وَقَدْ : 7518 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ فُلَان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ الثِّقَة عِنْده : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعَهُ رَجُل مِنْ أَصْحَابه وَهُمَا عَلَى رَاحِلَتَيْنِ , فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ فِي غَيْضَة طَرْفَاء , فَقَطَعَ قَصِيلَيْنِ أَحَدهمَا مُعْوَجّ وَالْآخَر مُعْتَدِل , فَخَرَجَ بِهِمَا فَأَعْطَى صَاحِبه الْمُعْتَدِل وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ الْمُعْوَجّ , فَقَالَ الرَّجُل : يَا رَسُول اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَنْتَ أَحَقّ بِالْمُعْتَدِلِ مِنِّي ! فَقَالَ : " كَلَّا يَا فُلَان , إِنَّ كُلّ صَاحِب يَصْحَب صَاحِبًا مَسْئُول عَنْ صَحَابَته وَلَوْ سَاعَة مِنْ نَهَار ". 7519 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ حَيْوَة , قَالَ : ثني شُرَحْبِيل بْن شَرِيك , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْحُبُلِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ خَيْر الْأَصْحَاب عِنْد اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْرهمْ لِصَاحِبِهِ , وَخَيْر الْجِيرَان عِنْد اللَّه خَيْرهمْ لِجَارِهِ " . وَإِنْ كَانَ الصَّاحِب بِالْجَنْبِ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنْ يَكُون دَاخِلًا فِيهِ كُلّ مَنْ جَنَبَ رَجُلًا يَصْحَبهُ فِي سَفَر أَوْ نِكَاح أَوْ اِنْقِطَاع إِلَيْهِ وَاتِّصَال بِهِ , وَلَمْ يَكُنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَصَّ بَعْضهمْ مِمَّا اِحْتَمَلَهُ ظَاهِر التَّنْزِيل ; فَالصَّوَاب أَنْ يُقَال : جَمِيعهمْ مَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ , وَبِكُلِّهِمْ قَدْ أَوْصَى اللَّه بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْن السَّبِيل } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِبْن السَّبِيل : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي يَجْتَاز مَارًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7520 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَابْن السَّبِيل } هُوَ الَّذِي يَمُرّ عَلَيْك وَهُوَ مُسَافِر . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَقَتَادَة , مِثْله . 7521 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَارّ عَلَيْك وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْل غَنِيًّا . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الضَّيْف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7522 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف لَهُ حَقّ فِي السَّفَر وَالْحَضَر . 7523 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَابْن السَّبِيل } وَهُوَ الضَّيْف. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَابْن السَّبِيل } قَالَ : الضَّيْف . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّ اِبْن السَّبِيل : هُوَ صَاحِب الطَّرِيق , وَالسَّبِيل : هُوَ الطَّرِيق , وَابْنه : صَاحِبه الضَّارِب فِيهِ , فَلَهُ الْحَقّ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ مُحْتَاجًا مُنْقَطِعًا بِهِ إِذَا كَانَ سَفَره فِي غَيْر مَعْصِيَة اللَّه أَنْ يُعِينهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى مَعُونَة , وَيُضَيِّفهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى ضِيَافَة , وَأَنْ يَحْمِلهُ إِنْ اِحْتَاجَ إِلَى حُمْلَان .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَلَّذِينَ مَلَكْتُمُوهُمْ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. فَأَضَافَ الْمِلْك إِلَى الْيَمِين , كَمَا يُقَال : تَكَلَّمَ فُوك , وَمَشَتْ رِجْلك , وَبَطَشَتْ يَدك , بِمَعْنَى : تَكَلَّمْت , وَمَشَيْت , وَبَطَشْت . غَيْر أَنَّ مَا وَصَفْت بِهِ كُلّ عُضْو مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا وَصَفْت بِهِ , لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُون فِي الْمُتَعَارَف فِي النَّاس دُون سَائِر جَوَارِح الْجَسَد , فَكَانَ مَعْلُومًا بِوَصْفِ ذَلِكَ الْعُضْو بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْ الْكَلَام , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } لِأَنَّ مَمَالِيك أَحَدنَا تَحْت يَده , إِنَّمَا يَطْعَم مَا تَنَاوَلَهُ أَيْمَاننَا وَيَكْتَسِي مَا تَكْسُوهُ وَتُصَرِّفهُ فِيمَا أَحَبَّ صَرْفه فِيهِ بِهَا. فَأُضِيفَ مِلْكهمْ إِلَى الْأَيْمَان لِذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7524 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِمَّا خَوَّلَك اللَّه كُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ . وَإِنَّمَا يَعْنِي مُجَاهِد بِقَوْلِهِ : وَكُلّ هَذَا أَوْصَى اللَّه بِهِ " الْوَالِدَيْنِ وَذَا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجَار ذَا الْقُرْبَى , وَالْجَار الْجُنُب , وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ , وَابْن السَّبِيل , فَأَوْصَى رَبّنَا جَلَّ جَلَاله بِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ عِبَاده إِحْسَانًا إِلَيْهِمْ , وَأَمَرَ خَلْقه بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى وَصِيَّته فِيهِمْ , فَحَقَّ عَلَى عِبَاده حِفْظ وَصِيَّة اللَّه فِيهِمْ ثُمَّ حِفْظ وَصِيَّة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ ذَا خُيَلَاء , وَالْمُخْتَال الْمُفْتَعِل مِنْ قَوْلك : خَالَ الرَّجُل فَهُوَ يَخُول خَوْلًا وَخَالًا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : فَإِنْ كُنْت سَيِّدنَا سُدْتَنَا وَإِنْ كُنْت لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج : وَالْخَال ثَوْب مِنْ ثِيَاب الْجُهَّال وَأَمَّا الْفَخُور : فَهُوَ الْمُفْتَخِر عَلَى عِبَاد اللَّه بِمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ آلَائِهِ , وَبَسَطَ لَهُ مِنْ فَضْله , وَلَا يَحْمَد عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ طَوْله , وَلَكِنَّهُ بِهِ مُخْتَال مُسْتَكْبِر , وَعَلَى غَيْره بِهِ مُسْتَطِيل مُفْتَخِر . كَمَا : 7525 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } قَالَ : مُتَكَبِّرًا فَخُورًا , قَالَ : يَعُدَّ مَا أُعْطِيَ , وَهُوَ لَا يَشْكُر اللَّه . 7526 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن كَثِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَاقِد أَبِي رَجَاء الْهَرَوِيّ , قَالَ : لَا تَجِد سَيِّئ الْمَلَكَة إِلَّا وَجَدْته مُخْتَالًا فَخُورًا , وَتَلَا : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } وَلَا عَاقًّا إِلَّا وَجَدْته جَبَّارًا شَقِيًّا , وَتَلَا : { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } 19 32
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُخْتَال الْفَخُور , الَّذِي يَبْخَل وَيَأْمُر النَّاس بِالْبُخْلِ . فـ " ـالَّذِينَ " يَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِي مَوْضِع رَفْع رَدًّا عَلَى مَا فِي قَوْله { فَخُورًا } مِنْ ذَمّ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون نَصْبًا عَلَى النَّعْت لِـ " ـمَنْ ". وَالْبُخْل فِي كَلَام الْعَرَب مَنْع الرَّجُل سَائِله مَا لَدَيْهِ وَعِنْده مِنْ فَضْل عَنْهُ . كَمَا : 7527 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : الْبُخْل : أَنْ يَبْخَل الْإِنْسَان بِمَا فِي يَدَيْهِ , وَالشُّحّ : أَنْ يَشُحّ عَلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاس . قَالَ : يُحِبّ أَنْ يَكُون لَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاس بِالْحِلِّ وَالْحَرَام لَا يَقْنَع . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : " بِالْبَخَلِ " بِفَتْحِ الْبَاء وَالْخَاء . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ بِضَمِّ الْبَاء : { بِالْبُخْلِ } وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , وَقِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ غَيْر مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَهُوَ مُصِيب فِي قِرَاءَته . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } الَّذِينَ كَتَمُوا اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَته مِنْ الْيَهُود , وَلَمْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ , وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَضْرَمِيّ : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : هُمْ الْيَهُود بَخِلُوا بِمَا عِنْدهمْ مِنْ الْعِلْم وَكَتَمُوا ذَلِكَ. 7529 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } ... إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } مَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي يَهُود . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7530 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } وَهُمْ أَعْدَاء اللَّه أَهْل الْكِتَاب , بَخِلُوا بِحَقِّ اللَّه عَلَيْهِمْ , وَكَتَمُوا الْإِسْلَام وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . 7531 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , أَمَّا : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } فَهُمْ الْيَهُود , { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَوْ { يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } يَبْخَلُونَ بِاسْمِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَأْمُر بَعْضهمْ بَعْضًا بِكِتْمَانِهِ. * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الرَّازِيّ , قَالَ : ثني أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ عَارِم , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : هَذَا لِلْعِلْمِ , لَيْسَ لِلدُّنْيَا مِنْهُ شَيْء. 7532 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ } قَالَ : هَؤُلَاءِ يَهُود , وَقَرَأَ : { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ الرِّزْق , وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ الْكُتُب , إِذَا سَئِلُوا عَنْ الشَّيْء وَمَا أَنْزَلَ اللَّه كَتَمُوهُ. وَقَرَأَ : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } 4 53 مِنْ بُخْلهمْ . 7533 حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ كَرْدَم بْن زَيْد حَلِيف كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَأُسَامَة بْن حَبِيب , وَنَافِع بْن أَبِي نَافِع , وَبَحْرِيّ بْن عَمْرو , وَحُيَيّ بْن أَخْطَب , وَرِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت , يَأْتُونَ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَار , وَكَانُوا يُخَالِطُونَهُمْ , يَتَنَصَّحُونَ لَهُمْ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيَقُولُونَ لَهُمْ : لَا تُنْفِقُوا أَمْوَالكُمْ فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكُمْ الْفَقْر فِي ذَهَابهَا , وَلَا تُسَارِعُوا فِي النَّفَقَة فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَكُون ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } أَيْ مِنْ النُّبُوَّة الَّتِي فِيهَا تَصْدِيق مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } . .. إِلَى قَوْله : { وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } . فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى التَّأْوِيل الْأَوَّل : وَاَللَّه لَا يُحِبّ ذَوِي الْخُيَلَاء وَالْفَخْر الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِتَبْيِينِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ مِنْ اِسْم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْته وَصِفَته الَّتِي أَنْزَلَهَا فِي كُتُبه عَلَى أَنْبِيَائِهِ , وَهُمْ بِهِ عَالِمُونَ , وَيَأْمُرُونَ النَّاس الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ , مِثْل عِلْمهمْ بِكِتْمَانِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِتَبْيِينِهِ لَهُ , وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ عِلْم ذَلِكَ وَمَعْرِفَته مَنْ حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ كِتْمَانه إِيَّاهُ. وَأَمَّا عَلَى تَأْوِيل اِبْن عَبَّاس وَابْن زَيْد : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا , الَّذِينَ يَبْخَلُونَ عَلَى النَّاس بِفَضْلِ مَا رَزَقَهُمْ اللَّه مِنْ أَمْوَالهمْ . ثُمَّ سَائِر تَأْوِيلهمَا وَتَأْوِيل غَيْرهمَا سَوَاء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة بِالْبُخْلِ , بِتَعْرِيفِ مَنْ جَهِلَ أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَقّ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا لِلَّهِ نَبِيّ مَبْعُوث , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْحَقّ الَّذِي كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ بَيَّنَهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ مِنْ كُتُبه , فَبَخِلَ بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ هَؤُلَاءِ , وَأَمَرُوا مَنْ كَانَتْ حَاله حَالهمْ فِي مَعْرِفَتهمْ بِهِ أَنْ يَكْتُمُوهُ مِنْ جَهْل ذَلِكَ , وَلَا يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ , وَلَمْ يَبْلُغنَا عَنْ أُمَّة مِنْ الْأُمَم أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُر النَّاس بِالْبُخْلِ دِيَانَة وَلَا تَخَلُّقًا , بَلْ تَرَى ذَلِكَ قَبِيحًا وَيُذَمّ فَاعِله وَلَا يُمْتَدَح , وَإِنْ هِيَ تَخَلَّقَتْ بِالْبُخْلِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ فِي أَنْفُسهَا فَالسَّخَاء وَالْجُود تَعُدّهُ مِنْ مَكَارِم الْأَفْعَال وَتَحُثّ عَلَيْهِ . وَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ بُخْلهمْ الَّذِي وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ إِنَّمَا كَانَ بُخْلًا بِالْعِلْمِ الَّذِي كَانَ اللَّه آتَاهُمُوهُ , فَبَخِلُوا بِتَبْيِينِهِ لِلنَّاسِ , وَكَتَمُوهُ دُون الْبُخْل بِالْأَمْوَالِ . إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِأَمْوَالِهِمْ الَّتِي يُنْفِقُونَهَا فِي حُقُوق اللَّه وَسُبُله وَيَأْمُرُونَ النَّاس مِنْ أَهْل الْإِسْلَام بِتَرْكِ النَّفَقَة فِي ذَلِكَ , فَيَكُون بُخْلهمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَمْرهمْ النَّاس بِالْبُخْلِ. فَهَذَا الْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرِّوَايَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَيَكُون لِذَلِكَ وَجْه مَفْهُوم فِي وَصْفهمْ بِالْبُخْلِ وَأَمْرهمْ بِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَأَعْتَدْنَا } وَجَعَلْنَا لِلْجَاحِدِينَ نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَعْرِفَة بِنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الْمُكَذِّبِينَ بِهِ بَعْد عِلْمهمْ بِهِ , الْكَاتِمِينَ نَعْته وَصِفَته مِنْ أَمْرهمْ اللَّه بِبَيَانِهِ لَهُ مِنْ النَّاس , { عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي : الْعِقَاب الْمُذِلّ مَنْ عُذِّبَ بِخُلُودِهِ فِيهِ عَتَادًا لَهُ فِي آخِرَته , إِذَا قَدِمَ عَلَى رَبّه وَجَدَهُ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ جُحُوده فَرْض اللَّه الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَأَعْتَدْنَا } وَجَعَلْنَا لِلْجَاحِدِينَ نِعْمَة اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَعْرِفَة بِنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الْمُكَذِّبِينَ بِهِ بَعْد عِلْمهمْ بِهِ , الْكَاتِمِينَ نَعْته وَصِفَته مِنْ أَمْرهمْ اللَّه بِبَيَانِهِ لَهُ مِنْ النَّاس , { عَذَابًا مُهِينًا } يَعْنِي : الْعِقَاب الْمُذِلّ مَنْ عُذِّبَ بِخُلُودِهِ فِيهِ عَتَادًا لَهُ فِي آخِرَته , إِذَا قَدِمَ عَلَى رَبّه وَجَدَهُ بِمَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ جُحُوده فَرْض اللَّه الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِ .
وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ عَذَابًا مُهِينًا . { وَاَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس } " وَاَلَّذِينَ " فِي مَوْضِع خَفْض عَطْفًا عَلَى " الْكَافِرِينَ ". وَقَوْله : { رِئَاء النَّاس } يَعْنِي : يُنْفِقهُ مُرَاءَاة النَّاس فِي غَيْر طَاعَة اللَّه أَوْ غَيْر سَبِيله , وَلَكِنْ فِي سَبِيل الشَّيْطَان . { وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر } يَقُول : وَلَا يُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَلَا بِالْمِيعَادِ إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة , الَّذِي فِيهِ جَزَاء الْأَعْمَال أَنَّهُ كَائِن . وَقَدْ قَالَ مُجَاهِد : إِنَّ هَذَا مِنْ صِفَة الْيَهُود , وَهُوَ صِفَة أَهْل النِّفَاق الَّذِينَ كَانُوا أَهْل شِرْك فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَام تَقِيَّة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَهُمْ عَلَى كُفْرهمْ مُقِيمُونَ أَشْبَهَ مِنْهُمْ بِصِفَةِ الْيَهُود ; لِأَنَّ الْيَهُود كَانَتْ تُوَحِّد اللَّه وَتُصَدِّق بِالْبَعْثِ وَالْمَعَاد , وَإِنَّمَا كَانَ كُفْرهَا تَكْذِيبهَا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبَعْد فَفِي فَصْل اللَّه بَيْن صِفَة الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر , وَصِفَة الْفَرِيق الْآخَر الَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي الْآيَة قَبْلهَا , وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا , بِالْوَاوِ الْفَاصِلَة بَيْنهمْ مَا يُنْبِئ عَنْ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنْ النَّاس مُخْتَلِفَيْ الْمَعَانِي , وَإِنْ كَانَ جَمِيعهمْ أَهْل كُفْر بِاَللَّهِ. وَلَوْ كَانَتْ الصِّفَتَانِ كِلْتَاهُمَا صِفَة نَوْع مِنْ النَّاس لَقِيلَ إِنْ شَاءَ اللَّه : وَأَعْتَدْنَا لَلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا , الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس. وَلَكِنْ فَصَلَ بَيْنهمْ بِالْوَاوِ لِمَا وَصَفْنَا. فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ دُخُول الْوَاو غَيْر مُسْتَنْكَر فِي عَطْف صِفَة عَلَى صِفَة لِمَوْصُوفٍ وَاحِد فِي كَلَام الْعَرَب ؟ قِيلَ : ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الْأَفْصَح فِي كَلَام الْعَرَب إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ تَرْك إِدْخَال الْوَاو , وَإِذَا أُرِيدَ بِالثَّانِي وَصْف آخَر غَيْر الْأَوَّل أُدْخِلَ الْوَاو . وَتَوْجِيه كَلَام اللَّه إِلَى الْأَفْصَح الْأَشْهَر مِنْ كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ كِتَابه أَوْلَى بِنَا مِنْ تَوْجِيهه إِلَى الْأَنْكَر مِنْ كَلَامهمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ خَلِيلًا وَصَاحِبًا يَعْمَل بِطَاعَتِهِ وَيَتَّبِع أَمْره وَيَتْرُك أَمْر اللَّه فِي إِنْفَاقه مَاله رِئَاء النَّاس فِي غَيْر طَاعَته , وَجُحُوده وَحْدَانِيَّة اللَّه وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات ; { فَسَاءَ قَرِينًا } يَقُول : فَسَاءَ الشَّيْطَان قَرِينًا . وَإِنَّمَا نُصِبَ الْقَرِين , لِأَنَّ فِي " سَاءَ " ذِكْرًا مِنْ الشَّيْطَان , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } 18 50 وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِي سَاءَ وَنَظَائِرهَا , وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن زَيْد : عَنْ الْمَرْء لَا تَسْأَل وَسَلْ عَنْ قَرِينه فَكُلّ قَرِين بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي يُرِيد بِالْقَرِينِ : الصَّاحِب وَالصَّدِيق .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ خَلِيلًا وَصَاحِبًا يَعْمَل بِطَاعَتِهِ وَيَتَّبِع أَمْره وَيَتْرُك أَمْر اللَّه فِي إِنْفَاقه مَاله رِئَاء النَّاس فِي غَيْر طَاعَته , وَجُحُوده وَحْدَانِيَّة اللَّه وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات ; { فَسَاءَ قَرِينًا } يَقُول : فَسَاءَ الشَّيْطَان قَرِينًا . وَإِنَّمَا نُصِبَ الْقَرِين , لِأَنَّ فِي " سَاءَ " ذِكْرًا مِنْ الشَّيْطَان , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } 18 50 وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب فِي سَاءَ وَنَظَائِرهَا , وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن زَيْد : عَنْ الْمَرْء لَا تَسْأَل وَسَلْ عَنْ قَرِينه فَكُلّ قَرِين بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي يُرِيد بِالْقَرِينِ : الصَّاحِب وَالصَّدِيق .
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَيّ شَيْء عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس , وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر , لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , لَوْ صَدَّقُوا بِأَنَّ اللَّه وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ , وَأَخْلَصُوا لَهُ التَّوْحِيد , وَأَيْقَنُوا بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , وَصَدَقُوا بِأَنَّ اللَّه مُجَازِيهمْ بِأَعْمَالِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة { وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه } يَقُول وَأَدَّوْا زَكَاة أَمْوَالهمْ الَّتِي رَزَقَهُمْ اللَّه , وَأَعْطَاهُمُوهَا طَيِّبَة بِهَا أَنْفُسهمْ , وَلَمْ يُنْفِقُوهَا رِئَاء النَّاس اِلْتِمَاس الذِّكْر وَالْفَخْر عِنْد أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَالْمَحْمَدَة بِالْبَاطِلِ عِنْد النَّاس ,
وَكَانَ اللَّه بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس نِفَاقًا , وَهُمْ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر مُكَذِّبُونَ , عَلِيمًا , يَقُول : ذَا عِلْم بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ وَمَا يَقْصِدُونَ وَيُرِيدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ , وَمَا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالهمْ , وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّيَاء وَالسُّمْعَة وَالْمَحْمَدَة فِي النَّاس , وَهُوَ حَافِظ عَلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا حَتَّى يُجَازِيَهُمْ بِهَا جَزَاءَهُمْ عَنَّا مَعَادهمْ إِلَيْهِ .
وَكَانَ اللَّه بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ أَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس نِفَاقًا , وَهُمْ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر مُكَذِّبُونَ , عَلِيمًا , يَقُول : ذَا عِلْم بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ وَمَا يَقْصِدُونَ وَيُرِيدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ , وَمَا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالهمْ , وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الرِّيَاء وَالسُّمْعَة وَالْمَحْمَدَة فِي النَّاس , وَهُوَ حَافِظ عَلَيْهِمْ أَعْمَالهمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا حَتَّى يُجَازِيَهُمْ بِهَا جَزَاءَهُمْ عَنَّا مَعَادهمْ إِلَيْهِ .
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه , فَإِنَّ اللَّه لَا يَبْخَس أَحَدًا مِنْ خَلْقه أَنْفَقَ فِي سَبِيله مِمَّا رَزَقَهُ مِنْ ثَوَاب نَفَقَته فِي الدُّنْيَا وَلَا مِنْ أَجْرهَا يَوْم الْقِيَامَة { مِثْقَال ذَرَّة } أَيْ مَا يَزِنهَا وَيَكُون عَلَى قَدْر ثِقَلهَا فِي الْوَزْن , وَلَكِنَّهُ يُجَازِيه بِهِ , وَيُثِيبهُ عَلَيْهِ . كَمَا : 7534 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ تَلَا : { إِنَّ اللَّه
يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم عِبَاده مِثْقَال ذَرَّة , فَكَيْفَ بِهِمْ { إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ } يَعْنِي : بِمَنْ يَشْهَد عَلَيْهَا بِأَعْمَالِهَا , وَتَصْدِيقهَا رُسُلهَا , أَوْ تَكْذِيبهَا , { وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } يَقُول : وَجِئْنَا بِك يَا مُحَمَّد عَلَى هَؤُلَاءِ : أَيْ عَلَى أُمَّتك شَهِيدًا , يَقُول : شَاهِدًا . كَمَا : 7546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : إِنَّ النَّبِيِّينَ يَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة , مِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمه الْوَاحِد وَالِاثْنَانِ وَالْعَشَرَة وَأَقَلّ وَأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ , حَتَّى يُؤْتَى بِقَوْمِ لُوط صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمِن مَعَهُ إِلَّا اِبْنَتَاهُ , فَيُقَال لَهُمْ : هَلْ بَلَّغْتُمْ مَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , فَيُقَال : مَنْ يَشْهَد ؟ فَيَقُولُونَ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَال لَهُمْ : أَتَشْهَدُونَ أَنَّ الرُّسُل أَوْدَعُوا عِنْدكُمْ شَهَادَة , فَبِمَ تَشْهَدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : رَبّنَا نَشْهَد أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا كَمَا شَهِدُوا فِي الدُّنْيَا بِالتَّبْلِيغِ ! فَيُقَال : مَنْ يَشْهَد عَلَى ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَيُدْعَى مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام , فَيَشْهَد أَنَّ أُمَّته قَدْ صَدَقُوا , وَأَنَّ الرُّسُل قَدْ بَلَّغُوا . فَذَلِكَ قَوْله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } 2 143 7547 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَوْله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ } قَالَ : رَسُولهَا , فَيَشْهَد عَلَيْهَا أَنْ قَدْ أَبْلَغَهُمْ مَا أَرْسَلَهُ اللَّه بِهِ إِلَيْهِمْ ; { وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى عَلَيْهَا فَاضَتْ عَيْنَاهُ . 7548 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَشَاهِد وَمَشْهُود } 85 3 قَالَ : الشَّاهِد مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْجُمُعَة . فَذَلِكَ قَوْله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } 7549 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ جَعْفَر بْن عَمْرو بْن حُرَيْث , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْت فِيهِمْ , فَلَمَّا تَوَفَّيْتنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيب عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " . 7550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْوَزِير , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ الْقَاسِم : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ مَسْعُود : " اِقْرَأْ عَلَيَّ ! " قَالَ : أَقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ ؟ قَالَ : " إِنِّي أُحِبّ أَنْ أَسْمَعهُ مِنْ غَيْرِي " . قَالَ : فَقَرَأَ اِبْن مَسْعُود النِّسَاء , حَتَّى بَلَغَ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ : قَالَ اِسْتَعْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَفَّ اِبْن مَسْعُود . قَالَ الْمَسْعُودِيّ : فَحَدَّثَنِي جَعْفَر بْن عَمْرو بْن حُرَيْث , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْت فِيهِمْ , فَإِذَا تَوَفَّيْتنِي كُنْت أَنْتَ الرَّقِيب عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " .
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَوْم نَجِيء مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ , وَنَجِيء بِك عَلَى أُمَّتك يَا مُحَمَّد شَهِيدًا , { يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول : يَتَمَنَّى الَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَعَصَوْا رَسُوله , لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَمَكَّة وَالْمَدِينَة : " لَوْ تَسَّوَّى بِهِمْ الْأَرْض " بِتَشْدِيدِ السِّين وَالْوَاو وَفَتْح التَّاء , بِمَعْنَى : لَوْ تَتَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض , ثُمَّ أُدْغِمَتْ التَّاء الثَّانِيَة فِي السِّين , يُرَاد بِهِ : أَنَّهُمْ يَوَدُّونَ لَوْ صَارُوا تُرَابًا , فَكَانُوا سَوَاء هُمْ وَالْأَرْض . وَقَرَأَ آخَرُونَ ذَلِكَ : " لَوْ تَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض " بِفَتْحِ التَّاء وَتَخْفِيف السِّين , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة بِالْمَعْنَى الْأَوَّل , غَيْر أَنَّهُمْ تَرَكُوا تَشْدِيد السِّين , وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْعَرَب لَا تَكَاد تَجْمَع بَيْن تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْف وَاحِد . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : { لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض } بِمَعْنَى : لَوْ سَوَّاهُمْ اللَّه وَالْأَرْض , فَصَارُوا تُرَابًا مِثْلهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهُمْ , كَمَا يَفْعَل ذَلِكَ بِمَنْ ذُكِرَ أَنَّهُ يَفْعَلهُ بِهِ مِنْ الْبَهَائِم . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات الْمَعْنَى , وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِأَنَّ مَنْ تَمَنَّى مِنْهُمْ أَنْ يَكُون يَوْمئِذٍ تُرَابًا إِنَّمَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُون كَذَلِكَ بِتَكْوِينِ اللَّه إِيَّاهُ كَذَلِكَ , وَكَذَلِكَ مَنْ تَمَنَّى أَنْ يَكُون اللَّه جَعَلَهُ كَذَلِكَ فَقَدْ تَمَنَّى أَنْ يَكُون تُرَابًا . عَلَى أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَأَعْجَب الْقِرَاءَة إِلَيَّ فِي ذَلِكَ : " لَوْ تَسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض " بِفَتْحِ التَّاء وَتَخْفِيف السِّين , كَرَاهِيَة الْجَمْع بَيْن تَشْدِيدَيْنِ فِي حَرْف وَاحِد , وَلِلتَّوْفِيقِ فِي الْمَعْنَى بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن قَوْله : { وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } 78 40 فَأَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ كَانُوا تُرَابًا , وَلَمْ يُخْبِر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا , فَكَذَلِكَ قَوْله : " لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض " فَيُسَوَّوْا هُمْ , وَهِيَ أَعْجَب إِلَيَّ لِيُوَافِق ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ : { يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا } 78 40 وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل تَأَوَّلُوهُ , بِمَعْنَى : وَلَا تَكْتُم اللَّه جَوَارِحهمْ حَدِيثًا وَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ أَفْوَاههمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7551 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَمْرو عَنْ مُطَرِّف , عَنْ . الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أَتَى رَجُل اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : سَمِعْت اللَّه يَقُول : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } 6 23 فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا أَهْل الْإِسْلَام قَالُوا : تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ , فَقَالُوا : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ! فَخَتَمَ اللَّه عَلَى أَفْوَاههمْ , وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ , فَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا. 7552 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : أَشْيَاء تَخْتَلِف عَلَيَّ فِي الْقُرْآن ؟ فَقَالَ : مَا هُوَ ؟ أَشَكّ فِي الْقُرْآن ؟ قَالَ : لَيْسَ بِالشَّكِّ , وَلَكِنَّهُ اِخْتِلَاف . قَالَ : فَهَاتِ مَا اِخْتَلَفَ عَلَيْك ! قَالَ : أَسْمَع اللَّه يَقُول : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتهمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وَقَالَ : { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } وَقَدْ كَتَمُوا ! فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتهمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا يَوْم الْقِيَامَة أَنَّ اللَّه يَغْفِر لِأَهْلِ الْإِسْلَام وَيَغْفِر الذُّنُوب وَلَا يَغْفِر شِرْكًا وَلَا يَتَعَاظَمهُ ذَنْب أَنْ يَغْفِرهُ جَحَدَ الْمُشْرِكُونَ , فَقَالُوا : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ , رَجَاء أَنْ يَغْفِر لَهُمْ , فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاههمْ وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , فَعِنْد ذَلِكَ { يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الزُّبَيْر , عَنْ الضَّحَّاك : أَنَّ نَافِع بْن الْأَزْرَق أَتَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : يَا اِبْن عَبَّاس , قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } وَقَوْله : { وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ؟ فَقَالَ لَهُ اِبْن عَبَّاس : إِنِّي أَحْسَبك قُمْت مِنْ عِنْد أَصْحَابك فَقُلْت : أَلْقَى عَلَيَّ اِبْن عَبَّاس مُتَشَابِه الْقُرْآن , فَإِذَا رَجَعْت إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّه جَامِع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي بَقِيع وَاحِد , فَيَقُول الْمُشْرِكُونَ إِنَّ اللَّه لَا يَقْبَل مِنْ أَحَد شَيْئًا إِلَّا مِمَّنْ وَحَّدَهُ , فَيَقُولُونَ : تَعَالَوْا نَجْحَد ! فَيَسْأَلهُمْ , فَيَقُولُونَ : وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ , قَالَ فَيَخْتِم عَلَى أَفْوَاههمْ , وَيَسْتَنْطِق جَوَارِحهمْ , فَتَشْهَد عَلَيْهِمْ جَوَارِحهمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَعِنْد ذَلِكَ تَمَنَّوْا لَوْ أَنَّ الْأَرْض سُوِّيَتْ بِهِمْ , وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا . 7553 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَهُ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا } يَعْنِي : أَنْ تُسَوَّى الْأَرْض بِالْجِبَالِ عَلَيْهِمْ . فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا الْقَوْل الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس : يَوْمئِذٍ يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض وَلَمْ يَكْتُمُوا اللَّه حَدِيثًا. كَأَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنَّهُمْ سُوُّوا مَعَ الْأَرْض , وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَتَمُوا اللَّه حَدِيثًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ يَوْمئِذٍ لَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا , وَيَوَدُّونَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْض . وَلَيْسَ بِمُنْكَتِمٍ عَنْ اللَّه مِنْ شَيْء حَدِيثهمْ , لِعِلْمِهِ جَلَّ ذِكْره بِجَمِيعِ حَدِيثهمْ وَأَمْرهمْ , فَإِنَّهُمْ إِنْ كَتَمُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَجَحَدُوهُ , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة } لَا تُصَلُّوا { وَأَنْتُمْ سُكَارَى } وَهُوَ جَمْع سَكْرَان , { حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } فِي صَلَاتكُمْ , وَتَقْرَءُونَ فِيهَا مِمَّا أَمَرَكُمْ اللَّه بِهِ , أَوْ نَدَبَكُمْ إِلَى قِيله فِيهَا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ وَزَجَرَكُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السُّكْر الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : السُّكْر مِنْ الشَّرَاب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَلِيّ : أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَعَبْد الرَّحْمَن وَرَجُل آخَر شَرِبُوا الْخَمْر , فَصَلَّى بِهِمْ عَبْد الرَّحْمَن , فَقَرَأَ : " قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ " فَخَلَطَ فِيهَا , فَنَزَلَتْ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } 7555 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن حَبِيب : أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف صَنَعَ طَعَامًا وَشَرَابًا , فَدَعَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا , فَقَدَّمُوا عَلِيًّا يُصَلِّي بِهِمْ الْمَغْرِب , فَقَرَأَ : قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ , أَعْبُد مَا تَعْبُدُونَ , وَأَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد , وَأَنَا عَابِد مَا عَبَدْتُمْ , لَكُمْ دِينكُمْ وَلِيَ دِين . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 7556 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَبْل أَنْ تُحَرَّم الْخَمْر , فَقَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } . .. الْآيَة. 7557 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي رَزِين فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : نَزَلَ هَذَا وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْر , فَقَالَ : وَكَانَ هَذَا قَبْل أَنْ يَنْزِل تَحْرِيم الْخَمْر . 7558 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : كَانُوا يَشْرَبُونَ بَعْد مَا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْبَقَرَة , وَبَعْد الَّتِي فِي النِّسَاء , فَلَمَّا أُنْزِلَتْ الَّتِي فِي الْمَائِدَة تَرَكُوهَا . 7559 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } قَالَ : نُهُوا أَنْ يُصَلُّوا وَهُمْ سُكَارَى , ثُمَّ نَسَخَهَا تَحْرِيم الْخَمْر . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7560 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : كَانُوا يَجْتَنِبُونَ السُّكْر عِنْد حُضُور الصَّلَوَات , ثُمَّ نُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْخَمْر . 7561 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي وَائِل وَأَبِي رَزِين وَإِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } و { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } 2 90 وَقَوْله : { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } 16 67 قَالُوا : كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ يَنْزِل تَحْرِيم الْخَمْر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِنْ النَّوْم. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7562 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : سُكْر النَّوْم . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } قَالَ : لَمْ يَعْنِ بِهَا سُكْر الْخَمْر , وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا سُكْر النَّوْم. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , تَأْوِيل مَنْ قَالَ ذَلِكَ نَهْي مِنْ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاة وَهُمْ سُكَارَى مِنْ الشَّرَاب قَبْل تَحْرِيم الْخَمْر , لِلْأَخْبَارِ الْمُتَظَاهِرَة عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ نَهْي مِنْ اللَّه , وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَنْ ذُكِرَتْ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَالسَّكْرَان فِي حَال زَوَال عَقْله نَظِير الْمَجْنُون فِي حَال زَوَال عَقْله , وَأَنْتَ مِمَّنْ تُحِيل تَكْلِيف الْمَجَانِين لِفَقْدِهِمْ الْفَهْم بِمَا يُؤْمَر وَيُنْهَى ؟ قِيل لَهُ : إِنَّ السَّكْرَان لَوْ كَانَ فِي مَعْنَى الْمَجْنُون لَكَانَ غَيْر جَائِز أَمْره وَنَهْيه , وَلَكِنَّ السَّكْرَان هُوَ الَّذِي يَفْهَم مَا يَأْتِي وَيَذَر , غَيْر أَنَّ الشَّرَاب قَدْ أَثْقَلَ لِسَانه وَأَحَرَّ جِسْمه وَأَخْدَرَهُ , حَتَّى عَجَزَ عَنْ إِقَامَة قِرَاءَته فِي صَلَاته وَحُدُودهَا الْوَاجِبَة عَلَيْهِ فِيهَا مِنْ غَيْر زَوَال عَقْله , فَهُوَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ عَارِف فَهِم , وَعَنْ أَدَاء بَعْضه عَاجِز بِخَدْرِ جِسْمه مِنْ الشَّرَاب. وَأَمَّا مَنْ صَارَ إِلَى حَدّ لَا يَعْقِل مَا يَأْتِي وَيَذَر , فَذَلِكَ مُنْتَقِل مِنْ السُّكْر إِلَى الْخَبَل , وَمَعْدُود فِي الْمَجَانِين , وَلَيْسَ ذَلِكَ الَّذِي خُوطِبَ بِقَوْلِهِ : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة } لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْنُون , وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ السَّكْرَان , وَالسَّكْرَان مَا وَصَفْنَا صِفَته.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُجْتَازِي طَرِيق : أَيْ مُسَافِرِينَ حَتَّى تَغْتَسِلُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر. وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى : فِي السَّفَر . 7564 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } يَقُول : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ جُنُب , إِذَا وَجَدْتُمْ الْمَاء , فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الْمَاء , فَقَدْ أَحْلَلْت لَكُمْ أَنْ تَمْسَحُوا بِالْأَرْضِ . 7565 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , أَوْ عَنْ زِرّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ فَلَا تَجِدُوا الْمَاء فَتَيَمَّمُوا . 7566 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : نَزَلَتْ فِي السَّفَر : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } وَعَابِر السَّبِيل : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد مَاء تَيَمَّمَ . 7567 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء فَإِنَّهُ يَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَكُون فِي السَّفَر فَتُصِيبهُ الْجَنَابَة فَيَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء فَيَتَيَمَّمُونَ صَعِيدًا طَيِّبًا , حَتَّى يَجِدُوا الْمَاء فَيَغْتَسِلُوا. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء . 7568 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُسَافِرِينَ , فَلَا يَجِدُوا الْمَاء فَيَتَيَمَّمُوا. 7569 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر تُصِيبهُ الْجَنَابَة , فَلَا يَجِد مَاء فَيَتَيَمَّم . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَعَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَا : الْمُسَافِر الْجُنُب لَا يَجِد الْمَاء فَيَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا أَنْ يَكُون مُسَافِرًا . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , نَحْوه. 7570 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَالَ : كُنَّا نَسْمَع أَنَّهُ فِي السَّفَر . 7571 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي , فَهُوَ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول هَذَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ . فَقَالَ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة : أُقِيمَتْ الصَّلَاة مَقَام الْمُصَلَّى وَالْمَسْجِد , إِذْ كَانَتْ صَلَاة الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدهمْ أَيَّامَئِذٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ التَّجْمِيع فِيهَا , فَكَانَ فِي النَّهْي عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاة كِفَايَة عَنْ ذِكْر الْمَسَاجِد وَالْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7572 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَمَرّ فِي الْمَسْجِد . 7573 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ اِبْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا تَقْرَب الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ يَكُون طَرِيقك فِيهِ , فَتَمُرّ مَرًّا وَلَا تَجْلِس . 7574 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد : فِي الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد مُجْتَازًا وَهُوَ قَائِم لَا يَجْلِس وَلَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } 7575 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ نَهْشَل , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد مَا لَمْ يَجْلِسَا فِيهِ. 7576 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْر , قَالَ : كَانَ أَحَدنَا يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جُنُب مُجْتَازًا . 7577 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُد فِيهِ . 7578 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَا جَمِيعًا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِذَا لَمْ يَجِد طَرِيقًا إِلَّا الْمَسْجِد يَمُرّ فِيهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } قَالَ : لَا بَأْس أَنْ يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيق غَيْره . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 7579 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَجْلِس فِيهِ , ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } 7580 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , مِثْله . 7581 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7582 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُدَا فِيهِ . 7583 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : رُخِّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرّ فِي الْمَسْجِد . 7584 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَار كَانَتْ أَبْوَابهمْ فِي الْمَسْجِد تُصِيبهُمْ جَنَابَة وَلَا مَاء عِنْدهمْ , فَيُرِيدُونَ الْمَاء وَلَا يَجِدُونَ مَمَرًّا إِلَّا فِي الْمَسْجِد , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا يَجْتَاز فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ لَا يَجِد طَرِيقًا غَيْره . 7585 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : لَا يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد يَتَّخِذهُ طَرِيقًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالتَّأْوِيلِ لِذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا مُجْتَازِي طَرِيق فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْم الْمُسَافِر إِذَا عَدِمَ الْمَاء وَهُوَ جُنُب فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْمُسَافِر لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ ذِكْره فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } مَعْنًى مَفْهُوم , وَقَدْ مَضَى ذِكْر حُكْمه قَبْل ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْآيَة : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ مُصَلِّينَ فِيهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا أَيْضًا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل . وَالْعَابِر السَّبِيل : الْمُجْتَازُهُ مَرًّا وَقَطْعًا , يُقَال مِنْهُ : عَبَرْت هَذَا الطَّرِيق فَأَنَا أَعْبُرهُ عَبْرًا وَعُبُورًا , وَمِنْهُ قِيلَ : عَبَرَ فُلَان النَّهَر : إِذَا قَطَعَهُ وَجَازَهُ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّة عَلَى الْأَسْفَار لِقُوَّتِهَا : وَهِيَ عُبْر أَسْفَار لِقُوَّتِهَا عَلَى الْأَسْفَار .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } مِنْ جُرْح أَوْ جُدَرِيّ وَأَنْتُمْ جُنُب . كَمَا : 7586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُنَبِّه الْفَضْل بْن سُلَيْم , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي قَدْ أُرْخِصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الْكَسِير وَالْجَرِيح , فَإِذَا أَصَابَتْ الْجَنَابَة الْكَسِير اِغْتَسَلَ , وَالْجَرِيح لَا يَحِلّ جِرَاحَته إِلَّا جِرَاحَة لَا يَخْشَى عَلَيْهَا . 7587 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ شَرِيك , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : هِيَ لِلْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ الْجِرَاحَة الَّتِي يَخَاف مِنْهَا أَنْ يَغْتَسِل فَلَا يَغْتَسِل , فَرُخِّصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم . 7588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : هُوَ الْجِرَاح وَالْجِرَاحَة الَّتِي يُتَخَوَّف عَلَيْهَا مِنْ الْمَاء إِنْ أَصَابَهُ ضُرّ صَاحِبه , فَذَلِكَ يَتَيَمَّم صَعِيدًا طَيِّبًا . 7589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَزْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : إِذَا كَانَ بِهِ جُرُوح أَوْ قُرُوح يَتَيَمَّم . 7590 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : مِنْ الْقُرُوح تَكُون فِي الذِّرَاعَيْنِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : الْقُرُوح فِي الذِّرَاعَيْنِ. 7591 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : صَاحِب الْجِرَاحَة الَّتِي يَتَخَوَّف عَلَيْهِ مِنْهَا يَتَيَمَّم . ثُمَّ قَرَأَ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } 7592 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : أَنْ يُصِيب الرَّجُل الْجُرْح أَوْ الْقُرْح أَوْ الْجُدَرِيّ , فَيَخَاف عَلَى نَفْسه مِنْ بَرْد الْمَاء وَأَذَاهُ , يَتَيَمَّم بِالصَّعِيدِ كَمَا يَتَيَمَّم الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء . 7593 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَاصِم , يَعْنِي الْأَحْوَل , عَنْ الشَّعْبِيّ , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَجْدُور تُصِيبهُ الْجَنَابَة ؟ قَالَ : ذَهَبَ فُرْسَان هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 7594 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي لَا يَجِد أَحَدًا يَأْتِيه بِالْمَاءِ وَلَا يَقْدِر عَلَيْهِ , وَلَيْسَ لَهُ خَادِم , وَلَا عَوْن , فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ , وَلَا يَحْبُو إِلَيْهِ , تَيَمَّمَ وَصَلَّى إِذَا حَلَّتْ الصَّلَاة . قَالَ : هَذَا كُلّه قَوْل أَبِي : إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ لَا يَتْرُك الصَّلَاة , وَهُوَ أَعْذَر مِنْ الْمُسَافِر . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا : وَإِنْ كُنْتُمْ جَرْحَى أَوْ بِكُمْ قُرُوح أَوْ كَسْر أَوْ عِلَّة لَا تَقْدِرُونَ مَعَهَا عَلَى الِاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة , وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ غَيْر مُسَافِرِينَ , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا .
وَأَمَّا قَوْله : { أَوْ عَلَى سَفَر } أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ أَصِحَّاء جُنُب , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا.
وَكَذَلِكَ تَأْوِيل قَوْله : { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } يَقُول : أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط قَدْ قَضَى حَاجَته وَهُوَ مُسَافِر صَحِيح , فَلْيَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَالْغَائِط : مَا اِتَّسَعَ مِنْ الْأَوْدِيَة وَتَصَوَّبَ , وَجُعِلَ كِنَايَة عَنْ قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَخْتَار قَضَاء حَاجَتهَا فِي الْغِيطَان فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ , فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغِيطَان حَيْثُ قَضَاهَا مِنْ الْأَرْض : مُتَغَوِّط , جَاءَ فُلَان مِنْ الْغَائِط يَعْنِي بِهِ : قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغَائِط مِنْ الْأَرْض . وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي الْغَائِط : الْوَادِي. 7595 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } قَالَ : الْغَائِط : الْوَادِي .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوْ بَاشَرْتُمْ النِّسَاء بِأَيْدِيكُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي اللَّمْس الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الْجِمَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7596 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : ذَكَرُوا اللَّمْس , فَقَالَ نَاس مِنْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَ نَاس مِنْ الْعَرَب : اللَّمْس : الْجِمَاع . قَالَ : فَأَتَيْت اِبْن عَبَّاس , فَقُلْت : إِنَّ نَاسًا مِنْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب اِخْتَلَفُوا فِي اللَّمْس , فَقَالَتْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع . قَالَ : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْت ؟ قُلْت : كُنْت مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي , إِنَّ الْمَسّ وَاللَّمْس , وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي قَيْس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : هُوَ الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِخْتَلَفْت أَنَا وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر فِي قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : هُوَ الْجِمَاع , وَقُلْت أَنَا وَعَطَاء : هُوَ اللَّمْس . قَالَ : فَدَخَلْنَا عَلَى اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلْنَاهُ , فَقَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي وَأَصَابَتْ الْعَرَب , هُوَ الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يَعِفّ وَيُكَنِّي . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَعُبَيْد بْن عُمَيْر : اِخْتَلَفُوا فِي الْمُلَامَسَة , فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء : الْمُلَامَسَة مَا دُون الْجِمَاع . وَقَالَ عُبَيْد : هُوَ النِّكَاح . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلُوهُ , فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ : الْمُلَامَسَة : النِّكَاح , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي وَيَعِفّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : اِجْتَمَعَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ : سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء فِي التَّمَاسّ : الْغَمْز بِالْيَدِ , وَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : الْجِمَاع . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ , وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ , وَلَكِنَّهُ يَعِفّ وَيُكَنِّي . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : قَالَ اِبْن عَبَّاس : اللَّمْس : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة وَعَبْد الْوَهَّاب , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : اللَّمْس وَالْمَسّ وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي بِمَا شَاءَ . * - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه كَرِيم يُكَنِّي عَمَّا شَاءَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُوَيْد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي وَحْشِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِخْتَلَفَتْ الْعَرَب وَالْمَوَالِي فِي الْمُلَامَسَة عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس قَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع , وَقَالَتْ الْمَوَالِي : بِالْيَدِ. قَالَ : فَخَرَجَ اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : غُلِبَ فَرِيق الْمَوَالِي , الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كُنَّا عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَعَدَ قَوْم عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْمُلَامَسَة : هُوَ النِّكَاح . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب فِي الْمَسْجِد وَابْن عَبَّاس فِي الصُّفَّة , فَاجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي عَلَى أَنَّهُ اللَّمْس دُون الْجِمَاع , وَاجْتَمَعَتْ الْعَرَب عَلَى أَنَّهُ الْجِمَاع , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ أَنْتَ ؟ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غُلِبْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : اللَّمْس : الْجِمَاع . * - وَبِهِ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن إِيَاس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : الْجِمَاع . 7598 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : الْجِمَاع . 7599 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْجِمَاع . 7600 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ خُصَيْف , قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا , فَقَالَ ذَلِكَ . 7601 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن , قَالَا : غِشْيَان النِّسَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ كُلّ لَمْس بِيَدٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاء جَسَد الْإِنْسَان . وَأَوْجَبُوا الْوُضُوء عَلَى مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَده شَيْئًا مِنْ جَسَدهَا مُفْضِيًا إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . 7603 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه - أَوْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة مَنْصُور الَّذِي شَكَّ - قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ الْمَسّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود : اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس . * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس , وَفِيهَا الْوُضُوء . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , مِثْله . 7604 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم بْن أَخْضَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَحَكَاهُ سُلَيْم - وَأَرَانَاهُ أَبُو عَبْد اللَّه , فَضَمَّ أَصَابِعه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ بِيَدِهِ , فَظَنَنْت مَا عَنَى فَلَمْ أَسْأَلهُ . 7605 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , قَالَ : ذَكَرُوا عِنْد مُحَمَّد مَسّ الْفَرْج , وَأَظُنّهُمْ ذَكَرُوا مَا قَالَ اِبْن عُمَر فِي ذَلِكَ , فَقَالَ مُحَمَّد : قُلْت لِعُبَيْدَة , قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ . قَالَ اِبْن عَوْن : بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَل شَيْئًا يَقْبِض عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ عُبَيْدَة : اللَّمْس بِالْيَدِ . * - قَالَ ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ , وَضَمَّ أَصَابِعه , حَتَّى عَرَفْت الَّذِي أَرَادَ . 7606 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع : أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَتَوَضَّأ مِنْ قُبْلَة الْمَرْأَة , وَيَرَى فِيهَا الْوُضُوء , وَيَقُول : هِيَ مِنْ اللِّمَاس. 7607 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . 7608 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا مُحِلّ بْن مُحْرِز , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : اللَّمْس مِنْ شَهْوَة يَنْقُض الْوُضُوء . 7609 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم وَحَمَّاد أَنَّهُمَا قَالَا : اللَّمْس مَا دُون الْجِمَاع . 7610 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَطَاء , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ أَصْحَاب عَبْد اللَّه , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ بَيَان , عَنْ عَامِر , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع. * - قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع , ثُمَّ قَرَأَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا , فَعَرَفْت مَا يَعْنِي. 7611 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ وَحَسَن بْن صَالِح , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس. 7612 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة : الْقُبْلَة وَالشَّيْء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْجِمَاع دُون غَيْره مِنْ مَعَانِي اللَّمْس , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ. 7613 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأ ثُمَّ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة : " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة وَلَمْ يَتَوَضَّأ " , قُلْت : مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ ؟ فَضَحِكَتْ . 7614 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ حَجَّاج , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ زَيْنَب السَّهْمِيَّة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا شِهَاب بْن عَبَّاد , قَالَ : ثنا مَنْدَل , عَنْ لَيْث , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة . وَعَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَال مِنِّي الْقُبْلَة بَعْد الْوُضُوء , ثُمَّ لَا يُعِيد الْوُضُوء " . 7615 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني يَزِيد بْن سِنَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلهَا وَهُوَ صَائِم , ثُمَّ لَا يُفْطِر , وَلَا يُحْدِث وُضُوءًا " . فَفِي صِحَّة الْخَبَر فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ اللَّمْس فِي هَذَا الْمَوْ ضِع لَمْس الْجِمَاع لَا جَمِيع مَعَانِي اللَّمْس , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا إِنْ تَصْدُق الطَّيْر نَنِكْ لَمِيسَا يَعْنِي بِذَلِكَ : نَنِكْ لِمَاسًا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ } بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ نِسَاءَكُمْ وَلَمَسَتْكُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء " بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يَكُون الرَّجُل لَامِسًا اِمْرَأَته إِلَّا وَهِيَ لَامِسَته , فَاللَّمْس فِي ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى مَعْنَى اللِّمَاس , وَاللِّمَاس عَلَى مَعْنَى اللَّمْس مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِاتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَة وَهُمْ جِرَاح. 7616 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مُحَمَّد بْن جَابِر , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي الْمَرِيض لَا يَسْتَطِيع الْغُسْل مِنْ الْجَنَابَة أَوْ الْحَائِض , قَالَ : يَجْزِيهِمْ التَّيَمُّم , وَنَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِرَاحَة , فَفَشَتْ فِيهِمْ , ثُمَّ اُبْتُلُوا بِالْجَنَابَةِ , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } . .. الْآيَة كُلّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَزَهُمْ الْمَاء فَلَمْ يَجِدُوهُ فِي سَفَر لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7617 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْت فِي مَسِير مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الْجَيْش , ضَلَّ عِقْدِي , فَأَخْبَرْت بِذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَ بِالْتِمَاسِهِ , فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَد . فَأَنَاخَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَاخَ النَّاس , فَبَاتُوا لَيْلَتهمْ تِلْكَ ; فَقَالَ النَّاس : حَبَسَتْ عَائِشَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : فَجَاءَ إِلَيَّ أَبُو بَكْر , وَرَأْس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِي وَهُوَ نَائِم , فَجَعَلَ يَهْمِزنِي وَيَقْرُصنِي وَيَقُول : مِنْ أَجْل عِقْدك حَبَسْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : فَلَا أَتَحَرَّك مَخَافَة أَنْ يَسْتَيْقِظ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ أَوْجَعَنِي فَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَع . فَلَمَّا رَآنِي لَا أُحِير إِلَيْهِ اِنْطَلَقَ ; فَلَمَّا اِسْتَيْقَظَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ الصَّلَاة فَلَمْ يَجِد مَاء . قَالَتْ : فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى آيَة التَّيَمُّم . قَالَتْ : فَقَالَ اِبْن حُضَيْر : مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتكُمْ يَا آل أَبِي بَكْر . 7618 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَر , فَفَقَدَتْ عَائِشَة قِلَادَة لَهَا , فَأَمَرَ النَّاس بِالنُّزُولِ , فَنَزَلُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَأَتَى أَبُو بَكْر عَلَى عَائِشَة , فَقَالَ لَهَا : شَقَقْت عَلَى النَّاس ! وَقَالَ أَيُّوب بِيَدِهِ - يَصِف أَنَّهُ قَرَصَهَا - قَالَ : وَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم , وَوَجَدَتْ الْقِلَادَة فِي مَنَاخ الْبَعِير , فَقَالَ النَّاس : مَا رَأَيْنَا اِمْرَأَة أَعْظَم بَرَكَة مِنْهَا . 7619 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْهِلَالِيّ , قَالَ : ثني عِمْرَان بْن مُحَمَّد الْحَدَّاد , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن بَدْر , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل مِنَّا مِنْ بلعرج يُقَال لَهُ : الْأَسْلَع , قَالَ : كُنْت أَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَرْحَل لَهُ , فَقَالَ لِي ذَات لَيْلَة : " يَا أَسْلَع قُمْ فَارْحَلْ , لِي ! " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَصَابَتْنِي جَنَابَة . فَسَكَتَ سَاعَة , ثُمَّ دَعَانِي وَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِآيَةِ الصَّعِيد , وَوَصَفَ لَنَا ضَرْبَتَيْنِ . 7620 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن خَالِد , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن بَدْر , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل مِنَّا يُقَال لَهُ الْأَسْلَع , قَالَ : كُنْت أَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَسَكَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا - أَوْ قَالَ سَاعَة الشَّكّ مِنْ عَمْرو - قَالَ : وَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِآيَةِ الصَّعِيد , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُمْ يَا أَسْلَع فَتَيَمَّمْ ! " قَالَ : فَتَيَمَّمْت ثُمَّ رَحَلْت لَهُ . قَالَ : فَسِرْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِمَاءٍ فَقَالَ : " يَا أَسْلَع مَسَّ - أَوْ أَمِسّ - بِهَذَا جِلْدك ! " قَالَ : وَأَرَانِي التَّيَمُّم كَمَا أَرَاهُ أَبُوهُ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَضَرْبَة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7621 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن نُفَيْل , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَان أَبُو عَمْرو حَاجِب عَائِشَة : أَنَّ اِبْن عَبَّاس دَخَلَ عَلَيْهَا فِي مَرَضهَا , فَقَالَ : أَبْشِرِي كُنْت أَحَبّ نِسَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ إِلَّا طَيِّبًا , وَسَقَطَتْ قِلَادَتك لَيْلَة الْأَبْوَاء , فَأَصْبَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَقِطهَا , حَتَّى أَصْبَحَ فِي الْمَنْزِل , فَأَصْبَحَ النَّاس لَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبك , وَمَا أَذِنَ اللَّه لِهَذِهِ الْأُمَّة مِنْ الرُّخْصَة . 7622 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : أَنَّهَا اِسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاء قِلَادَة , فَهَلَكَتْ , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي طَلَبهَا , فَوَجَدُوهَا , وَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاة , وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوء , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه آيَة التَّيَمُّم ; فَقَالَ أُسَيْد بْن حُضَيْر لِعَائِشَة : جَزَاك اللَّه خَيْرًا , فَوَاَللَّهِ مَا نَزَلَ بِك أَمْر تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّه لَك وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهَا قَالَتْ : سَقَطَتْ قِلَادَة لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ إِلَى الْمَدِينَة , فَأَنَاخَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ , فَبَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِي رَاقِد , أَقْبَلَ أَبِي , فَلَكَزَنِي لَكْزَة , ثُمَّ قَالَ : حَبَسْت النَّاس . ثُمَّ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَيْقَظَ , وَحَضَرَتْ الصُّبْح , فَالْتَمَسَ الْمَاء فَلَمْ يُوجَد , وَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة } . .. الْآيَة . قَالَ أُسَيْد بْن حُضَيْر : لَقَدْ بَارَكَ اللَّه لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آل أَبِي بَكْر , مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَة . 7623 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن شَبِيب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : دَخَلَ اِبْن عَبَّاس عَلَى عَائِشَة , فَقَالَ : كُنْت أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ بَرَكَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَقَطَتْ قِلَادَتك بِالْأَبْوَاءِ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيك آيَة التَّيَمُّم . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء , فَطَلَبْتُمْ الْمَاء لِتَتَطَهَّرُوا بِهِ , فَلَمْ تَجِدُوهُ بِثَمَنٍ وَلَا غَيْر ثَمَن , { فَتَيَمَّمُوا } يَقُول : فَتَعَمَّدُوا , وَهُوَ تَفَعَّلُوا مِنْ قَوْل الْقَائِل : تَيَمَّمْت كَذَا : إِذَا قَصَدْته وَتَعَمَّدْته فَأَنَا أَتَيَمَّمُهُ , وَقَدْ يُقَال مِنْهُ : يَمَّمَهُ فُلَان فَهُوَ يُيَمِّمهُ , وَأَيْمَمْتُهُ أَنَا وَأَمَمْته خَفِيفَة , وَتَيَمَّمْت وَتَأَمَّمْت , وَلَمْ يُسْمَع فِيهَا يَمَمْت خَفِيفَة . وَمِنْهُ قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : تَيَمَّمْت قَيْسًا وَكَمْ دُونه مِنْ الْأَرْض مِنْ مَهْمَة ذِي شَزَن يَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَيَمَّمْت : تَعَمَّدْت وَقَصَدْت , وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَأُمُّوا صَعِيدًا " . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7624 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : تَحَرَّوْا وَتَعَمَّدُوا صَعِيدًا طَيِّبًا . وَأَمَّا الصَّعِيد , فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْأَرْض الْمَلْسَاء الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا وَلَا غِرَاس ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7625 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَر وَلَا نَبَات . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْأَرْض الْمُسْتَوِيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7626 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الصَّعِيد : الْمُسْتَوِي . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الصَّعِيد : التُّرَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7627 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس الْمُلَائِيّ , قَالَ : الصَّعِيد : التُّرَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : الصَّعِيد : وَجْه الْأَرْض . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ وَجْه الْأَرْض ذَات التُّرَاب وَالْغُبَار . وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ وَجْه الْأَرْض الْخَالِيَة مِنْ النَّبَات وَالْغُرُوس وَالْبِنَاء الْمُسْتَوِيَة , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : كَأَنَّهُ بِالضُّحَى يَرْمِي الصَّعِيد بِهِ دَبَّابَة فِي عِظَام الرَّأْس خُرْطُوم يَعْنِي : يَضْرِب بِهِ وَجْه الْأَرْض . وَأَمَّا قَوْله طَيِّبًا , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : طَاهِرًا مِنْ الْأَقْذَار وَالنَّجَاسَات . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { طَيِّبًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : حَلَالًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7628 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : قَالَ بَعْضهمْ : حَلَالًا . وَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : 7629 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج قِرَاءَة , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : الطَّيِّب : مَا حَوْلك . قُلْت : مَكَان جَرْد غَيْر أَبْطَح , أَيُجْزِئُ عَنِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَمَعْنَى الْكَلَام : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاء أَيّهَا النَّاس , وَكُنْتُمْ مَرْضَى , أَوْ عَلَى سَفَر , أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط , أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء , فَأَرَدْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا فَتَيَمَّمُوا , يَقُول : فَتَعَمَّدُوا وَجْه الْأَرْض الطَّاهِرَة , فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَامْسَحُوا مِنْهُ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ , وَلَكِنَّهُ تَرَكَ ذِكْر " مِنْهُ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَالْمَسْح مِنْهُ بِالْوَجْهِ أَنْ يَضْرِب الْمُتَيَمِّم بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْه الْأَرْض الطَّاهِر , أَوْ مَا قَامَ مَقَامه , فَيَمْسَح بِمَا عَلِقَ مِنْ الْغُبَار وَجْهه , فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلِقَ بِهِ الْغُبَار كَثِيرًا , فَنَفَخَ عَنْ يَدَيْهِ أَوْ نَفَضَهُ , فَهُوَ جَائِز . وَإِنْ لَمْ يَعْلَق بِيَدَيْهِ مِنْ الْغُبَار شَيْء , وَقَدْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أَوْ إِحْدَاهُمَا الصَّعِيد , ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا أَوْ بِهَا وَجْهه أَجْزَأَهُ ذَلِكَ , لِإِجْمَاعِ جَمِيع الْحُجَّة عَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّم لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الصَّعِيد وَهُوَ أَرْض رَمْل فَلَمْ يَعْلَق بِيَدَيْهِ مِنْهَا شَيْء فَتَيَمَّمَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئُهُ , لَمْ يُخَالِف ذَلِكَ مَنْ يَجُوز أَنْ يَعْتَدّ بِخِلَافِهِ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي يُرَاد بِهِ مِنْ ضَرْب الصَّعِيد بِالْيَدَيْنِ مُبَاشَرَة الصَّعِيد بِهِمَا بِالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِمُبَاشَرَتِهِ بِهِمَا , لَا لِأَخْذِ تُرَاب مِنْهُ . وَأَمَّا الْمَسْح بِالْيَدَيْنِ , فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي الْحَدّ الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِمَسْحِهِ مِنْ الْيَدَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : حَدّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ , وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَيَمِّم مَسْح مَا وَرَاء ذَلِكَ مِنْ السَّاعِدَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7630 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : تَيَمَّمَ عَمَّار فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى التُّرَاب ضَرْبَة وَاحِدَة , ثُمَّ مَسَحَ بِيَدَيْهِ وَاحِدَة عَلَى الْأُخْرَى , ثُمَّ مَسَحَ وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أُخْرَى , فَجَعَلَ يَلْوِي يَده عَلَى الْأُخْرَى وَلَمْ يَمْسَح الذِّرَاع . 7631 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , قَالَ : رَأَيْت الشَّعْبِيّ وَصَفَ لَنَا التَّيَمُّم : فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْض ضَرْبَة , ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَمَسَحَ وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى , فَجَعَلَ يَلْوِي كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , وَلَمْ يَذْكُر أَنَّهُ مَسَحَ الذِّرَاع . 7632 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : وَضَعَ عَمَّار بْن يَاسِر كَفَّيْهِ فِي التُّرَاب , ثُمَّ رَفَعَهُمَا فَنَفَخَهُمَا , فَمَسَحَ وَجْهه وَكَفَّيْهِ , ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا التَّيَمُّم . 7633 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا سَلَّام مَوْلَى حَفْص , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة , يَقُول : التَّيَمُّم ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْكَفَّيْنِ . 7634 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ سَعِيد وَابْن جَابِر , أَنَّ مَكْحُولًا كَانَ يَقُول : التَّيَمُّم ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوع , وَيَتَأَوَّل مَكْحُول الْقُرْآن فِي ذَلِكَ : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِق } 5 6 وَقَوْله فِي التَّيَمُّم : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ كَمَا اِسْتَثْنَى فِي الْوُضُوء إِلَى الْمَرَافِق . قَالَ مَكْحُول : قَالَ اللَّه : { وَالسَّارِق وَالسَّارِقَة فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } 6 38 فَإِنَّمَا تُقْطَع يَد السَّارِق مِنْ مِفْصَل الْكُوع . 7635 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا بِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسِيّ , عَنْ اِبْن جَابِر : أَنَّهُ رَأَى مَكْحُولًا يَتَيَمَّم يَضْرِب بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيد , ثُمَّ يَمْسَح بِهِمَا وَجْهه وَكَفَّيْهِ بِوَاحِدَةٍ . 7636 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : التَّيَمُّم : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ الْأَثَر مَا : 7637 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْدَة وَمُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ اِبْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر : أَنَّهُ سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّم , فَقَالَ : " مَرَّة لِلْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه " . وَفِي حَدِيث اِبْن بِشْر : أَنَّ عَمَّارًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّم . 7638 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن سَعِيد الْقُرَشِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ اِبْن أَبْزَى , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُمَر , فَقَالَ : إِنِّي أَجْنَبْت فَلَمْ أَجِد الْمَاء , فَقَالَ عُمَر : لَا تُصَلِّ ! فَقَالَ لَهُ عَمَّار : أَمَا تَذْكُر أَنَّا فِي مَسِير عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْنَبْت أَنَا وَأَنْتَ , فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ , وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْت فِي التُّرَاب وَصَلَّيْت , فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك " وَضَرَبَ كَفَّيْهِ الْأَرْض وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ وَجْهه وَكَفَّيْهِ مَرَّة وَاحِدَة ؟ وَقَالُوا : أَمَرَ اللَّه فِي التَّيَمُّم بِمَسْحِ الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ , فَمَا مَسَحَ مِنْ وَجْهه وَيَدَيْهِ فِي التَّيَمُّم أَجْزَأَهُ , إِلَّا أَنْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَقَالَ آخَرُونَ : حَدّ الْمَسْح الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِهِ فِي التَّيَمُّم أَنْ يَمْسَح جَمِيع الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7639 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَرَّاث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع : أَنَّ اِبْن عُمَر تَيَمَّمَ بِمِرْبَدِ النَّعَم , فَضَرَبَ ضَرْبَة فَمَسَحَ وَجْهه , وَضَرَبَ ضَرْبَة فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : التَّيَمُّم مَسْحَتَانِ , يَضْرِب الرَّجُل بِيَدَيْهِ الْأَرْض , يَمْسَح بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ يَضْرِب بِهِمَا مَرَّة أُخْرَى فَيَمْسَح يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر فِي التَّيَمُّم , قَالَ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْكَفَّيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : كَانَ يَقُول فِي الْمَسْح فِي التَّيَمُّم إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7640 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ التَّيَمُّم , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرهمَا وَبَاطِنهمَا . 7641 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِق وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } 5 6 وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } 5 6 قَالَ : أَمَرَ أَنْ يُمْسَح فِي التَّيَمُّم مَا أَمَرَ أَنْ يُغْسَل فِي الْوُضُوء وَأَبْطَلَ مَا أَمَرَ أَنْ يُمْسَح فِي الْوُضُوء الرَّأْس وَالرِّجْلَانِ . 7642 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , وَحَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ جَمِيعًا , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي التَّيَمُّم , قَالَ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7643 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ فِيمَا أَمَرَ بِالْغُسْلِ . 7644 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : سَأَلْت سَالِم بْن عَبْد اللَّه عَنْ التَّيَمُّم , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض ضَرْبَة فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض ضَرْبَة أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7645 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : وَأَخْبَرَنَا حَبِيب بْن الشَّهِيد , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ التَّيَمُّم , فَقَالَ : ضَرْبَة يَمْسَح بِهَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرْبَة أُخْرَى يَمْسَح بِهَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة أَنَّ التَّيَمُّم بَدَل مِنْ الْوُضُوء عَلَى الْمُتَيَمِّم أَنْ يَبْلُغ بِالتُّرَابِ مِنْ وَجْهه وَيَدَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْلُغهُ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا فِي الْوُضُوء . وَاعْتَلُّوا مِنْ الْأَثَر بِمَا : 7646 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا نُعَيْم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا خَارِجَة بْن مُصْعَب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَطَاء , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ الْأَعْرَج , عَنْ أَبِي جُهَيْم , قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُول فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيَّ , فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ إِلَى حَائِط , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِ , فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْحَائِط , فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : الْحَدّ الَّذِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يَبْلُغ بِالتُّرَابِ إِلَيْهِ فِي التَّيَمُّم الْآبَاط . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7647 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة التِّنِّيسِيّ , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : التَّيَمُّم إِلَى الْآبَاط . وَعِلَّة مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَد فِي التَّيَمُّم كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْه , وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَح جَمِيع الْوَجْه , فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيع الْيَد , وَمِنْ طَرَف الْكَفّ إِلَى الْإِبْط يَد . وَاعْتَلُّوا مِنْ الْخَبَر بِمَا : 7648 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا صَيْفِيّ بْن رِبْعِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي الْيَقْظَان , قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَكَ عِقْد لِعَائِشَة , فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَاءَ الصُّبْح , فَتَغَيَّظَ أَبُو بَكْر عَلَى عَائِشَة , فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ الرُّخْصَة الْمَسْح بِالصَّعِيدِ , فَدَخَلَ أَبُو بَكْر فَقَالَ لَهَا : إِنَّك لَمُبَارَكَة , نَزَلَ فِيك رُخْصَة ! فَضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا ضَرْبَة لِوَجْهِنَا , وَضَرْبَة بِأَيْدِينَا إِلَى الْمَنَاكِب وَالْآبَاط . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَدّ الَّذِي لَا يُجْزِئ الْمُتَيَمِّم أَنْ يُقَصِّر عَنْهُ فِي مَسْحه بِالتُّرَابِ مِنْ يَدَيْهِ , الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ التَّقْصِير عَنْ ذَلِكَ غَيْر جَائِز , ثُمَّ هُوَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ مُخَيَّر إِنْ شَاءَ بَلَغَ بِمَسْحِهِ الْمِرْفَقَيْنِ , وَإِنْ شَاءَ الْآبَاط . وَالْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا جَعَلْنَاهُ مُخَيَّرًا فِيمَا جَاوَزَ الْكَفَّيْنِ أَنَّ اللَّه لَمْ يَحُدّ فِي مَسْح ذَلِكَ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّم حَدًّا لَا يَجُوز التَّقْصِير عَنْهُ , فَمَا مَسَحَ الْمُتَيَمِّم مِنْ يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ , إِلَّا مَا أُجْمَع عَلَيْهِ , أَوْ قَامَتْ الْحُجَّة بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئهُ التَّقْصِير عَنْهُ , وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ التَّقْصِير عَنْ الْكَفَّيْنِ غَيْر مُجْزِئ , فَخَرَجَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ , وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُخْتَلَف فِيهِ , وَإِذْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ , وَكَانَ الْمَاسِح بِكَفَّيْهِ دَاخِلًا فِي عُمُوم الْآيَة كَانَ خَارِجًا مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ مَرَض ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْجُنُب , هَلْ هُوَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي رُخْصَة التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء أَمْ لَا ؟ فَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ حُكْم الْجُنُب فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء حُكْم مَنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِط , وَسَائِر مَنْ أَحْدَثَ مِمَّنْ جَعَلَ التَّيَمُّم لَهُ طَهُورًا لِصَلَاتِهِ , وَقَدْ ذَكَرْت قَوْل بَعْض مَنْ تَأَوَّلَ قَوْل اللَّه : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } أَوْ جَامَعْتُمُوهُنَّ , وَتَرَكْنَا ذِكْر الْبَاقِينَ لِكَثْرَةِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَاعْتَلَّ قَائِلُوهُ هَذِهِ الْمَقَالَة بِأَنَّ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء فِي سَفَره بِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ نَبِيّهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَقْطَع الْعُذْر , وَيُزِيل الشَّكّ . وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ : لَا يُجْزِئ الْجُنُب غَيْر الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ , وَالتَّيَمُّم لَا يُطَهِّرهُ . قَالُوا : وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّيَمُّم رُخْصَة لِغَيْرِ الْجُنُب , وَتَأَوَّلُوا قَوْل اللَّه : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالُوا : وَقَدْ نَهَى اللَّه الْجُنُب أَنْ يَقْرَب مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مُجْتَازًا فِيهِ حَتَّى يَغْتَسِل , وَلَمْ يُرَخِّص لَهُ بِالتَّيَمُّمِ . قَالُوا : وَتَأْوِيل قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } أَوْ لَامَسْتُمُوهُنَّ بِالْيَدِ دُون الْفَرْج وَدُون الْجِمَاع . قَالُوا : فَلَمْ نَجِد اللَّه رَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي التَّيَمُّم , بَلْ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ , وَأَنْ لَا يَقْرَب الصَّلَاة إِلَّا مُغْتَسِلًا . قَالُوا : وَالتَّيَمُّم لَا يُطَهِّرهُ لِصَلَاتِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7649 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شَقِيق , قَالَ : كُنْت مَعَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن أَرَأَيْت رَجُلًا أَجْنَب فَلَمْ يَجِد الْمَاء شَهْرًا أَيَتَيَمَّمُ ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : لَا يَتَيَمَّم وَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء شَهْرًا . فَقَالَ أَبُو مُوسَى : فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } ؟ 5 6 فَقَالَ عَبْد اللَّه : إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ الْمَاء أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ . فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : إِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ أَبُو مُوسَى : أَلَمْ تَسْمَع قَوْل عَمَّار لِعُمَر : بَعَثَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَة , فَأَجْنَبْت , فَلَمْ أَجِد الْمَاء , فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيد كَمَا تَمَرَّغَ الدَّابَّة , قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " إِنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَصْنَع هَكَذَا " , وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ ضَرْبَة وَاحِدَة وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , وَمَسَحَ كَفَّيْهِ ؟ قَالَ عَبْد اللَّه : أَلَمْ تَرَ عُمَر لَمْ يَقْنَع لِقَوْلِ عَمَّار ؟ 7650 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة , عَنْ أَبِي مَالِك وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , قَالَ : كُنَّا عِنْد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَأَتَاهُ رَجُل , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا نَمْكُث الشَّهْر وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجِد الْمَاء ! فَقَالَ عُمَر : أَمَّا أَنَا فَلَوْ لَمْ أَجِد الْمَاء لَمْ أَكُنْ لِأُصَلِّيَ حَتَّى أَجِد الْمَاء . قَالَ عَمَّار بْن يَاسِر : أَتَذْكُرُ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِل , فَتَعْلَم أَنَّا أَجْنَبْنَا ؟ - قَالَ : نَعَمْ - فَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْت فِي التُّرَاب , فَأَتَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنْ كَانَ الصَّعِيد لَكَافِيك " , وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْض , ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا , ثُمَّ مَسَحَ وَجْهه وَبَعْض ذِرَاعَيْهِ ؟ فَقَالَ : اِتَّقِ اللَّه يَا عَمَّار ! فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنْ شِئْت لَمْ أَذْكُرهُ , فَقَالَ : لَا , وَلَكِنْ نُوَلِّيك مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْت . 7651 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم فِي دُكَّان مُسْلِم الْأَعْوَر , فَقُلْت : أَرَأَيْت إِنْ لَمْ تَجِد الْمَاء وَأَنْتَ جُنُب ؟ قَالَ : لَا أُصَلِّي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ الْجُنُب مِمَّنْ أَمَرَهُ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء وَالصَّلَاة بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وَقَدْ بَيَّنَّا ثَمَّ أَنَّ مَعْنَى الْمُلَامَسَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع بِنَقْلِ الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز الْخَطَأ فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَة عَلَيْهِ وَلَا السَّهْو وَلَا التَّوَاطُؤ وَالتَّضَافُر , بِأَنَّ حُكْم الْجُنُب فِي ذَلِكَ حُكْم سَائِر مَنْ أَحْدَثَ فَلَزِمَهُ التَّطَهُّر لِصَلَاتِهِ , مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضهَا وَتَرَكْنَا ذِكْر كَثِير مِنْهَا اِسْتِغْنَاء بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَمَّا لَمْ نَذْكُر , وَكَرَاهَة مِنَّا إِطَالَة الْكِتَاب بِاسْتِقْصَاءِ جَمِيعه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } هَلْ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ طَلَب الْمَاء أَمْ ذَلِكَ أَمْر مِنْهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ الطَّلَب وَهُوَ مُحْدِث حَدَثًا يَجِب عَلَيْهِ مِنْهُ الْوُضُوء بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ لِلْمَاءِ وَاجِدًا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب بَعْد الطَّلَب مُحْدِثًا كَانَ أَوْ غَيْر مُحْدِث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7652 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ , مِثْله . 7653 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْدَان الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَامِر الْأَحْوَل , عَنْ نَافِع أَنَّهُ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عُمَر مِثْل ذَلِكَ . 7654 - أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُجَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : لَا يُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاة وَاحِدَة . 7655 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : يَتَيَمَّم لِكُلِّ صَلَاة . وَيَتَأَوَّل هَذِهِ الْآيَة : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } 7656 - قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا الْفِرْيَابِيّ , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الْكَرِيم بْن رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , قَالُوا : التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة . 7657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان الْقَطَّان , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّخَعِيّ , قَالَ : يَتَيَمَّم لِكُلِّ صَلَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ بَعْد طَلَب الْمَاء مَنْ لَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب إِذَا كَانَ مُحْدِثًا , فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ بَعْد تَطَهُّره بِالتُّرَابِ فَلَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب , فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَجْدِيد تَيَمُّمه , وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْأَوَّل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7658 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : التَّيَمُّم بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوء . 7659 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن شَاكِر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يُصَلِّي الْمُتَيَمِّم بِتَيَمُّمِهِ مَا لَمْ يُحْدِث , فَإِنْ وَجَدَ الْمَاء فَلْيَتَوَضَّأْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُصَلِّي الصَّلَوَات كُلّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِد مَا لَمْ يُحْدِث , وَكَذَلِكَ التَّيَمُّم . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُصَلِّي الصَّلَوَات كُلّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يُصَلِّي الصَّلَوَات بِالتَّيَمُّمِ مَا لَمْ يُحْدِث . 7660 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : التَّيَمُّم بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : يَتَيَمَّم الْمُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاة لَزِمَهُ طَلَب الْمَاء لِلتَّطَهُّرِ لَهَا فَرْضًا لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ كُلّ قَائِم إِلَى الصَّلَاة بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ , فَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء فَالتَّيَمُّم , ثُمَّ أَخْرَجَ الْقَائِم إِلَى الصَّلَاة مَنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قِيَامه إِلَيْهَا الْوُضُوء بِالْمَاءِ سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا أَنْ يَكُون قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا يَنْقُض طَهَارَته , فَيَسْقُط فَرْض الْوُضُوء عَنْهُ بِالسُّنَّةِ . وَأَمَّا الْقَائِم إِلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَامه إِلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةٍ قَبْلهَا , فَفَرْض التَّيَمُّم لَهُ لَازِم بِظَاهِرِ التَّنْزِيل بَعْد طَلَبه الْمَاء إِذَا أَعْوَزَهُ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَفُوًّا عَنْ ذُنُوب عِبَاده وَتَرْكه الْعُقُوبَة عَلَى كَثِير مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ , كَمَا عَفَا عَنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ قِيَامكُمْ إِلَى الصَّلَاة الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ فِي مَسَاجِدكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى . { غَفُورًا } يَقُول : فَلَمْ يَزَلْ يَسْتُر عَلَيْهِمْ ذُنُوبهمْ بِتَرْكِهِ مُعَالَجَتهمْ الْعَذَاب عَلَى خَطَايَاهُمْ , كَمَا سَتَرَ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتكُمْ عَلَى صَلَاتكُمْ فِي مَسَاجِدكُمْ سُكَارَى . يَقُول : فَلَا تَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَيَنَالكُمْ بِعَوْدِكُمْ لِمَا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْكَلَة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُجْتَازِي طَرِيق : أَيْ مُسَافِرِينَ حَتَّى تَغْتَسِلُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر. وَقَالَ اِبْن الْمُثَنَّى : فِي السَّفَر . 7564 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } يَقُول : لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ جُنُب , إِذَا وَجَدْتُمْ الْمَاء , فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا الْمَاء , فَقَدْ أَحْلَلْت لَكُمْ أَنْ تَمْسَحُوا بِالْأَرْضِ . 7565 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , أَوْ عَنْ زِرّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ فَلَا تَجِدُوا الْمَاء فَتَيَمَّمُوا . 7566 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : نَزَلَتْ فِي السَّفَر : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } وَعَابِر السَّبِيل : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد مَاء تَيَمَّمَ . 7567 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء فَإِنَّهُ يَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَكُون فِي السَّفَر فَتُصِيبهُ الْجَنَابَة فَيَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء فَيَتَيَمَّمُونَ صَعِيدًا طَيِّبًا , حَتَّى يَجِدُوا الْمَاء فَيَغْتَسِلُوا. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاء . 7568 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مُسَافِرِينَ , فَلَا يَجِدُوا الْمَاء فَيَتَيَمَّمُوا. 7569 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْمُسَافِر تُصِيبهُ الْجَنَابَة , فَلَا يَجِد مَاء فَيَتَيَمَّم . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , وَعَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَا : الْمُسَافِر الْجُنُب لَا يَجِد الْمَاء فَيَتَيَمَّم فَيُصَلِّي . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا أَنْ يَكُون مُسَافِرًا . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , نَحْوه. 7570 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَالَ : كُنَّا نَسْمَع أَنَّهُ فِي السَّفَر . 7571 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي , فَهُوَ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول هَذَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهُ جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل , يَعْنِي : إِلَّا مُجْتَازِينَ فِيهِ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ . فَقَالَ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة : أُقِيمَتْ الصَّلَاة مَقَام الْمُصَلَّى وَالْمَسْجِد , إِذْ كَانَتْ صَلَاة الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدهمْ أَيَّامَئِذٍ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ التَّجْمِيع فِيهَا , فَكَانَ فِي النَّهْي عَنْ أَنْ يَقْرَبُوا الصَّلَاة كِفَايَة عَنْ ذِكْر الْمَسَاجِد وَالْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7572 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : هُوَ الْمَمَرّ فِي الْمَسْجِد . 7573 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ اِبْن يَسَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا تَقْرَب الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ يَكُون طَرِيقك فِيهِ , فَتَمُرّ مَرًّا وَلَا تَجْلِس . 7574 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد : فِي الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد مُجْتَازًا وَهُوَ قَائِم لَا يَجْلِس وَلَيْسَ بِمُتَوَضِّئٍ , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } 7575 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ نَهْشَل , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد مَا لَمْ يَجْلِسَا فِيهِ. 7576 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْر , قَالَ : كَانَ أَحَدنَا يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جُنُب مُجْتَازًا . 7577 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُد فِيهِ . 7578 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَا جَمِيعًا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : إِذَا لَمْ يَجِد طَرِيقًا إِلَّا الْمَسْجِد يَمُرّ فِيهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } قَالَ : لَا بَأْس أَنْ يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيق غَيْره . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 7579 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْجُنُب يَمُرّ فِي الْمَسْجِد وَلَا يَجْلِس فِيهِ , ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } 7580 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , مِثْله . 7581 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 7582 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الْحَسَن بْن عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي الضُّحَى مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَا بَأْس لِلْحَائِضِ وَالْجُنُب أَنْ يَمُرَّا فِي الْمَسْجِد وَلَا يَقْعُدَا فِيهِ . 7583 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : رُخِّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرّ فِي الْمَسْجِد . 7584 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَار كَانَتْ أَبْوَابهمْ فِي الْمَسْجِد تُصِيبهُمْ جَنَابَة وَلَا مَاء عِنْدهمْ , فَيُرِيدُونَ الْمَاء وَلَا يَجِدُونَ مَمَرًّا إِلَّا فِي الْمَسْجِد , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالَ : لَا يَجْتَاز فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَنْ لَا يَجِد طَرِيقًا غَيْره . 7585 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : لَا يَمُرّ الْجُنُب فِي الْمَسْجِد يَتَّخِذهُ طَرِيقًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالتَّأْوِيلِ لِذَلِكَ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } إِلَّا مُجْتَازِي طَرِيق فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْم الْمُسَافِر إِذَا عَدِمَ الْمَاء وَهُوَ جُنُب فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا } لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْمُسَافِر لَمْ يَكُنْ لِإِعَادَةِ ذِكْره فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } مَعْنًى مَفْهُوم , وَقَدْ مَضَى ذِكْر حُكْمه قَبْل ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْآيَة : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِد لِلصَّلَاةِ مُصَلِّينَ فِيهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ , وَلَا تَقْرَبُوهَا أَيْضًا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل . وَالْعَابِر السَّبِيل : الْمُجْتَازُهُ مَرًّا وَقَطْعًا , يُقَال مِنْهُ : عَبَرْت هَذَا الطَّرِيق فَأَنَا أَعْبُرهُ عَبْرًا وَعُبُورًا , وَمِنْهُ قِيلَ : عَبَرَ فُلَان النَّهَر : إِذَا قَطَعَهُ وَجَازَهُ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّة عَلَى الْأَسْفَار لِقُوَّتِهَا : وَهِيَ عُبْر أَسْفَار لِقُوَّتِهَا عَلَى الْأَسْفَار .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } مِنْ جُرْح أَوْ جُدَرِيّ وَأَنْتُمْ جُنُب . كَمَا : 7586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُنَبِّه الْفَضْل بْن سُلَيْم , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي قَدْ أُرْخِصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الْكَسِير وَالْجَرِيح , فَإِذَا أَصَابَتْ الْجَنَابَة الْكَسِير اِغْتَسَلَ , وَالْجَرِيح لَا يَحِلّ جِرَاحَته إِلَّا جِرَاحَة لَا يَخْشَى عَلَيْهَا . 7587 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ شَرِيك , عَنْ إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } قَالَ : هِيَ لِلْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ الْجِرَاحَة الَّتِي يَخَاف مِنْهَا أَنْ يَغْتَسِل فَلَا يَغْتَسِل , فَرُخِّصَ لَهُ فِي التَّيَمُّم . 7588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : هُوَ الْجِرَاح وَالْجِرَاحَة الَّتِي يُتَخَوَّف عَلَيْهَا مِنْ الْمَاء إِنْ أَصَابَهُ ضُرّ صَاحِبه , فَذَلِكَ يَتَيَمَّم صَعِيدًا طَيِّبًا . 7589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَزْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : إِذَا كَانَ بِهِ جُرُوح أَوْ قُرُوح يَتَيَمَّم . 7590 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : مِنْ الْقُرُوح تَكُون فِي الذِّرَاعَيْنِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } قَالَ : الْقُرُوح فِي الذِّرَاعَيْنِ. 7591 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون , عَنْ عَمْرو , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : صَاحِب الْجِرَاحَة الَّتِي يَتَخَوَّف عَلَيْهِ مِنْهَا يَتَيَمَّم . ثُمَّ قَرَأَ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر } 7592 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } وَالْمَرَض : أَنْ يُصِيب الرَّجُل الْجُرْح أَوْ الْقُرْح أَوْ الْجُدَرِيّ , فَيَخَاف عَلَى نَفْسه مِنْ بَرْد الْمَاء وَأَذَاهُ , يَتَيَمَّم بِالصَّعِيدِ كَمَا يَتَيَمَّم الْمُسَافِر الَّذِي لَا يَجِد الْمَاء . 7593 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَاصِم , يَعْنِي الْأَحْوَل , عَنْ الشَّعْبِيّ , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَجْدُور تُصِيبهُ الْجَنَابَة ؟ قَالَ : ذَهَبَ فُرْسَان هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا : 7594 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } قَالَ : الْمَرِيض الَّذِي لَا يَجِد أَحَدًا يَأْتِيه بِالْمَاءِ وَلَا يَقْدِر عَلَيْهِ , وَلَيْسَ لَهُ خَادِم , وَلَا عَوْن , فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ , وَلَا يَحْبُو إِلَيْهِ , تَيَمَّمَ وَصَلَّى إِذَا حَلَّتْ الصَّلَاة . قَالَ : هَذَا كُلّه قَوْل أَبِي : إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَتَنَاوَل الْمَاء وَلَيْسَ عِنْده مَنْ يَأْتِيه بِهِ لَا يَتْرُك الصَّلَاة , وَهُوَ أَعْذَر مِنْ الْمُسَافِر . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا : وَإِنْ كُنْتُمْ جَرْحَى أَوْ بِكُمْ قُرُوح أَوْ كَسْر أَوْ عِلَّة لَا تَقْدِرُونَ مَعَهَا عَلَى الِاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة , وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ غَيْر مُسَافِرِينَ , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا .
وَأَمَّا قَوْله : { أَوْ عَلَى سَفَر } أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ أَصِحَّاء جُنُب , فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا.
وَكَذَلِكَ تَأْوِيل قَوْله : { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } يَقُول : أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط قَدْ قَضَى حَاجَته وَهُوَ مُسَافِر صَحِيح , فَلْيَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَالْغَائِط : مَا اِتَّسَعَ مِنْ الْأَوْدِيَة وَتَصَوَّبَ , وَجُعِلَ كِنَايَة عَنْ قَضَاء حَاجَة الْإِنْسَان , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ تَخْتَار قَضَاء حَاجَتهَا فِي الْغِيطَان فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ , فَقِيلَ لِكُلِّ مَنْ قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغِيطَان حَيْثُ قَضَاهَا مِنْ الْأَرْض : مُتَغَوِّط , جَاءَ فُلَان مِنْ الْغَائِط يَعْنِي بِهِ : قَضَى حَاجَته الَّتِي كَانَتْ تُقْضَى فِي الْغَائِط مِنْ الْأَرْض . وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي الْغَائِط : الْوَادِي. 7595 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } قَالَ : الْغَائِط : الْوَادِي .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوْ بَاشَرْتُمْ النِّسَاء بِأَيْدِيكُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي اللَّمْس الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الْجِمَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7596 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : ذَكَرُوا اللَّمْس , فَقَالَ نَاس مِنْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَ نَاس مِنْ الْعَرَب : اللَّمْس : الْجِمَاع . قَالَ : فَأَتَيْت اِبْن عَبَّاس , فَقُلْت : إِنَّ نَاسًا مِنْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب اِخْتَلَفُوا فِي اللَّمْس , فَقَالَتْ الْمَوَالِي : لَيْسَ بِالْجِمَاعِ , وَقَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع . قَالَ : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْت ؟ قُلْت : كُنْت مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي , إِنَّ الْمَسّ وَاللَّمْس , وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي قَيْس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يُحَدِّث عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : هُوَ الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِخْتَلَفْت أَنَا وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر فِي قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : هُوَ الْجِمَاع , وَقُلْت أَنَا وَعَطَاء : هُوَ اللَّمْس . قَالَ : فَدَخَلْنَا عَلَى اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلْنَاهُ , فَقَالَ : غَلَبَ فَرِيق الْمَوَالِي وَأَصَابَتْ الْعَرَب , هُوَ الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يَعِفّ وَيُكَنِّي . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَعُبَيْد بْن عُمَيْر : اِخْتَلَفُوا فِي الْمُلَامَسَة , فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء : الْمُلَامَسَة مَا دُون الْجِمَاع . وَقَالَ عُبَيْد : هُوَ النِّكَاح . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس , فَسَأَلُوهُ , فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ : الْمُلَامَسَة : النِّكَاح , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي وَيَعِفّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : اِجْتَمَعَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء وَعُبَيْد بْن عُمَيْر , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ : سَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء فِي التَّمَاسّ : الْغَمْز بِالْيَدِ , وَقَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : الْجِمَاع . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : أَخْطَأَ الْمَوْلَيَانِ , وَأَصَابَ الْعَرَبِيّ , وَلَكِنَّهُ يَعِفّ وَيُكَنِّي . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : قَالَ اِبْن عَبَّاس : اللَّمْس : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة وَعَبْد الْوَهَّاب , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : اللَّمْس وَالْمَسّ وَالْمُبَاشَرَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي بِمَا شَاءَ . * - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه كَرِيم يُكَنِّي عَمَّا شَاءَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُوَيْد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي وَحْشِيَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِخْتَلَفَتْ الْعَرَب وَالْمَوَالِي فِي الْمُلَامَسَة عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس قَالَتْ الْعَرَب : الْجِمَاع , وَقَالَتْ الْمَوَالِي : بِالْيَدِ. قَالَ : فَخَرَجَ اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : غُلِبَ فَرِيق الْمَوَالِي , الْمُلَامَسَة : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كُنَّا عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَعَدَ قَوْم عَلَى بَاب اِبْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْمُلَامَسَة : هُوَ النِّكَاح . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : اِجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي وَالْعَرَب فِي الْمَسْجِد وَابْن عَبَّاس فِي الصُّفَّة , فَاجْتَمَعَتْ الْمَوَالِي عَلَى أَنَّهُ اللَّمْس دُون الْجِمَاع , وَاجْتَمَعَتْ الْعَرَب عَلَى أَنَّهُ الْجِمَاع , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مِنْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ أَنْتَ ؟ قُلْت : مِنْ الْمَوَالِي , قَالَ : غُلِبْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : اللَّمْس : الْجِمَاع . * - وَبِهِ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ دَاوُد , عَنْ جَعْفَر بْن إِيَاس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : الْجِمَاع . 7598 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : الْجِمَاع . 7599 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْجِمَاع . 7600 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ خُصَيْف , قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا , فَقَالَ ذَلِكَ . 7601 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن , قَالَا : غِشْيَان النِّسَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ كُلّ لَمْس بِيَدٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاء جَسَد الْإِنْسَان . وَأَوْجَبُوا الْوُضُوء عَلَى مَنْ مَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَده شَيْئًا مِنْ جَسَدهَا مُفْضِيًا إِلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَالَ شَيْئًا هَذَا مَعْنَاهُ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . 7603 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه - أَوْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة مَنْصُور الَّذِي شَكَّ - قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ الْمَسّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُخَارِق , عَنْ طَارِق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ اِبْن مَسْعُود : اللَّمْس : مَا دُون الْجِمَاع. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس . * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس , وَفِيهَا الْوُضُوء . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , مِثْله . 7604 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْم بْن أَخْضَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ : فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَحَكَاهُ سُلَيْم - وَأَرَانَاهُ أَبُو عَبْد اللَّه , فَضَمَّ أَصَابِعه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } قَالَ بِيَدِهِ , فَظَنَنْت مَا عَنَى فَلَمْ أَسْأَلهُ . 7605 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , قَالَ : ذَكَرُوا عِنْد مُحَمَّد مَسّ الْفَرْج , وَأَظُنّهُمْ ذَكَرُوا مَا قَالَ اِبْن عُمَر فِي ذَلِكَ , فَقَالَ مُحَمَّد : قُلْت لِعُبَيْدَة , قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ . قَالَ اِبْن عَوْن : بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَل شَيْئًا يَقْبِض عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ عُبَيْدَة : اللَّمْس بِالْيَدِ . * - قَالَ ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ , وَضَمَّ أَصَابِعه , حَتَّى عَرَفْت الَّذِي أَرَادَ . 7606 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع : أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَتَوَضَّأ مِنْ قُبْلَة الْمَرْأَة , وَيَرَى فِيهَا الْوُضُوء , وَيَقُول : هِيَ مِنْ اللِّمَاس. 7607 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . 7608 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا مُحِلّ بْن مُحْرِز , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : اللَّمْس مِنْ شَهْوَة يَنْقُض الْوُضُوء . 7609 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم وَحَمَّاد أَنَّهُمَا قَالَا : اللَّمْس مَا دُون الْجِمَاع . 7610 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عَطَاء , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ أَصْحَاب عَبْد اللَّه , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ بَيَان , عَنْ عَامِر , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع. * - قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : الْمُلَامَسَة : مَا دُون الْجِمَاع , ثُمَّ قَرَأَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا , فَعَرَفْت مَا يَعْنِي. 7611 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ وَحَسَن بْن صَالِح , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , قَالَ : الْقُبْلَة مِنْ اللَّمْس. 7612 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ زُهَيْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة : الْقُبْلَة وَالشَّيْء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } الْجِمَاع دُون غَيْره مِنْ مَعَانِي اللَّمْس , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ. 7613 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأ ثُمَّ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة : " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْض نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة وَلَمْ يَتَوَضَّأ " , قُلْت : مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ ؟ فَضَحِكَتْ . 7614 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ حَجَّاج , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ زَيْنَب السَّهْمِيَّة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّل , ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا شِهَاب بْن عَبَّاد , قَالَ : ثنا مَنْدَل , عَنْ لَيْث , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة . وَعَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَال مِنِّي الْقُبْلَة بَعْد الْوُضُوء , ثُمَّ لَا يُعِيد الْوُضُوء " . 7615 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني يَزِيد بْن سِنَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلهَا وَهُوَ صَائِم , ثُمَّ لَا يُفْطِر , وَلَا يُحْدِث وُضُوءًا " . فَفِي صِحَّة الْخَبَر فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ اللَّمْس فِي هَذَا الْمَوْ ضِع لَمْس الْجِمَاع لَا جَمِيع مَعَانِي اللَّمْس , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا إِنْ تَصْدُق الطَّيْر نَنِكْ لَمِيسَا يَعْنِي بِذَلِكَ : نَنِكْ لِمَاسًا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : { أَوْ لَامَسْتُمْ } بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ نِسَاءَكُمْ وَلَمَسَتْكُمْ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء " بِمَعْنَى : أَوْ لَمَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يَكُون الرَّجُل لَامِسًا اِمْرَأَته إِلَّا وَهِيَ لَامِسَته , فَاللَّمْس فِي ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى مَعْنَى اللِّمَاس , وَاللِّمَاس عَلَى مَعْنَى اللَّمْس مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِاتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَة وَهُمْ جِرَاح. 7616 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مُحَمَّد بْن جَابِر , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي الْمَرِيض لَا يَسْتَطِيع الْغُسْل مِنْ الْجَنَابَة أَوْ الْحَائِض , قَالَ : يَجْزِيهِمْ التَّيَمُّم , وَنَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِرَاحَة , فَفَشَتْ فِيهِمْ , ثُمَّ اُبْتُلُوا بِالْجَنَابَةِ , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط } . .. الْآيَة كُلّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَزَهُمْ الْمَاء فَلَمْ يَجِدُوهُ فِي سَفَر لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7617 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْت فِي مَسِير مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الْجَيْش , ضَلَّ عِقْدِي , فَأَخْبَرْت بِذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَ بِالْتِمَاسِهِ , فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَد . فَأَنَاخَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَاخَ النَّاس , فَبَاتُوا لَيْلَتهمْ تِلْكَ ; فَقَالَ النَّاس : حَبَسَتْ عَائِشَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : فَجَاءَ إِلَيَّ أَبُو بَكْر , وَرَأْس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِي وَهُوَ نَائِم , فَجَعَلَ يَهْمِزنِي وَيَقْرُصنِي وَيَقُول : مِنْ أَجْل عِقْدك حَبَسْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : فَلَا أَتَحَرَّك مَخَافَة أَنْ يَسْتَيْقِظ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ أَوْجَعَنِي فَلَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَع . فَلَمَّا رَآنِي لَا أُحِير إِلَيْهِ اِنْطَلَقَ ; فَلَمَّا اِسْتَيْقَظَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ الصَّلَاة فَلَمْ يَجِد مَاء . قَالَتْ : فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى آيَة التَّيَمُّم . قَالَتْ : فَقَالَ اِبْن حُضَيْر : مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتكُمْ يَا آل أَبِي بَكْر . 7618 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَر , فَفَقَدَتْ عَائِشَة قِلَادَة لَهَا , فَأَمَرَ النَّاس بِالنُّزُولِ , فَنَزَلُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَأَتَى أَبُو بَكْر عَلَى عَائِشَة , فَقَالَ لَهَا : شَقَقْت عَلَى النَّاس ! وَقَالَ أَيُّوب بِيَدِهِ - يَصِف أَنَّهُ قَرَصَهَا - قَالَ : وَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم , وَوَجَدَتْ الْقِلَادَة فِي مَنَاخ الْبَعِير , فَقَالَ النَّاس : مَا رَأَيْنَا اِمْرَأَة أَعْظَم بَرَكَة مِنْهَا . 7619 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْهِلَالِيّ , قَالَ : ثني عِمْرَان بْن مُحَمَّد الْحَدَّاد , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن بَدْر , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل مِنَّا مِنْ بلعرج يُقَال لَهُ : الْأَسْلَع , قَالَ : كُنْت أَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَرْحَل لَهُ , فَقَالَ لِي ذَات لَيْلَة : " يَا أَسْلَع قُمْ فَارْحَلْ , لِي ! " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَصَابَتْنِي جَنَابَة . فَسَكَتَ سَاعَة , ثُمَّ دَعَانِي وَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِآيَةِ الصَّعِيد , وَوَصَفَ لَنَا ضَرْبَتَيْنِ . 7620 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن خَالِد , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن بَدْر , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل مِنَّا يُقَال لَهُ الْأَسْلَع , قَالَ : كُنْت أَخْدُم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَسَكَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا - أَوْ قَالَ سَاعَة الشَّكّ مِنْ عَمْرو - قَالَ : وَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِآيَةِ الصَّعِيد , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُمْ يَا أَسْلَع فَتَيَمَّمْ ! " قَالَ : فَتَيَمَّمْت ثُمَّ رَحَلْت لَهُ . قَالَ : فَسِرْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِمَاءٍ فَقَالَ : " يَا أَسْلَع مَسَّ - أَوْ أَمِسّ - بِهَذَا جِلْدك ! " قَالَ : وَأَرَانِي التَّيَمُّم كَمَا أَرَاهُ أَبُوهُ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَضَرْبَة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7621 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن نُفَيْل , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَان أَبُو عَمْرو حَاجِب عَائِشَة : أَنَّ اِبْن عَبَّاس دَخَلَ عَلَيْهَا فِي مَرَضهَا , فَقَالَ : أَبْشِرِي كُنْت أَحَبّ نِسَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ إِلَّا طَيِّبًا , وَسَقَطَتْ قِلَادَتك لَيْلَة الْأَبْوَاء , فَأَصْبَحَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَقِطهَا , حَتَّى أَصْبَحَ فِي الْمَنْزِل , فَأَصْبَحَ النَّاس لَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه : { تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبك , وَمَا أَذِنَ اللَّه لِهَذِهِ الْأُمَّة مِنْ الرُّخْصَة . 7622 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن نُمَيْر , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : أَنَّهَا اِسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاء قِلَادَة , فَهَلَكَتْ , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي طَلَبهَا , فَوَجَدُوهَا , وَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاة , وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاء , فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوء , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه آيَة التَّيَمُّم ; فَقَالَ أُسَيْد بْن حُضَيْر لِعَائِشَة : جَزَاك اللَّه خَيْرًا , فَوَاَللَّهِ مَا نَزَلَ بِك أَمْر تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّه لَك وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهَا قَالَتْ : سَقَطَتْ قِلَادَة لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ إِلَى الْمَدِينَة , فَأَنَاخَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ , فَبَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِي رَاقِد , أَقْبَلَ أَبِي , فَلَكَزَنِي لَكْزَة , ثُمَّ قَالَ : حَبَسْت النَّاس . ثُمَّ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَيْقَظَ , وَحَضَرَتْ الصُّبْح , فَالْتَمَسَ الْمَاء فَلَمْ يُوجَد , وَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة } . .. الْآيَة . قَالَ أُسَيْد بْن حُضَيْر : لَقَدْ بَارَكَ اللَّه لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آل أَبِي بَكْر , مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَة . 7623 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن شَبِيب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : دَخَلَ اِبْن عَبَّاس عَلَى عَائِشَة , فَقَالَ : كُنْت أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ بَرَكَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَقَطَتْ قِلَادَتك بِالْأَبْوَاءِ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيك آيَة التَّيَمُّم . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء , فَطَلَبْتُمْ الْمَاء لِتَتَطَهَّرُوا بِهِ , فَلَمْ تَجِدُوهُ بِثَمَنٍ وَلَا غَيْر ثَمَن , { فَتَيَمَّمُوا } يَقُول : فَتَعَمَّدُوا , وَهُوَ تَفَعَّلُوا مِنْ قَوْل الْقَائِل : تَيَمَّمْت كَذَا : إِذَا قَصَدْته وَتَعَمَّدْته فَأَنَا أَتَيَمَّمُهُ , وَقَدْ يُقَال مِنْهُ : يَمَّمَهُ فُلَان فَهُوَ يُيَمِّمهُ , وَأَيْمَمْتُهُ أَنَا وَأَمَمْته خَفِيفَة , وَتَيَمَّمْت وَتَأَمَّمْت , وَلَمْ يُسْمَع فِيهَا يَمَمْت خَفِيفَة . وَمِنْهُ قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : تَيَمَّمْت قَيْسًا وَكَمْ دُونه مِنْ الْأَرْض مِنْ مَهْمَة ذِي شَزَن يَعْنِي بِقَوْلِهِ : تَيَمَّمْت : تَعَمَّدْت وَقَصَدْت , وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَأُمُّوا صَعِيدًا " . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7624 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : تَحَرَّوْا وَتَعَمَّدُوا صَعِيدًا طَيِّبًا . وَأَمَّا الصَّعِيد , فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْأَرْض الْمَلْسَاء الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا وَلَا غِرَاس ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7625 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَر وَلَا نَبَات . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الْأَرْض الْمُسْتَوِيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7626 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الصَّعِيد : الْمُسْتَوِي . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الصَّعِيد : التُّرَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7627 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن بَشِير , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس الْمُلَائِيّ , قَالَ : الصَّعِيد : التُّرَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : الصَّعِيد : وَجْه الْأَرْض . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ وَجْه الْأَرْض ذَات التُّرَاب وَالْغُبَار . وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ وَجْه الْأَرْض الْخَالِيَة مِنْ النَّبَات وَالْغُرُوس وَالْبِنَاء الْمُسْتَوِيَة , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : كَأَنَّهُ بِالضُّحَى يَرْمِي الصَّعِيد بِهِ دَبَّابَة فِي عِظَام الرَّأْس خُرْطُوم يَعْنِي : يَضْرِب بِهِ وَجْه الْأَرْض . وَأَمَّا قَوْله طَيِّبًا , فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : طَاهِرًا مِنْ الْأَقْذَار وَالنَّجَاسَات . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { طَيِّبًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : حَلَالًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7628 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : قَالَ بَعْضهمْ : حَلَالًا . وَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : 7629 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا عَبْدَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج قِرَاءَة , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } قَالَ : الطَّيِّب : مَا حَوْلك . قُلْت : مَكَان جَرْد غَيْر أَبْطَح , أَيُجْزِئُ عَنِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَمَعْنَى الْكَلَام : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاء أَيّهَا النَّاس , وَكُنْتُمْ مَرْضَى , أَوْ عَلَى سَفَر , أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط , أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاء , فَأَرَدْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا فَتَيَمَّمُوا , يَقُول : فَتَعَمَّدُوا وَجْه الْأَرْض الطَّاهِرَة , فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَامْسَحُوا مِنْهُ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ , وَلَكِنَّهُ تَرَكَ ذِكْر " مِنْهُ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَالْمَسْح مِنْهُ بِالْوَجْهِ أَنْ يَضْرِب الْمُتَيَمِّم بِيَدَيْهِ عَلَى وَجْه الْأَرْض الطَّاهِر , أَوْ مَا قَامَ مَقَامه , فَيَمْسَح بِمَا عَلِقَ مِنْ الْغُبَار وَجْهه , فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلِقَ بِهِ الْغُبَار كَثِيرًا , فَنَفَخَ عَنْ يَدَيْهِ أَوْ نَفَضَهُ , فَهُوَ جَائِز . وَإِنْ لَمْ يَعْلَق بِيَدَيْهِ مِنْ الْغُبَار شَيْء , وَقَدْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أَوْ إِحْدَاهُمَا الصَّعِيد , ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا أَوْ بِهَا وَجْهه أَجْزَأَهُ ذَلِكَ , لِإِجْمَاعِ جَمِيع الْحُجَّة عَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّم لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الصَّعِيد وَهُوَ أَرْض رَمْل فَلَمْ يَعْلَق بِيَدَيْهِ مِنْهَا شَيْء فَتَيَمَّمَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئُهُ , لَمْ يُخَالِف ذَلِكَ مَنْ يَجُوز أَنْ يَعْتَدّ بِخِلَافِهِ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي يُرَاد بِهِ مِنْ ضَرْب الصَّعِيد بِالْيَدَيْنِ مُبَاشَرَة الصَّعِيد بِهِمَا بِالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِمُبَاشَرَتِهِ بِهِمَا , لَا لِأَخْذِ تُرَاب مِنْهُ . وَأَمَّا الْمَسْح بِالْيَدَيْنِ , فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي الْحَدّ الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِمَسْحِهِ مِنْ الْيَدَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : حَدّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ , وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَيَمِّم مَسْح مَا وَرَاء ذَلِكَ مِنْ السَّاعِدَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7630 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : تَيَمَّمَ عَمَّار فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى التُّرَاب ضَرْبَة وَاحِدَة , ثُمَّ مَسَحَ بِيَدَيْهِ وَاحِدَة عَلَى الْأُخْرَى , ثُمَّ مَسَحَ وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ أُخْرَى , فَجَعَلَ يَلْوِي يَده عَلَى الْأُخْرَى وَلَمْ يَمْسَح الذِّرَاع . 7631 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , قَالَ : رَأَيْت الشَّعْبِيّ وَصَفَ لَنَا التَّيَمُّم : فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْض ضَرْبَة , ثُمَّ نَفَضَهُمَا وَمَسَحَ وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ أُخْرَى , فَجَعَلَ يَلْوِي كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , وَلَمْ يَذْكُر أَنَّهُ مَسَحَ الذِّرَاع . 7632 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : وَضَعَ عَمَّار بْن يَاسِر كَفَّيْهِ فِي التُّرَاب , ثُمَّ رَفَعَهُمَا فَنَفَخَهُمَا , فَمَسَحَ وَجْهه وَكَفَّيْهِ , ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا التَّيَمُّم . 7633 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا سَلَّام مَوْلَى حَفْص , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة , يَقُول : التَّيَمُّم ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْكَفَّيْنِ . 7634 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ سَعِيد وَابْن جَابِر , أَنَّ مَكْحُولًا كَانَ يَقُول : التَّيَمُّم ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوع , وَيَتَأَوَّل مَكْحُول الْقُرْآن فِي ذَلِكَ : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِق } 5 6 وَقَوْله فِي التَّيَمُّم : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ كَمَا اِسْتَثْنَى فِي الْوُضُوء إِلَى الْمَرَافِق . قَالَ مَكْحُول : قَالَ اللَّه : { وَالسَّارِق وَالسَّارِقَة فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } 6 38 فَإِنَّمَا تُقْطَع يَد السَّارِق مِنْ مِفْصَل الْكُوع . 7635 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا بِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسِيّ , عَنْ اِبْن جَابِر : أَنَّهُ رَأَى مَكْحُولًا يَتَيَمَّم يَضْرِب بِيَدَيْهِ عَلَى الصَّعِيد , ثُمَّ يَمْسَح بِهِمَا وَجْهه وَكَفَّيْهِ بِوَاحِدَةٍ . 7636 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : التَّيَمُّم : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ الْأَثَر مَا : 7637 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْدَة وَمُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ اِبْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر : أَنَّهُ سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّم , فَقَالَ : " مَرَّة لِلْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه " . وَفِي حَدِيث اِبْن بِشْر : أَنَّ عَمَّارًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّيَمُّم . 7638 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن سَعِيد الْقُرَشِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ اِبْن أَبْزَى , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُمَر , فَقَالَ : إِنِّي أَجْنَبْت فَلَمْ أَجِد الْمَاء , فَقَالَ عُمَر : لَا تُصَلِّ ! فَقَالَ لَهُ عَمَّار : أَمَا تَذْكُر أَنَّا فِي مَسِير عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْنَبْت أَنَا وَأَنْتَ , فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ , وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْت فِي التُّرَاب وَصَلَّيْت , فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : " إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك " وَضَرَبَ كَفَّيْهِ الْأَرْض وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ وَجْهه وَكَفَّيْهِ مَرَّة وَاحِدَة ؟ وَقَالُوا : أَمَرَ اللَّه فِي التَّيَمُّم بِمَسْحِ الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ , فَمَا مَسَحَ مِنْ وَجْهه وَيَدَيْهِ فِي التَّيَمُّم أَجْزَأَهُ , إِلَّا أَنْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَقَالَ آخَرُونَ : حَدّ الْمَسْح الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِهِ فِي التَّيَمُّم أَنْ يَمْسَح جَمِيع الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7639 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَرَّاث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع : أَنَّ اِبْن عُمَر تَيَمَّمَ بِمِرْبَدِ النَّعَم , فَضَرَبَ ضَرْبَة فَمَسَحَ وَجْهه , وَضَرَبَ ضَرْبَة فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : التَّيَمُّم مَسْحَتَانِ , يَضْرِب الرَّجُل بِيَدَيْهِ الْأَرْض , يَمْسَح بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ يَضْرِب بِهِمَا مَرَّة أُخْرَى فَيَمْسَح يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر فِي التَّيَمُّم , قَالَ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْكَفَّيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : كَانَ يَقُول فِي الْمَسْح فِي التَّيَمُّم إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7640 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ التَّيَمُّم , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرهمَا وَبَاطِنهمَا . 7641 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِق وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } 5 6 وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } 5 6 قَالَ : أَمَرَ أَنْ يُمْسَح فِي التَّيَمُّم مَا أَمَرَ أَنْ يُغْسَل فِي الْوُضُوء وَأَبْطَلَ مَا أَمَرَ أَنْ يُمْسَح فِي الْوُضُوء الرَّأْس وَالرِّجْلَانِ . 7642 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , وَحَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ جَمِيعًا , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي التَّيَمُّم , قَالَ : ضَرْبَة لِلْوَجْهِ , وَضَرْبَة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7643 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ فِيمَا أَمَرَ بِالْغُسْلِ . 7644 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : سَأَلْت سَالِم بْن عَبْد اللَّه عَنْ التَّيَمُّم , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض ضَرْبَة فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض ضَرْبَة أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . 7645 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : وَأَخْبَرَنَا حَبِيب بْن الشَّهِيد , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ التَّيَمُّم , فَقَالَ : ضَرْبَة يَمْسَح بِهَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرْبَة أُخْرَى يَمْسَح بِهَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة أَنَّ التَّيَمُّم بَدَل مِنْ الْوُضُوء عَلَى الْمُتَيَمِّم أَنْ يَبْلُغ بِالتُّرَابِ مِنْ وَجْهه وَيَدَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْلُغهُ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا فِي الْوُضُوء . وَاعْتَلُّوا مِنْ الْأَثَر بِمَا : 7646 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا نُعَيْم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا خَارِجَة بْن مُصْعَب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَطَاء , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ الْأَعْرَج , عَنْ أَبِي جُهَيْم , قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُول فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيَّ , فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ إِلَى حَائِط , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِ , فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْحَائِط , فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , ثُمَّ رَدَّ عَلَيَّ السَّلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : الْحَدّ الَّذِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يَبْلُغ بِالتُّرَابِ إِلَيْهِ فِي التَّيَمُّم الْآبَاط . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7647 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة التِّنِّيسِيّ , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : التَّيَمُّم إِلَى الْآبَاط . وَعِلَّة مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَد فِي التَّيَمُّم كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْه , وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَح جَمِيع الْوَجْه , فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيع الْيَد , وَمِنْ طَرَف الْكَفّ إِلَى الْإِبْط يَد . وَاعْتَلُّوا مِنْ الْخَبَر بِمَا : 7648 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا صَيْفِيّ بْن رِبْعِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي الْيَقْظَان , قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَكَ عِقْد لِعَائِشَة , فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَاءَ الصُّبْح , فَتَغَيَّظَ أَبُو بَكْر عَلَى عَائِشَة , فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ الرُّخْصَة الْمَسْح بِالصَّعِيدِ , فَدَخَلَ أَبُو بَكْر فَقَالَ لَهَا : إِنَّك لَمُبَارَكَة , نَزَلَ فِيك رُخْصَة ! فَضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا ضَرْبَة لِوَجْهِنَا , وَضَرْبَة بِأَيْدِينَا إِلَى الْمَنَاكِب وَالْآبَاط . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَدّ الَّذِي لَا يُجْزِئ الْمُتَيَمِّم أَنْ يُقَصِّر عَنْهُ فِي مَسْحه بِالتُّرَابِ مِنْ يَدَيْهِ , الْكَفَّانِ إِلَى الزَّنْدَيْنِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ التَّقْصِير عَنْ ذَلِكَ غَيْر جَائِز , ثُمَّ هُوَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ مُخَيَّر إِنْ شَاءَ بَلَغَ بِمَسْحِهِ الْمِرْفَقَيْنِ , وَإِنْ شَاءَ الْآبَاط . وَالْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا جَعَلْنَاهُ مُخَيَّرًا فِيمَا جَاوَزَ الْكَفَّيْنِ أَنَّ اللَّه لَمْ يَحُدّ فِي مَسْح ذَلِكَ بِالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّم حَدًّا لَا يَجُوز التَّقْصِير عَنْهُ , فَمَا مَسَحَ الْمُتَيَمِّم مِنْ يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ , إِلَّا مَا أُجْمَع عَلَيْهِ , أَوْ قَامَتْ الْحُجَّة بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئهُ التَّقْصِير عَنْهُ , وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ التَّقْصِير عَنْ الْكَفَّيْنِ غَيْر مُجْزِئ , فَخَرَجَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ , وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمُخْتَلَف فِيهِ , وَإِذْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ , وَكَانَ الْمَاسِح بِكَفَّيْهِ دَاخِلًا فِي عُمُوم الْآيَة كَانَ خَارِجًا مِمَّا لَزِمَهُ مِنْ مَرَض ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْجُنُب , هَلْ هُوَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي رُخْصَة التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء أَمْ لَا ؟ فَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ حُكْم الْجُنُب فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء حُكْم مَنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِط , وَسَائِر مَنْ أَحْدَثَ مِمَّنْ جَعَلَ التَّيَمُّم لَهُ طَهُورًا لِصَلَاتِهِ , وَقَدْ ذَكَرْت قَوْل بَعْض مَنْ تَأَوَّلَ قَوْل اللَّه : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } أَوْ جَامَعْتُمُوهُنَّ , وَتَرَكْنَا ذِكْر الْبَاقِينَ لِكَثْرَةِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَاعْتَلَّ قَائِلُوهُ هَذِهِ الْمَقَالَة بِأَنَّ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّم إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء فِي سَفَره بِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ نَبِيّهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَقْطَع الْعُذْر , وَيُزِيل الشَّكّ . وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ : لَا يُجْزِئ الْجُنُب غَيْر الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ , وَالتَّيَمُّم لَا يُطَهِّرهُ . قَالُوا : وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّيَمُّم رُخْصَة لِغَيْرِ الْجُنُب , وَتَأَوَّلُوا قَوْل اللَّه : { وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيل } قَالُوا : وَقَدْ نَهَى اللَّه الْجُنُب أَنْ يَقْرَب مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مُجْتَازًا فِيهِ حَتَّى يَغْتَسِل , وَلَمْ يُرَخِّص لَهُ بِالتَّيَمُّمِ . قَالُوا : وَتَأْوِيل قَوْله : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء } أَوْ لَامَسْتُمُوهُنَّ بِالْيَدِ دُون الْفَرْج وَدُون الْجِمَاع . قَالُوا : فَلَمْ نَجِد اللَّه رَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي التَّيَمُّم , بَلْ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ , وَأَنْ لَا يَقْرَب الصَّلَاة إِلَّا مُغْتَسِلًا . قَالُوا : وَالتَّيَمُّم لَا يُطَهِّرهُ لِصَلَاتِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7649 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شَقِيق , قَالَ : كُنْت مَعَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن أَرَأَيْت رَجُلًا أَجْنَب فَلَمْ يَجِد الْمَاء شَهْرًا أَيَتَيَمَّمُ ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : لَا يَتَيَمَّم وَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء شَهْرًا . فَقَالَ أَبُو مُوسَى : فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } ؟ 5 6 فَقَالَ عَبْد اللَّه : إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ الْمَاء أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ . فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : إِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ أَبُو مُوسَى : أَلَمْ تَسْمَع قَوْل عَمَّار لِعُمَر : بَعَثَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَة , فَأَجْنَبْت , فَلَمْ أَجِد الْمَاء , فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيد كَمَا تَمَرَّغَ الدَّابَّة , قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " إِنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَصْنَع هَكَذَا " , وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ ضَرْبَة وَاحِدَة وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهه , وَمَسَحَ كَفَّيْهِ ؟ قَالَ عَبْد اللَّه : أَلَمْ تَرَ عُمَر لَمْ يَقْنَع لِقَوْلِ عَمَّار ؟ 7650 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة , عَنْ أَبِي مَالِك وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , قَالَ : كُنَّا عِنْد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَأَتَاهُ رَجُل , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا نَمْكُث الشَّهْر وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجِد الْمَاء ! فَقَالَ عُمَر : أَمَّا أَنَا فَلَوْ لَمْ أَجِد الْمَاء لَمْ أَكُنْ لِأُصَلِّيَ حَتَّى أَجِد الْمَاء . قَالَ عَمَّار بْن يَاسِر : أَتَذْكُرُ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , وَنَحْنُ نَرْعَى الْإِبِل , فَتَعْلَم أَنَّا أَجْنَبْنَا ؟ - قَالَ : نَعَمْ - فَأَمَّا أَنَا فَتَمَرَّغْت فِي التُّرَاب , فَأَتَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنْ كَانَ الصَّعِيد لَكَافِيك " , وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْض , ثُمَّ نَفَخَ فِيهِمَا , ثُمَّ مَسَحَ وَجْهه وَبَعْض ذِرَاعَيْهِ ؟ فَقَالَ : اِتَّقِ اللَّه يَا عَمَّار ! فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنْ شِئْت لَمْ أَذْكُرهُ , فَقَالَ : لَا , وَلَكِنْ نُوَلِّيك مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْت . 7651 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم فِي دُكَّان مُسْلِم الْأَعْوَر , فَقُلْت : أَرَأَيْت إِنْ لَمْ تَجِد الْمَاء وَأَنْتَ جُنُب ؟ قَالَ : لَا أُصَلِّي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّ الْجُنُب مِمَّنْ أَمَرَهُ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء وَالصَّلَاة بِقَوْلِهِ : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وَقَدْ بَيَّنَّا ثَمَّ أَنَّ مَعْنَى الْمُلَامَسَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع بِنَقْلِ الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز الْخَطَأ فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَة عَلَيْهِ وَلَا السَّهْو وَلَا التَّوَاطُؤ وَالتَّضَافُر , بِأَنَّ حُكْم الْجُنُب فِي ذَلِكَ حُكْم سَائِر مَنْ أَحْدَثَ فَلَزِمَهُ التَّطَهُّر لِصَلَاتِهِ , مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضهَا وَتَرَكْنَا ذِكْر كَثِير مِنْهَا اِسْتِغْنَاء بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَمَّا لَمْ نَذْكُر , وَكَرَاهَة مِنَّا إِطَالَة الْكِتَاب بِاسْتِقْصَاءِ جَمِيعه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } هَلْ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ طَلَب الْمَاء أَمْ ذَلِكَ أَمْر مِنْهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ الطَّلَب وَهُوَ مُحْدِث حَدَثًا يَجِب عَلَيْهِ مِنْهُ الْوُضُوء بِالْمَاءِ لَوْ كَانَ لِلْمَاءِ وَاجِدًا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ كُلَّمَا لَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب بَعْد الطَّلَب مُحْدِثًا كَانَ أَوْ غَيْر مُحْدِث . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7652 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَجَّاج , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ , مِثْله . 7653 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْدَان الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَامِر الْأَحْوَل , عَنْ نَافِع أَنَّهُ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عُمَر مِثْل ذَلِكَ . 7654 - أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُجَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : لَا يُصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاة وَاحِدَة . 7655 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : يَتَيَمَّم لِكُلِّ صَلَاة . وَيَتَأَوَّل هَذِهِ الْآيَة : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء } 7656 - قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا الْفِرْيَابِيّ , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الْكَرِيم بْن رَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , قَالُوا : التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة . 7657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان الْقَطَّان , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّخَعِيّ , قَالَ : يَتَيَمَّم لِكُلِّ صَلَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِالتَّيَمُّمِ بَعْد طَلَب الْمَاء مَنْ لَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب إِذَا كَانَ مُحْدِثًا , فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ بَعْد تَطَهُّره بِالتُّرَابِ فَلَزِمَهُ فَرْض الطَّلَب , فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَجْدِيد تَيَمُّمه , وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمِهِ الْأَوَّل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7658 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : التَّيَمُّم بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوء . 7659 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن شَاكِر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يُصَلِّي الْمُتَيَمِّم بِتَيَمُّمِهِ مَا لَمْ يُحْدِث , فَإِنْ وَجَدَ الْمَاء فَلْيَتَوَضَّأْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُصَلِّي الصَّلَوَات كُلّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِد مَا لَمْ يُحْدِث , وَكَذَلِكَ التَّيَمُّم . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُصَلِّي الصَّلَوَات كُلّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يُصَلِّي الصَّلَوَات بِالتَّيَمُّمِ مَا لَمْ يُحْدِث . 7660 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : التَّيَمُّم بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوء . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : يَتَيَمَّم الْمُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاة لَزِمَهُ طَلَب الْمَاء لِلتَّطَهُّرِ لَهَا فَرْضًا لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ كُلّ قَائِم إِلَى الصَّلَاة بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ , فَإِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء فَالتَّيَمُّم , ثُمَّ أَخْرَجَ الْقَائِم إِلَى الصَّلَاة مَنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قِيَامه إِلَيْهَا الْوُضُوء بِالْمَاءِ سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا أَنْ يَكُون قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا يَنْقُض طَهَارَته , فَيَسْقُط فَرْض الْوُضُوء عَنْهُ بِالسُّنَّةِ . وَأَمَّا الْقَائِم إِلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَامه إِلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ لِصَلَاةٍ قَبْلهَا , فَفَرْض التَّيَمُّم لَهُ لَازِم بِظَاهِرِ التَّنْزِيل بَعْد طَلَبه الْمَاء إِذَا أَعْوَزَهُ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَفُوًّا عَنْ ذُنُوب عِبَاده وَتَرْكه الْعُقُوبَة عَلَى كَثِير مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ , كَمَا عَفَا عَنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ قِيَامكُمْ إِلَى الصَّلَاة الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ فِي مَسَاجِدكُمْ وَأَنْتُمْ سُكَارَى . { غَفُورًا } يَقُول : فَلَمْ يَزَلْ يَسْتُر عَلَيْهِمْ ذُنُوبهمْ بِتَرْكِهِ مُعَالَجَتهمْ الْعَذَاب عَلَى خَطَايَاهُمْ , كَمَا سَتَرَ عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتكُمْ عَلَى صَلَاتكُمْ فِي مَسَاجِدكُمْ سُكَارَى . يَقُول : فَلَا تَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَيَنَالكُمْ بِعَوْدِكُمْ لِمَا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَنْكَلَة .
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ } فَقَالَ قَوْم : مَعْنَاهُ : أَلَمْ تُخْبَر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَعْلَم . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِك يَا مُحَمَّد عِلْمًا إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا . وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَر وَالْعِلْم لَا يُجْلِيَانِ رُؤْيَة , وَلَكِنَّهُ رُؤْيَة الْقَلْب بِالْعِلْمِ لِذَلِكَ كَمَا قُلْنَا فِيهِ . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِلَى الَّذِينَ أُعْطُوا حَظًّا مِنْ كِتَاب اللَّه , فَعَلِمُوهُ . وَذُكِرَ أَنَّ اللَّه عَنَى بِذَلِكَ طَائِفَة مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7661 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل } فَهُمْ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود , اِشْتَرَوْا الضَّلَالَة . 7662 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } قَالَ : نَزَلَتْ فِي رِفَاعَة بْن زَيْد بْن السَّائِب الْيَهُودِيّ . 7663 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ رِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت مِنْ عُظَمَائِهِمْ - يَعْنِي : مِنْ عُظَمَاء الْيَهُود - إِذَا كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَّى لِسَانه وَقَالَ : رَاعِنَا سَمْعك يَا مُحَمَّد حَتَّى نُفْهِمك ! ثُمَّ طَعَنَ فِي الْإِسْلَام وَعَابَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق بِإِسْنَادِهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } الْيَهُود الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَخْتَارُونَ الضَّلَالَة , وَذَلِكَ الْأَخْذ عَلَى غَيْر طَرِيق الْحَقّ وَرُكُوب غَيْر سَبِيل الرُّشْد وَالصَّوَاب , مَعَ الْعِلْم مِنْهُمْ بِقَصْدِ السَّبِيل وَمَنْهَج الْحَقّ . وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِوَصْفِهِمْ بِاشْتِرَائِهِمْ الضَّلَالَة مَقَامهمْ عَلَى التَّكْذِيب بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكهمْ الْإِيمَان بِهِ , وَهُمْ عَالِمُونَ أَنَّ السَّبِيل الْحَقّ الْإِيمَان بِهِ وَتَصْدِيقه بِمَا قَدْ وَجَدُوا مِنْ صِفَته فِي كُتُبهمْ الَّتِي عِنْدهمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَيُرِيد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب أَنْ تَضِلُّوا أَنْتُمْ يَا مَعْشَر أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقِينَ بِهِ 0 أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل , يَقُول : أَنْ تَزُولُوا عَنْ قَصْد الطَّرِيق , وَمَحَجَّة الْحَقّ , فَتُكَذِّبُوا بِمُحَمَّدٍ , وَتَكُونُوا ضُلَّالًا مِثْلهمْ . وَهَذَا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَحْذِير مِنْهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوا أَحَدًا مِنْ أَعْدَاء الْإِسْلَام فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينهمْ , أَوْ أَنْ يَسْمَعُوا شَيْئًا مِنْ طَعْنهمْ فِي الْحَقّ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } الْيَهُود الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَخْتَارُونَ الضَّلَالَة , وَذَلِكَ الْأَخْذ عَلَى غَيْر طَرِيق الْحَقّ وَرُكُوب غَيْر سَبِيل الرُّشْد وَالصَّوَاب , مَعَ الْعِلْم مِنْهُمْ بِقَصْدِ السَّبِيل وَمَنْهَج الْحَقّ . وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِوَصْفِهِمْ بِاشْتِرَائِهِمْ الضَّلَالَة مَقَامهمْ عَلَى التَّكْذِيب بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكهمْ الْإِيمَان بِهِ , وَهُمْ عَالِمُونَ أَنَّ السَّبِيل الْحَقّ الْإِيمَان بِهِ وَتَصْدِيقه بِمَا قَدْ وَجَدُوا مِنْ صِفَته فِي كُتُبهمْ الَّتِي عِنْدهمْ .
وَأَمَّا قَوْله : { وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَيُرِيد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب أَنْ تَضِلُّوا أَنْتُمْ يَا مَعْشَر أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقِينَ بِهِ 0 أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل , يَقُول : أَنْ تَزُولُوا عَنْ قَصْد الطَّرِيق , وَمَحَجَّة الْحَقّ , فَتُكَذِّبُوا بِمُحَمَّدٍ , وَتَكُونُوا ضُلَّالًا مِثْلهمْ . وَهَذَا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَحْذِير مِنْهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوا أَحَدًا مِنْ أَعْدَاء الْإِسْلَام فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينهمْ , أَوْ أَنْ يَسْمَعُوا شَيْئًا مِنْ طَعْنهمْ فِي الْحَقّ .
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ عَدَاوَة هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ نَهَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَنْصِحُوهُمْ فِي دِينهمْ إِيَّاهُمْ , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه أَعْلَم بِأَعْدَائِكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه أَعْلَم مِنْكُمْ بِعَدَاوَةِ هَؤُلَاءِ الْيَهُود أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , يَقُول : فَانْتَهُوا إِلَى طَاعَتِي عَمَّا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ اِسْتِنْصَاحهمْ فِي دِينكُمْ , فَإِنِّي أَعْلَم بِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَكُمْ مِنْ الْغِشّ وَالْعَدَاوَة وَالْحَسَد وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَبْغُونَكُمْ الْغَوَائِل , وَيَطْلُبُونَ أَنْ تَضِلُّوا عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ فَتَهْلِكُوا .
وَأَمَّا قَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } فَإِنَّهُ يَقُول : فَبِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَثِقُوا , وَعَلَيْهِ فَتَوَكَّلُوا , وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا دُون غَيْره , يَكْفِكُمْ مُهِمّكُمْ وَيَنْصُركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ . { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } يَقُول : وَكَفَاكُمْ وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ رَبّكُمْ وَلِيًّا يَلِيكُمْ وَيَلِي أُمُوركُمْ بِالْحِيَاطَةِ لَكُمْ وَالْحِرَاسَة مِنْ أَنْ يَسْتَفِزّكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَنْ دِينكُمْ أَوْ يَصُدُّوكُمْ عَنْ اِتِّبَاع نَبِيّكُمْ .
{ وَكَفَى بِاَللَّهِ نَصِيرًا } يَقُول : وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاء دِينكُمْ , وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمْ الْغَوَائِل , وَبَغَى دِينكُمْ الْعِوَج .
وَأَمَّا قَوْله : { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } فَإِنَّهُ يَقُول : فَبِاَللَّهِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَثِقُوا , وَعَلَيْهِ فَتَوَكَّلُوا , وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا دُون غَيْره , يَكْفِكُمْ مُهِمّكُمْ وَيَنْصُركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ . { وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا } يَقُول : وَكَفَاكُمْ وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ رَبّكُمْ وَلِيًّا يَلِيكُمْ وَيَلِي أُمُوركُمْ بِالْحِيَاطَةِ لَكُمْ وَالْحِرَاسَة مِنْ أَنْ يَسْتَفِزّكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَنْ دِينكُمْ أَوْ يَصُدُّوكُمْ عَنْ اِتِّبَاع نَبِيّكُمْ .
{ وَكَفَى بِاَللَّهِ نَصِيرًا } يَقُول : وَحَسْبكُمْ بِاَللَّهِ نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاء دِينكُمْ , وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمْ الْغَوَائِل , وَبَغَى دِينكُمْ الْعِوَج .
مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } وَلِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم } وَجْهَانِ مِنْ التَّأْوِيل : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم . فَيَكُون قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } مِنْ صِلَة " الَّذِينَ " . وَإِلَى هَذَا الْقَوْل كَانَتْ عَامَّة أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْكُوفَة يُوَجِّهُونَ . قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ } وَالْآخَر مِنْهُمَا : أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّف الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه . فَتَكُون " مِنْ " مَحْذُوفَة مِنْ الْكَلَام اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } عَلَيْهَا , وَذَلِكَ أَنَّ " مِنْ " لَوْ ذُكِرَتْ فِي الْكَلَام كَانَتْ بَعْضًا ل " مَنْ " , فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ " مِنْ " عَلَيْهَا , وَالْعَرَب تَقُول : مِنَّا مَنْ يَقُول ذَلِكَ , وَمِنَّا لَا يَقُولهُ , بِمَعْنَى : مِنَّا مَنْ يَقُول ذَاكَ , وَمِنَّا مَنْ لَا يَقُولهُ , فَتَحْذِف " مَنْ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ مَنْ عَلَيْهِ , كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّة : فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دَمْعه سَابِق لَهُ وَآخَر يُذْرِي دَمْعَة الْعَيْن بِالْمَهْلِ يَعْنِي : وَمِنْهُمْ مَنْ دَمْعه . وَكَمَا قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم } 37 164 وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ عَامَّة أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يُوَجِّهُونَ تَأْوِيل قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم } غَيْر أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : الْمُضْمَر فِي ذَلِكَ " الْقَوْم " , كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدهمْ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا قَوْم يُحَرِّفُونَ الْكَلِم , وَيَقُولُونَ : نَظِير قَوْل النَّابِغَة : كَأَنَّك مِنْ جَمَال بَنِي أُقَيْش يُقَعْقَع خَلْف رِجْلَيْهِ بِشَنٍّ يَعْنِي : كَأَنَّك جَمَل مِنْ جَمَال أُقَيْش . فَأَمَّا نَحْوِيُّو الْكُوفَة , فَيُنْكِرُونَ أَنْ يَكُون الْمُضْمِر مَعَ " مِنْ " إِلَّا " مَنْ " أَوْ مَا أَشْبَهَهَا . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ قَوْله : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا } مِنْ صِلَة الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب , لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا وَالصِّفَتَيْنِ مِنْ صِفَة نَوْع وَاحِد مِنْ النَّاس , وَهُمْ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } وَبِذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل , فَلَا حَاجَة بِالْكَلَامِ إِذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَكُون فِيهِ مَتْرُوك . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } فَإِنَّهُ يَقُول : يُبَدِّلُونَ مَعْنَاهَا وَيُغَيِّرُونَهَا عَنْ تَأْوِيله , وَالْكَلِم جِمَاع كَلِمَة . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : عَنَى بِالْكَلِمِ : التَّوْرَاة . 7664 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } تَبْدِيل الْيَهُود التَّوْرَاة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَأَمَّا قَوْله : { عَنْ مَوَاضِعه } فَإِنَّهُ يَعْنِي : عَنْ أَمَاكِنه وَوُجُوهه الَّتِي هِيَ وُجُوهه .
وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يَقُولُونَ : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَعَصَيْنَا أَمْرك . كَمَا : 7665 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالَ : قَالَتْ الْيَهُود : سَمِعْنَا مَا تَقُول , وَلَا نُطِيعك . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7666 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالُوا : قَدْ سَمِعْنَا , وَلَكِنْ لَا نُطِيعك .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَصْره , أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤْذُونَهُ بِالْقَبِيحِ مِنْ الْقَوْل , وَيَقُولُونَ لَهُ : اِسْمَعْ مِنَّا غَيْر مُسْمَع , كَقَوْلِ الْقَائِل لِلرَّجُلِ يَسُبّهُ : اِسْمَعْ لَا أَسْمَعَك اللَّه . كَمَا : 7667 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : هَذَا قَوْل أَهْل الْكِتَاب يَهُود , كَهَيْئَةِ مَا يَقُول الْإِنْسَان : اِسْمَعْ لَا سَمِعْت , أَذًى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَتْمًا لَهُ وَاسْتِهْزَاء . 7668 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : يَقُولُونَ لَك : وَاسْمَعْ لَا سَمِعْت . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَالْحَسَن أَنَّهُمَا كَانَا يَتَأَوَّلَانِ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَاسْمَعْ غَيْر مَقْبُول مِنْك . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ لَقِيلَ : وَاسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع , وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ : وَاسْمَعْ لَا تَسْمَع , وَلَكِنْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَوَصَفَهُمْ بِتَحْرِيفِ الْكَلَام بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالطَّعْن فِي الدِّين بِسَبِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } يَقُول : غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول , فَهُوَ كَمَا : 7669 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : غَيْر مُسْتَمِع . قَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7670 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : كَمَا تَقُول : اِسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع مِنْك . 7671 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَانَ نَاس مِنْهُمْ يَقُولُونَ : { وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَع } كَقَوْلِك : اِسْمَعْ غَيْر صَاغٍ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَرَاعِنَا } أَيْ رَاعِنَا سَمْعك , اِفْهَمْ عَنَّا وَأَفْهِمْنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيل ذَلِكَ فِي سُورَة الْبَقَرَة بِأَدِلَّتِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته . ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } يَعْنِي : تَحْرِيكًا مِنْهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِتَحْرِيفٍ مِنْهُمْ لِمَعْنَاهُ إِلَى الْمَكْرُوه مِنْ مَعْنَيَيْهِ , وَاسْتِخْفَافًا مِنْهُمْ بِحَقِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَطَعْنًا فِي الدِّين } كَمَا : 7672 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ قَتَادَة : كَانَتْ الْيَهُود يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَاعِنَا سَمْعك ! يَسْتَهْزِئُونَ بِذَلِكَ , فَكَانَتْ الْيَهُود قَبِيحَة , فَقَالَ : رَاعِنَا سَمْعك لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ ; وَاللَّيّ : تَحْرِيكهمْ أَلْسِنَتهمْ بِذَلِكَ , { وَطَعْنًا فِي الدِّين } 7673 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { رَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } كَانَ الرَّجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَقُول : أَرْعِنِي سَمْعك ! يَلْوِي بِذَلِكَ لِسَانه , يَعْنِي : يُحَرِّف مَعْنَاهُ . 7674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } . .. إِلَى : { وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ وَيَلْوُونَ أَلْسِنَتهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَطْعَنُونَ فِي الدِّين . 7675 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } قَالَ : " رَاعِنَا " طَعْنهمْ فِي الدِّين , وَلَيّهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيُبْطِلُوهُ وَيُكَذِّبُوهُ . قَالَ : وَالرَّاعِن : الْخَطَأ مِنْ الْكَلَام . 7676 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر , قَالَ : أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } قَالَ : تَحْرِيفًا بِالْكَذِبِ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ قَالُوا لِنَبِيِّ اللَّه : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَأَطَعْنَا أَمْرك , وَقَبِلْنَا مَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَاسْمَعْ مِنَّا , وَانْظُرْنَا مَا نَقُول , وَانْتَظِرْنَا نَفْهَم عَنْك مَا تَقُول لَنَا , { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } يَقُول : لَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ عِنْد اللَّه وَأَقْوَم , يَقُول : وَأَعْدَل وَأَصْوَب فِي الْقَوْل . وَهُوَ مِنْ الِاسْتِقَامَة مِنْ قَوْل اللَّه : { وَأَقْوَم قِيلًا } 73 6 بِمَعْنَى : وَأَصْوَب قِيلًا . كَمَا : 7677 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } قَالَ : يَقُولُونَ : اِسْمَعْ مِنَّا فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . وَانْظُرْنَا فَلَا تَعْجَل عَلَيْنَا . 7678 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , قَوْله : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : اِسْمَعْ مِنَّا . 7679 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة مِنْ تَوْجِيههمَا مَعْنَى : { وَانْظُرْنَا } إِلَى : اِسْمَعْ مِنَّا , وَتَوْجِيه مُجَاهِد ذَلِكَ إِلَى : أَفْهِمْنَا , مَا لَا نَعْرِف فِي كَلَام الْعَرَب , إِلَّا أَنْ يَكُون أَرَادَ بِذَلِكَ مِنْ تَوْجِيهه إِلَى أَفْهِمْنَا : اِنْتَظِرْنَا نَفْهَم مَا تَقُول , أَوْ اِنْتَظِرْنَا نَقُلْ حَتَّى تَسْمَع مِنَّا , فَيَكُون ذَلِكَ مَعْنًى مَفْهُومًا وإِنْ كَانَ غَيْر تَأْوِيل الْكَلِمَة وَلَا تَفْسِير لَهَا , فَلَا نَعْرِف " اُنْظُرْنَا " فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا بِمَعْنَى : اِنْتَظِرْنَا وَانْظُرْ إِلَيْنَا , فَأَمَّا " اُنْظُرْنَا " بِمَعْنَى اِنْتَظِرْنَا , فَمِنْهُ قَوْل الْحُطَيْئَة : وَقَدْ نَظَرْتُكُمْ لَوْ أَنَّ دِرَّتكُمْ يَوْمًا يَجِيء بِهَا مَسْحِي وَإِبْسَاسِي وَأَمَّا اُنْظُرْنَا بِمَعْنَى : اُنْظُرْ إِلَيْنَا , فَمِنْهُ قَوْل عَبْد اللَّه بْن قَيْس الرُّقَيَّات : ظَاهِرَات الْجَمَال وَالْحُسْن يَنْظُرْ نَ كَمَا يَنْظُر الْأَرَاك الظِّبَاء بِمَعْنَى كَمَا يَنْظُر إِلَى الْأَرَاك الظِّبَاء.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّه بِكُفْرِهِمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْزَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة فَأَقْصَاهُمْ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ الرُّشْد , وَاتِّبَاع الْحَقّ بِكُفْرِهِمْ , يَعْنِي بِجُحُودِهِمْ نُبُوَّة نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيِّنَات
{ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : فَلَا يُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , وَلَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ إِلَّا قَلِيلًا , يَقُول : لَا يُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ الَّذِي جِئْتهمْ بِهِ يَا مُحَمَّد إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا . كَمَا : 7680 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : لَا يُؤْمِنُونَ هُمْ إِلَّا قَلِيلًا . وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْه ذَلِكَ بِعِلَلِهِ فِي سُورَة الْبَقَرَة .
وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يَقُولُونَ : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَعَصَيْنَا أَمْرك . كَمَا : 7665 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالَ : قَالَتْ الْيَهُود : سَمِعْنَا مَا تَقُول , وَلَا نُطِيعك . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7666 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } قَالُوا : قَدْ سَمِعْنَا , وَلَكِنْ لَا نُطِيعك .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَصْره , أَنَّهُمْ كَانُوا يَسُبُّونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤْذُونَهُ بِالْقَبِيحِ مِنْ الْقَوْل , وَيَقُولُونَ لَهُ : اِسْمَعْ مِنَّا غَيْر مُسْمَع , كَقَوْلِ الْقَائِل لِلرَّجُلِ يَسُبّهُ : اِسْمَعْ لَا أَسْمَعَك اللَّه . كَمَا : 7667 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : هَذَا قَوْل أَهْل الْكِتَاب يَهُود , كَهَيْئَةِ مَا يَقُول الْإِنْسَان : اِسْمَعْ لَا سَمِعْت , أَذًى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَتْمًا لَهُ وَاسْتِهْزَاء . 7668 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : يَقُولُونَ لَك : وَاسْمَعْ لَا سَمِعْت . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَالْحَسَن أَنَّهُمَا كَانَا يَتَأَوَّلَانِ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَاسْمَعْ غَيْر مَقْبُول مِنْك . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ لَقِيلَ : وَاسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع , وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ : وَاسْمَعْ لَا تَسْمَع , وَلَكِنْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَوَصَفَهُمْ بِتَحْرِيفِ الْكَلَام بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالطَّعْن فِي الدِّين بِسَبِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } يَقُول : غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول , فَهُوَ كَمَا : 7669 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : غَيْر مُسْتَمِع . قَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } غَيْر مَقْبُول مَا تَقُول . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7670 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع } قَالَ : كَمَا تَقُول : اِسْمَعْ غَيْر مَسْمُوع مِنْك . 7671 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : كَانَ نَاس مِنْهُمْ يَقُولُونَ : { وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَع } كَقَوْلِك : اِسْمَعْ غَيْر صَاغٍ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَرَاعِنَا } أَيْ رَاعِنَا سَمْعك , اِفْهَمْ عَنَّا وَأَفْهِمْنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيل ذَلِكَ فِي سُورَة الْبَقَرَة بِأَدِلَّتِهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته . ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } يَعْنِي : تَحْرِيكًا مِنْهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ بِتَحْرِيفٍ مِنْهُمْ لِمَعْنَاهُ إِلَى الْمَكْرُوه مِنْ مَعْنَيَيْهِ , وَاسْتِخْفَافًا مِنْهُمْ بِحَقِّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَطَعْنًا فِي الدِّين } كَمَا : 7672 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ قَتَادَة : كَانَتْ الْيَهُود يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَاعِنَا سَمْعك ! يَسْتَهْزِئُونَ بِذَلِكَ , فَكَانَتْ الْيَهُود قَبِيحَة , فَقَالَ : رَاعِنَا سَمْعك لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ ; وَاللَّيّ : تَحْرِيكهمْ أَلْسِنَتهمْ بِذَلِكَ , { وَطَعْنًا فِي الدِّين } 7673 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { رَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } كَانَ الرَّجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَقُول : أَرْعِنِي سَمْعك ! يَلْوِي بِذَلِكَ لِسَانه , يَعْنِي : يُحَرِّف مَعْنَاهُ . 7674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِم عَنْ مَوَاضِعه } . .. إِلَى : { وَطَعْنًا فِي الدِّين } فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ وَيَلْوُونَ أَلْسِنَتهمْ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَطْعَنُونَ فِي الدِّين . 7675 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين } قَالَ : " رَاعِنَا " طَعْنهمْ فِي الدِّين , وَلَيّهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيُبْطِلُوهُ وَيُكَذِّبُوهُ . قَالَ : وَالرَّاعِن : الْخَطَأ مِنْ الْكَلَام . 7676 - حُدِّثْت عَنْ الْمِنْجَاب , قَالَ : ثنا بِشْر , قَالَ : أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ } قَالَ : تَحْرِيفًا بِالْكَذِبِ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ قَالُوا لِنَبِيِّ اللَّه : سَمِعْنَا يَا مُحَمَّد قَوْلك , وَأَطَعْنَا أَمْرك , وَقَبِلْنَا مَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَاسْمَعْ مِنَّا , وَانْظُرْنَا مَا نَقُول , وَانْتَظِرْنَا نَفْهَم عَنْك مَا تَقُول لَنَا , { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَم } يَقُول : لَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ عِنْد اللَّه وَأَقْوَم , يَقُول : وَأَعْدَل وَأَصْوَب فِي الْقَوْل . وَهُوَ مِنْ الِاسْتِقَامَة مِنْ قَوْل اللَّه : { وَأَقْوَم قِيلًا } 73 6 بِمَعْنَى : وَأَصْوَب قِيلًا . كَمَا : 7677 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } قَالَ : يَقُولُونَ : اِسْمَعْ مِنَّا فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا . وَانْظُرْنَا فَلَا تَعْجَل عَلَيْنَا . 7678 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , قَوْله : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : اِسْمَعْ مِنَّا . 7679 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَانْظُرْنَا } قَالَ : أَفْهِمْنَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة مِنْ تَوْجِيههمَا مَعْنَى : { وَانْظُرْنَا } إِلَى : اِسْمَعْ مِنَّا , وَتَوْجِيه مُجَاهِد ذَلِكَ إِلَى : أَفْهِمْنَا , مَا لَا نَعْرِف فِي كَلَام الْعَرَب , إِلَّا أَنْ يَكُون أَرَادَ بِذَلِكَ مِنْ تَوْجِيهه إِلَى أَفْهِمْنَا : اِنْتَظِرْنَا نَفْهَم مَا تَقُول , أَوْ اِنْتَظِرْنَا نَقُلْ حَتَّى تَسْمَع مِنَّا , فَيَكُون ذَلِكَ مَعْنًى مَفْهُومًا وإِنْ كَانَ غَيْر تَأْوِيل الْكَلِمَة وَلَا تَفْسِير لَهَا , فَلَا نَعْرِف " اُنْظُرْنَا " فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا بِمَعْنَى : اِنْتَظِرْنَا وَانْظُرْ إِلَيْنَا , فَأَمَّا " اُنْظُرْنَا " بِمَعْنَى اِنْتَظِرْنَا , فَمِنْهُ قَوْل الْحُطَيْئَة : وَقَدْ نَظَرْتُكُمْ لَوْ أَنَّ دِرَّتكُمْ يَوْمًا يَجِيء بِهَا مَسْحِي وَإِبْسَاسِي وَأَمَّا اُنْظُرْنَا بِمَعْنَى : اُنْظُرْ إِلَيْنَا , فَمِنْهُ قَوْل عَبْد اللَّه بْن قَيْس الرُّقَيَّات : ظَاهِرَات الْجَمَال وَالْحُسْن يَنْظُرْ نَ كَمَا يَنْظُر الْأَرَاك الظِّبَاء بِمَعْنَى كَمَا يَنْظُر إِلَى الْأَرَاك الظِّبَاء.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّه بِكُفْرِهِمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَلَكِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْزَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة فَأَقْصَاهُمْ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْ الرُّشْد , وَاتِّبَاع الْحَقّ بِكُفْرِهِمْ , يَعْنِي بِجُحُودِهِمْ نُبُوَّة نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيِّنَات
{ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } يَقُول : فَلَا يُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , وَلَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِ إِلَّا قَلِيلًا , يَقُول : لَا يُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ الَّذِي جِئْتهمْ بِهِ يَا مُحَمَّد إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا . كَمَا : 7680 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } قَالَ : لَا يُؤْمِنُونَ هُمْ إِلَّا قَلِيلًا . وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْه ذَلِكَ بِعِلَلِهِ فِي سُورَة الْبَقَرَة .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } الْيَهُود مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ اللَّه لَهُمْ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ الْكِتَاب فَأُعْطُوا الْعِلْم بِهِ .
{ آمِنُوا } يَقُول : صَدِّقُوا بِمَا أَنْزَلْنَا إِلَى مُحَمَّد مِنْ الْفُرْقَان .
{ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } يَعْنِي : مُحَقِّقًا لِلَّذِي مَعَكُمْ مِنْ التَّوْرَاة الَّتِي أَنْزَلْتهَا إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَان.
اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : طَمْسه إِيَّاهُ : مَحْوهُ آثَارهَا حَتَّى تَصِير كَالْأَقْفَاءِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا فَنُصَيِّرهَا عَمْيَاء , وَلَكِنَّ الْخَبَر خَرَجَ بِذِكْرِ الْوَجْه , وَالْمُرَاد بِهِ بَصَره . { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَجْعَل أَبْصَارهَا مِنْ قِبَل أَقْفَائِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا } . .. إِلَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } وَطَمْسهَا أَنْ تَعْمَى فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , يَقُول : أَنْ نَجْعَل وُجُوههمْ مِنْ قِبَل أَقْفِيَتهمْ فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى وَنَجْعَل لِأَحَدِهِمْ عَيْنَيْنِ فِي قَفَاهُ . 7682 - حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَة إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم الْعَبْدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نَجْعَلهَا فِي أَقْفَائِهَا فَتَمْشِي عَلَى أَعْقَابهَا الْقَهْقَرَى . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق عَنْ عَطِيَّة بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : طَمْسهَا أَنْ يَرُدّهَا عَلَى أَقْفَائِهَا . 7683 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نُحَوِّل وُجُوههَا قِبَل ظُهُورهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ قَبْل أَنْ نُعْمِيَ قَوْمًا عَنْ الْحَقّ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا فِي الضَّلَالَة وَالْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7684 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَرُدّهَا عَنْ الصِّرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : فِي الضَّلَالَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } عَنْ صِرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فِي الضَّلَالَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7685 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ الْحَسَن : { نَطْمِس وُجُوهًا } يَقُول : نَطْمِسهَا عَنْ الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } عَلَى ضَلَالَتهَا . 7686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : نَزَلَتْ فِي مَالِك بْن الصَّيْف وَرِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت مِنْ بَنِي قَيْنُقَاع . أَمَّا { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَقُول : فَنُعْمِيهَا عَنْ الْحَقّ , وَنُرْجِعهَا كُفَّارًا . 7687 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَعْنِي : أَنْ نَرُدّهُمْ عَنْ الْهُدَى وَالْبَصِيرَة , فَقَدْ رَدَّهُمْ عَلَى أَدْبَارهمْ فَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَمْحُو آثَارهمْ مِنْ وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ بِهَا وَنَاحِيَتهمْ الَّتِي هُمْ بِهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا مِنْ حَيْثُ جَاءُوا مِنْهُ بَدْءًا مِنْ الشَّام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7688 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : إِلَى الشَّام . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَمْحُو آثَارَهَا وَنُسَوِّيهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِأَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر , كَمَا وُجُوه الْقِرَدَة مَنَابِت لِلشَّعْرِ , لِأَنَّ شُعُور بَنِي آدَم فِي أَدْبَار وُجُوههمْ , فَقَالُوا : إِذَا أُنْبِتَ الشَّعْر فِي وُجُوههمْ , فَقَدْ رَدَّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهَا كَالْأَقْفَاءِ وَأَدْبَار الْوُجُوه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا وَنَمْحُو آثَارهَا فَنُسَوِّيهَا كَالْأَقْفَاءِ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , فَنَجْعَل أَبْصَارهَا فِي أَدْبَارهَا , يَعْنِي بِذَلِكَ : فَنَحْمِل الْوُجُوه فِي أَدْبَار الْوُجُوه , فَيَكُون مَعْنَاهُ : فَنُحَوِّل الْوُجُوه أَقْفَاء , وَالْأَقْفَاء وُجُوهًا , فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطِيَّة وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ . وإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَ بِهَذِهِ الْآيَة الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ بِقَوْلِهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } ثُمَّ حَذَّرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , بَأْسه وَسَطْوَته , وَتَعْجِيل عِقَابه لَهُمْ إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ , وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ يَوْمئِذٍ كُفَّارًا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ أَنْ نُعْمِيَهَا عَنْ الْحَقّ فَنَرُدّهَا فِي الضَّلَالَة , فَمَا وَجْه رَدّ مَنْ هُوَ فِي الضَّلَالَة فِيهَا ؟ وَإِنَّمَا يُرَدّ فِي الشَّيْء مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ , فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهِ فَلَا وَجْه لِأَنْ يُقَال : يَرُدّهُ فِيهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ صَحِيحًا أَنَّ اللَّه قَدْ تَهَدَّدَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة بِرَدِّهِ وُجُوههمْ عَلَى أَدْبَارهمْ , كَانَ بَيِّنًا فَسَاد تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ يُهَدِّدهُمْ بِرَدِّهِمْ فِي ضَلَالَتهمْ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر كَهَيْئَةِ وُجُوه الْقِرَدَة , فَقَوْل لِقَوْلِ أَهْل التَّأْوِيل مُخَالِف , وَكَفَى بِخُرُوجِهِ عَنْ قَوْل أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ عَلَى خَطَئِهِ شَاهِدًا . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ فِيهَا فَنَرُدّهُمْ إِلَى الشَّام مِنْ مَسَاكِنهمْ بِالْحِجَازِ وَنَجْد , فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَهُ وَجْه كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل بَعِيد , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ الْوُجُوه فِي كَلَام الْعَرَب الَّتِي هِيَ خِلَاف الْأَقْفَاء , وَكِتَاب اللَّه يُوَجِّه تَأْوِيله إِلَى الْأَغْلَب فِي كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوه الَّتِي ذُكِرَتْ دَلِيل يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَأَمَّا الطَّمْس : فَهُوَ الْعَفْو وَالدُّثُور فِي اِسْتِوَاء ; وَمِنْهُ يُقَال : طُمِسَتْ أَعْلَام الطَّرِيق تُطْمَس طُمُوسًا , إِذَا دَثَرَتْ وَتَعَفَّتْ فَانْدَفَنَتْ وَاسْتَوَتْ بِالْأَرْضِ , كَمَا قَالَ كَعْب بْن زُهَيْر : مِنْ كُلّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إِذَا عَرَقَتْ عُرْضَتهَا طَامِس الْأَعْلَام مَجْهُول يَعْنِي بِطَامِسِ الْأَعْلَام : دَاثِر الْأَعْلَام مُنْدَفِنهَا . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْأَعْمَى الَّذِي قَدْ تَعَفَّى غَرّ مَا بَيْن جَفْنَيْ عَيْنَيْهِ فَدَثَرَ : أَعْمَى مَطْمُوس /و طَمِيس , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } 36 66 قَالَ أَبُو جَعْفَر : الْغَرّ : الشَّقّ الَّذِي بَيْن الْجَفْنَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت مِنْ تَأْوِيل الْآيَة , فَهَلْ كَانَ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ ؟ قِيلَ : لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ آمَنَ مِنْهُمْ جَمَاعَة . مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن سَلَام , وَثَعْلَبَة بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن عُبَيْد , وَمُخَيْرِق , وَجَمَاعَة غَيْرهمْ , فَدَفَعَ عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ . وَمِمَّا يُبَيِّن عَنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْيَهُود الَّذِينَ ذَكَرْنَا صِفَتهمْ , مَا : 7689 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة جَمِيعًا , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤَسَاء مِنْ أَحْبَار يَهُود , مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن صُورِيَّا وَكَعْب بْن أَسَد فَقَالَ لَهُمْ : " يَا مَعْشَر يَهُود اِتَّقُوا اللَّه وَأَسْلِمُوا ! فَوَاَللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقّ " فَقَالُوا : مَا نَعْرِف ذَلِكَ يَا مُحَمَّد , وَجَحَدُوا مَا عَرَفُوا , وَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْر . فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة 7690 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ عِيسَى بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : تَذَاكَرْنَا عِنْد إِبْرَاهِيم إِسْلَام كَعْب , فَقَالَ : أَسْلَمَ كَعْب فِي زَمَان عُمَر أَقْبَلَ وَهُوَ يُرِيد بَيْت الْمَقْدِسِ , فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَة , فَخَرَجَ إِلَيْهِ عُمَر , فَقَالَ : يَا كَعْب أَسْلِمْ ! قَالَ : أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابكُمْ : { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } ؟ 62 5 وَأَنَا قَدْ حَمَلْت التَّوْرَاة . قَالَ : فَتَرَكَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى حِمْص , قَالَ : فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْ أَهْلهَا حَزِينًا , وَهُوَ يَقُول : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , فَقَالَ كَعْب : يَا رَبّ أَسْلَمْت ! مَخَافَة أَنْ تُصِيبهُ الْآيَة , ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَى أَهْله بِالْيَمَنِ , ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ مُسْلِمِينَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } أَوْ نَلْعَنكُمْ , فَنُخْزِيكُمْ , وَنَجْعَلكُمْ قِرَدَة , { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : كَمَا أَخْزَيْنَا الَّذِينَ اِعْتَدَوْا فِي السَّبْت مِنْ أَسْلَافكُمْ , قِيلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْه الْخِطَاب فِي قَوْله : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } كَمَا قَالَ : { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَة وَفَرِحُوا بِهَا } 10 22 وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا أَوْ نَلْعَن أَصْحَاب الْوُجُوه , فَجَعَلَ الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } مِنْ ذِكْر أَصْحَاب الْوُجُوه , إِذْ كَانَ فِي الْكَلَام دَلَالَة عَلَى ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7691 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَيْ نُحَوِّلهُمْ قِرَدَة . 7692 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . 7693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . 7694 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : هُمْ يَهُود جَمِيعًا , نَلْعَن هَؤُلَاءِ كَمَا لَعَنَّا الَّذِينَ لَعَنَّا مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب السَّبْت .
وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَكَانَ جَمِيع مَا أَمَرَ اللَّه أَنْ يَكُون كَائِنًا مَخْلُوقًا مَوْجُودًا , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ خَلْق شَيْء شَاءَ خَلْقَهُ . وَالْأَمْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَأْمُور , سُمِّيَ أَمْر اللَّه لِأَنَّهُ عَنْ أَمْره كَانَ وَبِأَمْرِهِ , وَالْمَعْنَى : وَكَانَ مَا أَمَرَ اللَّه مَفْعُولًا .
{ آمِنُوا } يَقُول : صَدِّقُوا بِمَا أَنْزَلْنَا إِلَى مُحَمَّد مِنْ الْفُرْقَان .
{ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } يَعْنِي : مُحَقِّقًا لِلَّذِي مَعَكُمْ مِنْ التَّوْرَاة الَّتِي أَنْزَلْتهَا إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَان.
اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : طَمْسه إِيَّاهُ : مَحْوهُ آثَارهَا حَتَّى تَصِير كَالْأَقْفَاءِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا فَنُصَيِّرهَا عَمْيَاء , وَلَكِنَّ الْخَبَر خَرَجَ بِذِكْرِ الْوَجْه , وَالْمُرَاد بِهِ بَصَره . { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَجْعَل أَبْصَارهَا مِنْ قِبَل أَقْفَائِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7681 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا } . .. إِلَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } وَطَمْسهَا أَنْ تَعْمَى فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , يَقُول : أَنْ نَجْعَل وُجُوههمْ مِنْ قِبَل أَقْفِيَتهمْ فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى وَنَجْعَل لِأَحَدِهِمْ عَيْنَيْنِ فِي قَفَاهُ . 7682 - حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَة إِسْمَاعِيل بْن الْهَيْثَم الْعَبْدِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نَجْعَلهَا فِي أَقْفَائِهَا فَتَمْشِي عَلَى أَعْقَابهَا الْقَهْقَرَى . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق عَنْ عَطِيَّة بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : طَمْسهَا أَنْ يَرُدّهَا عَلَى أَقْفَائِهَا . 7683 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : نُحَوِّل وُجُوههَا قِبَل ظُهُورهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ قَبْل أَنْ نُعْمِيَ قَوْمًا عَنْ الْحَقّ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا فِي الضَّلَالَة وَالْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7684 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فَنَرُدّهَا عَنْ الصِّرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : فِي الضَّلَالَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } عَنْ صِرَاط الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } فِي الضَّلَالَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك قِرَاءَة عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7685 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ الْحَسَن : { نَطْمِس وُجُوهًا } يَقُول : نَطْمِسهَا عَنْ الْحَقّ , { فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } عَلَى ضَلَالَتهَا . 7686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : نَزَلَتْ فِي مَالِك بْن الصَّيْف وَرِفَاعَة بْن زَيْد بْن التَّابُوت مِنْ بَنِي قَيْنُقَاع . أَمَّا { أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَقُول : فَنُعْمِيهَا عَنْ الْحَقّ , وَنُرْجِعهَا كُفَّارًا . 7687 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } يَعْنِي : أَنْ نَرُدّهُمْ عَنْ الْهُدَى وَالْبَصِيرَة , فَقَدْ رَدَّهُمْ عَلَى أَدْبَارهمْ فَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَمْحُو آثَارهمْ مِنْ وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ بِهَا وَنَاحِيَتهمْ الَّتِي هُمْ بِهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا مِنْ حَيْثُ جَاءُوا مِنْهُ بَدْءًا مِنْ الشَّام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7688 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : إِلَى الشَّام . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَمْحُو آثَارَهَا وَنُسَوِّيهَا , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِأَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر , كَمَا وُجُوه الْقِرَدَة مَنَابِت لِلشَّعْرِ , لِأَنَّ شُعُور بَنِي آدَم فِي أَدْبَار وُجُوههمْ , فَقَالُوا : إِذَا أُنْبِتَ الشَّعْر فِي وُجُوههمْ , فَقَدْ رَدَّهَا عَلَى أَدْبَارهَا بِتَصْيِيرِهِ إِيَّاهَا كَالْأَقْفَاءِ وَأَدْبَار الْوُجُوه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا } مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس أَبْصَارهَا وَنَمْحُو آثَارهَا فَنُسَوِّيهَا كَالْأَقْفَاءِ , فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا , فَنَجْعَل أَبْصَارهَا فِي أَدْبَارهَا , يَعْنِي بِذَلِكَ : فَنَحْمِل الْوُجُوه فِي أَدْبَار الْوُجُوه , فَيَكُون مَعْنَاهُ : فَنُحَوِّل الْوُجُوه أَقْفَاء , وَالْأَقْفَاء وُجُوهًا , فَيَمْشُونَ الْقَهْقَرَى , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطِيَّة وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ . وإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَ بِهَذِهِ الْآيَة الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ بِقَوْلِهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة } ثُمَّ حَذَّرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , بَأْسه وَسَطْوَته , وَتَعْجِيل عِقَابه لَهُمْ إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ , وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ يَوْمئِذٍ كُفَّارًا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ أَنْ نُعْمِيَهَا عَنْ الْحَقّ فَنَرُدّهَا فِي الضَّلَالَة , فَمَا وَجْه رَدّ مَنْ هُوَ فِي الضَّلَالَة فِيهَا ؟ وَإِنَّمَا يُرَدّ فِي الشَّيْء مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ , فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِيهِ فَلَا وَجْه لِأَنْ يُقَال : يَرُدّهُ فِيهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ صَحِيحًا أَنَّ اللَّه قَدْ تَهَدَّدَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة بِرَدِّهِ وُجُوههمْ عَلَى أَدْبَارهمْ , كَانَ بَيِّنًا فَسَاد تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ يُهَدِّدهُمْ بِرَدِّهِمْ فِي ضَلَالَتهمْ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ نَجْعَل الْوُجُوه مَنَابِت الشَّعْر كَهَيْئَةِ وُجُوه الْقِرَدَة , فَقَوْل لِقَوْلِ أَهْل التَّأْوِيل مُخَالِف , وَكَفَى بِخُرُوجِهِ عَنْ قَوْل أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ عَلَى خَطَئِهِ شَاهِدًا . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوههمْ الَّتِي هُمْ فِيهَا فَنَرُدّهُمْ إِلَى الشَّام مِنْ مَسَاكِنهمْ بِالْحِجَازِ وَنَجْد , فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَهُ وَجْه كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل بَعِيد , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْرُوف مِنْ الْوُجُوه فِي كَلَام الْعَرَب الَّتِي هِيَ خِلَاف الْأَقْفَاء , وَكِتَاب اللَّه يُوَجِّه تَأْوِيله إِلَى الْأَغْلَب فِي كَلَام مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوه الَّتِي ذُكِرَتْ دَلِيل يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَأَمَّا الطَّمْس : فَهُوَ الْعَفْو وَالدُّثُور فِي اِسْتِوَاء ; وَمِنْهُ يُقَال : طُمِسَتْ أَعْلَام الطَّرِيق تُطْمَس طُمُوسًا , إِذَا دَثَرَتْ وَتَعَفَّتْ فَانْدَفَنَتْ وَاسْتَوَتْ بِالْأَرْضِ , كَمَا قَالَ كَعْب بْن زُهَيْر : مِنْ كُلّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إِذَا عَرَقَتْ عُرْضَتهَا طَامِس الْأَعْلَام مَجْهُول يَعْنِي بِطَامِسِ الْأَعْلَام : دَاثِر الْأَعْلَام مُنْدَفِنهَا . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْأَعْمَى الَّذِي قَدْ تَعَفَّى غَرّ مَا بَيْن جَفْنَيْ عَيْنَيْهِ فَدَثَرَ : أَعْمَى مَطْمُوس /و طَمِيس , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنهمْ } 36 66 قَالَ أَبُو جَعْفَر : الْغَرّ : الشَّقّ الَّذِي بَيْن الْجَفْنَيْنِ فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت مِنْ تَأْوِيل الْآيَة , فَهَلْ كَانَ مَا تَوَعَّدَهُمْ بِهِ ؟ قِيلَ : لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ آمَنَ مِنْهُمْ جَمَاعَة . مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن سَلَام , وَثَعْلَبَة بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن سَعْيَة , وَأَسَد بْن عُبَيْد , وَمُخَيْرِق , وَجَمَاعَة غَيْرهمْ , فَدَفَعَ عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ . وَمِمَّا يُبَيِّن عَنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْيَهُود الَّذِينَ ذَكَرْنَا صِفَتهمْ , مَا : 7689 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , وَحَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة جَمِيعًا , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : ثني سَعِيد بْن جُبَيْر , أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤَسَاء مِنْ أَحْبَار يَهُود , مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن صُورِيَّا وَكَعْب بْن أَسَد فَقَالَ لَهُمْ : " يَا مَعْشَر يَهُود اِتَّقُوا اللَّه وَأَسْلِمُوا ! فَوَاَللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقّ " فَقَالُوا : مَا نَعْرِف ذَلِكَ يَا مُحَمَّد , وَجَحَدُوا مَا عَرَفُوا , وَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْر . فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة 7690 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ عِيسَى بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : تَذَاكَرْنَا عِنْد إِبْرَاهِيم إِسْلَام كَعْب , فَقَالَ : أَسْلَمَ كَعْب فِي زَمَان عُمَر أَقْبَلَ وَهُوَ يُرِيد بَيْت الْمَقْدِسِ , فَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَة , فَخَرَجَ إِلَيْهِ عُمَر , فَقَالَ : يَا كَعْب أَسْلِمْ ! قَالَ : أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ فِي كِتَابكُمْ : { مَثَل الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا } ؟ 62 5 وَأَنَا قَدْ حَمَلْت التَّوْرَاة . قَالَ : فَتَرَكَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى حِمْص , قَالَ : فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْ أَهْلهَا حَزِينًا , وَهُوَ يَقُول : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } . .. الْآيَة , فَقَالَ كَعْب : يَا رَبّ أَسْلَمْت ! مَخَافَة أَنْ تُصِيبهُ الْآيَة , ثُمَّ رَجَعَ فَأَتَى أَهْله بِالْيَمَنِ , ثُمَّ جَاءَ بِهِمْ مُسْلِمِينَ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } أَوْ نَلْعَنكُمْ , فَنُخْزِيكُمْ , وَنَجْعَلكُمْ قِرَدَة , { كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : كَمَا أَخْزَيْنَا الَّذِينَ اِعْتَدَوْا فِي السَّبْت مِنْ أَسْلَافكُمْ , قِيلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْه الْخِطَاب فِي قَوْله : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } كَمَا قَالَ : { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَة وَفَرِحُوا بِهَا } 10 22 وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا أَوْ نَلْعَن أَصْحَاب الْوُجُوه , فَجَعَلَ الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ } مِنْ ذِكْر أَصْحَاب الْوُجُوه , إِذْ كَانَ فِي الْكَلَام دَلَالَة عَلَى ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7691 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَيْ نُحَوِّلهُمْ قِرَدَة . 7692 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } يَقُول : أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . 7693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } أَوْ نَجْعَلهُمْ قِرَدَة . 7694 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت } قَالَ : هُمْ يَهُود جَمِيعًا , نَلْعَن هَؤُلَاءِ كَمَا لَعَنَّا الَّذِينَ لَعَنَّا مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب السَّبْت .
وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَكَانَ جَمِيع مَا أَمَرَ اللَّه أَنْ يَكُون كَائِنًا مَخْلُوقًا مَوْجُودًا , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ خَلْق شَيْء شَاءَ خَلْقَهُ . وَالْأَمْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَأْمُور , سُمِّيَ أَمْر اللَّه لِأَنَّهُ عَنْ أَمْره كَانَ وَبِأَمْرِهِ , وَالْمَعْنَى : وَكَانَ مَا أَمَرَ اللَّه مَفْعُولًا .
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ , وَإِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ , فَإِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر الشِّرْك بِهِ وَالْكُفْر , وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ الشِّرْك لِمَنْ يَشَاء مِنْ أَهْل الذُّنُوب وَالْآثَام . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَام , فَإِنَّ قَوْله : { أَنْ يُشْرَك بِهِ } فِي مَوْضِع نَصْب بِوُقُوعِ يَغْفِر عَلَيْهَا وَإِنْ شِئْت بِفَقْدِ الْخَافِض الَّذِي كَانَ يَخْفِضهَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا , وَذَلِكَ أَنْ يُوَجَّهَ مَعْنَاهُ : إِلَى أَنَّ اللَّه لَا يَغْفِر بِأَنْ يُشْرَك بِهِ عَلَى تَأْوِيل الْجَزَاء , كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر ذَنْبًا مَعَ شِرْك أَوْ عَنْ شِرْك ; وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل يَتَوَجَّه أَنْ تَكُون " أَنْ " فِي مَوْضِع خَفْض فِي قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَقْوَام اِرْتَابُوا فِي أَمْر الْمُشْرِكِينَ حِين نَزَلَتْ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّه يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم } 39 53 ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 7695 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ثني مُحَبِّر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر , أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة , قَامَ رَجُل فَقَالَ : وَالشِّرْك يَا نَبِيّ اللَّه . فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } * - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك لَهُ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَبِّر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ } . .. 39 53 الْآيَة , قَامَ رَجُل فَقَالَ : وَالشِّرْك يَا نَبِيّ اللَّه . فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } 7696 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : ثنا الْهَيْثَم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : كُنَّا مَعْشَر أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَشُكّ فِي قَاتِل النَّفْس , وَآكِل مَال الْيَتِيم , وَشَاهِد الزُّور , وَقَاطِع الرَّحِم , حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } فَأَمْسَكْنَا عَنْ الشَّهَادَة . وَقَدْ أَبَانَتْ هَذِهِ الْآيَة أَنَّ كُلّ صَاحِب كَبِيرَة فَفِي مَشِيئَة اللَّه , إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ , وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَكُنْ كَبِيرَة شِرْكًا بِاَللَّهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فِي عِبَادَته غَيْره مِنْ خَلْقه , فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا , يَقُول : فَقَدْ اِخْتَلَقَ إِثْمًا عَظِيمًا . وَإِنَّمَا جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره مُفْتَرِيًا , لِأَنَّهُ قَالَ زُورًا وَإِفْكًا بِجُحُودِ وَحْدَانِيَّة اللَّه وَإِقْرَاره بِأَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا مِنْ خَلْقه وَصَاحِبَة أَوْ وَلَدًا , فَقَائِل ذَلِكَ مُفْتَرٍ , وَكَذَلِكَ كُلّ كَاذِب فَهُوَ مُفْتَرٍ فِي كَذِبه مُخْتَلِق لَهُ.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فِي عِبَادَته غَيْره مِنْ خَلْقه , فَقَدْ اِفْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا , يَقُول : فَقَدْ اِخْتَلَقَ إِثْمًا عَظِيمًا . وَإِنَّمَا جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره مُفْتَرِيًا , لِأَنَّهُ قَالَ زُورًا وَإِفْكًا بِجُحُودِ وَحْدَانِيَّة اللَّه وَإِقْرَاره بِأَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا مِنْ خَلْقه وَصَاحِبَة أَوْ وَلَدًا , فَقَائِل ذَلِكَ مُفْتَرٍ , وَكَذَلِكَ كُلّ كَاذِب فَهُوَ مُفْتَرٍ فِي كَذِبه مُخْتَلِق لَهُ.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِقَلْبِك الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود فَيُبَرِّئُونَهَا مِنْ الذُّنُوب , وَيُطَهِّرُونَهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَتْ الْيَهُود تُزَكِّي بِهِ أَنْفُسهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ قَوْلهمْ : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } 5 18 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7697 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَهُمْ أَعْدَاء اللَّه الْيَهُود زَكُّوا أَنْفُسهمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَبْلُغُوهُ , فَقَالُوا : نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَقَالُوا : لَا ذُنُوب لَنَا . 7698 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , قَالُوا : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } 5 18 وَقَالُوا : { لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } 2 111 7699 - وَحَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : قَالَتْ يَهُود : لَيْسَتْ لَنَا ذُنُوب إِلَّا كَذُنُوبِ أَوْلَادنَا يَوْم يُولَدُونَ , فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ذُنُوب , فَإِنَّ لَنَا ذُنُوبًا , فَإِنَّمَا نَحْنُ مِثْلهمْ , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } 4 150 7700 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : قَالَ أَهْل الْكِتَاب . { لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } 2 111 وَقَالُوا : { نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ } 5 18 وَقَالُوا : نَحْنُ عَلَى الَّذِي يُحِبّ اللَّه . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } حِين زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة , وَأَنَّهُمْ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ وَأَهْل طَاعَته . 7701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } نَزَلَتْ فِي الْيَهُود , قَالُوا : إِنَّا نُعَلِّم أَبْنَاءَنَا التَّوْرَاة صِغَارًا فَلَا تَكُون لَهُمْ ذُنُوب , وَذُنُوبنَا مِثْل ذُنُوب أَبْنَائِنَا , مَا عَمِلْنَا بِالنَّهَارِ كُفِّرَ عَنَّا بِاللَّيْلِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ تَقْدِيمهمْ أَطْفَالهمْ لِإِمَامَتِهِمْ فِي صَلَاتهمْ زَعْمًا مِنْهَا أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7702 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : يَهُود كَانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيَانهمْ فِي الصَّلَاة فَيَؤُمُّونَهُمْ , يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ . فَتِلْكَ التَّزْكِيَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانُوا يُقَدِّمُونَ الصِّبْيَان أَمَامهمْ فِي الدُّعَاء وَالصَّلَاة يَؤُمُّونَهُمْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَا ذُنُوب لَهُمْ , فَتِلْكَ تَزْكِيَة . قَالَ اِبْن جُرَيْج : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . 7703 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْيَهُود كَانُوا يُقَدِّمُونَ صِبْيَانهمْ يَقُولُونَ : لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوب . 7704 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي مَكِين , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : كَانَ أَهْل الْكِتَاب يُقَدِّمُونَ الْغِلْمَان الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْث يُصَلُّونَ بِهِمْ , يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ ذُنُوب , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تَزْكِيَتهمْ أَنْفُسهمْ كَانَتْ قَوْلهمْ : إِنَّ أَبْنَاءَنَا سَيَشْفَعُونَ لَنَا وَيُزَكُّونَنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود قَالُوا : إِنَّ أَبْنَاءَنَا قَدْ تُوُفُّوا وَهُمْ لَنَا قُرْبَة عِنْد اللَّه , وَسَيَشْفَعُونَ وَيُزَكُّونَنَا . فَقَالَ اللَّه لِمُحَمَّدٍ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. إِلَى { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ تَزْكِيَة مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7706 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : إِنَّ الرَّجُل لَيَغْدُو بِدِينِهِ , ثُمَّ يَرْجِع وَمَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْء ! يَلْقَى الرَّجُل لَيْسَ يَمْلِك لَهُ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا , فَيَقُول : وَاَللَّه إِنَّك لَذَيْت وَذَيْت , وَلَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِع , وَلَمْ يَحِلّ مِنْ حَاجَته بِشَيْءٍ , وَقَدْ أَسْخَطَ اللَّه عَلَيْهِ . ثُمَّ قَرَأَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } . .. الْآيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى تَزْكِيَة الْقَوْم الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ وَصْفهُمْ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا لَا ذُنُوب لَهَا وَلَا خَطَايَا , وَأَنَّهُمْ لِلَّهِ أَبْنَاء وَأَحِبَّاء , كَمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَظْهَر مَعَانِيه لِإِخْبَارِ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهَا إِنَّمَا كَانُوا يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ دُون غَيْرهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : تَقْدِيمهمْ أَطْفَالهمْ لِلصَّلَاةِ , فَتَأْوِيل لَا تُدْرَك صِحَّته إِلَّا بِخَبَرٍ حُجَّة يُوجِب الْعِلْم .
وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } فَإِنَّهُ تَكْذِيب مِنْ اللَّه الْمُزَكِّينَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , الْمُبَرِّئِيهَا مِنْ الذُّنُوب , يَقُول اللَّه لَهُمْ : مَا الْأَمْر كَمَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا ذُنُوب لَكُمْ وَلَا خَطَايَا , وَإِنَّكُمْ بُرَآء مِمَّا يَكْرَههُ اللَّه , وَلَكِنَّكُمْ أَهْل فِرْيَة وَكَذِب عَلَى اللَّه , وَلَيْسَ الْمُزَكِّي مَنْ زَكَّى نَفْسه , وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُزَكِّيهِ اللَّه , وَاَللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُطَهِّرهُ وَيُبَرِّئهُ مِنْ الذُّنُوب بِتَوْفِيقِهِ لِاجْتِنَابِ مَا يَكْرَههُ مِنْ مَعَاصِيه إِلَى مَا يَرْضَاهُ مِنْ طَاعَته . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب بِدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَأَنَّ اللَّه قَدْ طَهَّرَهُمْ مِنْ الذُّنُوب .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } يَعْنِي ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا يَظْلِم اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ وَلَا غَيْرهمْ مِنْ خَلْقه , فَيَبْخَسهُمْ فِي تَرْكه تَزْكِيَتهمْ , وَتَزْكِيَة مَنْ تَرَكَ تَزْكِيَته , وَفِي تَزْكِيَة مَنْ زَكَّى مِنْ خَلْقه شَيْئًا مِنْ حُقُوقهمْ وَلَا يَضَع شَيْئًا فِي غَيْر مَوْضِعه , وَلَكِنَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُوَفِّقهُ , وَيَخْذُل مَنْ يَشَاء مِنْ أَهْل مَعَاصِيه ; كُلّ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ , وَهُوَ فِي كُلّ ذَلِكَ غَيْر ظَالِم أَحَدًا مِمَّنْ زَكَّاهُ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ فَتِيلًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى " الْفَتِيل " , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْوَسَخ إِذَا فَتَلْت إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7707 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْفَتِيل : مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْك . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , عَنْ التَّيْمِيّ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا فَتَلْت بَيْن أُصْبُعَيْك . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ زَيْد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : هُوَ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن إِصْبَعَيْ الرَّجُل . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَالْفَتِيل : هُوَ أَنْ تَدْلُك بَيْن أُصْبُعَيْك , فَمَا خَرَجَ بَيْنهمَا فَهُوَ ذَلِكَ . 7708 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن الْكَفَّيْنِ . 7709 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : الْفَتِيل : مَا فَتَلْت بِهِ يَدَيْك فَخَرَجَ وَسَخ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا تَدْلُكهُ فِي يَدَيْك فَيَخْرُج بَيْنهمَا . وَأُنَاس يَقُولُونَ : الَّذِي يَكُون فِي بَطْن النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7710 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَتِيلًا } قَالَ : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . 7711 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو , أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح يَقُول , فَذَكَرَ مِثْله . 7712 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . 7713 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْفَتِيل : فِي النَّوَى . 7714 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . 7715 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : الْفَتِيل : شَقّ النَّوَاة . 7716 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . 7717 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي يَكُون فِي شَقّ النَّوَاة . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } فَتِيل النَّوَاة . 7718 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الْفَتِيل : الْمَفْتُول , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : صَرِيع وَدَهِين مِنْ مَصْرُوع وَمَدْهُون . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } الْخَبَر عَنْ أَنَّهُ لَا يَظْلِم عِبَاده أَقَلّ الْأَشْيَاء الَّتِي لَا خَطَر لَهَا , فَكَيْفَ بِمَا لَهُ خَطَر , وَكَانَ الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْ الرَّجُل أَوْ مِنْ بَيْن كَفَّيْهِ إِذَا فَتَلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , كَاَلَّذِي هُوَ فِي شَقّ النَّوَاة وَبَطْنهَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ مَفْتُولَة , مِمَّا لَا خَطَر لَهُ وَلَا قِيمَة , فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْفَتِيل , إِلَّا أَنْ يُخْرِج شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل .
وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَلْ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } فَإِنَّهُ تَكْذِيب مِنْ اللَّه الْمُزَكِّينَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , الْمُبَرِّئِيهَا مِنْ الذُّنُوب , يَقُول اللَّه لَهُمْ : مَا الْأَمْر كَمَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا ذُنُوب لَكُمْ وَلَا خَطَايَا , وَإِنَّكُمْ بُرَآء مِمَّا يَكْرَههُ اللَّه , وَلَكِنَّكُمْ أَهْل فِرْيَة وَكَذِب عَلَى اللَّه , وَلَيْسَ الْمُزَكِّي مَنْ زَكَّى نَفْسه , وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُزَكِّيهِ اللَّه , وَاَللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُطَهِّرهُ وَيُبَرِّئهُ مِنْ الذُّنُوب بِتَوْفِيقِهِ لِاجْتِنَابِ مَا يَكْرَههُ مِنْ مَعَاصِيه إِلَى مَا يَرْضَاهُ مِنْ طَاعَته . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب بِدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَأَنَّ اللَّه قَدْ طَهَّرَهُمْ مِنْ الذُّنُوب .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } يَعْنِي ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا يَظْلِم اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ وَلَا غَيْرهمْ مِنْ خَلْقه , فَيَبْخَسهُمْ فِي تَرْكه تَزْكِيَتهمْ , وَتَزْكِيَة مَنْ تَرَكَ تَزْكِيَته , وَفِي تَزْكِيَة مَنْ زَكَّى مِنْ خَلْقه شَيْئًا مِنْ حُقُوقهمْ وَلَا يَضَع شَيْئًا فِي غَيْر مَوْضِعه , وَلَكِنَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه , فَيُوَفِّقهُ , وَيَخْذُل مَنْ يَشَاء مِنْ أَهْل مَعَاصِيه ; كُلّ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ , وَهُوَ فِي كُلّ ذَلِكَ غَيْر ظَالِم أَحَدًا مِمَّنْ زَكَّاهُ أَوْ لَمْ يُزَكِّهِ فَتِيلًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى " الْفَتِيل " , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْوَسَخ إِذَا فَتَلْت إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7707 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْفَتِيل : مَا خَرَجَ مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْك . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , عَنْ التَّيْمِيّ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا فَتَلْت بَيْن أُصْبُعَيْك . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ زَيْد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : هُوَ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن إِصْبَعَيْ الرَّجُل . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } وَالْفَتِيل : هُوَ أَنْ تَدْلُك بَيْن أُصْبُعَيْك , فَمَا خَرَجَ بَيْنهمَا فَهُوَ ذَلِكَ . 7708 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن الْكَفَّيْنِ . 7709 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : الْفَتِيل : مَا فَتَلْت بِهِ يَدَيْك فَخَرَجَ وَسَخ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : مَا تَدْلُكهُ فِي يَدَيْك فَيَخْرُج بَيْنهمَا . وَأُنَاس يَقُولُونَ : الَّذِي يَكُون فِي بَطْن النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7710 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَتِيلًا } قَالَ : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . 7711 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو , أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح يَقُول , فَذَكَرَ مِثْله . 7712 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . 7713 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْفَتِيل : فِي النَّوَى . 7714 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة . 7715 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : الْفَتِيل : شَقّ النَّوَاة . 7716 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . 7717 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي يَكُون فِي شَقّ النَّوَاة . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } فَتِيل النَّوَاة . 7718 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ عَطِيَّة , قَالَ : الْفَتِيل : الَّذِي فِي بَطْن النَّوَاة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَصْل الْفَتِيل : الْمَفْتُول , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : صَرِيع وَدَهِين مِنْ مَصْرُوع وَمَدْهُون . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ : { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } الْخَبَر عَنْ أَنَّهُ لَا يَظْلِم عِبَاده أَقَلّ الْأَشْيَاء الَّتِي لَا خَطَر لَهَا , فَكَيْفَ بِمَا لَهُ خَطَر , وَكَانَ الْوَسَخ الَّذِي يَخْرُج مِنْ بَيْن أُصْبُعَيْ الرَّجُل أَوْ مِنْ بَيْن كَفَّيْهِ إِذَا فَتَلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى , كَاَلَّذِي هُوَ فِي شَقّ النَّوَاة وَبَطْنهَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ مَفْتُولَة , مِمَّا لَا خَطَر لَهُ وَلَا قِيمَة , فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْفَتِيل , إِلَّا أَنْ يُخْرِج شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : اُنْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ يَفْتَرِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب الْقَائِلُونَ : نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ , وَإِنَّهُ لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى , الزَّاعِمُونَ أَنَّهُ لَا ذُنُوب لَهُمْ الْكَذِب وَالزُّور مِنْ الْقَوْل , فَيَخْتَلِقُونَهُ عَلَى اللَّه . { وَكَفَى بِهِ } يَقُول : وَحَسْبهمْ بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ الْكَذِب وَالزُّور عَلَى اللَّه { إِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي : إِنَّهُ يُبَيِّن كَذِبهمْ لِسَامِعِيهِ , وَيُوَضِّح لَهُمْ أَنَّهُمْ أَفَكَة فَجَرَة . كَمَا : 7719 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى { اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب }
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ بِقَلْبِك يَا مُحَمَّد إِلَى الَّذِينَ أُعْطُوا حَظًّا مِنْ كِتَاب اللَّه فَعَلِمُوهُ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت , يَعْنِي : يُصَدِّقُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ , وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْإِيمَان بِهِمَا كُفْر وَالتَّصْدِيق بِهِمَا شِرْك . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْجِبْت وَالطَّاغُوت , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمَا صَنَمَانِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَهُمَا مِنْ دُون اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7720 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ : الْجِبْت وَالطَّاغُوت : صَنَمَانِ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الْأَصْنَام , وَالطَّاغُوت : تَرَاجِمَة الْأَصْنَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7721 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } الْجِبْت : الْأَصْنَام , وَالطَّاغُوت : الَّذِينَ يَكُونُونَ بَيْن أَيْدِي الْأَصْنَام يُعَبِّرُونَ عَنْهَا الْكَذِب لِيُضِلُّوا النَّاس . وَزَعَمَ رِجَال أَنَّ الْجِبْت : الْكَاهِن . وَالطَّاغُوت : رَجُل مِنْ الْيَهُود يُدْعَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَكَانَ سَيِّد الْيَهُود . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَسَّان بْن فَائِد , قَالَ : قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَسَّان بْن فَائِد الْعَنْسِيّ , عَنْ عُمَر مِثْله . 7723 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . 7724 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان فِي صُورَة إِنْسَان يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ , وَهُوَ صَاحِب أَمْرهمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ قَيْس , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْجِبْت : السِّحْر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان وَالْكَاهِن . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7725 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ أَبِي يَقُول : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7726 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : السَّاحِر بِلِسَانِ الْحَبَشَة , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . 7727 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَفِيع , قَالَ : الْجِبْت : السَّاحِر , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . 7728 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , أَنَّهُ قَالَ : الطَّاغُوت : السَّاحِر , وَالْجِبْت : الْكَاهِن . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : أَحَدهمَا السِّحْر , وَالْآخَر الشَّيْطَان . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الشَّيْطَان , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7729 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } كُنَّا نُحَدِّث أَنَّ الْجِبْت شَيْطَان , وَالطَّاغُوت الْكَاهِن . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 7730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : الْجِبْت : الشَّيْطَان , وَالطَّاغُوت : الْكَاهِن . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : الْكَاهِن , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7731 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْجِبْت : الْكَاهِن : وَالطَّاغُوت : السَّاحِر . 7732 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ فِي الْجِبْت وَالطَّاغُوت , قَالَ : الْجِبْت : الْكَاهِن , وَالْآخَر : السَّاحِر . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7733 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } الطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب . 7734 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { الْجِبْت وَالطَّاغُوت } قَالَ : الْجِبْت : حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . وَقَالَ آخَرُونَ : الْجِبْت : كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7735 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْجِبْت كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَالطَّاغُوت : الشَّيْطَان كَانَ فِي صُورَة إِنْسَان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } أَنْ يُقَال : يُصَدِّقُونَ بِمَعْبُودَيْنِ مِنْ دُون اللَّه يَعْبُدُونَهُمَا مِنْ دُون اللَّه , وَيَتَّخِذُونَهُمَا إِلَهَيْنِ . وَذَلِكَ أَنَّ الْجِبْت وَالطَّاغُوت اِسْمَانِ لِكُلِّ مُعَظَّم بِعِبَادَةٍ مِنْ دُون اللَّه , أَوْ طَاعَة أَوْ خُضُوع لَهُ , كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الْمُعَظَّم مِنْ حَجَر أَوْ إِنْسَان أَوْ شَيْطَان . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَتْ الْأَصْنَام الَّتِي كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَعْبُدهَا كَانَتْ مُعَظَّمَة بِالْعِبَادَةِ مِنْ دُون اللَّه فَقَدْ كَانَتْ جُبُوتًا وَطَوَاغِيت , وَكَذَلِكَ الشَّيَاطِين الَّتِي كَانَتْ الْكُفَّار تُطِيعهَا فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَكَذَلِكَ السَّاحِر وَالْكَاهِن اللَّذَانِ كَانَ مَقْبُولًا مِنْهُمَا مَا قَالَا فِي أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَكَذَلِكَ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَكَعْب بْن الْأَشْرَف , لِأَنَّهُمَا كَانَا مُطَاعَيْنِ فِي أَهْل مِلَّتهمَا مِنْ الْيَهُود فِي مَعْصِيَة اللَّه وَالْكُفْر بِهِ وَبِرَسُولِهِ , فَكَانَا جِبْتَيْنِ وَطَاغُوتَيْنِ . وَقَدْ بَيَّنْت الْأَصْل الَّذِي مِنْهُ قِيلَ لِلطَّاغُوتِ طَاغُوت , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَرِسَالَة رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هَؤُلَاءِ } يَعْنِي بِذَلِكَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِالْكُفْرِ { أَهْدَى } يَعْنِي أَقْوَم وَأَعْدَل { مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي مِنْ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَبِيلًا } يَعْنِي : طَرِيقًا . وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَل , وَمَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ اللَّه وَصَفَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود بِتَعْظِيمِهِمْ غَيْر اللَّه بِالْعِبَادَةِ وَالْإِذْعَان لَهُ بِالطَّاعَةِ فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَمَعْصِيَتهمَا , وَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَإِنَّ دِين أَهْل التَّكْذِيب لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَعْدَل وَأَصْوَب مِنْ دِين أَهْل التَّصْدِيق لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَة كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَأَنَّهُ قَائِل ذَلِكَ . ذِكْر الْآثَار الْوَارِدَة بِمَا قُلْنَا : 7736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , قَالَتْ لَهُ قُرَيْش : أَنْتَ خَيْر أَهْل الْمَدِينَة وَسَيِّدهمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الصُّنْبُور الْمُنْبَتِر مِنْ قَوْمه يَزْعُم أَنَّهُ خَيْر مِنَّا , وَنَحْنُ أَهْل الْحَجِيج وَأَهْل السَّدَانَة وَأَهْل السِّقَايَة ؟ قَالَ : أَنْتُمْ خَيْر مِنْهُ . قَالَ : فَأُنْزِلَتْ : { إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر } 108 3 وَأُنْزِلَتْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } 7737 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - وَحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِينَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد الْوَاسِطِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ : اُحْكُمْ بَيْننَا وَبَيْن هَذَا الصُّنْبُور الْأَبْتَر , فَأَنْتَ سَيِّدنَا وَسَيِّد قَوْمك . فَقَالَ كَعْب : أَنْتُمْ وَاَللَّه خَيْر مِنْهُ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : أَنَّ كَعْب بْن الْأَشْرَف اِنْطَلَقَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّار قُرَيْش , فَاسْتَجَاشَهُمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْزُوهُ , وَقَالَ : إِنَّا مَعَكُمْ نُقَاتِلهُ , فَقَالُوا : إِنَّكُمْ أَهْل كِتَاب , وَهُوَ صَاحِب كِتَاب , وَلَا نَأْمَن أَنْ يَكُون هَذَا مَكْرًا مِنْكُمْ , فَإِنْ أَرَدْت أَنْ نَخْرُج مَعَك فَاسْجُدْ لِهَذَيْنِ الصَّنَمَيْنِ وَآمِنْ بِهِمَا ! فَفَعَلَ . ثُمَّ قَالُوا : نَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد ؟ فَنَحْنُ نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي اللَّبَن عَلَى الْمَاء , وَنَصِل الرَّحِم , وَنَقْرِي . الضَّيْف , وَنَطُوف بِهَذَا الْبَيْت , وَمُحَمَّد قَطَعَ رَحِمَهُ , وَخَرَجَ مِنْ بَلَده . قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ خَيْر وَأَهْدَى ! فَنَزَلَتْ فِيهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 7738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَهُود بَنِي النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُمْ يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيَّيْنِ , فَهَمُّوا بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ , فَأَطْلَعَ اللَّه رَسُوله عَلَى مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , فَهَرَبَ كَعْب بْن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة , فَعَاهَدَهُمْ عَلَى مُحَمَّد , فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان : يَا أَبَا سَعْد , إِنَّكُمْ قَوْم تَقْرَءُونَ الْكِتَاب , وَتَعْلَمُونَ , وَنَحْنُ قَوْم لَا نَعْلَم , فَأَخْبِرْنَا : دِيننَا خَيْر أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ قَالَ كَعْب : اِعْرِضُوا عَلَيَّ دِينكُمْ ! فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : نَحْنُ قَوْم نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي الْحَجِيج الْمَاء , وَنَقْرِي الضَّيْف , وَنَعْمُر بَيْت رَبّنَا , وَنَعْبُد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يَعْبُد آبَاؤُنَا , وَمُحَمَّد يَأْمُرنَا أَنْ نَتْرُك هَذَا وَنَتَّبِعهُ . قَالَ : دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِين مُحَمَّد , فَاثْبُتُوا عَلَيْهِ ! أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُم أَنَّهُ بُعِثَ بِالتَّوَاضُعِ , وَهُوَ يَنْكِح مِنْ النِّسَاء مَا شَاءَ ؟ وَمَا نَعْلَم مُلْكًا أَعْظَم مِنْ مُلْك النِّسَاء ! فَذَلِكَ حِين يَقُول : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 7739 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَكُفَّار قُرَيْش قَالَ : كُفَّار قُرَيْش أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف , فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَسَأَلَتْهُ عَنْ مُحَمَّد فَصَغَّرَ أَمْره وَيَسَّرَهُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ ضَالّ . قَالَ : ثُمَّ قَالُوا لَهُ : نَنْشُدك اللَّه نَحْنُ أَهْدَى أَمْ هُوَ ؟ فَإِنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّا نَنْحَر الْكُوم , وَنَسْقِي الْحَجِيج , وَنَعْمُر الْبَيْت , وَنُطْعِم مَا هَبَّتْ الرِّيح ! قَالَ : أَنْتُمْ أَهْدَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الصِّفَة صِفَة جَمَاعَة مِنْ الْيَهُود مِنْهُمْ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا لِلْمُشْرِكِينَ مَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوهُ لَهُمْ . ذِكْر الْأَخْبَار بِذَلِكَ : 7740 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ قَالَهُ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَاب مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَبَنِي قُرَيْظَة حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَسَلَّام بْن أَبِي الْحُقَيْق , وَأَبُو رَافِع وَالرَّبِيع بْن أَبِي الْحُقَيْق وَأَبُو عَامِر , وَوَحْوَح بْن عَامِر , وَهَوْذَة بْن قَيْس ; فَأَمَّا وَحْوَح , وَأَبُو عَامِر , وَهَوْذَة فَمِنْ بَنِي وَائِل , وَكَانَ سَائِرهمْ مِنْ بَنِي النَّضِير . فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى قُرَيْش , قَالُوا : هَؤُلَاءِ أَحْبَار يَهُود وَأَهْل الْعِلْم بِالْكُتُبِ الْأُوَل , فَاسْأَلُوهُمْ أَدِينكُمْ خَيْر , أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ فَسَأَلُوهُمْ , فَقَالُوا : بَلْ دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِينه , وَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُ وَمِمَّنْ اِتَّبَعَهُ ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } 7741 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. الْآيَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب وَرَجُلَيْنِ مِنْ الْيَهُود مِنْ بَنِي النَّضِير لَقِيَا قُرَيْشًا بِمَوْسِمٍ , فَقَالَ لَهُمْ الْمُشْرِكُونَ : أَنَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَإِنَّا أَهْل السَّدَانَة وَالسِّقَايَة وَأَهْل الْحَرَم . فَقَالَا : لَا , بَلْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ! وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , إِنَّمَا حَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ حَسَد مُحَمَّد وَأَصْحَابه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ صِفَة حُيَيّ بْن أَخْطَب وَحْده , وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7742 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : جَاءَ حُيَيّ بْن أَخْطَب إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَقَالُوا : يَا حُيَيّ إِنَّكُمْ أَصْحَاب كُتُب , فَنَحْنُ خَيْر أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَقَالَ : نَحْنُ وَأَنْتُمْ خَيْر مِنْهُمْ ! فَذَلِكَ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَتْ الْجَمَاعَة الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اِبْن عَبَّاس فِي الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعْد أَوْ يَكُون حُيَيًّا وَآخَر مَعَهُ , إِمَّا كَعْبًا وَإِمَّا غَيْره .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه وَرِسَالَة رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هَؤُلَاءِ } يَعْنِي بِذَلِكَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِالْكُفْرِ { أَهْدَى } يَعْنِي أَقْوَم وَأَعْدَل { مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي مِنْ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيّهمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَبِيلًا } يَعْنِي : طَرِيقًا . وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَل , وَمَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ اللَّه وَصَفَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود بِتَعْظِيمِهِمْ غَيْر اللَّه بِالْعِبَادَةِ وَالْإِذْعَان لَهُ بِالطَّاعَةِ فِي الْكُفْر بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَمَعْصِيَتهمَا , وَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , وَإِنَّ دِين أَهْل التَّكْذِيب لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَعْدَل وَأَصْوَب مِنْ دِين أَهْل التَّصْدِيق لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَة كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَأَنَّهُ قَائِل ذَلِكَ . ذِكْر الْآثَار الْوَارِدَة بِمَا قُلْنَا : 7736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , قَالَتْ لَهُ قُرَيْش : أَنْتَ خَيْر أَهْل الْمَدِينَة وَسَيِّدهمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الصُّنْبُور الْمُنْبَتِر مِنْ قَوْمه يَزْعُم أَنَّهُ خَيْر مِنَّا , وَنَحْنُ أَهْل الْحَجِيج وَأَهْل السَّدَانَة وَأَهْل السِّقَايَة ؟ قَالَ : أَنْتُمْ خَيْر مِنْهُ . قَالَ : فَأُنْزِلَتْ : { إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر } 108 3 وَأُنْزِلَتْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } 7737 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - وَحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِينَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد الْوَاسِطِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف مَكَّة , فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ : اُحْكُمْ بَيْننَا وَبَيْن هَذَا الصُّنْبُور الْأَبْتَر , فَأَنْتَ سَيِّدنَا وَسَيِّد قَوْمك . فَقَالَ كَعْب : أَنْتُمْ وَاَللَّه خَيْر مِنْهُ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : أَنَّ كَعْب بْن الْأَشْرَف اِنْطَلَقَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّار قُرَيْش , فَاسْتَجَاشَهُمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَغْزُوهُ , وَقَالَ : إِنَّا مَعَكُمْ نُقَاتِلهُ , فَقَالُوا : إِنَّكُمْ أَهْل كِتَاب , وَهُوَ صَاحِب كِتَاب , وَلَا نَأْمَن أَنْ يَكُون هَذَا مَكْرًا مِنْكُمْ , فَإِنْ أَرَدْت أَنْ نَخْرُج مَعَك فَاسْجُدْ لِهَذَيْنِ الصَّنَمَيْنِ وَآمِنْ بِهِمَا ! فَفَعَلَ . ثُمَّ قَالُوا : نَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد ؟ فَنَحْنُ نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي اللَّبَن عَلَى الْمَاء , وَنَصِل الرَّحِم , وَنَقْرِي . الضَّيْف , وَنَطُوف بِهَذَا الْبَيْت , وَمُحَمَّد قَطَعَ رَحِمَهُ , وَخَرَجَ مِنْ بَلَده . قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ خَيْر وَأَهْدَى ! فَنَزَلَتْ فِيهِ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 7738 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَهُود بَنِي النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُمْ يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيَّيْنِ , فَهَمُّوا بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ , فَأَطْلَعَ اللَّه رَسُوله عَلَى مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة , فَهَرَبَ كَعْب بْن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة , فَعَاهَدَهُمْ عَلَى مُحَمَّد , فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان : يَا أَبَا سَعْد , إِنَّكُمْ قَوْم تَقْرَءُونَ الْكِتَاب , وَتَعْلَمُونَ , وَنَحْنُ قَوْم لَا نَعْلَم , فَأَخْبِرْنَا : دِيننَا خَيْر أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ قَالَ كَعْب : اِعْرِضُوا عَلَيَّ دِينكُمْ ! فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : نَحْنُ قَوْم نَنْحَر الْكَوْمَاء , وَنَسْقِي الْحَجِيج الْمَاء , وَنَقْرِي الضَّيْف , وَنَعْمُر بَيْت رَبّنَا , وَنَعْبُد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يَعْبُد آبَاؤُنَا , وَمُحَمَّد يَأْمُرنَا أَنْ نَتْرُك هَذَا وَنَتَّبِعهُ . قَالَ : دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِين مُحَمَّد , فَاثْبُتُوا عَلَيْهِ ! أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُم أَنَّهُ بُعِثَ بِالتَّوَاضُعِ , وَهُوَ يَنْكِح مِنْ النِّسَاء مَا شَاءَ ؟ وَمَا نَعْلَم مُلْكًا أَعْظَم مِنْ مُلْك النِّسَاء ! فَذَلِكَ حِين يَقُول : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } 7739 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَكُفَّار قُرَيْش قَالَ : كُفَّار قُرَيْش أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَدِمَ كَعْب بْن الْأَشْرَف , فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَسَأَلَتْهُ عَنْ مُحَمَّد فَصَغَّرَ أَمْره وَيَسَّرَهُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ ضَالّ . قَالَ : ثُمَّ قَالُوا لَهُ : نَنْشُدك اللَّه نَحْنُ أَهْدَى أَمْ هُوَ ؟ فَإِنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّا نَنْحَر الْكُوم , وَنَسْقِي الْحَجِيج , وَنَعْمُر الْبَيْت , وَنُطْعِم مَا هَبَّتْ الرِّيح ! قَالَ : أَنْتُمْ أَهْدَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الصِّفَة صِفَة جَمَاعَة مِنْ الْيَهُود مِنْهُمْ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَهُمْ الَّذِينَ قَالُوا لِلْمُشْرِكِينَ مَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوهُ لَهُمْ . ذِكْر الْأَخْبَار بِذَلِكَ : 7740 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق عَمَّنْ قَالَهُ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , عَنْ عِكْرِمَة , أَوْ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَاب مِنْ قُرَيْش وَغَطَفَان وَبَنِي قُرَيْظَة حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَسَلَّام بْن أَبِي الْحُقَيْق , وَأَبُو رَافِع وَالرَّبِيع بْن أَبِي الْحُقَيْق وَأَبُو عَامِر , وَوَحْوَح بْن عَامِر , وَهَوْذَة بْن قَيْس ; فَأَمَّا وَحْوَح , وَأَبُو عَامِر , وَهَوْذَة فَمِنْ بَنِي وَائِل , وَكَانَ سَائِرهمْ مِنْ بَنِي النَّضِير . فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى قُرَيْش , قَالُوا : هَؤُلَاءِ أَحْبَار يَهُود وَأَهْل الْعِلْم بِالْكُتُبِ الْأُوَل , فَاسْأَلُوهُمْ أَدِينكُمْ خَيْر , أَمْ دِين مُحَمَّد ؟ فَسَأَلُوهُمْ , فَقَالُوا : بَلْ دِينكُمْ خَيْر مِنْ دِينه , وَأَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُ وَمِمَّنْ اِتَّبَعَهُ ! فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. إِلَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } 7741 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت } . .. الْآيَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب وَرَجُلَيْنِ مِنْ الْيَهُود مِنْ بَنِي النَّضِير لَقِيَا قُرَيْشًا بِمَوْسِمٍ , فَقَالَ لَهُمْ الْمُشْرِكُونَ : أَنَحْنُ أَهْدَى أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَإِنَّا أَهْل السَّدَانَة وَالسِّقَايَة وَأَهْل الْحَرَم . فَقَالَا : لَا , بَلْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ! وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , إِنَّمَا حَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ حَسَد مُحَمَّد وَأَصْحَابه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ صِفَة حُيَيّ بْن أَخْطَب وَحْده , وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7742 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : جَاءَ حُيَيّ بْن أَخْطَب إِلَى الْمُشْرِكِينَ , فَقَالُوا : يَا حُيَيّ إِنَّكُمْ أَصْحَاب كُتُب , فَنَحْنُ خَيْر أَمْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه ؟ فَقَالَ : نَحْنُ وَأَنْتُمْ خَيْر مِنْهُمْ ! فَذَلِكَ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب } . .. إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَتْ الْجَمَاعَة الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اِبْن عَبَّاس فِي الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعْد أَوْ يَكُون حُيَيًّا وَآخَر مَعَهُ , إِمَّا كَعْبًا وَإِمَّا غَيْره .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ أَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب وَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت , هُمْ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه , يَقُول : أَخْزَاهُمْ اللَّه فَأَبْعَدَهُمْ مِنْ رَحْمَته بِإِيمَانِهِمْ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت وَكُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , عِنَادًا مِنْهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ , وَبِقَوْلِهِمْ : { لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } { وَمَنْ يَلْعَن اللَّه } يَقُول : وَمَنْ يُخْزِهِ اللَّه فَيُبْعِدهُ مِنْ رَحْمَته , { فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا } يَقُول : فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد نَاصِرًا يَنْصُرهُ مِنْ عُقُوبَة اللَّه وَلَعْنَته الَّتِي تَحِلّ بِهِ فَيَدْفَع ذَلِكَ عَنْهُ ; كَمَا : 7743 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب مَا قَالَا , يَعْنِي مِنْ قَوْلهمَا : " هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " , وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا }
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } أَمْ لَهُمْ حَظّ مِنْ الْمُلْك , يَقُول : لَيْسَ لَهُمْ حَظّ مِنْ الْمُلْك . كَمَا : 7744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } يَقُول : لَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك إِذًا لَمْ يُؤْتُوا مُحَمَّدًا نَقِيرًا . 7745 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ اللَّه : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك } قَالَ : فَلَيْسَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك , { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } وَلَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب وَحَظّ مِنْ الْمُلْك , لَمْ يَكُونُوا إِذًا يُعْطُونَ النَّاس نَقِيرًا مِنْ بُخْلهمْ .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّقِير , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7746 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { نَقِيرًا } يَقُول : النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : النَّقِير الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْكُوفِيّ الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : النَّقِير : وَسَط النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } النَّقِير : نَقِير النَّوَاة : وَسَطهَا . 7747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } يَقُول : لَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك إِذًا لَمْ يُؤْتُوا مُحَمَّدًا نَقِيرًا , وَالنَّقِير : النُّكْتَة الَّتِي فِي وَسَط النَّوَاة . 7748 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , يَقُول : النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . 7749 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : النَّقِير : النَّقْرَة الَّتِي تَكُون فِي ظَهْر النَّوَاة . 7750 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : النَّقِير : الْحَبَّة الَّتِي تَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7751 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : النَّقِير فِي النَّوَى . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي فِي وَسَطهَا . 7752 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول : النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي يَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : نَقَرَ الرَّجُل الشَّيْء بِطَرَفِ أَصَابِعه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7753 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يَزِيد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , وَوَضَعَ اِبْن عَبَّاس طَرَف الْإِبْهَام عَلَى ظَهْر السَّبَّابَة ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَقَالَ : هَذَا النَّقِير . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْفِرْقَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب بِالْبُخْلِ بِالْيَسِيرِ مِنْ الشَّيْء الَّذِي لَا خَطَر لَهُ , وَلَوْ كَانُوا مُلُوكًا وَأَهْل قُدْرَة عَلَى الْأَشْيَاء الْجَلِيلَة الْأَقْدَار . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِمَعْنَى النَّقِير أَنْ يَكُون أَصْغَر مَا يَكُون مِنْ النُّقَر , وَإِذَا كَانَ ذَلِك أَوْلَى بِهِ , فَالنُّقْرَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة مِنْ صِغَار النُّقَر , وَقَدْ يَدْخُل فِي ذَلِكَ كُلّ مَا شَاكَلَهَا مِنْ النُّقَر . وَرُفِعَ قَوْله : { لَا يُؤْتُونَ النَّاس } وَلَمْ يُنْصَب ب " إِذًا " , وَمِنْ حُكْمهَا أَنْ تَنْصِب الْأَفْعَال الْمُسْتَقْبِلَة إِذَا اُبْتُدِئَ الْكَلَام بِهَا ; لِأَنَّ مَعَهَا فَاء , وَمِنْ حُكْمهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا بَعْض حُرُوف الْعَطْف أَنْ تُوَجَّه إِلَى الِابْتِدَاء بِهَا مَرَّة وَإِلَى النَّقْل عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا أُخْرَى , وَهَذَا الْمَوْضِع مِمَّا أُرِيدَ بِالْفَاءِ فِيهِ النَّقْل عَنْ إِذًا إِلَى مَا بَعْدهَا , وَأَنْ يَكُون مَعْنَى الْكَلَام : أَمْ لَهُمْ نَصِيب فَلَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا إِذًا.
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى النَّقِير , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7746 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { نَقِيرًا } يَقُول : النُّقْطَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : النَّقِير الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْكُوفِيّ الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : النَّقِير : وَسَط النَّوَاة . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } النَّقِير : نَقِير النَّوَاة : وَسَطهَا . 7747 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : { أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } يَقُول : لَوْ كَانَ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك إِذًا لَمْ يُؤْتُوا مُحَمَّدًا نَقِيرًا , وَالنَّقِير : النُّكْتَة الَّتِي فِي وَسَط النَّوَاة . 7748 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني طَلْحَة بْن عَمْرو أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , يَقُول : النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . 7749 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : النَّقِير : النَّقْرَة الَّتِي تَكُون فِي ظَهْر النَّوَاة . 7750 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : النَّقِير : الَّذِي فِي ظَهْر النَّوَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : النَّقِير : الْحَبَّة الَّتِي تَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7751 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا } قَالَ : النَّقِير : حَبَّة النَّوَاة الَّتِي فِي وَسَطهَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : النَّقِير فِي النَّوَى . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي فِي وَسَطهَا . 7752 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول : النَّقِير : نَقِير النَّوَاة الَّذِي يَكُون فِي وَسَط النَّوَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : نَقَرَ الرَّجُل الشَّيْء بِطَرَفِ أَصَابِعه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7753 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يَزِيد بْن دِرْهَم أَبِي الْعَلَاء , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْعَالِيَة , وَوَضَعَ اِبْن عَبَّاس طَرَف الْإِبْهَام عَلَى ظَهْر السَّبَّابَة ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَقَالَ : هَذَا النَّقِير . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْفِرْقَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب بِالْبُخْلِ بِالْيَسِيرِ مِنْ الشَّيْء الَّذِي لَا خَطَر لَهُ , وَلَوْ كَانُوا مُلُوكًا وَأَهْل قُدْرَة عَلَى الْأَشْيَاء الْجَلِيلَة الْأَقْدَار . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِمَعْنَى النَّقِير أَنْ يَكُون أَصْغَر مَا يَكُون مِنْ النُّقَر , وَإِذَا كَانَ ذَلِك أَوْلَى بِهِ , فَالنُّقْرَة الَّتِي فِي ظَهْر النَّوَاة مِنْ صِغَار النُّقَر , وَقَدْ يَدْخُل فِي ذَلِكَ كُلّ مَا شَاكَلَهَا مِنْ النُّقَر . وَرُفِعَ قَوْله : { لَا يُؤْتُونَ النَّاس } وَلَمْ يُنْصَب ب " إِذًا " , وَمِنْ حُكْمهَا أَنْ تَنْصِب الْأَفْعَال الْمُسْتَقْبِلَة إِذَا اُبْتُدِئَ الْكَلَام بِهَا ; لِأَنَّ مَعَهَا فَاء , وَمِنْ حُكْمهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا بَعْض حُرُوف الْعَطْف أَنْ تُوَجَّه إِلَى الِابْتِدَاء بِهَا مَرَّة وَإِلَى النَّقْل عَنْهَا إِلَى غَيْرهَا أُخْرَى , وَهَذَا الْمَوْضِع مِمَّا أُرِيدَ بِالْفَاءِ فِيهِ النَّقْل عَنْ إِذًا إِلَى مَا بَعْدهَا , وَأَنْ يَكُون مَعْنَى الْكَلَام : أَمْ لَهُمْ نَصِيب فَلَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا إِذًا.
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } أَمْ يَحْسُد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود . كَمَا : 7754 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } قَالَ : الْيَهُود . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7755 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة مِثْله . وَأَمَّا قَوْله : { النَّاس } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَنَى اللَّه بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7756 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النَّاس فِي هَذَا الْمَوْضِع : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة . 7757 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْله } يَعْنِي : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7758 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . 7759 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النَّاس : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7760 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى اللَّه بِهِ الْعَرَب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7761 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } أُولَئِكَ الْيَهُود حَسَدُوا هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَاتَبَ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , فَقَالَ لَهُمْ فِي قِيلهمْ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان إِنَّهُمْ أَهْدَى مِنْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه سَبِيلًا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ فِي قِيلهمْ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ كَذَبَة : أَمْ يَحْسُدُونَ مُحَمَّدًا عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ مَا قَبْل قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } مَضَى بِذَمِّ الْقَائِلِينَ مِنْ الْيَهُود لِلَّذِينَ كَفَرُوا : { هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } فَإِلْحَاق قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } بِذَمِّهِمْ عَلَى ذَلِكَ , وَتَقْرِيظ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ مَا قِيلَ أَشْبَه وَأَوْلَى , مَا لَمْ يَأْتِ دَلَالَة عَلَى اِنْصِرَاف مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الْفَضْل الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ آتَى الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ الْفَضْل هُوَ النُّبُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7762 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } حَسَدُوا هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , بَعَثَ اللَّه مِنْهُمْ نَبِيًّا فَحَسَدُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ . 7763 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : { عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } قَالَ : النُّبُوَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْفَضْل الَّذِي ذَكَرَ اللَّه أَنَّهُ آتَاهُمُوهُ : هُوَ إِبَاحَته مَا أَبَاحَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النِّسَاء , يَنْكِح مِنْهُنَّ مَا شَاءَ بِغَيْرِ عَدَد . قَالُوا : وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالنَّاسِ : مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرْت قَبْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7764 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } . .. الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْكِتَاب قَالُوا : زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّهُ أُوتِيَ مَا أُوتِيَ فِي تَوَاضُع وَلَهُ تِسْع نِسْوَة , لَيْسَ هَمّه إِلَّا النِّكَاح , فَأَيّ مُلْك أَفْضَل مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ اللَّه : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } 7765 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } يَعْنِي مُحَمَّدًا أَنْ يَنْكِح مَا شَاءَ مِنْ النِّسَاء . 7766 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُود قَالُوا : مَا شَأْن مُحَمَّد أُعْطِيَ النُّبُوَّة كَمَا يَزْعُم وَهُوَ جَائِع عَارٍ , وَلَيْسَ لَهُ هَمّ إِلَّا نِكَاح النِّسَاء ؟ فَحَسَدُوهُ عَلَى تَزْوِيج الْأَزْوَاج , وَأَحَلَّ اللَّه لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَنْكِح مِنْهُنَّ مَا شَاءَ أَنْ يَنْكِح . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل قَتَادَة وَابْن جُرَيْج الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل أَنَّ مَعْنَى الْفَضْل فِي هَذَا الْمَوْضِع النُّبُوَّة الَّتِي فَضَّلَ اللَّه بِهَا مُحَمَّدًا , وَشَرَّفَ بِهَا الْعَرَب إِذْ آتَاهَا رَجُلًا مِنْهُمْ دُون غَيْرهمْ , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ دَلَالَة ظَاهِر هَذِهِ الْآيَة تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا تَقْرِيظ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل , وَلَيْسَ النِّكَاح وَتَزْوِيج النِّسَاء , وَإِنْ كَانَ مِنْ فَضْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِي آتَاهُ عِبَاده بِتَقْرِيظٍ لَهُمْ وَمَدْح .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } يَعْنِي : بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَمْ يَحْسُد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ , فَكَيْفَ لَا يَحْسُدُونَ آل إِبْرَاهِيم , فَقَدْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْكِتَابِ ؟ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } فَقَدْ أَعْطَيْنَا آل إِبْرَاهِيم , يَعْنِي : أَهْله وَأَتْبَاعه عَلَى دِينه { الْكِتَاب } يَعْنِي : كِتَاب اللَّه الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهِمْ , وَذَلِكَ كَصُحُفِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَالزَّبُور , وَسَائِر مَا آتَاهُمْ مِنْ الْكُتُب . وَأَمَّا الْحِكْمَة , فَمَا أَوْحَى إِلَيْهِمْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ كِتَابًا مَقْرُوءًا . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمُلْك الْعَظِيم الَّذِي عَنَاهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّبُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7767 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } قَالَ : يَهُود , { عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَلَيْسُوا مِنْهُمْ , وَالْحِكْمَة , { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : النُّبُوَّة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : { مُلْكًا } النُّبُوَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ تَحْلِيل النِّسَاء ; قَالُوا : وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِذَلِكَ : أَمْ يَحْسُدُونَ مُحَمَّدًا عَلَى مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ النِّسَاء , فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه مِثْل الَّذِي أَحَلَّهُ لَهُ مِنْهُنَّ لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَان وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَنْبِيَاء , فَكَيْفَ لَمْ يَحْسُدُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَسَدُوا مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } سُلَيْمَان وَدَاوُد { الْحِكْمَة } يَعْنِي : النُّبُوَّة . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } فِي النِّسَاء , فَمَا بَاله حَلَّ لِأُولَئِكَ وَهُمْ أَنْبِيَاء أَنْ يَنْكِح دَاوُد تِسْعًا وَتِسْعِينَ اِمْرَأَة , وَيَنْكِح سُلَيْمَان مِائَة , وَلَا يَحِلّ لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَنْكِح كَمَا نَكَحُوا ! . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الَّذِي آتَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7769 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7770 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ وَالْجُنُود . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآي , وَهِيَ قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , دُون الَّذِي قَالَ : إِنَّهُ مُلْك النُّبُوَّة , وَدُون قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهُ تَحْلِيل النِّسَاء وَالْمُلْك عَلَيْهِنَّ . لِأَنَّ كَلَام اللَّه الَّذِي خُوطِبَ بِهِ الْعَرَب غَيْر جَائِز تَوْجِيهه إِلَّا إِلَى الْمَعْرُوف الْمُسْتَعْمَل فِيهِمْ مِنْ مَعَانِيه , إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ دَلَالَة أَوْ تَقُوم حُجَّة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } يَعْنِي : بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَمْ يَحْسُد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله , مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ , فَكَيْفَ لَا يَحْسُدُونَ آل إِبْرَاهِيم , فَقَدْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْكِتَابِ ؟ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } فَقَدْ أَعْطَيْنَا آل إِبْرَاهِيم , يَعْنِي : أَهْله وَأَتْبَاعه عَلَى دِينه { الْكِتَاب } يَعْنِي : كِتَاب اللَّه الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيْهِمْ , وَذَلِكَ كَصُحُفِ إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَالزَّبُور , وَسَائِر مَا آتَاهُمْ مِنْ الْكُتُب . وَأَمَّا الْحِكْمَة , فَمَا أَوْحَى إِلَيْهِمْ مِمَّا لَمْ يَكُنْ كِتَابًا مَقْرُوءًا . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمُلْك الْعَظِيم الَّذِي عَنَاهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ النُّبُوَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7767 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس } قَالَ : يَهُود , { عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله } فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكِتَاب وَلَيْسُوا مِنْهُمْ , وَالْحِكْمَة , { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : النُّبُوَّة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : { مُلْكًا } النُّبُوَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ تَحْلِيل النِّسَاء ; قَالُوا : وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه بِذَلِكَ : أَمْ يَحْسُدُونَ مُحَمَّدًا عَلَى مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ مِنْ النِّسَاء , فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه مِثْل الَّذِي أَحَلَّهُ لَهُ مِنْهُنَّ لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَان وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَنْبِيَاء , فَكَيْفَ لَمْ يَحْسُدُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَسَدُوا مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَقَدْ آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم } سُلَيْمَان وَدَاوُد { الْحِكْمَة } يَعْنِي : النُّبُوَّة . { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } فِي النِّسَاء , فَمَا بَاله حَلَّ لِأُولَئِكَ وَهُمْ أَنْبِيَاء أَنْ يَنْكِح دَاوُد تِسْعًا وَتِسْعِينَ اِمْرَأَة , وَيَنْكِح سُلَيْمَان مِائَة , وَلَا يَحِلّ لِمُحَمَّدٍ أَنْ يَنْكِح كَمَا نَكَحُوا ! . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الَّذِي آتَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7769 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانُوا أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7770 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } قَالَ : أُيِّدُوا بِالْمَلَائِكَةِ وَالْجُنُود . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآي , وَهِيَ قَوْله : { وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : يَعْنِي : مُلْك سُلَيْمَان ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , دُون الَّذِي قَالَ : إِنَّهُ مُلْك النُّبُوَّة , وَدُون قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهُ تَحْلِيل النِّسَاء وَالْمُلْك عَلَيْهِنَّ . لِأَنَّ كَلَام اللَّه الَّذِي خُوطِبَ بِهِ الْعَرَب غَيْر جَائِز تَوْجِيهه إِلَّا إِلَى الْمَعْرُوف الْمُسْتَعْمَل فِيهِمْ مِنْ مَعَانِيه , إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ دَلَالَة أَوْ تَقُوم حُجَّة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَمِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } { مَنْ آمَنَ بِهِ } يَقُول : مَنْ صَدَّقَ بِمَا أَنْزَلْنَا عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ . { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ التَّصْدِيق بِهِ . كَمَا : 7771 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ } قَالَ : بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد مِنْ يَهُود { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَفِي هَذِهِ الْآيَة دَلَالَة عَلَى أَنَّ الَّذِينَ صُدُّوا عَمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ كَانُوا حَوَالَيْ مُهَاجِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُمْ وَعِيد اللَّه الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِهِ , فِي قَوْله : { آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا أَوْ نَلْعَنهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَاب السَّبْت وَكَانَ أَمْر اللَّه مَفْعُولًا } 4 47 فِي الدُّنْيَا , وَأُخِّرَتْ عُقُوبَتهمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , لِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ . وَإِنَّ الْوَعِيد لَهُمْ مِنْ اللَّه بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَة فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَقَام جَمِيعهمْ عَلَى الْكُفْر بِمَا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا آمَنَ بَعْضهمْ خَرَجُوا مِنْ الْوَعِيد الَّذِي تَوَعَّدَهُ فِي عَاجِل الدُّنْيَا , وَأُخِّرَتْ عُقُوبَة الْمُقِيمِينَ عَلَى التَّكْذِيب إِلَى الْآخِرَة , فَقَالَ لَهُمْ : كَفَاكُمْ بِجَهَنَّم سَعِيرًا.
وَيَعْنِي قَوْله : { وَكَفَى بِجَهَنَّم سَعِيرًا } وَحَسْبكُمْ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِمَا أُنْزِلَتْ عَلَى مُحَمَّد نَبِيِّي وَرَسُولِي بِجَهَنَّم سَعِيرًا , يَعْنِي : بِنَارِ جَهَنَّم تُسَعَّر عَلَيْكُمْ : أَيْ تُوقَد عَلَيْكُمْ . وَقِيلَ : { سَعِيرًا } أَصْله مَسْعُورًا , مِنْ سُعِّرَتْ تُسَعَّر فَهِيَ مَسْعُورَة , كَمَا قَالَ اللَّه : { وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ } 81 12 وَلَكِنَّهَا صُرِفَتْ إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : كَفّ خَضِيب وَلِحْيَة دَهِين , بِمَعْنَى مَخْضُوبَة وَمَدْهُونَة , وَالسَّعِير : الْوَقُود.
وَيَعْنِي قَوْله : { وَكَفَى بِجَهَنَّم سَعِيرًا } وَحَسْبكُمْ أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ بِمَا أُنْزِلَتْ عَلَى مُحَمَّد نَبِيِّي وَرَسُولِي بِجَهَنَّم سَعِيرًا , يَعْنِي : بِنَارِ جَهَنَّم تُسَعَّر عَلَيْكُمْ : أَيْ تُوقَد عَلَيْكُمْ . وَقِيلَ : { سَعِيرًا } أَصْله مَسْعُورًا , مِنْ سُعِّرَتْ تُسَعَّر فَهِيَ مَسْعُورَة , كَمَا قَالَ اللَّه : { وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ } 81 12 وَلَكِنَّهَا صُرِفَتْ إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ : كَفّ خَضِيب وَلِحْيَة دَهِين , بِمَعْنَى مَخْضُوبَة وَمَدْهُونَة , وَالسَّعِير : الْوَقُود.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا } هَذَا وَعِيد مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلَّذِينَ أَقَامُوا عَلَى تَكْذِيبهمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ مِنْ سَائِر الْكُفَّار بِرَسُولِهِ . يَقُول اللَّه لَهُمْ : إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا مَا أَنْزَلْت عَلَى رَسُولِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آيَاتِي , يَعْنِي مِنْ آيَات تَنْزِيله وَوَحْي كِتَابه , وَهِيَ دَلَالَاته وَحُجَجه عَلَى صِدْق مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِهِ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ مِنْ سَائِر أَهْل الْكُفْر بِهِ ; { سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا } يَقُول : سَوْفَ نُنْضِجهُمْ فِي نَار يَصْلَوْنَ فِيهَا : أَيْ يُشْوَوْنَ فِيهَا .
{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } يَقُول : كُلَّمَا اِنْشَوَتْ بِهَا جُلُودهمْ فَاحْتَرَقَتْ , { بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَعْنِي : غَيْر الْجُلُود الَّتِي قَدْ نَضِجَتْ فَانْشَوَتْ . كَمَا : 7772 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ثُوَيْر , عَنْ اِبْن عُمَر : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : إِذَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا بِيضًا أَمْثَال الْقَرَاطِيس . 7773 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَقُول : كُلَّمَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا . 7774 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } قَالَ : سَمِعْنَا أَنَّهُ مَكْتُوب فِي الْكِتَاب الْأَوَّل أَنَّ جِلْد أَحَدهمْ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَسِنّه سَبْعُونَ ذِرَاعًا , وَبَطْنه لَوْ وُضِعَ فِيهِ جَبَل لَوَسِعَهُ , فَإِذَا أَكَلَتْ النَّار جُلُودهمْ بُدِّلُوا جُلُودًا غَيْرهَا . 7775 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ الْحَسَن : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : نُنْضِجهُمْ فِي الْيَوْم سَبْعِينَ أَلْف مَرَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْدَة الْحَدَّاد , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : تُنْضِج النَّار كُلّ يَوْم سَبْعِينَ أَلْف جِلْد , وَغِلَظ جِلْد الْكَافِر أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَاَللَّه أَعْلَم بِأَيِّ ذِرَاع . فَإِنْ سَأَلَ سَائِل , فَقَالَ : وَمَا مَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } ؟ وَهَلْ يَجُوز أَنْ يُبَدَّلُوا جُلُودًا غَيْر جُلُودهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , فَيُعَذَّبُوا فِيهَا ؟ فَإِنْ جَازَ ذَلِكَ عِنْدك , فَأَجِزْ أَنْ يُبَدَّلُوا أَجْسَامًا وَأَرْوَاحًا غَيْر أَجْسَامهمْ وَأَرْوَاحهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَتُعَذَّب ! وَإِنْ أَجَزْت ذَلِكَ , لَزِمَك أَنْ يَكُون الْمُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَة بِالنَّارِ غَيْر الَّذِينَ أَوْعَدَهُمْ اللَّه الْعِقَاب عَلَى كُفْرهمْ بِهِ وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَأَنْ يَكُون الْكُفَّار قَدْ اِرْتَفَعَ عَنْهُمْ الْعَذَاب ! قِيلَ : إِنَّ النَّاس اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْعَذَاب إِنَّمَا يَصِل إِلَى الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ غَيْر الْجِلْد وَاللَّحْم , وَإِنَّمَا يُحْرَق الْجِلْد لِيَصِل إِلَى الْإِنْسَان أَلَم الْعَذَاب , وَأَمَّا الْجِلْد وَاللَّحْم فَلَا يَأْلَمَانِ . قَالُوا : فَسَوَاء أُعِيدَ عَلَى الْكَافِر جِلْده الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا , أَوْ جِلْد غَيْره , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود غَيْر آلِمَة وَلَا مُعَذَّبَة , وَإِنَّمَا الْآلِمَة الْمُعَذَّبَة النَّفْس الَّتِي تَحُسّ الْأَلَم , وَيَصِل إِلَيْهَا الْوَجَع . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يُخْلَق لِكُلِّ كَافِر فِي النَّار فِي كُلّ لَحْظَة وَسَاعَة مِنْ الْجُلُود مَا لَا يُحْصَى عَدَده , وَيُحْرَق ذَلِكَ عَلَيْهِ , لِيَصِل إِلَى نَفْسه أَلَم الْعَذَاب , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود لَا تَأَلَّم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْجُلُود تَأَلَّم , وَاللَّحْم وَسَائِر أَجْزَاء جِرْم بَنِي آدَم , وَإِذَا أُحْرِقَ جِلْده أَوْ غَيْره مِنْ أَجْزَاء جَسَده , وَصَلَ أَلَم ذَلِكَ إِلَى جَمِيعه . قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْر مُحْتَرِقَة , وَذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاد جَدِيدَة , وَالْأُولَى كَانَتْ قَدْ اِحْتَرَقَتْ فَأُعِيدَتْ غَيْر مُحْتَرِقَة , فَلِذَلِكَ قِيلَ غَيْرهَا , لِأَنَّهَا غَيْر الْجُلُود الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الَّتِي عَصَوْا اللَّه وَهِيَ لَهُمْ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْل الْعَرَب لِلصَّائِغِ إِذَا اسْتَصَاغَتْهُ خَاتَمًا مِنْ خَاتَم مَصُوغ , بِتَحْوِيلِهِ عَنْ صِيَاغَته الَّتِي هُوَ بِهَا إِلَى صِيَاغَة أُخْرَى : صُغْ لِي مِنْ هَذَا الْخَاتَم خَاتَمًا غَيْره ! فَيَكْسِرهُ وَيَصُوغ لَهُ مِنْهُ خَاتَمًا غَيْره وَالْخَاتَم الْمَصُوغ بِالصِّيَاغَةِ الثَّانِيَة هُوَ الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُ لَمَّا أُعِيدَ بَعْد كَسْره خَاتَمًا قِيلَ هُوَ غَيْره . قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } لَمَّا اِحْتَرَقَتْ الْجُلُود ثُمَّ أُعِيدَتْ جَدِيدَة بَعْد الِاحْتِرَاق , قِيلَ هِيَ غَيْرهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } سَرَابِيلهمْ , بَدَّلْنَاهُمْ سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان غَيْرهَا . فَجُعِلَتْ السَّرَابِيل الْقَطِرَان لَهُمْ جُلُودًا , كَمَا يُقَال لِلشَّيْءِ الْخَاصّ بِالْإِنْسَانِ : هُوَ جِلْدَة مَا بَيْن عَيْنَيْهِ وَوَجْهه لِخُصُوصِهِ بِهِ . قَالُوا : فَكَذَلِكَ سَرَابِيل الْقَطِرَان الَّتِي قَالَ اللَّه فِي كِتَابه : { سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطِرَان وَتَغْشَى وُجُوههمْ النَّار } لَمَّا صَارَتْ لَهُمْ لِبَاسًا لَا تُفَارِق أَجْسَامهمْ جُعِلَتْ لَهُمْ جُلُودًا , فَقِيلَ : كُلَّمَا اِشْتَعَلَ الْقَطِرَان فِي أَجْسَامهمْ وَاحْتَرَقَ بُدِّلُوا سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان آخَر . قَالُوا : وَأَمَّا جُلُود أَهْل الْكُفْر مِنْ أَهْل النَّار فَإِنَّهَا لَا تُحْرَق , لِأَنَّ فِي اِحْتِرَاقهَا إِلَى حَال إِعَادَتهَا فَنَاءَهَا , وَفِي فَنَائِهَا رَاحَتهَا . قَالُوا : وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْهَا أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا . قَالُوا : وَجُلُود الْكُفَّار أَحَد أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَلَوْ جَازَ أَنْ يَحْتَرِق مِنْهَا شَيْء فَيَفْنَى ثُمَّ يُعَاد بَعْد الْفَنَاء فِي النَّار , جَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا , وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُون جَائِزًا عَلَيْهِمْ الْفَنَاء ثُمَّ الْإِعَادَة وَالْمَوْت ثُمَّ الْإِحْيَاء , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ . قَالُوا : وَفِي خَبَره عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ دَلِيل وَاضِح أَنَّهُ لَا يَمُوت شَيْء مِنْ أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَالْجُلُود أَحَد تِلْكَ الْأَجْزَاء .
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { لِيَذُوقُوا الْعَذَاب } فَإِنَّهُ يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِيَجِدُوا أَلَم الْعَذَاب وَكَرْبه وَشِدَّته بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُكَذِّبُونَ آيَات اللَّه وَيَجْحَدُونَهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَزِيزًا فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ خَلْقه , لَا يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع مِنْهُ أَحَد أَرَادَهُ بِضُرٍّ , وَلَا الِانْتِصَار مِنْهُ أَحَد أَحَلَّ بِهِ عُقُوبَة , حَكِيمًا فِي تَدْبِيره وَقَضَائِهِ.
{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } يَقُول : كُلَّمَا اِنْشَوَتْ بِهَا جُلُودهمْ فَاحْتَرَقَتْ , { بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَعْنِي : غَيْر الْجُلُود الَّتِي قَدْ نَضِجَتْ فَانْشَوَتْ . كَمَا : 7772 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ثُوَيْر , عَنْ اِبْن عُمَر : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : إِذَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا بِيضًا أَمْثَال الْقَرَاطِيس . 7773 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } يَقُول : كُلَّمَا اِحْتَرَقَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا . 7774 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , فِي قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } قَالَ : سَمِعْنَا أَنَّهُ مَكْتُوب فِي الْكِتَاب الْأَوَّل أَنَّ جِلْد أَحَدهمْ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَسِنّه سَبْعُونَ ذِرَاعًا , وَبَطْنه لَوْ وُضِعَ فِيهِ جَبَل لَوَسِعَهُ , فَإِذَا أَكَلَتْ النَّار جُلُودهمْ بُدِّلُوا جُلُودًا غَيْرهَا . 7775 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ الْحَسَن : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : نُنْضِجهُمْ فِي الْيَوْم سَبْعِينَ أَلْف مَرَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْدَة الْحَدَّاد , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } قَالَ : تُنْضِج النَّار كُلّ يَوْم سَبْعِينَ أَلْف جِلْد , وَغِلَظ جِلْد الْكَافِر أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا , وَاَللَّه أَعْلَم بِأَيِّ ذِرَاع . فَإِنْ سَأَلَ سَائِل , فَقَالَ : وَمَا مَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } ؟ وَهَلْ يَجُوز أَنْ يُبَدَّلُوا جُلُودًا غَيْر جُلُودهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , فَيُعَذَّبُوا فِيهَا ؟ فَإِنْ جَازَ ذَلِكَ عِنْدك , فَأَجِزْ أَنْ يُبَدَّلُوا أَجْسَامًا وَأَرْوَاحًا غَيْر أَجْسَامهمْ وَأَرْوَاحهمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَتُعَذَّب ! وَإِنْ أَجَزْت ذَلِكَ , لَزِمَك أَنْ يَكُون الْمُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَة بِالنَّارِ غَيْر الَّذِينَ أَوْعَدَهُمْ اللَّه الْعِقَاب عَلَى كُفْرهمْ بِهِ وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَأَنْ يَكُون الْكُفَّار قَدْ اِرْتَفَعَ عَنْهُمْ الْعَذَاب ! قِيلَ : إِنَّ النَّاس اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْعَذَاب إِنَّمَا يَصِل إِلَى الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ غَيْر الْجِلْد وَاللَّحْم , وَإِنَّمَا يُحْرَق الْجِلْد لِيَصِل إِلَى الْإِنْسَان أَلَم الْعَذَاب , وَأَمَّا الْجِلْد وَاللَّحْم فَلَا يَأْلَمَانِ . قَالُوا : فَسَوَاء أُعِيدَ عَلَى الْكَافِر جِلْده الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا , أَوْ جِلْد غَيْره , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود غَيْر آلِمَة وَلَا مُعَذَّبَة , وَإِنَّمَا الْآلِمَة الْمُعَذَّبَة النَّفْس الَّتِي تَحُسّ الْأَلَم , وَيَصِل إِلَيْهَا الْوَجَع . قَالُوا : وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَغَيْر مُسْتَحِيل أَنْ يُخْلَق لِكُلِّ كَافِر فِي النَّار فِي كُلّ لَحْظَة وَسَاعَة مِنْ الْجُلُود مَا لَا يُحْصَى عَدَده , وَيُحْرَق ذَلِكَ عَلَيْهِ , لِيَصِل إِلَى نَفْسه أَلَم الْعَذَاب , إِذْ كَانَتْ الْجُلُود لَا تَأَلَّم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْجُلُود تَأَلَّم , وَاللَّحْم وَسَائِر أَجْزَاء جِرْم بَنِي آدَم , وَإِذَا أُحْرِقَ جِلْده أَوْ غَيْره مِنْ أَجْزَاء جَسَده , وَصَلَ أَلَم ذَلِكَ إِلَى جَمِيعه . قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْر مُحْتَرِقَة , وَذَلِكَ أَنَّهَا تُعَاد جَدِيدَة , وَالْأُولَى كَانَتْ قَدْ اِحْتَرَقَتْ فَأُعِيدَتْ غَيْر مُحْتَرِقَة , فَلِذَلِكَ قِيلَ غَيْرهَا , لِأَنَّهَا غَيْر الْجُلُود الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الَّتِي عَصَوْا اللَّه وَهِيَ لَهُمْ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْل الْعَرَب لِلصَّائِغِ إِذَا اسْتَصَاغَتْهُ خَاتَمًا مِنْ خَاتَم مَصُوغ , بِتَحْوِيلِهِ عَنْ صِيَاغَته الَّتِي هُوَ بِهَا إِلَى صِيَاغَة أُخْرَى : صُغْ لِي مِنْ هَذَا الْخَاتَم خَاتَمًا غَيْره ! فَيَكْسِرهُ وَيَصُوغ لَهُ مِنْهُ خَاتَمًا غَيْره وَالْخَاتَم الْمَصُوغ بِالصِّيَاغَةِ الثَّانِيَة هُوَ الْأَوَّل , وَلَكِنَّهُ لَمَّا أُعِيدَ بَعْد كَسْره خَاتَمًا قِيلَ هُوَ غَيْره . قَالُوا : فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا } لَمَّا اِحْتَرَقَتْ الْجُلُود ثُمَّ أُعِيدَتْ جَدِيدَة بَعْد الِاحْتِرَاق , قِيلَ هِيَ غَيْرهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ } سَرَابِيلهمْ , بَدَّلْنَاهُمْ سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان غَيْرهَا . فَجُعِلَتْ السَّرَابِيل الْقَطِرَان لَهُمْ جُلُودًا , كَمَا يُقَال لِلشَّيْءِ الْخَاصّ بِالْإِنْسَانِ : هُوَ جِلْدَة مَا بَيْن عَيْنَيْهِ وَوَجْهه لِخُصُوصِهِ بِهِ . قَالُوا : فَكَذَلِكَ سَرَابِيل الْقَطِرَان الَّتِي قَالَ اللَّه فِي كِتَابه : { سَرَابِيلهمْ مِنْ قَطِرَان وَتَغْشَى وُجُوههمْ النَّار } لَمَّا صَارَتْ لَهُمْ لِبَاسًا لَا تُفَارِق أَجْسَامهمْ جُعِلَتْ لَهُمْ جُلُودًا , فَقِيلَ : كُلَّمَا اِشْتَعَلَ الْقَطِرَان فِي أَجْسَامهمْ وَاحْتَرَقَ بُدِّلُوا سَرَابِيل مِنْ قَطِرَان آخَر . قَالُوا : وَأَمَّا جُلُود أَهْل الْكُفْر مِنْ أَهْل النَّار فَإِنَّهَا لَا تُحْرَق , لِأَنَّ فِي اِحْتِرَاقهَا إِلَى حَال إِعَادَتهَا فَنَاءَهَا , وَفِي فَنَائِهَا رَاحَتهَا . قَالُوا : وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْهَا أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا . قَالُوا : وَجُلُود الْكُفَّار أَحَد أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَلَوْ جَازَ أَنْ يَحْتَرِق مِنْهَا شَيْء فَيَفْنَى ثُمَّ يُعَاد بَعْد الْفَنَاء فِي النَّار , جَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا , وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُون جَائِزًا عَلَيْهِمْ الْفَنَاء ثُمَّ الْإِعَادَة وَالْمَوْت ثُمَّ الْإِحْيَاء , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ . قَالُوا : وَفِي خَبَره عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ دَلِيل وَاضِح أَنَّهُ لَا يَمُوت شَيْء مِنْ أَجْزَاء أَجْسَامهمْ , وَالْجُلُود أَحَد تِلْكَ الْأَجْزَاء .
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { لِيَذُوقُوا الْعَذَاب } فَإِنَّهُ يَقُول : فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ لِيَجِدُوا أَلَم الْعَذَاب وَكَرْبه وَشِدَّته بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُكَذِّبُونَ آيَات اللَّه وَيَجْحَدُونَهَا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَزِيزًا فِي اِنْتِقَامه مِمَّنْ اِنْتَقَمَ مِنْهُ مِنْ خَلْقه , لَا يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع مِنْهُ أَحَد أَرَادَهُ بِضُرٍّ , وَلَا الِانْتِصَار مِنْهُ أَحَد أَحَلَّ بِهِ عُقُوبَة , حَكِيمًا فِي تَدْبِيره وَقَضَائِهِ.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } : وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَصَدَّقُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى مُحَمَّد مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مِنْ يَهُود بَنِي إِسْرَائِيل وَسَائِر الْأُمَم غَيْرهمْ .
يَقُول : وَأَدَّوْا مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ فَرَائِضه , وَاجْتَنَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَاصِيه , وَذَلِكَ هُوَ الصَّالِح مِنْ أَعْمَالهمْ.
يَقُول : سَوْفَ يُدْخِلهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة جَنَّات , يَعْنِي : بَسَاتِين
يَقُول : تَجْرِي مِنْ تَحْت تِلْكَ الْجَنَّات الْأَنْهَار .
يَقُول : بَاقِينَ فِيهَا أَبَدًا بِغَيْرِ نِهَايَة وَلَا اِنْقِطَاع , دَائِم ذَلِكَ لَهُمْ فِيهَا أَبَدًا .
يَقُول : لَهُمْ فِي تِلْكَ الْجَنَّات الَّتِي وَصَفَ صِفَتهَا { أَزْوَاج مُطَهَّرَة } يَعْنِي : بَرِيئَات مِنْ الْأَدْنَاس وَالرِّيَب الْحَيْض وَالْغَائِط وَالْبَوْل وَالْحَبَل وَالْبُصَاق , وَسَائِر مَا يَكُون فِي نِسَاء أَهْل الدُّنْيَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَار فِيمَا مَضَى قَبْل , وَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتهَا .
وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا } فَإِنَّهُ يَقُول : وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا كَنِينًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَظِلّ مَمْدُود } 56 30 وكَمَا : * -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , وَحَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا جَمِيعًا , ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الضَّحَّاك يُحَدِّث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ فِي الْجَنَّة لَشَجَرَة يَسِير الرَّاكِب فِي ظِلّهَا مِائَة عَام لَا يَقْطَعهَا , شَجَرَة الْخُلْد " .
يَقُول : وَأَدَّوْا مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ فَرَائِضه , وَاجْتَنَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَاصِيه , وَذَلِكَ هُوَ الصَّالِح مِنْ أَعْمَالهمْ.
يَقُول : سَوْفَ يُدْخِلهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة جَنَّات , يَعْنِي : بَسَاتِين
يَقُول : تَجْرِي مِنْ تَحْت تِلْكَ الْجَنَّات الْأَنْهَار .
يَقُول : بَاقِينَ فِيهَا أَبَدًا بِغَيْرِ نِهَايَة وَلَا اِنْقِطَاع , دَائِم ذَلِكَ لَهُمْ فِيهَا أَبَدًا .
يَقُول : لَهُمْ فِي تِلْكَ الْجَنَّات الَّتِي وَصَفَ صِفَتهَا { أَزْوَاج مُطَهَّرَة } يَعْنِي : بَرِيئَات مِنْ الْأَدْنَاس وَالرِّيَب الْحَيْض وَالْغَائِط وَالْبَوْل وَالْحَبَل وَالْبُصَاق , وَسَائِر مَا يَكُون فِي نِسَاء أَهْل الدُّنْيَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَار فِيمَا مَضَى قَبْل , وَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتهَا .
وَأَمَّا قَوْله : { وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا } فَإِنَّهُ يَقُول : وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا كَنِينًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَظِلّ مَمْدُود } 56 30 وكَمَا : * -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , وَحَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا جَمِيعًا , ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الضَّحَّاك يُحَدِّث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ فِي الْجَنَّة لَشَجَرَة يَسِير الرَّاكِب فِي ظِلّهَا مِائَة عَام لَا يَقْطَعهَا , شَجَرَة الْخُلْد " .
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا : وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7776 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ أَبِي مَكِين , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فِي وُلَاة الْأَمْر . 7777 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا لَيْث , عَنْ شَهْر , قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْأُمَرَاء خَاصَّة { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } 7778 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَلِمَات أَصَابَ فِيهِنَّ حَقّ عَلَى الْإِمَام أَنْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه , وَأَنْ يُؤَدِّي الْأَمَانَة , وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحَقّ عَلَى النَّاس أَنْ يَسْمَعُوا وَأَنْ يُطِيعُوا وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , عَنْ عَلِيّ بِنَحْوِهِ . 7779 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُمَيْر , عَنْ مَكْحُول , فِي قَوْل اللَّه : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . 7780 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن زَيْد , قَالَ : قَالَ أَبِي : هُمْ الْوُلَاة , أَمَرَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : أَمَرَ السُّلْطَان بِذَلِكَ أَنْ يُعْطُوا النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7781 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } قَالَ : يَعْنِي : السُّلْطَان يُعْطُونَ النَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ : الَّذِي خُوطِبَ بِذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَفَاتِيح الْكَعْبَة أُمِرَ بِرَدِّهَا عَلَى عُثْمَان بْن طَلْحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7782 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن أَبِي طَلْحَة , قَبَضَ مِنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاتِيح الْكَعْبَة , وَدَخَلَ بِهَا الْبَيْت يَوْم الْفَتْح , فَخَرَجَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة , فَدَعَا عُثْمَان فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاح . قَالَ : وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَة : فِدَاؤُهُ أَبِي وَأُمِّي ! مَا سَمِعْته يَتْلُوهَا قَبْل ذَلِكَ . 7783 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا الزِّنْجِيّ بْن خَالِد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ : أَعِينُوهُ . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ خِطَاب مِنْ اللَّه وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ بِأَدَاءِ الْأَمَانَة إِلَى مَنْ وُلُّوا فِي فَيْئِهِمْ وَحُقُوقهمْ , وَمَا اؤْتُمِنُوا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورهمْ بِالْعَدْلِ بَيْنهمْ فِي الْقَضِيَّة . وَالْقَسْم بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ , يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ مَا وَعَظَ بِهِ الرَّعِيَّة فِي : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } فَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِمْ , وَأَوْصَى الرَّاعِيَ بِالرَّعِيَّةِ , وَأَوْصَى الرَّعِيَّة بِالطَّاعَةِ . كَمَا : 7784 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : قَالَ أَبِي : هُمْ السَّلَاطِين . وَقَرَأَ اِبْن زَيْد : { تُؤْتِي الْمُلْك مَنْ تَشَاء وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء } 3 26 أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَمَرَ فَقَالَ : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } ؟ وَالْأَمَانَات : هِيَ الْفَيْء الَّذِي اِسْتَأْمَنَهُمْ عَلَى جَمْعه وَقَسْمه , وَالصَّدَقَات الَّتِي اِسْتَأْمَنَهُمْ عَلَى جَمْعهَا وَقَسْمهَا . { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } . .. الْآيَة كُلّهَا فَأَمَرَ بِهَذَا الْوُلَاة , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا نَحْنُ , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } وَأَمَّا الَّذِي قَالَ اِبْن جُرَيْج مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن طَلْحَة فَإِنَّهُ جَائِز أَنْ تَكُون نَزَلَتْ فِيهِ , وَأُرِيدَ بِهِ كُلّ مُؤْتَمَن عَلَى أَمَانَة فَدَخَلَ فِيهِ وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ وَكُلّ مُؤْتَمَن عَلَى أَمَانَة فِي دِين أَوْ دُنْيَا , وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ قَضَاء الدَّيْن وَرَدّ حُقُوق النَّاس . كَاَلَّذِي : 7785 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } فَإِنَّهُ لَمْ يُرَخِّص لِمُوسِرٍ وَلَا مُعْسِر أَنْ يُمْسِكهَا . 7786 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا } عَنْ الْحَسَن : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " أَدِّ الْأَمَانَة إِلَى مَنْ اِئْتَمَنَك , وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك " . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا , إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا : إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ يَا مَعْشَر وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُؤَدُّوا مَا اِئْتَمَنَتْكُمْ عَلَيْهِ رَعِيَّتكُمْ مِنْ فَيْئِهِمْ وَحُقُوقهمْ وَأَمْوَالهمْ وَصَدَقَاتهمْ إِلَيْهِمْ عَلَى مَا أَمَرَكُمْ اللَّه , بِأَدَاءِ كُلّ شَيْء مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ لَهُ بَعْد أَنْ تَصِير فِي أَيْدِيكُمْ , لَا تَظْلِمُوهَا أَهْلهَا وَلَا تَسْتَأْثِرُوا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَضَعُوا شَيْئًا مِنْهَا فِي غَيْر مَوْضِعه , وَلَا تَأْخُذُوهَا إِلَّا مِمَّنْ أَذِنَ اللَّه لَكُمْ بِأَخْذِهَا مِنْهُ قَبْل أَنْ تَصِير فِي أَيْدِيكُمْ ; وَيَأْمُركُمْ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن رَعِيَّتكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا بَيْنهمْ بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَاف , وَذَلِكَ حُكْم اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي كِتَابه وَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَان رَسُوله , لَا تَعْدُوا ذَلِكَ فَتَجُورُوا عَلَيْهِمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه نِعِمَّا يَعِظكُمْ بِهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا مَعْشَر وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ إِنَّ اللَّه نِعْمَ الشَّيْء يَعِظكُمْ بِهِ , وَنِعْمَتْ الْعِظَة يَعِظكُمْ بِهَا فِي أَمْره إِيَّاكُمْ , أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا , وَأَنْ تَحْكُمُوا بَيْن النَّاس بِالْعَدْلِ
{ إِنَّ اللَّه كَانَ سَمِيعًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ سَمِيعًا بِمَا تَقُولُونَ وَتَنْطِقُونَ , وَهُوَ سَمِيع لِذَلِكَ مِنْكُمْ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس وَلَمْ تُحَاوِرُوهُمْ بِهِ , { بَصِيرًا } بِمَا تَفْعَلُونَ فِيمَا اِئْتَمَنْتُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوق رَعِيَّتكُمْ وَأَمْوَالهمْ , وَمَا تَقْضُونَ بِهِ بَيْنهمْ مِنْ أَحْكَامكُمْ بِعَدْلٍ تَحْكُمُونَ أَوْ جَوْر , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , حَافِظ ذَلِكَ كُلّه , حَتَّى يُجَازِيَ مُحْسِنكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَمُسِيئَكُمْ بِإِسَاءَتِهِ , أَوْ يَعْفُو بِفَضْلِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه نِعِمَّا يَعِظكُمْ بِهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا مَعْشَر وُلَاة أُمُور الْمُسْلِمِينَ إِنَّ اللَّه نِعْمَ الشَّيْء يَعِظكُمْ بِهِ , وَنِعْمَتْ الْعِظَة يَعِظكُمْ بِهَا فِي أَمْره إِيَّاكُمْ , أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهْلهَا , وَأَنْ تَحْكُمُوا بَيْن النَّاس بِالْعَدْلِ
{ إِنَّ اللَّه كَانَ سَمِيعًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ سَمِيعًا بِمَا تَقُولُونَ وَتَنْطِقُونَ , وَهُوَ سَمِيع لِذَلِكَ مِنْكُمْ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس وَلَمْ تُحَاوِرُوهُمْ بِهِ , { بَصِيرًا } بِمَا تَفْعَلُونَ فِيمَا اِئْتَمَنْتُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوق رَعِيَّتكُمْ وَأَمْوَالهمْ , وَمَا تَقْضُونَ بِهِ بَيْنهمْ مِنْ أَحْكَامكُمْ بِعَدْلٍ تَحْكُمُونَ أَوْ جَوْر , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , حَافِظ ذَلِكَ كُلّه , حَتَّى يُجَازِيَ مُحْسِنكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَمُسِيئَكُمْ بِإِسَاءَتِهِ , أَوْ يَعْفُو بِفَضْلِهِ .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه رَبّكُمْ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَأَطِيعُوا رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ فِي طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ لِرَبِّكُمْ طَاعَة , وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تُطِيعُونَهُ لِأَمْرِ اللَّه إِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ . كَمَا : 7787 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي , وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّه وَمَنْ عَصَا أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي " . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِاتِّبَاعِ سُنَّته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7788 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } قَالَ : طَاعَة الرَّسُول : اِتِّبَاع سُنَّته . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } قَالَ : طَاعَة الرَّسُول : اِتِّبَاع الْكِتَاب وَالسُّنَّة . * - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ الرَّسُول فِي حَيَاته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7789 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول } إِنْ كَانَ حَيًّا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه بِطَاعَةِ رَسُوله فِي حَيَاته فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى , وَبَعْد وَفَاته فِي اِتِّبَاع سُنَّته ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِالْأَمْرِ بِطَاعَتِهِ وَلَمْ يُخَصِّص ذَلِكَ فِي حَال دُون حَال , فَهُوَ عَلَى الْعُمُوم حَتَّى يَخُصّ ذَلِكَ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي أُولِي الْأَمْر الَّذِينَ أَمَرَ اللَّه عِبَاده بِطَاعَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ هُمْ الْأُمَرَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7790 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ الْأُمَرَاء . 7791 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الصَّبَاح الْبَزَّار , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } نَزَلَتْ فِي رَجُل بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَرِيَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن حُذَافَة بْن قَيْس السَّهْمِيّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّرِيَّة . 7792 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , قَالَ : سَأَلَ مَسْلَمَة مَيْمُون بْن مِهْرَان , عَنْ قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَصْحَاب السَّرَايَا عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7793 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : قَالَ أَبِي : هُمْ السَّلَاطِين . قَالَ : وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ أَبِي : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الطَّاعَة الطَّاعَة ! وَفِي الطَّاعَة بَلَاء " . وَقَالَ : " وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَ الْأَمْر فِي الْأَنْبِيَاء " يَعْنِي : لَقَدْ جَعَلَ إِلَيْهِمْ وَالْأَنْبِيَاء مَعَهُمْ , أَلَا تَرَى حِين حَكَمُوا فِي قَتْل يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا ؟ . 7794 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة عَلَيْهَا خَالِد بْن الْوَلِيد , وَفِيهَا عَمَّار بْن يَاسِر , فَسَارُوا قِبَل الْقَوْم الَّذِينَ يُرِيدُونَ , فَلَمَّا بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ عَرَّسُوا , وَأَتَاهُمْ ذُو الْعَيْنَتَيْنِ , فَأَخْبَرَهُمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ هَرَبُوا غَيْر رَجُل أَمَرَ أَهْله , فَجَمَعُوا مَتَاعهمْ . ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلْمَة اللَّيْل , حَتَّى أَتَى عَسْكَر خَالِد , فَسَأَلَ عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر فَأَتَاهُ , فَقَالَ : يَا أَبَا الْيَقْظَان , إِنِّي قَدْ أَسْلَمْت وَشَهِدْت أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله , وَإِنَّ قَوْمِي لَمَّا سَمِعُوا بِكُمْ هَرَبُوا , وَإِنِّي بَقِيت فَهَلْ إِسْلَامِي نَافِعِي غَدًا وَإِلَّا هَرَبْت ؟ قَالَ عَمَّار : بَلْ هُوَ يَنْفَعك , فَأَقِمْ ! فَأَقَامَ . فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَغَارَ خَالِد , فَلَمْ يَجِد أَحَدًا غَيْر الرَّجُل , فَأَخَذَهُ وَأَخَذَ مَاله , فَبَلَغَ عَمَّارًا الْخَبَر , فَأَتَى خَالِدًا فَقَالَ : خَلِّ عَنْ الرَّجُل فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ , وَهُوَ فِي أَمَان مِنِّي ! فَقَالَ خَالِد : وَفِيمَ أَنْتَ تُجِير ؟ فَاسْتَبَّا وَارْتَفَعَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَجَازَ أَمَان عَمَّار وَنَهَاهُ أَنْ يُجِير الثَّانِيَة عَلَى أَمِير . فَاسْتَبَّا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ خَالِد : يَا رَسُول اللَّه أَتَتْرُكُ هَذَا الْعَبْد الْأَجْدَع يَسُبّنِي ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا خَالِد لَا تَسُبّ عَمَّارًا , فَإِنَّهُ مَنْ سَبَّ عَمَّارًا سَبَّهُ اللَّه , وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّه , وَمَنْ لَعَنَ عَمَّارًا لَعَنَهُ اللَّه " . فَغَضِبَ عَمَّار , فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِد حَتَّى أَخَذَ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ , فَرَضِيَ عَنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم وَالْفِقْه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7795 - حَدَّثَنِي سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه . .. قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه مِنْكُمْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه وَالْعِلْم . 7796 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْفِقْه فِي الدِّين وَالْعَقْل . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7797 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } يَعْنِي : أَهْل الْفِقْه وَالدِّين . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَهْل الْعِلْم . 7798 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أُولِي الْعِلْم وَالْفِقْه . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء . 7799 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ الْعُلَمَاء . 7800 - قَالَ : وَأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْفِقْه وَالْعِلْم . 7801 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : هُمْ أَهْل الْعِلْم , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ؟ 4 83 . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7802 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : كَانَ مُجَاهِد يَقُول : أَصْحَاب مُحَمَّد . قَالَ : وَرُبَّمَا قَالَ : أُولِي الْفَضْل وَالْفِقْه وَدِين اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7803 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَمْرو الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَبُو بَكْر وَعُمَر . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة , لِصِحَّةِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ بِطَاعَةِ الْأَئِمَّة وَالْوُلَاة فِيمَا كَانَ طَاعَة وَلِلْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَة . كَاَلَّذِي : 7804 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُرْوَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِي صَالِح السَّمَّان , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاة , فَيَلِيكُمْ الْبَرّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِر بِفُجُورِهِ , فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلّ مَا وَافَقَ الْحَقّ , وَصَلُّوا وَرَاءَهُمْ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ , وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " . 7805 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " عَلَى الْمَرْء الْمُسْلِم الطَّاعَة فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَر بِمَعْصِيَةٍ فَمَنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا طَاعَة " . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني خَالِد عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَا طَاعَة وَاجِبَة لِأَحَدٍ غَيْر اللَّه أَوْ رَسُوله أَوْ إِمَام عَادِل , وَكَانَ اللَّه قَدْ أَمَرَ بِقَوْلِهِ : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } بِطَاعَةِ ذَوِي أَمْرنَا , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ تَعَالَى ذِكْره مِنْ ذَوِي أَمْرنَا هُمْ الْأَئِمَّة وَمَنْ وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ دُون غَيْرهمْ مِنْ النَّاس , وَإِنْ كَانَ فَرْضًا الْقَبُول مِنْ كُلّ مَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ مَعْصِيَة اللَّه , وَدَعَا إِلَى طَاعَة اللَّه , وَأَنَّهُ لَا طَاعَة تَجِب لِأَحَدٍ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى فِيمَا لَمْ تَقُمْ حُجَّة وُجُوبه إِلَّا لِلْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَلْزَمَ اللَّه عِبَاده طَاعَتهمْ فِيمَا أَمَرُوا بِهِ رَعِيَّتهمْ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَة لِعَامَّةِ الرَّعِيَّة , فَإِنَّ عَلَى مَنْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ طَاعَتهمْ , وَكَذَلِكَ فِي كُلّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ مَعْصِيَة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل دُون غَيْره .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ اِخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينكُمْ أَنْتُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَوُلَاة أَمْركُمْ فَاشْتَجَرْتُمْ فِيهِ , { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : فَارْتَادُوا مَعْرِفَة حُكْم الَّذِي اِشْتَجَرْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَأُولُو أَمْركُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ كِتَاب اللَّه , فَاتَّبِعُوا مَا وَجَدْتُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { وَالرَّسُول } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَى عِلْم ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه سَبِيلًا , فَارْتَادُوا مَعْرِفَة ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِنْد الرَّسُول إِنْ كَانَ حَيًّا , وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَمِنْ سُنَّته : { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : اِفْعَلُوا ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر . يَعْنِي : بِالْمَعَادِ الَّذِي فِيهِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب , فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَكُمْ مِنْ اللَّه الْجَزِيل مِنْ الثَّوَاب , وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلَكُمْ الْأَلِيم مِنْ الْعِقَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7806 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : فَإِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاء رَدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول . قَالَ : يَقُول : فَرُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله . ثُمَّ قَرَأَ مُجَاهِد هَذِهِ الْآيَة : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } 4 83 7807 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : كِتَاب اللَّه وَسُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : إِلَى اللَّه : إِلَى كِتَابه , وَإِلَى الرَّسُول : إِلَى سُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7808 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , قَالَ : سَأَلَ مَسْلَمَة مَيْمُون بْن مِهْرَان عَنْ قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : " اللَّه " : كِتَابه و " رَسُوله " : سُنَّته . فَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهُ حَجَرًا . 7809 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مَرْوَان , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان : { فَإِذَا تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : الرَّدّ إِلَى اللَّه : الرَّدّ إِلَى كِتَابه , وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله إِنْ كَانَ حَيًّا , فَإِنْ قَبَضَهُ اللَّه إِلَيْهِ فَالرَّدّ إِلَى السُّنَّة . 7810 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } يَقُول : رُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } 7811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } إِنْ كَانَ الرَّسُول حَيًّا , و { إِلَى اللَّه } قَالَ : إِلَى كِتَابه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذَلِكَ } فَرَدّ مَا تَنَازَعْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه فِي مَعَادكُمْ , وَأَصْلَح لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ , لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْأُلْفَة , وَتَرْك التَّنَازُع وَالْفُرْقَة . { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَعْنِي : وَأَحْمَد مَوْئِلًا وَمَغَبَّة , وَأَجْمَل عَاقِبَة . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ التَّأْوِيل : التَّفْعِيل مِنْ تَأَوَّلَ , وَأَنَّ قَوْل الْقَائِل تَأَوَّلَ : تَفَعَّلَ , مِنْ قَوْلهمْ آلَ هَذَا الْأَمْر إِلَى كَذَا : أَيْ رَجَعَ ; بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7812 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : حُسْن جَزَاء . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7813 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَقُول : ذَلِكَ أَحْسَن ثَوَابًا وَخَيْر عَاقِبَة . 7814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : عَاقِبَة . 7815 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : وَأَحْسَن عَاقِبَة . قَالَ : وَالتَّأْوِيل : التَّصْدِيق .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ اِخْتَلَفْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي شَيْء مِنْ أَمْر دِينكُمْ أَنْتُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَوُلَاة أَمْركُمْ فَاشْتَجَرْتُمْ فِيهِ , { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه } يَعْنِي بِذَلِكَ : فَارْتَادُوا مَعْرِفَة حُكْم الَّذِي اِشْتَجَرْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنكُمْ أَوْ أَنْتُمْ وَأُولُو أَمْركُمْ مِنْ عِنْد اللَّه , يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ كِتَاب اللَّه , فَاتَّبِعُوا مَا وَجَدْتُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { وَالرَّسُول } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا إِلَى عِلْم ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه سَبِيلًا , فَارْتَادُوا مَعْرِفَة ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِنْد الرَّسُول إِنْ كَانَ حَيًّا , وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَمِنْ سُنَّته : { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : اِفْعَلُوا ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر . يَعْنِي : بِالْمَعَادِ الَّذِي فِيهِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب , فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَكُمْ مِنْ اللَّه الْجَزِيل مِنْ الثَّوَاب , وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلَكُمْ الْأَلِيم مِنْ الْعِقَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7806 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : فَإِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاء رَدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول . قَالَ : يَقُول : فَرُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله . ثُمَّ قَرَأَ مُجَاهِد هَذِهِ الْآيَة : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } 4 83 7807 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : كِتَاب اللَّه وَسُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : إِلَى اللَّه : إِلَى كِتَابه , وَإِلَى الرَّسُول : إِلَى سُنَّة نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7808 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , قَالَ : سَأَلَ مَسْلَمَة مَيْمُون بْن مِهْرَان عَنْ قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : " اللَّه " : كِتَابه و " رَسُوله " : سُنَّته . فَكَأَنَّمَا أَلْقَمَهُ حَجَرًا . 7809 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مَرْوَان , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان : { فَإِذَا تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } قَالَ : الرَّدّ إِلَى اللَّه : الرَّدّ إِلَى كِتَابه , وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله إِنْ كَانَ حَيًّا , فَإِنْ قَبَضَهُ اللَّه إِلَيْهِ فَالرَّدّ إِلَى السُّنَّة . 7810 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } يَقُول : رُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } 7811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول } إِنْ كَانَ الرَّسُول حَيًّا , و { إِلَى اللَّه } قَالَ : إِلَى كِتَابه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذَلِكَ } فَرَدّ مَا تَنَازَعْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه فِي مَعَادكُمْ , وَأَصْلَح لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ , لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكُمْ إِلَى الْأُلْفَة , وَتَرْك التَّنَازُع وَالْفُرْقَة . { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَعْنِي : وَأَحْمَد مَوْئِلًا وَمَغَبَّة , وَأَجْمَل عَاقِبَة . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ التَّأْوِيل : التَّفْعِيل مِنْ تَأَوَّلَ , وَأَنَّ قَوْل الْقَائِل تَأَوَّلَ : تَفَعَّلَ , مِنْ قَوْلهمْ آلَ هَذَا الْأَمْر إِلَى كَذَا : أَيْ رَجَعَ ; بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7812 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : حُسْن جَزَاء . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7813 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } يَقُول : ذَلِكَ أَحْسَن ثَوَابًا وَخَيْر عَاقِبَة . 7814 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : عَاقِبَة . 7815 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { ذَلِكَ خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } قَالَ : وَأَحْسَن عَاقِبَة . قَالَ : وَالتَّأْوِيل : التَّصْدِيق .
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَلَمْ تَرَ يَا مُحَمَّد بِقَلْبِك فَتَعْلَم إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ صَدَّقُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ الْكِتَاب , وَإِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك مِنْ الْكُتُب . { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا } فِي خُصُومَتهمْ { إِلَى الطَّاغُوت } يَعْنِي : إِلَى مَنْ يُعَظِّمُونَهُ , وَيَصْدُرُونَ عَنْ قَوْله , وَيَرْضَوْنَ بِحُكْمِهِ مِنْ دُون حُكْم اللَّه . { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } يَقُول : وَقَدْ أَمَرَهُمْ اللَّه أَنْ يُكَذِّبُوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ الطَّاغُوت الَّذِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ , فَتَرَكُوا أَمْر اللَّه , وَاتَّبَعُوا أَمْر الشَّيْطَان . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ دَعَا رَجُلًا مِنْ الْيَهُود فِي خُصُومَة كَانَتْ بَيْنهمَا إِلَى بَعْض الْكُهَّان لِيَحْكُم بَيْنهمْ وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَظْهُرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7816 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : كَانَ بَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود وَرَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ خُصُومَة , فَكَانَ الْمُنَافِق يَدْعُو إِلَى الْيَهُود لِأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ الرِّشْوَة , وَكَانَ الْيَهُودِيّ يَدْعُو إِلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ يَعْلَم أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ الرِّشْوَة , فَاصْطَلَحَا أَنْ يَتَحَاكَمَا إِلَى كَاهِن مِنْ جُهَيْنَة , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. حَتَّى بَلَغَ : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . 7817 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } فَذَكَرَ نَحْوه , وَزَادَ فِيهِ : فَأَنْزَلَ اللَّه { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } يَعْنِي الْيَهُود { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } يَقُول : إِلَى الْكَاهِن { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } أُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه , وَأُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه أَنْ يَكْفُر بِالْكَاهِنِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : كَانَتْ بَيْن رَجُل مِمَّنْ يَزْعُم أَنَّهُ مُسْلِم , وَبَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود خُصُومَة , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : أُحَاكِمك إِلَى أَهْل دِينك , أَوْ قَالَ : إِلَى النَّبِيّ ; لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْخُذ الرِّشْوَة فِي الْحُكْم . فَاخْتَلَفَا , فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَا كَاهِنًا فِي جُهَيْنَة , قَالَ : فَنَزَلَتْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } يَعْنِي : الَّذِي مِنْ الْأَنْصَار { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } يَعْنِي : الْيَهُودِيّ { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } إِلَى الْكَاهِن { وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } يَعْنِي : أُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه , وَأُمِرَ هَذَا فِي كِتَابه . وَتَلَا : { وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } , وَقَرَأَ : { فَلَا وَرَبّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنهمْ } إِلَى : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . 7818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُود كَانَ قَدْ أَسْلَمَ , فَكَانَتْ بَيْنه وَبَيْن رَجُل مِنْ الْيَهُود مُدَارَأَة فِي حَقّ , فَقَالَ الْيَهُودِيّ لَهُ : اِنْطَلِقْ إِلَى نَبِيّ اللَّه ! فَعَرَفَ أَنَّهُ سَيَقْضِي عَلَيْهِ . قَالَ : فَأَبَى , فَانْطَلَقَا إِلَى رَجُل مِنْ الْكُهَّان , فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ . قَالَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } . 7819 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } . .. الْآيَة , حَتَّى بَلَغَ : { ضَلَالًا بَعِيدًا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ : رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُقَال لَهُ بِشْر , وَفِي رَجُل مِنْ الْيَهُود فِي مُدَارَأَة كَانَتْ بَيْنهمَا فِي حَقّ , فَتَدَارَآ بَيْنهمَا فِيهِ , فَتَنَافَرَا إِلَى كَاهِن بِالْمَدِينَةِ يَحْكُم بَيْنهمَا , وَتَرَكَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَعَابَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْيَهُودِيّ كَانَ يَدْعُوهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْكُم بَيْنهمَا , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَجُور عَلَيْهِ , فَجَعَلَ الْأَنْصَارِيّ يَأْبَى عَلَيْهِ وَهُوَ يَزْعُم أَنَّهُ مُسْلِم وَيَدْعُوهُ إِلَى الْكَاهِن , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا تَسْمَعُونَ , فَعَابَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِم , وَعَلَى الْيَهُودِيّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب , فَقَالَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. إِلَى قَوْله : { صُدُودًا } . 7820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : كَانَ نَاس مِنْ الْيَهُود قَدْ أَسْلَمُوا وَنَافَقَ بَعْضهمْ , وَكَانَتْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا قُتِلَ الرَّجُل مِنْ بَنِي النَّضِير قَتَلَتْهُ بَنُو قُرَيْظَة قَتَلُوا بِهِ مِنْهُمْ , فَإِذَا قُتِلَ الرَّجُل مِنْ بَنِي قُرَيْظَة قَتَلَتْهُ النَّضِير , أَعْطَوْا دِيَته سِتِّينَ وَسْقًا مِنْ تَمْر . فَلَمَّا أَسْلَمَ نَاس مِنْ بَنِي قُرَيْظَة وَالنَّضِير , قَتَلَ رَجُل مِنْ بَنِي النَّضِير رَجُلًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَة , فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ النَّضِيرِيّ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّا كُنَّا نُعْطِيهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة الدِّيَة , فَنَحْنُ نُعْطِيهِمْ الْيَوْم ذَلِكَ . فَقَالَتْ قُرَيْظَة : لَا , وَلَكِنَّا إِخْوَانكُمْ فِي النَّسَب وَالدِّين , وَدِمَاؤُنَا مِثْل دِمَائِكُمْ , وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَغْلِبُونَنَا فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَدْ جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ فَأَنْزَلَ اللَّه يُعَيِّرهُمْ بِمَا فَعَلُوا . فَقَالَ : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْس بِالنَّفْسِ } 5 54 فَعَيَّرَهُمْ , ثُمَّ ذَكَرَ قَوْل النَّضِيرِيّ : كُنَّا نُعْطِيهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ وَسْقًا وَنَقْتُل مِنْهُمْ وَلَا يَقْتُلُونَ , فَقَالَ : { أَفَحُكْم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ } 5 50 . وَأَخَذَ النَّضِيرِيّ فَقَتَلَهُ بِصَاحِبِهِ . فَتَفَاخَرَتْ النَّضِير وَقُرَيْظَة , فَقَالَتْ النَّضِير : نَحْنُ أَكْرَم مِنْكُمْ , وَقَالَتْ قُرَيْظَة : نَحْنُ أَكْرَم مِنْكُمْ , وَدَخَلُوا الْمَدِينَة إِلَى أَبِي بَرْزَة الْكَاهِن الْأَسْلَمِيّ , فَقَالَ الْمُنَافِق مِنْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير : اِنْطَلِقُوا إِلَى أَبِي بَرْزَة يُنَفِّر بَيْننَا ! وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير : لَا , بَلْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّر بَيْننَا , فَتَعَالَوْا إِلَيْهِ ! فَأَبَى الْمُنَافِقُونَ , وَانْطَلَقُوا إِلَى أَبِي بَرْزَة فَسَأَلُوهُ , فَقَالَ : أَعْظِمُوا اللُّقْمَة ! يَقُول : أَعْظِمُوا الْخَطَر . فَقَالُوا : لَك عَشَرَة أَوْسَاق , قَالَ : لَا , بَلْ مِائَة وَسْق دِيَتِي , فَإِنِّي أَخَاف أَنْ أُنَفِّر النَّضِير فَتَقْتُلنِي قُرَيْظَة , أَوْ أُنَفِّر قُرَيْظَة فَتَقْتُلنِي النَّضِير فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ فَوْق عَشَرَة أَوْسَاق , وَأَبَى أَنْ يَحْكُم بَيْنهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } وَهُوَ أَبُو بَرْزَة , وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ , إِلَى قَوْله : { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . وَقَالَ آخَرُونَ : الطَّاغُوت فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7821 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } وَالطَّاغُوت : رَجُل مِنْ الْيَهُود كَانَ يُقَال لَهُ كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَكَانُوا إِذَا مَا دُعُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول لِيَحْكُم بَيْنهمْ قَالُوا : بَلْ نُحَاكِمكُمْ إِلَى كَعْب ; فَذَلِكَ قَوْله : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } . .. الْآيَة . 7822 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } قَالَ : تَنَازَعَ رَجُل مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَرَجُل مِنْ الْيَهُود , فَقَالَ الْمُنَافِق : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف ! وَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } . .. الْآيَة وَاَلَّتِي تَلِيهَا فِيهِمْ أَيْضًا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } فَذَكَرَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى مُحَمَّد . 7823 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك } . .. إِلَى قَوْله : { ضَلَالًا بَعِيدًا } قَالَ : كَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنهمَا خُصُومَة , أَحَدهمْ مُؤْمِن , وَالْآخَر مُنَافِق . فَدَعَاهُ الْمُؤْمِن إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَدَعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْك صُدُودًا } . 8824 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } قَالَ : تَنَازَعَ رَجُل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَرَجُل مِنْ الْيَهُود , فَقَالَ الْيَهُودِيّ : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف , وَقَالَ الْمُؤْمِن : اِذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ اللَّه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك } . .. إِلَى قَوْله : { صُدُودًا } . قَالَ اِبْن جُرَيْج : يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك , قَالَ : الْقُرْآن , وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك , قَالَ : التَّوْرَاة . قَالَ : يَكُون بَيْن الْمُسْلِم وَالْمُنَافِق الْحَقّ , فَيَدْعُوهُ الْمُسْلِم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَاكِمهُ إِلَيْهِ , فَيَأْبَى الْمُنَافِق وَيَدْعُوهُ إِلَى الطَّاغُوت . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : الطَّاغُوت : كَعْب بْن الْأَشْرَف . 7825 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } هُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الطَّاغُوت فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , فَكَرِهْنَا إِعَادَته .
{ وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَان يُرِيد أَنْ يَصُدّ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى الطَّاغُوت عَنْ سَبِيل الْحَقّ وَالْهُدَى , فَيُضِلّهُمْ عَنْهَا ضَلَالًا بَعِيدًا , يَعْنِي : فَيَجُور بِهِمْ عَنْهَا جَوْرًا شَدِيدًا .
{ وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا } يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَان يُرِيد أَنْ يَصُدّ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى الطَّاغُوت عَنْ سَبِيل الْحَقّ وَالْهُدَى , فَيُضِلّهُمْ عَنْهَا ضَلَالًا بَعِيدًا , يَعْنِي : فَيَجُور بِهِمْ عَنْهَا جَوْرًا شَدِيدًا .