وَهُوَ أَسْوَأ الْكَذِب
فِي قَوْلهمْ إِنَّ لِلَّهِ وَلَدًا وَهُوَ الَّذِي لَا يَلِد وَلَا يُولَد . وَ " إِنَّ " بَعْد " أَلَا " مَكْسُورَة ; لِأَنَّهَا مُبْتَدَأَة . وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا تَكُون بَعْد أَمَا مَفْتُوحَة أَوْ مَكْسُورَة ; فَالْفَتْح عَلَى أَنْ تَكُون أَمَا بِمَعْنَى حَقًّا , وَالْكَسْر عَلَى أَنْ تَكُون أَمَا بِمَعْنَى أَلَا . النَّحَّاس : وَسَمِعْت عَلِيّ بْن سُلَيْمَان يَقُول يَجُوز فَتْحهَا بَعْد أَلَا تَشْبِيهًا بِأَمَا , وَأَمَّا فِي الْآيَة فَلَا يَجُوز إِلَّا كَسْرهَا ; لِأَنَّ بَعْدهَا الرَّفْع . وَتَمَام الْكَلَام " لَكَاذِبُونَ " .
عَلَى مَعْنَى التَّقْرِيع وَالتَّوْبِيخ كَأَنَّهُ قَالَ : وَيْحَكُمْ " أَصْطَفَى الْبَنَات " أَيْ اِخْتَارَ الْبَنَات وَتَرَكَ الْبَنِينَ . وَقِرَاءَة الْعَامَّة " أَصْطَفَى " بِقَطْعِ الْأَلِف ; لِأَنَّهَا أَلِف اِسْتِفْهَام دَخَلَتْ عَلَى أَلِف الْوَصْل , فَحُذِفَتْ أَلِف الْوَصْل وَبَقِيَتْ أَلِف الِاسْتِفْهَام مَفْتُوحَة مَقْطُوعَة عَلَى حَالهَا مِثْل : " أَطَّلَعَ الْغَيْب " عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَنَافِع وَحَمْزَة " اِصْطَفَى " بِوَصْلِ الْأَلِف عَلَى الْخَبَر بِغَيْرِ اِسْتِفْهَام . وَإِذَا اِبْتَدَأَ كَسَرَ الْهَمْزَة . وَزَعَمَ أَبُو حَاتِم أَنَّهُ لَا وَجْه لَهَا ; لِأَنَّ بَعْدهَا " مَا لَكُمْ كَيْف تَحْكُمُونَ " فَالْكَلَام جَارٍ عَلَى التَّوْبِيخ مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُون تَبْيِينًا وَتَفْسِيرًا لِمَا قَالُوهُ مِنْ الْكَذِب وَيَكُون " مَا لَكُمْ كَيْف تَحْكُمُونَ " مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْله . وَالْجِهَة الثَّانِيَة أَنَّهُ قَدْ حَكَى النَّحْوِيُّونَ - مِنْهُمْ الْفَرَّاء - أَنَّ التَّوْبِيخ يَكُون بِاسْتِفْهَام وَبِغَيْرِ اِسْتِفْهَام كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : " أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتكُمْ الدُّنْيَا " [ الْأَحْقَاف : 20 ] . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى إِضْمَار الْقَوْل ; أَيْ وَيَقُولُونَ " اِصْطَفَى الْبَنَات " . أَوْ يَكُون بَدَلًا مِنْ قَوْله : " وَلَدَ اللَّه " لِأَنَّ وِلَادَة الْبَنَات وَاِتِّخَاذَهُنَّ اِصْطِفَاء لَهُنَّ , فَأَبْدَلَ مِثَال الْمَاضِي مِنْ مِثَال الْمَاضِي فَلَا يُوقَف عَلَى هَذَا عَلَى " لَكَاذِبُونَ " .
الْكَلَام جَارٍ عَلَى التَّوْبِيخ مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُون تَبْيِينًا وَتَفْسِيرًا لِمَا قَالُوهُ مِنْ الْكَذِب وَيَكُون " مَا لَكُمْ كَيْف تَحْكُمُونَ " مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْله . وَالْجِهَة الثَّانِيَة أَنَّهُ قَدْ حَكَى النَّحْوِيُّونَ - مِنْهُمْ الْفَرَّاء - أَنَّ التَّوْبِيخ يَكُون بِاسْتِفْهَام وَبِغَيْرِ اِسْتِفْهَام كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : " أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتكُمْ الدُّنْيَا " [ الْأَحْقَاف : 20 ] . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى إِضْمَار الْقَوْل ; أَيْ وَيَقُولُونَ " اِصْطَفَى الْبَنَات " . أَوْ يَكُون بَدَلًا مِنْ قَوْله : " وَلَدَ اللَّه " لِأَنَّ وِلَادَة الْبَنَات وَاِتِّخَاذهنَّ اِصْطِفَاء لَهُنَّ , فَأَبْدَلَ مِثَال الْمَاضِي مِثَال الْمَاضِي فَلَا يُوقَف عَلَى هَذَا عَلَى " لَكَاذِبُونَ " .
فِي أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد .
حُجَّة وَبُرْهَان .
أَيْ بِحُجَجِكُمْ
فِي قَوْلكُمْ .
فِي قَوْلكُمْ .
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ↓
أَكْثَر أَهْل التَّفْسِير أَنَّ الْجِنَّة هَاهُنَا الْمَلَائِكَة . رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : قَالُوا - يَعْنِي كُفَّار قُرَيْش - الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه ; جَلَّ وَتَعَالَى . فَقَالَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : فَمَنْ أُمَّهَاتهنَّ . قَالُوا : مُخَدَّرَات الْجِنّ . وَقَالَ أَهْل الِاشْتِقَاق : قِيلَ لَهُمْ جِنَّة لِأَنَّهُمْ لَا يُرَوْنَ . وَقَالَ مُجَاهِد : إِنَّهُمْ بَطْن مِنْ بُطُون الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنَّة . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَرَوَى إِسْرَائِيل عَنْ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي مَالِك قَالَ : إِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ جِنَّة لِأَنَّهُمْ خُزَّان عَلَى الْجِنَان وَالْمَلَائِكَة كُلّهمْ جِنَّة .
مُصَاهَرَة . قَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل : قَالَتْ الْيَهُود لَعَنَهُمْ اللَّه إِنَّ اللَّه صَاهَرَ الْجِنّ فَكَانَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ بَيْنهمْ . وَقَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل أَيْضًا . الْقَائِل ذَلِكَ كِنَانَة وَخُزَاعَة ; قَالُوا : إِنَّ اللَّه خَطَبَ إِلَى سَادَات الْجِنّ فَزَوَّجُوهُ مِنْ سَرَوَات بَنَاتهمْ , فَالْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه مِنْ سَرَوَات بَنَات الْجِنّ . وَقَالَ الْحَسَن : أَشْرَكُوا الشَّيْطَان فِي عِبَادَة اللَّه فَهُوَ النَّسَب الَّذِي جَعَلُوهُ . قُلْت : قَوْل الْحَسَن فِي هَذَا أَحْسَن ; دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ " [ الشُّعَرَاء : 98 ] أَيْ فِي الْعِبَادَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَالْحَسَن أَيْضًا : هُوَ قَوْلهمْ إِنَّ اللَّه تَعَالَى وَإِبْلِيس أَخَوَانِ ; تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا .
أَيْ الْمَلَائِكَة
يَعْنِي قَائِل هَذَا الْقَوْل
فِي النَّار ; قَالَهُ قَتَادَة . وَقَالَ مُجَاهِد : لِلْحِسَابِ . الثَّعْلَبِيّ : الْأَوَّل أَوْلَى ; لِأَنَّ الْإِحْضَار تَكَرَّرَ فِي هَذِهِ السُّورَة وَلَمْ يُرِدْ اللَّه بِهِ غَيْر الْعَذَاب .
مُصَاهَرَة . قَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل : قَالَتْ الْيَهُود لَعَنَهُمْ اللَّه إِنَّ اللَّه صَاهَرَ الْجِنّ فَكَانَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ بَيْنهمْ . وَقَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل أَيْضًا . الْقَائِل ذَلِكَ كِنَانَة وَخُزَاعَة ; قَالُوا : إِنَّ اللَّه خَطَبَ إِلَى سَادَات الْجِنّ فَزَوَّجُوهُ مِنْ سَرَوَات بَنَاتهمْ , فَالْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه مِنْ سَرَوَات بَنَات الْجِنّ . وَقَالَ الْحَسَن : أَشْرَكُوا الشَّيْطَان فِي عِبَادَة اللَّه فَهُوَ النَّسَب الَّذِي جَعَلُوهُ . قُلْت : قَوْل الْحَسَن فِي هَذَا أَحْسَن ; دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ " [ الشُّعَرَاء : 98 ] أَيْ فِي الْعِبَادَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَالْحَسَن أَيْضًا : هُوَ قَوْلهمْ إِنَّ اللَّه تَعَالَى وَإِبْلِيس أَخَوَانِ ; تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا .
أَيْ الْمَلَائِكَة
يَعْنِي قَائِل هَذَا الْقَوْل
فِي النَّار ; قَالَهُ قَتَادَة . وَقَالَ مُجَاهِد : لِلْحِسَابِ . الثَّعْلَبِيّ : الْأَوَّل أَوْلَى ; لِأَنَّ الْإِحْضَار تَكَرَّرَ فِي هَذِهِ السُّورَة وَلَمْ يُرِدْ اللَّه بِهِ غَيْر الْعَذَاب .
أَيْ تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ .
فَإِنَّهُمْ نَاجُونَ مِنْ النَّار .
" مَا " بِمَعْنَى الَّذِي . وَقِيلَ : بِمَعْنَى الْمَصْدَر , أَيْ فَإِنَّكُمْ وَعِبَادَتكُمْ لِهَذِهِ الْأَصْنَام . وَقِيلَ : أَيْ فَإِنَّكُمْ مَعَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه ; يُقَال : جَاءَ فُلَان وَفُلَان . وَجَاءَ فُلَان مَعَ فُلَان .
أَيْ عَلَى اللَّه بِمُضِلِّينَ . النَّحَّاس . أَهْل التَّفْسِير مُجْمِعُونَ فِيمَا عَلِمْت عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى : مَا أَنْتُمْ بِمُضِلِّينَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَدَّرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يَضِلَّ : فَرَدَّ بِنِعْمَتِهِ كَيْدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَنَا فَاتِنَا أَيْ مُضِلًّا . فِي هَذِهِ الْآيَة رَدّ عَلَى الْقَدَرِيَّة . قَالَ عَمْرو بْن ذَرّ : قَدِمْنَا عَلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فَذُكِرَ عِنْده الْقَدَر , فَقَالَ عُمَر : لَوْ أَرَادَ اللَّه أَلَّا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيس , وَهُوَ رَأْس الْخَطِيئَة , وَإِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِلْمًا فِي كِتَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ , وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ; ثُمَّ قَرَأَ : " فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ . مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ " إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيم . وَقَالَ : فَصَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بَيْن النَّاس , وَفِيهَا مِنْ الْمَعَانِي أَنَّ الشَّيَاطِين لَا يَصِلُونَ إِلَى إِضْلَال أَحَد إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَهْتَدِي , وَلَوْ عَلِمَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَنَّهُ يَهْتَدِي لَحَالَ بَيْنه وَبَيْنهمْ ; وَعَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى : " وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجْلِك " [ الْإِسْرَاء : 64 ] أَيْ لَسْت تَصِل مِنْهُمْ إِلَى شَيْء إِلَّا إِلَى مَا فِي عِلْمِي . وَقَالَ لَبِيد بْن رَبِيعَة فِي تَثْبِيت الْقَدَر فَأَحْسَنَ : إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَعَجَلْ أَحْمَدُ اللَّهَ فَلَا نِدَّ لَهُ بِيَدَيْهِ الْخَيْرُ مَا شَاءَ فَعَلْ مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الْخَيْرِ اِهْتَدَى نَاعِمَ الْبَالِ وَمَنْ شَاءَ أَضَلْ قَالَ الْفَرَّاء : أَهْل الْحِجَاز يَقُولُونَ فَتَنْت الرَّجُل , وَأَهْل نَجْد يَقُولُونَ أَفْتَنْتُهُ .
رُوِيَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَرَأَ : " إِلَّا مَنْ هُوَ صَالُ الْجَحِيم " بِضَمِّ اللَّام . النَّحَّاس : وَجَمَاعَة أَهْل التَّفْسِير يَقُولُونَ إِنَّهُ لَحْن ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوز هَذَا قَاضُ الْمَدِينَة . وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ مَا سَمِعْت عَلِيّ بْن سُلَيْمَان يَقُولُهُ ; قَالَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّ مَعْنَى . " مَنْ " جَمَاعَة ; فَالتَّقْدِير صَالُون , فَحُذِفَتْ النُّون لِلْإِضَافَةِ , وَحُذِفَتْ الْوَاو لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَقِيلَ : أَصْله فَاعِل إِلَّا أَنَّهُ قُلِبَ مِنْ صَالٍ إِلَى صَايِل وَحُذِفَتْ الْيَاء وَبَقِيَتْ اللَّام مَضْمُومَة فَهُوَ مِثْل " شَفَا جُرُف هَارٍ " [ التَّوْبَة : 109 ] . وَوَجْه ثَالِث أَنْ تَحْذِف لَام " صَال " تَخْفِيفًا وَتُجْرِي الْإِعْرَاب عَلَى عَيْنه , كَمَا حُذِفَ مِنْ قَوْلهمْ : مَا بَالَيْت بِهِ بَالَة . وَأَصْلهَا بَالِيَة مِنْ بَالِي كَعَافِيَةٍ مِنْ عَافَى ; وَنَظِيره قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ , " وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٌ " [ الرَّحْمَن : 54 ] , " وَلَهُ الْجَوَارُ الْمُنْشَآت " [ الرَّحْمَن : 24 ] أَجْرَى الْإِعْرَاب عَلَى الْعَيْن . وَالْأَصْل فِي قِرَاءَة الْجَمَاعَة صَالِي بِالْيَاءِ فَحَذَفَهَا الْكَاتِب مِنْ الْخَطّ لِسُقُوطِهَا فِي اللَّفْظ .
هَذَا مِنْ قَوْل الْمَلَائِكَة تَعْظِيمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنْكَارًا مِنْهُمْ عِبَادَة مَنْ عَبَدَهُمْ . " وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ . وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ " قَالَ مُقَاتِل : هَذِهِ الثَّلَاث الْآيَات نَزَلَتْ , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى , فَتَأَخَّرَ جِبْرِيل , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَهُنَا تُفَارِقُنِي ) فَقَالَ : مَا أَسْتَطِيع أَنْ أَتَقَدَّم عَنْ مَكَانِي . وَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى حِكَايَة عَنْ قَوْل الْمَلَائِكَة : " وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم " الْآيَات . وَالتَّقْدِير عِنْد الْكُوفِيِّينَ : وَمَا مِنَّا إِلَّا مَنْ لَهُ مَقَام مَعْلُوم . فَحُذِفَ الْمَوْصُول . وَتَقْدِيره عِنْد الْبَصْرِيِّينَ : وَمَا مِنَّا مَلَك إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم ; أَيْ مَكَان مَعْلُوم فِي الْعِبَادَة ; قَالَهُ اِبْن مَسْعُود وَابْن جُبَيْر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مَا فِي السَّمَوَات مَوْضِع شِبْر إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَك يُصَلِّي وَيُسَبِّح . وَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا فِي السَّمَاء مَوْضِع قَدَم إِلَّا عَلَيْهِ مَلَك سَاجِد أَوْ قَائِم ) . وَعَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَع مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتْ السَّمَاء وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِع أَرْبَع أَصَابِع إِلَّا وَمَلَك وَاضِع جَبْهَته سَاجِدًا لِلَّهِ وَاَللَّه لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَم لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُش وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَات تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّه لَوَدِدْت أَنِّي كُنْت شَجَرَة تُعْضَد ) خَرَّجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَقَالَ فِيهِ حَدِيث حَسَن غَرِيب . وَيُرْوَى مِنْ غَيْر هَذَا الْوَجْه أَنَّ أَبَا ذَرّ قَالَ : لَوَدِدْت أَنِّي كُنْت شَجَرَة تُعْضَد . وَيُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرّ مَوْقُوفًا . وَقَالَ قَتَادَة : كَانَ يُصَلِّي الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : " وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم " . قَالَ : فَتَقَدَّمَ الرِّجَال وَتَأَخَّرَ النِّسَاء . وَقِيلَ : " وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم " مِنْ قَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ لِلْمُشْرِكِينَ ; أَيْ لِكُلِّ وَاحِد مِنَّا وَمِنْكُمْ فِي الْآخِرَة مَقَام مَعْلُوم وَهُوَ مَقَام الْحِسَاب . وَقِيلَ : أَيْ مِنَّا مَنْ لَهُ مَقَام الْخَوْف , وَمِنَّا مَنْ لَهُ مَقَام الرَّجَاء , وَمِنَّا مَنْ لَهُ مَقَام الْإِخْلَاص , وَمِنَّا مَنْ لَهُ مَقَام الشُّكْر . إِلَى غَيْرهَا مِنْ الْمَقَامَات . قُلْت : وَالْأَظْهَر أَنَّ ذَلِكَ رَاجِع إِلَى قَوْل الْمَلَائِكَة : " وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَام مَعْلُوم " وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْكَلْبِيّ : صُفُوفهمْ كَصُفُوفِ أَهْل الدُّنْيَا فِي الْأَرْض . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِد ; فَقَالَ : ( أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفّ الْمَلَائِكَة عِنْد رَبّهَا ) فَقُلْنَا يَا رَسُول اللَّه كَيْف تَصُفّ الْمَلَائِكَة عِنْد رَبّهَا ؟ قَالَ ؟ ( يُتِمُّونَ الصُّفُوف الْأُوَل وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفّ ) وَكَانَ عُمَر يَقُول إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ : أَقِيمُوا صُفُوفكُمْ وَاسْتَوُوا إِنَّمَا يُرِيد اللَّه بِكُمْ هَدْيَ الْمَلَائِكَة عِنْد رَبّهَا وَيَقْرَأ : " وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ " تَأَخَّرْ يَا فُلَان تَقَدَّمَ يَا فُلَان ; ثُمَّ يَتَقَدَّم فَيُكَبِّر . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة [ الْحِجْر ] بَيَانه . وَقَالَ أَبُو مَالِك : كَانَ النَّاس يُصَلُّونَ مُتَبَدِّدِينَ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ " فَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْطَفُّوا . وَقَالَ الشَّعْبِيّ . جَاءَ جِبْرِيل أَوْ مَلَك إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : تَقُوم أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ اللَّيْل وَنِصْفَهُ وَثُلُثه ; إِنَّ الْمَلَائِكَة لَتُصَلِّي وَتُسَبِّح مَا فِي السَّمَاء مَلَك فَارِغ . وَقِيلَ : أَيْ لَنَحْنُ الصَّافُّونَ أَجْنِحَتَنَا فِي الْهَوَاء وُقُوفًا نَنْتَظِر مَا نُؤْمَر بِهِ . وَقِيلَ : أَيْ نَحْنُ الصَّافُّونَ حَوْل الْعَرْش .
أَيْ الْمُصَلُّونَ ; قَالَهُ قَتَادَة . وَقِيلَ : أَيْ الْمُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ . وَالْمُرَاد أَنَّهُمْ يُخْبِرُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّه بِالتَّسْبِيحِ وَالصَّلَاة وَلَيْسُوا مَعْبُودِينَ وَلَا بَنَات اللَّه .
عَادَ إِلَى الْإِخْبَار عَنْ قَوْل الْمُشْرِكِينَ , أَيْ كَانُوا قَبْل بَعْثَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عُيِّرُوا بِالْجَهْلِ قَالُوا : " لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنْ الْأَوَّلِينَ "
أَيْ لَوْ بُعِثَ إِلَيْنَا نَبِيّ بِبَيَانِ الشَّرَائِع لَاتَّبَعْنَاهُ . وَلَمَّا خُفِّفَتْ " إِنْ " دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْل وَلَزِمَتْهَا اللَّام فَرْقًا بَيْن النَّفْي وَالْإِيجَاب . وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ : " إِنْ " بِمَعْنَى مَا وَاللَّام بِمَعْنَى إِلَّا . وَقِيلَ : مَعْنَى " لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا " أَيْ كِتَابًا مِنْ كُتُب الْأَنْبِيَاء .
أَيْ لَوْ جَاءَنَا ذِكْر كَمَا جَاءَ الْأَوَّلِينَ لَأَخْلَصْنَا الْعِبَادَة لِلَّهِ .
أَيْ بِالذِّكْرِ . وَالْفَرَّاء يُقَدِّرهُ عَلَى حَذْفٍ , أَيْ فَجَاءَهُمْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذِّكْرِ فَكَفَرُوا بِهِ . وَهَذَا تَعْجِيب مِنْهُمْ , أَيْ فَقَدْ جَاءَهُمْ نَبِيّ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِمْ كِتَاب فِيهِ بَيَان مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فَكَفَرُوا وَمَا وَفَّوْا بِمَا قَالُوا .
قَالَ الزَّجَّاج : يَعْلَمُونَ مَغَبَّة كُفْرهمْ .
قَالَ الزَّجَّاج : يَعْلَمُونَ مَغَبَّة كُفْرهمْ .
الْمُرْسَلِينَ " قَالَ الْفَرَّاء : أَيْ بِالسَّعَادَةِ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْكَلِمَةِ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : " كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي " [ الْمُجَادَلَة : 21 ] قَالَ الْحَسَن : لَمْ يُقْتَل مِنْ أَصْحَاب الشَّرَائِع قَطُّ أَحَد
أَيْ سَبَقَ الْوَعْد بِنَصْرِهِمْ بِالْحُجَّةِ وَالْغَلَبَة .
عَلَى الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ عَلَى اللَّفْظ لَكَانَ هُوَ الْغَالِب مِثْل " جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُوم مِنْ الْأَحْزَاب " [ ص : 11 ] . وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ : جَاءَ هَاهُنَا عَلَى الْجَمْع مِنْ أَجْل أَنَّهُ رَأْس آيَة .
أَيْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ .
قَالَ قَتَادَة : إِلَى الْمَوْت . وَقَالَ الزَّجَّاج : إِلَى الْوَقْت الَّذِي أُمْهِلُوا إِلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : يَعْنِي الْقَتْل بِبَدْرٍ . وَقِيلَ : يَعْنِي فَتْح مَكَّة . وَقِيلَ : الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف .
قَالَ قَتَادَة : إِلَى الْمَوْت . وَقَالَ الزَّجَّاج : إِلَى الْوَقْت الَّذِي أُمْهِلُوا إِلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : يَعْنِي الْقَتْل بِبَدْرٍ . وَقِيلَ : يَعْنِي فَتْح مَكَّة . وَقِيلَ : الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف .
قَالَ قَتَادَة : سَوْفَ يُبْصِرُونَ حِين لَا يَنْفَعهُمْ الْإِبْصَار . وَعَسَى مِنْ اللَّه لِلْوُجُوبِ وَعَبَّرَ بِالْإِبْصَارِ عَنْ تَقْرِيب الْأَمْر ; أَيْ عَنْ قَرِيب يُبْصِرُونَ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة .
كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ فَرْط تَكْذِيبهمْ مَتَى هَذَا الْعَذَاب ; أَيْ لَا تَسْتَعْجِلُوهُ فَإِنَّهُ وَاقِع بِكُمْ .
أَيْ الْعَذَاب . قَالَ الزَّجَّاج : وَكَانَ عَذَاب هَؤُلَاءِ بِالْقَتْلِ . وَمَعْنَى " بِسَاحَتِهِمْ " أَيْ بِدَارِهِمْ ; عَنْ السُّدِّيّ وَغَيْره . وَالسَّاحَة وَالسَّحْسَة فِي اللُّغَة فِنَاء الدَّار الْوَاسِع . الْفَرَّاء : " نَزَلَ بِسَاحَتِهِ " وَنَزَلَ بِهِمْ سَوَاء .
أَيْ بِئْسَ صَبَاح الَّذِينَ أُنْذِرُوا بِالْعَذَابِ . وَفِيهِ إِضْمَار أَيْ فَسَاءَ الصَّبَاحُ صَبَاحُهُمْ . وَخَصَّ الصَّبَاح بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّ الْعَذَاب كَانَ يَأْتِيهِمْ فِيهِ . وَمِنْهُ الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : لَمَّا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر , وَكَانُوا خَارِجِينَ إِلَى مَزَارِعهمْ وَمَعَهُمْ الْمَسَاحِي , فَقَالُوا : مُحَمَّد وَالْخَمِيس , وَرَجَعُوا إِلَى حِصْنهمْ ; فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّه أَكْبَر خَرِبَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْم فَسَاءَ صَبَاح الْمُنْذَرِينَ ) وَهُوَ يُبَيِّن مَعْنَى : " فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ " يُرِيد : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيْ بِئْسَ صَبَاح الَّذِينَ أُنْذِرُوا بِالْعَذَابِ . وَفِيهِ إِضْمَار أَيْ فَسَاءَ الصَّبَاحُ صَبَاحُهُمْ . وَخَصَّ الصَّبَاح بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّ الْعَذَاب كَانَ يَأْتِيهِمْ فِيهِ . وَمِنْهُ الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : لَمَّا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر , وَكَانُوا خَارِجِينَ إِلَى مَزَارِعهمْ وَمَعَهُمْ الْمَسَاحِي , فَقَالُوا : مُحَمَّد وَالْخَمِيس , وَرَجَعُوا إِلَى حِصْنهمْ ; فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّه أَكْبَر خَرِبَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْم فَسَاءَ صَبَاح الْمُنْذَرِينَ ) وَهُوَ يُبَيِّن مَعْنَى : " فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ " يُرِيد : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
كُرِّرَ تَأْكِيدًا . وَكَذَا
تَأْكِيد أَيْضًا .
نَزَّهَ سُبْحَانه نَفْسه عَمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ .
عَلَى الْبَدَل . وَيَجُوز النَّصْب عَلَى الْمَدْح , وَالرَّفْع بِمَعْنَى هُوَ رَبّ الْعِزَّة . سُئِلَ مُحَمَّد بْن سَحْنُون عَنْ مَعْنَى " رَبّ الْعِزَّة " لِمَ جَازَ ذَلِكَ وَالْعِزَّة مِنْ صِفَات الذَّات , وَلَا يُقَال رَبّ الْقُدْرَة وَنَحْوهَا مِنْ صِفَات ذَاته جَلَّ وَعَزَّ ؟ فَقَالَ : الْعِزَّة تَكُون صِفَة ذَات وَصِفَة فِعْل , فَصِفَة الذَّات نَحْو قَوْله : " فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا " وَصِفَة الْفِعْل نَحْو قَوْله : " رَبّ الْعِزَّة " وَالْمَعْنَى رَبّ الْعِزَّة الَّتِي يَتَعَازُّ بِهَا الْخَلْق فِيمَا بَيْنهمْ فَهِيَ مِنْ خَلْق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِير إِنَّ الْعِزَّة هَاهُنَا يُرَاد بِهَا الْمَلَائِكَة . قَالَ : وَقَالَ بَعْض عُلَمَائِنَا : مَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّه فَإِنْ أَرَادَ عِزَّته الَّتِي هِيَ صِفَته فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَة , وَإِنْ أَرَادَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه بَيْن عِبَاده فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ . الْمَاوَرْدِيّ : " رَبّ الْعِزَّة " يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا مَالِك الْعِزَّة , وَالثَّانِي رَبّ كُلّ شَيْء مُتَعَزِّز مِنْ مَلِك أَوْ مُتَجَبِّر . قُلْت : وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا كَفَّارَة إِذَا نَوَاهَا الْحَالِف . رُوِيَ مِنْ حَدِيث أَبَى سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول قَبْل أَنْ يُسَلِّم : " سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة " إِلَى آخِر السُّورَة ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ .
أَيْ مِنْ الصَّاحِبَة وَالْوَلَد . وَسُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَعْنَى " سُبْحَان اللَّه " فَقَالَ : ( هُوَ تَنْزِيه اللَّه عَنْ كُلّ سُوء ) وَقَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَة ] مُسْتَوْفًى .
عَلَى الْبَدَل . وَيَجُوز النَّصْب عَلَى الْمَدْح , وَالرَّفْع بِمَعْنَى هُوَ رَبّ الْعِزَّة . سُئِلَ مُحَمَّد بْن سَحْنُون عَنْ مَعْنَى " رَبّ الْعِزَّة " لِمَ جَازَ ذَلِكَ وَالْعِزَّة مِنْ صِفَات الذَّات , وَلَا يُقَال رَبّ الْقُدْرَة وَنَحْوهَا مِنْ صِفَات ذَاته جَلَّ وَعَزَّ ؟ فَقَالَ : الْعِزَّة تَكُون صِفَة ذَات وَصِفَة فِعْل , فَصِفَة الذَّات نَحْو قَوْله : " فَلِلَّهِ الْعِزَّة جَمِيعًا " وَصِفَة الْفِعْل نَحْو قَوْله : " رَبّ الْعِزَّة " وَالْمَعْنَى رَبّ الْعِزَّة الَّتِي يَتَعَازُّ بِهَا الْخَلْق فِيمَا بَيْنهمْ فَهِيَ مِنْ خَلْق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَ فِي التَّفْسِير إِنَّ الْعِزَّة هَاهُنَا يُرَاد بِهَا الْمَلَائِكَة . قَالَ : وَقَالَ بَعْض عُلَمَائِنَا : مَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّه فَإِنْ أَرَادَ عِزَّته الَّتِي هِيَ صِفَته فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَة , وَإِنْ أَرَادَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه بَيْن عِبَاده فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ . الْمَاوَرْدِيّ : " رَبّ الْعِزَّة " يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا مَالِك الْعِزَّة , وَالثَّانِي رَبّ كُلّ شَيْء مُتَعَزِّز مِنْ مَلِك أَوْ مُتَجَبِّر . قُلْت : وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَا كَفَّارَة إِذَا نَوَاهَا الْحَالِف . رُوِيَ مِنْ حَدِيث أَبَى سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول قَبْل أَنْ يُسَلِّم : " سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة " إِلَى آخِر السُّورَة ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ .
أَيْ مِنْ الصَّاحِبَة وَالْوَلَد . وَسُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَعْنَى " سُبْحَان اللَّه " فَقَالَ : ( هُوَ تَنْزِيه اللَّه عَنْ كُلّ سُوء ) وَقَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَة ] مُسْتَوْفًى .