عن أن نغير خلقكم يوم القيامة, وننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات والأحوال.
ولقد علمتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئا, فهلا تذكرون قدرة الله على إنشائكم مرة أخرى.
أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه
هل أنتم تنبتونه في الأرض؟ بل نحن نقر قراره وننبته في الأرض.
لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيما, لا ينتفع به في مطعم, فأصبحتم تحجبون مما نزل بزرعكم,
وتقولون, إنا لخاسرون معذبون,
بل نحن محرومون من الرزق.
أفرأيتم الماء الذي تشربونه لتحيوا به,
أأنتم أنزلتموه من السحاب إلى قرار الأرض, أم نحن الذين أنزلناه رحمة بكم؟
لو نشاء جعلنا هذا الماء شديد الملوحة, لا ينتفع به في شرب ولا زرع, فهلا تشكرون كلكم على إنزال الماء العذب لنفعكم.
أفرايتم النار التي توقدون,
أأنتم أوجدتم شجرتها التي تقدح منها النار, أم نحن الموجدون لها؟
نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيرا لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين.
فنزه- يا محمد- ربك العظيم كامل الأسماء والصفات, كثير الإحسان والخيرات.
أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء,
إنه لقسم لو تعلمون قدره عظيم.
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع, كثير الخير, غزير العلم,
في كتاب مستير عن أعين الخلق, وهو اللوح المحفوظ.
لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب, ولا يمسه أيضا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.
وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين, فهو الحق الذي لا مرية فيه.
أفبهذا القرآن أنتم -أيها المشركون- مكذبون؟
وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذبون بها وتكفرون؟ وفي هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولا يبالي بدعوته.
فهل تستطيعون إذا بلغت نفس أحدكم الحلقوم عند النزع,
وأنتم حضور تنظرون إليه, أن تمسكوا روحه في جسده؟ لن تستطيعوا ذلك,
ونحن أقرب إليه منكم بملائكتنا, ولكنكم لا ترونهم.
وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم
أن تعيدوا الروح إلى الجسد, إن كنتم صادقين؟ لن ترجعوها.
فأما إن كان الميت من السابقين المقربين,
فله عند موته الرحمة الواسعة والفرح وما تطيب به نفسه, وله جنه النعيم في الآخرة.
وأما إن كان الميت من أصحاب اليمين,