أَيْ الزَّلْزَلَة . وَقِيلَ : الصَّيْحَة . وَأَصْحَاب الْأَيْكَة أُهْلِكُوا بِالظُّلَّةِ , عَلَى مَا يَأْتِي .
الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ ↓
قَالَ الْجُرْجَانِيّ : قِيلَ هَذَا كَلَام مُسْتَأْنَف ; أَيْ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا صَارُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَوْتَى . وَ " يَغْنَوْا " يُقِيمُوا ; يُقَال : غَنِيت بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَمْت بِهِ . وَغَنِيَ الْقَوْم فِي دَارِهِمْ أَيْ طَالَ مُقَامهمْ فِيهَا . وَالْمَغْنَى : الْمَنْزِل ; وَالْجَمْع الْمَغَانِي . قَالَ لَبِيد : وَغَنِيت سِتًّا قَبْل مَجْرَى دَاحِس لَوْ كَانَ لِلنَّفْسِ اللَّجُوج خُلُود وَقَالَ حَاتِم طَيّ : غَنِينَا زَمَانًا بِالتَّصَعْلُكِ وَالْغِنَى كَمَا الدَّهْر فِي أَيَّامه الْعُسْر وَالْيُسْر كَسَبْنَا صُرُوف الدَّهْر لِينًا وَغِلْظَة وَكُلًّا سَقَانَاهُ بِكَأْسِهِمَا الدَّهْر فَمَا زَادَنَا بَغْيًا عَلَى ذِي قَرَابَة غِنَانَا وَلَا أَزْرَى بِأَحْسَابِنَا الْفَقْر
اِبْتِدَاء خِطَاب , وَهُوَ مُبَالَغَة فِي الذَّمّ وَالتَّوْبِيخ وَإِعَادَة لِتَعْظِيمِ الْأَمْر وَتَفْخِيمه . وَلَمَّا قَالُوا : مَنْ اِتَّبَعَ شُعَيْبًا خَاسِر قَالَ اللَّه الْخَاسِرُونَ هُمْ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْل .
اِبْتِدَاء خِطَاب , وَهُوَ مُبَالَغَة فِي الذَّمّ وَالتَّوْبِيخ وَإِعَادَة لِتَعْظِيمِ الْأَمْر وَتَفْخِيمه . وَلَمَّا قَالُوا : مَنْ اِتَّبَعَ شُعَيْبًا خَاسِر قَالَ اللَّه الْخَاسِرُونَ هُمْ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْل .
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ↓
أَيْ أَحْزَن . أَسَيْت عَلَى الشَّيْء آسَى أَسًى , وَأَنَا آسٍ .
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ↓
فِيهِ إِضْمَار , وَهُوَ فَكَذَّبَ أَهْلُهَا .
" بِالْبَأْسَاءِ " بِالْمَصَائِبِ فِي الْأَمْوَال " وَالضَّرَّاء " فِي الْأَبَدَانِ ; هَذَا قَوْل الْأَكْثَر , وَقَدْ يُوضَع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَوْضِع الْآخَر ; وَيُؤَدِّب اللَّه عِبَاده بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاء وَبِمَا شَاءَ " لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل " [ الْأَنْبِيَاء : 23 ] . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : اِسْتَدَلَّ الْعُبَّاد فِي تَأْدِيب أَنْفُسهمْ بِالْبَأْسَاءِ فِي تَقْرِيق الْأَمْوَال , وَالضَّرَّاء فِي الْحَمْل عَلَى الْأَبَدَانِ بِالْجُوعِ وَالْعُرْي بِهَذِهِ الْآيَة . قُلْت : هَذِهِ جَهَالَة مِمَّنْ فَعَلَهَا وَجَعَلَ هَذِهِ الْآيَة أَصْلًا لَهَا ; هَذِهِ عُقُوبَة مِنْ اللَّه لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَاده يَمْتَحِنهُمْ بِهَا , وَلَا يَجُوز لَنَا أَنْ نَمْتَحِنَ أَنْفُسنَا وَنُكَافِئهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا ; فَإِنَّهَا الْمَطِيَّة الَّتِي نَبْلُغ عَلَيْهَا دَار الْكَرَامَة , وَنَفُوز بِهَا مِنْ أَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة ; وَفِي التَّنْزِيل : " يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالِحًا " [ الْمُؤْمِنُونَ : 51 ] وَقَالَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَات مَا كَسَبْتُمْ " [ الْبَقَرَة : 267 ] . " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَات مَا رَزَقْنَاكُمْ " [ الْبَقَرَة : 172 ] فَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ; وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَأْكُلُونَ الطَّيِّبَات وَيَلْبَسُونَ أَحْسَن الثِّيَاب وَيَتَجَمَّلُونَ بِهَا ; وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ بَعْدهمْ إِلَى هَلُمَّ جَرًّا , وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا وَاسْتَدَلُّوا لِمَا كَانَ فِي اِمْتِنَان اللَّه تَعَالَى بِالزُّرُوعِ وَالْجَنَّات وَجَمِيع الثِّمَار وَالنَّبَات وَالْأَنْعَام الَّتِي سَخَّرَهَا وَأَبَاحَ لَنَا أَكْلهَا وَشُرْب أَلْبَانهَا وَالدِّفْء بِأَصْوَافِهَا - إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا اِمْتَنَّ بِهِ - كَبِير فَائِدَة , فَلَوْ كَانَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيهِ الْفَضْل لَكَانَ أَوْلَى بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء , وَقَدْ نَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَال مَخَافَة الضَّعْف عَلَى الْأَبْدَانِ , وَنَهَى عَنْ إِضَاعَة الْمَال رَدًّا عَلَى الْأَغْنِيَاء الْجُهَّال . " لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ " أَيْ يَدْعُونَ وَيَذِلُّونَ , مَأْخُوذ مِنْ الضَّرَاعَة وَهِيَ الذِّلَّة ; يُقَال : ضَرَعَ فَهُوَ ضَارِع .
" بِالْبَأْسَاءِ " بِالْمَصَائِبِ فِي الْأَمْوَال " وَالضَّرَّاء " فِي الْأَبَدَانِ ; هَذَا قَوْل الْأَكْثَر , وَقَدْ يُوضَع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَوْضِع الْآخَر ; وَيُؤَدِّب اللَّه عِبَاده بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاء وَبِمَا شَاءَ " لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل " [ الْأَنْبِيَاء : 23 ] . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : اِسْتَدَلَّ الْعُبَّاد فِي تَأْدِيب أَنْفُسهمْ بِالْبَأْسَاءِ فِي تَقْرِيق الْأَمْوَال , وَالضَّرَّاء فِي الْحَمْل عَلَى الْأَبَدَانِ بِالْجُوعِ وَالْعُرْي بِهَذِهِ الْآيَة . قُلْت : هَذِهِ جَهَالَة مِمَّنْ فَعَلَهَا وَجَعَلَ هَذِهِ الْآيَة أَصْلًا لَهَا ; هَذِهِ عُقُوبَة مِنْ اللَّه لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَاده يَمْتَحِنهُمْ بِهَا , وَلَا يَجُوز لَنَا أَنْ نَمْتَحِنَ أَنْفُسنَا وَنُكَافِئهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا ; فَإِنَّهَا الْمَطِيَّة الَّتِي نَبْلُغ عَلَيْهَا دَار الْكَرَامَة , وَنَفُوز بِهَا مِنْ أَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة ; وَفِي التَّنْزِيل : " يَا أَيّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالِحًا " [ الْمُؤْمِنُونَ : 51 ] وَقَالَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَات مَا كَسَبْتُمْ " [ الْبَقَرَة : 267 ] . " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَات مَا رَزَقْنَاكُمْ " [ الْبَقَرَة : 172 ] فَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ; وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَأْكُلُونَ الطَّيِّبَات وَيَلْبَسُونَ أَحْسَن الثِّيَاب وَيَتَجَمَّلُونَ بِهَا ; وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ بَعْدهمْ إِلَى هَلُمَّ جَرًّا , وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمُوا وَاسْتَدَلُّوا لِمَا كَانَ فِي اِمْتِنَان اللَّه تَعَالَى بِالزُّرُوعِ وَالْجَنَّات وَجَمِيع الثِّمَار وَالنَّبَات وَالْأَنْعَام الَّتِي سَخَّرَهَا وَأَبَاحَ لَنَا أَكْلهَا وَشُرْب أَلْبَانهَا وَالدِّفْء بِأَصْوَافِهَا - إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا اِمْتَنَّ بِهِ - كَبِير فَائِدَة , فَلَوْ كَانَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيهِ الْفَضْل لَكَانَ أَوْلَى بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء , وَقَدْ نَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَال مَخَافَة الضَّعْف عَلَى الْأَبْدَانِ , وَنَهَى عَنْ إِضَاعَة الْمَال رَدًّا عَلَى الْأَغْنِيَاء الْجُهَّال . " لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ " أَيْ يَدْعُونَ وَيَذِلُّونَ , مَأْخُوذ مِنْ الضَّرَاعَة وَهِيَ الذِّلَّة ; يُقَال : ضَرَعَ فَهُوَ ضَارِع .
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ↓
أَيْ أَبْدَلْنَاهُمْ بِالْجَدْبِ خِصْبًا .
أَيْ كَثُرُوا ; عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ اِبْن زَيْد : كَثُرَتْ أَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ . وَعَفَا : مِنْ الْأَضْدَاد : عَفَا : كَثُرَ . وَعَفَا : دَرَسَ . أَعْلَمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ أَخَذَهُمْ بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاء فَلَمْ يَزْدَجِرُوا وَلَمْ يَشْكُرُوا .
فَنَحْنُ مِثْلهمْ .
أَيْ فَجْأَة لِيَكُونَ أَكْثَر حَسْرَة .
أَيْ كَثُرُوا ; عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ اِبْن زَيْد : كَثُرَتْ أَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ . وَعَفَا : مِنْ الْأَضْدَاد : عَفَا : كَثُرَ . وَعَفَا : دَرَسَ . أَعْلَمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ أَخَذَهُمْ بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاء فَلَمْ يَزْدَجِرُوا وَلَمْ يَشْكُرُوا .
فَنَحْنُ مِثْلهمْ .
أَيْ فَجْأَة لِيَكُونَ أَكْثَر حَسْرَة .
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ↓
يُقَال لِلْمَدِينَةِ قَرْيَة لِاجْتِمَاعِ النَّاس فِيهَا . مِنْ قَرَيْت الْمَاء إِذَا جَمَعْته . وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " مُسْتَوْفًى .
أَيْ صَدَّقُوا .
أَيْ الشِّرْك .
يَعْنِي الْمَطَر وَالنَّبَات . وَهَذَا فِي أَقْوَام عَلَى الْخُصُوص جَرَى ذِكْرهمْ . إِذْ قَدْ يُمْتَحَنُ الْمُؤْمِنُونَ بِضِيقِ الْعَيْش وَيَكُون تَكْفِيرًا لِذُنُوبِهِمْ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نُوح إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ " اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " [ نُوح : 10 , 11 ] وَعَنْ هُود " ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " [ هُود : 52 ] . فَوَعَدَهُمْ الْمَطَر وَالْخِصْب عَلَى التَّخْصِيص . يَدُلّ عَلَيْهِ
أَيْ كَذَّبُوا الرُّسُل . وَالْمُؤْمِنُونَ صَدَّقُوا وَلَمْ يُكَذِّبُوا .
أَيْ صَدَّقُوا .
أَيْ الشِّرْك .
يَعْنِي الْمَطَر وَالنَّبَات . وَهَذَا فِي أَقْوَام عَلَى الْخُصُوص جَرَى ذِكْرهمْ . إِذْ قَدْ يُمْتَحَنُ الْمُؤْمِنُونَ بِضِيقِ الْعَيْش وَيَكُون تَكْفِيرًا لِذُنُوبِهِمْ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نُوح إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ " اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " [ نُوح : 10 , 11 ] وَعَنْ هُود " ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " [ هُود : 52 ] . فَوَعَدَهُمْ الْمَطَر وَالْخِصْب عَلَى التَّخْصِيص . يَدُلّ عَلَيْهِ
أَيْ كَذَّبُوا الرُّسُل . وَالْمُؤْمِنُونَ صَدَّقُوا وَلَمْ يُكَذِّبُوا .
الِاسْتِفْهَام لِلْإِنْكَارِ , وَالْفَاء لِلْعَطْفِ . نَظِيره : " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّة " [ الْمَائِدَة : 50 ] . وَالْمُرَاد بِالْقُرَى مَكَّة وَمَا حَوْلَهَا ; لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ : هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيع الْقُرَى .
أَيْ عَذَابنَا .
أَيْ لَيْلًا
أَيْ عَذَابنَا .
أَيْ لَيْلًا
قَرَأَهُ الْحَرَمِيَّان وَابْن عَامِر بِإِسْكَانِ الْوَاو لِلْعَطْفِ , عَلَى مَعْنَى الْإِبَاحَة ; مِثْل " وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا " [ الْإِنْسَان : 24 ] . جَالِسْ الْحَسَن أَوْ اِبْن سِيرِينَ . وَالْمَعْنَى : أَوْ أَمِنُوا هَذِهِ الضُّرُوب مِنْ الْعُقُوبَات . أَيْ إِنْ أَمِنْتُمْ ضَرْبًا مِنْهَا لَمْ تَأْمَنُوا الْآخَر . وَيَجُوز أَنْ يَكُون " أَوْ " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ , كَقَوْلِك : ضَرَبْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا بِهَمْزَةٍ بَعْدهَا . جَعَلَهَا وَاو الْعَطْف دَخَلَتْ عَلَيْهَا أَلِف الِاسْتِفْهَام ; نَظِيره " أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا " [ الْبَقَرَة : 100 ] .
أَيْ وَهُمْ فِيمَا لَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ ; يُقَال لِكُلِّ مَنْ كَانَ فِيمَا يَضُرّهُ وَلَا يُجْدِي عَلَيْهِ لَاعِب , ذَكَرَهُ النَّحَّاس . وَفِي الصِّحَاح : اللَّعِب مَعْرُوف , وَاللِّعْب مِثْله . وَقَدْ لَعِبَ يَلْعَب . وَتَلَعَّبَ : لَعِبَ مَرَّة بَعْد أُخْرَى . وَرَجُل تِلْعَابَة : كَثِير اللَّعِب , وَالتَّلْعَاب بِالْفَتْحِ الْمَصْدَر . وَجَارِيَة لَعُوب .
أَيْ وَهُمْ فِيمَا لَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ ; يُقَال لِكُلِّ مَنْ كَانَ فِيمَا يَضُرّهُ وَلَا يُجْدِي عَلَيْهِ لَاعِب , ذَكَرَهُ النَّحَّاس . وَفِي الصِّحَاح : اللَّعِب مَعْرُوف , وَاللِّعْب مِثْله . وَقَدْ لَعِبَ يَلْعَب . وَتَلَعَّبَ : لَعِبَ مَرَّة بَعْد أُخْرَى . وَرَجُل تِلْعَابَة : كَثِير اللَّعِب , وَالتَّلْعَاب بِالْفَتْحِ الْمَصْدَر . وَجَارِيَة لَعُوب .
أَيْ عَذَابه وَجَزَاءَهُ عَلَى مَكْرهمْ . وَقِيلَ : مَكْره اِسْتِدْرَاجه بِالنِّعْمَةِ وَالصِّحَّة .
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ↓
أَيْ يُبَيِّن .
يُرِيد كُفَّار مَكَّة وَمَنْ حَوْلهمْ .
أَيْ أَخَذْنَاهُمْ
أَيْ بِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبهمْ .
أَيْ وَنَحْنُ نَطْبَع ; فَهُوَ مُسْتَأْنَف . وَقِيلَ : هُوَ مَعْطُوف عَلَى أَصَبْنَا , أَيْ نُصِيبهُمْ وَنَطْبَع , فَوَقَعَ الْمَاضِي مَوْقِع الْمُسْتَقْبَل .
يُرِيد كُفَّار مَكَّة وَمَنْ حَوْلهمْ .
أَيْ أَخَذْنَاهُمْ
أَيْ بِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبهمْ .
أَيْ وَنَحْنُ نَطْبَع ; فَهُوَ مُسْتَأْنَف . وَقِيلَ : هُوَ مَعْطُوف عَلَى أَصَبْنَا , أَيْ نُصِيبهُمْ وَنَطْبَع , فَوَقَعَ الْمَاضِي مَوْقِع الْمُسْتَقْبَل .
تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ↓
أَيْ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا ; وَهِيَ قُرَى نُوح وَعَاد وَلُوط وَهُود وَشُعَيْب الْمُتَقَدِّمَة الذِّكْر .
أَيْ نَتْلُو .
أَيْ مِنْ أَخْبَارهَا . وَهِيَ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمُسْلِمِينَ .
أَيْ فَمَا كَانَ أُولَئِكَ الْكُفَّار لِيُؤْمِنُوا بَعْد هَلَاكِهِمْ لَوْ أَحْيَيْنَاهُمْ ; قَالَهُ مُجَاهِد . نَظِيره " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا " [ الْأَنْعَام : 28 ] . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالرَّبِيع : كَانَ فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى يَوْم أَخَذَ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاق أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ .
يُرِيد يَوْم الْمِيثَاق حِين أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْر آدَم فَآمَنُوا كَرْهًا لَا طَوْعًا . قَالَ السُّدِّيّ : آمَنُوا يَوْمَ أُخِذَ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاق كَرْهًا فَلَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا الْآن حَقِيقَة . وَقِيلَ : سَأَلُوا الْمُعْجِزَات , فَلَمَّا رَأَوْهَا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل رُؤْيَة الْمُعْجِزَة . نَظِيره " كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّل مَرَّة " . [ الْأَنْعَام : 110 ] .
أَيْ مِثْل طَبْعه عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ كَذَلِكَ يَطْبَع اللَّه عَلَى قُلُوب الْكَافِرِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيْ نَتْلُو .
أَيْ مِنْ أَخْبَارهَا . وَهِيَ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمُسْلِمِينَ .
أَيْ فَمَا كَانَ أُولَئِكَ الْكُفَّار لِيُؤْمِنُوا بَعْد هَلَاكِهِمْ لَوْ أَحْيَيْنَاهُمْ ; قَالَهُ مُجَاهِد . نَظِيره " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا " [ الْأَنْعَام : 28 ] . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالرَّبِيع : كَانَ فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى يَوْم أَخَذَ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاق أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ .
يُرِيد يَوْم الْمِيثَاق حِين أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْر آدَم فَآمَنُوا كَرْهًا لَا طَوْعًا . قَالَ السُّدِّيّ : آمَنُوا يَوْمَ أُخِذَ عَلَيْهِمْ الْمِيثَاق كَرْهًا فَلَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا الْآن حَقِيقَة . وَقِيلَ : سَأَلُوا الْمُعْجِزَات , فَلَمَّا رَأَوْهَا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل رُؤْيَة الْمُعْجِزَة . نَظِيره " كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّل مَرَّة " . [ الْأَنْعَام : 110 ] .
أَيْ مِثْل طَبْعه عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ كَذَلِكَ يَطْبَع اللَّه عَلَى قُلُوب الْكَافِرِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
" مِنْ " زَائِدَة , وَهِيَ تَدُلّ عَلَى مَعْنَى الْجِنْس ; وَلَوْلَا " مِنْ " لَجَازَ أَنْ يُتَوَهَّم أَنَّهُ وَاحِد فِي الْمَعْنَى . قَالَ اِبْن عَبَّاس : يُرِيد الْعَهْد الْمَأْخُوذ عَلَيْهِمْ وَقْت الذَّرّ , وَمَنْ نَقَضَ الْعَهْد قِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَا عَهْد لَهُ , أَيْ كَأَنَّهُ لَمْ يُعْهَد . وَقَالَ الْحَسَن : الْعَهْد الَّذِي عُهِدَ إِلَيْهِمْ مَعَ الْأَنْبِيَاء أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا . وَقِيلَ : أَرَادَ أَنَّ الْكُفَّار مُنْقَسِمُونَ ; فَالْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ مَنْ لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا وَفَاء , وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَمَانَة مَعَ كُفْره وَإِنْ قَلُّوا ; رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة .
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ↓
أَيْ مِنْ بَعْد نُوح وَهُود وَصَالِح وَلُوط وَشُعَيْب .
أَيْ مُوسَى بْن عِمْرَان بِمُعْجِزَاتِنَا .
أَيْ كَفَرُوا وَلَمْ يُصَدِّقُوا بِالْآيَاتِ . وَالظُّلْم : وَضْع الشَّيْء فِي غَيْر مَوْضِعه .
أَيْ آخِر أَمْرهمْ .
أَيْ مُوسَى بْن عِمْرَان بِمُعْجِزَاتِنَا .
أَيْ كَفَرُوا وَلَمْ يُصَدِّقُوا بِالْآيَاتِ . وَالظُّلْم : وَضْع الشَّيْء فِي غَيْر مَوْضِعه .
أَيْ آخِر أَمْرهمْ .
حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ↓
أَيْ وَاجِب . وَمَنْ قَرَأَ " عَلَى أَلَّا " فَالْمَعْنَى حَرِيص عَلَى أَلَّا أَقُول . وَفِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه " حَقِيق أَلَّا أَقُول " بِإِسْقَاطِ " عَلَى " . وَقِيلَ : " عَلَى " بِمَعْنَى الْبَاء , أَيْ حَقِيق بِأَلَّا أَقُول . وَكَذَا فِي قِرَاءَة أُبَيّ وَالْأَعْمَش " بِأَلَّا أَقُول " . كَمَا تَقُول : رَمَيْت بِالْقَوْسِ وَعَلَى الْقَوْس . فَـ " حَقِيق " عَلَى هَذَا بِمَعْنَى مَحْقُوق .
أَيْ خَلِّهِمْ . وَكَانَ يَسْتَعْمِلهُمْ فِي الْأَعْمَال الشَّاقَّة .
أَيْ خَلِّهِمْ . وَكَانَ يَسْتَعْمِلهُمْ فِي الْأَعْمَال الشَّاقَّة .
يُسْتَعْمَل فِي الْأَجْسَام وَالْمَعَانِي . وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَالثُّعْبَان : الْحَيَّة الضَّخْم الذَّكَر , وَهُوَ أَعْظَم الْحَيَّات . " مُبِين " أَيْ حَيَّة لَا لَبْس فِيهَا .
أَيْ أَخْرَجَهَا وَأَظْهَرَهَا . قِيلَ : مِنْ جَيْبِهِ أَوْ مِنْ جَنَاحه ; كَمَا فِي التَّنْزِيل " وَأَدْخِلْ يَدك فِي جَيْبك تَخْرُج بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء " [ النَّمْل : 12 ] أَيْ مِنْ غَيْر بَرَص . وَكَانَ مُوسَى أَسْمَرَ شَدِيد السُّمْرَة , ثُمَّ أَعَادَ يَده إِلَى جَيْبه فَعَادَتْ إِلَى لَوْنهَا الْأَوَّل . قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ لِيَدِهِ نُور سَاطِع يُضِيء مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض . وَقِيلَ : كَانَتْ تَخْرُج يَده بَيْضَاء كَالثَّلْجِ تَلُوح , فَإِذَا رَدَّهَا عَادَتْ إِلَى مِثْل سَائِر بَدَنه .
أَيْ بِالسِّحْرِ .
أَيْ مِنْ مُلْككُمْ مَعَاشِر الْقِبْط , بِتَقْدِيمِهِ بَنِي إِسْرَائِيل عَلَيْكُمْ .
قَرَأَ أَهْل الْمَدِينَة وَعَاصِم وَالْكِسَائِيّ بِغَيْرِ هَمْز ; إِلَّا أَنَّ وَرْشًا وَالْكِسَائِيّ أَشْبَعَا كَسْرَة الْهَاء . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو بِهَمْزَةٍ سَاكِنَة وَالْهَاء مَضْمُومَة . وَهُمَا لُغَتَانِ ; يُقَال : أَرْجَأْته وَأَرْجَيْته , أَيْ أَخَّرْته . وَكَذَلِكَ قَرَأَ اِبْن كَثِير وَابْن مُحَيْصِن وَهِشَام ; إِلَّا أَنَّهُمْ أَشْبَعُوا ضَمَّة الْهَاء . وَقَرَأَ سَائِر أَهْل الْكُوفَة " أَرْجِهْ " بِإِسْكَانِ الْهَاء . قَالَ الْفَرَّاء : هِيَ لُغَة لِلْعَرَبِ , يَقِفُونَ عَلَى الْهَاء الْمُكَنَّى عَنْهَا فِي الْوَصْل إِذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلهَا , وَكَذَا هَذِهْ طَلْحَةُ قَدْ أَقْبَلَتْ . وَأَنْكَرَ الْبَصْرِيُّونَ هَذَا . قَالَ قَتَادَة : : مَعْنَى " أَرْجِهِ " اِحْبِسْهُ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَخِّرْهُ . وَقِيلَ : " أَرْجِهِ " مَأْخُوذ مِنْ رَجَا يَرْجُو ; أَيْ أَطْمِعْهُ وَدَعْهُ يَرْجُو ; حَكَاهُ النَّحَّاس عَنْ مُحَمَّد بْن يَزِيد . وَكَسْر الْهَاء عَلَى الْإِتْبَاع . وَيَجُوز ضَمُّهَا عَلَى الْأَصْل . وَإِسْكَانهَا لَحْن لَا يَجُوز إِلَّا فِي شُذُوذ مِنْ الشِّعْر .
عَطْف عَلَى الْهَاء .
نَصْب عَلَى الْحَال .
عَطْف عَلَى الْهَاء .
نَصْب عَلَى الْحَال .
جَزْم ; لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمْر وَلِذَلِكَ حُذِفَتْ مِنْهُ النُّون . قَرَأَ أَهْل الْكُوفَة إِلَّا عَاصِمًا " بِكُلِّ سَحَّار " وَقَرَأَ سَائِر النَّاس " سَاحِر " وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ ; إِلَّا أَنَّ فَعَّالًا أَشَدّ مُبَالَغَة .
وَحُذِفَ ذِكْر الْإِرْسَال لِعِلْمِ السَّامِع . قَالَ اِبْن عَبْد الْحَكَم : كَانُوا اِثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا , مَعَ كُلّ نَقِيب عِشْرُونَ عَرِيفًا , تَحْت يَدَيْ كُلّ عَرِيف أَلْف سَاحِر . وَكَانَ رَئِيسهمْ شَمْعُون فِي قَوْل مُقَاتِل بْن سُلَيْمَان . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : كَانُوا تِسْعَمِائَةٍ مِنْ الْعَرِيش وَالْفَيُّوم وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة أَثْلَاثًا . وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : كَانُوا خَمْسَة عَشَر أَلْف سَاحِر ; وَرُوِيَ عَنْ وَهْب . وَقِيلَ : كَانُوا اِثْنَيْ عَشَر أَلْفًا . وَقَالَ اِبْن الْمُنْكَدِر : ثَمَانِينَ أَلْفًا . وَقِيلَ : أَرْبَعَة عَشَر أَلْفًا . وَقِيلَ : كَانُوا ثَلَاثمِائِة أَلْف سَاحِر مِنْ الرِّيف , وَثَلَاثمِائَة أَلْف سَاحِر مِنْ الصَّعِيد , وَثَلَاثمِائَة أَلْف سَاحِر مِنْ الْفَيُّوم وَمَا وَالَاهَا . وَقِيلَ : كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا . وَقِيلَ : ثَلَاثَة وَسَبْعِينَ ; فَاَللَّه أَعْلَم . وَكَانَ مَعَهُمْ فِيمَا رُوِيَ حِبَال وَعِصِيّ يَحْمِلهَا ثَلَاثمِائِة بَعِير . فَالْتَقَمَتْ الْحَيَّة ذَلِكَ كُلّه . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ : كَانَتْ إِذَا فَتَحْت فَاهَا صَارَ شِدْقهَا ثَمَانِينَ ذِرَاعًا ; وَاضِعَة فَكَّهَا الْأَسْفَل عَلَى الْأَرْض , وَفَكَّهَا الْأَعْلَى عَلَى سُور الْقَصْر . وَقِيلَ : كَانَ سِعَةُ فَمِهَا أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا ; فَاَللَّه أَعْلَم . فَقَصَدَتْ فِرْعَوْن لِتَبْتَلِعَهُ , فَوَثَبَ مِنْ سَرِيرِهِ فَهَرَبَ مِنْهَا وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى ; فَأَخَذَهَا فَإِذَا هِيَ عَصًا كَمَا كَانَتْ . قَالَ وَهْب : مَاتَ مِنْ خَوْف الْعَصَا خَمْسَة وَعِشْرُونَ أَلْفًا .
أَيْ جَائِزَة وَمَالًا . وَلَمْ يَقُلْ فَقَالُوا بِالْفَاءِ ; لِأَنَّهُ أَرَادَ لَمَّا جَاءُوا قَالُوا . وَقُرِئَ " إِنَّ لَنَا " عَلَى الْخَبَر . وَهِيَ قِرَاءَة نَافِع وَابْن كَثِير . أَلْزَمُوا فِرْعَوْن أَنْ يَجْعَل لَهُمْ مَالًا إِنْ غَلَبُوا .
أَيْ جَائِزَة وَمَالًا . وَلَمْ يَقُلْ فَقَالُوا بِالْفَاءِ ; لِأَنَّهُ أَرَادَ لَمَّا جَاءُوا قَالُوا . وَقُرِئَ " إِنَّ لَنَا " عَلَى الْخَبَر . وَهِيَ قِرَاءَة نَافِع وَابْن كَثِير . أَلْزَمُوا فِرْعَوْن أَنْ يَجْعَل لَهُمْ مَالًا إِنْ غَلَبُوا .
أَيْ لَمِنْ أَهْل الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة لَدَيْنَا , فَزَادَهُمْ عَلَى مَا طَلَبُوا . وَقِيلَ : إِنَّهُمْ إِنَّمَا قَطَعُوا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ فِي حُكْمِهِمْ إِنْ غَلَبُوا . أَيْ قَالُوا : يَجِب لَنَا الْأَجْر إِنْ غَلَبْنَا . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالِاسْتِفْهَامِ عَلَى جِهَة الِاسْتِخْبَار . اِسْتَخْبَرُوا فِرْعَوْن : هَلْ يَجْعَل لَهُمْ أَجْرًا إِنْ غَلَبُوا أَوْ لَا ; فَلَمْ يَقْطَعُوا عَلَى فِرْعَوْن بِذَلِكَ , إِنَّمَا اِسْتَخْبَرُوهُ هَلْ يَفْعَل ذَلِكَ ; فَقَالَ لَهُمْ " نَعَمْ " لَكُمْ الْأَجْر وَالْقُرْب إِنْ غَلَبْتُمْ .
تَأَدَّبُوا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب إِيمَانِهِمْ . وَ " أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب عِنْد الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء , عَلَى مَعْنَى إِمَّا أَنْ تَفْعَل الْإِلْقَاء . وَمِثْله قَوْل الشَّاعِر : قَالُوا الرُّكُوب فَقُلْنَا تِلْكَ عَادَتُنَا
قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ↓
قَالَ الْفَرَّاء : فِي الْكَلَام حَذْف . وَالْمَعْنَى : قَالَ لَهُمْ مُوسَى إِنَّكُمْ لَنْ تَغْلِبُوا رَبّكُمْ وَلَنْ تُبْطِلُوا آيَاته . وَهَذَا مِنْ مُعْجِز الْقُرْآن الَّذِي لَا يَأْتِي مِثْله فِي كَلَام النَّاس , وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ . يَأْتِي اللَّفْظ الْيَسِير بِجَمْعِ الْمَعَانِي الْكَثِيرَة . وَقِيلَ : هُوَ تَهْدِيد . أَيْ اِبْتَدِئُوا بِالْإِلْقَاءِ , فَسَتَرَوْنَ مَا يَحِلّ بِكُمْ مِنْ الِافْتِضَاح ; إِذْ لَا يَجُوز عَلَى مُوسَى أَنْ يَأْمُرهُمْ بِالسِّحْرِ . وَقِيلَ : أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لِيُبَيِّن كَذِبَهُمْ وَتَمْوِيهَهُمْ .
أَيْ الْحِبَال وَالْعِصِيَّ
أَيْ خَيَّلُوا لَهُمْ وَقَلَبُوهَا عَنْ صِحَّة إِدْرَاكهَا , بِمَا يُتَخَيَّل مِنْ التَّمْوِيه الَّذِي جَرَى مَجْرَى الشَّعْوَذَة وَخِفَّة الْيَد . كَمَا تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " بَيَانه .
أَيْ عِنْدهمْ ; لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا وَلَيْسَ بِعَظِيمٍ عَلَى الْحَقِيقَة . قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ الِاجْتِمَاع بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَبَلَغَ ذَنَب الْحَيَّة وَرَاء الْبُحَيْرَة . وَقَالَ غَيْره : وَفَتَحَتْ فَاهَا فَجَعَلَتْ تَلْقَف - أَيْ تَلْتَقِم - مَا أَلْقَوْا مِنْ حِبَالهمْ وَعِصِيّهمْ . وَقِيلَ : كَانَ مَا أَلْقَوْا حِبَالًا مِنْ أَدَم فِيهَا زِئْبَق فَتَحَرَّكَتْ وَقَالُوا هَذِهِ حَيَّات . وَقَرَأَ حَفْص " تَلْقَف " بِإِسْكَانِ اللَّام وَالتَّخْفِيف . جَعَلَهُ مُسْتَقْبَل لَقِفَ يَلْقَف . قَالَ النَّحَّاس : وَيَجُوز عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة " تِلْقَف " لِأَنَّهُ مِنْ لَقِفَ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْح اللَّام , وَجَعَلُوهُ مُسْتَقْبَل تَلَقَّفَ ; فَهِيَ تَتَلَقَّف . يُقَال : لَقِفْت الشَّيْء وَتَلَقَّفْته إِذَا أَخَذْته أَوْ بَلَعْته . تَلْقَف وَتَلْقَم وَتَلْهَم بِمَعْنًى وَاحِد . قَالَ أَبُو حَاتِم : وَبَلَغَنِي فِي بَعْض الْقِرَاءَات " تَلَقَّم " بِالْمِيمِ وَالتَّشْدِيد . قَالَ الشَّاعِر : أَنْتَ عَصَا مُوسَى الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَلْقَم مَا يَأْفِكهُ السَّاحِرُ وَيُرْوَى : تَلَقَّف .
أَيْ الْحِبَال وَالْعِصِيَّ
أَيْ خَيَّلُوا لَهُمْ وَقَلَبُوهَا عَنْ صِحَّة إِدْرَاكهَا , بِمَا يُتَخَيَّل مِنْ التَّمْوِيه الَّذِي جَرَى مَجْرَى الشَّعْوَذَة وَخِفَّة الْيَد . كَمَا تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " بَيَانه .
أَيْ عِنْدهمْ ; لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا وَلَيْسَ بِعَظِيمٍ عَلَى الْحَقِيقَة . قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ الِاجْتِمَاع بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَبَلَغَ ذَنَب الْحَيَّة وَرَاء الْبُحَيْرَة . وَقَالَ غَيْره : وَفَتَحَتْ فَاهَا فَجَعَلَتْ تَلْقَف - أَيْ تَلْتَقِم - مَا أَلْقَوْا مِنْ حِبَالهمْ وَعِصِيّهمْ . وَقِيلَ : كَانَ مَا أَلْقَوْا حِبَالًا مِنْ أَدَم فِيهَا زِئْبَق فَتَحَرَّكَتْ وَقَالُوا هَذِهِ حَيَّات . وَقَرَأَ حَفْص " تَلْقَف " بِإِسْكَانِ اللَّام وَالتَّخْفِيف . جَعَلَهُ مُسْتَقْبَل لَقِفَ يَلْقَف . قَالَ النَّحَّاس : وَيَجُوز عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة " تِلْقَف " لِأَنَّهُ مِنْ لَقِفَ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْح اللَّام , وَجَعَلُوهُ مُسْتَقْبَل تَلَقَّفَ ; فَهِيَ تَتَلَقَّف . يُقَال : لَقِفْت الشَّيْء وَتَلَقَّفْته إِذَا أَخَذْته أَوْ بَلَعْته . تَلْقَف وَتَلْقَم وَتَلْهَم بِمَعْنًى وَاحِد . قَالَ أَبُو حَاتِم : وَبَلَغَنِي فِي بَعْض الْقِرَاءَات " تَلَقَّم " بِالْمِيمِ وَالتَّشْدِيد . قَالَ الشَّاعِر : أَنْتَ عَصَا مُوسَى الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَلْقَم مَا يَأْفِكهُ السَّاحِرُ وَيُرْوَى : تَلَقَّف .
أَيْ مَا يَكْذِبُونَ , لِأَنَّهُمْ جَاءُوا بِحِبَالٍ وَجَعَلُوا فِيهَا زِئْبَقًا حَتَّى تَحَرَّكَتْ .
قَالَ مُجَاهِد : فَظَهَرَ الْحَقُّ .
نَصْب عَلَى الْحَال . وَالْفِعْل مِنْهُ صَغِرَ يَصْغَر صَغَرًا وَصِغَرًا وَصَغَارًا . أَيْ اِنْقَلَبَ قَوْم فِرْعَوْن وَفِرْعَوْن مَعَهُمْ أَذِلَّاء مَقْهُورِينَ مَغْلُوبِينَ .
فَأَمَّا السَّحَرَة فَقَدْ آمَنُوا .